الباحث القرآني
ثم قال الله تبارك وتعالى: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ [غافر ٥٥] ﴿اصْبِرْ﴾ الخطاب لِمَن؟ للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ﴿اصْبِرْ﴾ على أي شيء؟ ﴿اصْبِرْ﴾ على حكم الله؛ الكوني والشرعي؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ [الإنسان ٢٣، ٢٤].
وتأملوا يا إخواني لما مَنَّ الله عليه بأنه نزل عليه الكتاب تنزيلًا هل قال: فاشكر نعمة ربك؟ قال: ﴿اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾. معناه أنك كُلِّفْت أمرًا عظيمًا يحتاج إلى صبر ﴿اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ الشرعي، والثاني؟ الكوني، وقد لقي النبي ﷺ العناء الكبير من الصبر على أذى قومه.
وقوله: ﴿اصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ إذن ﴿اصْبِرْ﴾ إذا قيل: هنا في الآية حذف؟ قلنا: نعم، وما هو المحذوف؟ تفسره الآية الأخرى: ﴿اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ الكوني والشرعي. ولا نجد أحدًا أصبر من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لحكم الله:« «يُوعَكُ» -يعني يمرض- «كَمَا يُوعَكُ الرَّجُلَانِ مِنَّا»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٦٤٧)، ومسلم (٢٥٧١ / ٤٥) من حديث عبد الله بن مسعود.]].
يشدد عليه، شُدِّد عليه في الموت، عند الموت وهو محتضر شُدِّد عليه، كما قالت ذلك عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: لم يُشدِّد على أحد، أُوذِيَ في الله عز وجل فصبر واحتسب. وقصة إيذاء المشركين له في مكة وغير مكة أمر مشهور عندهم ومعلوم.
﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ إي والله ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ هذه الجملة خبرية مؤكدة بـ(إن). ﴿وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ بماذا؟ وعد الله بنصر أوليائه وخذل أعدائه حق، والحق: هو الشيء الثابت الذي لا يتغير.
﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ بنصر أوليائه حق وأنت ومن تبعك منهم. هم على قمة الأولياء ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ [الفتح ٢٩] قمة الأولياء، وصفهم الله بأنهم ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ [الفتح ٢٩] شوف كيف المعاملة بعضهم مع بعض ومعاملتهم مع الله عز وجل ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ [غافر ٥٥] (ليستن بك). استغفر لذنبك؛ أي: اطلب من الله المغفرة للذنب وهو الإثم أو المعصية.
﴿اسْتَغْفِرْ﴾ اطلب المغفرة، والمغفرة مشتقة من (الْمِغْفَر)، وهو الذي يُوضع على الرأس أثناء القتال ليتقي به المقاتل سهام المقاتلين، هذا هو الْمِغْفَر. إذن فالمغفرة سَتْر الذنب والتجاوز عنه، ليس مجرد الستر، ويدل لهذا قوله تعالى إذا حاسب عبده المؤمن:« «قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٤٤١)، ومسلم (٢٧٦٨ / ٥٢) من حديث ابن عمر.]].
وقوله: (ليستن بك) إشارة إلى أنه لا ذنب للرسول لكن أُمِر بالاستغفار لتستن به الأمة فتستغفر لذنوبها، وهذا بناءً على أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يذنب، وكذلك الرسل، ولكن في هذا نظر، هذا من الغلو بالنسبة للرسول عليه الصلاة والسلام، ورُبَّ مُذنبٍ تابَ من ذنبه فكان خيرًا منه قبل الذنب؛ آدم عليه الصلاة والسلام عصى ربه وغوى، ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى، قبل ذلك هل حصل له الاجتباء؟ لا، فصار بعد التوبة من الذنب خيرًا منه قبل الذنب، والذنب لا يخدش بالإنسان، الذنب إذا عرف الإنسان نفسه، وعرف قدْر ربه عز وجل، ثم رجع إلى الله وتاب وندم؛ يجد في قلبه إيمانًا لم يكن قبل، يكون عنده حياء من الله وخجل لكن إذا لم يُذنب مات قلبه؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم[[(٢٧٤٩ / ١١) من حديث أبي ذر.]] : «لَوْلَا أَنْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ وَيَغْفِرُ لَهُمْ».
وعلى هذا فنقول للمؤلف: عفا الله عنك؛ حيث ادعيت ما ليس بصحيح، إذا كان الله يقول للرسول ﷺ: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح ١، ٢] كيف نقول: إن أمره بالاستغفار من أجل أن يستن به لا من أجل أن له ذنبًا والله يقول صراحة: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾، ويقول عز وجل: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [محمد ١٩]؟ تقول: والله ما له ذنب لكن يستغفر ليستن به! كيف يقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم ١، ٢] ﴿تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ غفر الله لك ذلك، كيف يقول الله عز وجل: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ [التوبة ٤٣]؟
كل هذا يدل على أن مثل هذه الأمور تقع للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكن لا شك أن ما يخل بالأخلاق أو يخل بالرسالة لا يمكن أن يقع منه، هذا شيء معلوم، لا يمكن يقع منه الفاحشة، ولا يقع منه كذب، ولا يقع منه خيانة، هذا مستحيل؛ لأن هذا يخل بالشرف، ويخل بمقام النبوة، أما المعاصي البعيدة عن هذا فتقع، أليس موسى ﷺ قتل نفسًا لم يُؤمر بقتلها؟
* طالب: بلى.
* الشيخ: طيب، وهو من أولي العزم، فالحاصل أن قول المؤلف: (ليستن بك) خطأ. ﴿اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾؛ لأن لك ذنبًا لكنه مغفور، ومن أسباب مغفرة ذنبه أن تستغفر، فالاستغفار من أسباب المغفرة، والطاعات من أسباب المغفرة التي تغلب الطاعات على المعاصي وغير ذلك ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ [غافر ٥٥].
﴿وَسَبِّحْ﴾ يقول المؤلف رحمه الله: (صَلِّ) ولا شك أن الصلاة تسمى تسبيحًا، ومنه حديث: «صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ فِي بَيْتِهِ سُبْحَةَ الضُّحَى»[[متفق عليه؛ البخاري (١١٢٨)، ومسلم (٧١٨ / ٧٧) من حديث عائشة.]]. ومنه قول ابن عمر: «لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ» »[[أخرجه مسلم (٦٨٩ / ٨) من حديث ابن عمر.]]. يعني مصليًا نافلة لأتممت، فلا شك أن الصلاة تسمى تسبيحًا؛ ومن الأدلة على ذلك إضافةً إلى ما ذُكر أو سابقًا لما ذكر لكن أخرناه ترتيبًا أو نسيانًا قوله تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ [الروم ١٧، ١٨]، حيث قال بعض العلماء: إن هذه إشارة إلى أوقات الصلوات الخمس.
لكن هل يتعين أن يكون التسبيح في كل مكان بمعنى الصلاة؟ لا، ولهذا نرى أن قوله تعالى هنا: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ [غافر ٥٥] أشمل وأعم من إرادة الصلاة، يقول: ﴿سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ أي تسبيحًا مقرونًا بالحمد، فبالتسبيح زوال الصفات التي لا تليق بالله، وبالحمد إثبات صفات الكمال لله، فيكون ﴿سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ جامعًا بين التنزيه والإثبات؛ تنزيه الله عما لا يليق به، وإثبات ما هو أهله جل وعلا من الكمال في صفاته وأفعاله.
﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ فالعشي: ما بعد الزوال، ومنه حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٨٢)، ومسلم (٥٧٣ / ٩٧) من حديث أبي هريرة.]]. فالعشي ما بعد الزوال، والإبكار ما قبل الزوال، قال المؤلف: (الصلوات الخمس)؛ لأن العشي يشمل الظهر والعصر والمغرب والعشاء، والإبكار: الفجر.
﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ والصواب كما قلنا أولًا: أن المراد بالتسبيح هنا ما هو أعم من الصلوات.
ثم قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ﴾ [غافر ٥٦] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ﴾ هذه (إن) واسمها، وخبرها قوله: ﴿إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ﴾ أي: ما في صدورهم إلا كبر.
قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ﴾ المجادلة المخاصمة، وسُمِّيت المخاصمة مجادلة؛ لأن كل خصم يجدل الحجة؛ ليغلب صاحبه كجَدْل الحبل، تعرفون جدل الحبل؟ شده، كل واحد من المتخاصمين يجدل الحجة لنفسه؛ ليفحم خصمه.
وقوله: ﴿يُجَادِلُونَ﴾ المفاعلة تأتي في الغالب بين اثنين، وقد تأتي (فَاعَل) بدون مشارك مثل: سافَر، على وزن (فاعَل)، على وزن (جادَل) لكنها ليست من اثنين، لكن الغالب أن (فاعَل) يعني المفاعلة تأتي من اثنين.
﴿يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ﴾ من يجادلون؟ يجادلون أهل الحق ويناظرونهم، ولقد علمتم المناظرة التي وقعت بين إبراهيم وقومه، ووقعت بين إبراهيم والذي حاجه في ربه، ومجادلات كثيرة في القرآن، وفي السنة، وإلى يومنا هذا.
﴿فِي آيَاتِ اللَّهِ﴾ قال المؤلف: (القرآن) وهذا التفسير قاصر؛ لأن آيات الله تشمل الكونية والشرعية، ثم تشمل أيضًا من يجادل في هذه الأمة ومن يجادل فيمن سبق، والذين يجادلون فيما سبق يجادلون في القرآن؟ لا، فالأولى أن نجعل الآية على العموم، يجادلون في آيات الله الكونية والشرعية إن كانوا في هذه الأمة؛ فالشرعية هي القرآن والسنة أيضًا، وإن كان من قَبْل الأمة فالمجادلة في التوراة في قوم موسى.
إذن تفسير المؤلف قاصر، لماذا؟ لأنه لم يُحِط بالمعنى بل قَصَرَه على بعضه لكن لو ادَّعى مُدَّعٍ أن المؤلف ذكر القرآن من باب التمثيل، لو ادَّعى مُدَّعٍ ذلك، نقول: إن هذا ممكن محتمل لكنه أخطأ في التعبير؛ إذ إن المراد يُقال: آياته الشرعية كالقرآن؛ حتى يكون الأمر واضحًا.
﴿يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ﴾ المجادلة في الآيات الشرعية منها اتباع المتشابه، فيأتي مثلًا في آية من القرآن فيها اشتباه تحتمل معنًى حقًّا ومعنًى باطلًا وهي في الحق أظهر كما هو معلوم، فيريد أن يحملها على المعنى الباطل المرجوح، يأتي بآيات من القرآن ظاهرها التعارض، القرآن متناقض، كيف يقول: كذا، ثم يقول: كذا، فمثلًا يقول: إن الله تعالى قال: ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء ٤٢]، يودون ولا يكتمون الله حديثًا، وفي آية أخرى: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام ٢٣] فكتموا أو لا؟ كتموا ﴿قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ وكان بالأول مقرين تمامًا فيأتي يقول: هذا القرآن متناقض، كيف يُثبت في مكان أنهم لا يكتمون الله حديثًا، وفي مكان أنهم ينكرون، فيجادل لمثل ذلك.
إذا لم يكن لدى الإنسان سيْف يقطع حُجَّة هذا؛ بقي الإنسان مرتبكًا، فما هو السيف الذي يقطع حجته؟ أن نقول: إن يوم القيامة ليس ساعة من زمن، مقداره خمسون ألف سنة، فأقروا بالأول ولما رأوا أن المؤمنين ينجون، قالوا: نكتم لعلنا (...)، أو أنهم كتموا في الأول، ثم لما رأوا جوارحهم تشهد عليهم أقروا واعترفوا.
فعلى كل حال، أنا أقول: المجادَلة في الآيات في القرآن منها اتباع المتشابه، اتباع المتشابه هذه مجادلة لا شك، وكذلك أيضًا المجادلة في الآيات الكونية، يأتي مثلًا بأشياء من مخلوقات الله عز وجل فيقول: لماذا خلق الله هذا الشيء؟ لماذا خلق الله العقرب؟ لماذا خلق الله الحية؟ لماذا خلق الله الأسد؟ وما أشبه ذلك؛ إذن ما أراد الله إلا إضرار الخلق وإيذاء الخلق!
انتبه! عندما يُورَد هذا السؤال على عامي ماذا يقول؟ يقول: ها والله ما أدري يمكن! فيُجادل، مع أننا نعلم أن خلق هذه المخلوقات من مصلحة العباد، وقد ذكرنا في مجالس سبقت أن فيها ثماني فوائد تظهر للمتأمل، وبذلك نعرف المجادلة في الآيات تكون في الآيات الكونية، والآيات الشرعية، وذكرنا مثالين على ذلك.
يقول الله عز وجل: ﴿بِغَيْرِ سُلْطَانٍ﴾ قال المفسر: (برهان) ﴿أَتَاهُمْ﴾ ﴿أَتَاهُمْ﴾ [غافر ٣٥] هذه صفة لسلطان، والسلطان يقول المؤلف: (هو البرهان).
وذكرنا فيما سبق أن السلطان ما يكون به سُلطة سواء كان دليلًا، إذا كانت المسألة تحتاج إلى دليل أو سلطة تدبير كالسلطان الأعظم وما أشبه ذلك، أو قوة وقدرة كما في قوله تعالى: ﴿لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ [الرحمن ٣٣]. المهم أن السلطان ما يكون به السلطة للإنسان، وفَسِّرْه في كل مكان بحسبه.
وقوله: ﴿بِغَيْرِ سُلْطَانٍ﴾ هل يعني أنه يمكن أن يجادل الإنسان بالباطل بسلطان؟ إذن هذا القيد بيان للواقع، وليس قيدًا احترازيًّا، بل هو قيد مُبَيِّن للواقع، أن كل من جادل في آيات الله فإنه مجادِل بغير سلطان، ولا يمكن أن يأتيه سلطان بذلك.
وقوله: ﴿إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ﴾ ﴿إِنْ﴾ يقول المفسر: (ما). يعني أنها نافية، وذلك أن (إن) لها في اللغة العربية عدة معانٍ، مشتركة بين عدة معانٍ، وما أكثر الكلمات التي يكون لها عدة معانٍ، ولكن من الذي يُعَيِّن المعنى؟ السياق وقرائن الأحوال، ومن ذلك أنك متى وجدت إثباتًا بعد (إن) فهي نافية، إن هذا إلا بشر مثلكم، ﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ﴾ [هود ٥٠] ﴿إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ﴾ [غافر ٥٦] وهلم جرًّا، فمتى وجدتَ الإثبات في سياق (إن) فاعلم أنها نافية، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على معانيها لكن هنا يقول: ﴿إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ﴾ [غافر ٥٦]. قال: ﴿فِي صُدُورِهِمْ﴾ والذي في الصدور هو القلب، قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور﴾ [الحج ٤٦]، وإذا تكبَّر القلب، والعياذ بالله، تكبَّر البدن، وإذا ذل القلب لله؛ ذل البدن، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩ / ١٠٧) من حديث النعمان بن بشير.]]. وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام، ومَثَّل أبو هريرة رضي الله عنه ذلك «بالملك له جنود يأمر الجنود فيأتمرون»[[أخرجه معمر في الجامع (٢٠٣٧٥)، والبيهقي في شعب الإيمان (١٠٨). ]].
ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية قال: إن تمثيل الرسول ﷺ أبلغ؛ لأن الملك قد يتمرد عليه الجنود، أليس كذلك؟ لكن القلب هل يمكن تتمرد عليه الجوارح؟ أبدًا، لا يمكن، فجعل الكبر في الصدور؛ أي في القلوب؛ لأن الصدور محلها ﴿مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾ [غافر ٥٦] إلا كبر تكبُّر وطمع أن يعلو عليك.
﴿مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾ [غافر ٥٦] جملة ﴿مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾ الظاهر أنها مستأنفة وليست صفةً لكِبر ﴿إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ﴾؛ ولهذا نقول: إذا قرأت فقل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ﴾ هذا الموقف الصحيح.
ولا تقف على قوله: ﴿بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ﴾؛ لأنك إذا وقفت على ﴿بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ﴾ معناه ما تم الكلام، وقفت على الكلام قبل التمام، ولكن قل: ﴿إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ﴾ ثم قف، وقل: ﴿مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾؛ لأنك إذا وصلت ﴿إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾؛ صارت جملة ﴿مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾ حسب القراءة صفة لكبر، وليس الأمر كذلك بل هي جملة مستأنفة من الله عز وجل يقول: إنهم لن يبلغوا ما في صدورهم من التكبر عليك والعلو عليك.
وقوله: ﴿مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾ أصله: (ببالغينه)، لكن أين ذهبت النون؟ ذهبت النون بالإضافة؛ لأن النون والتنوين لا يجتمعان مع الإضافة؛ ولهذا قال أحد الناس يصف تباعده مع صاحبه:
؎كَأَنِّيَ تَنْوِينٌ وَأَنْتَ إِضَافَةٌ ∗∗∗ فَأَيْنَ تَرَانِي لَا تَحِلُّ مَكَانِي
والنون كالتنوين تُحذف مع الإضافة (﴿مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ من شرهم ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ﴾ لأقوالهم ﴿الْبَصِير﴾ بأحوالهم) ﴿اسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ ﴿اسْتَعِذْ﴾ بمعنى استجِر به، واعتصم به؛ فإنه جل وعلا نعم المعاذ؛ ولهذا «لما دخل النبي ﷺ على امرأة تزوجها، فقالت: أعوذ بالله منكَ. قال:» «لَقَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ»[[أخرجه البخاري (٥٢٥٥) من حديث أبي أسيد. ]]. وتركها مع أنه تزوجها راغبًا فيها، لكن استعاذت بمن؟ بمن لا يمكن أن تخفر جواره أبدًا. قال: «الْحَقِي بِأَهْلَكِ». استعذ بالله من أي شيء؟ يقول المفسر: (من شرهم)، والأولى أن يكون الأمر أعم؛ أي استعذ بالله من كل مكروه، فلا ملجأ للإنسان إلا إلى الله عز وجل، ولا عياذ إلا به، ولا لياذ إلا به أيضًا؛ فهو عز وجل نفر منه إليه.
﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير﴾ [غافر ٥٦]. ختم الآية بالسمع والبصر؛ لأن ما يؤذون به النبي ﷺ؛ إما قول فيُدرك، أو فعل فيدرك بالبصر؛ يعني إن آذوك بالقول فنحن نسمع، بالفعل فنحن نُبصر، وهذا فيه من تطمين الرسول ﷺ ما يُعلم إن شاء الله بذكر الفوائد، والله أعلم.
* طالب: الصحيح ما ذهب إليه بعض المفسرين في قوله تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح ٢] أن الذنب المتقدم قبل الرسالة، والذنب المتأخر هو ترك الأمر (...).
* الشيخ: ما هو صحيح هذا، ليس بصحيح، الرسول عليه الصلاة والسلام فعل أشياء عاتبه الله فيها بعد الرسالة ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ [الأحزاب ٣٧] متى نزلت؟ نزلت قبل الرسالة ولَّا بعدها؟ نحن يا أخي لا نُنَزِّه الرسول إلا عما نزهه الله عنه، ثم قلتُ لكم قبل قليل: قد يكون الإنسان بعد المعصية والتوبة منها خيرًا منه قبلها، وضربنا لكم مثلًا بقصة من؟ بقصة آدم.
يا إخواني، دعوا النصوص على ما هي عليه، والله عز وجل لا يظلم أحدًا أبدًا؛ ولهذا أظن أننا، أتأكد ما أظن، لكن ما أدري هل سمعتم هذا أم لا، لما قالوا: إن قول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾ [الأعراف ١٨٩، ١٩٠]. «قالوا: إن هذه الآية نزلت في آدم وحواء، إنها حملت فجاءها الشيطان، فقال: سمِّيَا ولدَكُما عبد الحارث، فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتًا، ثم حملت ثانيًا فجاءهما، وقال: لتطيعاني أو لأجعلن له قرني أيل » -والأيل نوع من الغزلان قرنه قوي حربة- «فيخرج من بطنك فيشقه فأدركهما حب الولد فسمياه عبد الحارث»[[أخرجه الترمذي (٣٠٧٧)، وأحمد (٢٠١١٧)، والبزار (٤٥٨٠) من حديث سمرة. ]]. عبَّداه لغير الله، هل يمكن أن يقع هذا من آدم؟ لا يمكن، ثم لو فُرض أنه وقع هل يمكن أن يذكر الله السوء، ولا يذكر التوبة منه؛ لأنا نقول: إذا وقع، فإما أن يكون قد تاب منه أو لم يتب، فإن لم يتب فقد مات على الشرك، وإن تاب فليس من عدل الله عز وجل أن يذكر السوء، ولا يذكر الخلاص منه.
فنحن نقول -بارك الله فيكم-: بعض العلماء -عفا الله عنا وعنهم- يتحايلون، أو (يتمحَّلون) على الأصح، العبارة الصحيحة يتمحَّلون في تنزيه الرسل عما وصفهم الله به لكن نحن نؤمن بأن الرسول يختلف مع غيره في مسألتين؛ المسألة الأولى: أنه لا يمكن أن يفعل ما يخل بالرسالة أو بالشرف.
المسألة الثانية: إذا فعل معصية فلا يمكن إلا أن يتوب منها، لا يقره الله على معصية، نحن الآن بني آدم، جائز علينا هذا وهذا ولَّا لا؟ جائز على بني آدم أن يفعلوا ما يخل بالشرف، يأتون الفاحشة، يزنون، جائز عليهم أيضًا إذا فعلوا ألا يتوبوا، فالرسل يختلفون عن غيرهم بهذين الأمرين، هما الأخ.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا يا أخي، ما أنت بتكتب، أنا أشوف أيش رأيك؟ علِّق -بارك الله فيك- على الذين يحضرون بأبدانهم دون قلوبهم.
* طالب: ما ينبغي (...).
* الشيخ: بس، هذا التعليق على كل حال جزاك الله خيرًا، قد تكون لا ينبغي بمعنى الممتنع المستحيل، في قوله: ﴿وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا﴾ [مريم ٩٢].
على كل حال يا إخواني أنتم -جزاكم الله خيرًا- تركتم أهلكم وفرشكم وبيوتكم وجئتم إلى هذا المكان؛ فاستغلوا الفرصة، وأنا جربت إذا غفل الإنسان عن حرف من الكلام، خلاص انسحب، رُبَّ كلمة يُبنى عليها ما بَعْدها، فنحن نرجو أن ينتبه كل واحد منكم.
فالخلاصة الآن: أن بعض العلماء رحمهم الله يتمحلون بالنسبة للرسل عليهم الصلاة والسلام، ونحن نقول: لا نتعدى القرآن والحديث أبدًا، نبي من الأنبياء قرصته نملة، النملة معروفة قرصته فأحرق قرية النمل كلها، صب عليها نارًا، فأوحى الله إليه هلَّا نملة واحدة، تقرصك نملة وتروح كل القرية تحرقها بسبب ذنب واحد! وهذا إشارة إلى أن الإنسان يجب عليه أن يتحرى.
ثم هذا النمل لا يمكن أن يتأدب، هل تظنون أنه يتأدب إذا سمعت قرى النمل الأخرى بهذه القصة تابت عن قرص الناس؟ لا، وأقول لكم هذا؛ لئلا توردوا عليَّ أن الله تعالى قد يُهلك الطائعين بذنب العصاة ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ [الأنفال ٢٥] لماذا؟ لأن هؤلاء الطائعين مكلَّفون بإنكار المنكر، ثم إذا أُهلكوا؛ تأدب بهم من سواهم بخلاف مسألة قرية النمل.
* طالب: (...) إذا ورد بني إسرائيل في القرآن تكون هذه على سبيل التكريم أو ليس على سبيل الذم، وإذا ورد اليهود فإنه على سبيل التقريع وعلى سبيل الذم، فهل هذا مطرد في القرآن؟
* الشيخ: لا، ليس بصحيح، الله يذكر بني إسرائيل بذنوبهم ويذمهم ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [المائدة ٧٨]، لم يقل: من اليهود، ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة ٤٧] وآيات كثيرة.
* طالب: لو قالت زوجة لزوجها: أعوذ بالله منك، كما حصل مع الرسول هل (...) أن يطلقها ولا (...)؟
* الشيخ: لا، إذا قالت: أعوذ بالله منك، يقول: وأعوذ بالله أن تقولي مثل هذا الكلام، عرفت؟
* الطالب: شيخ (...)؟
* الشيخ: لا تفتح الباب علينا يا شيخ، يروح كل واحد إذا أتى (...) قالت: أعوذ بالله منك، سوِّ الشاهي، أعوذ بالله منك، اطبخي الغداء أعوذ بالله منك (...).
على كل حال إذا استعاذ الإنسان بالله، فقد قال الرسول: «مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ»[[أخرجه أبو داود (١٦٧٢)، والنسائي (٢٥٦٧)، وأحمد (٥٣٦٥) من حديث ابن عمر.]]. لكن يُنظر هل الله يُعيذ مثل هذا الرجل أو لا؟ يعني هذا الذي استعاذ بالله هل يعيذه الله؟ افرض أن رجلًا أُمر بمعروف فقال للآمر: أعوذ بالله منك، هل يُعيذ الله هذا الرجل الذي استعاذ؟ ما يعيذه؛ لأننا لا نعيذ من استعاذ بالله إلا إذا كان الله يعيذه، أما مقام النبي ﷺ فله مقام أعلى من مقاماتنا.
* طالب: قول الله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ [غافر ٥٥] بعض المغرضين يقولون: إن الإيذاء والبلاء في دين الله دلالة على أن هذا الدين باطل؟ فكيف نرد عليهم؟
* الشيخ: من قاله؟
* الطالب: بعض المغرضين.
* الشيخ: من هم بعض، أنت تجيب لي سوالف ولَّا فرضيات، وين؟ كيف يقولون؟!
* الطالب: يقولون: إن البلاء لو أن هذا الدين حق لما أضير الناس في المعتقلات و..
* الشيخ: لا، هذا غير، الرسول لولا أن دينه حق ما أُوذي عليه، لو تبع ما عليه قومه ما آذوه؛ ولهذا كان من حكمة الله أن أعمام الرسول عليه الصلاة والسلام أربعة، الذين أدركوا زمنه أربعة، ولا هم عشرة أعمام، لكن اللي أدركوا زمنه أربعة؛ اثنان كافران، أحدهما آذاه، والثاني ساعده وآواه، واثنان أسلما؛ أحدهما تقدم إسلامه، وله مقام صدق، وكان شهيدًا، والثاني بالعكس تأخر إسلامه لكن لا شك أن له مقام صدق، من الذي كفر وآذاه؟ أبو لهب، والذي كفر وآواه؟ أبو طالب، والذي له مقام صدق وسبق؟ حمزة، والرابع؟ العباس بن عبد المطلب، الله حكيم عز وجل.
ثم قال الله تبارك وتعالى: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَق﴾ [الروم ٦٠].
* في هذه الآية من الفوائد: الأمر بالصبر، وهو هنا للوجوب، والصبر ثلاثة أنواع كما قاله العلماء رحمهم الله؛ صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة، والأول هو الأكمل، ثم الثاني، ثم الثالث، الصبر على طاعة الله؛ أن يفعل الإنسان الطاعة على الوجه الذي شرعه الله عز وجل بدون تضجر وبدون تكره بل هو مستسلِم لها غاية الاستسلام، هذا الصبر على طاعة الله، الصبر عن معصية الله أن يحبس نفسَه عن مُباشرة المعاصي؛ فلا يفعلها بل يصبر ولو شق عليه ذلك، والثالث: الصبر على أقدار الله؛ يعني على ما يقدره الله عليه من البلاء في بدنه أو عقله أو فكره أو أهله أو ماله أو مجتمعه، يصبر ويحبس نفسه عن التسخط بالأركان أو اللسان أو الجنان. عرفتم الآن؟
التسخط بالْجَنان أن يكون في قلبه نوع اعتراض على الله عز وجل لماذا قدَّر عليَّ كذا؟ ولم يُقدِّر على فلان؟ ولماذا ابتلاني الله؟ ثم بعد ذلك ربما يكفر نسأل الله العافية، كما قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ﴾ [الحج ١١].
التسخط باللسان أن يدعو بالويل والثبور، وما أشبه ذلك من دعوى الجاهلية، والتسخط بالأركان بضرب الخدود، وشق الجيوب، وما أشبه ذلك، فصار الصبر على أقدار الله يتضمن حبس القلب واللسان والجوارح.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تسلية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله: ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾.
* ومنها؛ أي من فوائد هذه الآية الكريمة: تحذير المعارضين له؛ لأن الله وعده بالنصر وخذلان أعدائه ومعارضيه، فقوله: إن وعد الله حق، كما أن فيه تسلية له ففيه أيضًا تحذير لأعدائه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن وعد الله سبحانه وتعالى لا بد أن يقع؛ لقوله: ﴿حَقٌّ﴾ والحق هو الثابت الواقع، ويدل لهذا قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [الرعد ٣١]؛ وذلك لتمام قدرته وصِدْق وعده؛ لتمام قُدرته وصِدْق وعده لا يخلف الميعاد؛ لأن إخلاف الوعد ناشئ عن كذب الواعد، أو عن عجزه عن الوفاء به، وكل ذلك مُحال في حق الله عز وجل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب الاستغفار؛ لقوله: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ [غافر ٥٥].
* ومن فوائدها: جواز الذنوب على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ لقوله: ﴿لِذَنْبِكَ﴾ [غافر ٥٥]. والخطاب للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإذا جاز الذنب على الرسول، وهو أشرف الرسل، فعلى غيره من باب أوْلى.
فإن قال قائل: أليس الأنبياء معصومين عن الذنوب؟
فالجواب: هذه الآية وأمثالها تدل على أن الجواب بالنفي، لكنهم يفارقون غيرهم في ذلك من وجهين؛ الوجه الأول: أنهم معصومون من الكذب والخيانة وما أشبه ذلك مما يؤثر على الرسالة.
والثاني: أنهم معصومون عن كل ذنب يُخِل بالشرف.
الثالث: أنهم معصومون من الإقرار على الذنوب، لا بد أن ينبهوا عليها حتى يوفقوا للتوبة منها، فهذه فروق ثلاثة بينهم وبين غيرهم من الناس، أما غيرهم من الناس؛ فإنهم ليسوا معصومين مما يخل بالشرف، ولا مما يخل بالأمانة، وليسوا معصومين من الإصرار على المعاصي.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الأمر بالتسبيح بحمد الله صباحًا ومساءً؛ لقوله: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ [غافر ٥٥]، فإن كان المراد بذلك الصلوات الخمس فالأمر هنا للوجوب، وإن كان المراد به التسبيح الذي هو الذِّكر المعروف، فإن الأمر هنا للاستحباب.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ﴾ [غافر ٥٦]. قوله: ﴿بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ﴾ هل هذا قيد احترازي أو لبيان الواقع.
* طالب: لبيان الواقع.
* الشيخ: لبيان الواقع. ما هي الفائدة من ذِكْر القيد الذي لبيان الواقع؟
* طالب: التأكيد على أن هذا الوصف لازم له.
* الشيخ: لا.
* طالب: تعليل.
* الشيخ: التعليل؛ يعني الإشارة إلى أنه لا يمكن هذا. أين خبر (إن) في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ﴾؟
* طالب: ﴿إِنْ فِي صُدُورِهِمْ﴾.
* الشيخ: جملة: ﴿إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ﴾ [غافر ٥٦]. ما معنى قوله: ﴿مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾ [غافر ٥٦].
* طالب: على قول المصنف أنها وصف (...).
* الشيخ: لكن ما معناها؟ ما معنى ﴿مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾.
* الطالب: ما هم ببالغي هذا التكبر الذي تكبروه على النبي ﷺ.
* الشيخ: يعني ما هم ببالغي مرادهم من التكبر.
* الطالب: نعم، (...) التكبر على الرسول عليه الصلاة والسلام وهذا التكبر لن يبلغوه.
* الشيخ: يعني لن يبلغوا العلو على الرسول عليه الصلاة والسلام.
* هذه الآية فيها فوائد: بيان حال الذين يُجادلون في آيات الله، وأنه ليس لهم دليل فيما يجادلون به، ثم إن الجدال في آيات الله ينقسم إلى قسمين: جدال لإثبات الحق وإبطال الباطل، فهذا مأمور به؛ لقوله تعالى: ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل ١٢٥] وجدال بالعكس لإثبات الباطل، وإبطال الحق، وهذا هو المذموم، وعليه تتنزل مثل هذه الآية الكريمة.
* ومن فوائد هذه الآية: إثبات آيات الله عز وجل، وهي -كما قلنا في التفسير- شرعية وكونية.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الحامل لهؤلاء المجادلين هو الكِبر والتعلِّي؛ لقوله: ﴿إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ﴾.
* ومن فوائدها أيضًا: أن هؤلاء لن يبلغوا مرادهم بما يجادلون به؛ لقوله: ﴿مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾ وقد أشار الله تعالى إلى هذا في قوله: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء ١٨] فتأمل هذه العبارات القوية: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ﴾ القذف: وهو الرمي بشدة.
﴿فَيَدْمَغُهُ﴾ أي يصل إلى أم دماغه.
﴿فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ أي فيموت في الحال؛ لأن (إذا) فجائية، و(إذا) الفجائية تدل على مفاجئة الشيء، وهذا يدل على أن الحق غالب للباطل ولا محالة، فإن قيل: إننا نجد المجادلة من الكفار أحيانًا لا تتبع أحيانًا لا تدفع، يعجز الإنسان عن دفعها فنقول: نعم، هذا ربما يكون لكن ليست العلة من الْحُجَّة بل من المحتج، العلة ليست من الحجة، الحجة قائمة والحق غالب، لكن العلة من المحتج قد يكون قليل العلة، ولهذا لا ينبغي أن تدخل في مجادلة غيرك إلا ومعك عِلْم، وقد يكون قاصر الفهم لا يفهم، هو عنده علم لكن لا يفهم، وقد يكون سيئ القصد، يريد الغلبة فقط انتصارًا لقوله لا انتصارًا للحق، وهذا يُخذل. وقد يكون لعيِّه، ومعنى العي أنه ليس عنده من البيان والفصاحة ما يؤدي إلى الغلبة؛ لأن البيان والفصاحة لهما تأثير كبير في إثبات الحق، بل قد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا»[[أخرجه البخاري (٥١٤٦) من حديث ابن عمر.]]. فهذه الأمور الأربعة هي التي قد تجعل الباطل يعلو ظاهرًا على الحق، والأربعة هي إما قلة علم.
* طالب: أو الجهل.
* الشيخ: هذه هي؛ قلة العلم هو الجهل، أو عيِّه عن التعبير عما في نفسه.
* طالب: أو أنه يجادل (...).
* الشيخ: نعم، سوء قصده، الرابع؟
* طالب: قله فهمه.
* الشيخ: نعم، قصور فهمه. هذه الأربعة هي التي تجعل من الباطل منارًا يعلو ظاهرًا على الحق، وأما الحق نفسه فلا يمكن إطلاقًا أن يغلبه الباطل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الكِبْر سبب لكل شر؛ ولهذا «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ»[[أخرجه مسلم (٩١ / ١٤٧) من حديث ابن مسعود.]]. ونوع هذا الكبر الذي في هؤلاء المجادلين هل هو بَطَر الحق، أو غَمْط الناس، أو كلاهما؟
* طلبة: كلاهما.
* الشيخ: كلاهما، هذا الكبر -والعياذ بالله- جَمَعَ نوعي الكبر؛ وهو غَمْط الحق وردُّه، والثاني؟
* طالب: ازدراء الناس.
* طالب آخر: بطر الناس.
* الشيخ: ازدراء الناس بطر الحق وغمط الناس.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تثبيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لقوله: ﴿مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾. وكذلك * من فوائدها: تيئيس هؤلاء المجادلين بأنهم لن يبلغوا مُرَادهم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الاستعاذة بالله في مقام المجادلة مشروعة؛ لقوله: ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾، وذلك أن المجادل سيورد من الشُّبه ما يُخشى أن تُؤثِّر عليه، فإذا استعاذ بالله واعتصم به أنجاه الله من ذلك؛ ولهذا قال: ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ [غافر ٥٦]. في المجادلة أمر بالاستعاذة بالله وعند الحكم أمر بالاستغفار ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (١٠٥) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾ [النساء ١٠٥]؛ وذلك لأن الذنوب تحول بين الإنسان وبين تَبَيُّن الحق، وأما في مقام المجادلة فالإنسان محتاج إلى من يلتجئ إليه ويعتصم به؛ فلهذا قال: ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ [غافر ٥٦].
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات السمع لله عز وجل؛ لقوله: ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ﴾، وإثبات البصر؛ لقوله: ﴿الْبَصِيرُ﴾. والسمع ذكر العلماء رحمهم الله أنه ينقسم إلى قسمين؛ الأول: إدراك المسموع، والثاني: الاستجابة، فأما إدراك المسموع فيرد لمعانٍ متعددة:
أولًا: بيان سعة سمع الله عز وجل، مثاله: قول الله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾ [المجادلة ١] ولهذا قالت عائشة: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ»[[أخرجه النسائي (٣٤٦٠)، وابن ماجه (١٨٨)، وأحمد (٢٤١٩٥) من حديث عائشة.]].
الثاني: التهديد كقوله تعالى: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف ٨٠].
الثالث: التأييد كقوله تعالى لموسى وهارون: ﴿لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه ٤٦]، أما السمع الذي بمعنى الاستجابة فكقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم ٣٩] أي مجيبه، وكقول المصلي: سمع الله لمن حمده؛ أي: استجاب لمن حمده. وأما البصير فلها معنيان:
المعنى الأول: المدرِك ببصره كل شيء، فيكون بمعنى الرؤية.
والثاني: العلم؛ يعني أنه عليم بكل شيء.
* وفي الآية الكريمة من الفوائد أيضًا: إثبات السمع والبصر معًا، وهو أدل على الكمال من انفراد أحدهما؛ وذلك لأن المجادِل قد يقول وقد يفعل، فهدَّده الله عز وجل بهذا ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [غافر ٥٦]؛ لأن المستعيذ بالله إما أن يستعيذ من أقوال، وإما أن يستعيذ من أفعال.
{"ayahs_start":55,"ayahs":["فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِیِّ وَٱلۡإِبۡكَـٰرِ","إِنَّ ٱلَّذِینَ یُجَـٰدِلُونَ فِیۤ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ بِغَیۡرِ سُلۡطَـٰنٍ أَتَىٰهُمۡ إِن فِی صُدُورِهِمۡ إِلَّا كِبۡرࣱ مَّا هُم بِبَـٰلِغِیهِۚ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡبَصِیرُ"],"ayah":"فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِیِّ وَٱلۡإِبۡكَـٰرِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق