الباحث القرآني
ثم قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة ٥٥].
﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ﴾ هذه الصيغة تفيد الحصر؛ لأنها بمنزلة قوله: ما وليُّكم إلا الله ورسوله، يعني فلا تتولوا اليهود والنصارى، ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ ونِعْمَ الوَلِيَّانِ رب العالمين وخاتم النبيين عليه الصلاة والسلام.
﴿وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ لأن الذين آمنوا بعضهم أولياء بعض كما قال الله تبارك وتعالى في سورة براءة. اقرأ؟
* طالب: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [التوبة ٧١].
* الشيخ: تمام، ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ وهكذا يجب أن يكون المؤمنون بعضهم أولياء بعض؛ لأن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وما ظنُّك برجل وليُّه الله ورسوله والمؤمنون لا يستطيع أحد أن يهزمه.
﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾ هذا صفة لقوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ فهم جمعوا بين الإيمان وهو العقيدة وبين إقامة الصلاة، والثانية: ﴿يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ وهي المال المقدَّر في الأموال الزكوية، يؤتونها مَن؟ يؤتونها أهلَها المستحقين لها، ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ الجملة هذه هل هي جملة حالية؟ يعني أنهم يُؤْتون الزكاة وهم راكعون في الصلاة أو أنها استئنافية؟
* طلبة: استئنافية.
* الشيخ: استئنافية، ثم على القول بأنها استئنافية، هل المراد بها الركوع الذي هو جزء من الصلاة وهو انحناء الظهر تعظيمًا لله عز وجل أو المراد الخضوع لشريعة الله؟
* طلبة: الثاني.
* الشيخ: الثاني ولهذا قال الشاعر:
؎لَا تُهِينَ الْفَقِيرَ عَلَّكَ أَنْ ∗∗∗ تَرْكَعَ يَوْمًا وَالدَّهْرُ قَدْ رَفَعَهْ
(تركع) يعني تخضع، (يومًا والدهر قد رفعه) يعني: لا تنظر للحاضر، انظر للمستقبل فقد يكون يوم من الأيام أنت الآن غني، وهذا فقير ربما يكون يومًا من الأيام يكون هذا غنيًّا وأنت فقير.
إذن الجملة ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ جملة مستأنفة، وليست جملة حالية والمراد بالركوع هنا الخضوع للشريعة والذل لها.
* في هذه الآية الكريمة: فضل المؤمنين، الفضل الذي لا شيء فوقه؛ لقوله: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ ثلاثة أشياء: الله والرسول والذين آمنوا، فإن قال قائل: ولاية الله عز وجل صالحة لكل زمان ومكان لكن كيف ولاية الرسول؟
فالجواب: أما ما كان في حياته فالولاية واضحة ظاهرة، وأما بعد وفاته فإن تمسُّكنا بسنته من تَوَلِّيه لنا لأننا نُنْصَر بها ونُعانُ بها فكأنه عليه الصلاة والسلام معنا يُناصِرُنا ويُعِينُنا، وأما الذين آمنوا فواضح أن المؤمنين لا يزالون ظاهرين على الحق حتى يأتيَ أمر الله.
* من فوائد هذه الآية: فضيلة مَنْ تَوَلَّى الله ورسوله والذين آمنوا.
* ومن فوائدها: فضيلة الصلاة؛ لأن الصلاة دائمًا في المقدمة، ولا شك أن الصلاة أفضل العبادات بعد التوحيد والشهادة بالرسالة؛ ولهذا فُرِضَت من الله عز وجل إلى الرسول بدون واسطة، وفرضت على الرسول في أعلى مكان يصل إليه البشر، وفرضت على الرسول في أشرف ليلة كانت له، وفرضت على الرسول خمسين صلاة؛ لأن كونها خمسين صلاة يدل على أن الله يحبها، لأن خمسين صلاة تستوعب أكثر الوقت ولكن الله بمنِّه وكرمه جعلها خمسًا، لكن كأنها خمسون هي خمس بالفعل وخمسون في الميزان.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة أيضًا: أن مرتبة الزكاة في دين الإسلام بعد مرتبة الصلاة، وهكذا في الآيات الكريمة وفي الأحاديث النبوية، تأتي الزكاة بعد الصلاة.
فإن قال قائل: الزكاة والصيام، الصيام أشق على الإنسان من الزكاة فلماذا لم يقدم؟
قلنا: أولًا لا نسلِّم بهذا؛ لأن حب الإنسان للمال حب شديد كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ﴾ [العاديات ٨] يعني: لحبِّ المال ﴿لَشَدِيدٌ﴾، وقال: ﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (١٩) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾ [الفجر ١٩، ٢٠]، وربما يَسْهُل على الإنسان أن يصوم عشرة أيام ولا يؤدي عشرة دراهم، هذه واحدة.
ثانيًا: الزكاة فيها نفع متعدٍ، نفع للإسلام ونفع للمسلمين، فإن من أصناف الزكاة سبيل الله، وهذا نفع لمن؟ للإسلام، ومن أصناف الزكاة الفقراء والمساكين والغارمون وهؤلاء أيش؟ مصلحة للمسلمين، فمصلحة الزكاة متعدية والصيام غير متعدٍ فبذلك -والله أعلم بحكمته سبحانه وتعالى- صارت الزكاة تلي الصلاة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا بد أن يقترن بهذه الأعمال الصالحة الذل والخضوع لله عز وجل بحيث يَشْعُر الإنسان أنه متعبد لله خاضع له، وهذا يفوت كثيرًا من الناس، أكثر الناس يؤدي الصلاة على أنها مفروضة عليه فقط لكن لا يشعر بأنه متعبد لله بذلك، وكذلك يقال في الزكاة، من أين أخذنا أنه ينبغي التنبه لذلك؟ من قوله: ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾.
والعجب أن الرافضة قالوا: إنه لم يعمل بهذه الآية إلا عليُّ بن أبي طالب، وقالوا: إنه أدَّى الصدقة وهو راكع، وجعلوا هذا من مناقبه، وحاشاه رضي الله عنه أن يكون ذلك من فعله؛ لأن الحركة في الصلاة محمودة ولَّا غير محمودة؟ غير محمودة، فكونه إذا ركع جاءه الفقراء وقال: خذ، خذ هذا، ما هو مَنْقَبَة، هذا مَثْلَبَة، لكن الرافضة لا يفهمون، عندهم سَفَهٌ، كما قالوا في مدحه: إنه يصلي ما بين المغرب والعشاء أَلْفَ ركعة، مَنْ يُصَلِّي ألفَ ركعة بين المغرب والعشاء؟ نعم، لو أن إنسانًا يريد أن يفعل هكذا، يعني يرقُص رقصًا ما تمكن ألف ركعة، لكن جعلوا هذا من مناقبه وهو في الحقيقة من مَثَالِبِه ونحن نشهد أنه لن يفعل هذا ولم يفعله لا هذه ولا هذا.
ولا نشك أن عليًّا رضي الله عنه له من المناقب والفضائل ما اختص به من بين الخلفاء، وله من الفضائل والمناقب ما شاركه فيه الخلفاء وللخلفاء من المناقب والفضائل ما لم يحصل لعلي بن أبي طالب، أليس كذلك؟
* طلبة: بلى.
* الشيخ: لا شك، فعليٌّ له مناقب والخلفاء لهم مناقب، يشتركون في بعضها وينفرد بعضهم عن الآخر في بعضها، لكن الفضل المطلق على هذا الترتيب: أبو بكر، عمر، عثمان، علي، فمثلًا قَرَابَةُ عليٍّ من الرسول عليه الصلاة والسلام لا يشاركه فيها لا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان، كذا؟ كون الرسول يُزَوِّج علي بن أبي طالب ابنته فاطمة؟
يشاركه عثمان بل هو أولى؛ لأن عثمان رضي الله عنه لما ماتت بنتُ الرسول أولًا زَوَّجَه الثانية؛ فقد تَزَوَّج ابنتين للرسول عليه الصلاة والسلام، ابنتين للرسول؟ ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام أعلن في آخر حياته إعلانًا لا يمكن أن يحصل لغير أبي بكر، قال وهو على المنبر ويبلغ قوله كل الأمة قال: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٩٠٤)، ومسلم (٢٣٨٢ / ٢) من حديث أبي سعيد الخدري.]]، الله أكبر مَنْ حَصَّل هذا، وقال:« «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٦٦) واللفظ له، ومسلم (٢٣٨٢ / ٢) من حديث أبي سعيد الخدري.]] هذه ما حَصَلَتْ لِأَحَدٍ، خَلَّفَه في الصلاة، خَلَّفَهُ في الحج، واضح؟
خَلَّف عليَّ بن أبي طالب في غزوة تبوك في أهله وقال له لما قال: «يا رسول الله، تجعلني في النساء والضعفاء؟! قال: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٤١٦)، ومسلم (٢٤٠٤ / ٣١) واللفظ له من حديث سعد بن أبي وقاص.]] هذه المنقبة ما حصلت لأبي بكر، وكان خليفته في أهله كما قال موسى لهارون: ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي﴾ [الأعراف ١٤٢].
* * *
* طالب: أحسن الله إليك، التفريق بين الساحر الذي (...) والذي يُقْتَل حدًّا الساحران هذان يشتركان في شيء واحد وهو (...) ويزيد الساحر الذي يكفر بسحره الكفر.
* الشيخ: لكن -بارك الله فيك- من كان ذنبه بالكفر فإن الله يقول: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال ٣٨]، ولهذا لو تاب المرتد قَبِلْنا توبته ورفعنا عنه القتل، ولو تاب الزاني بعد وصوله إلى القاضي تنفعه التوبة؟ لا، مع أن المرتد تنفعه التوبة حتى عند القاضي.
* طالب: لو قيل في مَنْ سَبَّ الرسول ﷺ إذا قلنا: إنه يُقْتَل فتُقْبَل توبته، فلو قيل: إن استباحة قتل النفس (...) مع إسلامه يعني تحتاج إلى التحري والرسول ﷺ من خلال سبر ما ورد في السنة أنه أولى الناس بالمسامحة والصفح.
* الشيخ: إي، لكن ما هو بحاضر لا بد أن نثأر للرسول عليه الصلاة والسلام.
* طالب: (...).
* الشيخ: أبدًا (...) إن كنتُ قاضيًا، وعُرِضَ عليك فقل: اضربوه بحد السيف ولا تبالوا.
* طالب: ذكرنا أن في القول الراجح في الساحر والمنافق أنه تُقْبَل توبتُه فهل هذا يُقَيِّد ما قيده (...).
* الشيخ: أبدًا إذا كَفَرَ بسحره قُبِلَ على كل حال للآية التي ذكرت لك، لكن ما تَرتَّب على فعله هذا محل نظر، لأن الكفار إذا آذوا المسلمين وقتلوا منهم وأخذوا أموالهم ثم أسلموا سقط عنهم الضمان.
* طالب: مر علينا أن عظمة الصلاة في شريعة الإسلام في التعبد أن الله يتعبد بها العباد فيه حاجة يا شيخ جربتها ما في حاجة من حوائج الدنيا والآخرة من الصيام والصلاة وأعمال الدنيا اللي جهاد الأفكار فيها مثل الصلاة ما أدري ويش فيه يا شيخ ما الحكمة، والصيام وغير الحاجة ما فيها جهاد الأفكار فيها مثل الصلاة؟
* الشيخ: يعني تَكْثُر الأفكار في الصلاة، قصدك؟ إي، لأن الصلاة خير موضوع، والشيطان يريد أن يفسد علينا هذه الصلاة، الصلاة لو أتينا بها على الوجه المطلوب لكان الأمر كما قال الله عز وجل ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت ٤٥] فتصد الإنسان عن الفحشاء والمنكر وتُعِينُه أيضًا على البر؛ قال الله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ [البقرة ٤٥] هذا هو السبب، ولذلك إذا قَوِيَ إيمانُ العبد أتاه الشيطان من كل وجه.
الشيخ: .. آذَوا المسلمين وقتلوا منهم، وأخذوا أموالهم، ثم أسلموا، سقط عنهم الضمان.
* طالب: مَرَّ علينا من عظم الصلاة في الإسلام في التعبد أن الله يتعبد بها العباد، فيها حاجة يا شيخ جرَّبتها، ما فيه حاجة من حوائج الدنيا والآخرة من الصيام والصلاة وأعمال الدنيا إلا جاهدتني الأفكار فيها مثل الصلاة، ما الوجه يا شيخ، الحج والصيام وغير الحاجات دي ما فيها اللي جاهدتني الأفكار فيها مثل الصلاة؟
* الشيخ: يعني تقصد الأفكار في الصلاة، قصدك؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: إي؛ لأن الصلاة خير موضوع، والشيطان يريد أن يُفسِد علينا هذه الصلاة، الصلاة لو أتينا بها على الوجه المطلوب لكان الأمر كما قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت ٤٥]، فتصد الإنسان عن الفحشاء والمنكر، وتعينه أيضًا على البر، قال الله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ [البقرة ٤٥]، هذا هو السبب، ولذلك إذا قوي إيمان العبد أتاه الشيطان من كل وجه يوسوس له في أصل الإيمان، ليش؟ لأنه عرف أنه إذا قوي إيمانه نجا من هذا العدو الخبيث، وإذا ضعف إيمانه تسلط عليه.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (٥٨) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (٥٩) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ [المائدة ٥٧-٦٠].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا﴾، سبق لنا في الآيات قول الله عز وجل: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾، قوله: ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ ماذا قلنا معناها؟
* طالب: معناها الخضوع.
* الشيخ: معنى الركوع: الخضوع، وليس الانحناء في الصلاة، وهل عندك شاهد من اللغة العربية على أن الركوع بمعنى الخضوع؟
* طالب: هو بيت من الشعر لا أحفظه.
* الشيخ: بيت من الشعر قاله قائله.
* طالب:
؎لَا تُهِينَ الْفَقِيرَعَــــــــــــــــــــــــــــــــــلَّكَ أَنْ ∗∗∗ تَرْكَعَ يَوْمًا وَالدَّهْرُ قَدْرَفَعَهْ
* الشيخ: وهذا يأتي به النحويون شاهدًا على أنه يُبنَى الفعل المضارع على الفتح ولو حذفت نون التوكيد، وأصل (لا تهين) (لا تُهِينَنَّ)، وهذا أصح من تفسيرها بأن المراد..؟
* طالب: الركوع المعروف.
* الشيخ: ويش الركوع المعروف؟
* الطالب: في الصلاة.
* الشيخ: ما هو؟
* الطالب: الانحناء.
* الشيخ: الانحناء في الصلاة؛ لأن الذي يتصدق وهو راكع ليس محل حمد؛ لما يترتب من صدقته في ركوعه انشغاله في أمر خارج عن الصلاة، فلا يُحمَد عليه، والصدقة ليست كالجهاد؛ لأنه يمكن للإنسان أن يصلي وينهي صلاته ثم يتصدق.
#تفسير الآية (56)
قوله تبارك وتعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾، (من) شرطية يعني: أي إنسان يتولى هؤلاء الثلاثة: الله، ورسوله، والذين آمنوا، أن يتخذهم أولياء، يتولاهم بالمحبة، والمودة، والنُّصرة، وجميع ما تقتضيه الولاية.
فإن قال قائل: ﴿مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ﴾ هل الله بحاجة إلى أن يتولَّاه؟
فالجواب: نعم، الله ليس بحاجة إلى أن يتولَّاه، لكن الدين بحاجة إلى أن يتولَّاه أهله، ومن تولى دين الله فقد تولى، كما قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ [محمد ٧]، من المعلوم أن الله عز وجل لا يحتاج إلى نصر، لكن ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ﴾، أي: تنصروا دينه، ﴿يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.
﴿وَرَسُولَهُ﴾ الرسول عليه الصلاة والسلام يحتاج إلى من يتولاه في حياته، يتولَّاه ويتولى سُنَّتَه ويدافع عنها، بعد وفاته يكون تولِّي الرسول بمعنى تولِّي سُنَّته ونصرها، كما قلنا: إنَّ تولِّي الله يعني تولِّي دينه، ونصرة دينه.
﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ تولَّى المؤمنين إلى يوم القيامة؛ لأنه «لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق حتى تقوم الساعة»[[ أخرجه مسلم (156 / 247) من حديث جابر بن عبد الله]]، يعني: حتى يقرب قيام الساعة؛ لأن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق[[ أخرجه مسلم (1924 / 176) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ]].
وقوله: ﴿فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾، لم يقل عز وجل: فإنه الغالب، قال: ﴿فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ﴾؛ ليكون دالًّا على شيئين:
الشيء الأول: أن من تولى الله ورسوله والذين آمنوا فهو من حزب الله.
الثاني: إرادة العموم؛ أن حزب الله لا بد أن يكون غالبًا؛ لأن دين الله لا بد أن يكون غالبًا، فالمتمسك بدين الله هو حزب الله، وهو غالب، ولا بد، لكن الغلبة قد تكون في حال الحياة، وقد تكون بعد الموت.
ولهذا نجد الأئمة الذين لم يقدَّر لهم أن يظهروا ظهورًا كاملًا في حياتهم، ظهروا ظهورًا كاملًا بعد وفاتهم، الإمام أحمد، ابن تيمية، وغيرهما من العلماء والأئمة، لَحِقَهُم من الإهانة من ولاة السوء ما لَحِقَهُم، وكانت الغلبة لهم؛ إما في الحياة، وإما بعد الممات.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: الحثّ على تولِّي الله، ورسوله، والمؤمنين.
* ويتفرع على ذلك، أو هو حقيقةً بمعنى التولِّي أن يكون الإنسان دائمًا مرتبطًا بهذه الثلاثة: كتاب الله، والثاني: سنة رسول الله ﷺ، والثالث: سبيل المؤمنين.
ولهذا قال الله تعالى في سورة النساء: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء ١١٥]، فكن دائمًا مرتبطًا بهذه الثلاثة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الثناء التام على رسول الله ﷺ، وعلى المؤمنين، وأنَّ تَوَلَّيهم من أسباب الغلبة، أما تولِّي الله فهو شأن فوق ذلك.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن لله تعالى حزبًا، ومَن حزبُه؟ حزبه الذي يقابل حربه؛ لأن الله له حزب، وله حرب، فمن أقام على شريعته فهو حزبه، ومن خالف شريعته فهو حربه، لا سيما فيما نص على أنه حرب لله عز وجل؛ كالربا، وقطع الطريق، وما أشبهها.
فإن قال قائل: أيمكن أن يستدل بهذه الآية من أقاموا الأحزاب في بلادهم؟
فالجواب: لا، لا يمكن؛ لأن المفروض أن المسلمين حزب واحد لا يتفرقون، بل هم إذا تفرَّقوا فقد قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام ١٥٩]، فبرَّأ النبي ﷺ منهم، وقال: ﴿لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾، ثم توعَّدهم بقوله: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام ١٥٩]، فإذا كان هذا شأن مَن فرَّقوا دينهم، كل واحد يقول: الدين معي، فكيف يقال: إن إقامة الأحزاب في الدين الإسلامي جائزة؟ لأن الله قال: حزب الله.
نقول: كل المسلمين أيش؟ حزب لله عز وجل، ومن خالف خرج عن هذه الحزبية، لكن لا يعني ذلك أن نقول: إنه لا بد أن تُقام الأحزاب في الدين الإسلامي، ولذلك انظر الآن الأمة التي بَنَت كيانها على قيام الأحزاب ماذا يكون فيها؟ الشر، والبلاء العظيم، حتى إذا صار الحزب المستقيم في الطليعة، وله الغلبة، حصل الشر.
ولا حاجة إلى أن نضرب مثلًا بالجزائر، ومثلًا بتركيا، مثلًا الآن حزب الرفاه لما كاد أن ينتصر ماذا حصل؟ قام الجيش والضباط على هذا الحزب، والآن يحاولون إلغاء هذا الحزب، وعلى كل حال نحن نقول: الدين الإسلامي حزب واحد.
وهل يمكن أن نقيم حزبًا إسلاميًّا ضد حزب شيوعي، أو لا يمكن؟ يمكن، لا بد هذا؛ لأن الله جعل حزبًا لله، وحزبًا للشيطان، ﴿أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [المجادلة ١٩] هذا لا بد منه؛ لأن بني آدم كلهم حزبان، ما هما؟ الإيمان، والكفر، ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ﴾ [التغابن ٢]، هذا لا بد منه، لكن أحزاب في الحزب الواحد، هذا خلاف الإسلام، ولا يمكن أن يُقام، ولذلك يحصل التفكك العظيم إذا قامت هذه الأحزاب.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: البشرى لحزب الله، بماذا؟
* طلبة: بالغلبة.
* الشيخ: بالغلبة، هم الغالبون على أعدائهم، واقرأ قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الصف ١٣] بشِّر المؤمنين بأن لهم النصر.
{"ayah":"إِنَّمَا وَلِیُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱلَّذِینَ یُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَ ٰكِعُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق