الباحث القرآني

طالب: (﴿قَالَ﴾ أي: لهم، ﴿أَوَلَوْ﴾ تتبعون ذلك، ﴿جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ﴾ أنت ومن قبلك ﴿كَافِرُونَ﴾ ). * الشيخ: ﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ﴾ ﴿قَالَ﴾ أي: الرسول الذي يرسله الله عز وجل، ويقابل بأنهم وجدوا آباءهم على أمة، قال لهم: ﴿أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ﴾؛ يعني: أتردُّون قولي وتتَّبعون ما كان عليه آباؤكم ولو جئتكم بأهدى منه؟! والاستفهام هنا واضح أنه للإنكار والتوبيخ؛ يعني كيف تتَّبعون ما عليه آباؤكم وأنا قد جئتكم بأهدى؟! يعني: أتردُّون قولي، وتتَّبِعون ما كان عليه آباؤكم ولو جئتكم بأهدى منه؟ والاستفهام هنا واضح أنه للإنكار والتوبيخ، يعني: كيف تتبعون ما عليه آباؤكم وأنا قد جئتكم بأهدى؟! ﴿أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ﴾ [الزخرف ٢٤]، وهو شرع الله عز وجل، ومع هذا الرد واحد، ﴿قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [الزخرف ٢٤]، وهذا غاية ما يكون من العناد، يعني حتى ولو جئتنا بأهدى مما وجدنا عليه آباءنا فإنا كافرون، ولا نقول كما قلنا أولًا: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ [الزخرف ٢٣]، بل نقول: ﴿كَافِرُونَ﴾ مطلقًا، وهذا أبلغ ما يكون في العناد -نسأل الله العافية- وهذا كقول الذين استكبروا من قوم صالح، ﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [الأعراف ٧٦]. * في هذه الآية: بيان معالجة الرسل عليهم الصلاة والسلام للمكذِّبين أنهم يُدْلُون عليهم بالحجج الْمُقْنِعَة، ولكن الكافرين يعاندون. * ومنها: جواز التفضيل بين شيئين قد لا يكون في الطرف الآخر شيء من المعنى؛ لقوله: ﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ﴾، (أهدى) اسم تفضيل، ومع ذلك فإننا نقول: ما وجدوا عليه آباءهم ليس به هدى، لكن التَّنَزُّل مع الخصم لا بأس به وإن لم يكن في الطرف الآخر شيء، انظر إلى قول الله تعالى: ﴿آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [النمل ٥٩]، هذه الأصنام، هل في الأصنام خير؟ * طلبة: لا. * الشيخ: لا، لكن من أجل مجادلة الخصم نقول له: هل الله خير أم آلهتك؟ وإنا نعلم أن هذا ليس فيه خير، هنا قال: ﴿أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ﴾، مع العلم أن ما كان عليه آباؤهم ليس فيه هدى، بل هو ضلال، ولكن المخاطِب مَن يرى أنه هدى، فنخاطبه على قدر ما عنده من الفهم، ومن ذلك ما يستعمله شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من العلماء في مجادلة أهل الكلام، حيث يتمشى فيما يجادلهم به على حسب اصطلاحهم، وإن كان ينكر أصل ما هم عليه، لكن المجادلة مع الخصم لا بأس أن ينزل الإنسان على حسب فهم الخصم، حتى يكون ذلك أبلغ في الاحتجاج عليه. * من فوائد هذه الآية الكريمة: أن أولئك المعانِدِين الذين يتبعون ما وجدوا عليه آباءهم ليس عندهم نية أن يؤمنوا؛ لأنهم لما غُلِبُوا في الحجة ماذا قالوا؟ ﴿قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾، يعني: لن يؤمن، مهما أتيتم من الحجة فلن نؤمن، وهذا غاية ما يكون من الاستكبار عن الحق.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب