الباحث القرآني

ثم قال الله عز وجل: ﴿قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [غافر ١١] ﴿قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ﴾ الإماتة هنا ما كان قبل الحياة وبعد الحياة، ما كان قبل الحياة أي: وهم أجنة في بطون أمهاتهم. وما كان بعدها وهو الموت الذي يكون بعد الوجود في الدنيا هاتان ميتتان. ﴿وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ﴾ الحياة وهم أجنة في بطون أمهاتهم، والحياة بعد البعث يوم القيامة أو حين البعث يوم القيامة. وهذا كقوله تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ [البقرة ٢٨] هذه أربعة؛ إماتتان وإحياءتان، فهم يقولون: (﴿رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ﴾ إماتتين ﴿وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ﴾ إحيائتين؛ لأنهم نُطَفٌ أموات فأُحْيُوا ثم أميتوا ثم أحيوا للبعث) هذا تفسير ﴿أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ﴾، والإماتة الأولى ليست إماتة بعد حياة، ولكنها فَقْدُ حياة، فصح أن يطلق عليها اسم الموت، وقصدهم بهذا الإقرار بأن الأمر حق، فكما أننا ندرك أنه مرت بنا هذه الأطوار الأربعة: موت، فحياة، ثم موت، فحياة، فإننا نتيقن أننا أخطأنا؛ ولهذا قالوا: ﴿فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا﴾ يعني: فقد اعترفنا بذنوبنا. والذنوب جمع ذنب وهو المعصية، والمراد بها هنا الكفر كما قال المؤلف رحمه الله: (بكفرنا بالبعث ﴿فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾ من النار) و(هل) هنا للتمني، يعني أننا نتمنى الخروج من النار ولكنه لا يحصل لهم ذلك. (﴿فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ﴾ من النار والرجوع إلى الدنيا لنطيع ربنا ﴿مِنْ سَبِيلٍ﴾ من طريق؟ وجوابهم: لا) وهذا من المؤلف بناء على أن الاستفهام على بابه، أنهم يسألون هل لنا من طريق فنخرج؟ أما على ما قلنا: إنه للتمني فلا يحتاج إلى جواب فهو كقوله: ﴿فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾ [الأعراف ٥٣]. * هذه الآية فيها: إثبات اعتراف هؤلاء المكذبين بأنهم كفروا بالله وأنهم مستحقون لهذا العقاب. * ومن فوائد الآية :إقرار الكفار بما كانوا ينكرونه من قَبْلُ من البعث، وهذا معنى قوله: ﴿فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا﴾. * ومن فوائدها :أنهم في ذلك اليوم تبين لهم الحق وصحة القياس؛ لأنهم قالوا: ﴿أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ﴾ فالميتة الأولى قبل أن تنفخ فيهم الروح قد أقروا بها، والحياة الدنيا قد أقروا بها، متى أقروا بها؟ أقروا بها في الدنيا وهم أحياء، لكن أنكروا البعث بعد الموت، وأما الآن فقالوا: نعم البعث بعد الموت كنفخ الروح في الجنين؛ يعني أنا تيقنا الآن أن ما ذكره الله عز وجل من قياس الإعادة على الابتداء أمر حقيقي، وأننا أُحْيِينا مرتين وأُمِتْنَا مرتين. * ومن فوائد الآية الكريمة: شدة حسرة هؤلاء على ما فعلوا وتمنيهم الخروج مما وقعوا فيه من العذاب بقولهم: ﴿فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾. وفي هذه الآية إعراب مُشْكِل وهو أن قوله: ﴿فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾ جملة خلت من أحد الركنين فيها وهو المبتدأ؛ لأن الذي أمامنا الآن جار ومجرور في الخبر، وفيما هو محل للمبتدأ. * طالب: المبتدأ ﴿مِنْ سَبِيلٍ﴾. * الشيخ: وهل يكون المبتدأ مجرورًا؟ * الطالب: لا، ومن هذه حرف زائد. * الشيخ: إذن المبتدأ سبيل دخلت عليه حرف (من) الزائدة إعرابًا؛ ولهذا نقول في إعرابها: (من) حرف جر زائد، وسبيل مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب