الباحث القرآني

ثم قال الله تعالى: ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ [النساء ٩٨].قوله: ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ﴾ هذا مستثنى من قوله: ﴿فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾، ويحتمل أن يكون استثناء منقطعًا؛ وذلك أن المستضعفين لا يمكن أن يتوعدوا بجهنم، ومن المعلوم أن الفرق بين الاستثناء المتصل والمنقطع: أن الاستثناء المتصل يكون المستثنى فيه بعض أفراد المستثنى منه، وهنا لا يستقيم. وكذلك لو قال قائل: إنها مستثناة من قوله: ﴿ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾، قلنا: أيضًا لا يصح الاستثناء متصلًا؛ لأن هؤلاء المستضعفين ليسوا ظالمي أنفسهم؛ ولهذا يترجح القول بأن الاستثناء هنا منقطع، والاستثناء المنقطع ليس المستثنى فيه من جنس المستثنى منه، هذا من حيث المعنى. ثانيًا: أداة الاستثناء فيه بمعنى أداة الاستدراك، وما هي أداة الاستدراك؟ (لكن)، فتكون (إلَّا) بمعنى (لكن)، قلنا: الاستثناء هنا منقطع؛ لأنه لا يصح أن يكون مستثنى من قوله: ﴿ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾، ولا من قوله: ﴿فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾، وعلى هذا فيكون منقطعًا. وقلنا: إن الفرق بين المنقطع والمتصل من وجهين؛ الأول: أن المتصل بعض من المستثنى منه وليس المنقطع، الثاني: المنقطع تكون أداة الاستثناء فيه بمعنى أداة الاستدراك، أي بمعنى (لكن)، فيه حكم ثالث: وهو أن المستثنى إذا كان منقطعًا وجب نصبه فيما إذا كان الكلام تامًّا منفيًّا، وتعلمون أن المستثنى المتصل إذا كان الكلام تامًّا منفيًا يجوز فيه الوجهان: النصب على الاستثناء، والثاني: الإتباع، وأما إذا كان منقطعًا فإنه يتعين فيه النصب. يقول: ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ﴾ يعني: الذين أصابهم الضعف، فـ(مستضعف) بمعنى أصابه الضعف، يقول: ﴿مِنَ الرِّجَالِ﴾ (من) هذه بيانية تبين المستضعفين، و(أل) إذا قال قائل: كيف تحتاج إلى تبيان؟ نقول: لأن (أل) في (المستضعفين) اسم موصول، والاسم الموصول من أقسام المبهم، ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ فـ(من) هنا بيانية من الرجال والنساء. ﴿وَالْوِلْدَانِ﴾ ﴿الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾ أليس الولدان إما رجال وإما نساء؟ لا، الولدان إما ذكور وإما إناث، لكنهم صغار، و(الرجال) جمع (رجل)، والرجل إنما يكون إذا بلغ، و(النساء) كذلك جمع (امرأة) من غير الجنس، والمرأة لا يطلق عليها امرأة إلا إذا بلغت. إذن المستضعفون من الرجال إلا لمرض أو كِبَر أو غير ذلك مما لا يتمكنون معهم من الهجرة، وكذلك يقال: في النساء، أما الوِلْدَان فالغالب عليهم الضعف مطلقًا؛ لأنهم لا يستطيعون، كما قال عز وجل: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً﴾ يعني: لا يستطيعون أن يتحيَّلوا حتى يخرجوا، ﴿وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ فيأتون الأمر على وجه صريح، فهم لا حيلة عندهم فينفذون، ولا يستطيعون الخروج صراحة، فامتنع عليهم الخروج. و(الحيلة): فِعْلَة من (الحَوْل)، لكنها قلبت الواو ياءً لانكسار أيش؟ ما قبلها، وإذا كانت من (الحول)، فـ(الحول) من (التحول)، وكأن المحتال يتحول من حال إلى أخرى على وجه لا يشعر به الغير. وقوله: ﴿لَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ أي: طريقًا ينفذون إليه بأنفسهم فيهاجرون. قال الله تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ﴾ الفاء حرف عطف، و(أولاء) اسم إشارة يعود على ﴿الْمُسْتَضْعَفِينَ﴾، ﴿فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ﴾ جملة ﴿عَسَى﴾ وما بعدها في محل رفع خبر أولئك، ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ﴾ (عسى) فعل للترجي، وقيل: إنها تأتي للتوقع، والفرق بين الترجِّي والتوقع: أن الترجِّي رجاءُ ما لم يوجد سبب وقوعه لكنه ممكن، والتوقع ما يوجد سبب وقوعه فيتوقع أن يكون. يقول: ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ﴾ هل هذا من الرجاء أو من التوقع؟ إذا نُسِبَت (عسى) إلى الله فهي من التوقع؛ ولهذا قال بعض العلماء: إن (عسى) من الله واجبة، ولا يمكن أن تأتي للترجي؛ لأن الله لا يترجَّى شيئًا، هو قادر على كل شيء، الرجاء إنما يكون من شخص قد يتعسر عليه أن يفعل، أما الله عز وجل فلا، وعلى هذا فتكون للتوقع يعني: هؤلاء يتوقع أن الله يعفو عنهم. لكن قول بعض العلماء: (عسى) من الله واجبة، إذا قلنا بهذا القول، فلماذا عبر بـ(عسى) التي لا تعطي الإنسان يقينًا في الوقوع؟ نقول: لئلا يغترَّ الإنسان فيقول: أنا معفو عني ولا يهتم، بل يقال: أنت يُتَوَقَّع أن الله يغفر لك مثلًا، يتوقع أن تكون من المهتدين مثل قوله: ﴿فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ [التوبة ١٨]، ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ [المائدة ٥٢]، وأمثلة هذا كثيرة، حتى لا يغلب الطمع على الإنسان فيأمن من مكر الله. قال: ﴿فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ﴾ ﴿يَعْفُوَ﴾ العفو هو: التجاوز عن الذنب، ولكنه لا يكون ممدوحًا إلا إذا كان مع القدرة، أما إذا كان بدون القدرة فهو مذموم؛ لأنه عجز وذُل؛ ولهذا يقال دائمًا: فلان يعفو مع القدرة؛ لأن هذا هو محل العفو المحمود، كقوله تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ [النساء ١٤٩] يعني: يعفو مع القدرة على المؤاخذة، فاعفوا أنتم حتى يعفوَ الله عنكم. * طالب: هل نقول: إنه يجب الهجرة من بلاد الفسق؟ * الشيخ: لا، الهجرة ما تجب من بلاد الفسق، لكنه لا شك أنه أفضل وأحسن؛ لأن الفسق لا يُخرج من الإيمان. * طالب: جزاك الله خيرًا يا شيخ، ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾ الرجال والنساء مكلفون، فلماذا ذكر الولدان؟ * الشيخ: لا، إنه سيأتينا إن شاء الله الكلام على الفوائد. * طالب: قلنا: من وجوب الهجرة من بلاد الكفر ألا يستطيع يقيم، أو يقيم شعائر الإسلام، فما المقصود بشعائر الإسلام هنا؟ * الشيخ: الصلاة. * الطالب: بعض دول الكفر تسمح له أن يقيم العبادات الخاصة به، لكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو رفع الأذان بصوت عالٍ؟ * الشيخ: الصلاة جماعة، الجمعة، شعائر العيدين وما أشبهها، أما الدعوة فهي محل نظر، قد يقال: إن من أساسيات الدين الإسلامي الدعوة إلى الله عز وجل، فإذا عجز عنها فهو عاجز، وقد يقال: لا، الدعوة واجبة فرض كفاية، وأيضًا ليست متعلقة بشخص الإنسان، فهي عندي محل نظر، والله أعلم. * طالب: هل نستطيع تنزيل هذه الآية على القاعدة الأصولية (الأمر إذا ضاق اتسع)؟ * الشيخ: لا، هو بهذا اللفظ يعني: كلما ضاق اتسع، بهذا اللفظ ما هو جيد. * الطالب: (...). * الشيخ: أصولية، لا، هي أصولية في الواقع، المهم أنه في هذا التعبير خطأ، إنما يقال: (كلما تعسرت الأمور يسر الله تعالى)، كما قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»[[أخرجه أحمد في مسنده (٢٨٠٣)، من حديث عبد الله بن عباس.]]. * طالب: شيخ، هل (...) قوله تعالى: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً﴾ (...)؟ * الشيخ: يعني معناه: لا يستطيعون أن يخرجوا من هذا البلد بحيلة، ولا يهتدون سبيلًا بصراحة يطلعون أمام الناس. * طالب: شيخ، بارك الله فيك، قلنا: إن ملك الموت يعني فيه أقوال، قلنا: ثلاث أقوال أو قولان، وهو ما تعلمنا، وقد تم الأمر إلى أنه علم برزخي يعلمه الله عز وجل، فيه ملك الموت يقبض أرواح عشرة هنا وعشرون هناك، فيه بعض الأئمة يا شيخ يقولون: ‘ن ملك الموت قد زوى الله عز وجل الأرض أمامه يقبض منها كيف يشاء؟ * الشيخ: هذا قاله بعض السلف، قالوا: الأرض تكون مثل الطشت بين يدي ملك الموت، لكن ما هو بظاهر حتى في هذه الحال ما هو بظاهر، الأَوْلى كما قلت: إننا نسلم ونؤمن بما جاء من أمور الغيب، ولا نحاول أن نقول: لم؟ وكيف؟ * طالب: لو قال قائل: إن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يجعل الملك يعني (...) المشرق والمغرب (...) الله؟ * الشيخ: هو قادر، نقول: صدقت. * الطالب: (...). * الشيخ: إحنا قلنا: إن الله أعطاه قدرة يأخذ، هذا إذا قلنا: إن ملك الموت واحد، ليس معناه نقول: لا يمكن يقبض هذا وهذا، إحنا نقول: هو يقبض، والله على كل شيء قدير، يعطيه الله تعالى قدرة. * طالب: شيخ، بالنسبة، إحنا ذكرنا أن الهجرة من بلاد الفسق لا تجب، لكن إذا كان في بلد إسلامية لكن لا يستطيع أداء الشعائر فيها، فإذا خرج إلى بلد أهلها كفار استطاع أن يؤدي بعض الشعائر، كمن يمنع عن الصلاة جماعة في بلد فيهاجر إلى بلد أخرى؟ * الشيخ: والله، هذا سؤال جيد لأنه واقع، يقول: إذا كنت في بلاد إسلام قد شاع فيها الفسق، وتسلط عليها الولاة بحيث لا يُمَكِّنُون أحدًا من إقامة الجماعة، صلاة الجماعة، وهذه -أولًا- نطالبك بالواقع، هل هذا واقع في بلاد الإسلام؟ * الطالب: نعم. * الشيخ: موجود؟ * الطالب: نعم. * الشيخ: يغلقون المساجد، يقول: لا تصل مع الجماعة. * طالب: إذا صلى أحد في المسجد لا يُرَى ثانيًا، الشباب بالذات، الشباب. * الشيخ: أقول: هذا يوجد في البلاد الإسلامية، تغلق المساجد؟ * الطالب: (...) إذا صلى الفجر (...). * الشيخ: نسأل الله العافية، المهم على كل حال إذا كان هذا واقعًا وصار لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه في هذه البلاد الإسلامية لكن يستطيع أن يقيمها في بلاد الكفر فهل يهاجر، أو الأَوْلى أن لا يهاجر؟ لأن هذه الحال ربما لا تدوم، الله قد يغيِّر الحال، وهي -إن شاء الله- ليست دائمة، بإذن الله، نسأل الله تعالى أن يزيل عن المسلمين هذا الكابوس من أولئك الولاة الظلمة الذين -والعياذ بالله- يصح أن نصفهم بأنهم ملحدون، إذا كانوا يمنعون المسلمين من الصلاة فهؤلاء لا أحد يشك في كفرهم. * طالب: واقع، ترى المرأة إذا خرجت بحجابها ينزعوه عنها يا شيخ. * الشيخ: هينة هذه، إي نعم، على كل حال هذا لا شك أن بلاد الكفر خير لهذا من بلاد الإسلام التي تقولون: إنها على هذا الوصف، لكن أنا أقول: إنه إذا هاجر أهل الخير عن البلد ولم يبق إلا المستضعف الذي يوافق الحكومة على ما تريد صار الأمل ضعيفًا في عود هذه البلاد إلى حظيرة الإسلام، لكن إذا بقي هؤلاء وعالجوا الأمور بحكمة فالغالب أن الله يجعل لهم فرجًا. * طالب: (...). * الشيخ: إي نعم، خطر النشء الذين يكونون في بلاد الكفار، على كل حال أنا رأيي ألا يهاجروا بل يصبرون وسيجعل الله لهم فرجًا. * طالب: (...) وقد يمنعونهم من الصلاة (...) حتى في الدعوة (...). * الشيخ: فبماذا أجاب؟ * الطالب: بوجوب الهجرة. * الشيخ: والله على كل حال هذا نظره، لكن أنا نظري أن الصبر والمصابرة وانتظار الفرج أولى؛ لأن خُلُوَّ البلاد من أناس لهم غَيْرة ولهم ثبات ولهم قوة وعزم هذه خطيرة على سبيل العموم، ثم مسألة النشء هناك خطر؛ لأن في ناس ذهبوا إلى أمريكا وأوروبا من السعوديين انقلبوا على أعقابهم -والعياذ بالله- بناتهم وأولادهم. * طالب: (...)؟ * الشيخ: ما حصل، مع الأسف البلاد الإسلامية ما تتمكن من دخولها ولا الإقامة فيها إلا بشروط قد تحصل وقد لا تحصل، لو وجد بلاد إسلامية تقبل كل من جاء من المسلمين لاجئًا إليها كان هذا طيبًا، لكن هذا ما هو موجود. * طالب: كما تفضلتم، والذين بقوا هل..؟ * الشيخ: صحيح، من سيكون معهم في المستقبل. * الطالب: (...). * الشيخ: نعم نعم، والله أنا رأيي هو هذا: أن يصبروا؛ لأنها البلاد بلاد إسلامية يُؤَذَّن فيها ويصام فيها رمضان، وتنتسب إلى الإسلام، وها الكوابيس -إن شاء الله- تروح. * طالب: نريد أن نسأل من الناحية الفكرية عند الشخص نفسه إذا بقي هناك مع المقاومة من أجل الدين (...) وكذلك إقامة شعائر الدين الأخرى (...) أفلا نقول: إنه يؤجر بمثل نيته (...)؟ * الشيخ: بلى، على النية يؤجر لا شك، يؤجر على النية. * طالب: (...) أين حسن الخلق، يا شيخ الآن (...) ما في النفس بسرعة؟ * الشيخ: لا، هذا -سلمك الله- مرن نفسك، والناس يختلفون في سرعة الغضب؛ ولهذا «لما قال الرجل: يا رسول الله، أوصني. قال: «لَا تَغْضَبْ»[[أخرجه البخاري (٦١١٦)، من حديث أبي هريرة.]]، ولم يوصه بتقوى الله ولا بالعبادة ولا بالإحسان للخلق، قال: «لَا تَغْضَبْ»؛ لأنه يعلم عليه الصلاة والسلام أن هذا الرجل غضوب، فأنت مرن نفسك، وتحمَّل، سيكون صعبًا أن تَطْفَأ هذه الحرارة التي حصلت من الغضب، لكن مرن نفسك حتى يكون هذا خلقًا مكتسبًا، لكن بعض الناس يكون سريع الغضب وسريع الفيئة، هذه بتلك. * طالب: (...)؟ * الشيخ: يكون معناه بأن تعطي نفسك ما تهواه في غير معصية الله، «إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا»[[أخرجه البخاري (١٩٦٨)، من حديث أبي جحيفة السوائي.]]. * طالب: (...). * الشيخ: النفس مما خلق. * طالب: (...). * الشيخ: لا، عامة. * * * * طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ﴾ [النساء ٨٨]. * الشيخ: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ﴾ كيف كانوا فئتين؟ * طالب: اختلف الصحابة في المنافقين، بعضهم حكم، قال: إنهم مسلمين بما أن ظاهرهم معنا فهم منا، والبعض الآخر قال: لا، بما أنهم نافقوا وكذبوا الله ورسوله فهم ليسوا منا. * الشيخ: أحسنت، جملة ﴿وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾ ما محلها من الإعراب؟ * طالب: في محل نصب حال. * الشيخ: بارك الله فيك. يُستفاد من هذه الآية الكريمة الردُّ على من نفى الأسباب؟ * طالب: ﴿وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾. * الشيخ: وجه الرد عليهم؟ * طالب: وجه الرد على الطائفة التي تنكر الأسباب بما كسبوا، فأثبت لهم الأسباب. * الشيخ: إي، ما وجهه؟ * طالب: بما كسبوا. * الشيخ: لا، هذه فيها رد على القدرية أو على الجبرية؟ * طالب: نعم، والرد على الطائفة الأخرى الذين.. * الشيخ: إلى الآن ما أعطيتنا وجه الرد على من أنكر الأسباب. * طالب: أنكر الأسباب، الله أركسهم بما كسبوا؛ فعلَّل الله سبحانه وتعالى إركاسهم بكسبهم فدل على فعل الأسباب. * الشيخ: يعني لأن الباء للسببية؟ * طالب: نعم. * الشيخ: أحسنت. ﴿إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ﴾ معطوفة على أيش؟ * طالب: على الذين لا يريدون أن يقاتلوهم أو يقاتلوا المؤمنين. * الشيخ: لا. * طالب: على ﴿يَصِلُونَ﴾. * الشيخ: على ﴿يَصِلُونَ﴾، يعني: إلا الذين يصلون أو الذين جاؤوكم. يستفاد من هذه الآية الكريمة أن أفعال العبد واقعة بمشيئة الله، ففيها رد على القدرية، من أين تؤخذ؟ * طالب: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ﴾. * الشيخ: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ﴾، أحسنت. قوله: ﴿فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا﴾ هل هذا جعلٌ كوني أو شرعي؟ * طالب: شرعي. * الشيخ: ما الفرق بين الجعل الشرعي والقدري؟ * طالب: الشرعي: أن الله عز وجل أمرنا به وقد يقع وقد لا يقع. * الشيخ: يعني: الشرعي ما جعله الله شرعًا للعباد. والقدري أو الكوني: ما قضى به عليهم قدرًا. أيمكنك أن تأتي بمثال للشرعي؟ * الطالب: قوله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [المائدة ١٠٣]. * الشيخ: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ﴾ هذه جعلٌ شرعي، ما هو دليلك على أنها جعل شرعي وليست جعلًا قدريًّا؟ * طالب: أنها وقعت. * الشيخ: أنها واقعة، أحسنت، الجعل القدري؟ * طالب: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ﴾ [فاطر ١]. * الشيخ: إي نعم، كثيرة في القرآن، ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾ [النبأ ٦، ٧] كثيرة. * طالب: ﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ﴾ إلى الرسول ﷺ وأصحابه. * الشيخ: إلى الرسول وأصحابه، هؤلاء الآخرين يعني ما حالهم هل هم كفار صرحاء يريدون أن يأمنوكم؟ * الطالب: منافقين. * الشيخ: منافقون؛ لأنهم يريدون؟ * الطالب: أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم. * الشيخ: على أي كيفية، يعني ما هو الدليل على أنهم يريدون هذه الإرادة؟ * الطالب: يريدون أمانهم. * الشيخ: لكن ما هو الدليل على أنهم يريدون هذا وهذا؟ ما هو الدليل على أنهم يريدون أن يأمنوا قومهم ويأمنوا الرسول وأصحابه؟ * الطالب: هم جاؤوا إليه. * الشيخ: ما هو الدليل؟ جب لي آية من القرآن تشهد لما قلت. * طالب: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ﴾ [النساء ٩١] ﴿وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا﴾ [آل عمران ١١٩]. * الشيخ: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ﴾ [البقرة ١٤]. قوله تعالى: ﴿وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ هذا السلطان، هل هو القتل أو الحجة أو ماذا؟ * طالب: يعني الدليل. * الشيخ: الحجة، الدليل ما هو حجة؟ كيف هذه الحجة؟ * الطالب: رب إنك آتيت (...)، ولم يلقوا إليكم السلام، ولم يكفوا أيديهم عن الأذى، هذا هو الدليل عليه. * الشيخ: يعني: فلنا سلطان عليهم أن نقاتلهم. * طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ (...) ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾. * الشيخ: في هذه الآية كُرِّرَت (مؤمنة) كم مرة؟ * طالب: (مؤمنة) هذا النص أو السورة؟ * الشيخ: لا، (مؤمنة) بهذا اللفظ؟ * طالب: (مؤمنًا) مرة واحدة. * الشيخ: كررت مرة واحدة في الآية هذه؟ * طالب: (مؤمنة) مرتين. * الشيخ: لك مخالف، كم؟ * طالب: ثلاث مرات. * الشيخ: توافقون؟ * الطلبة: نعم. * الشيخ: الأول أو الثاني؟ * الطلبة: الثاني. * الشيخ: الثاني. لو نذر إنسان أن يصوم شهرين فهل يلزمه التتابع أو لا؟ * طالب: إن قال: شهرين فنعم (...) يلزمه كل شهر أن تتابع أيامه (...). * الشيخ: من أين أتاك هذا التفسير؟ * الطالب: لأنه لا يطلق على الأيام شهرًا إلا أن تكون متتابعة. * الشيخ: لكن هل الآية تدل على ما قلت أو على خلاف ما قلت؟ * الطالب: على خلاف ما قلت. * الشيخ: سبحان الله، تعلم أن الآية تدل على خلاف ما قلت ثم تقوله؟ إذن. * طالب: (...) تسعًا وخمسين (...). * الشيخ: ويتابع؟ * الطالب: نعم. * الشيخ: خالفت الآية من وجهين. ماذا تقول؟ نذر شخص أن يصوم شهرين فهل يلزم التتابع أو لا؟ * طالب: فيه تفصيل يا شيخ. * الشيخ: ما هو؟ * الطالب: إن أطلق. * الشيخ: قال: لله علي نذر أن أصوم شهرين؟ * الطالب: إن كان بنية التتابع فيلزمه التتابع. * الشيخ: ما قلت إلا هذا، ما على بالي متتابع ولَّا غير متتابع، قال: لله علي نذر أن أصوم شهرين؟ * الطالب: يصدق عليه يا شيخ التتابع، ويصدق عليه الإطلاق. * الشيخ: هل يجب التتابع أو لا؟ * الطالب: لا يجب. * الشيخ: من أين تأخذه من الآية؟ * طالب: الله سبحانه وتعالى قيده بالتتابع. * الشيخ: وجه الدلالة؟ * الطالب: يعني متتابعين، فلو دل على الإطلاق، فهذا فيه تتابع. * الشيخ: دل على أن إطلاق الشهرين لا يستلزم التتابع؛ إذ لو كان يستلزم التتابع لم يكن للقيد فائدة؛ ولهذا إذا قال: لله علي نذر أن أصوم شهرين، قلنا: بالخيار، صم متتابعًا وغير متتابع. فإن قال: لله علي نذر أن أصوم شهر شعبان ورجب؟ * الطالب: يلزمه. * الشيخ: يلزمه التتابع؟ * طالب: شعبان ورجب كيف يمكن التتابع فيهما؟ * طالب: يلزمه. * الشيخ: يلزمه، لأيش؟ * طالب: لأنه هو سمَّى، قال: شعبان ورجب. * طالب آخر: بس ما يلزم، شعبان ثم رجب. * الشيخ: كيف؟ لا دعني من مسألة شعبان قبل رجب، أو رجب قبل شعبان، قصدي هل يلزم التتابع؟ * طالب: لا يلزمه التتابع. * الشيخ: لماذا؟ * طالب: لأنه قد يصوم شعبان ورجب، قد يصوم رجب في عام ألف وأربع مئة عشر وشعبان. * الشيخ: لا لا، هذه بعيدة. * طالب: يصدق على من صام شعبان. * الشيخ: لا، ما يصدق، قرينة الحال القوية تقتضي هذا، وحتى لو قلنا: هل يلزمه التتابع في رجب إذا شرع فيه، سواء في هذا العام أو فيما بعده؟ * طالب: يلزمه. * الشيخ: إذن يلزمه، لكن إذا قيل: ما هو الدليل؟ نقول: ضرورة أنه لا يمكن أن يصوم رجب أو شعبان إلا متتابعًا؛ لأن هذا شهر معين. * طالب: بس شهرين يا شيخ؟ * الشيخ: والشهرين أيضًا، إذا قال: رجب وشعبان لا بد من التتابع. هذه الآية الكريمة فيها إشكال كبير جرى بين أهل السنة وأهل البدعة، فيه مناظرات كثيرة ما هذا الإشكال؟ * طالب: (...). * الشيخ: إي نعم، ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾. * الطالب: الخلاف (...). هذه الآية الكريمة فيها إشكال كبير، جرى بين أهل السنة وأهل البدعة فيه مناظرات كثيرة، ما هذا الإشكال؟ * طالب: نفس الآية يا شيخ؟ * الشيخ: إي نعم، ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ [النساء ٩٣]. * الطالب: الخلاف مع الخوارج، هم قالوا في قتل العمد أنه ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾، يعني: متعمد أو غير متعمد. * الشيخ: لا، غير المتعمد بُيّن في الآية التي قبلها. * الطالب: يعني الذي يقتل كافرا كالذي يقتل مؤمنًا. * الشيخ: لا يا شيخ، ﴿مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾، ﴿مُؤْمِنًا﴾، أنت بدأت أول جوابك جوابا صحيحا، بين الخوارج وأهل السنة، لكن كيف ذلك؟ * طالب: بالنسبة للكبيرة يا شيخ.. * الشيخ: قتل النفس المؤمنة، قَتَل مؤمنا متعمدا، قلنا هذه الآية فيها اختلاف ومناظرات بين أهل السنة وطائفة من أهل البدع، فمن هذه الطائفة؟ قلت: الخوارج، كيف الخلاف والمناظرات؟ * طالب: أن فاعل الكبيرة.. * الشيخ: استدل الخوارج بهذه الآية على؟ * الطالب: أن صاحب الكبيرة في النار. * الشيخ: لا، هو ما في النار، هم لا يقولون إنه في النار فقط. * الطالب: كافر. * الشيخ: كافر. * الشيخ: ما وجه استدلالهم بالآية مع أن الله تعالى لم يقل إنه كافر؟ * الطالب: التخليد في النار. * الشيخ: التخليد في النار، فالحكم بالتخليد يدل على أن مستحقه كافر؛ إذ لا يُخَلَّد في النار إلا الكافرون، أحسنت بارك الله فيك، ما هو جواب أهل السنة عن هذه الشبهة؟ * طالب: (...) إنهم يقولون: إن الخلود هنا المكث الدائم أو.. * الشيخ: دائم ولّا كثير، الطويل يعني؟ * الطالب: الطويل على قولين؛ إما إن المكث الطويل أو المكث كثيرا، فلو قلنا إن الطويل إذا كان المكث كثيرا فيكون انتهى الإشكال، وإذا قلنا: إنه المكث الدائم تخرج المسألة على عدة أقوال. * الشيخ: يعني أن نقول: إن الخلود هو المكث الطويل، وهذا يخرج منه الكافر، الكافر دائما خالد، (...) على طائفة من المبتدعة. * طالب: (...). * الشيخ: رد على من؟ * الطالب: على المعتزلة. * الشيخ: المعتزلة؟ * طالب: رد على الجبرية. * الشيخ: على الجبرية الذين يقولون: إن الإنسان مجبر على عمله، فيه طائفة أخرى أيضًا فيما يتعلق بأفعال العباد في الآية رد عليهم؟ * طالب: الذين قالوا: ليس بمدبر، ليس لهم (...). * الشيخ: هي الجبرية. * الطالب: والطائفة الأخرى اللي لم ينسبوا الأفعال للعباد، وإنما قالوا: (...). * الشيخ: ما راجعت. * طالب: الذين قالوا: إن أفعال العباد غير متعلقة بالمشيئة. * الشيخ: غير متعلقة بالمشيئة، من هم؟ * طالب: القدرية؟ * الشيخ: القدرية، كيف القدرية؟ * طالب: في قوله: ﴿لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ﴾ رد على القدرية. * الشيخ: لا، الرد على من؟ * الطالب: الرد على القدرية في ﴿لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ﴾. * الشيخ: على القدرية، في قوله؟ * الطالب: ﴿لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ﴾. * الشيخ: في قوله أيش؟ * الطالب: ﴿لَسَلَّطَهُمْ﴾. * الشيخ: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ﴾ القدرية، نعم. * طالب: (...). * الشيخ: لا ما قلت، تقول: يا الله، تلمّس تلمّس، تقوم تقول: يا شيخ ليه كده. * طالب: لا (...) يا شيخ. * الشيخ: لا، هل تفهمون من الجواب أنه أحاط بها علما؟ * طلبة: لا. * الشيخ: لا. * طالب: (...). * الشيخ: علم الله بالغيب. * طالب: ﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ﴾. * الشيخ: لقوله: ﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ﴾، وهذا في المستقبل، طيب ما هو السلطان الذي جعل الله لهم هنا، قدري أو شرعي؟ * طالب: قدري. * الشيخ: نعم، ما تقولون؟ * طالب: (...) يكون شرعيًّا قدريًّا. * الشيخ: شرعيًّا قدريًّا. * * * * طالب: ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء ٩٣، ٩٤]. * الشيخ: أحسنت، قوله تبارك وتعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ متعمدًا للفعل ولّا للقتل؟ * طالب: متعمدًا للقتل. * الشيخ: للقتل، أحسنت، ما الفرق بين قولنا: متعمدًا للفعل ومتعمدًا للقتل؟ * الطالب: الفرق بينهما أن المتعمد للفعل مثلًا قد يريد مثلًا يرى أمامه شيئًا يحسبه صيدًا أو هدفًا ولا يظن أن هناك ترى إنسانًا يعني خلفه فيقع مثلًا يعني يصيبه. * الشيخ: هذا خطأ. * الطالب: هو متعمد للفعل لكن مثلًا كونه يرمي هذا هو متعمد. * الشيخ: لكن ما تعمد الفعل بالإنسان الذي قتل؟ * الطالب: ما تعمد الفعل بالإنسان الذي قتل، فهو متعمد للفعل وليس عامدًا للإنسان، أما إذا تعمد القتل فهو يعني يقتله مباشرة يعلم أنه قاتله. * الشيخ: هو على كل حال جوابك صحيح، متعمد للقتل لا للفعل، لكن الصورة اللي ذكرت لا تنضبط. * طالب: الأول خطأ، المتعمد للفعل (...). * طالب آخر: المتعمد للفعل يشمل شبه العمد، والمتعمد للقتل هو العمد. * الشيخ: أحسنت، المتعمد للفعل يشمل شبه العمد، يعني مثلًا ضربه بسوط صغير، ثم أراد الله عز وجل فمات، هذا ما تعمد القتل لكن تعمد الفعل، هذا يسميه العلماء شبه العمد، وبعضهم يقول: هذا عمد الخطأ. هذه الآية أشكلت على أهل العلم من أهل السنة؛ حيث إن ظاهرها أن قاتل المؤمن عمدًا يُخَلَّد في النار، وهذا كما تعرف مذهب المعتزلة والخوارج، فأشكلت هذه الآية على أهل السنة، فبماذا أجابوا عنها؟ * طالب: أجابوا عنها أن التخليد يعبر به عن المكث الطويل ولا يستلزم الأبد المؤبد. * الشيخ: أحسنت، (...)، نعم، هذا وجه، الوجه الثاني؟ * طالب: الوجه الآخر أنهم قالوا الكلام على تقدير محذوف، وهو: فجزاؤه إن جازاه. * الشيخ: نعم، فجزاؤه إن جازاه، ويكون هذا من باب التهديد الذي لا يراد وقوعه، الوجه الثالث؟ * طالب: قيل: إن المراد بالآية من استحل قتل المؤمن. * الشيخ: من استحل قتل المؤمن، الوجه الرابع؟ * طالب: أن هذا داخل في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ﴾ [النساء ٤٨]. * الشيخ: كيف داخل؟ يقدر إنسان يقول: هذا مخصص؟ * الطالب: يحمل (...) المحكم. * الشيخ: طيب، وهذا محكم يخصص قوله: ﴿مَا دُونَ ذَلِكَ﴾، يعني: إلا القتل. * طالب: أنه إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع فإنه يستحق هذا الجزاء، لكن قد يثبت المانع بدليل آخر مثل الإيمان، فلا يثبت عليه هذه العقوبة. * الشيخ: يعني أن هذا سبب، إن قتل المؤمن عمدًا سبب للخلود في النار والغضب واللعن والعذاب العظيم، هذا سبب، والسبب لا بد فيه من انتفاء المانع، وهنا انتفى المانع، مانع الخلود الدائم، مانع الخلود الدائم وُجد وهو الإيمان، كما دلت عليه الأحاديث، فيه وجه خامس؟ * طالب: أن هذا متعلق بمشيئة الله، إن شاء الله أن يعذبه فهو خالد فيها. * الشيخ: هذا قاله الأخ، قال: بتقدير: إن جازاه. * طالب: الوجه الخامس أنه غير (...)، وهو أنه يحمل على من استحل هذا الفعل. * الشيخ: قيل هذا، وهو غير صحيح. * طالب: قد يكون له توبة عظيمة وحسنة إن ظنوا فيه هذا كله. * الشيخ: كما قال الأخ وجود مانع. * طالب: هذا دون الشرك يا شيخ، (...) فالآية تقول: ﴿يَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾. * الشيخ: عندي الآن فيه وجه أنه يمكن أن يقال: إن من قتل مؤمنًا عمدًا أوشك أن يُمسخ ويُطبع على قلبه ويموت على الكفر، ويؤيده قول النبي ﷺ: «لَا يَزَالُ الْمَرْءُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا»[[أخرجه البخاري (٦٨٦٢) من حديث عبد الله بن عمر .]]، يعني يمكن أن يجاب بهذا، ويكون المعنى أن مآله -والعياذ بالله- أن يزول الإيمان منه بالكلية، ثم يموت على الكفر، فهذه خمسة أوجه. في قوله: ﴿السَّلَامَ﴾ عدة قراءات ما هي؟ * طالب: ﴿السَّلَامَ﴾ وَ﴿السَّلَمَ﴾ قراءتان. * الشيخ: قراءتان، ما فيها غيرها؟ أنا قلت: عدة قراءات. * الطالب: ذكرنا هذه الـ.. * الشيخ: قل لي: والاثنان عدة، فهمت؟ والاثنان عدة، كيف عدة؟ يعني: لا قراءة واحدة، إذن ما فيها إلا قراءتان ﴿السَّلَمَ﴾ و﴿السَّلَامَ﴾. كلمة ﴿تَبْتَغُونَ﴾ محلها من الإعراب؟ * طالب: في محل نصب حال. * الشيخ: من أين؟ * الطالب: الآية تقول: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، حال من ﴿تَقُولُوا﴾. * الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك، جيد. * طالب: (...). * الشيخ: وبالرفع؟ * طالب: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ قد يقول القائل إن ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ ظرف. * الشيخ: ظرف؟ * طالب: صفة. * الشيخ: صفة لأيش؟ * طالب: (...). * الشيخ: (...)، بالفتح؟ طيب، في هذه الآية ما يسمى في البلاغة بالاحتراس، ما هو؟ * طالب: (...). * الشيخ: في قوله: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾؛ لئلا يتوهم واهم انتقاص القاعدين غير أولي الضرر، طيب، هل في الآية دليل على أن من تأخر لضرر فإنه يكون كالذي ما جاهد؟ * الطالب: أي نعم. * الشيخ: وجهه؟ * الطالب: (...) استثناهم ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾. * الشيخ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾، بارك الله فيك. * * * * طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ﴾ [النساء ٩٧]. * الشيخ: في هذه الآية إشكال مع آيتين أخريين، ما هما؟ * طالب: نسب التوفي إلى الملائكة، لكن في سورة السجدة: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ﴾ [السجدة ١١]، نسبه إلى ملك الموت، وفي الزمر: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ﴾ [الزمر ٤٢]، فنسب التوفي إلى الله تعالى، والجمع بين هذه الآيات أن الوفاة وقعت بأمر الله سبحانه وتعالى، كما يقال: بنى عمرو بن العاص مدينة الفسطاط، بينما بنيت بأمره ما هو بناها. * الشيخ: يعني إسناد التوفي إلى الله؛ لأنه بأمره؟ * الطالب: نعم. * الشيخ: أحسنت. * الطالب: وإسناد التوفي إلى ملك الموت لأنه الذي يقوم به حقيقة، وإلى الملائكة لأنهم أعوانه. * الشيخ: نعم هذا وجه، وجه آخر أن المراد بالملائكة الجنس، وتصدق بملك واحد، طيب، كيف تعرب ﴿فَتُهَاجِرُوا فِيهَا﴾؟ * الطالب: الفاء للسببية، و(تهاجروا) فعل مضارع منصوب بالفاء وعلامة النصب حذف النون، وواو الجماعة فاعل. * الشيخ: ألا يجوز أن تكون معطوفة على ﴿تَكُنْ﴾؟ * الطالب: لا، غير معطوفة عليها. * الشيخ: ما يصح. * الطالب: لأن الفاء الثانية وقعت بعد استفهام. * الشيخ: ألم تكن أرض الله واسعة فلم تهاجروا فيها؟ * طالب: (...). * الشيخ: يصح (...)، فيوبخونهم على عدم الهجرة. * طالب: (...) تصير الفاء سببية.. * الشيخ: لا، إذا كان الاستفهام للتقرير.. * الطالب: يصير عطفا. * * * * طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (٨٨) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ [النساء ٨٨، ٨٩]. * الشيخ: ما معنى قوله: ﴿فِئَتَيْنِ﴾؟ * طالب: أي طائفتين، (...) طائفتين على رأيين. * الشيخ: نعم، يعني فريقين، اذكر؟ * الطالب: لما رجعوا من غزوة أحد طائفة منهم من قال إنهم منافقون لتخلفهم عن الغزوة، ومنهم من قالوا إنهم مؤمنون، فوبخهم الله سبحانه وتعالى. * الشيخ: منهم من قال: إنهم مسلمون منا لكن رجعوا للعذر. * الطالب: نعم، فوبخهم الله على هذا الكلام، والأمر واضح، أمرهم واضح، المنافقون (...). * الشيخ: طيب، ﴿أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ﴾ ما معنى ﴿أَنْ تَهْدُوا﴾؟ * الطالب: أن تقروا بالهداية (...). * الشيخ: أن تقروا بها أو تحكموا بها، وقد (...) الله. قوله: ﴿فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ ﴿حَتَّى﴾ هنا غائية أو تعليلية؟ * طالب: غائية. * الشيخ: غائية؟ ما الفرق بين الغائية والتعليلية؟ * الطالب: أن الغائية لها أمد (...)، والتعليلية (...). * الشيخ: ما كان على تقدير (إلى)؟ * الطالب: فهي غائية. * الشيخ: وما كان على تقدير اللام؟ * الطالب: تعليلية. * الشيخ: تعليلية، طيب، مَثِّل الأول؟ * الطالب: من القرآن؟ * الشيخ: أي نعم. * الطالب: التعليلية، كما في قوله تعالى في سورة المنافقون: ﴿حَتَّى يَنْفَضُّوا﴾ [المنافقون ٧]. * الشيخ: وأيش اللي قبله؟ * الطالب: قوله تعالى ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا﴾ [المنافقون ٧]. * الشيخ: نعم، كان ينبغي أن يقول: أحسنوا إن الله يحب المحسنين؟ الآية تعليلية أو غائية؟ * الطالب: تعليلية. * الشيخ: تعليلية؛ لأنهم لا يريدون: لا تنفقوا إلى أن ينفضوا، ولكن لكي ينفضوا، أحسنت، هات الغائية. * الطالب: (...). * الشيخ: هذه الآية مثل قوله تعالى: ﴿لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى﴾ [طه ٩١]. الولاية التي نهى الله عنها ولاية الكافرين، هل معناها أي مناصرة للكافر فهي ولاية؟ أو المراد أن تتولاه على كفره؛ لكونه بالمعنى. * * * * طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء ١٠٠] * الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً﴾. قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ [النساء ٩٨]. * في هذه الآية من الفوائد وما بعدها: عفو الله عز وجل عن هؤلاء الصنف من الناس في تركهم الهجرة. * ومن فوائدها: أن الدين الإسلامي دين اليسر والسهولة، وأنه مع وجود مشقة ينتفي الحرج. * ومن فوائدها: أن من الرجال البالغين من لا تجب عليهم الهجرة، وذلك لكونهم مستضعفين. * ومن فوائد هذه الآية: أن الواجب الوصول إلى القيام بالواجب بأي حيلة تكون؛ لقوله: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً﴾، وهل يُستدل بهذا على جواز استعمال الحِيَل؟ نقول: لا، بل الحيل فيها تفصيل، ما كان تحيلًا على واجب فهو واجب، وما كان تحيلًا على محرم فهو محرم، وما كان تحيلًا على مباح فهو مباح، الأخير بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى اتهام المحتال وعدم الثقة بقوله أو بفعله، الاحتيال على معرفة الحق بإظهار خلاف الواقع واجب أو لا؟ الاحتيال على إظهار الحق بإيهام خلاف المقصود؟ * طلبة: واجب. * الشيخ: واجب، مثل «صنيع سليمان عليه الصلاة والسلام في المرأتين المتنازعتين في شخص، كبرى وصغرى، قالت الكبرى: هو لي، وقالت الصغرى: هو لي، فقال: ائتوا بالسكين لِأَشُقَّهُ بينكما، فقالت الصغرى: هو لها يا نبي الله، وقالت الكبرى: شُقَّهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٤٢٧)، ومسلم (١٧٢٠ / ٢٠) من حديث أبي هريرة.]]، هذه حيلة لكن على أيش؟ لإظهار الحق، الحيلة على المحرم أن يحتال على الربا بصورة عقد غير مقصود كمسائل العِينة مثلا، هذا حرام، الحيلة على مباح أن يحتال على أخيه في معاملة مباحة ليتوصل إلى مقصوده بها، هذه جائزة لكن بشرط -كما قلت لكم- ألا يؤدي ذلك إلى تهمة الإنسان وعدم الثقة بقوله أو بفعله، هذا إذا قلنا: إن الحيلة هي التوسل إلى الشيء بما يخالف ظاهره، أما إذا قلنا: إن الحيلة المراد بها الحوْل، وأصلها: (حِوْلَة)، يعني: لا يستطيعون قوة على الهجرة، فإنه لا يكون فيها دلالة أصلًا على التحيل. * ومن فوائد الآية: أنه تجب الهجرة على من يقدر عليها من أي سبيل، سواء كان من السبيل السلطاني الأعظم الذي يمشي معه الناس، أو من السبل الأخرى؛ لقوله: ﴿وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾، و﴿سَبِيلًا﴾ نكرة في سياق النفي، فتعم. ثم قال تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء ٩٩]. * من فوائد هذه الآية: أنه يُرجى لهؤلاء أن يعفو الله عنهم؛ لقوله: ﴿فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ﴾، فالرجاء هنا باعتبار ما يقوم في قلب المخاطب، أما باعتباره منسوبًا إلى الله فإن (عسى) كما قال بعض السلف: (عسى) من الله واجب، يعني أن الله وعدهم أن يعفو عنهم. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات اسمين من أسماء الله، هما: العفوّ والغفور، فالعفو هو المتجاوز عن السيئات، والغفور هو الماحي لها، لكن إذا اجتمع العفو والغفور صار المراد بالعفوّ ما يقابل ترك الواجب، والغفور ما يقابل فعل المحرم، أي عفوّ عن التفريط في الواجب، غفور عن فعل المحرم. * ومن فوائد هذه الآية: إثبات الصفتين الدال عليهما قوله: ﴿عَفُوًّا غَفُورًا﴾، وذلك لأن كل اسم من أسماء الله متضمن لصفة، وليست كل صفة متضمنة لاسم، وبهذا عرفنا أن الصفات أوسع من الأسماء؛ لأن كل اسم لا بد أن يتضمن صفة، وليس كل صفة يشتق منها اسم، بل من الصفات ما ليس معنويًّا أصلًا مثل اليد والوجه والعين، هذه ما هي معنوية، فهي صفات خبرية لولا إخبار الله بها ما اعتقدناها ولا علمنا بها. هل يشتق من قوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء ١٦٤] اسم من أسماء الله، ونسمي الله: متكلم؟ لا؛ لأنه لم تأت متكلم، طيب: ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [النمل ٨٨] نشتق منه الصانع؟ لا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب