الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الشورى ٢٦] قال: (يجيبهم إلى ما يسألون) (يستجيب) بمعنى يُجيب، مع أنه قد يتبادر إلى ذهن الإنسان أن معنى (يستجيب) أي يُطيع، كما إذا قلت: دعوت فلانًا فاستجاب لي؛ أي: أطاعني، لكن هنا (يستجيب) بمعنى يُجيب، ودليل هذا التفسير قول الله تبارك وتعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ [آل عمران ١٩٥]، إذن (استجاب) بمعنى أجاب، ﴿وَيَسْتَجِيبُ﴾ بمعنى يجيب.
فماذا يكون إعراب (الذين)؟ ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ﴾ (الذين) مفعول به وليست فاعلًا، الفاعل ضمير مستتر يعود على الله.
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ آمنوا بقلوبهم، وعملوا الصالحات بجوارحهم، والإيمان والعمل الصالح يُقرنان دائمًا؛ لأن أحدهما ملازم للآخر، فكل من آمن حقًّا فسيعمل الصالحات قطعًا.
دليل هذه القاعدة قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩ / ١٠٧) من حديث النعمان بن بشير.]].
إذا آمنوا بأيش؟ بكل ما يجب الإيمان به، وعرفتم أن أركان الإيمان قال عنها النبي ﷺ: إنها «الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»[[أخرجه مسلم (٨ / ١) من حديث عمر بن الخطاب.]].
﴿عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ الصالحات هذه صفة لموصوف محذوفٍ، والتقدير: الأعمال الصالحات، فما ضابط العمل الصالح؟ ضابط العمل الصالح أن يكون خالصًا لله موافقًا لشريعة الله، هذا يقع في أمَّة محمَّد عليه الصلاة والسلام. لكن هل يقع في الأمم السابقة؟ الجواب: نعم، حين كانت شرائعهم قائمة يقع منهم الإيمان والعمل الصالح، إذن العمل الصالح ضابطه أن يكون خالصًا لله مُوافقًا لشريعة الله.
فقولنا: (أن يكون خالصًا لله) احترازًا من العمل الذي يقع فيه الشرك، فليس بصالح وإن قلَّ الشرك؛ لقوله تعالى في الحديث القدسي: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِيَ غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»[[أخرجه مسلم (٢٩٨٥ / ٤٦) من حديث أبي هريرة.]].
و(على وفق الشريعة) أن يكون خاليًا من البدعة، فإن كان فيه بدعة لم يكن صالحًا حتى لو كانت أجزاء هذه البدعة عملًا صالحًا، فإنها إذا كانت بدعة لا تكون عملًا صالحًا؛ يعني لو أن أحدًا أحدث أذكارًا من القرآن أو من السنة لكن على صفة لم تأتِ بها الشريعة، فإنها ليست عملًا صالحًا، ولا يكون العمل صالحًا إلا إذا وافق الشريعة في أمور ستة: السبب، والقدر، والكيفية، والنوع، والزمان، والمكان.
(السبب) بأن يكون هذا العمل مشروعًا لسبب معين، فلو أن إنسانًا أحدثه لسبب آخر لم يُقْبَلْ منه ولم يكن صالحًا.
مثال ذلك: نرى بعض الناس إذا قُدِّمَ إليه الطِّيبُ يقول: اللهم صلِّ على محمد. هذا ليس عملًا صالحًا.
إذا قال قائل: كيف تقول: ليس عملًا صالحًا وهو صلاة على الرسول؟
قلنا: لأنه ليس من هدي الرسول ﷺ أنه كلما تطيب صلى على النبي ولا أمر أمته بذلك، إذن فأنت الآن أثبت سببًا غير شرعي.
ومن ذلك أن بعض الناس إذا تجشَّأ قال: الحمد لله، (تجشأ) ويش معناها؟ خروج الريح من فوق، التجشؤ هو هذا، بعض الناس يقول: الحمد لله، نقول: من قال لك: إنه يشرع عند التجشؤ أن تحمد الله؟ إذن عملك غير صالح؛ لأنه غير مطابق للشريعة، ونقول: يلزم على قولك: أنك إذا فسوت تحمد الله، ولا دليل على هذا.
﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ (يستجيب) بمعنى يُجيب. ما هو الشاهد لكون (يستجيب) بمعنى يُجيب؟ قوله تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾.
على هذا المعنى ماذا يكون إعراب ﴿الَّذِينَ﴾؟ مفعول به مبنيٌّ على الياء في محل نصب.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ هذه جملة مستأنفة، لما ذكر ما يحصل للذين آمنوا وعملوا الصالحات ذكر ما يحصل لضدهم؛ لأن القرآن الكريم مثانٍ تُثَنَّى فيه المعاني؛ فتذكر فيه الجنة ثم يذكر النار، والثواب ثم العقاب، والمؤمن ثم الكافر، وهلم جرًّا.
﴿وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ الكافر في الأصل الجاحد، مأخوذ من الكُفُرَّى، وهي وعاء طلع النخل، ولكنه يُطْلَقُ على كل من كفر بالله تعالى بجحدٍ أو غيره، سواء كان بجحد؛ مثل أن يجحد الرسالة أو القرآن، أو كان باستكبارٍ عن دين الله؛ مثل أن يدَعَ الصلاة التي تركها كفر.
وقوله: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ مبتدأ وخبر، خبر المبتدأ الأول الذي هو (الكافرون)، وأتت العبارة بهذا الوجه للتأكيد على عذابهم والعياذ بالله، وإلا لكان يكفي أن يقال: وللكافرين عذاب مهين، أو ما أشبه ذلك، لكن الله تعالى قال: ﴿وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ الشديد القوي، وإذا أردت أن تعرف هذا فاقرأ ما في القرآن والسنة من عذاب أهل النار.
نقول: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾؛ أي: يعطيهم من فضله زيادةً على ما عملوا، فالحسنة بعشر أمثالها، إلى سبع مئة ضعف، إلى أضعاف كثيرة.
قوله: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أي: عملوا الأعمال الصالحات، ولا يكون العمل صالحا إلا بموافقة الشريعة؛ بالإخلاص لله أولًا، ثم موافقة الشريعة ثانيًا، ولا تتحقق الموافقة إلا إذا طابق العمل الشريعة في أمور ستة:
الأول: السبب.
والثاني: الجنس، بأن يكون من جنس ما جاءت به الشريعة، فإن خرج عن ذلك لم يكن عملا صالحا.
مثاله: لو أن أحدًا ضحَّى بفرس، فالفرس أغلى من الشاة غالبًا، فإن الأضحية لا تُقْبَل. لماذا؟ لأنه ليس من جنس المشروع التضحية به؛ إذ إن التضحية لا تكون إلا من بهيمة الأنعام؛ الإبل والبقر والغنم، كما قال تعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج ٢٨].
الثالث: أن يكون مطابقًا للشريعة في قدْرِه، فلا يزيد على ما جاءت به الشريعة. ولهذا لو أن إنسانًا زاد في الصلاة ركعة لم يكن عملًا صالحًا حتى وإن كانت الركعة في الأصل مشروعة لكنها في هذا الحال ليست مشروعة.
فإن قال قائل: ماذا تقولون: لو أن الإنسان زاد في صلاة الليل على إحدى عشرة ركعة، هل تكون الزيادة عملًا صالحًا؟ إذا قلتم: نعم أشكل علينا أننا قلنا: لا بد أن تطابق الشريعة في قدرها أعني العبادة، ومعلوم «أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة»[[متفق عليه؛ البخاري (١١٤٧)، ومسلم (٧٣٨ / ١٢٥) من حديث عائشة.]]، وربما صلى ثلاث عشرة ركعة؟
الجواب: أن صلاة الليل لم يَرِدْ فيها تحديدٌ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن قال: لا تزيدوا على كذا، بل صلى هو إحدى عشرة ركعة، وقال للذي سأله عن صلاة الليل قال له: «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَصَلِّ رَكْعَةً تُوْتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٧٢)، ومسلم (٧٤٩ / ١٤٥) من حديث ابن عمر.]]، فقوله: «مَثْنَى مَثْنَى» بدون تحديد يدل على أن صلاة الليل لا حدَّ لها، صَلِّ ما شئت من الركعات.
الأمر الرابع: أن تكون موافقةً للشريعة في الزمان، فإن خالفت الشريعة في الزمان فإنها لا تُقْبَلُ.
مثال ذلك: رجل ضحَّى وذبح أضحيته قبل صلاة العيد فلا تصح هذه الأضحية، ولهذا قال النبي ﷺ للذي أخبره أنه ذبح قبل أن يصلِّيَ قال له: «شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ»[[أخرجه البخاري (٩٥٥) من حديث البراء بن عازب.]].
الخامس: أن تكون موافقةً للشريعة في المكان؛ يعني أنه إذا خص الشارع العبادة بمكان معين فإن صلاتها في غير هذا المكان لا تُقْبَل، فالوقوف بعرفة، لو أن إنسانًا وقف في مزدلفة بدل الوقوف بعرفة فإن ذلك لا يصح. لماذا؟ لأنه وقف في غير المكان الذي حُدِّدَ، ولو اعتكف الإنسان في بيته لم يصحَّ الاعتكاف؛ لأن الاعتكاف مخصوص بالمساجد.
السادس: أن تكون مطابقةً للشريعة في هيئتها؛ يعني الكيفية، فلو توضأ الإنسان وغسل يديه قبل وجهه فالوضوء لا يصح. لماذا؟ لأنه مخالف للشريعة في الهيئة؛ إذ إن الله يقول: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ﴾ [المائدة ٦]، ولو صلى الإنسان فسجد قبل أن يركع ثم قام وركع لم تصح الصلاة؛ لعدم موافقة الشريعة في الهيئة.
هذه ستة أشياء لا يمكن أن تكون العبادة مطابقةً للشريعة إلا إذا تحققت هذه الأشياء الستة.
* من فوائد الآية الكريمة: فضيلة الإيمان والعمل الصالح وأنه سبب لإجابة الله تعالى.
* ومن الفوائد: أن الله تعالى يعطي المؤمنين العاملين الصالحات أكثر مما عملوا؛ لقوله: ﴿وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾. وهذه الزيادة بيَّنها الله تعالى في مواضع أخرى من كتابه؛ فقال: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام ١٦٠]، وقال: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة ٢٦١]، وربما يقال أيضًا بزيادة أخرى غير العدد، وهي أنه يزيدهم من الإيمان والعمل الصالح؛ لأنه كلما عمل الإنسان عملًا صالحًا ازداد يقينه، ولهذا كان قول أهل السنة والجماعة أن الأعمال داخلة في الإيمان.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن كل ما ينال الإنسان من خير فبفضل الله، وعلى هذا يجب على الإنسان أن يقطع عن نفسه الإعجاب، ويجب عليه ألَّا يقول: هذا من عندي، أو أنا جدير به، أو ما أشبه ذلك من الكلمات التي يفخر بها على الله عز وجل.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: التحذير من الكفر؛ لقوله تعالى: ﴿وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾، لأنه ليس المراد من هذه الجملة الإخبار بشدة العذاب للكافرين، ولكن المراد بيان هذا والتحذير من الكفر خوفًا من العذاب الشديد.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله تعالى ينذر الناس عن المعاصي والكفر بذكر العقاب، أخذ العلماء من هذا أنه إذا ذكر الله تعالى عقابًا في عمل من الأعمال دَلَّ ذلك على تحريمه، وإذا ذكر ثوابًا في عمل من الأعمال دَلَّ ذلك على مشروعيته.
* طالب: شيخ أثابك الله، قلنا: إن قوله: ﴿عَنْ عِبَادِهِ﴾ [الشورى ٢٥] أن القبول هنا متضمن معنى العفو (...) تكرار في الآية؟
* الشيخ: لا، هو فيه تكرار لكن توكيد معنوي.
* طالب: شيخ، مرَّ معنا من قواعد التفسير أن حمل المعنى على التأسيس أولى من حمله على التوكيد..
* الشيخ: ما لم يكن هناك دليل؛ يعني إذا تعارض هذا وهذا نحمله على التأسيس لا شك، لكن المعنى لم يتعارض.
* طالب: تقرر معنا شروط التوبة خمسة، وكذلك ذكرنا من الشروط إذا تعلقت المعصية أو الذنب بحق آدمي بإرجاع الحق أو الاستحلال، ولم نذكر ذلك في الخمسة شروط، هل هو مدرج مع واحدة منها؟
* الشيخ: ما تقولون؟ يقول: لم نذكر أنه إذا كان الحق للآدمي فلا بد من استحلاله أو رده.
* طالب: داخلة -يا شيخ- في الإقلاع.
* الشيخ: أسمعت، لا، داخلة ما فيها إشكال.
* طالب: إذا تجشأ الإنسان فقال: الحمد لله بسبب أن الكفار يضحكوا وأنت تتجشأ؟
* الشيخ: من اللي يضحك؟
* طالب: الكفار عيب عندهم؟
* الشيخ: حتى عند بعض المسلمين عيب، ولهذا قال الفقهاء: يكره للإنسان أن يرفع إلى السماء وجهه إلا إذا تجشأ في الصلاة فليرفع؛ لئلا يؤذي من حوله بالرائحة، ولا يفهم الناس ما ذكرت أبدًا، العجوز أو الشيخ الكبير إذا تجشأ وقال: الحمد لله، هل يخطر بباله أنه علشان اللي يضحكون؟ لا، أبدًا، هذه علة عليلة ومريضة مرضًا لا يُرجى بُرؤه.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، هذا سبب ما هو بصحيح، ليس بصحيح دائمًا، الصحيح أنه مثلا لو أن الإنسان وجد ضيقًا في نفسه ورأى نفسه محتاجًا للتجشؤ، هذا يحمد الله، ما هو علشان التجشؤ، علشان زوال الأذية، هذه لسبب.
* طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، (...)؟
* الشيخ: يجب عاد أن نعرف أن التأويل يراد به التفسير فيدخل فيه التضمين، وهذا هو الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام لابن عباس: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ»[[أخرجه البخاري (١٤٣) وأحمد (٢٣٩٧) واللفظ له، من حديث ابن عباس.]]؛ يعني التفسير.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: لا، هذا ما يسمى تأويلًا، هذا يسمى تحريفًا، ولا يجوز أن نسميه تأويلًا، وإن سموه هم تأويلًا لكن هم يقولون: تأويل؛ علشان ألَّا ينفر الناس من صنيعهم، لو قالوا: أهل التحريف والسلف يقبلهم أحد أو لا يقبلهم؟ لا يقبلهم، فجاؤوا بالتأويل تلطيفًا، ولهذا نظائر؛ النصارى سموا في الأخير أنفسهم مسيحيون ليضفوا على ملتهم المنسوخة أنها شرعية وأنهم أتباع المسيح، والمسيح عليه الصلاة والسلام أبرأ الناس منهم ولو خرج لقاتلهم، وهم كاذبون على المسيح فيما يدَّعون، لكن سموا أنفسهم بالمسيحيين علشان يضفوا على أنفسهم الشرعية.
ونظير ذلك أيضًا الرافضة يرفضون اسم الرافضة ويغضبون عليك، فسموا أنفسهم شيعة، ومن أحق أن يكون شيعيًّا؟ أهل السنة؛ لأنهم هم الذين يحبُّون أهل البيت محبةً سُنية شرعية، أما هؤلاء الرافضة فإنهم يحبون آل البيت محبة شركية، أهل البيت يتبرؤون منهم بلا شك، ولهذا لما قال عبد الله بن سبأ وجماعته لعلي بن أبي طالب: أنت الله حقًّا، تبرَّأ منهم وأمر بالأخاديد فخدت ومُلِئت حطبًا، وألقاهم في النار، حرَّقهم من شدة ما أصابه منهم.
إذن هل يقال لهؤلاء الذين غلوا في آل البيت حتى أنزلوهم فوق منزلتهم، هل يقال: إنهم شيعة لآل البيت؟ أبدًا والله، هم أعدى عدوٍّ لآل البيت؛ لأنهم أنزلوهم فوق منزلتهم، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَا أُحِبُّ أَنْ تُنْزِلُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ»[[أخرجه أحمد (١٢٥٥١) من حديث أنس بن مالك.]]، وآل البيت مثل النبي عليه الصلاة والسلام لا يحبون أن يُنَزَّلُوا فوق منزلتهم التي أنزلهم الله، أبدًا، أفهمت الآن؟
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، إن دل عليه الدليل فهو تأويل، وإن لم يدل عليه الدليل فهو تحريف، هذا هو الضابط.
* طالب: من قتله كافر في غير الحروب، هل يضمن إذا أسلم؟
* الشيخ: أصلًا الكافر حربي ما لم يكن بيننا وبينه عهد، فلنا أن نقتله وله أن يقتلنا؛ يعني (له) بمعنى أنه لو قتلنا لم يضمن، وإلا حرام عليه أن يقتلنا، وحرام عليَّ أن أكفر، ولهذا كان القول الراجح أن الكفار مُخاطَبون بفروع الشريعة كما أنهم مُخاطَبون بالتوحيد، بل أقول: إن الكافر آثمٌ حتى في المباح، الآن الكافر يأكل ويشرب، وآمن ويلبس، وكل شيء كل نعمة فإنه معاقب عليها زيادة على عقوبة الكفر، ﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران ١٩٦، ١٩٧]، وإذا سئل أصحاب النار ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾ [المدثر ٤٢ - ٤٧]، إذن فهم آثمون، وقال عز وجل: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [المائدة ٩٣]، وغيرهم عليهم جناح، وقال عز وجل: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف ٣٢] للذين آمنوا، وغير الذين آمنوا ليست لهم ولا خالصة لهم يوم القيامة، انتبهوا يا إخواني، الكافر عدو الله، ولو ساوت الدنيا جناح بعوضة عند الله ما سقى منها كافرًا شربة ماء، فهم إذا أكلوا أو شربوا أو أمنوا أو صحوا أو أي نعمة تصيبهم فإنهم معاقبون عليها.
{"ayah":"وَیَسۡتَجِیبُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَیَزِیدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۚ وَٱلۡكَـٰفِرُونَ لَهُمۡ عَذَابࣱ شَدِیدࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











