الباحث القرآني

﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [ق: ٢٩]، يعني لا أحد يستطيع أن يُبَدِّل قولي؛ لأن الحكم لله عز وجل وحده، فإذا كان الله تعالى قد وعد أو أوعد فهو صادق الوعد سبحانه وتعالى، وأما الإيعاد فقد يغفر ما شاء من الذنوب إلا الشرك. ﴿وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾، يعني: لست أظلم أحدًا، وكلمة ﴿ظَلَّامٍ﴾ لا تقل: إنها صيغة مبالغة، وأن المعنى أني لست كثير الظلم، بل هي من باب النسبة، أي: لست بذي ظلم، والدليل على أن هذا هو المعنى وأنه يتعين أن يكون هذا المعنى قوله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا﴾ [النساء ٤٠]. ويقول عز وجل: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا﴾ [طه ١١٢]. ويقول عز وجل: ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف ٤٩]. والآيات في هذا كثيرة أن الله لا يظلم، بل إننا إذا تأملنا وجدنا أن فضل الله وإحسانه أكثر من عدله؛ جزاء سيئة سيئة مثلها، جزاء حسنة عشر أمثالها، لو أردنا نأخذ بالعدل لكان السيئة بالسيئة، والحسنة بالحسنة، لكن فضل الله زائد على عدله عز وجل، فهو سبحانه وتعالى يجزي بالفضل والإحسان لمن كان مُحْسِنًا، وبالعدل بدون زيادة لمن كان مسيئًا، ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾. ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذه السورة. نسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بما علِمْنا، وأن يجعل علمنا دالًّا لنا على مرضاته، إنه على كل شيء قدير (...).
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب