الباحث القرآني
ثم قال الله تبارك وتعالى بعد الآية التي تم أخذ الفوائد منها: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ [غافر ٥٧] اللام هنا لام الابتداء وتفيد التوكيد، و(خلق) مبتدأ، و﴿أَكْبَرُ﴾ خبر المبتدأ. ﴿السَّمَاوَاتِ﴾ هي السبع الطباق، ﴿وَالْأَرْضِ﴾ هي الأرض التي نحن عليها، وقد جاءت السنة بأنها سبع، تصريحًا كما في قول النبي ﷺ: «مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٤٥٢)، ومسلم (١٦١٠ / ١٣٧) من حديث سعيد بن زيد.]]. أومأ القرآن إلى ذلك في قوله: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ [الطلاق ١٢]؛ لأن المماثلة هنا لا يمكن أن تكون في الصفة لظهور الفرق بين السماوات والأرض لكنها مثلها في العدد.
﴿أَكْبَرُ﴾ خبر المبتدأ؛ أي ﴿أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾؛ يعني من إيجاد الناس، ابتداءً أو إعادة؟ ابتداءً وإعادة، إيجاد السماوات والأرض أكبر من إيجاد الناس ابتداءً وإعادة.
يقول: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [غافر ٥٧] يقول المؤلف رحمه الله: ونزل في منكر البعث (﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ابتداء ﴿أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ مرة ثانية). فقيَّد خلق الناس في المرة الثانية وهي الإعادة بناءً على أن الآية نزلت في منكر البعث. والصواب أن الآية نزلت فيما هو أعم، نزلت في منكر البعث، وفي بيان قدرة الله عز وجل.
وعلى هذا فنقول: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ابتداء ﴿أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ ابتداء وإعادة.
﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ﴾ قال المؤلف المفسر: (أي كفار مكة). ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ وفي هذا التفسير قصور؛ لأن أكثر الناس أعم من كونهم من مكة أو غيرها، أكثر الناس لا يعلمون، لماذا لا يعلمون؟ لأنهم لا يتفكرون في خلق السماوات والأرض، فهم جاهلون لا يعلمون ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ﴾ [غافر ٥٨]، هذان مثلان بيَّنهما الله عز وجل؛ الأول: الأعمى والبصير هل يستويان؟ لا، لا يستويان، ولا أحد من الناس يقول: إنهما يستويان، ولا ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ﴾ يعني إذا تقرر أنه لا يستوي الأعمى والبصير فكذلك لا يستوي الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمسيء لا يمكن.
قال المؤلف: (فهم -أي الذين لا يهتدون- كالأعمى ومن يعلمه كالبصير) جاء بذلك المؤلف توطئة لبيان مناسبة الآية لما قبلها، ولكن قد يقال: إن الاستئناف بَيَّن الله فيه أنه لا يستوي هؤلاء وهؤلاء. (﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾ ولا ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ وهو المحسن ﴿وَلَا الْمُسِيءُ﴾ فيه زيادة لا).
وكأن التقدير على كلام المؤلف: ولا الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمسيء، وهذا المعنى واضح لكن قوله: (وهو محسِن) يعني أن الذي آمن وعمل الصالحات محسن؛ لقوله ﷺ: «الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٠)، ومسلم (٩ / ٥) من حديث أبي هريرة.]].
وقوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ ﴿آمَنُوا﴾ بالقلب ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ بالجوارح، وذلك أن الإيمان متى وقر في القلب صدقته الأعمال.
وقوله: ﴿الصَّالِحَاتِ﴾ وصف لموصوف محذوف، والتقدير: الأعمال الصالحات، والعمل الصالح ما اجتمع فيه أمران؛ الأول: الإخلاص لله عز وجل، والثاني: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فبفقد الأول يكون الشِّرْك، وبفقد الثاني تكون البِدْعة، والله سبحانه وتعالى لا يقبل عملًا أشرك فيه معه غيره، ولا يقبل بدعة ابتدعها أحد في دينه، قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»[[أخرجه مسلم (٢٩٨٥ / ٤٦) من حديث أبي هريرة.]]. وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨ / ١٧) من حديث عائشة.]].
إذن فلا بد من إخلاص لا شِرْك معه ومتابعة لا ابتداع معها، وبذلك يكون العمل صالِحًا ﴿وَلَا الْمُسِيءُ﴾ يعني فاعل السيئات، والسيئات هي إما تفريط أو إفراط؛ إما تفريط بالنقص والقصور، وإما إفراط بالزيادة، وكلاهما إساءة.
ثم قال عز وجل: ﴿قَلِيلًا مَا يَتَذَكَّرُونَ﴾ (يتعظون بالياء والتاء أي: تَذَكُّرُهم قليل جدًّا).
قوله: ﴿يَتَذَكَّرُونَ﴾ أي: يتعظون، وفيها قراءتان؛ ﴿يَتَذَكَّرُونَ﴾ و﴿تَتَذَكَّرُون﴾، وكلاهما صحيح، سبعية، ثم أشار المؤلف إلى إعراب هذا التركيب، وهو كثير في القرآن، فقال رحمه الله: (أي تَذَكُّرُهم قليل جدًّا) وعلى هذا تكون ﴿مَا﴾ مصدرية؛ أي: تذكُّرهم تذكُّر قليلًا، ولكن الذي يظهر أن قليلًا صفة لموصوف محذوف مفعولًا مطلقًا؛ أي: يتذكرون تذكرًا قليلًا، و﴿مَا﴾ هذه ﴿مَا﴾ زائدة للتوكيد، توكيد أيش؟ توكيد القلة؛ يعني قليلًا قليلًا، وعلى هذا فتكون الجملة مركبة من فعل وفاعل، ومن مفعول مطلق الذي هو ﴿قَلِيلًا﴾؛ لأنه صفة لمصدر محذوف، ومن ﴿مَا﴾ الزائدة للتوكيد.
نعود إلى أخذ الفوائد من الآيتين، يقول عز وجل: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ [غافر ٥٧] في هذا إثبات أن السماوات والأرض أعظم من البشر، وهذا واضح، بل إن البشر جزء من الأرض؛ لأنهم خُلقوا من طين.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إقامة الحجة على مُنكري البعث؛ لأنكم إذا أقررتم أن الله خالق السماوات والأرض لزمكم أن تقروا بأنه قادر على خلق الناس؛ لأن من قدر على الأعظم فهو على ما دونه أقدر.
وقد أقام الله أيضًا أدلة كثيرة على إثبات البعث؛ منها هذه الآية، وهي الاستدلال بالأعظم على الأدنى، ومنها قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم ٢٧] ﴿وَهُوَ﴾ الضمير يعود على الإعادة ﴿أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ من الابتداء، وهذا شيء معلوم بالحس والعقل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات البعث، وجه الدلالة؟
* طالب: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [غافر ٥٧] فيها رد على ذكر الأعلى فهو..
* الشيخ: لا، قصدي إثبات البعث، ما هو القدرة على الإعادة.
* الطالب: ﴿أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾.
* الشيخ: من قوله: ﴿أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾؛ لأن المقصود من الآية تقرير البعث.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن أكثر الناس في غفلة وجهل؛ لقوله: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [غافر ٥٧]، وهذا يُشبِه قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾ [الأنعام ١١٦] فاحرص على ألا تكون من هؤلاء الذين لا يعلمون.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن العلم في الناس قليل؛ لأنه إذا كان أكثرهم لا يعلم لزم أن يكون الذي يعلم هو الأقل.
فإن قال قائل: هل المراد نفي العلم أو نفي الفائدة فائدة العلم؟
يقال: المراد الأمران، فأكثر الناس في جهل، وأكثر الناس وعندهم علم لم ينتفعوا بعلمهم ولم يستفيدوا منه.
* طالب: (...) قلنا: إنها زائدة.
* الشيخ: نعم، للتوكيد.
* طالب: (...) ما الزائدة (...)؟
* الشيخ: لا، تأتي كثيرًا علامتها أنك لو أسقطتها لتم الكلام بدونها.
* طالب: شيخ، هنا الله تعالى في الآية الثانية مَثَّل للذين آمنوا وعملوا الصالحات والمسيء مَثَّل لهم بالأعمى والبصير، فمثلًا كيف هذا التمثيل بالأعمى والبصير لمن ليس له إرادة في هذا، البصير ليس له إرادة في كونه بصيرًا، كذلك الأعمى بعكس الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم..
* الشيخ: إي نعم، ليس المراد ذم الأعمى والبصير حتى يقال: إنه ليس لهما إرادة، المراد بيان حالهم أنهما لا يستويان بالاتفاق.
* طالب: شيخ -بارك الله فيك- (...) المعصية بعض الناس يقولون يدعون المولى، يقولون: يا رب، لو أطعتك طمعًا في جنتك فاحرمني منها، وإن عصيتك خوفًا من نارك فأدخلني فيها، فقولهم هذا صحيح؟
* الشيخ: هذا منكر، ومن أعظم المنكر، والذي يقوله الصوفية وهم محرومون من الخير، أليس الله قال عن رسوله والذين معه: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ [الفتح ٢٩]؟
* طالب: بارك الله فيكم، قوله ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا». ما يقع في القلب يا شيخ أثناء المصاعب أو ما شاكل من (...) والتألم هذا ينافي الصبر؟
* الشيخ: لا، الحزن على الشيء لا يُنافي الصبر، اللي ينافيه أن يقع في قلبه تسخط على الله.
* الطالب: قد يقع يا شيخ لكن (...) أحيانًا يأتي بهذه الأمور..
* الشيخ: لا، يجب مدافعته، هذا ليس بصابر بل تجب عليه المدافعة، وأن يعلم أن الله عز وجل حكيم، وقد يريد الله بالإنسان خيرًا إذا ابتلاه.
* الطالب: ويش علامة هذا يا شيخ؟
* الشيخ: علامة كيف؟
* الطالب: يعني علامة الإنسان (...) الصبر..
* الشيخ: إذا وجد في نفسه التسخط في قلبه التسخط على الله.
* الطالب: (...) أو مجرد وقوعه؟
* الشيخ: لا، يجب أن يدافعه، إذا كان هجم على قلبه، فالواجب أن يدافع لكن ما أعتقد أن مؤمنًا يتسخط على ربه، نعم، يكره ما حصل، صحيح، كل إنسان يكره ما يحصل له من البلاء، لكن كونه يعتقد أن الله ظلمه، وأن هذا عدوان من الله عليه وما أشبه ذلك، هذا ما أظن أحد يفعله.
* طالب: عمل الكبائر من الأنبياء، ذنوب الكبائر هل يقع؟
* الشيخ: يقع لكن يتوبون منها، فإن موسى قتل نفسًا بغير حق، أو لم يؤذن له فيها.
* طالب: (...) قبل النبوة.
* الشيخ: سواء قبل النبوة أو بعدها؛ ولهذا هو اعتذر في طلب الشفاعة بذلك.
* طالب: (...) ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [غافر ٥٨] (...) بين الإيمان والأعمال الصالحة لأنه ذكر الإيمان وقال: الأعمال الصالحة، هل يجوز (...)؟
* الشيخ: تفاوت؟ معلوم ما فيه شك لكن ترى ما وصلنا إلى الآية هذه، ليش أنت بتسأل عن شيء ما وصلنا له ولا أخذنا فوائده ولا أي شيء؟! انتظروا.
* طالب: (...)
* الشيخ: ما يشترط الحور، إن زوجات الجنة يكون أحسن ما هو (...) فائدة.
* طالب: علمنا.
* الشيخ: علمنا ها الحين، علمنا الحديث فيه شيء من الضعف لكن مثلما قلنا: إن نساء الدنيا أحسن بلا شك، نسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل الجنة.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، سبحان الله! هذه سلمك الله احتفظ بها.
* * *
* طالب: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (٥٩) وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (٦١) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ [غافر ٥٩ - ٦٢].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الله: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيء﴾ [غافر ٥٨].
* في هذه الآية من الفوائد: أولًا: ضرب الأمثال، وهو إلحاق المعقول بالمحسوس، وجه ذلك: أن انتفاء الاستواء في الأعمى والبصير أمر معلوم بالحس، وانتفاء استواء الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمسيء أمر معلوم بالعقل.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه ينبغي لِمُعلِّم الناس أن يربط المعقولات بالمحسوسات؛ لأن ذلك أقرب إلى الفهم وأدعى إلى التصديق؛ إذ إن المحسوس لا يُنكر، لكن المعقول قد يكابِر فيه من يُكابِر وينكره.
* من فوائد الآية الكريمة: نفي المساواة بين الأمور المختلفة، وهذا من قواعد الشريعة؛ أنها لا تساوي بين مختلِفين، ولا تجمع بين مفترقين، ومنها: أن من الناس من يطنطن ويقول: إن الدين الإسلامي دين المساواة وهذا خطأ؛ الدين الإسلامي دين العدل وليس دين المساواة، الذين يقولون: إنه دين المساواة، يريدون أن يتحولوا من هذا إلى التسوية بين الرجل والمرأة وبين الشريف والوضيع، وهذا خطأ، فإن الله تعالى جعل لكل إنسان ما يليق به شرعًا وقدرًا؛ ولهذا لم يأتِ حرف واحد في القرآن فيه أن الناس سواء أبدًا، أكثر ما يوجد في القرآن نفي الاستواء؛ أي نفي المساواة، لكن العدل جاء في القرآن ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ [النحل ٩٠] ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ [النساء ٥٨] ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة ٨]، إلى غير ذلك من الآيات؛ وذلك لأن العدل يعني أن نُنَزِّل كل إنسان منزلته، فإذا استوى إنسانان في منزلة ساوينا بينهما في الحكم، وإذا اختلفا فرقنا بينهما، والعجب أن كثيرًا من كتب المتأخرين يقولون بذلك، وهذا أمر قد يدعو أيضًا إلى التسوية بين المؤمن والكافر؛ لأن كلًّا منهما إنسان بشر، لكن إذا قلنا: العدل صار الكافر لا يمكن أن نلحقه بالمسلم؛ لأن ذلك جور وظُلْم في حق المسلم وغُلُو وإفراط في حق الكافر.
* ومن فوائد الآية الكريمة: فضيلة الإيمان والعمل الصالح وسوء العمل السيئ؛ لقوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ﴾ [غافر ٥٨].
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن كثيرًا من الناس لا يتذكرون إلا قليلًا؛ لقوله: ﴿قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ﴾ [غافر ٥٨].
* ومن فوائدها: أن في هذه الآية شاهدًا؛ لقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام ١١٦]، وقوله: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِين﴾ [يوسف ١٠٣].
{"ayahs_start":57,"ayahs":["لَخَلۡقُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ","وَمَا یَسۡتَوِی ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِیرُ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَلَا ٱلۡمُسِیۤءُۚ قَلِیلࣰا مَّا تَتَذَكَّرُونَ"],"ayah":"وَمَا یَسۡتَوِی ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِیرُ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَلَا ٱلۡمُسِیۤءُۚ قَلِیلࣰا مَّا تَتَذَكَّرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











