الباحث القرآني
طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٦٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٩) لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (٧٠) وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ [المائدة ٦٨ - ٧١].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ﴾ الخطاب للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى، وهم يَدَّعون أنهم على حق، وأنهم المقيمون لشرائع الله، ومع ذلك فبعضهم يقول للبعض: ليس على شيء، كما قال الله تعالى عنهم: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ﴾ [البقرة ١١٣].
وكل منهم نفى أن يكون صاحبه على شيء إطلاقًا، أما الله سبحانه وتعالى فهو حكم عدل، فأمر نبيه ﷺ أن يقول لهم: ﴿لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ﴾ أي: لستم على شيء من الدين، وإنما نفى أن يكونوا على شيء من الدين؛ لأن دينهم الذي هم عليه باطل حتى يقيموا التوراة والإنجيل، إذن لستم على شيء من الدين؛ لأن دينهم الذي يدعون أنه حق، هو باطل، والباطل عدم، وليس بشيء.
﴿حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ ﴿حَتَّى﴾ هنا غائية؛ يعني إلى أن تقيموا التوراة والإنجيل، أي: تأتوا بها قائمة، فاعلين أوامرها، تاركين نواهيها، مُصدِّقين بأخبارها، هذا معنى إقامتها؛ يعني تكون بثلاثة أمور:
أولًا: فعل الأوامر.
والثاني: ترك النواهي.
والثالث: تصديق الأخبار؛ هذا إقامتها.
التوراة بإزاء اليهود، والإنجيل بإزاء النصارى، ومعلوم أن اليهود لو أقاموا التوراة لآمنوا بعيسى، وأن اليهود والنصارى لو أقاموا التوراة والإنجيل لآمنوا بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
﴿حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ يعني وتقيموا ما أُنزل إليكم من ربكم، ويعني به القرآن؛ لأن التوراة والإنجيل مما أُنزل، وإذا قلنا: إن المراد بما أُنزل إليكم من ربكم التوراة والإنجيل صار فيه شيء من التَّكرار، وإذا دار الأمر في الكلام بين التَّكرار وبين التأسيس؛ فالواجب: حمله على التأسيس والمباينة، فنقول: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ يعني بذلك القرآن.
فإن قال قائل: القرآن نَزَل على أمة محمد؟
قلنا: نعم، على أمة محمد وهم من أمة محمد، لكنهم من أمة الدعوة، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «وَالَّذِى نَفْسي بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِى مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِىٌّ وَلاَ نَصْرَانِىٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِمَا جِئْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»[[أخرجه مسلم (١٥٣ / ٢٤٠) من حديث أبي هريرة بلفظ: «وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِىٌّ وَلاَ نَصْرَانِىٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ». ]].
قال من هذه الأمة، ويشير إلى أمته عليه الصلاة والسلام، والمراد أمة الدعوة؛ إذن ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ المراد به القرآن، فإذا اعترض معترض بما ذكرنا، أُجيب بما أجبنا به.
وقوله: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ في قوله: ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ إشارة إلى أنه يلزمهم أن يقيموه، يلزمهم أن يقيموه؛ لأنه نَزل من عند الرب، والرب هو الخالق المالك المدبر، فإذا كان الله هو ربكم لزمكم أن تقيموا ما أُنزل إليكم منه؛ لأنه ربكم، سيدكم، إلهكم ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾.
ثم قال الله عز وجل: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ﴾ هل النبي ﷺ إذا أمره الله تعالى أن يقول قولًا، هل نقول إنه قاله؟ أجيبوا؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: نعم، نقول: إنه قال لا شك؛ لأنه إن لم يقله لم يبلغ رسالة ربه، إذن هو قال لهم ذلك، وأعلن لهم هذا أنهم ليسوا على شيء؛ حتى يقيموا التوراة، والإنجيل، والقرآن.
قال: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ انظر للاحتراز ﴿كَثِيرًا مِنْهُمْ﴾ يعني لا كلهم.
بل بعضهم زادهم القرآن إيمانًا، كما قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ﴾ [المائدة ٨٣] لكنَّ كثيرًا منهم يَزداد طغيانًا وكفرًا والعياذ بالله.
ولنُعرِب قوله تعالى: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ﴾ فاللام هنا واقعة في جواب القسم، في جواب القسم المقدر، والتقدير: والله ليزيدن، والنون للتوكيد، وعلى هذا تكون الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات، وهي: القَسم المقدَّر، واللام، والنون.
﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ﴾ ﴿مَا﴾ هذه فاعل يزيدن.
﴿مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ وهو القرآن ﴿طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾، لماذا يَزيدُهم طغيانًا وكفرًا؟
لأنهم كلما كَذَّبوا بآية أو عصوا آية ازدادوا بذلك طغيانًا وكفرًا، وهذا نظير قوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ﴾ [التوبة ١٢٤، ١٢٥].
فهم كلما نزلت آية؛ ازدادوا طُغيانًا، وازدادوا كفرًا نسأل الله العافية.
﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ لا شك أن الرسول عليه الصلاة والسلام يحزن ويأسى، إذا لم يقم الناس بأمر الله؛ لأنه رسول يحب ما يحبه الله، ويكره ما يكرهه الله، فهو يأسف حتى إن الله قال له: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء ٣].
يعني مُهلكًا نفسك ألّا يكونوا مؤمنين، لا تهتمّ، أَدِّ ما عليك وهو إبلاغ الرسالة، والباقي على الله ﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾ [الغاشية ٢٥، ٢٦].
﴿فَلَا تَأْسَ﴾ أي: لا تحزن وتأسف على القوم الكافرين الذين ردوا رسالتك، وهذا لا شك أنه تسلية للرسول عليه الصلاة والسلام في كونه يحزن إذا لم تُجَب رسالته صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
* في هذه الآية فوائد كثيرة؛ منها: بيان أن اليهود والنصارى ليسوا على شيء، وعلى هذا فإذا زعموا أنهم مؤمنون قلنا لهم: كذبتم، لستم على شيء إلا إذا أقاموا التوراة والإنجيل.
* ومن فوائد الآية: أنه يجب على الإنسان أن يُعلن براءته من أهل الشرك، ويُبين أنهم ليسوا على شيء حتى نتبعهم؛ لقوله: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية: إعطاء كل ذي حق حقه؛ لأنه خاطبهم بأهل الكتاب، مع أنهم حقيقة ليسوا بأهل له، إذ إن أهل الكتاب هم الذين يقومون به، كما تقول: يا أهلَ القرآن؛ يعني الذين يقومون به، فالوصف إذا أُعطي صاحبه فهو عدل.
* كما أن فيه فائدة ثانية، وهي: أنه لكونهم أهل كتاب، يلزمهم أن يقيموه.
* من فوائد الآية الكريمة: أنه لا تتم إقامة التوراة والإنجيل إلا بإقامة القرآن؛ لأن الله اشترط ثلاثة أشياء: حتى تقيموا التوراة، والإنجيل، وما أُنزل إليكم من ربكم.
فمَن ادَّعى أنه مقيم للتوراة، وهو كافر بالإنجيل، قلنا: هذا غير صحيح، دعوى باطلة، ومن ادَّعى أنه مؤمن بالإنجيل، ولم يؤمن بالقرآن، قلنا: هذه دعوى باطلة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: شرف القرآن لكونه نازلًا من عند الله.
* ومن فوائدها: أن القرآن كلام الله، ووجهه أن القرآن ليس عينًا قائمة بنفسها، حتى نقول: إنه مخلوق، بل هو وصف يقوم بالْمُتكَلِّم به، وإذا كان وصفًا لزم أن يكون منزلًا غير مخلوق.
أما قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ [الزمر ٦] فهنا نقول: الأزواج مخلوقة؛ لأن الأزواج أعيان قائمة بنفسها.
وكذلك قوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ [الحديد ٢٥] أيضًا الحديد عين قائمة بنفسها، لا يمكن أن تكون وصفًا لله.
أما القرآن فهو كلام، والكلام لا بد أن يقوم بمتكلم، فيكون منزلًا غير مخلوق، كما قال ذلك السلف رحمهم الله.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات علوّ الله؛ لقوله: ﴿وَمَا أُنْزِلَ﴾ والإنزال إنما يكون؟
* الطالب: من أعلى.
* الشيخ: أيش قلنا؟
* الطالب: الإنزال يكون من أعلى.
* الشيخ: الفائدة التي عللناها بذلك.
* الطالب: إثبات علو الله عز وجل.
* الشيخ: نعم، إثبات علوّ الله؛ لأن الله قال: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه يلزم من أقرَّ بالربوبية، أن يُقرَّ بالألوهية، والشريعة؛ لقوله: ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ يعني من ربكم الذي لا تنكرون ربوبيته، وإذا كنتم لا تنكرون ربوبيته، لزمكم أن تقوموا بأمره.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إضافة ربوبية الله للكافرين، لكن هذه الإضافة ليست إضافة التشريف، ولكن إضافة إقامة حجة، فأنت مثلًا إذا قلت: إن الله تعالى رب محمد عليه الصلاة والسلام هذه إضافة تشريف، لكن بالنسبة للكفار إضافة لبيان إقامة الحجة عليهم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن كثيرًا من أهل الكتاب لا يزدادون بالقرآن إلا طُغيانًا وكفرًا، إمَّا بالتكذيب، وإمَّا بالعصيان.
* ومن فوائد الآية الكريمة: العدل في كلام الله، وعدم المجازفة؛ لقوله: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ﴾ ولم يقل: كلهم؛ لأن الواقع أن بعضهم يزداد بالقرآن إيمانًا، كما سمعتم في الشرح.
* ومن فوائد الآية الكريمة: جواز توكيد الكلام بما يثبت صدقه، وإن كان في الأصل صدقًا؛ لقوله: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ﴾ مع أن خبر الله وإن لم يكن مؤكدًا صدقٌ بلا شك، لكن ما وجه التأكيد هنا؟
وجهه أنه قد يُستغرب أن يكون هذا القرآن الذي هو هدى للناس، لا يزيد هؤلاء إلا طغيانًا وكفرًا، فلما كان هذا محل استغراب أكده الله عز وجل، لاحظوا لأن تأكيد الكلام إذا كان صادرًا من صادق لا بد أن يكون له سبب، وإلا لكان التوكيد لغوًا.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن القرآن الكريم قد يزيد سامعه طغيانًا وكفرًا، وقد يزيده إيمانًا وذلًا، لقوله: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ﴾ فإنه يُفهم منه أن بعضهم لا يزيده طغيانًا وكفرًا، بل لا يزيده إلا إيمانًا، وهذا كقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [التوبة ١٢٤].
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الكفر يزيد وينقص، الكفر يزيد وينقص، وجهه؟
* طلبة: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ﴾.
* الشيخ: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ وعليه فيكون هذا شاهدًا مؤيدًا لما يُروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ»[[أخرجه الحاكم في المستدرك (٣٢٥٨). ]].
يعني أنه إذا كان يزيد وينقص، فلا بد أن يكون الأعلى فوق الأدنى، فيكون هناك كفر دون كفر.
هل يمكن أن نقول: وفيه دليل على أن الإيمان يزيد وينقص؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: نعم، ربما نقول هذا؛ لأنه إذا كان الكفر يزيد وينقص، وبإزائه الإيمان، فلا بد أن يكون مثله يزيد وينقص.
والذي عليه أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص، سواء بالأقوال، أو بالأفعال، أو باليقين، انتبه لهذه الفائدة!
الإيمان يزيد بالأقوال فإن مَن ذَكر الله ألف مرة ليس كمَن ذكر الله مئة مرة مثلًا، أيهم أكثر؟
* طلبة: الأول.
* الشيخ: الأول، كذلك بالأفعال، ليس مَن صلى مئة ركعة كمن صلى مئتي ركعة، الثاني أَزيَد.
كذلك في اليقين، اليقين يختلف الناس فيه، الإنسان نفسه أحيانًا يكون في حالة صفاء، وفي حالة فراغ، ويكون قلبه خاليًا من كل شيء سوى الله، فيجد لذة عظيمة في الإيمان، وقوة عظيمة، حتى كأنه يُشاهد الله عز وجل، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الإحسان: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ»[[متفق عليه؛البخاري (٥٠)، ومسلم (٩ / ٥) من حديث أبي هريرة. ]].
ويدل لهذا أن اليقين يختلف، ويزيد، وينقص، أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة ٢٦٠] هذا وهو إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام يقول: ﴿لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾.
وهذا شيء مشاهد، ليس الخبر كالمعاينة، لو أخبرك إنسان من أوثق الناس عندك، ومعه مثله أو أكثر، فإن يقينك بهذا الخبر ليس كيقينك به إذا شاهدته، إذن الإيمان يزيد وينقص.
وإذا كان يزيد وينقص، فيجب علينا أيها الإخوة أن نلاحظ إيماننا هل زاد؟ هل نقص؟ فمَن وجد خيرًا فليحمد الله، ومَن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: عناية الله تبارك وتعالى بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لقوله: ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾ فإن هذه الربوبية للتشريف والتعظيم، وبيان أنه عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن يزيد فيما أُنزل إليه، ولا ينقص؛ لأنه نزل من ربه الذي اعتنى به أتم اعتناء.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تسلية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن لا يَأْسَ على القوم الكافرين، حتى إن الله تعالى بَيَّن له في آية أخرى، أن ما حصل منهم واقع بمشيئة الله، من أجل أن يَطمئن، كما قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [الأنعام ١٠٧].
فإذا كان شرك بمشيئة الله، فإن الرسول لا شك سوف يرضى، لكن لا يمنعه من الدعوة إلى الله، قال: ﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَِ﴾.
فإن قال قائل: وهل هذا أيضًا يوجه إلى الداعي إلى الله، بمعنى أنه لو جاء أحد يشكو إليك، يقول: أنا نصحت هؤلاء القوم، ولكنهم لم يأخذوا بنصيحتي، بل كابروا، واستهزؤوا، وسَخِروا، هل لك أن تقول: يا أخي لا تأس، لا تحزن، لا يضق صدرك، أو لا؟
نعم، أقول هكذا حتى أُفرِّج عنه، وأُفسح له، ولا يقنط، فلذلك ينبغي للإنسان إذا جاءه أحد من دعاة الخير، أو من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، يشكو إليه أن يُوسّع له ويُفسح له، ويقول: لا تأسى على هؤلاء، لكن بعض الناس إذا جاءه واحد يشكو، والله الناس خراب، من يبغي يقدرهم إلا الله؟! ونسأل الله العافية ِبيحل بنا غضب ونِقمة، ثم دَخَّل عليه حُزنًا على حزن، وهذا غلط؛ لأن الداعي إلى الله إذا قام بما يجب عليه ما وراء ذلك فهو إلى الله عز وجل.
{"ayah":"قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ لَسۡتُمۡ عَلَىٰ شَیۡءٍ حَتَّىٰ تُقِیمُوا۟ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِیلَ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡۗ وَلَیَزِیدَنَّ كَثِیرࣰا مِّنۡهُم مَّاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡیَـٰنࣰا وَكُفۡرࣰاۖ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











