الباحث القرآني
ثم قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء ٨٣].
هذه الآية فيها الإعراب، فيها أدوات شرط متعددة؛ ﴿إِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ﴾ أين فعل الشرط؟
* طلبة: ﴿جَاءَهُمْ﴾.
* الشيخ: والجواب: ﴿أَذَاعُوا بِهِ﴾ وهذا الشرط يجزم أو لا؟
* طلبة: لا يجزم.
* الشيخ: لا يجزم، وقال: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ أيضًا فيها شرط وهو (لو)، وفعل الشرط ﴿رَدُّوهُ﴾، وجوابه: ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾.
و﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ هذه أيضًا شرط، لكنها ليست من النوع الأول، وتسمى حرف أيش؟ (لولا): حرف امتناع لوجود، وقد تقاسمت هذه الكلمات الثلاث -(لو)، و(لما)، و(لولا)- تقاسمت الوجود والعدم، فلو حرف امتناع لامتناع، تقول: لو جاء زيد لجاء عمرو، إذن لم يجئ عمرو ولا زيد.
و(لما): حرف وجود لوجود، لما جاء زيد جاء عمرو، و(لولا): حرف امتناع لوجود ﴿لَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ﴾، إذن امتنع اتباع الشيطان لأجل وجود فضل الله عز وجل.
وقوله: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ﴾ ذكرتم أن قوله: ﴿لَاتَّبَعْتُمُ﴾ جواب الشرط، فأين خبر المبتدأ في قوله: ﴿فَضْلُ﴾ ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾؟
* طالب: محذوف.
* الشيخ: ويش التقدير؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: ولولا فضل الله عليكم ورحمته موجود. يقول ابن مالك:
؎وَبَعْد لَوْلَا غَالِبًا حَذْفُ الْخَبَرْ ∗∗∗ حَتْمٌ ...................
وقوله: ﴿لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ هذا مُستثنى من الاتباع أو من التابعين؟
* طالب: التابعين.
* الشيخ: أو الاتباع؟
* الطالب: كلاهما.
* الشيخ: نعم، الأمرين، يحتمل الأمرين لا شك، لاتبعتم الشيطان في كل ما تفعلون إلا قليلًا من أفعالكم، أو لاتبعتم الشيطان كلكم إلا قليلًا منكم، في هذه الآية من البلاغة ما يُسمَّى بالجناس، يعني: المجانسة، ففي أي كلمة هي؟ جناس.
* طالب: الخوف والأمن.
* الشيخ: لا.
* طالب: أمر وأمن.
* الشيخ: أمر وأمن ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ﴾ الجناس تام؟
* طالب: ناقص.
* الشيخ: أيش اللي ناقص؟ لأيش؟
* الطالب: الراء والنون.
* الشيخ: اختلاف الحرف، راء ونون، أما إذا قيل:
؎عَبَّاسُ عَبَّاسٌ إِذَا احْتَدَمَ الْوَغَى ∗∗∗ وَالْفَضْلُ فَضْلٌ وَالرَّبِيعُ رَبِيعُ
هذا أيش؟ هذا جناس تام، (عباسُ) عَلَم، (عباسٌ) صِفة، (الفَضل) عَلَم، (فَضلٌ) صفة، (الربيع) علم، اسم رجل اسمه الربيع، (ربيع) صفة، أحد الفصول الأربعة.
يقول الله عز وجل: ﴿إِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ﴾ يعني: إذا جاء هؤلاء بشيء مما يخاف أو مما فيه الأمن ﴿أَذَاعُوا بِهِ﴾ يعني: نشروه على فهمهم الخاطئ لا على الصواب؛ لأنهم ليس عندهم ذاك العمق في فهم كتاب الله عز وجل، وهذه نتيجة لقوله في الآية التي قبلها: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ فتجدهم يُذيعون الأمر من الأمن أو الخوف مع أن الأمن ليس فيه أمن، والخوف ليس فيه خوف، لكنهم فهموا ذلك فضلوا وأضلوا.
يقول: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ﴾ و﴿الرَّسُول﴾ هنا (أل) فيها للعهد؛ أي: العهود الذهني، وهو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
﴿وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ﴾ (أولو الأمر) هنا يتعين أنهم العلماء؛ لأنهم هم أهل العلم الذين ورثوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد موته والذين شاركوه فيما شاركوه فيه في حال حياته، ﴿وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ﴾ وهم العلماء.
﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾، ﴿لَعَلِمَهُ﴾ أي: علم الأمر على الوجه المراد من الأمن أو الخوف.
﴿الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ﴾ أي: يستخرجونه، وأصل الاستنباط أصله من نَبَط، يعني: استخرج الماء، وسُمِّي استخراج الماء استنباطًا؛ لأنه كان يستخرجه فيما سبق الأنباط الذين ليسوا من العرب، هم الذين يحفرون للماء حتى يصلوا إلى غايته، ولكن المراد بالاستنباط في الألفاظ هو أيش؟ استخراج المعاني، أي: لعلمه الذين يستخرجون المعاني التي تخفى على هؤلاء.
ثم قال: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ﴾ صدق الله عز وجل، (لولا فضله) أي: عطاؤه، (ورحمته) أي: إحسانه؛ فالمراد بالرحمة هنا ليست صفة الله عز وجل، بل المراد ثمرات هذه الصفة وهو إحسانه عز وجل إلينا.
﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ﴾ ولكن الله عز وجل يتفضل عليكم ويرحمكم فيعصمكم من الشيطان.
﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ هو على ما سلف أن قلناه؛ يحتمل أن يكون المراد إلا قليلًا منكم، أو أن المراد من أعمالكم.
* في الآية الكريمة فوائد؛ أولًا: الحرص على عدم إذاعة الشيء إلا بعد التيقن من معناه والمعرفة به، يؤخذ من قوله: ﴿إِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ﴾ وهذا استنكار، بل هذا إنكار عليهم، ثم أرشدهم إلى ما هو الأصوب.
* ومن فوائد الآية الكريمة: ما جرت به العادة في أن الله عز وجل إذا نهى عن شيء بين وجهًا آخر غير منهيٍّ عنه، تؤخذ؟
* طالب: من أنه قال: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ﴾.
* الشيخ: أحسنت، وهذه قاعدة جاءت في القرآن الكريم، وجاءت في السنة النبوية، في القرآن الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا﴾ [البقرة ١٠٤] جاء بدلها، جاء بدلها بكلمة مباحة، في السنة «لما جِيءَ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّم بِتَمْرٍ جَيِّدٍ، وَسَأَلَ: «مِنْ أَيْنَ هَذَا؟» قالوا: كُنَّا نَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِصَاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَة، فَقَالَ: «رُدُّوهْ»، » ثم أرشدهم« فقال: «بِعِ التَّمْرَ الرَّدِيءَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ اشْتَرِ بِالدَّرَاهِمِ تَمْرًا جَيِّدًا».[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٢٢٠٢)، ومسلم (١٥٩٣ / ٩٥) من حديث أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة.]] أنا رويت الحديث بالمعنى.
إذن لا ينبغي للإنسان المبيِّن للناس أحكام شريعة الله إذا نهاهم عن شيء حتى يفتح لهم الباب، باب أيش؟ باب الحِلِّ؛ لأنك مثلًا افرض أن إنسانًا يعامل معاملة ربوية، فقلت: يا أخي، هذا حرام ما يجوز، ومعاملته كلها على هذا المنوال، أي على أنها ربوية، لم ينبهه أحد، إذا قلت: هذا حرام، هذا ربا، لا بد أن تفتح له أيش؟ باب البيع الحلال حتى يهون عليه ترك ما كان معتادًا له، وينتقل إلى الحلال بسهولة؛ لأن صرف الإنسان عما كان يعتاده صعب جدًّا، وهكذا ينبغي لطالب العلم إذا ذكر للناس شيئًا محرمًا أن يذكر لهم ما يستغنون به عن هذا المحرم من الشيء أيش؟ الحلال.
* طالب: شيخ، ما يشاع بأن اختلاف علماء الأمة رحمة، ما رأيك فيه يا شيخ؟
* الشيخ: ورد فيه حديث ليس بصحيح: «اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ»[[قال الحافظ العراقي في تخريجه لأحاديث الإحياء (١ / ٢٧): ذكره البيهقي في رسالته الأشعرية تعليقًا. وأسنده في المدخل من حديث ابن عباس بلفظ:«اخْتِلافُ أَصْحَابِي لَكُمْ رَحْمَةٌ»، وإسناده ضعيف.]] وهذا ليس بصحيح، بل الوفاق هو الرحمة؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ [هود ١١٨، ١١٩] ولو صح الحديث لكان المعنى اختلاف أمتي رحمة بمعنى أن المختلفين فيما يسوغ فيه الخلاف لا يأثمون.
لكن عجيب من العامة، العامة إذا أرادوا شيئًا أتوا بنص ولو كان ضعيفًا، ثم فسروا النص بما يريدون، تأتي مثلًا إلى هذا الشخص يستفتيك، عامي، ويقول لك: هذا حلال ولّا حرام؟ تقول: هذا حرام، يروح إلى عالم آخر قال له: هذا حلال، فيحتج ويقول: اختلاف أمتي رحمة. الله رحمني بهذا الرجل اللي قال: هذا حلال.
يستفتيك إنسان في شيء تقول: هذا واجب، إذا لم تفعله أثمت يذهب إلى عالم آخر يقول: لا، هذا ما هو بواجب، ويش يقول؟
* طالب: اختلاف أمتي رحمة.
* الشيخ: الحمد لله، موسع الله، اختلاف الأمة رحمة، يجيء مثلًا إنسان يستفتي عالمًا يقول: أنا أريد أن أتعجل في اليوم الثاني عشر، هل يجوز أن أرمي قبل الزوال وأنصرف؟ تقول: لا، هذا ما يجوز؛ لأن النبي ﷺ وقَّت هذا الرمي بما بعد الزوال، ولم يأذن للضعفاء أن يرموا قبل الزوال كما أذن لهم في الدفع من مزدلفة، فدل هذا على أنه ما فيه رخصة، يروح لعالم آخر، قال: ما فيه بأس، الناس الآن في حاجة أنك توسع لهم، خلوه يذبح ويمشي، فيرجع إليه ويقول: الحمد لله، اختلاف الأمة رحمة، خلي فتواك عندي (...) ويمشي.
فيقال: هذا غلط. والحاصل أن هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأن الاختلاف لا شك أنه شر من الوفاق، وأن الرحمة في الوفاق.
ولكن -كما قلت لكم- لو صح الحديث لكان المعنى أيش؟ أن المختلفين مرحومون، فيما يسوغ فيه الخلاف؛ لأنهم مجتهدون، والمجتهد إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر.
* الطالب: أحسن الله إليك، يا شيخ، هل يقال: كلام الله أبلغ من بعض؟
* الشيخ: الكلام كلام الله عز وجل باعتبار المتكلم به لا يتفاضل أبدًا، لأنه كلام واحد، أما باعتبار معناه وأسلوبه فإنه يختلف (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) تعدل ثلث القرآن.
قارن بين سورة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وسورة (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) تجد الفرق العظيم في المعاني، كذلك في الأسلوب، أحيانًا تجد الأسلوب لينًا سهلًا لا يؤثر يعني إثارة في القلب، وأحيانًا تجده كالصواعق على القلب، فهو يختلف من هذه الناحية، أما باعتبار المتكلم به فهو لا يتفاضل، لأنه كلام واحد.
* طالب: يا شيخ، ما رأيك في قول من قال في قوله تعالى: ﴿فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ منسوخة بآية السيف؟ ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ قال: إنها منسوخة بآية السيف؟
* الشيخ: هذا غلط ما هو صحيح، الرسول حتى بعد نزول آية السيف ليس حفيظًا على النفس.
* طالب: من يقول: الإرادة الكونية هي تقدير الأذى، فبعض الناس يفهم (...) الإرادة الكونية هي تقدير الأذى.
* الشيخ: الإرادة الكونية -بارك الله فيك- نوعان: إرادة أن يفعل، وإرادة الفعل المقارنة، فإرادة أن يفعل هذه أزلية لا شك، والإرادة المقارنة بالفعل هذه حادثة، أفهمت؟ أنت الآن عندما تريد أن تفعل أن تزور فلانًا غدًا، هذه سابقة على الفعل فعند الذهاب للزيارة هذه الإرادة مقارنة بالفعل.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾.
* الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، تكلمنا على هذه الآية الكريمة، وهي قوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ﴾، فما معنى قوله: ﴿أَمْرٌ﴾، ﴿إِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ﴾؟
* طالب: حالهم إذا بلغتهم (...).
* الشيخ: خبر، أمر بمعنى: خبر، وما معنى قوله: ﴿أَذَاعُوا بِهِ﴾؟
* طالب: أشاعوه ونشروه، أذاعوه.
* الشيخ: ما معنى قوله: ﴿مِنَ الْأَمْنِ﴾؟
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، و﴿الْخَوْفِ﴾؟
* طالب: الخوف هو عكس الأمن؛ هو ما يخيف نفسه.
* الشيخ: نعم، قوله: ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ﴾ مَن المراد بـ (الذين يستنبطونه)؟
* طالب: العلماء.
* الشيخ: العلماء، ومعنى ﴿يَسْتَنْبِطُونَهُ﴾ يستخرجونه، ويعرفون أن من الحكمة إذاعته أو عدم إذاعته.
قوله: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ هذا الاستثناء؟
* الطالب: إما أن يكون من أعمالهم، يعني: لاتبعتم الشيطان في أعمالكم إلا قليلًا منها، أو لاتبعتم الشيطان إلا قليلًا منكم.
* الشيخ: نعم، إما أن يعود إلى المتبعين أو إلى ما اتبعوا به.
* في هذه الآية من الفوائد؛ أولًا: التحذير من التعجل في نشر الخبر؛ ووجهه: أن الله حكى ذلك ذامًّا له.
* ومن فوائدها أيضًا: الرجوع إلى أولي الأمر، بل إلى الرسول في حياته وإلى سنته بعد وفاته، وإلى العلماء في نشر الأخبار وإذاعتها.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن هذه الآية تنطبق تمامًا على ما نحن فيه الآن؛ حيث إن كثيرًا من الناس يعلنون الأخبار على عواهنها، ولا يبالون بما يترتب عليها من خير أو شر، ولا يزنون بين المصالح بعضها مع بعض، ولا بين المفاسد بعضها مع بعض، ولا بين المصالح وبين المفاسد، يُذيعون الشيء ينشرونه بدون تحقيق ولا تمحيص، وهذا من دأب المنافقين؛ لأن الله تعالى ذكرهم في هذا السياق في سياق الذين ﴿يَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن أولي الأمر حقيقةً هم العلماء؛ لقوله: ﴿وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ﴾، وهذا كالتفسير لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء ٥٩]؛ فإن أولي الأمر في هذه الآية تشمل العلماء والأمراء، ولكن العلماء في المقدمة؛ إذ إن الأمراء منفذون لما يقول العلماء من شريعة الله، فالأصل إذن هم العلماء، والأمراء يلزمهم أن ينفذوا ما قاله العلماء من شريعة الله، فهم في الحقيقة تابعون للعلماء، وليس العلماء تابعين لهم، اللهم إلا أن يقدر الله أمرًا تنعكس فيه الأحوال، ويكون العلماء وراء الأمراء، فإن هذا انقلاب وعكس، إذ إن الواجب أن يكون الأمراء خلف العلماء؛ لأن العلماء عندهم من شريعة الله ما ليس عند الأمراء.
أن أولي الأمر حقيقة هم العلماء؛ لقوله: ﴿وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾، وهذا كالتفسير لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء ٥٩]، فإن (أولي الأمر) في هذه الآية تشمل العلماء والأمراء، ولكن العلماء في المقدمة؛ إذ إن الأمراء منفذون لما يقول العلماء من شريعة الله، فالأصل إذن هم العلماء، والأمراء يلزمهم أن ينفذوا ما قاله العلماء من شريعة الله، فهم في الحقيقة تابعون للعلماء، وليس العلماء تابعين لهم.
اللهم إلا أن يقدّر الله أمرًا تنعكس فيه الأحوال، وتكون العلماء وراء الأمراء، فإن هذا انقلاب وعكس؛ إذ إن الواجب أن يكون الأمراء خلف العلماء؛ لأن العلماء عندهم من شريعة الله ما ليس عند الأمراء لا سيما في الأزمان المتأخرة، أما في عهد الخلفاء الراشدين فالخليفة هو أعلم الناس بشريعة الله.
* ومن فوائد الآية الكريمة: التعمق بالتثبت، يؤخذ من أين؟ من قوله: ﴿الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ﴾ [النساء ٨٣] ولم يقل: لعلموه، فهنا إظهار في موضع الإضمار؛ لأن الأصل: ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلموه، لكنه قال: ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ﴾ فأظهر في موضع الإضمار لهذه الحكمة: أن هؤلاء لهم نظر بعيد عميق كالذي يستنبط أيش؟ الماء، وأنا قلت لكم في الدرس الماضي: إنه مأخوذ من استخراج الماء؛ لأن الأنباط كانوا هم الذين يتولون استنباط المياه حين كان في عهد الأمة الإسلامية الزاهية.
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان فضل الله عز وجل علينا باتباع الشريعة؛ لقوله: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ﴾.
* ومن فوائدها: أنه ينبغي للإنسان أن يلجأ إلى الله عز وجل في ابتغاء الفضل لا إلى غيره؛ لقوله: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه ليس أمامنا إلا سبيلان، ما هما؟
* طالب: إما سبيل الهدى والرشاد أو سبيل الضلال.
* الشيخ: نعم؛ لقوله: ﴿لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ﴾ فإذن الحق أو الضلال، قال الله تعالى: ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾ [يونس ٣٢]، وفي هذا رد على القائلين بالمنزلة بين منزلتين، وهم المعتزلة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: ذم من اتبع الشيطان، وأنه قد تخلى الله عنه فلم يؤتِه من فضله؛ الفضل الخاص؛ لقوله: ﴿لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ﴾.
فإن قال قائل: بأي وسيلة نعلم أن هذا طريق الشيطان أو طريق الرحمن؟ قلنا: الأمر واضح، الحق بيِّن ظاهر أبلج، والباطل بيِّن لا يخفى على أحد، ما وافق شريعة الله فهو طريق أيش؟ الرحمن، وما خالف شريعة الله فإنه طريق الشيطان، هذا هو الميزان.
{"ayah":"وَإِذَا جَاۤءَهُمۡ أَمۡرࣱ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُوا۟ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰۤ أُو۟لِی ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِینَ یَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنَ إِلَّا قَلِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق