الباحث القرآني

﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩) وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ [الذاريات: ١٩، ٢٠]. ﴿فِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ ولم يُبيِّن اللهُ عز وجل هذه الآيات، بل جاءت مُنكَّرةً؛ ليشملَ كلَّ آية في الأرض، سواء كانت الآيات فيما يحدث فيها من الحوادث، أو كانت في نفسِ طبيعةِ الأرض وتركيب الأرض، فإن فيها آياتٍ عظيمة. ﴿فِي الْأَرْضِ آيَاتٌ﴾ من حيث التركيب، كما قال الله عز وجل: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ [الرعد ٤] فتجد الحجر الواحد يشتمل على عدة معادن، وهو حجر واحد، وترى أحيانًا في الجبال ﴿جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾ [فاطر ٢٧]. وتجد فيها الأرض اللينة الرخوة، والأرض الصلبة إلى غير ذلك مما يعرفه علماء الجيولوجيا من الآيات العظيمة، فيها آيات من جهةِ الحوادث التي تحدُث فيها؛ من الزلازل والبراكين وغيرها. فيها آيات أيضا من جهة طبيعة الجو من حر وبرد، ورياح عاصفة، ورياح باردة، ورياح دافئة، وغير ذلك مما إذا تأمله الإنسان عرف قدرة الله تعالى من جهة، وعرف حكمته ورحمته أيضًا من جهة أخرى؛ لأن آيات الله سبحانه وتعالى يتبصَّر بها الإنسان لا من حيث القدرة والعظمة، بل حتى من حيث الحكمة والرحمة؛ لأن كلَّ شيء تجده مناسبًا لمكانه وزمانه، وكل شيء تجده من آثار رحمة الله تبارك وتعالى. المهم أن كلمة ﴿آيَاتٌ﴾ نجد أنها نكرة عامة لكل ما يحدث في الأرض من آيات، ولكل ما فيها من طبيعتها وتركيبها وغير ذلك. ﴿آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ أي: لمن أيقنَ بوجودِ الله عز وجل وعظمته وجلاله، أما مَنْ شكَّ -والعياذ بالله- فإنه لن ينتفع بهذه الآيات، بل قد تكون هذه الآيات ضررًا عليه، فإن الآيات الكونية أو الشرعية قد تكون خيرًا للإنسان وقد تكون شرًّا، واستمع إلى قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ﴾ يعني: من القرآن ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ [التوبة ١٢٤، ١٢٥]. كذلك الآيات الكونية، من الناس من ينتفع بها ويستدل بها على ما فيها من آيات الله عز وجل، ومن الناس من يكون بالعكس يؤديه ما يجده من الآيات إلى الإلحاد والعياذ بالله؛ ولهذا قال: ﴿فِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ يعني: لا، لكل إنسان، بل للموقِن، أما الشاكُّ والمتردِّد والكافر فإنه لن ينتفع بهذه الآيات.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب