الباحث القرآني
قال الله تبارك وتعالى: (﴿وَقَالَ مُوسَى﴾ لقومه وقد سمع ذلك ﴿إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ﴾ ) إلى آخره. قوله: (﴿وَقَالَ مُوسَى﴾ لقومه ﴿إِنِّي عُذْتُ﴾ توجيه القول إلى قوم موسى ليس بصواب، بل قال موسى لفرعون: ﴿إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ﴾ هذا إن كان فرعون قد قاله له مواجهةً؛ يعني قال: ﴿ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى﴾ مواجهة، فإن موسى قال: إني عذت بربي وربكم منكم، ولكن قال: من كل متكبر؛ أما إذا كان فرعون يتحدث مع قومه وسمع موسى ذلك فعلى ما قال المؤلف رحمه الله تعالى؛ أن موسى لما سمع هذا قال إني عذت بربي وربكم؛ ولكن الظاهر -والله أعلم- أن المعنى الأول أصح؛ أنه قاله لفرعون حين قال: ﴿ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى﴾.
قال: ﴿إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ﴾ ﴿عُذْتُ﴾: بمعنى اعتصمت بالله؛ لأن العياذ بالشيء الاعتصام به، قال العلماء: ويقال: العياذ واللياذ، قال العلماء: الفرق بين العياذ واللياذ أن اللياذ فيما يُرْجى والعياذ فيما يُخشى، وأنشدوا على ذلك قول الشاعر:
؎يَا مَنْ أَلُوذُ بِهِ فِيـــــــــــــــــمَاأُؤَمِّـــــــــــــلُهُ ∗∗∗ وَمَنْ أَعُــــــــــــــــــوذُ بِهِ مِمَّــــاأُحَــــاذِرُهُ؎لَا يَجْبُرُ النَّاسَ عَظْمٌ أَنْتَ كَاسِرُهُ ∗∗∗ وَلَا يَهِيضُونَ عَظْمًا أَنْتَ جَابِرُهُ
إذن معنى ﴿عُذْتُ﴾ اعتصمت، ﴿بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ﴾ هذه الربوبية العام والخاصة، ﴿بِرَبِّي﴾ هذه ربوبية خاصة، ﴿وَرَبِّكُمْ﴾ ربوبية الله لفرعون وقومه من الربوبية العامة.
﴿مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾ وهذا الوصف ينطبق تمامًا على فرعون، فهو متكبر طاغ عات عال، والمتكبر هو المترفع كبرياء عن الحق وعلى الخلق؛ لأن الكبر إما عن الحق وإما على الخلق؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الْكِبْرُ بَطْرُ الْحَقِّ وَغَمْطِ النَّاسَ» »[[أخرجه مسلم (٩١ / ١٤٧) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. ]] «بَطْرُ الْحَقِّ» : يعني احتقاره وازدراؤه وهذا التكبر عن الحق، «وَغَمْطِ النَّاسَ» : يعني احتقارهم وهذا التكبر على الخلق، وإذا اجتمع في قلب المرء تكبر على الخلق وتكبر عن الحق فهو الهالك، والعياذ بالله.
وقوله: ﴿لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾ يعني يوم القيامة، وعدل عن قوله يوم القيامة إلى يوم الحساب؛ لأن الحساب أشد خوفًا من يوم القيامة، إذا قيل للإنسان: إنك سوف تحاسب على ما عملت من خير وشر؛ فإنه سوف يخاف ويَوْجل ويستقيم، وإنما ذُكِرَ الحسابُ دون القيامة؛ لأنه أشد تخويفًا، فإن الإنسان إذا علم أنه سيُحاسَب على عمله فسوف يرتدع عن المعاصي ويقوم بالأوامر.
﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا﴾ [غافر ٢٨] إلى آخره.
لما سمع هذا الرجل المؤمن بتهديد فرعون لموسى بالقتل قال ذلك، وتأمل سياق الآية: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ﴾ لم يُعَيِّنه باسمه، بل قال رجل مؤمن كتمانًا له؛ لأنه ليس المقصود معرفة الاسم، إنما المقصود معرفة القضية، أما تعيين الأسماء فهي مِنْ فضول العلم، بمعنى أنه إن حصل فهذا طيب، وإن لم يحصل فليس ذا أهمية.
﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ مؤمن بمن؟ مؤمن بالله، وربما نقول: مؤمن بموسى أيضًا، ﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ يحتمل أن المراد من قرابته؛ لأن آل الإنسان قرابته، ويحتمل أن المراد من أتباعه؛ لأن الآل تُطْلَق على الأتباع، وأيَّا كان فالرجل ليس من بني إسرائيل، بل هو من قوم فرعون، سواء كان من قرابته أو من قومه الذين ينتمون إليه.
وقول المؤلف: (قيل: هو ابن عمه) هذا قول أشار المؤلف إلى ضعفه بكلمة (قيل)؛ ﴿يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾ أي: يخفيه ويُسِرُّه خوفًا على نفسه.
وفي قوله: ﴿رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾ هذه ثلاث صفات: مؤمن، من آل فرعون، يكتم إيمانه.
وقد قال علماء النحو: إن النكرة إذا وُصِفَت أول مرة فإن ما بعدها يجوز أن يكون حالًا ويجوز أن يكون صفة، وعلى هذا فيجوز أن يكون ﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ حال، ﴿يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾ حال، ويجوز أن يكون ﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ صفة ثانية، و﴿يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾ حال، ويجوز أن تكون ﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ صفة ثانية، و﴿يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾ صفة ثالثة. ﴿يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾ أي: يخفيه عن فرعون وقومه.
﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ﴾ الاستفهام هنا للإنكار؛ يعني: كيف تقتلون رجلًا لم يأت بشيء إلا أنه يقول: ﴿رَبِّيَ اللَّهُ﴾؟! وهذا كقوله تعالى: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [البروج ٨].
وقوله: ﴿أَنْ يَقُولَ﴾ ﴿أَنْ﴾ هذه مصدرية على تقدير اللام؛ ولهذا قدَّرها المفسر بقوله: (أي لأن ﴿يَقُولَ﴾ ) وعلى هذا تكون أن منزوعة اللام التي للتعليل؛ أي: بقوله ربي الله، يعني ربي الله لا فرعون، وهم يرون أن ربهم فرعون.
(﴿وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بالمعجزات الظاهرات ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ ) ﴿قَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾: الباء للمصاحبة، و﴿الْبَيِّنَاتِ﴾: صفة لموصوف محذوف، وتقديرها خلافًا للمؤلف: الآيات؛ أي جاءكم بالآيات البينات أي الظاهرات التي تدل دلالة قاطعة على أنه نبي.
﴿وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ هذا يُسَمَّى عند علماء المنطق السَّبْر والتقسيم؛ لأن موسى الآن إما أن يكون صادقًا، وإما أن يكون كاذبا. وليس هناك رُتْبَة بين الصدق والكذب؛ لأنه هو يقول: إنه رسول الله؛ فإما أن يكون صادقًا في هذا وإما أن يكون كاذبًا. وعلى كل فإنه لا يضركم أن تصدقوه؛ ولهذا قال: ﴿وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ﴾ يعني: عليه ضرر كذبه، وسوف يُوقِع الله به الخزي والعار لو كَذَب على الله؛ قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ﴾ [الزمر ٣٢]، والآيات في هذه المعنى كثيرة، وأن الله تعالى يَهْتِكُ سره ويبين كذبه، فيكون كذبه عليه.
﴿وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ ﴿إِنْ يَكُ صَادِقًا﴾ في أنه رسول وكذَّبْتُموه أنتم أصابكم بعض الذي يعدكم من العذاب عاجلًا، وكذلك يصبكم في الآخرة آجلًا، فصار الآن الخطر على من؟ الخطر عليه إن كان كاذبًا، وأنتم سوف تسلمون، والخطر عليكم إن كان صادقًا وهو سوف ينجو، وهذا لا شك أنه من تمام نصحه؛ أن الرجل تنزل مع آل فرعون إلى هذا التنزل لم يقل: إنه صادق مع أنه كان يؤمن به، لكن هذا من باب التَّنَزُّل، وهنا قال: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا﴾ ولم يقل: أتقتلون موسى إبعادًا للتهمة عن نفسه لئلا يظن أحدٌ أنه كان يعرف موسى وأنه يدافع عنه عن معرفة، ولكنه أتى بـ ﴿رَجُلًا﴾ النكرة إبهامًا للأمر وشدة في إخفائه.
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ﴾ أي: متجاوز للحد، ﴿كَذَّابٌ﴾: أي ذو كذب، وهل هذه الجملة التعليلية هل هي تعود على موسى أو تعود على فرعون؟ نقول: هي صالحة للأمرين؛ كلُّ مَنْ كان مسرفًا كذابًا فإن الله لا يهديه، هذا الوصف ينطبق على فرعون، أليس كذلك؟ فإنه مُسْرِفٌ متجاوز للحد كَذَّاب مُدَّعٍ ما ليس له؛ يقول: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ وكَذَب في ذلك، فهو مسرف كذاب، كذلك أيضًا في مقام المجادلة والتنزل تنطبق على موسى لو كان كاذبًا، فإنه يكون مسرفًا متجاوز للحدِّ وادعائه الرسالة وهو كاذب، وكذلك كَذَّاب؛ لأنه ادَّعى ما ليس صادقًا فيه، وعلى كل حال فالجملة هنا صالحة لأن تكون منطبقة على فرعون، وهي منطبقة على الحقيقة أو على موسى من باب التنزل مع الخصم.
* في هذه الآية والتي قبلها فوائد منها: قوة موسى عليه الصلاة والسلام وصراحته؛ حيث أعلن أمام مُهَدِّدِيه بالقتل بأنه عاذ بالله ربه وربهم؛ لقوله: ﴿إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ﴾.
* ومنها: قوة تَوَكُّلِه عليه الصلاة والسلام؛ حيث اعتمد على الله أمام هذا الطاغية الذي يَسْهُل عليه أن يُنَفِّذ ما توعد به.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وَصْفُ فرعون بهذين الوصفين الذَّمِيمَيْنِ: التكبر، وأنه لا يؤمن بيوم الحساب.
* ومن فوائدها: العدول إلى العموم دون الخصوص؛ لأنه لم يقل: إني عذت بربي وربكم من فرعون، ولكن قال: من كل متكبر؛ ليَعُمَّ فرعون وغير فرعون.
* ومن فوائدها أيضًا: أنه إذا جاءت بصيغة العموم وبالوصف انطبقت على فرعون وبيَّنَت أنه متصف بالاستكبار، وكذلك الكفر بيوم الحساب.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات يوم الحساب وهو يوم القيامة. والحساب ليس مناقشة الإنسان على عمله؛ لأن النبي ﷺ قال: «مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٥٣٦) ومسلم (٢٨٧٦ / ٧٩) من حديث عائشة رضي الله عنها. ]] لأن الله لو ناقشك لكانت نعمةٌ من نِعَمِه تغطي جميع الحسنات التي قمتَ بها، بل إن حسناتك التي قمت بها نعمة من الله عز وجل تحتاج إلى شكر، ثم إذا وُفِّقْتَ إلى شُكْرِها تحتاج إلى شكر آخر للتوفيق إلى الشكر، ثم هَلُمَّ جَرًّا، ولهذا قال الشاعر:
؎إِذَا كَانَ شُكْرِي نِعْمَةَ اللَّهِ نِعْمَةً ∗∗∗ عَلَيَّ لَهُ فِي مِثْلِهَا يَجِبُ الشُّكْرُ؎فَكَيْفَ بُلُوغُ الشُّكْرِ إِلَّا بِفَضْلِهِ ∗∗∗ وَإِنْ طَالَتِ الْأَيَّامُ وَاتَّصَلَالْعُمْرُ
وهذا صحيح، فالحساب هو أن الله تعالى يخلو بعبده المؤمن ويُقَرِّرُه بذنوبه، فيقول: عَمِلْتَ كذا، عملت كذا. فإذا أَقَرَّ قال: «قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٤٤١) ومسلم (٢٧٦٨ / ٥٢) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. ]]، أما الكفار فإنهم لا يحاسبون محاسبة مَنْ توزن حسناته وسيئاته؛ لأن ليس لهم حسنات، ولكن تُحْصَى أعمالُهم، ويوقفون عليها، ويُخْزَون بها؛ يعني: يُذَلُّون بها ويقال: ﴿هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [هود ١٨] هذا هو حساب الكفار، وذاك حساب المؤمنين.
ثم قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ﴾ [غافر ٢٨] إلى آخره.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أنه ينبغي العناية بمضمون القصة دون عَيْنِ مَنْ وَقَعَت عليه؛ لقوله: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ﴾ وإلا فنحن نعلم أن الله يعلم من هذا الرجل، ويعلم اسمَه ونسبَه وكلَّ شيء يتعلق به، لكن الله تعالى ذكره إبهامًا إشارة إلى أن المهم مضمون القصة دون عين مَنْ وقعت عليه إلا إذا كان في تعيينه مصلحة فالمصلحة ذكره وتعيينه.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه قد يكون من صلب المُعادِين مَنْ هو من الأولياء؛ لقوله هنا: ﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ وسواء قلنا: من قرابته أو من أتباعه على دينه فإنه يدل على أن الله على كل شيء قدير، وأنه قد يقَيِّض أو يُهَيِّئ الإيمانَ لمن كان بين قوم منغمسين في الكفر.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: جواز إخفاء الإيمان إذا خاف الإنسان على نفسه؛ لقوله: ﴿يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾، ولكن إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يعيش مؤمنًا إلا بالكتمان، فهل تجب عليه الهجرة؟
الجواب: نعم، في دين الإسلام أن مَنْ كان لا يستطيع أن يعيش إلى مُخْفِيًا دينه فإنه تجب عليه الهجرة، ولكن بشرط أن يكون قادرًا عليها، فإن كان عاجزًا فإن الله تعالى قال: ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء ٩٨، ٩٩].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: شِدَّةُ إنكار هذا المؤمن على فرعون الذي هَدَّد بالقتل؛ لقوله: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ﴾.
* ومن فوائدها: الإنكار على مَنْ عَمِلَ عملًا بدون سبب يقتضيه، من أين تؤخذ؟ ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ﴾ وهذا ليس سببًا للقتل، بل على الأقل يُتْرَك وشأنُه، أما أن يُقْتَل لهذا السبب، فإن هذا منكر ولا يجوز إقراره.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: العدول عن التعيين خوفًا من التهمة، أو إن شئت فقل: استعمال المعاريض؛ لقوله: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا﴾ ولم يقل: أتقتلون موسى؛ لأنه لو عَيَّنَهُ باسمه لاتهمه الناس بأن له صلة به، وفَسَد ما يريده، لكنه أبهمه وقال: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ﴾ إلى آخره.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن موسى عليه السلام أتى بالآيات البَيِّنَة التي يُؤْمِن على مثلها البشرُ؛ لقوله: ﴿وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: قوةُ إيمان هذا الرجل حيث جَابَه هؤلاء بإنكار ربوبية فرعون ضمنًا، من أين؟ من قوله: ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ فجابههم بأن لهم ربًّا سوى فرعون، وهذا يدلُّ على قوة هذا الرجل. أما قوله: ﴿أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ﴾ فليس فيها دليل؛ لأن ربوبية الله عز وجل لموسى ما فيها شيء من الإنكار لكن ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ واضح بأنه يُعَرِّض بأن فرعون ليس برب، وأن الرب هو الله، وهذا يدل على كمال شجاعة هذا الرجل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: استعمال السبر والتقسيم؛ يعني: الترديد بين حالين أو أحوال لا يزيد الأمر عليهما أو عليهم؛ لقوله: ﴿وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا﴾ ﴿وَإِنْ يَكُ صَادِقًا﴾.
* ومن فوائدها؛ أي: فوائد الآية: مراعاة الخصم فيما يُؤَلِّفُه ويقربه؛ لأنه بدأ بما كانوا يعتقدون وهو كذب موسى، فبدأ بالكذب قبل أن يبدأ بالصدق من أجل تأليفهم وبيان أن الرجل ليس عنده تعصب لموسى؛ ولهذا لم يبدأ بالصدق الذي هو أحد الاحتمالين.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: جواز التورية؛ لقوله: ﴿وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا﴾، وقوله: ﴿وَإِنْ يَكُ صَادِقًا﴾، لأننا نعلم أن هذا الرجل يعتقد أنه صادق، لكنه أتى بهذا الكلام تورية بأنه ليس بمؤمن به، وذلك من أجل قَبول كلامه؛ لأنهم لو شعروا بأنه مؤمن لقتلوه، مؤمن بموسى وهو من آلهم، ولكنه أتى بالكلام الدال على التورية.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن شؤم الكذب يعود على الكاذب وهو كذلك؛ لقوله: ﴿وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ﴾، وقد فضح الله عز وجل الكاذبين المفترين عليه في الدنيا وسيفضحهم في الآخرة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: قوةُ إيمانِ هذا الرجلِ بكونه يعتقدُ ويؤمنُ بأن بعضَ الذي وعدهم موسى عليه الصلاة والسلام سوف يصيبهم إذا كان صادقًا وقد كذَّبوه؛ لقوله: ﴿وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن المسرف الكذَّاب أي: المتجاوز للحد بفعله وبقوله؛ بقوله لأنه كذاب، وبفعله لأنه مسرف، فإنه بعيد من الهداية؛ لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾.
وحينئذ نسأل هل المراد هداية التوفيق أو هداية البيان والإرشاد؟ هداية التوفيق؛ لأن الله تعالى قد بَيَّن للمسرف الكذاب ولغيره، لكن وَفَّق من شاء من عباده وخَذَل من شاء، والله أعلم.
* طالب: قوله: ﴿وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ (...).
* الشيخ: لأنه قال: ﴿بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ يعني: في الدنيا، ولهذا قَدَّرها المفسر بقوله: (العذاب العاجل).
* طالب: بالنسبة للمؤمن هو من آل فرعون ولا من بني إسرائيل؟
* الشيخ: لا من آل فرعون، صريح. لكن هل هو قريبه أو متبعه على دينه؟
* الطالب: (...) المعاريض؟
* الشيخ: المعاريض معناها أن تُوَرِّي بشيء خلاف الواقع.
* الطالب: (...).
* الشيخ: يعني: كأنه يقول: متى تجوز المعاريض؟
تجوز المعاريض إذا كان فيه مصلحة أو دفع مضرة، واستعمال المعاريض على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: الظلم.
والثاني: دفع الظلم.
والثالث: ما ليس فيه هذا ولا هذا.
الظلم هو أن يستعمل الإنسان المعاريض لدفع حَقٍّ عليه، ودفع الظلم أن يستعمل المعاريض لدفع ظلمٍ عن نفسه، وما ليس كذلك ولا كذلك مثل أن يستعملها في الأمور المباحة.
مثال الأول: تخاصم زيد وعمرو عند القاضي، وكان عند عمرو لزيد مئة درهم فقال القاضي للمدعي: ألك بينة؟ قال: لا. قال: لك اليمين على صاحبك. فقال المدعي عليه: والله ما عندي له شيء. ظاهر اللفظ النفي، لكن هو في قلبه نوى الإثبات، ونوى بـ(ما) الذي، وتقدير الكلام على نيته: والله الذي له عندي شيء، وهذا صحيح له عنده شيء، لكن هو ورَّى بأن (ما) نافية، وأنه ليس عنده شيء، القاضي سوف يحكم بأيش؟ بأنها نافية حسب ظاهر الحال، هذه المعروضة نقول: إنها حرام؛ لأنه تَوَصَّل بها إلى إسقاط حق عليه.
وكذلك أيضًا في الدعوى لو حلف لو قال له خصمه: أنا أرضى منك أن تحلف أن لك عندي شيء، فحلف مُوَرِّيًا فإنه حرام عليه.
أما دفع الظلم فمثل أن يحلف على دفع الظلم عن نفسه أو غيره؛ مثال ذلك: دخل عليه لص أو جندي ظالم يريد أن يأخذ ماله فقال: افتح لي هذا الصندوق. قال: والله ما في هذا الصندوق شيء. المخاطب سوف يظن أن الجملة نفي فينصرف، وهو يريد بها الإثبات، فهذه التورية لا شك في جوازها، بل إذا كان المال للغير مثل أن يأتي شخص ويقول: فلان عندك له كذا وكذا. فأقول: والله ما عندي له شيء، أعرف أني لو أخبرت لأخذها (...).
يقول: الدائرة لله ورسوله، هؤلاء القوم ثلاث مئة وبضعة عشر رجلًا، وهم أهل بدر اطَّلَع الله عليهم فكافأهم مكافأة لم تحصل لغيرهم، اطلع عليهم فقال: «اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» » هذه الحسنة العظيمة محت جميع ما يعملونه من السيئات، ونفعت هذه الغزوة لمن غزا حتى حاطب رضي الله عنه الذي كتب بأخبار النبي ﷺ إلى قريش قبيل غزوة الفتح، لما عُثِرَ على ما صنع قال عمر رضي الله عنه للرسول ﷺ: دعني أضرب عنقه فقد نافق. عمر رضي الله عنه ما فيه إلا السيف، شجاع قال: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٨٩٠)، ومسلم (٢٤٩٤ / ١٦١) من حديث علي رضي الله عنه ولفظه: «لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم». ]] فوقعت هذه السيئة العظيمة من جملة ما يُغْفَر لأهل بدر؛ ولهذا كان أهل بدر أفضل من أهل بيعة الرضوان، أفضل لما حصل فيهم من النصرة العظيمة للنبي ﷺ؛ ولهذا يُسَمَّى يوم بدر يوم الفرقان.
* طالب: شيخ، بارك الله فيكم، لو قائل قائل: ما المراد بقتال الملائكة مع المؤمنين يوم بدر؛ لأنه معلوم أن الملائكة عظام الخلقة فواحد منهم يكفي بضربة واحدة (...) المشركين؟
* الشيخ: ومن المعلوم أيضًا أن الله لو قال لهؤلاء الكفار: كونوا أمواتًا لماتوا، المسألة ما هي معناها من باب العجز أو القدرة؛ نزول الملائكة تثبيتًا لقلوب المؤمنين، ومشاركة لهم في هذا من باب التأييد للمؤمنين ونصرة الحق؛ ولهذا قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ [محمد ٤].
* طالب: ما هو الدليل على الشهادة لهم بالجنة؟
* الشيخ: الدليل: إذا شهد الرسول لأحد بالجنة شهدنا له.
* طالب: (...) وقلت: إنهم بأشخاصهم من أهل الجنة (...)؟
* الشيخ: عمومًا إلا من شهد له الرسول مثل حاطب بن أبي بلتعة، فهذا نقول: هو مغفور له، ولكن لا شك أننا إذا كان حاطب مغفورًا له أن أبا بكر وعمر وعثمان أولى من ذلك.
* طالب: ما رأيك فيما ذهب إليه شيخ الإسلام (...)؟
* الشيخ: والله، هذا رأي قوي لا شك، يعني ما ذهب إليه شيخ الإسلام مُؤَيَّد بالحديث: «أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٣٦٧) ومسلم (٩٤٩ / ٦٠) من حديث أنس رضي الله عنه. ]] وإذا كانت الأمة أو غالب الأمة أجمعوا على ذلك فهو كاف، لولا أنه يُخْشى من مسألة: وهو أنه يأتينا أهل الفرق الضالة ويقولون: نحن مجمعون على الشهادة لفلان بكذا وكذا وهو رأس بدعة، وهم يَدَّعون أنهم أهل الحق، لكن يمكن الانفكاك عن هذا الإيراد أن نقول: هؤلاء لا تُقْبَل شهادتهم؛ لأنهم على باطل وعلى ضلالة، والمراد شهادة أهل الحق.
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، على سبيل العموم كلهم في الجنة، قال الله تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [الحديد ١٠].
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، التابعون ما نقول (...).
* طالب: (...).
* الشيخ: لا تقل: أحسبه شهيدًا، قل: «مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»[[أخرجه مسلم (١٩١٥ / ١٦٥) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ]] كما قال عمر رضي الله عنه، عمر خطب الناس وقال: إنكم تقولون: فلان شهد وفلان شهيد وربما يكون فعل كذا وكذا، ولكن قولوا: «مَنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ».
* طالب: كيف نجمع بين قول عمر بن الخطاب وبين (...).
* الشيخ: ما هو التعارض؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: يوافق حكم الله؛ لأنه يتكلم عن حكم الله عز وجل.
* طالب: (...) عير قريش أن كل من أخذ منك مالًا بالقوة والغصب (...) أن يفعل مثل ما فعل النبي ﷺ أم حالة خاصة؟
* الشيخ: لا ما هي خاصة، إذا كانوا حربًا لنا.
* طالب: وفي غير الحرب؟
* الشيخ: لا، في غير الحرب لا تخن من خانك، لكن إذا كانوا حربًا جاز لنا أخذ مالهم.
* الطالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (٢٩) وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ﴾ [غافر ٢٩ - ٣١].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى في بقيه كلام الرجل المؤمن الذي من آل فرعون والذي أَدَّى النصيحة لقومه في قوله: ﴿وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾ [غافر ٢٨]، وهنا نناقش ما سبق:
قوله: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾ كيف تعرب: ﴿يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾؟
* طالب: لها وجهان من الإعراب.
* الشيخ: يجوز فيها وجهان؛ الأول؟
* الطالب: أنها تكون حالًا، أو أنها صفة ثانية.
* الشيخ: صفة ثانية أو ثالثة؟ ثالثة.
كيف جاز أن تكون حالًا والموصوف بها نكرة، والنكرة لا تأتي منها الحال؟
* الطالب: قلنا: إن النكرة إذا وصفت (...) الأول بوصف بينما يأتي هذه الأوصاف (...) يكون حالًا أو صفة.
* الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك.
لماذا كان يكتم إيمانه؛ يعني: يخفيه؟
* طالب: خوفًا من أن يقتلوه.
* الشيخ: خوفًا من أن يقتلوه؛ لأنه ما دام هددوا موسى بالقتل فهو خاف على نفسه فأخفى إيمانه.
قوله تعالى: ﴿وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ ما المراد بالبينات؟
* طالب: (...).
* الشيخ: بالآيات البينات. طيب آيات على أيش؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لماذا جاءت الآيات مع موسى؟
* طالب: لأجل أن يؤيده (...).
* الشيخ: أحسنت، صح.
لماذا قال: ﴿وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ ولم يقل: كل؟
* طالب: لأن العذاب في الدنيا ليس كل العذاب.
* الشيخ: المراد به عذاب الدنيا وليس كل العذاب.
لماذا جاء هذا الترديد في قوله: إن يك و إن يك، مع أنه يؤمن بأنه صادق؟
* طالب: أولًا من باب التنزل مع الخصم، هو مؤمن بما قال ولكنه من باب التنزل ومن باب إبعاد..
* الشيخ: إفحام الخصم، أن الحال لا تخلو من أحد الأمرين، نعم، طيب.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾ كيف نفى الهداية مع أنه قد يهدي مثل هؤلاء؟
* طالب: الهداية المنفية هي هداية التوفيق، أما هدية الدلالة والإرشاد فهي لكل أحد.
* الشيخ: طيب، أليس من الناس من هو مسرف كذاب وهداه الله؟
* طالب: نعم، لكن هذا ليس في الغالب، لأن المتكبر ربما الله سبحانه وتعالى يحيمه الهداية لأن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ [الزخرف ٥٥]، وقال عز وجل: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأنعام ١١٠].
* طالب آخر: هنا الإسراف والكذب مطلقة فتحمل على الإسراف الأكبر الذي هو الكفر.
* الشيخ: إي، ما يخالف، لكن الله يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي﴾ مع أنه الله قد هدى قومًا مسرفين كذابين؟
* الطالب: نعم، ولكن على إطلاقه، إذا أصرَّ الإنسان عليه؛ يعني: مطلق الإسراف أو مطلق الكذب الذي هو الكفر، فإن بَقِيَ على إسرافه وكذبه فإنه يُحْرَم من الهداية، أما إن تاب ورجع يهديه الله سبحانه وتعالى.
* طالب آخر: (...) على نفي الكمال (...).
* طالب آخر: المقصود هنا في الآية أن هذا الرجل إما أن يكون قد تَنَزَّل لفرعون فيكون قد قصد بذلك موسى فإنه إن كان كاذبًا فإن الله لا يهديه وإما أن يكون قصد الحقيقة ويكون قصد فرعون بهذا وأن فرعون هو المتكبر (...).
* الشيخ: ما يخالف، دعنا من هذه القضية، هذه القضية بقي فرعون على كفره حتى هلك. لكن غيره، قد يكون الإنسان مسرفًا كذابًا ثم يهتدي.
* طالب: أن الله إذا أراد بعبده الهداية ففي وقت الهداية هذه يزول عنه الإسراف والكذب فيهديه الله.
* الشيخ: يعني: لا يهدي من هو مسرف كذاب ما دام على ذلك؟
* طالب: هذا عام أريد به الخصوص المراد فرعون.
* الشيخ: هذا هو الأقرب؛ أن المراد به فرعون، لأنا إحنا قلنا فيما سبق أمس: إن المسألة إما أن يكون هو مسرف كذاب فلا يمكن أن يهتدي، أو أنتم فلا يمكن أن تهتدوا. وجواب آخر أن يقال: أن من قضى الله عليه في الأزل أنه مسرف كذاب فإنه لا يهتدي، هذه النقطة لم نتكلم عنها بالأمس، ولذلك فأنتم معذورون في هذه الأقوال الكثيرة التي سقتموها.
{"ayahs_start":27,"ayahs":["وَقَالَ مُوسَىٰۤ إِنِّی عُذۡتُ بِرَبِّی وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرࣲ لَّا یُؤۡمِنُ بِیَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ","وَقَالَ رَجُلࣱ مُّؤۡمِنࣱ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ یَكۡتُمُ إِیمَـٰنَهُۥۤ أَتَقۡتُلُونَ رَجُلًا أَن یَقُولَ رَبِّیَ ٱللَّهُ وَقَدۡ جَاۤءَكُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ مِن رَّبِّكُمۡۖ وَإِن یَكُ كَـٰذِبࣰا فَعَلَیۡهِ كَذِبُهُۥۖ وَإِن یَكُ صَادِقࣰا یُصِبۡكُم بَعۡضُ ٱلَّذِی یَعِدُكُمۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ كَذَّابࣱ"],"ayah":"وَقَالَ رَجُلࣱ مُّؤۡمِنࣱ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ یَكۡتُمُ إِیمَـٰنَهُۥۤ أَتَقۡتُلُونَ رَجُلًا أَن یَقُولَ رَبِّیَ ٱللَّهُ وَقَدۡ جَاۤءَكُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ مِن رَّبِّكُمۡۖ وَإِن یَكُ كَـٰذِبࣰا فَعَلَیۡهِ كَذِبُهُۥۖ وَإِن یَكُ صَادِقࣰا یُصِبۡكُم بَعۡضُ ٱلَّذِی یَعِدُكُمۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ كَذَّابࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق