الباحث القرآني

﴾ ثم قال تعالى: ﴿وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ﴾ [الذاريات ٤٣] ثمود: هم الذين أرسل الله إليهم نبيه صالحًا عليه الصلاة والسلام، فوعظهم، وذكَّرهم، وجعل لهم آية وهي الناقة التي شرفها الله تعالى بإضافتها إلى نفسه الكريمة؛ حيث قال تبارك وتعالى: ﴿فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا﴾ [الشمس ١٣] أي: احذروا ناقة الله أن تعبثوا فيها أو أن تنكروها، وهذه الآية لها شِرب تشرب من البئر التي تسمى: بئر الناقة، ولهم ﴿شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الشعراء ١٥٥] يشربونه، فالناقة تشرب يومًا، وهم يشربون يومًا، وهذه الناقة ذكروا أنه ما جاء أحد يستقي من هذا البئر في يومها الذي تشرب منه إلا أخذ بدل شربها شيئًا من لبنها بقدر ما شربت، فالله أعلم هل هذا هو الواقع أو يختلف، لكن على كل حال هذه الناقة لا شك أنها ناقة ليست كسائر النوق؛ إذ إنها آية من آيات الله عز وجل، لكنهم كذبوا وأبوا وتوعدهم صالح عليه الصلاة والسلام أن يتمتعوا في دارهم ثلاثة أيام، ولكنهم ما زالوا على كفرهم وإنكارهم؛ ولهذا قال: ﴿وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ﴾. وديارهم معروفة الآن موجودة في مكان يُسَمَّى الحجر، ويسمى الآن ديار ثمود، وقد مر بها النبي ﷺ في ذهابه إلى تبوك، لكنه عليه الصلاة والسلام أسرع حين مرَّ بهذه الديار، وقنع رأسه، ونهى أمته أن يدخلوا إلى هذه الأماكن -أماكن المعذبين- إلا أن يكونوا باكين، قال: «فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوهَا أَنْ يُصيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٣٣)، ومسلم (٢٩٨٠ / ٣٨) من حديث عبد الله بن عمر.]] وقوله: «يُصيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ» لا يلزم منه أن يراد به ما أصابهم من العذاب الحسي، قد يكون المراد ما أصابهم من العذاب الحسي، وما أصابهم من الإعراض والكُفر، فلو قال قائل: إنه يوجد أناس يذهبون إلى هذه الأماكن، وهم غير باكين ولم يصابوا بشيء. نقول: الجواب عن هذا من وجهين: أولًا: إن الرسول ﷺ لم يؤكد أن يصابوا بهذا، ولكن قال: خوفًا أو خشية أن يصابوا بما أصاب هؤلاء. الوجه الثاني: أن نقول: لا يتعيَّن أن يكون المراد بذلك أن يُؤخذوا بما أُخِذَ به هؤلاء من العقوبة الحسية الظاهرة، وهي الرجفة والصيحة التي أماتتهم عن آخرهم، قد يكون المراد بذلك مرض القلب الذي هو الاستكبارُ والإعراض ورد الحق. ﴿إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ﴾ هذا الحين هو ثلاثة أيام، منتهى ثلاثة أيام، ﴿فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ﴾ [الذاريات ٤٤]، ولم يرجعوا عن غَيِّهم، ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾ الصاعقة التي هي صعقتهم هي رجفة وصيحة، ﴿وَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾ أي: ينظُر بعضهم إلى بعض يتهاوون ويتساقطون أمواتًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب