الباحث القرآني

ثم قال تعالى: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [النجم ١١]، في قصة المعراج. واعلم -أيها الأخ المسلم- أن للنبي ﷺ إسراءً ومعراجًا، فالإسراء ذكره الله في سورة الإسراء، والمعراج ذكره الله في سورة النجم، وكلاهما في ليلة واحدة قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين أو سنة ونصف -اختلف المؤرخون في هذا- ثم إن الإسراء والمعراج كان ببدن النبي ﷺ وروحه، وليس بروحه فقط. وأما قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ [الإسراء ٦٠] فالمراد بها رؤية العين، لا رؤية المنام. يقول الله تعالى في سياق الآيات في المعراج: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [النجم ١١] ﴿الْفُؤَادُ﴾ القلب، والمعنى: أن ما رآه النبي ﷺ بعينه، فإنه رآه بقلبه وتيقنه وعلمه، وذلك أن العين قد ترى شيئًا فيكذبها القلب، وقد يرى القلب شيئًا فتكذبه العين، فمثلًا: الإنسان قد يرى شبحًا بعينه فيظنه فلان ابن فلان، ولكن القلب يأبى هذا؛ لأنه يعلم أن فلان ابن فلان لم يكن في هذا المكان، فهنا العين رأت والقلب كذَّب، أو بالعكس قد يتخيل الإنسان الشيء في قلبه، ولكن العين تكذبه. أما ما رآه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليلة المعراج فإنه رآه حقًّا ببصره وبصيرته، ولهذا قال: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [النجم ١١]، بل تطابق القلب مع رؤية العين، فلم يكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كاذبًا فيما رآه من الآيات العظيمة في تلك الليلة، بل هو صادق، ولكن تعلمون أن المشركين كذبوه، وقالوا: كيف يمكن أن يصل إلى بيت المقدس ويعرج إلى السماء في ليلة واحدة؟!
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب