الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ إلى آخره.
﴿قُلْ﴾ الخطاب للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يخاطب من؟ أُمِر أن يخاطب المشركين فيقول: ﴿إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾.
وقوله: ﴿إِنِّي نُهِيتُ﴾ الجملة هنا مؤكَّدة بـ(إنَّ)، و﴿نُهِيتُ﴾ فعل ماضٍ مبنيٌّ لما لم يسمَّ فاعله، وحُذِف الفاعلُ للعلْمِ به، كما قال تعالى: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء ٢٨]، حُذِفَ الفاعلُ للعلْمِ به؛ لأنه لا أحد ينازع في أن الخالق هو الله، وهنا المسألة مسألة شرعية؛ نهي، فلا نزاع في أن الذي له الأمر والنهي هو الله كما أنه الذي له الخلق، إذن يكون الناهي هو الله عز وجل.
والنهي: طلَبُ الكفِّ على وجه الاستعلاء، هذا تعريف النهي في أصول الفقه، طلب الكف على وجه الاستعلاء بصيغة المضارع المقرون بـ(لا) الناهية، فقولنا: (طلب الكف) خرج به الأمر، وخرج به المباح، وقولنا: (على وجه الاستعلاء) خرج به الدعاء؛ مثل: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا﴾ [البقرة ٢٨٦]؛ لأننا لا ندعو الله على وجه الاستعلاء بل على وجه الاستضعاف؛ نستضعف أنفسنا أمام الله عز وجل، وخرج بقولنا: (بصيغة المضارع المقرون بـ(لا) الناهية)، خرج به نحو قولك: انتهِ عن كذا، اجتنبْ كذا، هذا نهي لكنه ليس نهيًا اصطلاحًا، بل هو أمر بالاجتناب.
فلو قال لك قائل: ﴿اجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ [الحج ٣٠]، هل هذا نهي عن الرجس من الأوثان أو أمر باجتنابه؟ نقول: الثاني؛ أمْرٌ باجتنابه، لكن إذا قلت: لا تقربِ الرجس من الأوثان، صار نهيًا.
﴿نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ ﴿أَنْ أَعْبُدَ﴾ العبادة هي التذلل للمعبود محبةً وتعظيمًا.
وقوله: ﴿الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، قال المفسِّر: (تعبدون ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ )، وهذا أيضًا فيه شيء من القصور، والصواب أن المراد ﴿تَدْعُونَ﴾؛ أي: تعبدون وتسألون؛ لأن من المشركين من يسألون أصنامهم، ويتذللون لها بالسؤال، فهي أعم مما ذكره المفسر رحمه الله تعالى.
﴿نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، وقوله: ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾؛ أي: من سوى الله.
وقوله: ﴿لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي﴾ (لمَّا) ظرف زمان بمعنى (حين)، و(لمَّا) تأتي في اللغة العربية على أربعة أوجه:
الوجه الأول: أن تكون بمعنى (حين)؛ كما في هذه الآية.
والوجه الثاني: أن تكون بمعنى (إلا)؛ كما في قوله تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ [الطارق ٤]، معنى ﴿لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾: إلَّا عليها حافظ.
والمعنى الثالث: أن تكون أداة جزم؛ كقوله تعالى: ﴿بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ﴾ [ص ٨]؛ أي: بلْ لَمْ يذوقوا عذابي ولكنه قريب.
المعنى الرابع: أن تكون حرف وجود لوجود؛ كقولك: لما جاء زيد جاء عمرو.
﴿لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي﴾؛ أي: حين جاءني، والبينات صفة لموصوف محذوف للعلْمِ به، والتقدير: الآيات البينات، قال المفسر: (دلائل التوحيد)، والمعنى أعم مما قال رحمه الله تعالى، بل هي دلائل التوحيد ودلائل القدرة، ودلائل السمع والبصر، وغير ذلك، المهم أنه جاءه البينات من الله عز وجل.
وأنتم ترون في القرآن العزيز كلمة البينات دائمًا محذوف موصوفها؛ وذلك للعلْمِ به، والشيء المعلوم يجوز حذفه، كما قال ابن مالك في الألفية: وحذف ما يعلم جائز، وهذه قاعدة عامة في كل شيء، ليس في المبتدأ والخبر فقط بل في كل شيء.
وقوله: ﴿مِنْ رَبِّي﴾ متعلق بجاء؛ أي: جاءني من الله عز وجل، ولكنه ذكره باسم الربوبية لأن هذه ربوبية خاصة يربِّي بها الله عز وجل أنبياءه ورسله، ﴿وَأُمِرْتُ﴾ مقابل ﴿نُهِيتُ﴾، ﴿نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ﴾ ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. من الآمِرُ؟ الله. والأمر: طلَبُ الفعل على وجب الاستعلاء بصيغة (افعل) أو غيرها مما يدل على الأمر.
وقوله: ﴿أَنْ أُسْلِمَ﴾ (أن) مصدرية، و﴿أُسْلِمَ﴾ فعلٌ مضارع منصوب بها. ومعنى ﴿أُسْلِمَ﴾ أستسلم لرب العالمين، والمراد بالإسلام هنا الإسلام الشرعي؛ لأنه هو الذي بِطاقَتِنا، وهو الذي يمكن أن نفعله أو لا نفعله، وهو الذي لا يكون إلا من المؤمن، أما الإسلام الكوني فليس بِطاقَتِنا، ولا يمكننا أن ندافعه، ويكون من المؤمن والكافر.
إذن يتبين لنا أن الإسلام له معنيان: المعنى الأول: الإسلام الكوني القدري، والثاني: الإسلام الشرعي الديني.
فمن الأول قوله تعالى: ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ [آل عمران ٨٣]، الإسلام هنا كوني أو شرعي؟ كوني؛ لأنه قال: ﴿طَوْعًا وَكَرْهًا﴾، والإسلام الشرعي لا يكون بالإكراه، والإسلام الشرعي لا يكون عامًّا لكل شيء، فالإسلام هنا كوني قدريٌّ.
وهنا قوله: ﴿أَنْ أُسْلِمَ﴾ المراد به الإسلام الشرعي الديني؛ يعني ﴿أَنْ أُسْلِمَ﴾ أي: أستسلم تعبدًا وتذللًا لله عز وجل.
وقوله: ﴿لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ نقول فيها ما قلنا في مثل الآية السابقة، لكن لو قال قائل: لماذا لم يقل: أن أسلم لله؟
قلنا: ليكون ذلك دليلًا على وجه الإسلام، يعني لماذا أسلمت؟ لأن الله رب العالمين، وربُّ العالمين أحقُّ أن يُسْلَمَ له، وأن يتعبد له عز وجل، فهو كالدليل للحكم السابق الذي هو الإسلام.
* في هذه الآية الكريمة فوائد:
* أولًا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عبدٌ مأمور منهي، تؤخذ مِن: ﴿أَنْ أُسْلِمَ﴾.
* ويتفرع على هذه الفائدة: بطلان دعوى من يقول: إن النبي ﷺ له الأمر والنهي في السماوات والأرض؛ لأنه لا يمكن أن يكون كذلك وهو مأمور مَنْهيٌّ.
* من فوائد الآية الكريمة: وجوب الإخلاص لله عز وجل؛ لقوله: ﴿نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ﴾ ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ﴾، وهذا حقيقة الإخلاص.
* ومن فوائدها: الإشارة إلى القاعدة المشهورة، وهي أن التخلية قبل التحلية، ليس تحلية الماء، التحلية؛ يعني: التزيين، التخلية قبل التحلية، تؤخذ مِن ﴿نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ﴾ هذه تخلية، ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ﴾ هذه تحلية.
ووجه كون التخلية قبل التحلية أن التحلية إذا وردت على محل غير نظيف صارت ناقصة متلوثة، فأنت طهِّر المحل أولًا، ثم حلِّه ثانيًا، وهكذا كلمة الإخلاص؛ (لا إله) نفي، (إلا الله) إثبات، الأول تخلية، والثاني تحلية.
* من فوائد الآية الكريمة: بطلان عبادة ما سوى الله؛ لأن النهي يقتضي البطلان والفساد، فلما نُهِينَا عن عبادة ما سوى الله دلَّ ذلك على أنها باطلة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كغيره يحتاج إلى العلم؛ لقوله: ﴿لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي﴾.
فإن قال قائل: في هذا إشكال كبير، وهو كيف يكون الرسول عليه الصلاة والسلام لم يعلم ببطلان هذه الآلهة إلا حين جاءه النهي، مع أن بطلان هذه الآلهة مركوزٌ في الفطر والعقول؟
أما كونه مركوزًا في الفِطر فلقوله ﷺ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا عَلَى الْفِطْرَةِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٥٩٩)، ومسلم (٢٦٥٨ / ٢٣) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]]، والفطرة هي عبادة الله وحده، وأما العقل فلأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام استدل على بطلان الآلهة بدليل عقلي حين قال لأبيه: ﴿لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا﴾ [مريم ٤٢].
قلنا: إن الرسول ﷺ يعلم بطلان هذه الآلهة، لكنه أسند هذا العلم إلى الآيات البينات لإثبات الرسالة، فتكون الرسالة مؤيِّدةً لما تقتضيه الفطرة ويدل عليه العقل.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام فهو آيات بينات ليس فيها خفاء؛ لقوله: ﴿الْبَيِّنَاتُ﴾.
والعجب أن المشركين كانوا يتردَّدون إلى منزل الرسول عليه الصلاة والسلام خفية يستمعون القرآن؛ لأنه أخذ بألبابهم وعقولهم، لكنهم -والعياذ بالله- ينكرون استكبارًا ومُكابرةً.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: التحذير مِن خَفاءِ ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام؛ بمعنى أن الذي لا يرى أن ما جاء به الرسول متضمنٌ للآيات البينات فليعلم أن على قلبه غشاوة؛ لأن القلب النظيف النزيه لا بد أن يعرف أن ما جاء به الرسول حق بيِّنٌ، لكن قد تتراكم الذنوب على القلوب فلا تعرف الحق، قال الله تعالى: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين ١٣، ١٤]، فصاروا يرون هذا القرآن الكريم يرونه أساطير الأولين، نسأل الله ألا يعمي قلوبنا وقلوبكم، فالمسألة خطيرة، إذا لم تجد قلبك مستنيرًا بهذا القرآن -أو بعبارة أعم: بما جاء به الرسول- فاعلم أن في القلب بلاءً، فداوِ القلب ما دام في أول المرض؛ حتى لا يستشري المرض فيقضي على القلب، فلا تتمكن من إصلاحه بعد.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: عناية الله تعالى برسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وذلك في إثبات الربوبية الخاصة في قوله: ﴿مِنْ رَبِّي﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب الإسلام لله عز وجل؛ لقوله: ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الإشارة إلى أنه لا بد للقلب من حركة؛ فإما إلى باطل، وإما إلى حق؛ لقوله: ﴿نُهِيتُ﴾، وهذا تفريغ، هذا الفراغ لا بد أن يكون له ما يملؤه وهو الإسلام؛ لأن كل شيء إذا لم يكن له بديلٌ سيبقى الأمر خاويًا، فإذا خُلِّيَ المكان من الباطل وجب أن يملأ بالحق.
وهكذا أيضًا إذا تأملت وجدت كل شيء باطلٍ إذا لم يخلفه حق بقي الأمر خاويًا، فتذبذب الإنسان، لما قال الله تعالى: ﴿لَا تَقُولُوا رَاعِنَا﴾ [البقرة ١٠٤]، ماذا قال؟ ﴿وَقُولُوا انْظُرْنَا﴾، لا بد من قول، فإذا أُبْطِلَ الباطل فلا بد أن يخلفه الحق.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن ما سوى اللهِ لا يستحق أن يُسْلَمَ له؛ لقوله: ﴿لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، فمن كان ربَّ العالمين فهو الأحق بالإسلام له، ولا يوصف برب العالمين إلا الله عز وجل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات عموم الربوبية لله؛ لقوله: ﴿لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: مُراعاة الوصف المناسب وإن كان فيه عدولٌ عن الأشهر؛ لقوله: ﴿لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ عدولًا عن (لله)، مع أن (الله) هو الأشهر، لكن اعتبار الوصف المناسب أولى، والله أعلم.
* طالب: قلنا: إن الأمر لا يُعَدُّ نهيًا في الاصطلاح، ألا تنطبق عليه قاعدة (...)؟
* الشيخ: لا؛ لأن الأمر بالاجتناب يقتضي الفساد أيضًا.
* طالب: شيخ بارك الله فيك، كيف نفرق بين الاسم اللازم والمتعدي؟
* الشيخ: ما تعدَّى إلى الغير فهو متعدٍّ، وما لا فلا.
* الطالب: التفريق ليس لغويًّا؟
* الشيخ: لا، لغوي ومعنوي، إذا قلت: الله هو السميع، معناه لا بد من مسموع، لكن (الحي) ما يتعدى للغير، حيٌّ بنفسه، عظيم بنفسه، إي نعم.
* الطالب: بالنسبة للأسماء اللازمة غير الحي والعظيم؟
* الشيخ: كثيرة: الجليل..
* طالب: شيخ أحسن الله إليك، تفريقنا بين دعاء المسألة ودعاء العبادة، أليس جميع الدعاء يعتبر من العبادة؟
* الشيخ: بلى، لكن فرق بين أن أقوم أصلي أو أقول: يا رب اغفر لي، الثاني سؤال صريحٌ.
* الطالب: لكن كلاهما دعاء؟
* الشيخ: إحنا قلنا هكذا، قلنا: العبادة لماذا سميت دعاءً؟ لأن العابد يريد الثواب والنجاة من العقاب، فهو داعٍ بلسان الحال، أما الدعاء الصريح فهو بلسان المقال: اللهم اغفر لي وارحمني، وما أشبه ذلك.
* الطالب: كلٌّ يطلق عليه عبادة.
* الشيخ: إي نعم، لكن الدعاء عبادة؛ لأنك تتعبد لله وتذل له بالسؤال، والعبادة معروفة، وكلها أيضًا يُسمَّى مسألة؛ لأن العابد سائل.
* طالب: شيخ بارك الله فيكم، الحمد هو وصف المحمود بالكمال على وجه التعظيم والمحبة، وقلنا: هذا أبلغ من المدح، في قوله عليه الصلاة والسلام: «لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٢٢٠)، ومسلم واللفظ له (٢٧٦٠ / ٣٥) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.]]، المدح ليس محبَّةً وتعظيمًا كما في تفسيرها اللغوي، فكيف هذا الإيراد؟
* الشيخ: المراد بالمدح هنا الحمد.
* طالب: شيخ، بعضهم فسر: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ قال التقدير: أحق، وقال: إن الإله في اللغة العربية لا تأتي للآلهة الباطلة، وورودها في القرآن من باب التنزل مع الخصم؟
* الشيخ: خطأ، هذا ما هو صحيح؛ لأن هؤلاء المشركين يتعبَّدون لهذه الأصنام كما يتعبَّد المؤمنون لله، يعظمونها في نفوسهم، ألم تسمع قول أبي سفيان يوم أحد: أُعْلُ هُبَل.
* الطالب: من باب المشاكلة؟
* الشيخ: أبدًا ولا مشاكلة، الأصل الحقيقة.
* طالب: شيخ، بعض السلف استحسن إذا قلت: لا إله إلا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون؟
* الشيخ: هذا ليس بصحيح، استحسانٌ في غير محله؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقول في أذكار الصلاة: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ»[[أخرج أبو داود (١٥٠٦) بسنده من حديث عبد الله بن الزبير قال: كان النبي ﷺ إذا انصرف من الصلاة، يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون، أهل النعمة والفضل والثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون».]]، الحمد لله رب العالمين ولَّا ولو كره الكافرون؟
* الطالب: ولو كره..
* الشيخ: طيب.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: لا، ما يقول أبدًا، إحنا لا نقول: إنها مشروعة.
* طالب: ذكرتم في الآية أن مطلق الحياة يكون على الله وعلى غيره، ثم استشهدت بقوله تعالى: ﴿خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾ [الملك ٢]، الاستشهاد هنا..
* الشيخ: الاستدلال.
* الطالب: بس ما يكون فيه تقدير محذوف: وخلق الحياة؟
* الشيخ: بلى، هو خلق الحياة، والحياة المخلوقة حياة من؟ حياة المخلوق، إذن مطلق الحياة يكون لله ويكون للمخلوق، أنا أردت أن أستدل بهذه الآية عدولًا عن قوله: ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ﴾ [الأنعام ٩٥]؛ لأن هذه صريحة في أن الحياة مخلوقة، ولا يمكن أن تكون حياة مخلوقة إلا حياة المخلوق.
* طالب: النهي (...) صيغة المضارع، طيب صيغة الماضي؟
* الشيخ: ما يمكن ترد (لا) بصيغة الماضي.
* الطالب: (نُهِيتُ)؟
* الشيخ: لا، هذه ليست صيغة النهي.
* الطالب: نهيت (...)؟
* الشيخ: (لا) هي نهي لا شك، النهي المعنوي غير النهي الاصطلاحي، ﴿اجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ [الحج ٣٠]، هذا نهي ولَّا غير نهي؟ وليس نهيًا اصطلاحًا.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، النهي في الاصطلاح هو طلب الكفِّ على وجه الاستعلاء بصيغة هي المضارع المقرون بـ(لا) الناهية.
* الطالب: (...).
* الشيخ: هذا تعريفه عند العلماء، أما النهي بالمعنى العام يعني ما دلَّ على النهي، حتى الاستفهام بمعنى الإنكار يدل على النهي، حتى لو قلت لواحد فعل شيئًا غير مرغوب فيه تقول: أتفعل هذا؟ لأنك مستفهم الآن، لكنه متضمن للنهي، تعريفه اصطلاحًا هو هذا، ولسنا نتكلم عما يفيد النهي.
﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ﴾ لو قلت: إن هذا نهي، قلنا: غلط، بل نقول: هذا أمر بالاجتناب.
* الطالب: (نُهِيتُ)؟
* الشيخ: لا، ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ﴾، (نُهِيتُ) هذه صيغةُ فعلٍ ماضٍ لكن ما هي صيغةُ نهيٍ، إخبار بأنه نُهِيَ، فما صيغة النهي؟ لا تعبد الذين يدعون من دون الله، هذا معناها.
الآن الْتبس على الأخ النهي بالمعنى والنهي بالصيغة؛ النهي بالصيغة المصطلح عليه هو طلب الكَفِّ على وجه الاستعلاء بصيغة المضارع المقرون بـ(لا) الناهية، هذا النهي، وأما ما دلَّ على النهي بغير هذه الصيغة فإنه لا يُسَمَّى نهيًا اصطلاحًا، وإن كان نهيًا بالمعنى لكن ليس نهيًا بالاصطلاح.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦٧) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٦٨) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (٦٩) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (٧٢) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ﴾ [غافر ٦٧ - ٧٣].
* الشيخ: لا، هذه آية؟ عندك آية هذه؟
* الطالب: إي نعم.
* طالب آخر: بس ما كمَّل الآية.
* الشيخ: لا، ﴿تُشْرِكُونَ﴾ هي آخر آية؟
* الطالب: إي نعم، عندي آخر الآية.
* الشيخ: طيب خلاص، رُؤوس الآي يوقف عليها وإن تعلَّق ما بعدها بها، يعني يجوز أن تقول: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون ٤] وتقف، ثم تقول: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون ٥].
﴿أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ﴾ [غافر ٧٣]، ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [غافر ٧٤] متعلِّقٌ بها، لكن إن كانت هي رأس آية فهو توقيفيٌّ يوقف عليه.
* الطالب: ﴿ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ﴾ [غافر ٧٣، ٧٤].
{"ayah":"۞ قُلۡ إِنِّی نُهِیتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱلَّذِینَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَاۤءَنِیَ ٱلۡبَیِّنَـٰتُ مِن رَّبِّی وَأُمِرۡتُ أَنۡ أُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق