الباحث القرآني

﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ﴾ [القمر: ٤، ٥]. أكد الله تعالى في هذه الجملة ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ﴾ لأنهم، أي: قريشًا ﴿جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ﴾ أي: الأخبار التي فيها رشدهم وصلاحهم وفلاحهم ﴿مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ﴾، أي: ازدجار عن الشرك والعصيان، لكنهم لم ينتفعوا بذلك. وهذه الجملة -كما تسمعون- فيها اللام وفيها (قد)، وهما من أدوات التوكيد، وفيها قسم مقدَّر دلت عليه اللام في قوله: ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ﴾، وعليه فتكون هذه الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم، واللام، و(قد). والله سبحانه وتعالى صادق بغير توكيد لخبره، لكن هذا القرآن بلسان عربي مبين، واللسان العربي من بلاغته تأكيد الأشياء الهامة حتى تثبت وترسخ في الذهن. قال الله تعالى: ﴿حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ﴾، يعني أن الأنباء التي جاءتهم حكمة، وهذا كقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [النساء ١١٣] والحكمة هي: موافقة الشيء لموضعه، ويُعبَّر عنها بقولهم: تنزيل الشيء منزلته اللائقة به، ولا شك أن شريعة الله كلها حكمة، كلها مطابقة لِما فيه صلاح العباد في معاشهم ومعادهم. وقوله: ﴿بَالِغَةٌ﴾ أي: تامة واصلة إلى الغرض المقصود منها. ﴿فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ﴾ (ما) هذه يَحتمل أن تكون نافية، يعني أن النُّذُر لا تغنيهم شيئًا، ويحتمل أن تكون استفهامًا على وجه التوبيخ، يعني: فأي شيء تغنيهم، وكلاهما صحيح، فالنُّذر لم تغنهم شيئًا، وإذا لم تغنهم هذه النذر المشتملة على الحكمة البالغة فأي شيء يغنيهم؟! الجواب: لا شيء؛ لأنهم معانِدون مستكبِرون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب