الباحث القرآني
الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾ [فصلت ١ - ٤].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قبل أن نبدأ درس اليوم نرجع إلى الدرس الماضي مِن أجل أن نُكمل الفوائد، وصلنا إلى: ثم قال تبارك وتعالى: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، البسملة تقدَّم الكلام عليها كثيرًا وبيَّنَّا أنها آيةٌ مِن كتاب الله، ولكنَّها ليست آيةً تابعة للسورة التي بعدها ولا التي قبلها، بل هي آية يؤتى بها لابتداء السور ما عدا سورة براءة، أمَّا معناها فإنَّ الإنسان يقول: أبتدئ بكلِّ اسمٍ من أسماء الله، وإنما جعلنا المعنى بكل اسم من أسماء الله؛ لأن اسم مفرد مضاف، والمفرد المضاف يفيد العموم، كل مفرد مضاف إلى معرفة فإنه يفيد العموم، ألم تروا إلى قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [النحل ١٨]؟ ﴿نِعْمَةَ اللَّهِ﴾ لو نظرنا إلى لفظِها لقلنا: إنها واحدة لكنَّها كثيرة لا تُحصَى، فيكون هذا المفرد الذي أُضِيف يكون للعموم وهذه هي القاعدة: (كل مفرد مضاف لمعرفة فإنه مُفيدٌ للعموم)؛ ولهذا قلنا: بكل اسم من أسماء الله.
و(الرحمن الرحيم) صفتان للفظ الجلالة، لكن الأولى رُوعي فيها الوصْف والثانية رُوعِي فيها الفعل وهو إيصال الرحمة، أمَّا متعَلَّق هذا الجار والمجرور فإنه محذوف، ويُقدَّر مؤخَّرًا مناسبًا للمقام، فإذا كنت تريد أن تقرأ فقلت: بسم الله الرحمن الرحيم، قدِّر: أقرأ، وإنما اختير ذلك؛ أي: اختير أن يكون فعلًا؛ لأن الأصلَ في العمل الأفعال؛ ولهذا يعمَلُ الفعل بلا شرط، والأسماء التي تعمل عمل الفعل لا بد لها من شروط كما هو معروف في علم النحو، وإنما اخترنا أن يكون متأخِّرًا لفائدتين: الفائدة الأولى: تيَمُّنًا بذكر اسم الله، والفائدة الثانية: إرادة الحصر؛ لأنَّه إذا تأخر العامل كان ذلك حصرًا، فإذا قلت: زيدًا أكرِم. المعنى: لا تُكْرم غيره، لكن لو قلت: أكرم زيدًا؛ لم يمتنع أن تكرم غيره. إذن أخَّرناه لفائدتين؛ الفائدة الأولى: تيمنًا بذكر اسم الله عز وجل، والثاني: إفادة الحصر، وقدَّرناه مناسبًا؛ لأنَّه أبيَنُ للمقصود.
فلو قال قائل: باسم الله أبتدئ، قلنا: صحيح، لكن لا تُبيِّنُ المراد كما تبيِّنُه (باسم الله أقرأ)؛ وذلك لأنَّ الابتداء يكون للقراءة ولغير القراءة؛ فلهذا اختير أن يكون مناسبًا للمقام، والخلاصة الآن: أين متعَلَّق الجار والمجرور؟ نقول: هو محذوف، فعل مُتَأَخِّر مناسب للمقام.
قال الله تعالى: ﴿حم﴾. وقال المفسر: (الله أعلم بمراده به) وهذا هو الأدب مع كتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنَّ الذي لا تعرِف معناه قُل: الله أعلم بمراده به؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء ٣٦].
ولكن قد يقول قائل: إننا نعلم أنَّه لا معنى لهذه الحروف الهجائية التي توجد في كثير من السور، نعلم ذلك بدَلَالة القرآن، فقد قال الله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء ١٩٣ - ١٩٥]، واللسانُ العربي لا يكون التعبير بمثل هذه الحروف له معنى في حدِّ ذاته لو قلت: (أ، ب، ج، ح، خ) ما لها معنى، فإذا لم يكن لها معنًى بمقتضى اللسان العربي قلنا: إن قوله: ﴿حم﴾ و﴿الم﴾ [البقرة ١] و﴿الر﴾ [يونس ١] وما أشبهها ليس لها معنى في حدِّ ذاتها، يرِدُ على هذا إذا لم يكن لها معنى صارت لغوًا، وكلام الله تعالى لا لغوَ فيه. فيُقال: إنها ليست لغوًا وإنما المراد إقامة الحجة على أولئك المشركين حيث عجَزُوا عن الإتيان بمثل القرآن ولا بآيَةٍ واحدة عجَزُوا مع أنَّ هذا القرآن هل أتَى بحرُوف لا يعرفونَها حتى يعتذروا ويقولوا: إنه جاء بحروف ليست معروفة لنا؟ الجواب: لا، القرآن جاء بحروفٍ يعرفونها.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: ولذلك لا تكاد ترى سورةً مبدوءةً بهذه الحروف إلا وبعدَها ذِكْرُ القرآن، وابْدأ مِن أول البقرة إلى أن تأتي إلى آخر السور المبدوءة بهذه الحروف، تجِد أنَّ بعدَها ذكرُ القرآن إشارةً إلى أنَّ هذا القرآن الذي أعجزَكم معشرَ العرب كان مِن هذه الحروف التي تُكَوِّنُون منها كلامَكم، وهذا الذي ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله واضِح جدًّا، وأما القول بأنَّه ليس لها معنى فقد قاله مجاهد بن جَبْر أعلمُ التابعين بكتاب الله عز وجل.
قال: ﴿تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ [فصلت ٢، ٣] قال المؤلف رحمه الله المفَسِّر: (﴿تَنْزِيلٌ﴾ مبتدأ، ﴿كِتَابٌ﴾ خبرُه) ولو قيل بالعكس لكان أوضح، لو قيل: (كتابٌ فُصِّلت آياته تنزيلٌ من الرحمن الرحيم)؛ لأنه يُخبَر بالمعنى عن الذات، ولا يُخبَر بالذات عن المعنى، هذا الأصل، فتقول: زيد قائم. (قائم) خبر، ولا تقول: (زيد) خبر، لكنَّ ما ذهب إليه المؤلف مِن الإعراب له وجه؛ يعني ليس باطلًا لكن لو قيل: إن ﴿تَنْزِيلٌ﴾ هو الخبر مقدَّم، و﴿كِتَابٌ﴾ مبتدأ مؤخر لكان أوضَح وأبيَن.
﴿تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ مَنْ يعني به؟ يعني به الربَّ عز وجل؛ أي: تنزيلٌ مِن الله الرحمن الرحيم لكنَّه أتى بهذَيْن الاسمين الكريمين إشارةً إلى أنَّ القرآن رحمة؛ لأنَّ إنزالَه مِن مقتضى رحمة الله عز وجل، أليس من الممكن أن يقال: تنزيلٌ من الله؟ كما جاء في آية أخرى لكنَّه قال: ﴿مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ إشارة إلى أنَّ هذا القرآن نزَل بمقتضى رحمة الله عز وجل، وأنَّ الله رحِمَ به العباد. و(الرحمن) (الرحيم) اسمان من أسماء الله، مِن أشرف أسماء الله عز وجل، ويأتِيان مقتِرِنَين، ويأتِيان منفَصِلَيْن بعضهما عن بعض، فإن انفصلا فكلُّ واحد متضَمِّنٌ معنى الآخر، فقوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه ٥] هذا منفرد عن ﴿الرَّحِيمِ﴾ فيتضَمَّن الصفة والفعل، أي: أنَّ الله تعالى موصوفٌ بالرحمة الواسعة وهو سبحانه وتعالى يرحَم بهذه الرحمة مَن شاء من عباده.
وفي قوله: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [يونس ١٠٧] أيضًا نقول: الرحيم هنا تشْمَل الوصف والفعل؛ لأنَّها انفردت عن (الرحمن)، أما إذا اجتمع (الرحمن) و(الرحيم) كانت (الرحمن) للصفة، و(الرحيم) للفعل؛ ولهذا جاءت (الرحمن) على وزن (فعْلَان)، وهذا الوزن في اللغة العربية يقتضي الامتِلاء وتمام الوصف الذي كان مُرادًا، فمثلًا يقال: (غضبان) لِمَن امتلَأَ غضبًا، ويقال: (غاضِب) لِمَن كان غضبُه خفيفًا، وكذلك (سكران) للممتلئ سكَرًا، فكلُّ هذا الوزن يفيد الامتلاء والسَّعَة، أما ﴿الرَّحِيمُ﴾ فهي غُلِّب فيها جانب الفعل؛ أي: إيصال الرحمة إلى المرحوم؛ ولهذا جاءت في القرآن الكريم: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب ٤٣]؛ أي قد وصلت رحمتُه إلى المؤمنين على وجهٍ مطلق، أما غير المؤمنين فإنَّه يرحمُهم بالمعنى العام.
خلاصة ما قلنا في ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ قلنا: إما أن يُذكر (الرحمن) مع (الرحيم)، أو يفرد أحدهما عن الآخر، فإنْ أُفرِد أحدهما عن الآخر تضمن الثاني، وإن ذُكِرَا جميعًا غُلِّبَ في (الرحمن) جانبُ الصفة، وفي (الرحيم) جانب الفعل.
واعلم أنَّ هذين الاسمين الكريمين يدُلَّان على أنَّ الله تعالى موصوفٌ بالرحمة، كما قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ﴾ [الكهف ٥٨] ﴿وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ﴾ [الأنعام ١٣٣]، فالرحْمَة صفتُه، والرحيم اسمُه، وهل هذا الاسم مما يتعَدَّى، أو مِن المصادر اللازمة؟ يتعَدَّى؛ لقوله تعالى: ﴿وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ﴾ [العنكبوت ٢١].
والقاعدة في العقيدة أنَّه إذا كان الاسم لازمًا لا يتعدى فإنه يتضَمَّن أمرين: إثبات الاسم وإثبات الصفة، وإذا كان يتعدى يتضَمَّن ثلاثة أشياء: إثبات الاسم، وإثبات الصفة، وإثبات الفعل، فكلمة (العظيم) اسم من أسماء الله لازم أو متعدٍّ؟ لازم؛ ولهذا يُقال: عَظُم؛ أي صار عظيمًا، الإيمان به يتضَمَّن الإيمان بـ(العظيم) على أنَّه اسمٌ من أسماء الله، ويتضمَّن أيضًا ثبوت العظمة لله عز وجل.
(الرحمن) يتضمن ثلاثة أشياء: يتضمَّن الرحمن اسمًا مِن أسماء الله، والثاني: الرحمة صفةً من صفاته، والثالث: الفعل؛ أي أنَّه يرحم من يشاء، وعلى هذا فقِسْ، فالإيمان بالأسماء نقول: إن كانت متعدية لَزِمَ أن تُؤمِن بالاسم والصفة والفعل، وإن كانت لازمة وجَب أن تُؤمِن بالاسم والصفة، ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾، ﴿كِتَابٌ﴾ فِعَال بمعنى (مَفْعُول) أي: مكتُوب، وبماذا هو مكتوب؟ نقول: مكتوبٌ في اللوح المحفوظ، مكتوب في الصُّحَف التي بأيدي الملائكة، مكتُوبٌ بالصحف التي بأيدينا، أما الأول فدليلُه قوله تعالى: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ [البروج ٢١، ٢٢]، وأما الثاني فدليله قوله تعالى: ﴿مَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس ١٢ - ١٦].
وأما الثالث فواضح، فكلُّ ما جاءَ من (كتاب) فهو يتضمَّن هذه المعاني الثلاثة: كتاب؛ أي مكتوب في ماذا؟ في اللوح المحفوظ، في الصحف التي بأيدي الملائكة، في الصحف التي بأيدينا.
(﴿فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ بُيِّنَت الأحكام والقصص والمواعظ) التفْصيل ضد الإجمال؛ يعني أنَّ آيات القرآن مُفصَّلة لكنها تأتي أحيانًا مُجملة، وتأتي أحيانًا مُفصَّلة، وإذا فُصِّلَ المجمل صار الجميعُ مفصَّلًا.
وقوله: ﴿آيَاتُهُ﴾ جمع (آية)، والآية في القرآن هي كل ما فُصِلَ بينها وبين ما سبقَها ولحِقَها بفاصل؛ ولهذا تسمعون كلام العلماء، يقولون: فواصل الآيات؛ يعني الأماكن التي يُفصَل فيها الآية عما قبلَها وعما بعدها، وهي -أعني الآيات الكريمة- منها ما هو طويل، ومنها ما هو قصير، ومنها ما هو متوسط، فأطولُ آية في كتاب الله آية الدَّيْن ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ﴾ [البقرة ٢٨٢]، وأقصر آية ﴿طه﴾ [طه ١]، لكن هذه مِن الحروف التي ليس لها معنى كما قرَّرْنا.
نشوف ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ [المدثر ٢١] و﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾ [الرحمن ٦٤] أيهما أكثَر حروفًا؟ ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ ستة أحرف الميم المشددة عن اثنين ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾؟
* طلبة: ثمانية يا شيخ.
* طلبة آخرون: تسعة.
* الشيخ: إذن أيُّهما أكثر؟ الستة أو الثمانية؟ إذن ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ أقصر آية في كتاب الله، والباقي متوسط، منه ما يميل إلى الطول، ومنه ما يميل إلى القصر، والسُّنة في الآيات أن تقرأها حسب ما فُصِّلت، هذه السنة فتقرأ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة ٢ - ٧] كم الآيات؟ سبع آيات تقرأها كذا مُفَصَّلَة، وإن أدرجْتَ فلا بأس؛ لأنَّه لم يرد النهي عن ذلك إلا أنَّه لا ينبغي للإنسان أن يَهُذَّ القرآن هَذًّا تخفَى معه الحروف، بل قد يحرُم عليه إذا لَزِم أن تخفَى بعضُ الحروف، أما الهذُّ الذي يستكمل فيه الإنسان الحروف فلا بأس، لكن الأفضل الوقوف على كل آية، وهنا نسأل الأخ: هل تقف على قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون ٤]؟ ما هي بآية؟
* طالب: لكن ليست بالوصل.
* الشيخ: ليش؟ ما هو قلنا: الأفضل أن تقف على كل آية؟
* طالب: (...) المصلين الذين هم عن صلاتهم.
* الشيخ: لكن لو وقفت؟
* طالب: يختلف المعنى (...) الوعيد للمصلين جميعًا.
* الشيخ: ماذا تقولون أنتم؟ هل يقف أو لا يقف؟
* طلبة: يقف.
* الشيخ: يقف يا إخوان، يقف؛ لأنها آية؛ لأنَّ الله عز وجل هو الذي أنزله، وجعل هذه آية منفصِلة عن الأخرى، وربما يكون في الوقوف على الآية دقُّ إسْفِينٍ على القلب حتى يندهش: كيف ويل للمصلين؟ فيترقَّب المعنى الذي يُوَضِّح ذلك فتقول: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ سيندهش السامع كيف ويل للمصلين فيترقَّب بشغَف المعنى المبَيِّن لهذا، فتأتي ﴿الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون ٥] كأنَّها مطر على أرضٍ قاحلة، أليس كذلك؟ إذن نقِف على هذا ولا مانع، أمَّا ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ﴾ [النساء ٤٣] فهذه لا نقف؛ السبب: لأنها ليست رأس آية بل نقول: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾.
إذن ﴿فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ يشمل التفصيل اللفظي والمعنوي؛ فالتفصيل اللفظي: أن الله جعل كل آية مستقلة عن الأخرى، مفصول بعضها عن بعض، والمعنوي: التبيين والإيضاح لما كان مجملًا، ولهذا أشار المؤلف رحمه الله إلى التفصيل المعنوي فقط فقال: (بُيِّنَت بالأحكام والقصص والمواعظ) ولكن ينبغي أن يقال: إنها فُصِّلت من وجهين: لفظي ومعنوي؛ فاللفظي أن كل آية فُصِّلت عن الأخرى، هذا اللفظي، والمعنوي أنها بُيِّنَت، وبُيِّنَ ما أُجمِل منها سواء من الأحكام أو غيرها، ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الانفطار ١٧، ١٨] هذا مُجمَل، فَصَّلَهُ بقوله: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الانفطار ١٩]، ﴿الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ﴾ [القارعة ١ - ٣] مُجمل، فَصَّلَه بقوله: ﴿يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾ [القارعة ٤]، فالتفصيل هنا؛ أي: التفصيل المعنوي؛ يعني بيانُ القرآن، أنه بُيِّنَ ووُضِّح حتى لو جاء مجملًا فلا بُدَّ أن يُبَيَّن.
(﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ حالٌ مِن ﴿كِتَابٌ﴾ بصفتِه) مُفَسِّر الجلالين رحمه الله يعني جيِّد جدًّا، قال: (إنَّ ﴿قُرْآنًا﴾ حال)، فكأنَّ إنسانًا أورد عليه: كيف تقول: إنه قرآن والحال وصف، وقرآن ليس وصفًا؟ فقال: بصِفته أين صفَتُه؟
﴿عَرَبِيًّا﴾، ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ يعني لو كانت الآية الكريمة ﴿قُرْآنًا﴾ فقط ما صحَّ أن تكون حالًا؛ لأنَّ الحال لا بد أن تكون مشتَقَّة؛ اسم فاعل، أو اسم مفعول، أو ما أشبه ذلك، وقرآن مشتَق ولَّا غير مُشتَق؟ غير مُشتَق؛ فلهذا قال: إنها (حال مِن ﴿كِتَابٌ﴾ بصفته). إذن (بصفته) عائد على (قرآن) كأنَّه قال: صحَّ أن يكون حالًا؛ لأنَّه موصوف.
فإذا قال قائل: كيف تجعلونه حالًا مِن ﴿كِتَابٌ﴾ و﴿كِتَابٌ﴾ نكرة، وصاحبُ الحال لا بد أن يكون معرِفة؟
قلنا: إنَّ هذه النكرة خُصِّصَتْ في قوله: ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ خُصِّصَت بالصفة، والنكرة إذا خُصِّصَت صارت قريبَةً مِن المعرفة؛ فلذلك جازَ وُقُوع الحال منها.
فلدينا الآن إشكالان:
الإشكال الأول: كيف جاءت الحال مِن ﴿كِتَابٌ﴾ وهو نكرة؟ وجوابه: أنَّ كتاب الذي هو النكرة وُصِف بقوله: ﴿فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ وإذا وُصِفَتْ النكرة جازت الحال منها.
الإشكال الثاني: الحال ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ إذا أعرَبْنَا ﴿قُرْآنًا﴾ حالًا، فكيف صَحَّ أن يكون حالًا وليس بمشتق؟ موصوف بمشتق؛ فلذلك جازَت الحال منه.
﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ ومعنى كونه عربِيًّا أوَّلًا: قُرْآن، كلمة قُرْآن على وزن (فُعْلان) كـ(شُكْرَان) و(غُفْرَان)، وما أشبه ذلك، فهل هو بمعنى (قارئ) أو بمعنى (مقرُوء)؟ قيل: إنَّه بمعنى (مقرُوء)، و(مقروء) هل هو من الجمْع أو مِن التلاوة؟ قيل: إنَّه مِن (قَرَى يقرِي) بمعنى (جمَع)، ومنه اسم القرْيَة؛ لأنَّها جامِعَةٌ للناس. وقيل: مِن (قرأ) بمعنى (تَلا)، والصواب أنَّه جائز أن يكون مِن هذا ومن هذا؛ لأنه ما دام اللفظ صالحًا للمعنيين ولا منافاة بينهما فإنه يُحمل عليهما جميعًا، هذا إذا قلنا: إنَّ ﴿قُرْآنًا﴾ بمعنى (مقروء)، ويجوز أن تكون بمعنى اسم الفاعِل (قارئ)، (قُرآن) بمعنى (قارئ) أي: جامِع للأحكام والتوحيد وغير ذلك. أمَّا ﴿عَرَبِيًّا﴾ فهو نسبة للعرب؛ لأنَّه جاء بلغتهم، والله أعلم.
* طالب: أحسن الله إليك (...) عن أبي هريرة أنَّ النبي ﷺ قال: «إذا قرأتم ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم (...)».
* الشيخ: هذا ليس بصحيح، الحديث هذا ليس بصحيح، ويدل على ذلك حديث أبي هريرة الثابت في الصحيح أن الله تعالى قال: «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ» -يعني الفاتحة- «فَإِذَا قَالَ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قَالَ: حَمِدَنِي عَبْدِي»[[أخرجه مسلم (٣٩٥ / ٣٨) من حديث أبي هريرة.]]. إلى آخر الحديث، فبدأ بقوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
ثانيًا: أنَّ الرسول ﷺ كان لا يجهَر بها في القراءة الجهرية على القول الراجح، ولو كانت مِن الفاتحة لجهرَ بها كما يجهَر ببقِيَّة الآيات.
ثالثًا: أن بقية سور القرآن ليست البسملة منها، فنحتاج إلى دليل قوي يبيِّن أنَّها من الفاتحة.
رابعًا: أن قوله تعالى: «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ». هي نِصف في السياق ونصف في المعنى، ولا يتم ذلك إذا جعلنا البسملة منها، استمع: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ هذا لله، ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ لله، ثلاث آيات، ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ للعبد، ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ للعبد، ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ للعبد؛ إذن: ثلاث وثلاث ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، صارت بينهما كما جاء في الحديث «هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ». فصارت ثلاث آيات ونصف منها لله، وثلاث آيات ونصف للعبد، ولو قلنا: إنَّ البسملة منها ما استقام هذا.
خامسًا: أنَّك إذا جعلت البسملة من الفاتحة صارت الآية الأخيرة طويلة لا تتناسَب مع ما قبلها؛ لأنَّها ستكون الآية الأخيرة ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾، وهذه لا تتناسب مع قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ أو ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ فهو خلاف البلاغة، فصار عندنا أربعة أوجُه كلُّها تدل على أنَّ البسملة ليست مِن الفاتحة.
* طالب: يا شيخ! بارك الله فيكم، في ذِكْر الأمم السابقة إذا مَر معنا أحدٌ بعينِه من المهلَكين هل يحسُن بالإنسان أن يعني يُلحِقَ به سَب كما أننا نُلحِق مَن ذكرْنا من الصالحين برحمَة أو دُعَاء؟
* الشيخ: لا بأس إذا تيقنا مثلًا تقول: فرعون لعنه الله، ما فيه مانع.
* طالب: ما فيه مانع أم يستحب؟
* الشيخ: لا، الاستحباب أتوَقَّف فيه؛ لقول الرسول: «لَا تَسُبُّوا الْأَمْوَاتَ؛ فَإِنَّهُمْ أَفْضَوا إِلَى مَا قَدَّمُوا»[[أخرجه البخاري (١٣٩٣) من حديث عائشة.]].
* طالب: إذن الأولى «أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِاللَّعَّانِ» يُترك هذا يا شيخ؟
* الشيخ: لا، اللعان للأحياء، أما هذا لعنْتُه؛ لأنَّ الله لعنَه.
* طالب: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ الرحمن ذكر بعض المفسرين أنها أعم من الرحيم؛ فهي تشمل الكفار، أمَّا الرحيم فهي خاصة بالمؤمنين، هل هو صحيح؟
* الشيخ: نعم، هكذا ذكر بعضُهم، قال: (الرحمن) عامة، و(الرحيم) خاصة، لكن ما ذكرْناه أحسَن، وقد نبَّه عليه ابن القيم رحمه الله، أظنُّه في بدائع الفوائد.
* طالب: إذا قلنا: إن القرآن بمعنى (قارِئ) اسم فاعل، فهل ينطبق عليه المعنيان؛ يعني بمعنى الجمع يعني التلاوة كأنه يقص علينا أخبار من سبق (...)؟
* الشيخ: إي، لا، هم ذكروا أنَّ قارئ بمعنى جامع فقط؛ لأنه حقِيقَةً أن القرآن ما هو بينطق، ويقرأ نفسه لكنه مقروء من جهة التلاوة.
* طالب: الآيات اللي وردت في القرآن على سبيل المثال يعني مثل: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران ١٤٠] صحيح ورد نهي عن استعمالها في غير مكانها؟
* الشيخ: لا، الاستشهاد بها لا بأس به.
* طالب: (...) في غير مكانها.
* الشيخ: إي نعم، أما أن تجعَل القرآن بدلًا عن الكلام فهذا حرام؛ ولهذا ذكَر صاحب جواهر الأدب قصة عنونَها بقوله: المتكَلِّمة بالقرآن الكريم بدلًا عن الكلام، وجاب قصة امرأة تُخاطِب أولادها بالقرآن، إذا قالت: تغدون قالت: ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ [الكهف ٦٢] وإذا أمرتهم يشترون حاجة من السوق قالت: ﴿ابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ﴾ [الكهف ١٩] وأشبَه ذلك.
ثم قال في آخر القصة: هذه امرأة لها كذا من السنين تتكَلم بالقرآن مخافةَ أن تزِلَّ فيغضَب عليها الرحمن. والواقع أنها زلَّتْ تمامًا، تجعل آيات القرآن الكريم تُنَزِّلها على أغراضها الخاصة؛ هذا لا يجوز، أما الاستشهاد بالقرآن مثل أن ترى رجلًا مفتونًا في الدنيا تقول: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [الكهف ٤٦] هذا لا بأس به، وقد جاء في الحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام لَمَّا رأى الحسن والحسين وهما يعثران بثوبٍ جديد لهما نزَل فأخذهما وقال: «صَدَقَ اللَّهُ» ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [التغابن ١٥]«»[[أخرجه أبو داود (١١٠٩)، والترمذي (٣٧٧٤)، والنسائي (١٤١٣)، وابن ماجه (٣٦٠٠) من حديث بريدة بن الحصيب.]].
* * *
* الطالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (٤) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ [فصلت ١ - ٥].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ما المراد بقول الله تعالى: ﴿حم﴾؟
* طالب: هذا من الإعجاز الذي لا يعلمه إلا الله.
* الشيخ: فيه رأي آخر، وهو؟
* الطالب: وقد فسرها بعض العلماء قال: إنها مِن الإعجاز (...) هذه الحروف من اللغة العربية.
* الشيخ: أنه ليس لها معنًى في حدِّ ذاتها كذا؟ لكن لها مغزى.
* طالب: لها مغزَيان وأنها تحدٍّ للعرب.
* الشيخ: من كمال التحدي حيث إنَّ كلام العرب مُكَوَّن مِن هذه الحروف، ومع ذلك عجَزوا أن يأتوا بمثل القرآن، أيهما تُرجِّح؟
* طالب: كلاهما يصح.
* الشيخ: ما يصح كلاهما، متباينان.
* طالب: أرجح أنها تحدٍّ للعرب إعجاز.
* الشيخ: أنه في حدِّ ذاتها لا معنى لها، كذا؟
* طالب: لها معنى لكن..
* الشيخ: لا، كيف لها معنى؟
* طالب: لها معنى (...).
* الشيخ: إذن رجَّحْتَ الأوَّل.
* طالب: الثاني.
* الشيخ: ما هو؟
* طالب: الثاني يعني.
* الشيخ: ما هو الثاني؟ لأنه هذا اختلاط الحابل بالنابل، أيش؟
* طالب: الثاني: أنها حروف يعني عربية، الله سبحانه وتعالى هو نزلها..
* الشيخ: ليس لها معنى في ذاتها، هذا هو المهم يا جماعة، ما الدليل على أنه ليس لها معنى في ذاتها؟
* طالب: لأنه لا يُعلم معناها.
* الشيخ: سبحان الله! صار لها معنى لكن لا يُعلم، رجعْتَ عن قولك.
* طالب: أن هذه الحروف العرب يعني يعرفونها وليست لها معانٍ (...).
* طالب آخر: أن الله عز وجل يقول: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء ١٩٥].
* الشيخ: إي ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء ١٩٣ - ١٩٥]، وهذه الحروف بمقتضى اللسان العربي ليس لها معنى، حروف هجائية فقط، وعلى هذا فإذا أخذْنا أنَّ القرآن نزل بلسان عربي مبين تبيَّن أنَّ هذه الحروف ليس لها معنى في ذاتِها، فإذا أورَد علينا مُورِد وقال: إذا قلتم ليس لها معنى في ذاتها صارت لغوًا، فما الجواب؟
* طالب: الجواب على ذلك أن يقال: لها معنى في غيرها لها معنى..
* الشيخ: لها مغزى، وهو؟
* طالب: وهو التحدي.
* الشيخ: كمال التحدي حيث يقال: أيها العرب، إنَّكم تُكَوِّنُون كلامكم من هذه الحروف.
* طالب: ولا تستطيعون أن تأتوا بمثل هذا القرآن.
* الشيخ: بارك الله فيك، هل هناك قرينة على ما ذُكِر؟ على أنَّها حروف يُراد بها كمالُ التحدي لهؤلاء العرب؟
* طالب: إي نعم؛ لأن غالب جميع السور المبدوءة بهذه الحروف تأتي بعدها كلمة القرآن.
* الشيخ: أحسنت؛ لأنه يأتي بعدها ذكْرُ القرآن، إشارةً إلى أن القرآن من هذه الحروف، ومع ذلك عجَزْتُم عنه.
قوله: ﴿تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ [فصلت ٢، ٣] أعرِبْ الجملة؟
* طالب: ﴿تَنْزِيلٌ﴾ يجوز فيها وجهان؛ أنها خبر مقدَّم و﴿كِتَابٌ﴾ مبتدأ مؤخر، ويجوز ﴿تَنْزِيلٌ﴾ مبتدأ و﴿كِتَابٌ﴾ خبر، وهذا هو الراجح.
* الشيخ: والذي مشى عليه المؤلف؟
* طالب: الأول الذي مشى عليه المؤلف أن ﴿تَنْزِيلٌ﴾ خبر مقدَّم، و﴿كِتَابٌ﴾ مبتدأ مؤخر.
* الشيخ: نعم، قل.
* طالب آخر: على العكس، المؤلف ذكر أنَّ ﴿تَنْزِيلٌ﴾.
* الشيخ: على العكس المؤلف ذكر أنَّ ﴿تَنْزِيلٌ﴾.
* طالب: مبتدأ مؤخر و﴿كِتَابٌ﴾ خبر.
* الشيخ: نعم، أحسنت.
قوله: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ قال: (إنه حالٌ مِن ﴿كِتَابٌ﴾ بصفته) أيش معنى هذا؟
* طالب: أنه لا يجوز في الحال أن يكون جامدا (...) المشتق فأجاب أنه حال بصفته.
* الشيخ: أحسنت، تمام وفيه احتمال آخر أنه حَال من ﴿كِتَابٌ﴾ بصفته بصفة الكتاب، ويكونُ أيضًا جوابًا عن سؤالٍ مقدر، وهو: كيف صح مجيءُ الحال من النكرة، فقال: إنه موصوف ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ﴾ والنكِرَة إذا وُصِفت جازَ مجيءُ الحال منها، كما هو معروف في كتب النحو.
قوله: ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ﴾، ﴿بَشِيرًا﴾، (﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ يفهمون ذلك وهم العرب)؛ يعني أنَّ الله جعله قرآنًا عربيًّا لقوم يعلمونَه ويفهمونه ولا حُجَّةَ لهم في معارضَتِه والكفر به؛ لأنهم يعلمونه كما قال تعالى في آية أخرى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الزخرف ٣]؛ أي: تفهمُون معناه حيث جاء بلسان العرب.
﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾، (﴿بَشِيرًا﴾ صفة ﴿قُرْآنًا﴾ ) يعني: جعلناه قرآنًا عربيًّا، ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾، بشيرًا لمن؟ بشيرًا لمن آمَن به كما قال تعالى: ﴿وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل ١٠٢] ونذيرًا لمن كفر به، وإن شئت فقل: إنَّه نذير لجميع العالمين كما قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان ١].
المهم أنَّ البشارة خاصة، والإنذار عام، وربما يكون خاصًّا كما قال تعالى: ﴿وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ [مريم ٩٧] يعني الذين كفروا به انتبهوا، فصارت البشير خاصة بمن آمَن، والنذير تكون عامة وتكون خاصة، فما هو البشير؟ البشير هو المخبِر بما يسُر، وسُمِّي خبرُه بشارَة؛ لأنَّ أثرَه يظهُر على بشَرَة الإنسان؛ ولهذا تبرُق أسارير وجهِه من الفرح. ﴿وَنَذِيرًا﴾ الإنذار هو الإعلام المقرون بالتخويف.
﴿فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾، ﴿فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ﴾ الفاء عاطفة، و(أعرض) معطوفة على ﴿فُصِّلَتْ﴾ يعني كتاب فُصِّلَت آياته، ومع ذلك أعرض أكثرهم، ويحتمل أن تكون الفاء للاستئناف؛ أي: فأعرض يعني أنَّها جملة مستأنَفة لا تُعطف على ما قبلها.
(أعرض أكثرهم) أي أكثر الذين بلغَهم (﴿فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾ [فصلت ٤] سماعَ قبول) هذا نتيجةُ الإعراض أنهم صاروا لا يسمعون، ونفيُ السماع عنهم؛ لانتفاء فائدته وهو الاتِّعَاظ والقبول.
واعلم أنَّ السمع ينفى تارةً لعدم أصله، وتارة لعدم ثمرتِه فقولُه تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ [النمل ٨٠] هذا نفي لأصلِه، الميت لا يسمع، وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾ [الأنفال ٢١] لانتفاء ثمرته؛ لأن السمع الذي لا ثمرةَ له كالمعدوم. ﴿وَقَالُوا﴾ معطوفة على ﴿فَأَعْرَضَ﴾.
(﴿وَقَالُوا﴾ للنبي ﷺ: ﴿قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ﴾ أغطِيَةٍ) ﴿مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ هذا -والعياذ بالله- من شدة عنادهم وكفرهم قالوا للنبي عليه الصلاة والسلام وهو يدعوهم ﴿قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾ كقولِهم: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾ [البقرة ٨٨] يعنى الأكِنَّة جمع (كِنٍّ) وهو ما يُستتَرُ به.
وقوله: ﴿مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾ أي: من التوحيد والطاعة والشهادة لله تعالى بالوحدانية ولنبيه بالرسالة، وإنما ذكروا القلوب وبدؤوا بها؛ لأنَّها محلُّ الوعي.
(﴿وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ﴾ ثِقَل) يعني فلا نسمع يعني أننا نستمِعُ إليك على كراهة وبُغْض فكأن في آذاننا ثِقَل سَمْع. ﴿وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾ أي: حائل يحول بيننا وبينك فلا نراك، فأَتَوْا على كل مدارك الإحاطة؛ المدرَك الأول: القلب، والثاني: السمع، والثالث: البَصَر، وانتفاءُ البصر عنهم؛ لقوله: ﴿وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾، وقد جمع الله تعالى بين هذه الثلاثة في قوله: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء ٣٦].
وتأمَّل قولَهم: ﴿وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾ لم يقولوا: وبيننا وبينك حجاب إشارةً إلى أنَّ هذا الحجاب ممتَد مِن عندنا إليك، وعلى هذا فكلما تباعدنا عنك غلُظَ هذا الحجاب؛ لأنَّه إذا كان ابتدائه من عندهم إلى الرسول صارَ كلما زادت المسافة ازداد غِلَظُه؛ لأنَّ (مِن) هنا للابتداء فتُفِيد أنَّ هذا الحجاب مُباشِر منهم إلى الرسول ﷺ، لكن لو قالوا: (وبيننا وبينك حجاب) لأمكن أن يكون الحجاب في الوسط ولو كان بينه وبينهم مسافة، وهذا يدل على غِلَظ ما بينهم وبين الرسول عليه الصلاة والسلام وبُعْدِه.
﴿فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ هذا -والعياذ بالله- تحدٍّ للرسول عليه الصلاة والسلام فيما يظهَر وليس مِن باب الإباحَة بل من باب التحدي (﴿فَاعْمَلْ﴾ على دينك ﴿إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ على ديننا). ويحتمِل اعمل لمجاهدتنا فإننا عاملون لمجاهدتك، أيُّهما أبلغ ما ذهب إليه المؤلف أو هذا القول؟ الثاني أبلَغ؛ لأنه كأنهم يقولون: اعمل ونحن سنعمَل وأيُّنا يغلب.
* في هذه الآيات فوائد مِن فوائدها: أنَّ نزول القرآن مِن عند الله؛ لقوله: ﴿تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.
* ومن فوائدها: أنَّ إنزال القرآن مِن آثار رحمة الله، حيث قال: ﴿مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.
* ومن فائدتها: إثباتُ اسمين من أسماء الله هما الرحمن الرحيم.
* ومن فوائدها: إثباتُ ما دلَّ عليه هذان الاسمان مِن صفة الرحمة، وقد ذكرْنا عند التفسير أنَّ أهل التعطيل نفَوْا أن يكون لله رحمة، ألم نقل هذا؟ وقلنا: إنهم يفسرون الرحمة إما بالإحسان والثواب وهو منفصل، وإما بإرادة الإحسان والثواب؛ لأنهم كانوا يُقِرُّون بالإرادة، وبيَّنَّا بطلان هذا القول، وأنَّ الصواب أنَّ الرحمة من صفات الله عز وجل لكنَّها ليست كرحمة المخلوق.
* ومن فوائد هذه الآيات: أنَّ القرآن فُصِّلَت آياتُه، والتفصيل لعلَّنا قلنا: إنه تفصيل لفظي ومعنوي: التفصيل اللفظي بأيش؟ بالفواصل بين الآيات، والمعنوي بالتفصيل في المعنى، إذا ذَكَر الله تعالى أمرًا ذكر نهيًا، إذا ذكر ثوابًا ذكر عقابًا، إذا ذكر أهل الخير ذكر أهل الشر وهكذا؛ مثاني.
* ومن فوائد هذه الآيات الكريمة: أنَّ القرآن كل آية منه تُعتبَرُ آيةً على صدق الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لقوله: ﴿فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ و﴿آيَاتُهُ﴾ جمع تعُمُّ كلَّ فردٍ على حِدَة، ويعُم المجموع.
* ومن فوائدها: أنَّ القرآن نزل باللغة العربية؛ ففيه منْقَبَة للعرب؛ لأنَّ هذا القرآن نزل بلغتهم، وفيه إحياء للغة العربية؛ لأنَّ هذا القرآن سيبقى إلى أن يأذَن الله بخرَاب العالم، ومِن المعلوم أنه إذا بقي باللسان العربي فسوف تحيَا اللغة العربية وتبقى، وهذا مِن آثار القرآن كما يقوله، ماذا قلت؟
* طالب: قلت: إن في هذا أن القرآن يعني أنزل باللغة العربية، وأن في هذا بيان أن القرآن سيبقى إلى أن يأذَن الله بخرَاب العالم، وهذا دليل على أن اللغة العربية سوف تبقى حية.
* الشيخ: هكذا قلت؟
* طلبة: لا.
* الشيخ: لا، ليس هذا المعنى. ذكرْنا أنَّ في هذا منقبة للعرب أليس كذلك؟ حيث نزل بلغتهم، وأن فيه إحياء وإبقاء للغة العربية؛ لأنَّه نزل بها، وهو باقٍ إلى أن يأذَن الله بخراب العالم.
* ومِن فوائد هذه الآية الكريمة: أنَّه لا يفقَهُ هذا القرآن ولو كان باللغة العربية إلا ذَوُو العلم؛ لقولِه: ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾. أمَّا مَن ليس أهلًا للعلم فإنه لا يستفيد من هذا الكتاب شيئًا؛ لأنه أُمِّي، والذي يقرَأ القرآن بلا فهْم للمعنى هو أميٌّ وإن تلاه؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ [البقرة ٧٨]، فالذي لا يعلم القرآن إلا قراءةً فقط كالذي لا يقرَأ القرآن ولا فرْق.
* ومِن فوائد هذه الآيات الكريمة: أنَّ القرآن فيه البشارة والنذارة؛ بشير ونذير، لكن هل هذا مُوزَّع أو يمكن أن يكون ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ في آنٍ واحد؟ يمكن هذا وهذا، أما على الأول بشيرًا ونذيرًا فإننا نجد من آياته ما هو بشارة للمؤمنين، ونجد مِن آياته ما هو إنذار، وأمَّا على الثاني أنَّ الآية الواحدة قد ينتفع بها أقوام، ويتضَرَّر بها آخرون، اقرَأْ ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ [التوبة ١٢٤، ١٢٥]، ولا تستغرِبْ أن يكون الشيء الواحد ضارًّا مِن وجه ونافعًا مِن وجه آخر: القرآن نافع للمؤمنين ضارٌّ لغير المؤمنين، ولا تستغرِب هذا، وأضرب لك مثلًا حسِّيًّا بالتمر حُلْو المذاق، فاكهة، غذاء، قُوت، يأكله واحِد فيتضَرَّر به ويأكلُه آخر فينمُو به مع أنَّه شيء واحد، هكذا القرآن.
* ومن فوائد هذه الآيات الكريمة: أنَّه مع وصف القرآن بهذا الوصف الجليل تفصيل الآيات، وأنه بلسان عربي، وأنه بشير ونذير لم يسلَمْ من المعارضة والإعراض؛ لقوله: ﴿فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ﴾.
* ومِن فوائد الآيات: جواز نفي السمع لِمَن لا ينتفع به؛ لقوله: ﴿فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾، وكذلك يقال في بقية الحواس لِمَن لم ينتفع بها، نقول: إنَّ وجودَها كالعدم، فمَن لم ينتفع بما رأى نقول: هذا لا يبصر ولو كان له عينان.
* ومن فوائد الآيات الكريمة: شِدَّةُ كراهة المشركين لِمَا نزل من الحق الدليل؟
* طالب: أنهم قالوا: ﴿قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾.
* الشيخ: ﴿فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ صحيح؟
إذن * من فوائدها: شدة معاندة المشركين ومعارضتهم لهذه الأوصاف التي ذكرها الأخ.
* ومن فوائد هذه الآيات الكريمة: تحدِّي هؤلاء المبطلين على باطلهم.
* ويتفرع عليها: أنَّ مِن أهل الباطل مَن يتحدى أهلَ الحق إلى يومِنا هذا إلى يومنا هذا، ولكن على أهل الحق أن يستعينوا بالله عز وجل في مقاومة هؤلاء، وأن يعلموا أنَّ كلمة حق تغلِب ألفَ كلمة باطل، لكن السيف بضاربه، ربما يكون السيف بيد جبان، فإذا رأى العدو مُقبِلًا سقط السيف مِن يده، هل ينتفِع بالسيف؟ لا، بيد شجاع لو كان سيفُه مُثَلَّمًا لقرعَ به هامَ الأعداء، فالحقيقة أن السيف بضاربه، كم مِن إنسان يحمِل مِن الشريعة أشياء كثيرة لكن لا ينتفع بها ولا ينفَع، وكم من إنسانٍ دون ذلك بكثير لكن نفعَ الله به؛ لأنَّه مجاهد يُجاهِد أهلَ الباطل بما معه من الحق.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["حمۤ","تَنزِیلࣱ مِّنَ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ","كِتَـٰبࣱ فُصِّلَتۡ ءَایَـٰتُهُۥ قُرۡءَانًا عَرَبِیࣰّا لِّقَوۡمࣲ یَعۡلَمُونَ","بَشِیرࣰا وَنَذِیرࣰا فَأَعۡرَضَ أَكۡثَرُهُمۡ فَهُمۡ لَا یَسۡمَعُونَ","وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا فِیۤ أَكِنَّةࣲ مِّمَّا تَدۡعُونَاۤ إِلَیۡهِ وَفِیۤ ءَاذَانِنَا وَقۡرࣱ وَمِنۢ بَیۡنِنَا وَبَیۡنِكَ حِجَابࣱ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَـٰمِلُونَ"],"ayah":"كِتَـٰبࣱ فُصِّلَتۡ ءَایَـٰتُهُۥ قُرۡءَانًا عَرَبِیࣰّا لِّقَوۡمࣲ یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق