الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾ [النساء ٨٦] ﴿إِذَا﴾ شرطية لكنها غير جازمة، وفعل الشرط فيها قوله: ﴿حُيِّيتُمْ﴾، وجواب الشرط: ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ﴾، و(أحسن) هنا نجد أنها دخل عليها حرف جر ولكنها لم تكن مكسورة، فلماذا؟ لأنها ممنوعة من الصرف، والمانع لها من الصرف الوصفية ووزن الفعل.
وقوله: ﴿أَوْ رُدُّوهَا﴾ هذه للتنويع؛ يعني: إن هذا أو هذا.
﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾ لا إشكال فيها.
يقول الله تعالى: ﴿إِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ﴾ فما هي التحية؟ التحية هي البقاء، مأخوذة من (الحياة)، فمعنى (حيَّاه) أي: دعا له بالحياة والبقاء؛ ولهذا نقول في قول المصلي: (التحيات لله) أي: جميع ألفاظ العظمة والبقاء ثابتة لله، وقوله: ﴿بِتَحِيَّةٍ﴾ نكرة في سياق الشرط يعم أيَّ تحية، كل ما يدل على أن هذا تحية فإنه داخل في الآية الكريمة.
وقوله: ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا﴾ أي: ردوا هذه التحية بأحسن منها بالكمية والوصفية، ﴿أَوْ رُدُّوهَا﴾ أي: حيوا بمثلها، ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾ أي: محاسبًا لكل أحد، كل شيء فالله حسيبه ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة ٧، ٨]، وقيل: معناه ﴿حَسِيبًا﴾ أي: كافيًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق ٣]، والمعنيان صحيحان.
* في هذه الآية الكريمة فوائد؛ منها: وجوب رد التحية؛ لقوله: ﴿فَحَيُّوا﴾ والأصل في الأمر الوجوب.
* ومن فوائدها: أن رد التحية يكون على وجهين: مجزئ، وأفضل، المجزئ مأخوذ من قوله: ﴿أَوْ رُدُّوهَا﴾، والأكمل والأفضل من قوله: ﴿بِأَحْسَنَ مِنْهَا﴾، وقدم الأحسن على المثل؛ لأنه أكمل وأفضل.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: مراعاة الإسلام للعدل؛ لقوله: ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾.
* ومن فوائدها: أنها عامة في كل من ألقى إلينا التحية أن نحييه بمثل ما حيَّانا أو أكمل سواء كان مسلمًا أو كافرًا، صغيرًا أو كبيرًا، الآية عامة؛ ولهذا قال: ﴿حُيِّيتُمْ﴾ بالبناء للمجهول، ولم يقل: حياكم المسلمون، وبناءً على ذلك نكون إذا سلّم علينا أهل الكتاب فقالوا: (السلام عليكم) بلفظ صريح نقول: (عليكم السلام)، أما بلفظ محتمل فإننا نقول: (عليكم) فقط.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا يجزئ الرد في السلام إذا قال المسلِّم: (السلام عليك) فقلت: (أهلًا وسهلًا)، لماذا؟ لأن هذه التحية ليست مثلها ولا أحسن منها؛ إذ إن قول المسلّم: (السلام عليكم) دعاء لك بالسلامة من كل الآفات، من كل الآفات البدنية والمالية والقلبية وكل الآفات، لكن أهلًا وسهلًا ماذا تفيد؟ ما تفيد إلا مجرد الترحيب بالإنسان، فهي ليست مثلها وليست أحسن منها.
* ومن فوائد هذه الآية: أنه يُطلب من الْمُسلَّم عليه أن يرد بأكمل؛ إما بالكمية وإما بالكيفية، فإذا قال: (السلام عليك) فالأحسن: (عليك السلام ورحمة الله) هذا بأيش؟ بالكمية، الكيفية: إذا قال: (السلام عليك) بصوت مرتفع مسموع يدل على التواضع فقلت: (عليك السلام) بصوت مثله أو أبين، فهذا رد صحيح بالكيفية، لكن لو قال: (السلام عليك) بلفظ بيّن صريح رفيع، ثم رددت عليه بأنفك بكلام ربما يُسمع أو لا يسمع، فهذا لم يرُدّ ولم يقم بالواجب، بل هو آثم؛ لأن الله أمر بردها أو أحسن منها.
* ومن فوائد هذه الآية: أنه لو حياك إنسان بقوله: (أهلًا وسهلًا) فقلت: (أهلًا وسهلًا بك) فإن ذلك جائز، لكن يحسن -ولا سيما لطلبة العلم- أن يبينوا لهذا الرجل أن السلام المشروع هو (السلام عليكم)، لكن هو إذا رد بمثل ما قال كفى.
ثم إن للسلام آدابًا معروفة مطوّلة مبسوطة في كتب أهل العلم، ففي كتب الفقهاء ذكروا كثيرًا في آداب السلام في آخر كتاب الجنائز حين ذكروا السلام على المقابر تطرقوا للسلام على الأحياء، وفي كتب الآداب أيضًا شيء كثير من هذا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله عز وجل حسيب على كل شيء؛ يعني أنه يحاسب كل من عمل عملًا بما يقتضيه عمله، على أحد القولين في ﴿حَسِيبًا﴾، وعلى القول الثاني أنه كافٍ لكل من توكل عليه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: التحذير من عدم رد التحية بمثلها أو أحسن، يؤخذ من قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾ يعني: فاحذر أن تتعرض لمحاسبة الله عز وجل.
{"ayah":"وَإِذَا حُیِّیتُم بِتَحِیَّةࣲ فَحَیُّوا۟ بِأَحۡسَنَ مِنۡهَاۤ أَوۡ رُدُّوهَاۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءٍ حَسِیبًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











