الباحث القرآني

قال تعالى: ﴿وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ﴾ [غافر ٨١] ﴿يُرِيكُمْ﴾ أي: يُظهرها لكم حتى تروها، وعلى هذا فـ(يُرِي) من الرباعي لا من الثلاثي؛ لأنَّه من: أَرَى يُرِي؛ أي: أَظْهرَ الشيءَ حتى يراه الإنسان. وقوله: ﴿آيَاتِهِ﴾ جمع آية، والآية هي العلامة على الشيء؛ كما قال تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ [يس ٤١]، وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء ١٩٧] أي: علامة. فما هي العلامة؟ الآية علامةٌ على ما يختصُّ بها من صفة؛ فمثلًا إذا نزل الغيثُ وأنبتت الأرض فهو آيةٌ على أيش؟ * طالب: على رحمة الله. * الشيخ: على رحمة الله عز وجل. إذا اهتزَّت الأرض بأهلها أو خُسِفت بأهلها فهو آيةٌ على أيِّ شيء؟ * طالب: على سخط الله. * الشيخ: على سخط الله وعقابه، وعلى قدرته؛ حيث يزلزل هذه الأرض الكبيرة العظيمة، فيكون هذا آية على ما يختصُّ به، فالآيات إذَنْ آياتٌ على ما تختصُّ به من صفة، لا نقول: إنها كلَّها آية على شيءٍ واحدٍ، بل منها ما يكون آيةً على الرحمة، وآيةً على العِزَّة، وآية على الحكمة، وآيةً على القُدرة، وهلُمَّ جرًّا. إذَنْ ﴿آيَاتِهِ﴾ نقول: جمع آية، وهي .. ما هي؟ * طالب: العلامة. * الشيخ: العلامة، طيب. هذه الآيات هل هي كلُّها تدلُّ على شيءٍ معيَّن من الآيات، أو لكلِّ آيةٍ ما يختصُّ بها؟ * طالب: لكلِّ آيةٍ ما يختصُّ بها. * الشيخ: لكلِّ آيةٍ ما يختصُّ بها، بارك الله فيك. ﴿فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ﴾، ﴿أَيَّ﴾ هنا استفهامية منصوبة على أنها مفعولٌ مقدَّم لقوله: ﴿تُنْكِرُونَ﴾. وأسألكم لو كانت الآية (تُنكرونها) أو (تُنكرونه)، فهل ننصب (أي) أو نرفعها؟ * طالب: نرفعها. * الشيخ: نرفعها، ويجوز النصب؛ لأنَّ هذا يكون من باب الاشتغال، وأضربُ لكم مثلًا من عندي حتى لا نتصرَّف في كلام الله، لو قلت: (زيدًا أكرمتُ) هنا يتعيَّن النصب على أنه مفعول مقدَّم، ولو قلت: (زيدٌ أكرمتُه) فهنا يجوز الوجهان والرفع أرجح لأنه الأصل، وأمَّا النصب فيكون على سبيل الاشتغال، وعليه فإذا جاء معمولٌ مقدَّمٌ وعاملٌ مؤخَّرٌ لم يستوفِ عملَه فإنه يجب أن يكون هذا المعمول السابق حسب ما يقتضيه هذا العامل. ﴿فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ﴾، (﴿أَيَّ آيَاتِ اللَّهِ﴾ الدالَّة على وحدانيَّته ﴿تُنْكِرُونَ﴾ )، يعني لو قال المؤلف ما هو أعمُّ لَكان أحسن؛ لأن (...) ليست آيات دالَّة على الوحدانية فقط، بل على الوحدانية وعلى ما يختصُّ بتلك الآية. (﴿تُنْكِرُونَ﴾ استفهامُ توبيخٍ وتذكير)، (استفهامُ توبيخٍ) يعني قولَه: ﴿أَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ﴾، وهو أيضًا استفهامُ تَحَدٍّ، فهو جامعٌ بين التوبيخ والتحدي؛ يعني هذه آياتٌ ظاهرةٌ لا يمكنكم أن تنكروها. قال: (وتذكير (أي) أشهر من تأنيثه)، لأنَّه يقال: أيَّةُ، ويقال: أيُّ، وعلى كلام المؤلف يكون التذكير أشهر من التأنيث ولو كان المشار إليه مؤنَّثًا، ولهذا قال: ﴿فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ﴾، و﴿آيَاتِ﴾ مؤنث، ولم يقل: فأيَّة آيات الله، لكن في غير القرآن لو قيل: فأيَّة آيات الله، لَكان هذا سائغًا إلا أنَّه مرجوح. * من فوائد هذه الآية الكريمة: نعمة الله سبحانه وتعالى على عبادة بإراءتهم الآيات الدالَّة عليه، ولو شاء الله لَأخفى عنَّا ذلك ووَكَلنا إلى ما في نفوسنا وفِطَرنا، ولكن من رحمته أنَّه يُظهر الآيات حتى يكون هذا عونًا على ما في الفِطرة من معرفة آيات الله عز وجل. * ومن فوائد الآية الكريمة: جواز تحدِّي الإنسان بما يعترف به لولا الجحد؛ لقوله: ﴿فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ﴾، وهل تعرف أن أحدًا جحد الآيات مع تيقُّنه بها؟ مَن؟ * طالب: (...). * الشيخ: وغيره. * طالب: فرعون. * الشيخ: نعم، أحسنت، فرعون وقومه، فإنهم جحدوا بآيات الله مع أنَّ أنفسهم مستيقنةٌ بها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب