الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ يعني فلست غريبًا عليكم، لماذا تكفرون بي وأنا بشر مثلكم؟ لست جنِّيًّا فتنفروا منه ولا ملكًا فتنفروا منه، وإنما أنا بشر مثلكم، والبشَر هم بنو آدم، وسُمُّوا بشرًا؛ لظهور بشرتهم حيث بدَتْ أجسامهم عارِيَة غير مكسُوَّة، وهذا من نعمة الله عز وجل علينا ومن رحمته، جعل الله الإنسان عاريًا إلَّا بكسوة حتى يتذَكَّر أنه عارٍ من الإيمان إلا بكسوة، ما هي كسوة الإيمان؟ التقوى؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف ٢٦] فالله جعلَنا نفتقِر إلى السَّتْر الحسي حتى نعلَمَ أننا مفتقرون أيضًا إلى الستر المعنوي، فأنت عارٍ من الإيمان إلا بلِباس التقوى.
إذن البشر مَنْ؟ بنو آدم، سُمُّوا بذلك لظُهور بَشَرِهم عارِية لا غِطَاءَ عليها بخلاف الحيوانات الأخرى فإنها مُغَطاة إما بالوبر أو بالصوف أو بالشعر أو بالريش أو بغير ذلك، يقول: ﴿إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ﴾ ﴿مِثْلُكُمْ﴾ هذه توكيد لمعنى البشرية وإلَّا لو اقتصر على ﴿إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ﴾ لكان مقتضى ذلك أن يكون مثلنا ولَّا مخالف؟ لكنه أكَّد هذا المعنى بقوله: ﴿مِثْلُكُمْ﴾ لكنَّه يمتاز ﴿يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ إلى آخره. هذا هو الميزة والفرق أن محمدًا ﷺ بشرٌ يُوحى إليه.
و﴿يُوحَى﴾ الموحِي هو الله؛ لقول الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ [الشورى ٧]، فالموحِي هو الله، وحُذِف للعلم به، وربما يُقال: حُذِف للعلم به وللتعميم؛ لأنَّ الله تعالى قد يُوحي إلى نبيه محمد ﷺ بواسطة جبريل، وقد يُوحي إليه بدون واسطة، والإيحاء هو الإعلام بسرعة وخفاء، هذا الإيحاء، الإعلام بسرعة وخفاء يسمى إيحاءً؛ ولذلك إذا كان إلى جنبِك واحد وأردت أن تسأله والدرس مُكْتَظٌّ بالطلبة، وخِفْت أن يُسمع إليك، تقول: ويش، سمعتم الآن ولَّا لا؟ بخُفْية وسرعة لئلا يُتَفَطَّن لك، فكل إعلام بسرعة وخفية يسمى وحيًا، وإنما كان كذلك؛ لأنَّ النبيَّ ﷺ يُوحَى إليه وعنده الناس جالسون لا يدرون ماذا قال الرسول.
﴿يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ هذه الجملة في محل رفع نائب فاعل؛ أي: يُوحَى إليَّ هذا الخبَر ﴿أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾. و﴿أَنَّمَا﴾ أداة حصر، فعلى هذا تكون الجملة متضمنة لنفي وإثبات؛ لأنَّ الحصر هو إثبات الحكم في المذكور ونفيُه عما سواه.
والآن نتعرَّض لطرق الحصر أو لِبعضها:
مِن طرق الحصر: (إنما) أو (أنما) هي واحدة.
والثاني: النفي والإثبات مثل (لا قائم إلا محمد).
والثالث: تقديم ما حقُّه التأخير مثل: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [البقرة ٢٨٤].
والرابع: دخولُ ضمير الفصل، مثل أن تقول: زيدٌ هو الفاضِل. فإنَّ ضمير الفصل يفيد الحصر. هذه أربعة طرق وهي الأكثر دورانًا.
﴿فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ (استقيموا إليه) أي: اقصدوا؛ ولهذا لم يقل: استقيموا له، بل قال: ﴿إِلَيْهِ﴾ فضمَّن (استقيموا) معنى اقصدوا إليه، فتكون أبلَغ مِن (استقيموا له)؛ لأنَّ المستقيم للشيء قد يستقيم له وهو في مكانه دون أن يسعى إليه، أمَّا إذا قيل: استقيموا إليه فتفيد السعي إلى الله عز وجل وقصْدَه؛ فلهذا عُدِّيَت بـ(إلى)، فهل هنا نابَ حرف عن حرف، أو إنَّ الحرف على معناه ولكن ضُمِّن الفعل ما يناسب الحرف؟
فيها قولان: قول أنَّ الاستعارة في الحرْف، وقول أنَّ الاستعارة في المتعلَّق؛ عربي أو عجمي، كلامي الآن؟ عربي ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ [الإنسان ٦] ﴿يَشْرَبُ بِهَا﴾ هل العين يشرَب بها الإنسان؟ هل يشرب بها؟ يعني هل النهر تأخذه مثلًا بيدك كذا وترفعه إلى فمك كما يكون إناء؟ تقول: شربت بالإنَاء، واضح ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ العين تشال باليد ويُشرب بها؟! لا، إذن ماذا نقول؟
في هذا رأيان للعلماء:
أحدُهما: أن الاستعارة في الحرف يعني أنَّ (الباء) بمعنى (مِن) يشرَب مِنها عبادُ الله، والعين يُشرَب منها ولَّا لا؟ يُشرب منها باليد ولَّا بإناء ولَّا بأي وسيلة.
القول الثاني: أن الاستعارة في الفعل؛ أي أنَّ (يشرب) ضُمِّنَ فعلًا يناسب الباء، فما الذي يناسب الباء هنا؟ (يَرْوَى)، يَرْوَى بها عباد الله؛ يعني أنَّها عين تُروِي، فأيُّهما أحسن؟ أيُّهما أحسن؟ ما أقول أيهما أسهل؟
* طالب: الثاني.
* الشيخ: عدلت عن رأيك ولَّا إلى الآن؟ ما فيها تصويت الآن حسب ما ترى، أمَّا إذا قلنا: إنَّ الباء بمعنى (مِن) فهي سهلة؛ لأنك تقدر أي حرف مناسب وينتهي الموضوع، لكن إذا قلنا: إن الباء على بابها، وأن الفعل ضُمِّن معنى يتناسب معها فحينئذٍ قد يصعب على الإنسان أن يُقدِّر الفعل المناسب لكن نقول: إن تضمِين الفعل معنًى مناسبًا للحرف أولى.
أُبَيِّن لكم ذلك، إذا قلنا: ﴿يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ إن الباء بمعنى (مِن)، فهل استفدنا فائدة لِاستعارة الباء بدل (مِن) استفدنا ولَّا لا؟ ما استفدنا، إذن إتيانه بهذا الحرف يُوجِب بعض الإشكال فنكون قد تضرَّرنا فضلًا عن كونِنا لم نستفِد؛ لأنَّ كونَك تضعُ حرفًا بدل حرف بدون مُوجِب، هذا يُوجب التشويش والإيهام، لكن إذا ضمَّنَّا الفعل معنى يتناسب مع الحرف ازددْنا فائدة فإنَّ قولك إنَّ التقدير: يروى بها. يتضمن الشُّرْب الذي ذُكِر ويتضَمن الرِّيَّ، فاستفدنا فائدة، وهذا الرأي -أعني أنَّ الفعل يُضَمَّن معنى يناسب الحرف- هو الذي ذهب إليه البصريون، وأظنُّه اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ لهذه الفائدة التي ذكرْنا.
أنا أرجو دائمًا من الطلاب أن يفهموا الفروق الدقيقة هذه؛ لأنَّ هذه تشحَذُ الذهن من وجه، وتفتَح آفاقًا بعيدة لفهم المعاني وزيادة الاستفادة، انتبهوا لها.
* طالب: الحرف لو قلنا: إنه بمعنى الحرف الآخر لم نستفد شيئًا، بينما قلنا في غير هذا الموضع في بعض الآيات مثل قوله تعالى: ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ [طه ٧١] قلنا: إنها بمعنى (على) وما ضمَّنَّا الفعل معنًى آخر.
* الشيخ: لا، هذا ضروري إن (في) بمعنى (على) لكن مع ذلك فيها فائدة أنها جاءت (في) بمعنى (على)، ولا أدرى هل نبهتكم عليها أم لا؟ قلنا: إذا قال: (لأُصَلبنكُم على جذوع النخل) بـ(على) لكان التصليب قد يكون تصلِيبًا مع رخاوة الحبل لكن ﴿فِي جُذُوعِ﴾ كأنَّه شدَّه شدًّا قويًّا حتى كأنَّ هؤلاء المصلوبين داخلِون فيه فنستفيد فائدة.
* طالب: السؤال ما هو بالدرس.
* الشيخ: ما هو بالدرس؟
* طالب: في النحو. كيف التوسع في النحو (...)؟
* الشيخ: النحو في الحقيقة ما هو صعب إلَّا على إنسان يتصَوَّر أنه صعب، وإلَّا فهو مِن أسهل العلوم، لكن إن كان أنك تبغي تدخل النحو وأنت تعتقد أنه صعب ثِقْ أنك سيُغْلَق عليك، عرَفت؟ ولهذا يُقال: إنَّه قصرٌ مِن قصب بابُه حديد، اكسر الباب هذا وما يبقى أمامك شيء، فأنت لا تصَعِّب، إذا قلت لك: قام زيدٌ، ويش تقول زيد؟ فاعل، وإذا قلت: ضُرِبَ زيدٌ؟
* طالب: مفعول.
* الشيخ: لا، ما هي مفعول به، ضُرِب زيدٌ؟ إي: هو مفعول به لغةً صحيح، مضروب، لكن اصطلاحًا نقول: نائب فاعل ليش؟ لأنَّ الفاعل رُكْن في الجملة، فإما أن يُوجد هو وإما أن يوجد نائبُه، عرفت؟ المهم إن شاء الله أنه سهل، وإن شاء الله نركز عليكم مِن جهة النحو الآن.
* طالب: ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ قلنا: إنَّ البشارة خاصة، وأن النذارة تكون إما عامة ومرات تكون خاصة فهل يجوز أن تكون البشارة كذلك عامة؟
* الشيخ: لا.
* الطالب: لأنه بشر الله عز وجل الكفار بالعذاب.
* الشيخ: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [آل عمران ٢١] هذا قالوا: إنه مِن باب التهكم بهم، مثل ما تقول لإنسان تهكم به: أبشر بالسوط بظهرك. تهَكُّمًا به.
* طالب: أحسن الله إليك، هنا قال الله تعالى: ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ في آية أخرى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ [الزمر ٢٣] والجمع بين هذه الآيات؟
* الشيخ: لا تعارض؛ لأن قوله: ﴿مَثَانِيَ﴾ بمعنى: ﴿فُصِّلَتْ﴾ حيث إن معناها تُثَنَّى فيه المعاني، فيُذكر الخير ثم الشر، أهل الخير وأهل الشر، الجنة والنار، وما أشبه ذلك.
* طالب: هذا هو المراد (...).
* الشيخ: هذا هو المراد بقوله: ﴿مَثَانِيَ﴾، لا، أما المراد بقوله: ﴿مُتَشَابِهًا﴾ فمعناه أنه يُشبه بعضُه بعضًا في الكمال والحُسن والجودة. وكنت أظن أنَّك تقول: ما الجمع بين ثناء الله على القرآن بأنَّه متشابه وبين قوله تعالى: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾ [آل عمران ٧] فالجمع بينهما أنه متشابه في الحسن يُشبِه بعضُه بعضًا، وأمَّا محكمات ومتشابهات، فالمحكمات ما اتَّضح معناها والمتشابهات ما خفِيَ معناها.
* * *
* الطالب: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٨) قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ [فصلت ٦- ١٣].
* الشيخ: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. تقدَّم لنا في قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾ [فصلت ٥] إلى آخره، وذكرنا أنَّ المدارِك تكون.
* طالب: الإدراك بالقلب، والإدراك بالسمع، والإدراك بالبصر.
* الشيخ: هل تضمَّنَت الآية هذه انسداد هذه المدارك عندهم؟
* الطالب: نعم، تضمنته الآية.
* الشيخ: كيف؟
* طالب: قوله: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾، هذا انسداد إدراك القلب، (...) والإدراك الثاني بالسمع ﴿وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ﴾، والإدراك الثالث بالبصر ﴿وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾.
* الشيخ: أحسنت، ما الفرق بين التعبيرين ﴿وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾ أو ﴿بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾؟
* طالب: ﴿وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾، هو أشد من أن يكون أو..
* الشيخ: أشد مِن (وبيننا وبينك حجاب) كيف ذلك؟
* طالب: لأن من بيننا وبينك حجاب يشتد الحجاب بينهما كلما هم ابتعدوا عنه.
* الشيخ: يعني يكون الحجاب هذا ممتَدًّا منهم إلى الرسول، ولو بعدت المسافة وعلى الثاني؟
* طالب: وعلى الثاني يكون الحجاب بينهم دون أن يمتد منهم إلى الرسول.
* الشيخ: يكون الحجاب بأدنى شيء ولو بعدت المسافة بينهما.
قوله: ﴿فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ المقصود بها أيش؟
* طالب: التحدي.
* الشيخ: التحدي كأنَّنا نقول: لا نبالي بك، اعمل وسنَعمل، كذا؟
ما هو الذي قرَّر النبي ﷺ بالنسبة لهؤلاء في تكذيبِهم؟ يعني هل أنَّهم من جنس آخر أم ماذا؟ الذي قرَّر الرسول عليه الصلاة والسلام بالنسبة لتكذيب هؤلاء هل قال: إنَّه من جنس آخر كالملائكة والجن أو ماذا؟
* طالب: هم استنكروا أن يكون بشرًا مثلهم يدعوهم.
* الشيخ: لا.
* طالب: قرر أنه من جنسهم.
* الشيخ: قرَّر أنَّه مِن جنسهم بشر لكن يمتاز بأنَّه يُوحى إليه. ما الذي أُوحِي إلى الرسول ﷺ؟
* طالب: التوحيد ﴿أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾.
* الشيخ: إي، يعني التوحيد؟ هل هذا ما جاءت به الرسل كلُّهم؟
* الطالب: إي نعم، لا شك.
* الشيخ: الدليل على أنه لكل الرسل الدعوة للتوحيد؟
* الطالب: بينه قوله تعالى في سورة النحل: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء ٢٥].
* الشيخ: هذه في سورة النحل؟!
* الطالب: لا، في سورة، ما في سورة النحل، لكن في سورة النحل آية نسيت الآية.
* الشيخ: ما هو بلازم تُعَيِّن الآية في أي مكان، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾، والذي تريدُه في سورة النحل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل ٣٦].
قال الله تبارك وتعالى: ﴿أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ﴾ [فصلت ٦] ﴿فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ﴾ الظاهر أنها مِن تتمَّة قول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي أُمِر أن يقولَه، ومعنى (استقيموا إليه) أي استقيموا على دينِه قاصدين إليه، فهي تُفِيد الإخلاص في العمل.
﴿وَاسْتَغْفِرُوهُ﴾ اطلبوا منه المغفرة، والمغفرة تتضَمَّن شيئين: ستْر الذنب والعفوَ عنه؛ لأنها مأخوذة من (الْمِغْفَر) وهو ما يلبسه المقاتل على رأسه يتَّقِي به السلاح، والْمِغفَر مُتضَمِّنٌ للوقاية والسَّتْر، وعلى هذا فكلما طلبْتَ المغفرة استحْضِر أنَّك تريدُ مِن الله عز وجل أن يتجاوَز عنك فلا يعاقِبَك وأن يستُرَ ذنبك.
(استغفروه) أي: اطلبوا منه المغفرة وهي ستر الذنب والتجاوز عنه.
(﴿وَوَيْلٌ﴾ كلمة عذاب) يقول المفسر ﴿لِلْمُشْرِكِينَ﴾ (ويل) هذه مبتدأ وسوَّغ الابتداء بها وهي نكرة أنَّها للتهديد، فهي كلمة وعيد وتهديد، وقيل: إنها وادٍ في جهنم ولكنَّ الأصح الأول أنها كلمة تهديد ووعيد لكل مَن خالف.
﴿لِلْمُشْرِكِينَ﴾ أي: المشركين بالله عز وجل سواءٌ كان إشراكهم في العبودية، أو في الألوهية، أو في الأسماء والصفات، فمَن ادَّعى أنَّ مع الله خالقًا، أو مُعينًا، أو مستقِلًّا بخلق بعض الأشياء فهو مُشرِك، ومَن عبدَ مع الله غيره أو راءى بعبادته غيرَه فهو مشرك، ومَن زعم أنَّ صفات الله عز وجل مماثلة لصفات المخلوقين فهو مشرك، واعلم أنَّ الشرك ينقسم إلى قسمين: أصغر وأكبر، ومِن وجه آخر إلى خَفِي وجَلِي، وكلُّ هذا معلومٌ في كتب التوحيد والعقائد.
﴿الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ [فصلت ٧]. هذه صفة للمشركين ﴿الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ﴾ أي لا يعطون الزكاة، والزكاة هنا يحتمل أن تكون زكاةَ النفس، ويحتمل أن تكون زكاة المال، فإن كانت زكاة المال ففيه إشكال؛ لأن ظاهرها يقتضي أنَّ الكفار يلزمُهم إخراج الزكاة، ومعلومٌ أن إخراج الزكاة لا يُطالَب به العبد حتى يُسْلِم؛ لقول النبي ﷺ لمعاذ: «إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ تَوْحِيدُ اللَّهِ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الصَّلَاةِ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الزَّكَاةِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٣٩٥)، ومسلم (١٩ / ٣١) من حديث ابن عباس.]].
وهذا يدُلُّ على أن الزكاة لا يُخاطَب بها الإنسان -أي بأدائها- إلا بعد أن يُسلِم، أمَّا إذا قلنا: إن المراد بالزكاة زكاة النفس فإنه لا يرِد على هذا إشكال، لكن يرِد على هذا إشكالٌ مِن جهة اللفظ، وهي قوله: ﴿لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ فهل زكاةُ النفس شيءٌ يُعطَى؟ هذا محل نظر؛ ولذلك الآية فيها إشكال سواءٌ فسَّرْتها على هذا أو على هذا، وإذا كان فيها إشكال بين معنيين فإننا نطلب المرجِّح، والراجح أنَّ المراد بها زكاةُ النفس، والمعنى: لا يؤتون أنفسَهم زكاتَها وفي الحديث: «آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا»[[أخرجه مسلم (٢٧٢٢ / ٧٢) من حديث زيد بن أرقم.]].
فعلى هذا نُرجِّح أنَّ المراد بالزكاة زكاة النفس، ويكون المعنى: لا يُؤتون أنفسهم زكاتَها، بل يُهملونَها ويغفُلون عنها ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾، ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ﴾، ﴿بِالْآخِرَةِ﴾ جار ومجرور متعلق بـ﴿كَافِرُونَ﴾ و(هم) مبتدأ و﴿هُمْ﴾ الثانية يقول المفسِّر: (تأكيد) تأكيد لأيش؟ تأكيدٌ لفظي لـ(هم) الأولى، والتأكيد اللفظي هو أن تُعاد الكلمة بلفظها كما قال ابن مالك:
؎وَمَــا مِــنَ التَّـــــوْكِيدِ لَفْــظِيٌّ يَجِي ∗∗∗ مُكَرَّرًا كَقَوْلِكَ (ادْرُجِي ادْرُجِي)
﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ أي جاحِدون لها غير مؤمنين بها، يقولون: ﴿مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾ [الجاثية ٢٤] يعني يمُوت قومٌ ويحيا آخرون، وما يهلكنا إلا الدهر، ولا بعثَ ولا حساب.
* في هذه الآية فوائد، منها: وجوبُ إعلام النبي ﷺ أمَّتَه بأنَّه بشر مثلهم؛ لقوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ﴾.
* ومنها: آكَدِيَّة هذه الإعلام، حيث أُمِرَ النبي ﷺ أن يُبَلِّغَه على وجه خاص، وذلك أنَّ القرآن كله أُمِرَ الرسول عليه الصلاة والسلام أن يُبَلِّغَه ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة ٦٧] لكن في بعض الأحيان يَمُر بك آيات يُؤمر النبي ﷺ بتبليغِها بذاتِها فيكون هذا دليلًا على الاعتناء بها وأهميتها وهو كثير مثل قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ [النور ٣٠]، ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ [النور ٣١]، وما أشبَه ذلك، فيكون في هذا توصية خاصة بتبليغِه وهو دالٌّ على العناية به والاهتمام به، أنتم فاهمين هذا ولَّا لا؟ القرآن كله قد أُمر النبي ﷺ بتبليغه الدليل: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾.
في بعض الآيات يُؤمر النبي ﷺ بتبليغِها على وجه خاص فيُقال: قل كذا، وهذا يدل على العناية بها والاهتمام بها وأنها ذاتُ شأنٍ خاص، وهنا قال: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ أُمِرَ أن يُبلِّغ ويعلن بأنَّه بشرٌ مثلنا.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الرد على من قال: إنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خُلِق من نور؛ لقوله: ﴿إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾.
* ومن فوائدها: الرد على من قال: إنه نور، وإنَّه لا ظلَّ له يمشي في الشمس فلا يكون له ظِل، وجهُ ذلك: تحقيق البشرية بالمماثلة ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ فأيُّ أحاديث تأتي بمثل هذه الأمور التي تُوجب أن يخرج النبي ﷺ عن نطاقِ البشرية فإنها موضُوعَةٌ مكذوبة؛ لأنَّه بشر مثلنا.
* ومِن فوائدها: أنَّ النبي ﷺ يلحَقُه الحر والبرد، والجوع والعطش، والخوف والأمن، وغير ذلك من مقتَضَيَات البشرية؛ لعموم قوله: ﴿إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ شوف تحقيق البشرية بالمثلية حتى لا يقول قائل: إن هذا مجَاز، فأكَّدَ هذه البشرية بالمثلِيَّة.
* ومنها: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يعلم الغيب إلَّا ما أوحي إليه؛ لأننا نحن لا نعلم الغيب وهو بشر مثلنا.
* ومِن فوائدها: أنَّ النبي ﷺ لا يملِك لنفسِه نفعًا ولا ضرًّا ولا لغيرِه، وجهُ ذلك: أنه مثلنا، وإذا كنا نحن لا نملك لأنفسنا نفعًا ولا ضرًّا ولا لغيرِنا فكذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
* ومن فوائدها: أنَّ موتَ النبي ﷺ موتٌ حقيقي، وأنَّه بموته انقطَعَ عملُه إلا ما يأتيه مِن ثوابِ أجور أمَّتِه؛ لقوله: ﴿إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ والمماثلة تقتَضي المساواة مِن كل وجْه إلا ما خَصَّه الدليل، وبه ينقطع أمل كل مَن طلَب مِن الرسول ﷺ أن يشفَع له، فيقِف عند قبره ويقول: يا رسول الله، اشفع لي. فإن هذا لا يجوز؛ لأنَّه اعتداء في الدعاء حيث يطلبُ الإنسان ما ليس له، ولا يمكن الرسول أن يفعله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأنَّه مات، وإذا مات ابن آدم انقطَعَ عمله لا بالدعاء ولا غيره.
* ومن فوائد هذه الآية: أن النبي ﷺ قد ينسى؛ لأن هذا مقتضَى البشرية، وكما حقَّق ذلك في قوله: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٠١)، ومسلم (٥٧٢ / ٨٩) من حديث ابن مسعود.]].
* ومِن فوائدها: أنَّ النبي ﷺ يجتهد، وربما يُخطِئُ في اجتهاده؛ لأنَّ هذا مقْتضى البشرية، وكما هو الواقع في مثل قول الله تعالى: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ [التوبة ٤٣]، وفي قوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (٤) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (٧) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (٨) وَهُوَ يَخْشَى (٩) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ [عبس ١ - ١٠].
ولكنَّه ﷺ يمتَاز عن غيره في أنَّه لا يُقَر على خطَأ ولو بالاجتهاد بخلاف غيره فقد لا يُذَكَّر، ولا يَذْكُر إذا نَسِي، وقد لا يُعَلَّم ولا يَعْلَم إذا جهل؛ يعني خطَؤُنا نحن قد نستَمِر عليه دون أن نُنَبَّه له أو أن ننْتَبِه لكن الرسول ﷺ لا يمكن أن يُقَر على خطأ، ولا يمكن أن يُقَر على نسيان ما يجِب بل لا بُد أن يَتنَبَّه أو يُنَبَّه.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات رسالة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتؤخذ من قوله: ﴿يُوحَى إِلَيَّ﴾؛ لأنَّ الوحي لا يكون إلا لنَبِي.
فإن قال قائل: كيف تقولون: إن الوحي لا يكونُ إلا لنبي وقد أوحى الله تعالى إلى غير الإنسان فقال تعالى: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا﴾ [النحل ٦٨]، وقال تعالى في غير الأنبياء: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ﴾؟
قلنا: هذا الإشكال لا يرد إلا على مَن لا يُفَرِّقُ بين معاني الوحي، فأما مَن فرَّق بينها وقال: إنَّ الوحي إمَّا أن يكون بشرع، وإمَّا أن يكون بغيره، فإن كان بشرع فهذا لا يكون إلا للرسل أو الأنبياء، وإن كان بغير شَرْع فإنه يكون مِن باب الإلهام فيكون قول الله تعالى: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ أي ألهمَها أن تتخذ من الجبال بيوتًا إلى آخره، وكذلك ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى﴾ يعني وحيَ إلهام، وبذلك يزولُ الإشكال.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أهمية التوحيد؛ حيث حصر الوحي بالتوحيد..
..حيث حصَر الوحي بالتوحيد ﴿يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ﴾ [فصلت ٦] مع أنه يُوحى إليه أشياء أخرى كالصلاة والزكاة وغير ذلك، لكن لَمَّا كان أَهَمَّ ما جاء به ﷺ التوحِيدُ حُصِر الوحي به ﴿أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾.
وإني أقول لكم: متى حقَّقَ الإنسان التوحيد فلا بدَّ أن يقوم بشرائع الإسلام، عرفتم؟ لأنه إذا وحَّدَ الله بالقصد وجعله هو حياتَه فلا بد أن يتَّجِهَ إليه وفيما يتجِهُ إليه؟ بالطريق الذي شرعَه مُوصِلًا إليه؛ ولهذا نقول: إن حديث عِتبان: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٢٥)، ومسلم (٣٣ / ٢٦٣) من حديث عِتبان بن مالك.]] هو على ظاهرِه، فمَن قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله فإنه يُحَرَّم على النار، ومقتَضَى تحريمه على النار ألَّا يعمَلَ كبيرة تُوجِب دخولَه النار أو تقتضي دخوله النار، كلُّ مَن قال: لا إله إلا الله يبتغي وجهَ الله فلن يعملَ ما يُغضِبُ الله، كيف ترِيد وجهَه ثم تعمل ما يغضِبُه؟ هل عمَلُ ما يغضِبُه يصدُّك عن الوصول إلى وجهه أو لا؟ نعم، يصُدُّك، إذا كان يصدُّك وأنت تبتغي وجهَه فلا بد أن تعدِل عنه إما بالانكفاف مطلقًا وإمَّا بالتوبة منه إن وقعْتَ فيه، انتبهوا لهذه النقطة؛ لأن بعض الناس يقول لنا: أنتم تكَفِّرُون تارك الصلاة، وقد قال النبي ﷺ: «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ» ولم يذكر الصلاة، قلنا له: بل ذكَرَ الصلاة وذكر ما دون الصلاة أيضًا، في أي شيء؟ في قوله: «يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ».
ونحن نقول: لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن يكون رجل يقول: لا إله إلا الله يبتغِي بذلك وجهَ الله أن يحافِظَ على ترك الصلاة أبدًا، مَن حاول أن يجمَعَ بين ذلك وبين ترك الصلاة فقد حاول أن يجمع بين الماء والنار، وهذا أمر ظاهِر، الآن ولله المثل الأعلى سأضرِب لكم مثلًا، لو كنت تريد أن تصِل إلى شخص من الناس وتسعى بكل وسيلة أن تصِلَ إليه هل تفعل ما يحُول بينكَ وبينَ الوصولِ إليه مِنْ معصيته؟ أبدًا، بل تنظُر ماذا يحِبّ فتفعلُه مِن أجل أن تصِل إليه، ومِن أجل أن يكون مُستقبِلًا لك بالترحيب.
أما أن تقول: والله أنا أحب فلانًا، أحبُّ أن أصِلَ إليه، وفلان يقول: لا تمشِ مع هذا الطريق فتقول: والله أنا أحِبُّ هذا الرجل، وهذا الطريق ما شاء الله ماشٍ معه، الطريق المخالف، هو يقول مثلًا: إذا أردت أن تأتي إليه إيتني مع الطريق الأيمن قلت: والله أنا أحِب فلانًا وأحب الوصولَ إليه، بسم الله، مع أي طريق؟ مع الطريق الأيسر وماشي مع الطريق الأيسر وأنت تقول: والله أنا أحب هذا وأعظِّمُه وهو أحبُّ إليَّ مِنْ نفسي هذا صدق ولَّا كذب؟ كذِب لا شك، إذن كلُّ مَن قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله فإنه سوف يتحَاشى المعاصيَ ولو صغيرة، ولهذا جاء حصرُ الوحي في هذه الآية بأيش؟ بالتوحيد ﴿يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [فصلت ٦] وهو الله عز وجل.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوبُ الإخلاص لله والاستقامة على دينه..
* طالب: الإخلاص من قوله تعالى: ﴿إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ والاستقامة ﴿فَاسْتَقِيمُوا﴾.
* الشيخ: لا.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، ﴿اسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ﴾؛ ﴿اسْتَقِيمُوا﴾: هذا العمل، و﴿إِلَيْهِ﴾: الإخلاص.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تهديد المشركين؛ لقوله: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [فصلت ٦]، وهذا النوع من التهديد يكون فيما هو شرك ويكون فيما هو دون ذلك فقد قال الله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ﴾ [المطففين ١، ٢] وهؤلاء ليسوا بمشركين؛ يعني أن عملَهم هذا لا يُوصِل إلى الشرك، وقال النبي ﷺ: «وَيْلٌ لِمَنْ حَدَّثَ فَكَذَبَ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ ثُمَّ وَيْلٌ لَهُ»[[أخرجه أبو داود (٤٩٩٠)، والترمذي (٢٣١٥) من حديث معاوية بن حيدة.]] وهذا أيضًا ليس من الشرك، وعلى هذا فلا يقال: إن كل وعيدٍ كان بهذه الكلمة يفِيد أن الفعل شرك بل قد يكون شركًا أو ما دونه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن التوحيد تزكِيَةٌ للنفس؛ لقوله: ﴿الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ [فصلت ٧]، ولا شكَّ أن التوحيد تزكية للنفس؛ لأنك تقطَعُ العلائق مع غير الله إلَّا فيما يُحِبُّ الله، الموَحِّد حقيقة قلبُه دائمًا مع الله عز وجل دائمًا يتقلَّب في قضائِه الكونيِّ راضيًا به كما يتقلَّب في قضائِه الشرعِي راضيًا به، ولهذا تجدُه إذا أصابَتْه سرَّاء شكر ولم يبطر، وإذا أصابته ضراء صبَر ولم يتسَخَّط، فهو دائمًا مع الله يقول لنفسه: أنا عبدُ الله يفعلُ بي ما شاء، أنا عبد الله إن أصابَني بالسراء شكرْتُ فكان خيرًا لي وإن أصابني بالضراء صبرت فكان خيرًا لي، أنا عبد الله لا يمكن أن أعارِضَ قضاءَ الله يقضِي علي اليوم بالسرور فأُسَرّ وغدًا بالسوء فأسْتَاء ويمشي مع الله مع قضائِه وقدرِه، وهذا هو الذي يجد الراحةَ تمامًا، ولهذا مِن ثمرات الإيمان بالقدر أن الإنسان يكون دائمًا مطمئِنًّا ليس فيه قلق ولا حزن، وإن كان ربما في الصدمة الأولى يجِد الإنسان الحزْن لكن بتصبيرِ نفسه ومشاهدَة القدر يسهُل عليه الأمر، وإلا فمن المعلوم أن الإنسان ليس حديدًا أو حجارَة لا يتأَثَّر لكنه عندما يُصَبِّر نفسه ويُحَمِّلُها يصبر فيطمئن، فالمهم أن التوحيد كله خير، وكله زكاة تزكية للنفس وتطهير لها.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن المشركين لا يؤمنون بالآخرة؛ ولهذا إذا قيل له: وحِّدِ الله تَنْجُ من عذابِه قال: ما فيه عذاب، يكفرون بالآخرة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الإيمان بالآخرة يدعو إلى التوحيد وتحقيقِه وهذا حقٌّ وواقع، كلُّ إنسان يؤمِن بأنه سوف يُحشَر يوم القيامة في أرض قاعٍ صَفْصَف لا يرى فيها عِوَجًا ولا أمْتًا وأنه سيُجازى على عملِه، كلُّ إنسان عاقل سوف يستعِدُّ لهذا اليوم؛ ولذلك ينبغي لنا مع كونِ قلوبِنا مع الله عز وجل أن نتذَكَّر الساعة وقيامَ الناس، وهل بين الإنسان وبين هذه الحال وقتٌ محدد معلوم؟
لا، أبدًا، يصِلُ إلى هذا إذا مات، ومتى يموت؟ لا يُعلَم قد يخرُج الإنسان من بيتِه ولا يرْجِع إليه، قد ينامُ على فراشه ويُحمَل ميِّتًا، قد يركب سيارته ولا ينزِل منها، فإذن تذَكَّرْ يا أخي عندما تستَولي على قلبك الغفْلة تذَكَّر هذا اليوم الذي تُحشَرُ فيه أنت وسائرُ الخلق حافِيًا عارِيًا أغْرَل، ليس عندك مال ولا بنون ولا أحد يحمِيك، تذَكَّر هذا فإذا تذَكَّرْتَه فسوف تعمَل لهذا اليوم.
إخوانُك أولادك آباؤك أمهاتك الذين فقدتهم في الحياة متى تجتمع بهم؟ في هذا اليوم، ما في اجتماع إلَّا في هذا اليوم؛ إذن استعد لهذا اليوم، اعمل صالحًا، لا يفوتُك الركب، كن في مقدمته واجعل الدنيا وراء ظهرك اجعلها تابعة لك ولا تجعل نفسك تابعًا لها حتى تنجوَ، فكل إنسان يؤمن بالآخرة فإنه إذا تذكرها سوف يعمل لها لقول الله: ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾ [الصافات ٦١] أسأَلُ الله تعالى أن يجعلني وإياكم من المتقين الذين يؤمنون بالآخرة ويعملون لها.
* طالب: شيخ -بارك الله فيك- قلنا: (...) النبي ﷺ (...)، وأنه لا يملك النفع والضر (...) بعض الناس يذهبون إلى قبر النبي ﷺ ويدعون الله هناك ويستدلون بقول الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء ٦٤] ويقولون: إن هذه الآية لا تجوز على الخصوصية، يقولون: ما ذنب الذين يذهبون من بعده أنه لا يستغفر لهم إذا أتوا النبي ﷺ.
* الشيخ: هذا -بارك الله فيك- داخِلٌ في قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾ [آل عمران ٧]، إن الذي قال له: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ [النساء ٦٤] يتحدَّث عن قومٍ معيَّنين بدليل قوله: ﴿إِذْ ظَلَمُوا﴾ و﴿إِذْ﴾ لِمَا مضى ولَّا للمستقبل؟ لِمَا مضى، ﴿جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ﴾ [النساء ٦٤] يعني: استغفرتَ لهم، لكن أظهر في مقام الإضمار تعظيمًا لشأن الرسول عليه الصلاة والسلام وبيانًا لأنه أقرَبُ منهم إجابة ﴿لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (٦٤) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء ٦٤، ٦٥] إلى آخرِه، ولم يقل: ولو أنهم إذا ظلموا أنفسهم، لو قال: إذا ظلموا قلنا: هذه لهم ولغيرهم، لكن قال: ﴿إِذْ ظَلَمُوا﴾، ثم إن استغفار الرسول عليه الصلاة والسلام بعد موتِه مستحيل؛ لأن الاستغفار عمل والعمل قد انقطع بموتِه، ثم إن هؤلاء ليسوا أفقه في كتاب الله وليسوا أعلم بحال رسول الله من الصحابة، هل أحد منهم جاء إلى قبر الرسول قال: يا رسول الله، استغفر لي؟ أبدًا، بل إنهم لما أُصِيبوا بالجدب لم يقولوا: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا مع أنهم إلى جنبه، بل هم استغاثوا ودعوا الله، وطلب عمر من العباس أن يدعو الله عز وجل، لكن لا بد لكلِّ ذي باطل لا بد أن يجِدَ شبهةً في الكتاب والسنة، وهذا من حكمة الله عز وجل وابتلائه وامتحانه، ولكن كما قال شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه درء تعارض العقل والنقل وفي فتاويه أيضًا يقول: كل إنسان يستدل بدليلٍ صحيح من كتاب أو سنة على باطل فإن هذا الدليل دليل على إبطال باطلِه لا على إثبات باطله؛ الدليل: قول الله تعالى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت ٤٢].
* طالب: شيخ، في تعريف النبي: مَنْ أوحي إليه ولم يؤمرْ بالتبليغ، إذا قال قائل: كيف يعني ونحن (...) أمة النبي ﷺ لم يُبْلَغ إليهم ومع ذلك أُمِروا بالتبليغ؟
* الشيخ: هذه المسألة تنبني على اختلاف العلماء: مَن هو النبي ومَن هو الرسول؟ فجمهور العلماء على أن الرسول من أُرسِل، أوحِي إليه بالشرع، وأُرسِلَ به وأُمِرَ أن يُبَلِّغَه، وأما النبي فهو مَن نُبِّئ أي: أُخْبِر، والإخبار لا يلزم منه التكليف بالإبلاغ فهو مَن أوحي إليه بشرع ولم يُؤْمَر بتبليغه بل أُمِر أن يفعلَه بنفسه، فيكون هذا الإنباء تجديدًا للرسالة السابقة أو إنشاءً لشريعةٍ لم تكنْ قائمةً، وهذا الذي قاله الجمهور هو الصحيح؛ لأننا لو قلنا: إن النبي هو مَن جَدَّدَ شريعة سابقة وأُمِرَ أن يبلغ الناس وأن يوقظهم لو قلنا: النبي هو هذا، أشكل علينا نُبُوَّةُ آدم؛ فإن آدم نبي مُكَلَّم ومع ذلك لم يسبقه رسول.
فإن قال قائل: إذن ما الفائدة؟
قلنا: الفائدة أولًا: مصلحة هذا النبي هو بنفسه أنه أوحي إليه بشرع.
ثانيًا أنه إن كان في شريعة سابقة فهو عبارة عن تجديد تلك الشريعة، وإن كان في غير شريعة سابقة كآدم فإن الناس في عهده بدائيين لم يكثُرُوا ولم يختلفوا ولم تُفتَح عليهم الدنيا فكانوا ينظرون إلى ما يفعله أبوهم فيفعلونه دون حاجة إلى أن يُرسَل إليهم؛ ولهذا قال الله: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ يعني: فاختلفوا ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ﴾ ﴿وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ [البقرة ٢١٣] فأنا يترجح عندي قول جمهور العلماء أن النبي مَن أوحي إليه بشرع ولم يُؤْمَر بتبليغه، وأما نحن فلما لم يكنْ بعد رسول الله ﷺ نبِيٌّ صرنا مأمورين بإبلاغ رسالته، فنحن في الحقيقة رُسُلُ رسول الله؛ ولهذا جاء في الحديث: «إِنَّ الْعُلَماءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِياءِ»[[أخرجه أبو داود (٣٦٤١)، والترمذي (٢٦٨٢)، وابن ماجه (٢٢٣) من حديث أبي الدرداء.]].
* طالب: شيخ -بارك الله فيك- قوله تعالى: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [فصلت ٦] (ويلٌ) أعربناها مبتدأ، وقد يصح كونها مصدرًا لفعلٍ محذوف وجوبًا؟
* الشيخ: مصدرًا لفعل محذوف وجوبًا! أولًا هل لها فِعْلٌ من لفظها؟
* الطالب: يعني على حد قولهم: جلس القاعد القرفصاء..
* الشيخ: هل (ويل) لها فعل من لفظها؟
* طالب: ليس لها فعل.
* الشيخ: إذن كيف تكون مصدرًا؟
الشيء الثاني: المصدر لفعلٍ محذوف يكون منصوبًا.
* الطالب: من باب النيابة عن الفعل يا شيخ.
* الشيخ: ما يستقيم، حتى لو ناب عن الفعل يكون منصوبًا، هي ما فيها إشكال إلَّا ما قلتُ لكم؛ وهو أنه ابْتُدِئَ بها وهي نكرة، فقلنا: إن الذي خصَّصَها هو الوعيد (...).
{"ayahs_start":6,"ayahs":["قُلۡ إِنَّمَاۤ أَنَا۠ بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ یُوحَىٰۤ إِلَیَّ أَنَّمَاۤ إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱ فَٱسۡتَقِیمُوۤا۟ إِلَیۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَیۡلࣱ لِّلۡمُشۡرِكِینَ","ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمۡ كَـٰفِرُونَ"],"ayah":"قُلۡ إِنَّمَاۤ أَنَا۠ بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ یُوحَىٰۤ إِلَیَّ أَنَّمَاۤ إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱ فَٱسۡتَقِیمُوۤا۟ إِلَیۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَیۡلࣱ لِّلۡمُشۡرِكِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











