الباحث القرآني

ثم قال تعالى: ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ﴾ [الذاريات ٤١]، يعني: وفي عاد آيات ﴿إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ﴾ عاد في جنوب الجزيرة العربية، وكانوا قومًا أشدَّاء، حتى إنهم قالوا: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾، فقال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ [فصلت ١٥] فأصابهم القحط والجدب، فجعلوا يترقَّبون المطر، فأرسل الله عليهم الريح العظيمة الشديدة. ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾ قال الله تعالى: ﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الأحقاف ٢٤] أرسل الله عليهم هذه الريح العقيم التي ليس فيها ثمرة ولم تحمل ماء، كالمرأة العقيم التي لا تَلِدُ، هذه أيضًا ريح عظيمة لا تحمل سحابًا ولا مطرًا، هذه الريح العقيم هي الريح الغربية، كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام: «نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٠٣٥)، ومسلم (٩٠٠ / ١٧) من حديث عبد الله بن عباس.]] أي: بالريحِ الغربية. أرسل الله عليهم هذه الريح العقيم ﴿مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾ [الذاريات ٤٢]، كل شيء تأتي عليه تجعله ﴿كَالرَّمِيمِ﴾ هامدًا، حتى إنها تأخذ الرجل -والعياذ بالله- إلى فوق، ثم تردُّه إلى الأرض، فأصبحوا ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة ٧]، ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ [القمر ٢٠] هلكوا عن آخرهم. فتأمل الآية قوم عتاة أقوياء أشداء هلكوا بهذه الريح اللطيفة التي لا ترى لها جسمًا، وإنما تحس بها بدون أن ترى شيئًا، ومع ذلك قضت عليهم بأمر الله عز وجل؛ ولهذا قال تعالى: ﴿مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾ [الذاريات ٤٢]، فهذا فيه آية من آيات الله عز وجل، أرسل الله عليهم هذه الريح فأهلكتْهم عن آخرهم، ففيهم آيات، ﴿مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾.﴿
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب