الباحث القرآني

قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْم﴾ [الشورى ٣٧] نص على أنه معطوف عليه لئلا يظن الظان أن الواو هنا للاستئناف، وعلى هذا فيكون من باب عطف الصفات وليس من باب عطف الأعيان، فالذين استجابوا لربهم هم الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون. هل لهذا نظير؛ أي عطف الأوصاف لموصوف واحد؟ الجواب: كثير، قال الله تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى﴾ [الأعلى ١ - ٤]. قوله: ﴿وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [الأعلى ٣] ليس هو شيئًا آخر، بل هو الأول، فيكون هذا من باب عطف الأوصاف دون الأعيان. أنت إذا قلت: قام زيد وعمرو وبكر وخالد، فهذا من باب عطف الأعيان؛ لأن الثاني غير الأول، وإذا قلت: جاء زيد الفاضل والكريم والشجاع، فهذا من باب عطف الأوصاف؛ لأن الثاني هو الأول، لكن اختلفت الصفة. إذن فالعطف نوعان: عطف أعيان وعطف أوصاف. في الآيات التي معنا: ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ﴾ [الشورى ٣٧] هذه من باب عطف الأوصاف؛ لأن الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش هم الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون. ﴿يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ﴾ كبائر جمع كبيرة، فما هي الكبيرة؟ الجواب: ما ذكر الشرع أنه كبيرة فهو كبيرة؛ كقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حديث أبي بكرة: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟» قالوا: بلى يا رسولَ الله. قال: «الْإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ» وكان مُتَّكِئًا فجلس، فقال: «أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، أَلَا وَشَهَادَةُ الزُّورِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٩٧٧)، ومسلم (٨٨ / ١٤٤) من حديث أنس.]]. هنا نص على أنها كبيرة، أما ما لم ينص عليه الشرع فقد اختلف العلماء رحمهم الله في حد الكبيرة، وأقرب شيء ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال: إن الكبيرة ما رُتب عليه عقوبة خاصة، يعني ما خُص بعقوبة. وذلك أن المنهيات تنقسم إلى قسمين: قسم فيها النهي أو التحريم أو ما أشبه ذلك، لكن ما ذكر فيه عقوبة، وقسم آخر ذكر فيه العقوبة، فيقول: ما ذكر فيه عقوبة خاصة فهو كبيرة. إذا رُتب على الذنب لعنة؛ كقوله: «لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ»[[أخرجه مسلم (١٩٧٨ / ٤٤) من حديث علي بن أبي طالب.]] ماذا يكون؟ كبيرة؛ لأنه رتب عليه عقوبة خاصة، وهي اللعن، إذا رتب عليه السخط فهو كبيرة؛ كقول النبي ﷺ في المرأة يبيت زوجها ساخطًا عليها: «فَإِنَّ اللهَ يَسْخَطُ عَلَيْهَا»[[متفق عليه؛ البخاري (٥١٩٤)، ومسلم (١٤٣٦ / ١٢٠) من حديث أبي هريرة بنحوه.]] هذا كبيرة، إذا قيل: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الْجُيُوبَ، وَلَطَمَ الْخُدُودَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٢٩٤)، ومسلم (١٠٣ / ١٦٥) من حديث عبد الله بن مسعود.]]، فهو كبيرة، ما الذي رُتب عليه؟ البراءة منه: ليس منا كذا، «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا»[[أخرجه مسلم (١٠٢) من حديث أبي هريرة.]] مثله كبيرة؛ لأنه رُتب عليه عقوبة خاصة، «لَا يُؤْمِنُ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ»[[أخرجه مسلم (٤٦ / ٧٣) من حديث أبي هريرة.]] كبيرة؛ لأنه رتب عليه نفي الإيمان. إذن الكبيرة محدودة أو معدودة؟ محدودة، يعني تعرف بالحد دون العد، وأحسن ما قيل فيها ما اختاره شيخ الإسلام رحمه الله من أن الكبيرة ما رتب عليه عقوبة خاصة. وقوله: ﴿وَالْفَوَاحِشَ﴾ بالنصب معطوفة على كبائر، أي: ويجتنبون الفواحش، قال: (وهي موجبات الحدود، من عطف البعض على الكل). فسر المؤلف رحمه الله الفواحش بأنها ما توجب الحد، فلنعدها: الزنا فاحشة، وهو بنص القرآن: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً﴾ [الإسراء ٣٢]. نكاح ذوات المحارم فاحشة؛ لقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [النساء ٢٢] تأمل الآن أيما أعظم: نكاح ذوات المحارم أو الزنا؟ الأول؛ لأن الله قال فيه: ﴿كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا﴾. وفي الزنا قال: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا﴾. ولهذا كان القول الراجح أن الإنسان إذا زنى بمحارمه وجب رجمه، سواء كان محصنًا أم غير محصن. طيب السرقة فاحشة أو غير فاحشة؟ فاحشة، المؤلف قال: كل اللي فيه حد فهو فاحشة. قطع الطريق فاحشة؛ لأن فيه حدًّا. الخمر فاحشة؟ هو عليه حد؟ الصحيح أن عقوبة الخمر ليست حدًّا، بل هي عقوبة، لكنها لا تنقص عن أربعين. الدليل أنها عقوبة أن شارب الخمر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام يؤتى به فيضربه الناس؛ اللي يضرب بيده، واللي يضرب بثوبه والذي يضرب بنعله بدون حد معين، ثم جعلها أبو بكر أربعين، ثم جعلها عمر أربعين، ثم كثر شرب الخمر فزادها عمر إلى ثمانين بعد أن استشار الصحابة، فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: أرى أن تجعلها كأخف الحدود، ما هو أخف الحدود؟ حد القذف ثمانون، فجعلها عمر ثمانين، وهذا كالإجماع من الصحابة رضي الله عنهم؛ أن عقوبة شارب الخمر ليست حدًّا؛ لأنه لو كانت حدًّا هل يمكن لأي أحد أن يزيد؟ لا يمكن، ولهذا لو كثر الزنا في الناس لا نزيد عن مئة جلدة. طيب أيضًا قال عبد الرحمن بن عوف: اجعلها كأخف الحدود، فدل هذا على أنها ليست حدًّا، وإلا لما صح أن يقول: كأخف الحدود، وأيضًا إذا تكرر جلده ففي الرابعة يقتل على رأي كثير من العلماء؛ لما جاء ذلك في السنن: «إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ». هذا الحديث صحيح ذهب إليه أهل الظاهر، وأكثر العلماء يقول: لا يقتل لو يشرب ألف مرة، ويجلد ألف مرة، واختار شيخ الإسلام قولًا وسطًا وقال: إذا لم ينته الناس بدون القتل فإنه يُقتل؛ لئلا يتكاثر شرب الخمر، وأما إذا انتهى الناس بدون القتل فإنه لا يقتل. المهم المؤلف رحمه الله يرى أن الفواحش هي موجبات الحدود، قال: (وهو من عطف البعض على الكل)؛ لأن الفواحش بعض كبائر الإثم، وهذا يقع كثيرًا؛ عطف البعض على الكل، كما أنه يقع أحيانًا عطف الكل على البعض، فقول الله تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ [القدر ٤] هذا من باب عطف البعض على الكل، وإذا قلت: أكرم زيدًا والطلبة، وهو منهم، فهو من باب عطف الكل على البعض، وتخصيص بعض الأفراد بكونه معطوفًا أو معطوفًا عليه يدل على العناية به والاهتمام به. ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ [الشورى ٣٧] (ما) هنا زائدة في الإعراب، وأما في المعنى فهي للتوكيد، وأقول: ؎يَا طَالِبًا خُذْ فَائِدَهْ ∗∗∗ (مَا) بَعْدَ (إِذَا) زَائِدَهْ تقبل أو ما تقبل؟ يعني كلما أتتك (ما) بعد (إذا) فهي زائدة، كهذه الآية: ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا﴾ المعنى: وإذا غضبوا، وكقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ﴾ [فصلت ٢٠] أي: حتى إذا جاءوها، فخذ هذه الفائدة، و(ما) من أوسع الحروف معنى؛ لأن لها عشرة معانٍ أو أكثر، جُمعت في قول الناظم: ؎مَحَـــــــامِـــلُ مَــــا عَـــشْرٌ إِذَا رُمْـتَعَــــــدَّهَـا ∗∗∗ فَحَافِـــظْ عَلَى بَيْتٍ سَلِيمٍ مِنَ الشِّعْرِ؎سَتَفْهَمُ شَرْطَ الْوَصْلِ فَاعْجَبْ لِنُكْرِهَا ∗∗∗ بِكَــــفٍّ وَنَــفْيٍ زِيــــدَ تَعْــــظِيـــمُمَـــصْدَرِ على وجه السرعة: (ستفهم) إشارة إلى (ما) الاستفهامية. (شرط) إلى (ما) الشرطية. (الوصل): إلى (ما) الموصولة. (فاعجب): إلى (ما) التعجبية، مثل أن تقول: ما أحسن زيدًا. (لنكرها): إلى (ما) النكرة الموصوفة أو الواصفة. (بكف): إلى (ما) الكافة، وهي الداخلة على (إن)، مثل: ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [النساء ١٧١]. (ونفي): (ما) النافية. (زيد): (ما) الزائدة. (تعظيم): ما التعظيمية؛ مثل: ﴿الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة ١، ٢]، ﴿الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ﴾ [القارعة ١، ٢]. (مصدر): إلى (ما) المصدرية؛ مثل: يعجبني ما فعلت؛ أي: يعجبني فعلك. هذه عشر معانٍ لـ(ما). ﴿إِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ يعني: إذا نالهم الغضب فإنهم يملكون أنفسهم، فيغفرون لمن أغضبهم. ومعنى (يغفرون) قال المفسر: (يتجاوزون)، ونحن نزيد شيئًا آخر: الستر، يعني: يتجاوزون عمن أساء إليهم ويسترونه. * من فوائد هذه الآية: أن من وصف الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون: اجتنابهم كبائر الإثم والفواحش، وبعدهم عنها؛ لأن (اجتنب) بمعنى صار في جانب وآخر في جانب، فيفيد بعدهم عن كبائر الإثم والفواحش. * ومن فوائدها: أن صغائر الذنوب لا تنقص من كمال الإيمان، لماذا؟ لأنها تقع مغفورًا باجتناب الكبائر؛ كما قال الله تبارك وتعالى في سورة النجم: ﴿إِلَّا اللَّمَمَ﴾ [النجم ٣٢] يعني: إلا الصغائر فإنها لا تضر، وأخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم «أن الصلوات الخمسة، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر»[[أخرجه مسلم (٢٣٣ / ١٦) من حديث أبي هريرة.]]. ولكن لو قال قائل: هل الإصرار على الصغائر يحولها إلى كبائر؟ فالجواب: نعم، هذا المشهور عند أهل العلم؛ أن الإصرار على الصغيرة كبيرة، لكنهم لا يقولون: إن الصغيرة تكون كبيرة، يقولون: إن إصرار الإنسان على المعصية يدل على استخفافه بشريعة الله، وعدم مبالاته بها، فمن هنا صار الإصرار كبيرة، وليس المعنى أن الصغيرة تنقلب كبيرة، لكن لما كان الإصرار يدل على استخفاف الإنسان بشريعة الله صار هذا كبيرة من أجل الاستخفاف. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن من صفات الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون أنهم إذا غضبوا غفروا، والغضب وصفه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنه جمرة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان فيفور دمه وتنتفخ أوداجه، أما المتكلمون فيقولون: إن الغضب غليان دم القلب لمحبة الانتقام، وما ذكره النبي ﷺ خير: أنه «جمرة يلقيها الشيطان»[[أخرجه الترمذي (٢١٩١)، وأحمد (١١١٤٣)، والحاكم في المستدرك (٨٧٥٤) من حديث أبي سعيد الخدري.]]، ولذلك تجد الرجل إذا غضب يتصرف تصرفًا سيئًا لا يحمده هو إذا سكن غضبه. * ومن فوائد الآية الكريمة: أنه ينبغي للإنسان عند الغضب أن يكظم غيظه، وقد طلب أحد الصحابة من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يوصيه فقال: «لَا تَغْضَبْ» فردد مرارًا فقال: «لَا تَغْضَبْ»[[أخرجه البخاري (٦١١٦) من حديث أبي هريرة.]]. قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُون﴾ [الشورى ٣٧] ما الفرق بين كبائر الإثم والفواحش؟ * طالب: ما دون ذلك. * الشيخ: ما دون ذلك، لكنها فوق الصغائر، المرتب عليها حد ما هي؟ * طالب: قطع الطريق. * الشيخ: قطع الطريق. * الطالب: الزنا. * الشيخ: الزنا. * الطالب: السرقة. * الشيخ: السرقة. * الطالب: القذف. * الشيخ: القذف. طيب شرب الخمر هل هو حد أو تعزير؟ الصحيح أنه تعزير، لكنه تعزير لا يقل عن أربعين جلدة؛ ما هو الدليل على أنه تعزير، وليس بحد، مع أن جمهور العلماء على أنه حد؟ أن الناس لما كثر شربهم الخمر في عهد عمر رضي الله عنه استشار الصحابة، فقال عبد الرحمن بن عوف: اجعله كأخف الحدود ثمانين، وهذا دليل واضح جدًّا، كالإجماع من الصحابة رضي الله عنهم بقيادة الخليفة الراشد عمر أنه ليس بحد من وجهين: الأول أنه قال: اجعله كأخف الحدود، والثاني: أنه لو كان حدًّا ما ساغ لعمر ولا لغير عمر أن يزيد عليه. قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾. (ما) ويش إعرابها؟ * طالب: اسم موصول. * الشيخ: اسم موصول؟ لا، غلط. * طالب: زائدة * الشيخ: (ما) زائدة، أنشد لي الرجز المذكور فيها. * الطالب: ؎يَا طَالِبًا خُذْ فَائِدَهْ ∗∗∗ (مَا) بَعْدَ (إِذَا) زَائِدَهْ * الشيخ: فهمت، كلما جاءت (ما) بعد (إذا) فهي زائدة؛ قال الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ﴾ [فصلت ٢٠]. ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب