الباحث القرآني

﴿أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا﴾ [القمر: ٢٥] هذا أيضًا استفهام احتقار، يعني: كيف يُ لقَى الذكر عليه من بيننا؟! ما الذي ميزه؟ وكل هذا شبهات لا دلالات، فكونه بشرًا لا يمنع أن يكون رسولًا، بل لا بد أن يكون رسول البشر بشرًا؛ لأن الله قال: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾ [الأنعام ٨، ٩]، يعني: لو أرسلنا ملكًا للزم أن نجعله بصورة البشر؛ حتى يمكن أن يختلط بالناس ويأتلف بهم، وإذا جعلنا الملك بشرًا لبسنا عليهم ما يلبسون، فعادت المسألة مختلطة. إذن ننظر الآن: الشبهة الأولى: أنهم قالوا: إنه بشر، الثانية: إنه منا، لا يتميز علينا بشيء، الثالثة: أنه واحد لم يؤيَّد، والله عز وجل يقول: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾ [يس ١٣، ١٤] قويناهم، هؤلاء يقولون: واحد ما يكفي، لا بد يُعزَّز بثانٍ وثالث. الرابع: ﴿أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا﴾ [القمر ٢٥] يعني: كيف يُلقَى عليه الذكر والوحي من بيننا؟! هذا لا يمكن. إذن: أربع شبهات وهم يرونها حججًا توجب رد صالح عليه الصلاة والسلام، والواقع أنها ليست بحجة، بل هي شبه وتضليل، وهكذا المبطلون يا إخوان، المبطلون في كل زمانٍ ومكان يوردون الشبه على الحق، ولكن الله سبحانه وتعالى لا بد أن يبين الحق ليهلك من هلك عن بينه، ويحيا من حي عن بينة. ثم قالوا: ﴿بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ﴾ [القمر ٢٥] ﴿بَلْ﴾ هنا لإبطال دعواهم أنه حق، ﴿كَذَّابٌ﴾ صيغة مبالغة، وفي نفس الوقت وصف؛ لأن كلمة فعال تأتي للمبالغة، وتأتي للوصف، فإذا قلت: فلان نجار، يعني: من النجارين، وإلا ما ينجر إلا مرة واحدة، وإذا قلت: فلان حداد لكثرة استعمال الحديد صارت مبالغة، هم يرونه -والعياذ بالله- أنه كذاب موصوفٌ بالكذب، ليس له صفة إلا الكذب، وكثير الكذب أيضا ﴿أَشِرٌ﴾ أي: بطر، متعالٍ، متعاظم، مستكبِر، مدَّعٍ ما ليس له.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب