الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ﴾ [غافر ٣٤] هذا من كلام مَنْ؟ من كلام الرجل المؤمن المُحَذِّر، قال: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ﴾، الجملة هنا مؤكدة بثلاثة مؤكدات:
باللام و(قد) والقسم وكلما جاءتك صيغة كهذه فإنها مؤكدة بثلاثة مؤكدات: اللام و(قد) والقسم؛ لأن تقدير الكلام: والله لقد جاءكم.
وقوله: ﴿يُوسُفُ﴾ المراد به يوسف بن يعقوب، فإن قال إنسان: كيف يخاطبهم فيقول: جاءكم، ويوسف بن يعقوب قَبْلَهم بأزمان كثيرة؟
فيقال: إن ما حصل للأسلاف فهو للأخلاف، يعني: أن ما جاء أسلافهم فهو كالذي جاءهم، ودليل ذلك أن الله يخاطب بني إسرائيل في عهد النبي ﷺ بما حصل لأسلافهم في عهد موسى، وبينهم قرون كثيرة: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦) وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ﴾ [البقرة ٥٥ - ٥٧] معلوم أن هذا كله لم يحصل لليهود في عهد النبي ﷺ، لكنه حصل لأسلافهم، فما كان من الأمة من أولها فإنه ثابت للأمة في آخرها، إذن لا إشكال في هذه الآية ما دمنا نقول: إنه قد جاء أسلافهم، وأن ما يحصل من أسلافهم فيما سبق يكون منسوبًا إلى الجميع إذا لم يخرجوا عن هذا المنهاج.
(﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ أي: مِنْ قبل موسى، وهو يوسف بن يعقوب) إلى آخره.
قوله: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ لماذا جَرَّها بالضم والمعروف أن (مِنْ) حرف جر إذا دخلت على كلمة جَرَّتْها كسرتها، تقول: من زيدٍ، فهنا قال: مِنْ قَبْلُ؟
* طالب: مبنية.
* الشيخ: مبنية! لا إله إلا الله، ويش سبب بنائها؟
* الطالب: أحيانا تعرب وأحيانا تبنى.
* الشيخ: طيب أحيانًا تبنى وأحيانًا تعرب. متى تبنى ومتى تعرب؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: يعني: إذا لم تُضَفْ بُنِيَت، طيب وإذا أضيفت؟
* الطالب: أعربت.
* الشيخ: مطلقًا.
* الطالب: حُذِفَ المضافُ إليه ونُوِيَ معناه.
* الشيخ: أحسنت، حُذِفَ المضاف إليه ونُوِيَ معناه؛ لأنه إما أن يوجد المضاف أو يُحْذَف ويُنْوَى معناه، أو يحذف وينوى لفظه، أو يحذف ولا ينوى لا لفظه ولا معناه. فالأقسام أربعة، تبنى في واحد منها والباقي معربة؛ تبنى إذا حذف المضاف إليه ونوي معناه.
فإن قال قائل: ما هو الدليل؟ قلنا: الدليل أنها تكون مضمومة؛ لأنها تُبْنَى على الضم، فإذا كَلَّمَنَا مَنْ هو عالم بالعربية وبناها على الضم عرفنا أنه حَذَف المضافَ ونوى معناه.
يقول: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ أي: من قبل مجيء موسى عليه الصلاة والسلام (وهو يوسف بن يعقوب في قولٍ عُمِّر إلى زمن موسى أو يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب في قول) يعني: حكى المؤلف رحمه الله قولين في المراد بيوسف، فقيل: إنه يوسف بن يعقوب وأنه عُمِّر إلى زمن موسى، وهذا قول باطل لا إشكال فيه، ليس بصحيح بل هو باطل؛ لأنه لو كان الأمر كذلك لكان يأتي موسى ويتصل به؛ لأنهم كلاهما رسول.
القول الثاني: أنه يوسف وجَدُّه يوسف بن يعقوب، يوسف بن إبراهيم بن يوسف وهذا أيضًا لا دليل عليه، والصواب أن المراد به يوسف بن يعقوب وأنه لم يُعَمَّر إلى زمن موسى، وأنه مات في زمنه، لكنه جاء أسلافهم؛ لأنه -كما تعرفون- يوسف عليه الصلاة والسلام أخذه المارة الذين مروا بالبئر الذي أُلْقِيَ فيها وذهبوا به إلى مصر، والقصة معروفة في سورة كاملة.
وقوله: ﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾ البينات من (بان يبين) إذا ظهر، ومعلوم أنها وَصْفٌ لموصوف محذوف؛ وذلك لأنه يجوز أن يُحْذَف النعت وأن يحذف المنعوت إذا دلَّ عليه دليل؛ فما هو المحذوف هنا؟ المحذوف تقديره الآيات، كما يعبر به في القرآن كثيرًا، بالآيات البينات، بآيات بينات وما أشبهها.
وأما قوله: (بالمعجزات) فإن هذا تعبير متأخر لم يُعْرَف في عهد السلف، وهو تعبير ناقص؛ لأن كلمة معجزة تشمل ما يفعله السحرة والمشعوذون من الأمور الخارقة للعادة، فإنها تُعْجِزْ مَنْ ليس منهم، ولكنه إذا قيل: آية بمعنى علامة صارت أَبْيَن وأوضح وأوفق لموافقتها للتعبير القرآني، على أنه لا يمكن أن تكون آية لرسول إلا والناس يعجزون عنها، لماذا؟ لأنهم لو كانوا يستطيعون أن يأتوا بمثلها لم تكن آية للنبي؛ إذ كل واحد يأتي بها.
طيب إذن تقدير الكلام: بالآيات البينات، ولكن حُذِفَ الموصوف لدلالة السياق عليه، ومنه قوله تعالى: ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ [سبأ ١١] يعني: أن اعمل دروعًا سابغات، طيب.
﴿بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ﴾ يعني: مِنْ وقت يوسف إلى وقت موسى وآل فرعون، وإن شئتَ فعَبِّرْ بالقبط، في شك مما جاء به يوسف، فلم يؤمنوا به الإيمان الواجب الخالي من الشك.
(﴿حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ﴾ من غير برهان ﴿لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا﴾ ) يعني: أنهم كانوا في شك مما جاء به يوسف ولم يصدِّقوه، ولما هلك قالت لهم نفوسهم: الآن استرحتم فلن يبعث الله من بعده رسولًا، كُفِيتُم، هلك مَنْ أُرْسِلَ فكذبتموه فاطمئنوا لن يبعث الله من بعده رسولًا، فكانوا قالوا ذلك بناء على أُمْنِيَّةٍ كاذبة؛ لأنهم قالوا: هذا الرسول الذي جاءنا وتَوَعَّدَنْا إن خالفناه، مات، هلك، فلن يأتي من بعده رسول، وحينئذ نكون قد استرحنا من الرسل ومشاكلهم على زعمهم.
(﴿قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا﴾ أي: فلن تزالوا كافرين بيوسف وغيره)؛ لأنهم إذا قَرَّروا في أنفسهم أن الله لن يبعث رسولًا فسوف يُكَذِّبُون كلَّ من جاء من الرسل من بعد يوسف بناء على هذه العقيدة الفاسدة التي أَصَّلُوها.
قال الله تعالى: (﴿كَذَلِكَ﴾ أي: مثل إضلالكم ﴿يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ﴾ مشرك ﴿مُرْتَابٌ﴾ شاك فيما شهدت به البينات) ﴿كَذَلِكَ﴾ قال المفسر: (أي: مثل إضلالكم ﴿يُضِلُّ اللَّهُ﴾ ) وعلى هذا فتكون إعرابها: الكاف: اسم بمعنى مثل، وهي مفعول مطلق مضاف إلى اسم الإشارة، وعامله قوله: ﴿يُضِلُّ﴾، عامله متأخر عنه، وهذا التعبير القرآني يَكْثُر في كلام الله عز وجل، وإعرابه كما سمعتم؛ أن تقول: الكاف اسم بمعنى مثل منصوبة على المفعولية المطلقة، مضافة إلى اسم الإشارة.
فإن قيل: وهل الكاف تأتي اسمًا؟ قلنا: نعم، اللغة العربية واسعة، وإلَّا فالأصل أن الكاف حرف، لكن تكون اسمًا، قال ابن مالك:
؎شَبِّهْ بِـــــــــــكَافٍ وَبِهَاالتَّعْــــــــــــــــــلِيلُ قَدْ ∗∗∗ يُعْنَى وَزَائِدًا لِتَوْكِيدٍ وَرَدْ؎وَاسْتُعْمِلَ اسْمًا وَكَذَا (عَنْ) و(عَلَى) ∗∗∗ ......................
استعمل: يعني الكاف اسمًا أي في اللغة العربية.
﴿كَذَلِكَ﴾ أي: مثل ذلكم ﴿يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ﴾ لا يضل الله تعالى رجلًا مؤمنًا مقتصدًا مُوقنًا أبدًا، يضل الله والعياذ بالله مَنْ هو مسرف مرتاب.
يقول: (﴿مُسْرِفٌ﴾ مشرك) ولا شك أن الشرك من الإسراف؛ لأن الإسراف معناه تجاوز الحد، ومن جعل لله شريكًا فقد تجاوز الحد بلا شك، لكن معنى الآية أعم من المشرك، فالمسرف مَنْ تَجَاوَزَ حَدَّه هذا المسرف بإفراطٍ أو تفريط، لكن الغالب يكون بالإفراط؛ لأنه مجاوزة الحد زيادة، فالمشرك لا شك أنه مسرف، والمستكبر مسرف، والجاحد مسرف، وهلم جرًّا، إذن ﴿مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ﴾ ينبغي أن يقال في تفسيرها: مَنْ هو مجاوزٌ لحدِّه كالمشرك.
وقوله: (﴿مُرْتَابٌ﴾ أي شاك) نسأل الله تعالى أن يعيذنا وإياكم من الشك. المرتاب -والعياذ بالله- الذي يطمئن للارتياب لا يهتدي، يبقى على ضلاله والعياذ بالله، أما إذا أوقع الشيطان في قلبك شكًّا ثم حاولتَ أن تَنْزِعَه من قلبك فإن الله يعينك عليه ويهديك، لكن البلاء كل البلاء أن تركن إلى هذا الشكِّ وألا تَنْتَشِلَ منه، والدليل على هذا ما شكاه الصحابة رضي الله عنهم إلى رسول الله ﷺ مما يقع في نفوسهم حتى قالوا: نودُّ أن يكون الواحد منا حممة، أي: فحمًا محترقًا ولا نتكلم به، فأخبرهم النبي ﷺ أن ذلك لا يضرهم، لماذا؟ لأنهم لا يركنون إلى ما وقع في قلوبهم؛ ولهذا يجب أن تكون شجاعًا؛ إذا ألقى الشيطان في قلبك مثل هذه الأمور فكن شجاعًا، لا تركن لا تسترسلْ معها، كنْ شجاعًا، استعمل معه السلاح الذي أعطاك إياه مَنْ هو عالم به، ومن هو عالم بإصابته بالعدو وهو الرسول ﷺ، وذلك بأمرين فقط:
أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وتنتهي، تعرض، استعذ بالله ثم انتهِ، وبذلك يزول عنك هذا البلاء، أما إن استرسلتَ معه فالأمر خطير جدًّا؛ لأنه يتفاعل في نفسك ويقوى حتى يصل إلى درجة الشك والارتياب، وحينئذ تُحْرَم من الهداية، وهذا لا شك أنه من حكمة القرآن مثل هذا التعبير، لئلا يقع في نفسك مثل ما ذكر الله عز وجل، فدواؤه بهذين الأمرين، لو أن أذكى العالم حاول أن يجد دواء لهذا البلاء ما وجده بهذه العبارة المختصرة السهلة، قال: «فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ ثُمَّ لِيَنْتَهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٢٧٦) ومسلم (١٣٤ / ٢١٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]] اعرض عن هذا، اشتغل بشؤونك، وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فاشتغالك بشؤونك وإعراضك عنه يوجب لك أن تنساه، وهذا شيء مشاهد ومُجَرَّب.
* في الآية فوائد منها: تمام نصح هذا الرجل حينما ذَكَّر قومه بما سلف.
* ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يكون لديه عِلْم بما سبق؛ فإن التاريخ عِبَرٌ سواء في هذه المسألة الكبيرة أو في المسائل الصغيرة، اقرأ التاريخ يتبينْ لك ما قَدَّره الله على العباد، وأن سنةَ الله سبحانه وتعالى في السابقين ستكون في اللاحقين، فمن فوائد الآية: أنه ينبغي أن يكون عند الإنسان خبرة بما سبق.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن أعظم رسول أُرْسِلَ إلى آل فرعون بعد موسى هو يوسف؛ ولهذا طُوِي ذكر ما بعده، والظاهر -والله أعلم- أن الله تعالى لا يدع هذه الأمة -أعني أمة فرعون- لا يدعهم بلا رسول من بعد موسى الذي له أزمان كثيرة، لكنهم ليسوا كيوسف فَنَوَّه بذكر يوسف.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الرسل يأتون بالبينات الدالة على صدقهم ونبوتهم؛ لأن هذا من حكمة الله، لو أرسل الله رسولًا للناس ليس معه آية وقال: أنا رسول الله إليكم آمنوا بي وإلا فلكم النار، هل يطيعونه؟ أبدًا، يقولون: هذا مجنون، لا بد من آية تدل على صدقه، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «مَا مِنْ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَّا آتَاهُ مِنَ الْآيَاتِ مَا يُؤْمِنُ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٧٢٧٤) ومسلم (١٥٢ / ٢٣٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولفظه «ما من الأنبياء من نبيٍّ إلَّا قد أعطِيَ من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيتُ وحيًا أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة».]] لا بد من ذلك.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الآيات التي جاءت بها الرسل آيات بَيِّنة لا تخفى إلا على العُمْيَان، ودليل ذلك قوله: ﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾ وهنا رَكَّز على الوصف دون الموصوف؛ لأن الوصف أهم، وهو كون هذه الآيات بينة لا تخفى على أحد.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن آل فرعون ما زالوا في شكٍّ حتى مع وجود يوسف فهم في شك؛ لأن الله تعالى لم يُقَدِّر هدايتهم، فبقوا حَيَارى واستمروا على الكفر.
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان كراهة الشعوب المكذِّبة للرسل لما جاءت به الرسل؛ لأنهم كأنهم انتهزوا الفرصة لما هلك يوسف فقالوا: ﴿لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا﴾ وهذا يدل على أنم متضايقون غاية التضايق بوجود يوسف عليه السلام.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الإيمان بوجود الله لا يكفي في التوحيد والخلاص من عذاب الله، من أين يُؤْخَذ؟ من قولهم: ﴿لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ﴾ فهؤلاء كانوا مقرين بالله ومع ذلك لم ينفعهم إقرارهم بالله.
وكذلك الذين بُعِثَ فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام مُقِرُّون بالله؛ ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾ [يونس ٣١] مؤمنين بالربوبية تمامًا، وبأن المدبر هو الله، ومع ذلك استباح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دماءهم وأموالهم ونساءهم وذرياتهم وأرضهم؛ لأن مجرد الإيمان بالله ليس إيمانًا أبدًا، لا بد من الإيمان بالله عز وجل بوجوهه الأربعة المعروفة وهي: الإيمان بوجوده وبربوبيته وبألوهيته وبأسمائه وصفاته لا بد من هذا، فمن لم يؤمن كذلك فليس بمؤمن بالله.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن إضلال الله عز وجل لا يكون إلا في محل من هو أهل للإضلال؛ لقوله: ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ﴾ [غافر ٣٤].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن مَنْ لزم حَدَّه وأيقن بما يجب الإيقان به فإنه أبعد الناس عن الإضلال، يؤخذ هذا من المفهوم أو من المنطوق؟ من المفهوم، إذا كان الله يضل من هو مسرف مرتاب فإنه يهدي من لزم حده وأيقن في أمره وآمن بذلك، ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ﴾، والله أعلم.
* طالب: شيخ، في الدرس الماضي إشكال طلبت منا أن نخبرك عنه وهو قوله: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾، قلت: لماذا لم يقل بعد هذا النصح: أسأل الله لكم الهداية أو شيئًا من هذا؟ (...).
* الشيخ: طيب، اقرأ.
* الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم: جاء في تفسير التحرير والتنوير: قوله: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ عطف على جملة: ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ﴾ لتضمنها معنى: إني أرشدكم إلى الحذر من يوم التنادي، وفي الكلام إيجاز يدل عليه الجملة المعطوفة، والتقدير: هذا إرشاد لكم فإن هداكم الله عملتم به، وإن أعرضتم عنه فذلك لأن الله أضلكم ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾؛ وفي الجملة معنى التذييل، ولم يقل لهم: ومن يهد الله فما له من مضل؛ لأنه أحس منهم الإعراض، ولم يتوسم فيهم مخائل الانتفاع بنصحه وموعظته.
وقوله: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ يهديه إلى طريق النجاة أصلًا، وكأن الرجل يئس من عدم قبولهم نصحه فقال ذلك.
* الشيخ: هذا هو الظاهر، أن الرجل آيس، وهذا كقول نوح عليه الصلاة والسلام: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ [نوح ٢٦، ٢٧].
* الطالب: قلنا: (...) الآية أن الإسراف ينقسم إلى قسمين، وهنا فَسَّر الإسراف بالمشرك، وآية أخرى ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف ٣١] (...) يتقسم إلى قسمين؟
* الشيخ: غالب الأشياء تنقسم إلى قسمين أو أكثر؛ الإسراف أكبر وأصغر ومتوسط، فليس المسرف في الإشراك كالمسرف في خبزة يأكلها. (...).
{"ayah":"وَلَقَدۡ جَاۤءَكُمۡ یُوسُفُ مِن قَبۡلُ بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَمَا زِلۡتُمۡ فِی شَكࣲّ مِّمَّا جَاۤءَكُم بِهِۦۖ حَتَّىٰۤ إِذَا هَلَكَ قُلۡتُمۡ لَن یَبۡعَثَ ٱللَّهُ مِنۢ بَعۡدِهِۦ رَسُولࣰاۚ كَذَ ٰلِكَ یُضِلُّ ٱللَّهُ مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ مُّرۡتَابٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق