الباحث القرآني

لما ذكر عذاب هؤلاء المكذبين الخرَّاصين، قال: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ [الذاريات ١٥]، ﴿الْمُتَّقِينَ﴾ هم: الذين اتَّقوا الله، وأنتم تروْنَ أنَّ التقوى تَرِدُ في القرآن الكريم على وجوه متعدِّدة، بالوصف تارة، وبالفعل تارة، وبالأمر تارة، وتارة تكون مضافة إلى الله، وتارة مضافة إلى العقوبة، وغير ذلك، المهم، مما يدلُّ على أنَّ التقوى شأنُها عظيم في الإسلام، وليست التقوى قولًا يُقالُ باللِّسانِ، بل هي قول يتْبَعُه فعل وتطبيق. فإن سألتم: ما هي التقوى؟ قلنا: التقوى كلمتان: فعلُ ما أمر الله به، وتركُ ما نهى الله عنه، هذه التقوى؛ فعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه على علمٍ وبرهانٍ واحتسابٍ وخوفٍ، تفعَلُ ما أمر الله به؛ لأنَّك تعلم أنَّ الله أمر به، تفعل ما أمر الله به؛ لأنك تحتسبُ ثوابَه، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعِ مئة ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرة. تترُك ما نهى الله عنه؛ لأنك تعلم أن الله نهى عنه، تترك ما نهى الله عنه خوفًا من عقاب الله؛ لأنَّك موقن بالعذاب، هذه هي التقوى. ﴿الْمُتَّقِينَ﴾ يقول عز وجل: ﴿فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾، أي: مستقِرُّون في جنات وعيون، والجنات جمع جنة، وأنتم يمر بكم في القرآن (جنة) مفردًا، و(جنات) جمعًا، فهل هي جناتٌ متعدِّدة؟ أو هي جنة واحدة؟ هي جنات متعدِّدة، لكن ذُكِرَت بلفظ المفرد من باب ذكر الجنس، وإلا فهي جنات، انظروا إلى آخر سورة الرحمن، ذكر الله أربعَ جنات، قال: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن ٤٦]، ثم قال: ﴿وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن ٦٢]، وقال النبي ﷺ: «جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٨٧٨)، ومسلم (١٨٠ / ٢٩٦) من حديث أبي موسى الأشعري.]]. إذن فالجنات متعدِّدة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب