الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ هذا لمن؟ هؤلاء العوام، لما ذكر العلماء في الآية الأولى ذكر العوام. ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾.
* يستفاد منها: أن هؤلاء العوام يوجهون ويرشدون ويدعون إلى الكتاب والسنة، وأبهم القائل إما لكثرة القائلين وإما لاختلاف مراتبهم؛ لأن كثرة القائلين توجب أن الإنسان ينصاع ويأتي، والمرتبة العليا أيضًا توجب أن الإنسان ينصاع ويأتي.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات أن الله تبارك وتعالى أنزل الكتاب القرآن.
* ويتفرع على هذه الفائدة: أن القرآن كلام الله، فإذا قال قائل: لا يلزم من كون الله أنزله أن يكون كلامه؛ لأن الله يقول: ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ [الحديد ٢٥]، ويقول: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ [الأنعام ٩٩] فهل تجعلون الحديد من صفات الله أو الماء النازل من السماء؟ لا، لا نقول هذا، إذن يقول: القرآن مخلوق كما خلق الحديد وكما خلق الماء النازل من السماء، تمويه من أهل الباطل؛ لأن أهل الباطل يتبعون المتشابه.
فنقول لهم: هل الكلام عين قائمة بنفسها جسم أو غير جسم قائم بنفسه، أو لا بد لكل كلام من متكلم؟ الثاني، لا شك؛ لأن الكلام وصف، لا بد أن يكون من موصوف، إذن إذا أضاف الله إنزال القرآن إلى نفسه علمنا أنه كلامه؛ لأن القرآن كلام، فيكون في هذا دليل واضح على أن القرآن كلام الله.
* فيه أيضًا دليل على علو الله عز وجل؛ لقوله: ﴿إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾؛ لأن النزول لا يكون إلا من أعلى، وعلو الله عز وجل أبين وأظهر من أن تقام عليه الأدلة، ولكن السلف وأهل السنة والجماعة اجتهدوا في تقرير الأدلة؛ لأن هناك من ينازع في علو الله عز وجل، وإذا وجد منازع فلا بد أن يكون له مقابل، وإلا لضاعت الشريعة، يعني أقول: العلو أبين من أن يحتاج إلى أيش؟ إلى تكثير الأدلة، لكن لما كان في الأمة الإسلامية التي تستقبل قبلتنا وتنحر نسيكتنا من ينكر العلو صار لا بد أن نأتي بالأدلة من كل وجه.
من أدلة العلو: القرآن: فهو مملوء من الأدلة على علو الله عز وجل العلو الذاتي. السنة كذلك مملوءة وعلى جميع وجوهها: القول والفعل والإقرار. إجماع الصحابة موجود، ما منهم أحد قال: إن الله ليس في السماء، وهم يقرؤون القرآن ويسمعون السنة، ما أحد منهم قال: إن الله ليس في السماء، وعلى هذا فيكونون مجمعين على ما دل عليه الكتاب والسنة، وهذا الطريق به نعرف إجماع الصحابة أن القرآن يتلونه والسنة يسمعونها ولم يرد عنهم ما يخالفها، فإذن هم قائلون به أليس كذلك؟ فإذا طلبك إنسان بإجماع الصحابة على مثل هذه الأمور فقل: إنهم يقرؤون القرآن ويسمعون السنة ويشاهدون الفعل من الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يرد عنهم ما يخالف ذلك، إذن هم مقرون بهذا؛ لأنهم أهل اللسان وأعرف الناس بمعاني القرآن والسنة. العقل أيضًا دليل على علو الله سبحانه وتعالى؛ لأن كل إنسان يعلم أن العلو صفة كمال ما فيه إشكال، وأن السفلة صفة نقص، والرب عز وجل يجب له الكمال من كل وجه، ولهذا قال إبراهيم لأبيه: ﴿يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا﴾ [مريم ٤٢] صنم تعبده لا يسمع دعاءك ولا يبصر حالك، ولا يغني عنك شيئًا. الفطرة: تحتاج إلى دليل؟ ما يحتاج، كل إنسان يؤمن بالله عز وجل وأنه حي موجود فإنه لا يمكن أن يتصور إلا أنه في السماء، لو أتيت العجائز اللاتي لم يقرأن ما كتب حول الموضوع وقلت: أين الله؟ ويش تقول؟
* طالب: في السماء.
* الشيخ: تقول: في السماء، ولا تقول: خلي بطالع وأشوف، الجواب: في السماء، حتى الجارية التي أعتقها معاوية بن الحكم رضي الله عنه «لما سألها النبي ﷺ: «أَيْنَ اللهُ؟» قالت: في السماء»[[أخرجه مسلم (٥٣٧ / ٣٣) من حديث معاوية بن الحكم.]]، فأي حكم يكون أثبت من حكم دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة.
* ومن فوائد هذه الآية: وجوب الرجوع إلى ما جاء في الكتاب والسنة؛ لأن الله أنكر على هؤلاء الذين قالوا: ﴿حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾.
* ومن فوائد الآية: أن من تعصب لقول إمام والتزمه وأصر عليه مع وجود الكتاب والسنة ففيه شبه من هؤلاء الكفار؛ لأنه إذا قيل له: تعال إلى ما أنزل الله وإلى الرسول، قال: حسبي إمامي، فيكون فيه شبه من هؤلاء الكفار.
وقد أنكر قوم التقليد إنكارًا عظيمًا، وقابلهم آخرون فأوجبوه، وقالوا: إن باب الاجتهاد قد سد من زمان ولا مناص للأمة الإسلامية الآن من التقليد، فصاروا طرفي نقيض؛ قسم ينكر إنكارًا عظيمًا ويقول: التقليد شرك والتقليد دأب المشركين ولا يمكن أبدًا إلا أن يعرف الإنسان الحق بنفسه، وقسم آخر بالعكس قال: ما في الكتاب مذهب هو الحق، ولو بان بالكتاب والسنة أنه غير صحيح فالزم المذهب لا تخرج عنه، وقد أدركنا هذا، أدركنا من يقول: المرجع الإقناع والممتع، وإياك أن تخرج عما فيهما، حتى وشوا ببعض الناس إلى السلطات حين ذكروا ما هو الراجح من الأقوال، وقالوا: هذا خارج عن المذهب.
وهذا لا شك أنه خطأ عظيم، ومن اعتقد أن أحدًا من الناس من العلماء وإن كبر، بل من الصحابة، يجب التزام قوله عزيمة ورخصة وتحليلا وتحريمًا؛ فإنه ضال مبتدع يستتاب، فإن تاب وإلا أدبه الحاكم بما يرى أنه يردعه وأمثاله.
القسم الثالث: توسط في التقليد والاجتهاد، قالوا: من أمكنه الاجتهاد ومعرفة الحق بنفسه لم يحل له أن يقلد، ومن لا فله أن يقلد، واستدلوا بقول الله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل ٤٣] ولم يأمر الله تعالى بسؤالهم إلا للرجوع إلى قولهم، وإلا لكان سؤالهم لغوًا لا فائدة منه، وبقول الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة ٢٨٦] وبأن الله تعالى أباح التيمم عند عدم الماء، كم هذا؟ كم من دليل؟
* طلبة: ثلاثة.
* الشيخ: ثلاثة، وبأن الله أباح الميتة عند الضرورة، إذا لم يجد الإنسان إلا ميتة فإما أن يأكلها فيبقى أو لا يأكلها فيهلك، يقال: يجب أن تأكلها وجوبًا، فإن لم تفعل فأنت آثم، وما أحسن ما قال شيخ الإسلام رحمه الله: اجعل التقليد كالميتة، لا تحل إلا عند الضرورة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: حسن الجدال في القرآن الكريم، حيث أقام الحجة على هؤلاء الذين قالوا: ﴿حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾، بأن آباءهم ﴿لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾، فهم ضالون في علمهم وفي عملهم.
{"ayah":"وَإِذَا قِیلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡا۟ إِلَىٰ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُوا۟ حَسۡبُنَا مَا وَجَدۡنَا عَلَیۡهِ ءَابَاۤءَنَاۤۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَاۤؤُهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَهۡتَدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق