الباحث القرآني
قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾ [غافر ١٦].
﴿يَوْمَ﴾ هذه بدل من يوم الأولى، ﴿يَوْمَ التَّلَاقِ (١٥) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ﴾ [غافر ١٥، ١٦].
وقوله: ﴿هُمْ بَارِزُونَ﴾ مبتدأ وخبر، والجملة في محل جر بالإضافة، إضافة يوم إليها.
و﴿بَارِزُونَ﴾ قال المفسر: (خارجون من قبورهم) ولكن المعنى أخص مما قال، بل المعنى: يوم هم بارزون؛ أي: ظاهرون ليس لهم ظل يظلهم؛ لا من شجر ولا حجر، ولا بيت ولا غيره؛ لأن البارز هو الظاهر الذي لا يحجبه دونه شيء، وهم بارزون في ذلك اليوم، وتدنو الشمس منهم مقدار ميل، ويعرق الناس في ذلك اليوم على قدر أعمالهم، منهم من يصل العرق إلى كعبيه، ومنهم من يصل إلى ركبتيه، ومنهم من يصل إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا على حسب أعمالهم.
و﴿لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾ [غافر ١٦] أي: لا يستتر على الله منهم شيء، ولا يغيب عن علمه منهم شيء، بل هو محيط بهم إحاطة تامة، كما أنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء من قبل ذلك أيضًا؛ لأن الله تعالى محيط بكل شيء علمًا.
لكن قال هنا: ﴿لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾ [غافر ١٦] لأجل تمام التخويف.
﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر ١٦]
﴿لِمَنِ الْمُلْكُ﴾ هذه مقول قول محذوف، التقدير: يقال: لمن الملك اليوم.
والقائل هو الله عز وجل؛ فإنه تعالى يقبض السماوات بيمينه وبيده الأخرى الأرض ويهزهن، ويقول: أنا الملك أين ملوك الدنيا، ويقول أيضًا: لمن الملك اليوم؟ فيجيب نفسه: لله الواحد القهار.
قال: (يقوله تعالى ويجيب نفسه) ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر ١٦] (أي: لخلقه).
فقوله: ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ خبر مبتدأ محذوف، التقدير: الملك لله الواحد القهار.
والواحد يعني الذي لا ثاني له، لا في ذاته ولا في أفعاله ولا في أحكامه ولا في صفاته سبحانه وتعالى.
وقوله: ﴿الْقَهَّارِ﴾ صيغة مبالغة من القهر، وهو الغلبة، فهو قهار لكل شيء.
والمفسر قال: (أي: لخلقه).
* في هذه الآية من الفوائد أولًا: أن الناس يبرزون في يوم القيامة، لا يضلهم شجر ولا مدر ولا بناء ولا جبل ولا غير ذلك؛ لقوله: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ﴾ [غافر ١٦].
* ومن فوائدها، من فوائد هذه الآية: أنهم في ذلك اليوم لا يخفى على الله منهم شيء؛ لأنه محيط بهم علمًا وقدرة وسلطانًا.
فإن قال قائل: هل يُستثنى من قوله: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ﴾ أحد؟
قلنا: نعم، يُستثنى من يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهم سبعة، بل هم أكثر، بلغوا إلى واحد وعشرين رجلًا، لكن النبي ﷺ جمع سبعة في سياق واحد.
طيب، يُستثنى من ذلك مَن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وقد جمع النبي عليه الصلاة والسلام منهم سبعة في حديث واحد، وهو حديث مشهور معروف: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ؛ إِمَامٌ عَادِلٌ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٦٠)، ومسلم (١٠٣١ / ٩١) من حديث أبي هريرة. ]] إلى آخره.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الملك، بل جميع الأملاك تتلاشى في ذلك اليوم، فلا فرق فيه بين مالك ومملوك، وسيد ومسود، وحر وعبد، وذكر وأنثى، ليس لأحد في ذلك اليوم ملك، ولهذا قال: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ فيقول: ﴿لِلَّهِ﴾ [غافر ١٦].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من أسماء الله الواحد، والواحد هو المتفرد الذي لا ثاني له، قال الله تعالى: ﴿لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [النحل ٥١].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من أسماء الله القهار؛ لقوله: ﴿الْقَهَّارِ﴾ [غافر ١٦].
* ومن فوائدها: إثبات صفتين من صفات الله، دل عليهما قوله: ﴿الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر ١٦] الصفة الواحد، وفي القهار القهر.
ويترتب على ذلك من الناحية المسلكية: أن الإنسان إذا اعتقد بأن الله سبحانه وتعالى واحد لم يلتفت إلى أحد سواه، وإذا اعتقد أن الله قهار خاف من قهره، واستعان بقهره على عدوه، فيستفيد من هذه العقيدة أن يخاف من قهر الله، وأن يستعين بقهر الله على عدو الله وعدوه.
{"ayah":"یَوۡمَ هُم بَـٰرِزُونَۖ لَا یَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَیۡءࣱۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡیَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَ ٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











