الباحث القرآني
﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ﴾ [الذاريات: ٢١] أيضًا في أنفسكم آيات ﴿أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾، و﴿آيَاتٌ﴾ محذوفة هنا، ولهذا نقول في الإعراب: ﴿فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: (وفي أنفسكم آيات) والحكمة -والله أعلم- ونحن في علمنا القاصر نظن أن الله حذف هذه الآيات؛ لأنها أَمَسُّ بالإنسان من الأرض، وأدخَلُ بالإنسان من الأرض؛ لأنها هي في نفسه؛ في أنفسكم آيات.
آيات النفس ليس في تركيب الجسم فحسب، وليس فيما أودعه الله تعالى من القوى فحسب، بل حتى في تقلُّبات الأحوال؛ الإنسان تجده يتقلَّب من سرورٍ إلى حزن، ومن غم إلى فرح، تقلبات عجيبة عظيمة، حتى إن الإنسان في لحظة يجد نفسه متغيِّرًا، وأحيانًا يجد نفسه متغيِّرًا بدون سبب، يكون منشرح الصدر واسع البال مسرورًا، وإذا به ينْكَتِمُ ويغتَمُّ بدون سبب، أحيانًا بالعكس، هذا بالنسبة للأحوال النفسية.
كذلك أيضًا بالنسبة للأحوال الإيمانية، وهي أعظم وأخطر، تجد الإنسان في بعض الأحيان يكون عنده من اليقين ما كأنه يشاهد أمور الغيب مشاهدة حسية، كأنما يرى العرش، كأنما يرى السماوات، كأنما يرى الملائكة، كأنما يرى كل ما أخبر الله به من أمور الغيب، وفي بعض الأحيان يَقِلُّ هذا اليقين لأسباب قد تكون معلومة وقد تكون غير معلومة، لكن من الأسباب المعلومة قلَّةُ الطاعة؛ فإن قلة الطاعة من أسباب ضعف اليقين، إذا قَلَّتْ طاعة الإنسان ضعُف يقينُه؛ قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ﴾ [المائدة ٤٩].
وهناك أيضًا أسبابٌ لا يدري الإنسان ما هي؛ ومنها: اللهو، والغفلة؛ ولهذا قال الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام: إنا إذا كنا عندك وذَكَرْتَ الجنةَ والنارَ فكأنما نراها رأي العين، فإذا ذهبْنا إلى أهلِنا وعافسنا الأولاد والأهل -أو كما قالوا- نسينا[[أخرجه مسلم (٢٧٥٠ / ١٢) من حديث حنظلة الأسيدي.]]. وهكذا الإنسان كلما لهى الإنسان قلَّ يقينُه، وقلَّ إيمانه، ومن ثَمَّ نهى الشرع عن الألعاب واللهو الباطل الذي يزدادُ به الإنسان بُعدًا عن طاعة الله، وعن التفكير في آيات الله.
أيضًا في النَّفْسِ فيها آيات في نفوس الناس؛ من الناس من تجده هيِّنًا ليِّنًا طليقَ الوجه مسرورًا، كلُّ مَنْ رآه سُرَّ بوجْهِه، وكلُّ مَنْ جلس إليه زال عنه الغمُّ والهم، ومن الناس من هو بالعكس قَطوبٌ عَبوسٌ بمجرد ما تراه، لو كنت مسرورًا لأتاك الحزن والسوء، هذا أيضًا من آيات النفس وهي كثيرة جدًّا، ومن أراد المزيد من هذا والاطلاع على قُدْرَةِ الله تعالى فيما في أنفسنا من الآيات فعليه بمطالعة كلام ابن القيِّم رحمه الله في مفتاح دار السعادة، يجد العَجَبَ العُجابَ، وكذلك أيضًا في كتابه الصغير وهو كبير في المعنى وهو التبيان في أقسام القرآن ذَكَرَ من ذلك العجب العجاب.
﴿أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ الاستفهام هنا للتوبيخ والإنكار، كأنما يقول الله عز وجل: أبْصِروا في أنفسِكم، تبصَّروا، تأمَّلوا، تفكَّروا، فإذا لم تعرفوا هذه الآيات فأنتم لا تُبْصِرون، فيكون الاستفهام هنا للتَّوبيخ والإنكار، ألا نتبصَّر، وهو دعوة من الله عز وجل لعباده أن يتبصَّروا في الآيات، إذا لم تتبصَّر في الآيات فاعلم أنك محروم؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [يونس ١٠١].
إذن إذا لم تنتبه بالآيات فاعلم أنك محروم، وأن إيمانك ناقص ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [يونس ١٠١]، فعليك يا أخي أن تتفكَّر في آيات الله، في آيات الله الكونية وما في هذا الكون العظيم من آيات الله الدالة على عظمته وسلطانِه ورحمتِه وحكمته، وكذلك في آيات الله الشرعية ومَنْ فتح الله عليه في الآيات الشرعية ينتفعُ بها أكثر مما ينتفع بالآيات الكونية، إذا تأمَّل ما أخبر الله به عن نفسه من الأسماء والصفات والأفعال والأحكام ازداد إيمانًا بالله عز وجل، وعرف بذلك الحكمة والرحمة، إذا تأمَّل فيما أخبر الله به عن اليوم الآخر، وما يكون فيه من ثوابٍ، وعقابٍ، وجزاءٍ، وحساب، أيضًا ازداد إيمانًا بالله، وكُلمَّا تأمل الإنسانُ في آياتِ الله الشرعيَّة ازداد إيمانًا، وبعض الناس المُوفَّقين يكون ازديادُ إيمانِه بالآياتِ الشرعيَّة أكثرَ من ازدياد إيمانه بالآيات الكونية، أما الإنسان الذي يفتح الله عليه في هذا وهذا فيا حبذا.
{"ayah":"وَفِیۤ أَنفُسِكُمۡۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق