الباحث القرآني

قال الله تعالى: ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾ [الذاريات ٤٠] أي: طرحناهم فيه، واليَمُّ هو: البحر، والبحر الذي هَلَك به فرعونُ هو البحر الأحمر الذي بين آسيا وأفريقيا، وذلك أن فرعون جمع جنوده وحَشَدهم، وأراد أن يقضي على موسى وقومه، فخرج موسى وقومه من مصر متجهين إلى الشرق، ولكنهم حال بينهم وبين مرادهم البحر، فلمَّا وصلوا إلى البحر كان البحر بين أيديهم وفرعون وقومه خلفهم، قالوا لموسى: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ [الشعراء ٦١]؛ يعني: هلكنا؛ لأن فرعون خلفنا، والبحر أمامنا، فكيف النجاة؟ فقال: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء ٦٢] وهذه معية خاصة تقتضي النصر والتأييد. قوله: ﴿سَيَهْدِينِ﴾ ولم يقل: سوف يهدين، قال: ﴿سَيَهْدِينِ﴾ إشارة إلى قرب هذا الحصر، وأنه سيزول قريبًا، وهذا الذي حصل، أوحى الله تعالى أن يضرب البحر بعصاه فضربه فانفلق اثنتي عشرة طريقًا في الحال، ويبس في الحال، وصار صالحًا للمشي عليه في الحال، كما قال عز وجل: ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى﴾ [طه ٧٧]. فعبَّر موسى وقومه من هذه الطرق العظيمة التي كان الماء بينها كالجبال، ولما انتَهَوا خارجين كان فرعونُ في أثَرِهم وانتهوا داخلين، فأمر الله عز وجل بقُدْرتِه وسلطانِه أمر البحر أن يعود إلى ما كان عليه، فانطبق على فرعون وقومه فهلكوا عن آخرهم، والحمد لله، ولهذا قال: ﴿فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ أي: فرعون فاعل ما يلام عليه، ولا شك أن ردَّه للرسالة الإلهية وادعاءه أنه الرب. وقوله: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص ٣٨] وما أشبه ذلك من الكلمات لا شك أنها كلمات يلام عليها؛ لأنه قد تبين له الحق، ولكنه عاند وأبى أن ينقاد للحق، كما قال له موسى: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ﴾ يعني: يا فرعون ﴿مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ [الإسراء ١٠٢] (...).
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب