الباحث القرآني

ثم قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ﴾ [غافر ١٣] ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ﴾ أي: يُظْهِر لكم آياته حتى تروها، والضمير يعود إلى الله، فهو الذي له الحكم وهو العلي الكبير، ومع ذلك لم يدع عباده هملًا، بل أراهم آياته حتى يؤمنوا. فقوله: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ﴾ أي: يُظْهِرُها لكم حتى تَرَوْها عيانًا، والآيات هنا العلامات الدالة على معلومها، وهي أبلغ من المعجزات وما أشبهها. وآيات الله سبحانه وتعالى نوعان: آيات كونية، وآيات شرعية؛ فالآيات الكونية هي مخلوقات الله عز وجل، والآيات الشرعية هي الوحي الذي جاءت به الرسل. كل المخلوقات آيات من آيات الله ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات ٢٠، ٢١]، ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾ [الروم ٢١]، ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [الشورى ٢٩]، والأمثلة على هذا كثيرة كلها تدل على خالقها عز وجل وعلى تفرده بالخلق، وعلى حكمته وعلى رحمته، وعلى عزته إلى غير ذلك من معاني الربوبية التي تدل عليها هذه الآيات، وقد تكون آية واحدة تدل على عدة آيات وعلى عدة أوصاف. هذه الآيات الكونية قلت لكم: إنها شاملة لكل المخلوقات، وفي هذا يقول القائل: ؎فَوَاعَجَبَا كَيْفَ يُعْصَى الْإِلَهُ ∗∗∗ أَمْ كَيْفَ يَجْحَدُهُ الْجَاحِدُ؎وَفِي كُلِّ شَـــــــــــــيْءٍ لَــــهُآيَــــــــــــةٌ ∗∗∗ تَــــــدُلُّ عَــــــــلَى أَنَّــــهُوَاحِدُ كل شيء تأملْ فيه تجدِ الدلالة الكاملة على أن له خالقًا مدبرًا حكيمًا عليمًا إلى غير ذلك من معان الربوبية. أما الآيات الشرعية فهي ما جاءت به الرسل وقد أرانا الله تعالى إياها وأعطى الرسل عليهم الصلاة والسلام من الآيات ما يؤمن على مثله البشر، فالرسل لم يَأْتُوا هكذا يقولون للناس: نحن رسل إليكم، بل أَتَوْا بالآيات الدالة على ما أرسلوا به وعلى مُرْسِلِهم. ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ﴾ إذن الآيات تشمل الكونية والشرعية، البرق آية كونية: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الرعد ١٢]. ﴿وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا﴾ التنزيل يكون من أعلى وهنا قال: ﴿مِنَ السَّمَاءِ﴾ وهو العلو، وليس المراد بالسماء هنا السماء المحفوظة السقف المرفوع، بل المراد به العلو؛ لقوله تعالى: ﴿وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ [البقرة ١٦٤]، فالمطر ليس ينزل من السماء السقف المحفوظ، وإنما ينزل من العلو من السحاب المسخر بين السماء والأرض وهذا أمر مشاهَد. وقوله: ﴿رِزْقًا﴾ أي: ماء يكون به الرزق، فالذي ينزل ماء يكون به الرزق، فهو نفسه رزق ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ﴾ [الواقعة ٦٨، ٦٩]، وبه يكون الرزق ﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ [الأعراف ٥٧] والثمرات أرزاق، والماء رزق يشرب، فهو رزق بكل حال. وفي تقديم الآيات على إنزال الرزق من السماء دليل على أن النعمة الدينية أهم وأكبر من النعمة الدنيوية. ﴿وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ﴾ قال المفسر: (﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ﴾ دلائل توحيده) يعني التي تدل على توحيده وغير ذلك مما تدل عليه من معاني الربوبية. (﴿وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا﴾ بالمطر) فالمؤلف رحمه الله يرى أن الرزق هو ما يَخْرُج بالمطر يعني النبات وما أشبه ذلك، ولكن ما ذكرناه هو الأصوب، أن المطر نفسه رزق؛ لأن الله قال: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ﴾، وأحيانًا يكون احتياج البدن إلى الماء أكثر من احتياجه إلى الأكل. (﴿وَمَا يَتَذَكَّرُ﴾ يتعظ ﴿إِلَّا مَنْ يُنِيبُ﴾ يرجع عن الشرك) وقوله: ﴿إِلَّا مَنْ يُنِيبُ﴾ قال: (يرجع عن الشرك) وهذا لا شك أنه صحيح لكنه قاصر، فالصواب: ﴿مَنْ يُنِيبُ﴾ من يرجع إلى الله عز وجل من الشرك وغيره من المعاصي والفسوق فهو أعم مما قاله المؤلف. * من فوائد هذه الآية الكريمة: بيان قدرة الله عز وجل؛ لأنه يرينا الآيات. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن ما يرينا الله تعالى من آياته حُجَّة مُلْزِمة لئلا يقول قائل: نحن لم يأتنا آيات حتى نتعظ بها. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن المخلوقات والمشروعات كلها تدل على الخالق المُشَرِّع سبحانه وتعالى. * ومن فوائد الآية الكريمة: مِنَّةُ الله عز وجل بإنزال المطر من السماء وأنه رزق لنا. * ومن فوائدها: الحكمة في أن المطر ينزل من السماء، والله عز وجل قادر على أن يجعل للأرض أنهارًا تسير على سطح الأرض وتسقي ما شاء الله أن تَسْقِيَه، لكن المطر أنفع وأفضل؛ لأن المطر إذا نزل من أعلى شمل قِمَم الجبال فيشمل السهل والوعر والنازل والعالي، وهذه من الحكمة أن يكون المطر ينزل من فوق حتى يشمل الأرض كلها. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن ما تتغذى به الروح أهم مما يتغذى به البدن؛ لأنه قَدَّم إراءة الآيات على الرزق الذي ينزل من السماء، وهذا يدل على أنه أهم وهو كذلك، هذا هو الواقع؛ وذلك لأن فَقْدَ الغذاء البدني لا يكون فيه إلا شيء لا بد منه وهو الموت الذي لا بد منه، حتى لو كان الإنسان في أَنْعَمِ ما يكون من نعيم البدن وأترف ما يكون فلا بد أن يموت، لكن غذاء الروح هو الذي يحتاج إلى معاناة ومعالجة وبفقده يكون الهلاك في الدنيا والآخرة ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الزمر ١٥]، ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ﴾ [الكهف ١٠٣ - ١٠٥] ﴿وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر ١ - ٣]. إذن خسارة البدن دون خسارة الروح بكثير، خسارة الدنيا دون خسارة الدين بكثير؛ ولهذا قدم الله نعمته بإراءة الآيات على نعمته بإنزال المطر. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن الآيات والرزق والعطاء لا ينتفع به إلا من أناب إلى الله، أما مَنْ لم يُنِبْ إلى الله فإن الله يقول: ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [يونس ١٠١]. * ومن فوائد الآية الكريمة: أنه كلما كان الإنسان أكثر إنابة إلى الله كان أقوى إيمانًا بالآيات؛ لأن الحكم المُعَلَّق على وصف يقوى بقوته ويضعف بضعفه، فإذا كان التذكر لمن ينيب فكلما كان الإنسان أقوى إنابة كان أقوى تذكرًا. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن مَنْ لم يكن عنده إنابة فإنه يُحْرَم من الانتفاع بالآيات؛ لأن الله قال: ﴿وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ﴾. * ومن فوائدها: أن الإنابة إلى الله سبب لكثرة الرزق، ويدل لذلك قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق ٢، ٣]. والله أعلم. * طالب: لو قال قائل في قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة ٤٥]، ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة ٤٧]: المراد به الكفر. كيف (...)؟ * الشيخ: نجيب بأنه غلط، كيف يراد به شيء واحد ويكرِّرُه الله بألفاظ متعددة، والأصل أن اختلاف اللفظ يدل على اختلاف المعنى. لكن بعض العلماء قال: إن وصف الحاكم بالكفر لا يمنع من وصفه بالفسق؛ لأن الله تعالى وصف الكفار بالفسق فقال تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا﴾ [السجدة ٢٠]، ووصف الكافرين بالظلم فقال: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة ٢٥٤] فجعل هذه الأوصاف الثلاثة جعلها لموصوف واحد، ولا مانع من أن يوصف الإنسان بعدة أوصاف، فالكافر لا شك أنه ظالم، ولا شك أنه فاسق خارج عن الطاعة، بل فسقه فسق مطلق، وفسق المؤمن العاصي فسق مقيد، ولكننا إذا جعلنا اختلاف هذه الألفاظ مُنَزَّلًا على أحوال كان أبلغ؛ لأننا نقول: الكفر متضمن للظلم والفسق، فدلالته عليه بالالتزام فيكون مجرد وصفنا إياه بالكفر هو وصف له بالظلم والفسق، ثم نستفيد فائدة جديد بالحكم بغير ما أنزل الله حيث يكون ظلمًا محضًا لا كفرًا، أو فسقًا لا كفرًا. * طالب: (...). * الشيخ: لا، أنا أقول: إن كوننا نجعل الاختلاف في اللفظ اختلافًا في المعنى أحسن لأن هذا هو الأصل، وقد قال العلماء في هذه المسألة: حمل الكلام على التأسيس أولى من حمله على التوكيد. * طالب: (...). * الشيخ: لا، ما قلنا هكذا، يقول إننا قلنا: أن ما ينزل من السماء فهو أعيان وأوصاف. * طالب: (...). * الشيخ: لا أبدًا ما قلنا هذا، هل نحن قلنا: ما ينزل من السماء، أو ما يضاف إلى الله مما أنزل؟ إي، فرقٌ بينه وهذا، فرق؛ لأنه على كلامك يقتضي أن الغنم تنزل من السماء، والبقر تنزل من السماء. قلنا: ما يضاف إلى الله إنزاله إما أن يكون أعيانًا وإما أن يكون أوصافًا، فإن كان أوصافًا فهو وصف لله، وإن كان أعيانًا فهو أعيان قائمة بنفسها. * طالب: قلنا: إن الروح (...) أوصاف (...). * الشيخ: ما هي أوصاف، الصحيح أن الروح جسم، لكنه جسم ليس كالأجسام المعروفة الكثيفة. إحنا قلنا: إن ما أنزله الله تعالى ينقسم إلى قسمين، والله تعالى لم يذكر أنه أنزل الروح. * طالب: شيخ، أحسن الله إليك، في قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا﴾ قال بعض أهل العلم: فيه متروك استُغْنِيَ عنه بدلالة الظاهر عليه ومجازُه ألا سبيل إلى ذلك أينما تريدون. * الشيخ: هذا قصده لما قالوا: ﴿فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾ كأنه قال: لا سبيل إلى الخروج؛ لأنكم قدمتم لأنفسكم ما لا يمكن معه الخروج، وهو أنه إذا دُعِيَ الله وحده كفرتم وإن يُشْرَك به تؤمنوا. * طالب: العلماء يقولون: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة ٤٤] قال: إذا استحله، أما إذا لم يستحلَّه فهذا غير كافر. * الشيخ: هو على كل حال الذي يضع القانون بدلًا عن القانون السماوي هل استحله أو لا؟ * طالب: يقول: إن الشرع أفضل. * الشيخ: سؤالي: هل استحله أو لا؟ أقول: استحله بل رآه أفضل، فيكون كافرًا، مع أن من استحلَّ الحكم بغير ما أنزل الله وإن لم يحكم به فهو كافر، من قال: إنه يحل أن نحكم بغير ما أنزل الله فهو كافر وإن لم يحكم. وهذه مشكلة، كثيرًا ما يلجأ بعض الناس إلى الاستحلال أو إلى الجحود، مثلًا يقول: مَنْ ترك الصلاة جاحدًا فقد كفر، هذا تحريف للكلم عن مواضعه، وهذه مسألة أخبركم بأنه يلجأ إليها المتعصب لقوله، فيحاول أن يلوي أعناق النصوص إلى ما يقول، فمثلًا: «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ»[[أخرجه ابن حبان (١٤٦٣) من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه.]] الذين قالوا: لا يكفر ماذا عملوا؟ قالوا: مَنْ تركها جاحدًا لوجوبها فقد كفر، نحن نقول: سبحان الله! أنتم إذا فعلتم ذلك جنيتم مرتين على كلام رسول الله ﷺ: المرة الأولى حملكم الكلام على غير ظاهره، والمرة الثانية إثبات أمر لم يقله الرسول عليه الصلاة والسلام، الرسول قال: «مَنْ تَرَكَهَا» » ولم يقل: من جحدها. هل في لسانه عِيٌّ أن يقول مَنْ جحدها؟! ثم نقول لكم: الجحد كفر وإن صلى، والرسول يقول: «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ» » لو أن الإنسان قال: إن الصلاة ليست بواجبة، ولكنه يواظب عليها وهو أول من يأتي للمسجد وآخر من يخرج يكفر ولا ما يكفر؟ يكفر. كيف تلغون وصف الترك وتأتون بوصف جديد تُعَلِّقُون به الحكم، وهذه مشكلة. ولما قيل للإمام أحمد في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء ٩٣] قالوا له: إن فلانًا يقول: هذا فيمن استحل قتل المؤمن. ضحك الإمام أحمد قال: سبحان الله! مَنِ استحل قتل المؤمن فهو كافر قتلَه أو لم يقتله. وهذا التحريف لا شك أنه مضحك. كذلك أيضا مَن استحلَّ الحكم بغير ما أنزل الله فهو كافر سواء حكم أم لم يحكم. والآية علقت الحكم بالحكم ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ أعرفت الآن؟ وهذه مسألة احذروها، احذورا تحريف الكلم عن مواضعه من أجل اعتقاد تعتقدونه، واجعلوا اعتقادكم وحكمكم على الشيء تابعًا للنصوص، لا تجعلوا النصوص تابعة، إذا جعلت النص تابعًا لما تعتقد فإن هذا هو اتباع الهوى تمامًا، اجعل نفسك بين يدي النصوص كالميت بين يدي الغاسل، تقلبك النصوص ولا تقلبها، هذا هو المؤمن، لكن قد يكون أحيانًا النصوص بعضها يقيد بعضًا أو يخصص بعضًا، أو الفقه بالشريعة يقتضي تقييد المطلق أو تخصيص العام وما أشبه ذلك، وهذا لا يخرج بنا عن اتباع النصوص.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب