الباحث القرآني

ثم قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [المائدة ٨١]. ﴿لَوْ كَانُوا﴾ الضمير يعود على اليهود الذين تَحَدَّث الله عنهم أولًا. ﴿يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ أي: حق الإيمان، والإيمان مع الكفر بالرسل لا يسمى إيمانًا حتى لو قال: أؤمن بالله، وأن الله تعالى سبحانه حَيٌّ، عليم، قادر، مدبر للأشياء فإن ذلك لا يعد إيمانًا مع الكفر. وقوله: ﴿النَّبِيِّ﴾ (أل) هنا للعهد الذهني وهو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ﴾ أي: القرآن، والمُنْزِل له هو الله تبارك وتعالى. ﴿مَا اتَّخَذُوهُمْ﴾ هذا جواب (لو) ﴿مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ أي: ما اتخذوا مَنْ؟ ما اتخذوا الذين كفروا أولياء؛ وكما ترون لم يقترن جواب (لو) باللام؛ لأنه نَفْيٌ و(اللام) للتوكيد والإثبات ولا يتناسب هذا وهذا؛ ولذلك كان الأكثر في جواب (لو) الشرطية إذا كان مثبتًا أن يقترن باللام وإذا كان منفيًّا أن يتجرد من اللام، فإذا قلت: لو زرتني أكرمتك، صح، لو زرتني لأكرمتك، صح، وأيهما الأكثر؟ * طلبة: الثاني. * الشيخ: لأكرمتك، الثاني؛ وقد اجتمع النوعان في سورة الواقعة، فقال الله تبارك وتعالى في الزرع: ﴿لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا﴾ [الواقعة ٦٥] ﴿لَجَعَلْنَاهُ﴾؛ وقال في الماء: ﴿لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا﴾ [الواقعة ٧٠] فحذف اللام؛ أما إذا كان جواب (لو) منفيًّا بـ(ما) فإن الأكثر تجرده من اللام ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ﴾ [الزخرف ٢٠] ولم تكن: لما عبدناهم، ووجه ذلك أنه لا يتناسب التوكيد باللام مع الاقتران بـ(ما)، لكن مع ذلك تأتي في اللغة العربية كما في قول الشاعر: ؎وَلَوْ نُعْطَى الْخِيَارَ لَمَا افْتَرَقْنَا ∗∗∗ وَلَكِنْ لَا خِيَـــــــــارَ مَعَاللَّيَالِي المعنى لو كان الأمر بأيدينا ما افترقنا ولكن تَأَبْى الليالي إلا أن نفترق. في هذه الآية ﴿مَا اتَّخَذُوهُمْ﴾ جريًا على أيش؟ على الأكثر. ﴿مَا اتَّخَذُوهُمْ﴾ أي: ما صيروهم أولياء؛ ﴿وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ أي: خارجون عن طاعة الله، والمراد بالفسق هنا الفسق الأكبر المخرج عن الملة. * في هذه الآية الكريمة فوائد؛ منها: أن اتخاذ الكافرين أولياء مناف للإيمان بالله ورسوله وكتابه؛ لقوله: ﴿وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾. * ومن فوائد هذه الآية: أن (النبي) يُطْلَق على (الرسول)؛ في هذه السورة (الرسول) و(النبي) وكلاهما للرسول محمد ﷺ؛ ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ﴾ [المائدة ٦٧] وهنا يقول: ﴿وَالنَّبِيِّ﴾ وفي القرآن الكريم أكثر ما ذكر الرسل بوصف النبوة، اقرأ إن شئت سورة مريم، واقرأ قول الله تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [النساء ١٦٣]. * ومن فوائد هذه الآية: أن القرآن مُنْزَل على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لقوله: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ﴾ هذا الإنزال مُعْتَنًى به أكمل عناية؛ لقول الله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء ١٩٢] تأمل قول رب العالمين ليتبين لك عظمة هذا القرآن وأن العالمين مُلْزَمون بقبوله؛ لأنه نازل من ربهم، ثم تأمل قوله: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [الشعراء ١٩٣] الروح جبريل؛ لأنه موكل بالوحي الذي به حياة القلوب، أمين مؤتمن لا يمكن أن يزيد فيه ولا ينقص ولا يتقدم ولا يتأخر عليه الصلاة والسلام. أين وعاء هذا المنزل؟ ﴿عَلَى قَلْبِكَ﴾ [الشعراء ١٩٤]، والشيء إذا حَلَّ في القلب لا بد أن يؤثر على البدن؛ لقول النبي ﷺ: «إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩ / ١٠٧) من حديث النعمان بن بشير. ]]. * من فوائد هذه الآية الكريمة: ثبوت علو الله عز وجل ؛ لقوله: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ﴾ ومعلوم أن المنزِل هو الله تبارك وتعالى، والتعبير بالإنزال يدل على علو المنزِل وهو كذلك. وعلو الله عز وجل ثابت بالكتاب والسنة والعقل والفطرة والإجماع ثبوتًا لا شك فيه؛ أما الكتاب فالآيات في ذلك كثيرة متنوعة الدلالة، وأما السنة فكذلك اجتمع فيه أي في العلو الدلالة القولية والفعلية والإقرارية، «أنه سأل الجارية: «أَيْنَ اللَّهُ» قالت: في السماء. فقال: «أَعْتِقْهَا، فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ»[[أخرجه مسلم (٥٣٧ / ٣٣) من حديث معاوية بن الحكم السلمي. ]]؛ والفعلية؟ * طالب: (...)أشار بيده (...). * الشيخ: لكن هذا ليس بصريح؛ إذ قد يريد بالرفيق الأعلى الذين أنعم الله عليهم. * طالب: (...). * الشيخ: صحيح، أن النبي ﷺ كان يشهد الله على إقرار الأمة بأنه بَلَّغَ فيرفع أصبعه إلى السماء ويقول: اللهم اشهد[[أخرجه مسلم (١٢١٨ / ١٤٧) من حديث جابر بن عبد الله. ]]، أما القول فلا يحصى. وأما دلالة العقل على علو الله فكل إنسان عاقل يعرف أن العلو صفة كمال، أليس كذلك؟ العلو صفة كمال سواء كان معنويًا أو حسيًّا؛ والله تبارك وتعالى يقول: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ [النحل ٦٠] والعقل يدل على أنه يجب أن يكون للمعبود المثل الأعلى. أما الفطرة فحَدِّث ولا حرج تجد النساء والأطفال الذين لم يدرسوا يشهدون بفطرهم أن الله تعالى فوق وأنه عال؛ ولا يمكن أن يحيد عن هذه الفطرة إلا من أزاغ الله قلبه، والعياذ بالله. بقي عندنا الإجماع؛ إجماع المسلمين قبل أن يحدث هذا الخلاف فإنه ما من واحد منهم قال: إن الله ليس في السماء أبدًا لا تصريحًا ولا تلميحًا؛ وكما قال شيخ الإسلام: هذا كتاب الله من أوله إلى آخره، وهذه سنة رسول الله ﷺ، وهذه الآثار عن الصحابة ليس فيها حرف واحد يدل على أن الله في كل مكان، أبدًا؛ ولكن من يضلل الله فلا هادي له؛ والعجب أيها الإخوة وأنتم وافدون من بلاد شتى، العجب أن كثيرا من المسلمين إن لم يكن أكثرهم يؤمنون بأن الله في كل مكان -نسأل الله العافية- ولا أدري كيف يستسيغ الإنسان أن يقول: إن الله في كل مكان، وهو يعرف أنه سوف يدخل المرحاض وبيت الخلاء، فهل يمكن لإنسان عنده مسكة من عقل أن يؤمن بأن الله في المرحاض؟ لا والله؛ لكن ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة فلا يهتدون، نسأل الله العافية. فالواجب عليكم نشر العقيدة الصحيحة حول هذا الموضوع الهام، أنا أخشى إن لقي الإنسان ربه على هذه العقيدة ألَّا يتولاه الله ولا يكلمه الله لأنها عقيدة من أبطل العقائد -والعياذ بالله- ومع ذلك هي الشائعة عند كثير من المسلمين كما أحسسنا به في دروس الحرم حتى إن واحدًا لو أقمته وقلت: أين الله؟ على طول يقول: في كل مكان، كأنه شيء ثابت عنده. لكن يجب على طلاب العلم أن يعتنوا بهذه المسألة؛ نحن في نجد -والحمد لله- لا نعرف هذه العقيدة، ولا يمكن أن يدور في فكر أي إنسان أن الله في كل مكان؛ لكن البلاد التي أشربت عقيدة الضلال -والعياذ بالله- وصاروا يقرؤون في الكتب يتعلمونها صغارًا ويشيخون عليها كبارًا هم الذين تأثروا بهذا؛ فعلينا أن نعتني بهذه المسألة وبغيرها من المسائل التي شاعت في العالم الإسلامي وهي خلاف الصواب. * من فوائد هذه الآية الكريمة: ما أشرنا إليه أولًا أن اتخاذ الكافرين أولياء ينافي أيش؟ الإيمان بالله ورسوله وكتابه؛ الدليل: ﴿مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾. * من فوائد الآية الكريمة: الاستدلال بالمحسوس على المعقول، وإن شئت فقل: بالمشاهد على الخفي؛ وجه ذلك أن الإيمان بالقلب، الإيمان بالقلب ولا أحد يعلم أن الإيمان في القلب لكن الآثار تدل عليه، ما هو الأثر هنا الذي دلنا على أنهم لم يؤمنوا؟ تَوَلِّي الكفار، اتخاذهم أولياء. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الفسق يطلق على الكفر؛ لقوله: ﴿وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ وهو كذلك يعني قصدي ولذلك شاهد، وهو كذلك يعني لست أريد أن أقرر الآية لأنها معروفة بين أيدينا؛ لكن لها شاهد، اقرأ سورة السجدة، ماذا قال الله؟ قال الله تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾ [السجدة ٢٠] في مقابل: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [السجدة ١٩] وإذا جاء الفسق في مقابل الإيمان والوعيد في مقابل الوعد فالمراد به الكفر. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب الاحتراز عند الكلام بمعنى ألَّا تعمم فتقول مثلًا: كل أهل هذه البلدة كلهم فسقة، كلهم فجار، كلهم كذا، لا تعمم؛ لأنك لا تدري ولهذا اسمع إلى عالِم الخفيات جل وعلى يقول: ﴿وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ فإياك والتعميم فتقع في الخطر أو في الكذب. هذا آخر الجزء، الدرس القادم إن شاء الله مراجعة. * * * بسم الله الرحمن الرحيم؛ أولا رأيت أن نعود إلى شيء من أصول التفسير في ابتداء كل درس حتى لا ننسى؛ فهل معرفة تفسير القرآن واجبة أو لا؟ * طالب: معرفة تفسير القرآن، ما هي واجبة. * الشيخ: ما هي واجبة يعني بمعنى أنه لا يجب علينا أن نحاول معرفة القرآن؟ * الطالب: (...). * الشيخ: يعني يقول: فرض كفاية؛ ما تقولون؟ * طالب: أن ما لا يقوم دين الإنسان إلا به فواجب؛ معرفة أحكام العقيدة، أحكام العبادات التي يمارسها الإنسان فهذا واجب؛ وأما ما زاد على ذلك (...). * الشيخ: نعم، تمام، تفصيل ما لا يقوم دين المرء إلا به فهو واجب؛ ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [البقرة ٤٣] يجب أن نعرف ما معنى إقامة الصلاة، ﴿آتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة ٤٣] كذلك، وما زاد على ذلك فهو فرض كفاية، وإن حصل أن الإنسان يتأمل القرآن كلما قرأه ويحاول أن يعرف المعنى بنفسه ثم يرجع بعد ذلك إلى أقوال المفسرين فهذا طيب وهو بهذا يكون عنده ملكة في معرفة تفسير القرآن؛ لأن كون الإنسان يريد أن يفهم معنى آية على طول يذهب إلى كتب التفسير لا ينتفع كثيرًا، يحاول أولا أن يعرف المعنى ثم يعرض ما فهمه على كتب المفسرين فإن طابق فهذا من نعمة الله وإن خالف فليرجع عن تصوره أو عن فهمه لأنّا وجدنا هذا أقوى في معرفة التفسير وأمكن في قلب الإنسان؛ هذه قاعدة. القاعدة الثانية: إلى ما نرجع في التفسير؟ نرجع إلى كتاب الله يعني أن نفسر القرآن بالقرآن؛ لأن المتكلم به سبحانه وتعالى أعلم بمعناه فإذا جاء تفسير القرآن بالقرآن فلا تعْدُوه؛ والقرآن أحيانًا يفسر الله عز وجل المعنى بالأحكام التي تكون وأحيانًا يفسره بالمعنى المقابل؛ فقوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الانفطار ١٧، ١٨] لو أردنا أن نفسرها بالمعنى لقلنا: يوم الدين اليوم الذي تُجازى فيه النفوس بما كسبت لأن (الدِّين) معناه الجزاء؛ لكن الله تعالى بَيَّن ما يكون في ذلك اليوم فقال: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الانفطار ١٩]، وقال تعالى: ﴿فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ﴾ [القارعة ٩ - ١١] قال: ﴿نَارٌ حَامِيَةٌ﴾ [القارعة ١١] ففسر الهاوية بالنار الحامية؛ فعلى كل حال نرجع إلى أيش؟ إلى تفسير القرآن بالقرآن؛ ووجه ذلك أن الذي أنزله سبحانه وتعالى أعلم بمعناه. بعد ذلك نرجع إلى التفسير بالسنة، التفسير بالسنة أنواع لا تحصى؛ تارة يكون بلفظ الرسول عليه الصلاة والسلام، وتارة يكون بفعله وأنواع كثيرة، مثلًا: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس ٢٦] «الْحُسْنَى هِي الْجَنَّةُ وَالزِّيَادَةُ هِي النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ[[أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (٤٤٣) ]] »، » هكذا فسره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ إذن ليس لنا أن نقول: هل هناك معنى آخر؟ لا، لا نقول هذا؛ لماذا؟ لأن النبي ﷺ فسرها بذلك وهو أعلم الناس بمعاني كلام ربه تبارك وتعالى. وكذلك قال النبي ﷺ في تفسير قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال ٦٠] قال: «أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ»[[أخرجه مسلم (١٩١٧ / ١٦٧) من حديث عقبة بن عامر.]] يعني هو أعلى أنواع القوة ولَّا في قوة أخرى غير الرمي؟! لكن أعلى أنواع القوة وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام، الآن أشد ما يكون هو الرمي، ليس الرمي بالقوس وما أشبه ذلك، الرمي يشمل كل رمي يحدث إلى يوم القيامة، الآن القنابل الهيدروجينية والنووية والأشياء هذه كلها داخلة في الرمي؛ إذن القوة فسرها الرسول ﷺ بالرمي نقول: لا نتعداه، وقد يقال في هذه المسألة بالذات: إن النبي ﷺ أراد أن يفسرها بمثال، وأن القوة تكون بالرمي وتكون بالكر والفر والخداع وما أشبه ذلك؛ لكن يشكل على هذا الاحتمال أن الرسول ﷺ قالها على وجه الحصر قال: «أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ»[[أخرجه مسلم (١٩١٧ / ١٦٧) من حديث عقبة بن عامر.]]. إذا لم نجده في القرآن ولا السنة رجعنا إلى تفسير الصحابة؛ لأنّا نعلم أن أَعْلَمَ الناس بكلام الله بعد الرسول عليه الصلاة والسلام هم الصحابةُ؛ لأنه نزل في عصرهم وفي لغتهم، ومعلوم أن معاني الألفاظ تختلف باختلاف الأحوال، قد تخاطب بلفظ واحد أمة وتخاطب أمة أخرى، ويكون المراد بالخطاب الأول غير المراد بالخطاب الثاني. ولا شك أن القرآن إذا كان نزل حيًّا طريًّا في عهدهم وعصرهم وأحوالهم والملابسات التي توجب فهم النص على ما أراد الله لا شك أن هذا يرجح أن يكون المرجع مَنْ؟ أقوال الصحابة، لكن الصحابة قد يفسرون الشيء بالمثال؛ فإذا كان اللفظ يحتمل معنى غير ما قالوا فليكن مفسَّرًا بالمعنى الذي قالوا وبالمعنى الآخر، هاتان قاعدتان مهمتان ونرجو الله تعالى أن يفتح علينا في كل جلسة للتفسير بأخذ قاعدة من قواعد التفسير حتى أن الإنسان ينشط بعض الشيء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب