الباحث القرآني

قال تعالى: ﴿وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا﴾ [القمر ١٢] أي: عيونًا من المياه، وتأمل قول الله: ﴿وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا﴾ ولم يقل: فجرنا عيون الأرض، كأن الأرض كلها كانت عيونًا متفجرة، حتى التنور الذي هو أبعد ما يكون عن الماء لحرارته ويبوسته صار يفور، كما قال عز وجل: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ﴾ [هود ٤٠]، وفي هذا من الدلالة على قدرة الله تبارك وتعالى ما لا يخفى، وأن هذه الفيضانات التي تحدث الآن وقبل الآن إنما تحدث بأمر الله عز وجل، وليست كما قال الطبائعيون: إنها من الطبيعة، يقول: هاجت الطبيعة، غضبت الطبيعة، وما أشبه ذلك -نسأل الله العافية- بل هي بأمر من يقول للشيء: كن فيكون. ﴿وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾ [القمر ١٢] هنا ماءان؛ ماء نازل من السماء دل عليه قوله: ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ﴾ [القمر ١١]، وماء من الأرض نابع دل عليه قوله: ﴿وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا﴾، فلماذا لم يقل: فالتقى الماءان؛ لأن المراد ماء السماء وماء الأرض؟ قال العلماء: إنه أراد الجنس؛ لأن جنس الماء هنا واحد؛ ماء الأرض وماء السماء، أو يقال: لأنه لما كان المقصود بهذين الماءين شيئًا واحدًا وهو عذابهم صح الإفراد، ﴿فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾ أي: على شيء قد قضاه الله تعالى وقدره في الأزل، فإنه ما من شيء يحدث إلا وهو مكتوب، قال الله تعالى: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس ١٢] يعني: من أعمال بني آدم، ومما يقع في الأرض كل شيء محصى، ولهذا قال: ﴿عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب