الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ [النساء ٨٧] الاسم الكريم (الله) مبتدأ، وجملة ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ خبر المبتدأ، و(إله) اسم (لا)، وخبرها محذوف تقديره: حق، و(هو) الواقع بعد (إلا) بدل من الخبر المحذوف، هذا أحسن ما قيل في إعرابها.
وقوله: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ اللام واقعة في جواب قسم مقدر، والتقدير: واللهِ ليجمعنكم، وعليه فتكون هذه الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات وهي: القسم المقدر، واللام، ونون التوكيد.
وقوله: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ هذه (لا) النافية للجنس واسمها وخبرها؛ (ريب) اسمها، وخبرها (فيه)، وهل النفي هنا بمعنى الأمر، أو بمعنى الطلب على الأصح؟ هل هو بمعنى الطلب أي: لا ترتابوا فيه، أو هو خبر على ظاهره؟ فيه قولان للعلماء، والصحيح أنه خبر على ظاهره.
وقوله: ﴿مَنْ أَصْدَقُ﴾ ﴿مَنْ﴾ مبتدأ، و﴿أَصْدَقُ﴾ خبر، والاستفهام هنا بمعنى النفي؛ أي: لا أحد أصدق من الله حديثًا.
بقينا ﴿حَدِيثًا﴾ إعرابها: تمييز؛ لأنها وقعت مُبينة لاسم التفضيل، وكل ما وقع مبينًا لاسم التفضيل فهو تمييز؛ لأن التمييز يبين ما انبهم من الذوات.
يقول عز وجل: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ وهذا خبر يعتبر من أصدق الأخبار؛ فإنه لا إله إلا الله، والإله بمعنى (المأْلُوه) أي: المعبود حبًّا وتعظيمًا.
وقوله: ﴿إِلَّا هُوَ﴾ الضمير يعود على الله عز وجل، فلا معبود حق إلا الله، وكل ما عُبد من دون الله فهو باطل؛ لقول الله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [الحج ٦٢]، هذا المعبود من دون الله هل يسمى إلهًا؟ نعم، لكنها تسمية لفظية لا حقيقية؛ لقوله تعالى: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً﴾ [يوسف ٤٠] يعني: بدون مسميات، ﴿سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾؛ ولقوله تعالى: ﴿فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [هود ١٠١]؛ ولقوله تعالى: ﴿لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ [الإسراء ٢٢]، فكل معبود فهو إله، لكن منه ما هو بحق ومنه ما هو باطل.
وقوله: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ أقسم الله عز وجل -وهو الصادق- أنه سيجمعنا إلى يوم القيامة، يجمع مَن؟ الأولين والآخرين وكل ما فيه روح، قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (٤) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾ [التكوير ٤، ٥]، كل شيء يبعث يوم القيامة ويجمع، وإنما أكد الله ذلك لسببين: السبب الأول: أن فيه من ينكره، ينكر هذا الجمع، قال الله تعالى: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ﴾ [التغابن ٧].
فإن قال قائل: هذا السبب لا ينفع فيمن ينكره؛ لأن الذي ينكر سينكر سواء أُقسم له أم لم يقسم، أليس كذلك؟ المنكر لا يفيد فيه القسم؟
قلنا: هذا إذا أُكّد له الكلام وأنكر بعد التأكيد صار إنكاره مكابرة؛ لقيام ما يدل على تأكد هذا الشيء، هذا واحد.
ثانيًا: أنه جرت عادة العرب -والقرآن بلسان عربي- جرت عادتهم أنهم يؤكدون الحكم فيما إذا كان المخاطب أيش؟ منكرًا ويقولون: إنه يجب أن يكون الكلام مؤكدًا، أما الأمر الثاني أو السبب الثاني للتأكيد فلأن هذا من أهم الأمور، وكلما كان الشيء هامًّا كان توكيده أوكد حتى لا يبقى في النفوس شك أو تردد، ولا شك أن من أهم الأمور -إن لم أقل أهم الأمور بعد الإيمان بالله- أن تؤمن باليوم الآخر؛ لأن من لم يؤمن باليوم الآخر لا يمكن أن يعمل، إذا قال: ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا فما الفائدة من العمل؟!
فصار التوكيد هنا لسببين؛ السبب الأول: أن فيهم من ينكر ذلك فاحتيج إلى تأكيد الكلام أمامه، وأوردنا على هذا إيرادًا وأجبنا عنه، والثاني: أن هذا من أهم الأمور، وكلما كان الشيء أهم كان تأكيده أبلغ.
يقول: ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ يوم القيامة هو اليوم الذي يبعث فيه الناس، وسمي يوم القيامة لأمور ثلاثة:
الأول: أن الناس يقومون فيه من قبورهم لله، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين ٦].
الثاني: أنه يقام فيه العدل؛ لقوله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [الأنبياء ٤٧].
الثالث: أنه يقوم فيه الأشهاد ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر ٥١]؛ ولهذا سمي هذا اليوم يوم القيامة، وله أسماء كثيرة في القرآن يذكره الله تعالى بها حسب ما يقتضيه السياق.
﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ هذه الجملة خبرية في ظاهرها، والريب هو الشك مع القلق، لكن اختلف المفسرون هل هي خبرية محضة أو هي خبرية طلبية؛ أي: أنها خبر بمعنى النهي؟
ذكرنا في ذلك قولين، والراجح أنها خبرية محضة؛ لأن الخبر المحض يفيد استقرار الشيء وثبوته سواء آمن به الإنسان أم لم يؤمن، وأنه شيء مستقر ليس فيه إشكال.
﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ يعني: لا أحد أصدق من الله، فالاستفهام هنا بمعنى النفي، والبلاغة أو النكتة البلاغية في كون النفي يأتي بصيغة الاستفهام هو: أنه إذا أتى بصيغة الاستفهام صار مشربًا معنى أيش؟ التحدي يعني كأن المتكلم يتحدى المخاطب يقول: بيِّن لي: من أصدق من الله حديثًا؟ فهو متضمن للنفي لا شك، ومتضمن لأيش؟ للتحدي.
* في هذه الآية فوائد كثيرة؛ أولًا: انفراد الله تعالى بالألوهية؛ لقوله: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ فهل أحد أنكر انفراده بالألوهية؟ هل أحد أنكر انفراد الله بالألوهية؟
* طالب: نعم، نعم، كفار قريش.
* الشيخ: من؟ كفار قريش، قالوا للرسول ﷺ: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ [ص ٥].
هل أحد أنكر توحيد الربوبية؟
* طالب: فرعون، وكذلك المجوس جعلوا للخلق النور والظلمة.
* الشيخ: نعم، لكن هل فرعون حينما أنكر أنكر حقيقة أو بلسانه؟
* الطالب: لم ينكر حقيقة، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ [النمل ١٤].
* الشيخ: نعم، وقال له موسى: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ﴾ [الإسراء ١٠٢] ولم ينكر عليهم، ما قال: ما علمت.
هل أحد أنكر توحيد الأسماء والصفات؟ نعم، كثير من أنكره حتى من أهل الملة الذين ينتسبون إلى الإسلام أنكروا توحيد الأسماء والصفات؛ فمنهم من عطَّل ومنهم من مثَّل، وكلاهما يعتبر منكرًا.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات الجمع يوم القيامة؛ لقوله: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾، وهذا دل عليه آيات كثيرة مثل قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الواقعة ٤٩، ٥٠].
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات يوم القيامة؛ لقوله: ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾، والإيمان به أحد أركان الإيمان الستة لقول النبي ﷺ في جواب جبريل: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»[[أخرجه مسلم (٨/١) من حديث عمر بن الخطاب.]]، فاليوم الآخر هو يوم القيامة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب الإيمان باليوم الآخر على وجه لا شك معه؛ لقوله: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾، فيجب علينا أن نؤمن بأن الله يجمعنا إلى يوم القيامة إيمانًا لا شك معه ولا تردد معه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الكلام لله عز وجل، يؤخذ؟
* طالب: يوم القيامة..
* طالب آخر: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾.
* الشيخ: ﴿مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ تأخذها من قوله: ﴿مَنْ أَصْدَقُ﴾، أو من قوله: ﴿حَدِيثًا﴾، أو منهما جميعًا؟
* طالب: منهما جميعًا.
* الشيخ: كيف ذلك؟
* الطالب: تؤخذ من ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾.
* الشيخ: إي، لكن كيف تأخذ إثبات الكلام من هذه الآية؟
* الطالب: إن كان بيتحدى بمن أصدق من الله حديثًا.
* طالب آخر: شيخ، ﴿حَدِيثًا﴾ يا شيخ تكفي لإثبات الكلام، كلمة ﴿حَدِيثًا﴾ تكفي لإثبات الكلام.
* الشيخ: إي، لكن قلنا: من الكلمتين جميعًا.
* طالب: أحسن الله إليك، (أصدق) اسم تفضيل مما يدل على وجود مفضول، فدل ذلك على وجوب الامتثال لمن هو أصدق منه فعلًا.
* طالب آخر: لأن الصدق لا بد من الخبر عنه.
* الشيخ: صح، الصدق إنما يوصف به الكلام، ﴿حَدِيثًا﴾ الحديث هو الكلام، خبر، وعلى هذا فيكون إثبات الكلام لله عز وجل من الكلمتين جميعًا من ﴿أَصْدَقُ﴾ ومن ﴿حَدِيثًا﴾، والصدق مطابقة الخبر للواقع، أو مطابقة الواقع للخبر؟
* طالب: الخبر للواقع.
* الشيخ: والواقع للخبر؟
* طالب: لا ممكن (...).
* الشيخ: ما دمنا قلنا: مطابقة (مفاعلة) تكون من جانبين؛ إذن مطابقة الخبر للواقع أو الواقع للخبر، هذا هو الصدق.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن كلام الله تعالى وخبره صدق لا كذب فيه بوجه من الوجوه؛ لقوله: ﴿مَنْ أَصْدَقُ﴾ أي من اسم التفضيل؛ لأن اسم التفضيل يجعل المفضل في قمة الوصف، وعلى هذا فليس في كلام الله سبحانه وتعالى شيء من الكذب إطلاقًا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب الإيمان بما أخبر الله به عن نفسه وعن أمور الغيب كلها؛ لقوله: ﴿مَنْ أَصْدَقُ﴾، فإذا أخبر الله عن نفسه بشيء أو عن أمور غائبة بشيء وجب علينا تصديقه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وصف كلام الله تعالى بالحديث؛ لقوله: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ وهو كذلك، لكن هل الحديث يعني الخبر، أو يجوز أن يكون المراد به أنه حادث يتكلم الله به؟ الثاني هو المراد، فكلام الله عز وجل باعتبار أصله من الصفات الذاتية بأنه تعالى لم يزل ولا يزال متكلمًا كما أنه (...) ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس ٨٢].
فإن قال قائل: فهل عندكم دليل على أن كلام الله حادث؛ يعني باعتبار آحاده؟ قلنا: عندنا أدلة، ما هو دليل واحد، استمع إلى قول الله تبارك وتعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ [المجادلة ١]، فإن (قد) للتحقيق، و(سمع) فعل ماضٍ يقتضي أن يكون المسموع أيش؟ سابقًا للخبر عنه، وأن الخبر عنه لاحق، ومعلوم أن المرأة إنما شكت إلى النبي عليه الصلاة والسلام في أمر حادث، وقال تعالى: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ﴾ [الأنبياء ٢]، وقال تعالى: ﴿وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ﴾ [آل عمران ١٢١]، والآيات في هذا كثيرة.
فإن قيل: إذا قلت: بأن كلام الله حادث لزم أن يكون الله تعالى حادثًا؛ لأن الحوادث لا تكون إلا من حادث؟
فالجواب: هذا غير صحيح، لا يلزم، لا يلزم من قيام الحوادث بالله عز وجل أن يكون هو حادثًا، أليس الله تعالى يقول: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف ٥٤] و(ثم) تفيد أيش؟ الترتيب، إذن الاستواء -وهو فعل- كان بعد خلق السماوات والأرض، فقامت به الأفعال الاختيارية، ولا شك أن قيام الأفعال الاختيارية بالله عز وجل من كمال الله، من كماله أن يكون فاعلًا متى شاء فعل، ومتى شاء لم يفعل، وأما من قال: إنه يلزم من قيام الحوادث به أن يكون حادثًا فهذه قضية غير مسلَّمة ولا صحيحة، والله أعلم.
* طالب: فضيلة الشيخ، كيف نقول: إن المشركين مشركي العرب.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: كيف نقول: إن مشركي العرب كانوا مؤمنين بتوحيد الربوبية، وهم يشركون في الأسباب ينسبون الأمور (...) هذا شرك في الأسباب وهو توحيد الربوبية.
* الشيخ: نعم، لكن إذا سئل: من خلق السماوات والأرض؟ من رب السماوات والأرض؟
* طالب: قد يكون يا شيخ إن (...).
* الشيخ: لا، هم ما يرون هذه الأصنام تفعل كما يفعل الله عز وجل، يرون أنها وسائط.
* طالب: شيخ، بارك الله فيكم، بعضهم يقول: إن (إله) هو من قُصد بعبادة، وليس المألوه حبًّا وتعظيمًا، واستدلوا «بحديث أبي واقد الليثي عندما خرج عليهم ﷺ فقالوا: اجعل لنا ذات أنواط، فأنكر عليهم النبي ﷺ واستدل بالآية»[[أخرجه الترمذي (٢١٨٠) من حديث أبي واقد الليثي، وقال: هذا حديث حسن صحيح.]]، وهم لم يحبوها إنما أرادوا التبرك بها، فبم نجيب؟
* الشيخ: نجيب عن هذا بأنهم: «اجعل لنا ذات أنواط» للتبرك بها، وهذا يتصل بتوحيد الربوبية، ثم إن قولنا: حُبًّا وتعظيمًا إنما هو للإله الحق، وقد يكون الباطل بما قام في قلب العابد من الشبهة، قد يحب الأصنام ويعظمها؛ ولهذا افتخر بها أبو سفيان في أُحد وقال: اعلُ هُبل؛ ولهذا كانوا يحلفون بها، كل هذا يدل على تعظيمها، لكنها ليست أهلًا للتعظيم؟
* طالب: التعريف هذا يا شيخ، يعني يصدق فيما ليس له حيثية.
* الشيخ: فيما ليس أيش؟
* الطالب: فيما ليس.. في غير الله عز وجل.
* الشيخ: أيهم؟
* الطالب: الإله من قصد بالعبادة.
* الشيخ: هم يقصدون عبادتها، لكن كونهم يقصدون عبادتها هل هو لمحبتها أو لتعظيمها لذاتها، أو لأنها تقربهم إلى الله زلفى؟ الثاني؛ لأنهم يقولون: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر ٣].
* طالب: شيخ، أحسن الله إليك، الذين يأتون بهذه الأناشيد اللي تحض على الجهاد (...)؟
* الشيخ: وأيش لون؟
* الطالب: هذه الأناشيد اللي تحض على الجهاد من باب المندوب أو المباح ﴿وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
* الشيخ: من باب الممدود؟
* الطالب: المندوب.
* الشيخ: من باب المندوب، أي القصائد؟
* الطالب: أناشيد تحض على الجهاد.
* الشيخ: هو لا شك أن الحث على الجهاد بالأناشيد والقصائد أنه مطلوب، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يأمر حسان بن ثابت أن ينافح عنه ويقول: «اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٥٣)، ومسلم (٢٤٨٥/١٥١) من حديث أبي هريرة.]].
* طالب: شيخ، قلنا: إن الذي يشارك في السيئة يكن له نصيب منها، بعض الناس يعمل في عمل يكون فيه ظلم للناس كالذين يجمعون الضرائب والجمارك، ولكنه يعمل بهدف تخفيف الظلم الواقع على الناس، فهل يكون عليه إثم في هذا الأمر؟
* الشيخ: سمعتم سؤاله؟ يقول: بعض الناس يعمل في أمور تشتمل على الظلم كالجمارك مثلًا، فهل إذا عمل فيها بقصد التخفيف عن الناس يكون آثمًا؟
والجواب: لا، هذا من باب المدافعة عن المسلمين، فبدلًا من أن يُظلم عشرة يُظلم خمسة، وبدلًا أن يظلم الإنسان في جميع ماله يظلم في بعض ماله، فهذا لا بأس به؛ لأنه للإصلاح.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: أبدًا، سمعتم كلامه؟ بعض العلماء يفسر اسم التفضيل فيما يكون من صفات الله باسم الفاعل فيقول: (أعلم) بمعنى (عالم)، (أصدق) بمعنى (صادق)، (أحسن) بمعنى (مُحسن)، وهذا غلط، هذا غلط عظيم، ونقص في مدلول الكلمة، أيهما أبلغ أن تقول: عالم يشترك فيه كل الناس على حد سواء، أو أعلم بحيث لا يساويه أحد في علمه؟ الثاني لا شك، صادق وأصدق، (صادق) يشاركه كثير من الناس، (أصدق) لا يشاركه أحد، بل إن الله قال: ﴿آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [النمل ٥٩].
* طالب: شيخ، إن قال قائل: ما الفرق بين المخلوق وبين الحادث؟
* الشيخ: وبين أيش؟
* الطالب: بين المخلوق وبين الحادث؟
* الشيخ: نعم، المخلوق والحادث بينهما فرق عظيم، الفرق العظيم هو: أن الحادث قد يكون صفة وقد يكون مخلوقًا بائنًا، وكلام الله عز وجل ليس مخلوقًا بائنًا عن الله، لكنه يتكلم به، وكلامه به الآن ليس أزليًّا بل هو حادث.
* طالب: يكون (...).
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: (...) الموصوف.
* الشيخ: لا، ما يصح، الصفة غير الموصوف، لكنها قائمة به، فالطول مثلًا ليس هو الطويل، لكنه قائم بالطويل، والعلم غير العالِم لكنه قائم به.
{"ayah":"ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۚ لَیَجۡمَعَنَّكُمۡ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ لَا رَیۡبَ فِیهِۗ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِیثࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق