الباحث القرآني
ثم قال الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [فصلت ٥٢] كما قال النبي ﷺ، ﴿ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت ٥٢] ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ﴾ ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ بمعنى أخبروني. وقوله: ﴿إِنْ كَانَ﴾ يعني (القرآن) من عند الله وكفرتم به وأنكرتم أن يكون من عند الله ﴿مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت ٥٢] أصل الجملة: من أضل منكم، أرأيتم إن كان من عند الله، وتبين لكم أنه من عند الله، ثم كفرتم به ﴿مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ الأصل: من أضل منكم، ولكنه أظهر في موضع الإضمار لفائدة نذكرها إن شاء الله.
قوله: ﴿إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ أي القرآن، وتبين لكم ذلك واتضح، ﴿ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ﴾ [فصلت ٥٢] أتى بـ(ثم) الدالة على الترتيب والتراخي إشارة إلى أن هؤلاء أنكروا وكفروا بعد التروِّي، وبعد المدة التي يؤمن بها من أراد الإيمان ﴿ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ﴾.
وقوله: ﴿بِهِ﴾ الضمير يعود على القرآن، ويجوز أن يكون عائدًا إلى الرسول ﷺ؛ لأنه هو الذي نزل عليه القرآن.
﴿مَنْ أَضَلُّ﴾ قال المؤلف: (أي لا أحد أضل) إشارة إلى أن الاستفهام هنا بمعنى النفي، واعلم أن الاستفهام يأتي بمعنى النفي كثيرًا، وإتيانه في موضع النفي أعظم من النفي؛ لأنه إذا أتى الاستفهام في موضع النفي صار مُشْربًا معنى التحدي كأنه قال: أروني أحدًا أضل. وهذا لا شك أنه مشتمل على النفي وعلى التحدي.
وقال: ﴿مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ ﴿مَنْ﴾ هذه مبتدأ اسم استفهام مبتدأ و﴿أَضَلُّ﴾ خبره. ﴿مِمَّنْ هُوَ﴾ أي من الذي ﴿هُوَ فِي شِقَاقٍ﴾ (خلاف) ﴿بَعِيدٍ﴾ بل الشقاق أخص من الخلاف؛ لأنه قد يخالفك ولا يشاقك لكن هؤلاء خالفوا وشاقوا.
وقوله: ﴿بَعِيدٍ﴾ أي (بعيد عن الحق أوقع هذا موقع منكم بيانًا لحالهم) (أوقع هذا) يريد ﴿مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ (موقع منكم) أي: موقع الضمير فهو إظهار في موضع الإضمار؛ لبيان حالهم؛ أي: بيان أنهم هم أضل من كل أحد، وأن حالهم الشِّقاق البعيد، ففيه إظهار في موضع الإضمار، وعبدالله يبين لنا فائدة الإظهار في موضع الإضمار؟ يلَّا.
* طالب: ذكر قبل قليل.
* الشيخ: لا تقول: ذكر قبل قليل معناه أنك أعدت ما قيل.
* الطالب: (...) الإظهار في موضع الإضمار؟
* الشيخ: إي نعم، فائدته؟
* الطالب: فائدته منها: بيان الصفة التي يستحقها المتحدث عنه مثل (...) على هؤلاء (...).
* الشيخ: تمام.
* الطالب: ومن فوائده أيضًا: بيان العموم يعني أن كل من فعل هذا فإن هذا..
* الشيخ: الوصف ينطبق عليه، نعم أحسنت، ثلاثة؟
* الطالب: ومن فوائده أيضًا.
* الشيخ: الآن نحتج عليك بقولك: تقدم قبل قليل.
* الطالب: التنبيه.
* الشيخ: زين، تنبيه المخاطب حيث صار السياق على خلاف ما كان يتوقع، وهذا يؤدي إلى تنبهه.
﴿مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ في هذه الآية فيها فوائد:
* أولًا: تحدي هؤلاء المكذبين للرسول ﷺ الكافرين بالقرآن، وأنهم بعد أن علموا الحق كفروا به.
* من فوائدها: أن القرآن كلام الله؛ لقوله: ﴿أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾، وجه ذلك: أن القرآن وصْف وصفة لا بد أن يقوم بموصوف، وإذا كان من عند الله لزم أن يكون الموصوف به هو الله عز وجل، انتبه يا أخ، الآن هذه الآية فيها دليل على أن القرآن كلام الله وجه ذلك: أن القرآن وصف؛ لأنه كلام، والوصف لابد أن يقوم بموصوف، وإذا كان من عند الله فمن الموصوف به؟ هو الله عز وجل، وهذا ما نؤمن به، ويؤمن به السلف، أهل السنة والجماعة بأن القرآن كلام الله، تكلم به حقيقة بحروفه وسَمعه منه جبريل، وألقاه على قلب النبي ﷺ.
يرى أهل التعطيل أن القرآن كلام الله لكنه مخلوق، ليس وصفًا من صفاته بل هو مخلوق من مخلوقاته، وهذا رأي الجهمية والمعتزلة، هذا الرأي يبطل الأمر والنهي، ويبطل الشريعة كلها؛ لأنه إذا كان كذلك صار مجرد أصوات أو مجرد حروف لا مدلول لها كما نسمع صوت الرعد مثلًا، لا نستفيد منه شيئًا، إنما هو شيء يُسمع فقط وليس له معنى، أو حروف خُلِقت على هذا النحو كأنها نقْش في جدار أو في باب، نُقوش ليس لها معنى؛ ولهذا يُعتبر هذا القول من أشد الإلحاد؛ لأنه تبطل به الشريعة تامة، فمثلًا (قل) إذا قلنا إنها مخلوقة إن رسمتها في ورقة، صارت صورة كلمة فقط كأنها نقش؛ لأنها ما هي كلام، وإن تكلمت بها فالصوت مخلوق، بل والله عز وجل حين تكلم بها وأوحاها إلى جبريل يُعتبر خلق صوتًا ليس له معنى؛ لأنه مخلوق من المخلوقات.
والله عز وجل فرَّق بين الخلق والأمر، فقال: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [الأعراف ٥٤] وقال: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ [الشورى ٥٢] ولَّا من خلقنا؟ من أمرنا، فالقائلون بأن القرآن كلام الله لكنه مخلوق قد عطلوا الشرائع نهائيًّا؛ إذ إنه ليس هناك أمر ولا نهي.
وهناك قول آخر للأشاعرة يقولون: إن القرآن كلام الله لكنه -أي الكلام- هو المعنى القائم بنفسه، أما ما سمعه جبريل فإنه مخلوق، فالقرآن عندهم كلام الله، لكن كلام الله هو المعنى القائم بنفسه، وأما ما يُسمع من الله عز وجل كمناجاته موسى، وكلامه بالوحي إلى جبريل فإنه مخلوق عبارة عن المعنى القائم بالنفس، هذا المعنى أشد وأخبث من قول المعتزلة لماذا؟ لأن المعتزلة يقولون: ما نقرؤه في المصاحف كلام الله حقًّا. والأشاعرة يقولون: عبارة عن كلام الله وليس كلام الله، والكل متفقون على أن ما نقرؤه في المصاحف مخلوق لكن المعتزلة يقولون: هو كلام الله، والأشعرية يقولون: عبارة عن كلام الله، فصاروا من هذه الناحية أخبث وأشر من المعتزلة والجهمية، أما نحن فنؤمن بأن ما كُتب في المصاحف وحُفظ في الصدور فإنه كلام الله، وهو غير مخلوق.
فإن قال قائل: أرأيت القارئ يقرأ، نسمع صوته بالقراءة، هل هذا الصوت مخلوق أو غير مخلوق؟
فنقول: هو مخلوق؛ لأن صوت الإنسان وَصْف من أوصافه، فهو مخلوق كأصله، لكن الملفوظ به والْمُصَوَّت به غير مخلوق، وهناك فرق بين الصوت والنطق وبين الْمُصَوَّت به والمنطوق به، أليس كذلك؟
أنا لو قرأت كتابًا ألفه عالم من العلماء فأنا أقرؤه، الصوت صوتي لكن المقروء للعالِم الذي كَتَبَ الكتاب؛ ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله في كتاب العقيدة الواسطية: الكلام إنما يُضاف حقيقةً إلى من قاله مبتدئًا لا إلى ما قاله مُبَلِّغًا مُؤديًا. فصار لو أراد الإنسان يستفصل هل لفظ الإنسان بالقرآن مخلوق أو لا؟ ماذا نقول؟
نقول: لفظه الذي هو تلفُّظه مخلوق؛ لأنه حركات لسانه وشفتيه وصوته، وأما الملفوظ به فإنه كلام الله غير مخلوق؛ ويدل لهذا أن الله تعالى قال في القرآن الكريم: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ﴾ [التكوير ١٩، ٢٠] من الرسول هنا؟ جبريل. وقال ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ﴾ [الحاقة ٤٠، ٤١] من الرسول هنا؟ محمد عليه الصلاة والسلام، ولا يمكن أن يكون كلام واحد لمتكلمين اثنين لكن أضافه إليهما؛ لأنهما رسولان مُبَلِّغان عن الله؛ ولهذا قال: ﴿لَقَوْلُ رَسُولٍ﴾ في الآيتين، فتنبه لهذا وتفطن له.
ذكر عن الإمام أحمد رحمه الله: أن من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فهو جهمي ومن قال: غير مخلوق؛ فهو مبتدع. هكذا رُوِي عنه.
وفي رواية من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، يريد القرآن؛ فهو جهمي، ومن قال: غير مخلوق؛ فهو مبتدع. فالرواية الثانية عنه فسرت الرواية الأولى؛ أي: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق يريد القرآن الذي هو الملفوظ به. فإن قال قائل: هل يمكن أن يُراد باللفظ الملفوظ؟
قلنا: نعم؛ لأن لفظ مصدر، والمصدر يأتي أحيانًا بمعنى اسم المفعول كما في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»[[أخرجه مسلم (١٧١٨ / ١٨) من حديث عائشة.]]. و«رَدٌّ» بمعنى مردود، وكما في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ﴾ [الطلاق ٦] أي أولات محمول، فالحمل مصدر ويراد به اسم المفعول.
على كل حال نحن نقول في كلام الله عز وجل: إنه كلام مسموع بحرف وصوت، وأنه غير مخلوق، وأنه صفة من صفاته..
أي: مَن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، يريد القرآن الذي هو الملفوظ به.
فإن قال قائل: هل يمكن أن يُرَاد باللفظ الملفوظ؟ قلنا: نعم؛ لأنَّ (لفظ) مصدَر، والمصدر يأتي أحيانًا بمعنى اسم المفعول، كما في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨ / ١٨) واللفظ له من حديث عائشة.]]، (رَدّ) بمعنى مردود، وكما في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ﴾ [الطلاق ٦]، أي: أولات محْمُول، فالحَمْل مصدر، ويُراد به اسم المفعول.
على كل حال نحن نقول في كلام الله عز وجل: إنه كلام مسموع بحرْف وصوت، وأنَّه غير مخلوق، وأنَّه صفةٌ من صفاته، ولكن هل هو من الصفات الذاتية، أو من الصفات الفعلية؟
نقول: أمَّا باعتبار أصلِه، وأنه تعالى لم يزَلْ ولا يزالُ متكلِّمًا فهو من الصفات الذاتية، وأمَّا باعتبار آحاده فهو من الصفات الفعلية؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ﴾ [يس ٨٢]، متى صارَت (كن)؟ صارت بعد الإرادة، وهذا دليل على أنَّ كلام الله من حيث آحاده وأفراده من الصفات الفعلية.
* طالب: قول الأشاعرة هل يكفرهم بهذا القول؟
* الشيخ: يجب أن تعلموا قاعدة مهمة؛ أنَّ المجتهد من هذه الأمة ولو أخطأَ فإنَّه مغفور له، هم يريدون بهذا أنَّ الله مُنَزَّه عن أن تقوم به الحوادث؛ لأنهم يعتقدون بعقولهم السخيفة أنَّ الحوادث لا تقوم إلا بحادِث، وهم يعلمون أن الكلام حادث؛ كل حرف حدَث بعد الحرف الذي قبله، لكن لعقولهم السخيفة ظنُّوا أنَّ مَن يقوم به الحادث فهو حادث، وهذا خطأ، التكفير لا نكفِّرُهم بهذا، نعم لو أن الإنسان تبيَّن له الحق وقال: إنه لا يريد الحق وإنما يتَّبِع هواه فقد يُكَفَّر، نعم.
* طالب: قول الله تعالى: (...) هل هذا إشارة بأن السياق للكفار، أو أن مَن فعل هذا الأوصاف كفر وارتد.
* الشيخ: بعض العلماء يقول: هذا في الكافر، الإنسان أي: الكافر، والقرينة ما ذَكَرْت، وبعضهم يقول: هو في الكافر والمؤمن، ولكن الله خَصَّ الكافر؛ لقوله: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ [فصلت ٥٠].
* * *
* طالب: ﴿أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾ [فصلت ٥٤].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ﴾، أخذنا فوائدها.
﴿وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ﴾ [فصلت ٥١]، ما المراد بالإنسان في قوله: ﴿وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ﴾؟ (...) وعلى الأول يكون المؤمن خارجًا من قوله: ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ﴾ ولّا أيش؟
* طالب: ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ﴾ خرج المؤمن بقوله: ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ﴾.
* الشيخ: يعني معناها حتى المؤمن إذا مسَّه الشر دعا ربَّه.
ثم قال الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [فصلت ٥٢]، ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ أي: أخبروني.
وقوله: ﴿إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ (يعني القرآن) ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾.
وقوله: ﴿ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت ٥٢]، ذكرنا أنَّ هذا إظهار في موضع الإضمار، وأصله: لا أحد أضل منكم، ولكنه أظهر في موضع الإضمار، وذكرنا أنَّ للإظهار في موضع الإضمار فوائد، منها: تنبيه المخاطب، ثانيًا: بيان الصفة التي استحَقَّ بها صاحب الضمير هذا الوصف.
* طالب: (...).
* الشيخ: يعني العموم؟ طيب العموم، فيه رابعة، لكن ما هو في كل مكان، وهي مراعاة فواصل الآيات، نعم.
ثم قال الله تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [فصلت ٥٣] إلى آخره، ﴿سَنُرِيهِمْ﴾ السين للتنفيس.
* طالب: (...) أهل التعطيل يرون أن القرآن كلام الله، لكنه مخلوق ملفوظ.
* الشيخ: لا، هذه ما هي من الفوائد، إذن نبدأ من جديد.
أولًا: أن القرآن كلام الله، وجه الدلالة قوله: ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾، ثم زيادة على ذلك وجه الدلالة كونه من عند الله، وأنَّ الكلام صفة وليس عينًا قائمةً بنفسها حتى نقول: إنَّه مخلوق، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ [الأعراف ٢٠٦]، لكنَّ الكلام صفة قائمة بموصوف، فهو دليل على أنَّه من عند الله.
* إذن يستفاد: أنَّ القرآن كلام الله، من قوله: ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾، ووجه ذلك أنَّ الكلام صفة لا يمكن أن يقوم بنفسه، فلَزِمَ أن يكون كلام الله.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنَّ الكفر بعد التبيُّن أشدُّ قُبْحًا من الكفر مع الجهل، بدليل قوله: ﴿ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ﴾، فإنَّ (ثم) تدل على الترتيب والتراخي، وأنَّ كفرَهم كان بعد أن تبَيَّن الأمر.
* ومن فوائدها: أنَّه لا أحد أضَلُّ ممن شاقَّ الله ورسوله؛ حيث إنَّه في شقاق بعيد؛ لقوله تعالى: ﴿مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: بلاغة القرآن التامة، حيث يختار في كل تركيب ما يناسب الحال؛ لقوله تعالى: ﴿مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وقوع الاستفهام موقع النفي، وإنَّ إيقاع الاستفهام موقع النفي أسلوبٌ عربيٌّ صحيح، وما فائدته؟ أنه إذا كان بصيغة الاستفهام كان مُشرَبًا بالتحدِّي، فقوله: ﴿مَنْ أَضَلُّ﴾ أبلغ من قوله (لا أضل).
{"ayah":"قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرۡتُم بِهِۦ مَنۡ أَضَلُّ مِمَّنۡ هُوَ فِی شِقَاقِۭ بَعِیدࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











