الباحث القرآني
ثم قال الله عز وجل: ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ﴾ [الذاريات ١٠، ١١] ﴿قُتِلَ﴾ كثير من المفسرين يفسِّرُها بـ(لعن)، واللعن هو: الطرد والإبعاد عن رحمة الله؛ ولكن الصحيح أن قَتَل بمعنى: أهْلَك؛ لأنه لا داعي إلى أن نصرِفَها عن ظاهِرها، وظاهرها صحيح مستقيم، فمعنى ﴿قُتِلَ﴾: أُهلِك.
و﴿الْخَرَّاصُونَ﴾ جمع خَرَّاص، وهو الذي يتكلَّم بالظنِّ والتَّخمين والارتياب والشكِّ؛ لأنه منغمر في الجهل والسهو والغفلة، ولهذا وصفَهم بقوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ﴾ أي: في غمرة من الجهل، قد أحاط بهم الجهل من كل جانب، ﴿سَاهُونَ﴾ غافلون، لا يحاولون أن يقبلوا على ما أنزل الله على رُسلِه عليهم الصلاة والسلام.
ومن جهلهم أنهم ﴿يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الذاريات ١٢] سؤالَ استبعادٍ وإنكارٍ، لو كانوا يُسأَلون سؤالَ استعلامٍ واستخبارٍ لعُذِروا، كما قال جبريل للنبي ﷺ: «أَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ»، لكن هل قاله استبعادًا وإنكارًا؟ لا، بل استفهامًا واستخبارًا؛ قال النبيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَا المَسْؤولُ عَنْها بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ»[[أخرجه مسلم (٨ / ١) من حديث عمر بن الخطاب.]].
لكن أولئك الخرَّاصون ﴿يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ﴾ -يعني: متى هو- استبعادًا؛ ولهذا قال الله عنهم في سورة (ق): ﴿فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾ [ق ٢، ٣] يعني: أنرجع بعد أن كنا ترابًا، هذا رَجْعٌ بعيد.
فهم يَسألون عن يوم القيامة لا سؤالَ استفهامٍ واستخبارٍ ليستيقنوا، ولكن سؤالَ استبعادٍ وإنكارٍ.
قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾ [الذاريات ١٣] هذا الجواب، يعني: يوم القيامة ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾، وعلى هذا فـ﴿يَوْمَ﴾ هنا ظرف، خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: يوم القيامة ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾.
ومعنى ﴿عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾ أي: يُعرَضون عليها فيحترقون بها؛ لأن الفتنةَ بمعنى الاحتراق؛ ولكنها عُدِّيَتْ بـ﴿عَلَى﴾؛ لأنَّها ضُمِّنَت معنى العرض، أي: يُعرضون على النار فيحترقون بها، هذا يوم الدين.
﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ [الذاريات ١٣، ١٤] ﴿ذُوقُوا﴾ هذه جملة مقولٍ لقول محذوف، التقدير: يقال لهم: ﴿ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ﴾.
و﴿ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ﴾ هذا أمر إهانة وإذلال، أي: ذوقوا احتراقكم في النار التي كنتم تُنكِرونها.
﴿هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾؛ لأنهم يقولون: ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [يونس ٤٨] فيستعجلون بالقيامة استبعادًا لها، كما قال تعالى: ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ﴾ [الشورى ١٨]، فيقال لهؤلاء: ﴿ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾، ويقال لهم: ﴿أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الطور ١٥، ١٦].
أنا أسألكم الآن: يفتنون على النار فيحترقون بها ويقال: ﴿ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ﴾، ماذا تفهمون من هذا؟ أتفهمون أن في هذا عذابًا بدنيًّا وقلبيًّا؟ نعم؛ لأن الاحتراقَ عذاب بدني، كلما نضجت جلودُهم بدَّلوا جلودًا غيرها.
﴿ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ [الذاريات ١٤] هذا توبيخ وإهانة وإذلال، يكون به أي عذاب؟ العذاب القلبي، فيجمع لهم -والعياذ بالله- بين العذاب البدني، وبين العذاب القلبي، فتجدهم في أعلى ما يكون من الحسرة، يتحسَّرون يقول: ﴿يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنعام ٢٧].
ثم كان القرآن الكريم مثاني تثنَّى فيه المعاني الشرعية والخبرية، إذا ذُكِرَ الشيء ذكر ضده.
{"ayahs_start":10,"ayahs":["قُتِلَ ٱلۡخَرَّ ٰصُونَ","ٱلَّذِینَ هُمۡ فِی غَمۡرَةࣲ سَاهُونَ","یَسۡـَٔلُونَ أَیَّانَ یَوۡمُ ٱلدِّینِ","یَوۡمَ هُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ یُفۡتَنُونَ","ذُوقُوا۟ فِتۡنَتَكُمۡ هَـٰذَا ٱلَّذِی كُنتُم بِهِۦ تَسۡتَعۡجِلُونَ"],"ayah":"یَسۡـَٔلُونَ أَیَّانَ یَوۡمُ ٱلدِّینِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق