الباحث القرآني
ثم قال الله عز وجل: ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾.
يقولون: هؤلاء من المنافقين أو خليط من المنافقين والمؤمنين ﴿يَقُولُونَ طَاعَةٌ﴾ يعني: إذا أمرتهم قالوا: طاعة، لا نخالفه، ولكنهم إذا خرجوا من عند الرسول عليه الصلاة والسلام بيَّت طائفة ﴿فَإِذَا بَرَزُوا﴾ والبروز معناه: الظهور، يعني: إذا فارقوا المجلس وظهر فراقهم إياه وصاروا بدلًا من أن يكونوا في الحجرة صاروا في السوق. والمقصود من هذا بيان أنهم إذا فارقوا المكان مفارقة تامة ﴿بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ﴾.
﴿بَيَّتَ﴾ يعني: عمل ليلًا، وإنما كان عملهم ليلًا؛ لأن الليل محل الخفاء ومحل السر، فتجدهم يقولون عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: طاعة، لكن إذا ذهبوا إلى بيوتهم بَيَّتوا غير الذي يقولون.
﴿بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ﴾ وليس كلهم، طائفة منهم، ﴿غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ﴾ و(غير) هنا بمعنى المخالفة، فإذا قال: افعلوا كذا، قالوا: طاعة، فإذا رجعوا إلى بيوتهم قالوا: لا طاعة، يعني يبيتون المخالفة فيما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام.
قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ﴾ والجملة هذه خبرية تفيد أمرين؛ أولًا: تهديد هؤلاء الذين يبيتون غير ما يقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والثاني: تسلية الرسول ﷺ، وأن أمرهم لا يخفى على الله، فقد يعاجلهم بالعقوبة وقد يؤخر، يقول جل وعلا: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ أعرض عنهم؛ يعني: لا تهتم بهم، ولا تشغل بالك بهم.
﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ اعتمد عليه، واعلم أنهم وإن بيتوا ما يبيتون فلن يضروك، حتى لو بيتوا أن يبطشوا بالرسول عليه الصلاة والسلام، أو أن يردوا دعوته بالدعايات الباطلة أو ما أشبه ذلك، فتوكل على الله.
والتوكل على الله قال العلماء: هو صدق الاعتماد على الله عز وجل مع الثقة به وفعل السبب الذي أمر به، فهي مكونة من ثلاثة معانٍ؛ أولًا: صدق الاعتماد على الله، والثاني: الثقة بالله عز وجل؛ لأن التوكل لا ينفع إذا لم يكن واثقًا بوعد الله، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق ٣].
الثالث: فعل الأسباب التي أمر بها، فمن لم يفعل الأسباب فهو ليس متكلًا ولكنه متواكل، لا بد من فعل الأسباب، هذا هو التوكل على الله، صِدْقُ الاعتماد على الله، مع الثقة به، وفعل الأسباب التي أمر بها.
وقولنا: (التي أمر بها) احترازًا من فعل الأسباب التي لا حقيقة لها ولا أصل لها كما يفعله المشعوذون وأصحاب التمائم غير المباحة، وما أشبه ذلك.
يقول: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ سبق إعراب مثل هذه الجملة عند قوله تعالى: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾؛ وقلنا: إن (الباء) حرف جر زائد، وأن لفظ الجلالة محله الرفع على أنه فاعل، و﴿وَكِيلًا﴾ إما تمييز وإما حال.
* في هذه الآية الكريمة: يبين الله عز وجل للرسول عليه الصلاة والسلام أن من الناس من يؤمن ظاهرًا ويكفر باطنًا؛ لقوله: ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية: التحذير من النفاق، وأن الإنسان يجب أن يكون صريحًا بيِّنًا لا يظهر للناس بوجه، وإذا اختفى عنهم أعطاهم وجهًا آخر؛ ولهذا لا تجدون أحسن من الشخص الصادق الذي لا يُبالي ولا يماري ولا تأخذه في الله لومة لائم، وهذا هو الواجب على كل مسلم أن يكون ظاهره وباطنه سواء.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: بطلان التقية التي يتخذها الرافضة دينًا، من أين تؤخذ؟ من تهديد الله عز وجل هؤلاء الذين يتظاهرون بالطاعة ويبيتون خلاف الطاعة، وذلك في قوله: ﴿وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الفعل لله عز وجل؛ لقوله: ﴿يَكْتُبُ﴾، لكن هل المراد بذلك أنه يكتبه هو بنفسه جل وعلا مباشرة، أو يأمر بكتابه؟ الثاني هو المراد، لكن ما فُعِلَ بأمر الآمر فهو منسوب إليه، وإلا فالذين يكتبون أعمال العباد هم الملائكة؛ لقول الله تبارك وتعالى: ﴿كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ﴾ [الانفطار ٩ - ١١].
ويصح أن يُنسب الفعل إلى الآمر به شرعًا وعُرفًا؛ ولهذا يقال: بَنَى عمرو بن العاص مدينة الفسطاط. ومعلوم أن عمرو العاص لم يباشرها بنفسه ولكن أمر بها.
ويقال: بَنَى الأمير قصره، هل هو الذي أتى باللَّبِن والطين؟ لا، ولكنه أمر بذلك.
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾ [الذاريات ٤٧]، ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا﴾ [النازعات ٢٧]، ليس باشرها عز وجل بيده كما خلق آدم بيده، لكنه قال: كن فيكون؛ لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت ١١].
* طالب: أحسن الله إليك، هل الإنسان لو أعلن الطاعة، ثم سر في نفسه بخلاف الطاعة، ولكنه لم يجزم بها لم يتحدث؛ حديث نفس..
الشيخ: ولكن؟
* الطالب: يعني: حدثت نفسه بخلاف الطاعة، فهل يغفر الله عز وجل هذا الحديث الذي تحدثه؟
* الشيخ: لا، لا يُؤاخَذُ به؛ لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزُ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٥٢٦٩)، ومسلم (١٢٧ / ٢٠١) من حديث أبي هريرة.]].
* طالب: شيخ، هل نقول: إن الله سبحانه وتعالى يخلق بيده؟
* الشيخ: نعم، قال العلماء؛ علماء السلف في عقائدهم: كتب التوراة بيده.
* طالب: حديث «اسْتَعِينُوا عَلَى قَضَاءِ حَوَائِجِكُمْ بِالْكتْمَانِ»[[أخرجه الروياني في مسنده (١٤٤٩)، والطبراني في معاجمه؛ الكبير (١٨٣) والأوسط (٢٤٥٥) والصغير (١١٨٦)، وفي مسند الشاميين (٤٠٨)، والبيهقي في شعب الإيمان (٦٢٢٨) ولفظه عند الطبراني، والبيهقي:«اسْتَعِينُوا عَلَى إِنْجَاحِ الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ»، جميعًا من حديث معاذ بن جبل.]] ما ينافي هذا؟
* الشيخ: أولًا، صحِّح لي هذا الحديث قبل كل شيء، وإذا صححته وأتيتني به مصححًا أجبتك.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، هذا ليس بوجه، بل هذا دليل على أن السنة تُعتبر كما يُعتبر القرآن، وأنها قد تأتي بتفاصيل وتفسير ليس موجودًا في القرآن، وهذا هو الواقع؛ يعني: في القرآن آيات مجملة لم نتبين المراد بها إلا بواسطة السنة.
* الطالب: عفا الله عنك، المشركون أهل مكة، على قوة حماهم وعلى قوة بأسهم (...) الرسول ﷺ (...) لكن بصراحة ما يمكننا في مسألة يعني مثلًا (...) .
* الشيخ: ويش المطلوب؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ﴾ [التوبة ١٠١]، والسبب في ذلك أن النبي ﷺ لما قدم المدينة وظهر أمره في غزوة بدر بدأ المنافقون يخافون، بدؤوا ينافقون، ولّا حتى في أول قدومه ما كان يعرف النفاق، ما عرف ولا بزغ نجمه إلا حين حصل الظهور للرسول عليه الصلاة والسلام في بدر.
* طالب: قوله تعالى: ﴿بَيَّتَ طَائِفَةٌ﴾ ما قلت لنا يا شيخ: إن (بيت) بمعنى النية تكون أعم (...)؟
* الشيخ: نعم، فهي (بَيَّتَ) مدلولها اللغوي أنها للنية، وهذا هو الغالب، ولكن ما يمنع أن يكون النية التي أخفاها الإنسان مثل القول الذي أخفاه في الليل.
* طالب: شيخ، قلنا: إن الطرق الأخذ بالأسباب، إذا قال قائل : يفهم من قوله تبارك وتعالى : ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ [النساء ٧٨] أن ما نأخذ بالأسباب.
* الشيخ: الموت لا بد منه.
* الطالب: يعني كل..
* الشيخ: ما له مفر.
* الطالب: ولو ، هو رأس (...) أشياء أخرى.
* الشيخ: يعني لو قال إنسان: أنا أتوكل على الله وأبغي أبني قصرًا مشيدًا، وأحط عندي حرس وجنود، وبتوكل على الله عشان ما يجيني الموت، حصل؟ ما حصل، الموت لا بد منه.
* الطالب: إذا حضرت المعركة كيف يكون (...)؟
* الشيخ: لا، إذا حضر المعركة لا بد أن يلبس الدروع، لا بد أن يتحصن.
* الطالب: أيش الفائدة؟
* الشيخ: الفائدة لأن أمامي عدو أستطيع أتخلص منه، لكن الموت الذي يأتي من الله ما يتخلص منه الإنسان.
* الطالب: إذا كان الموت مقدرًا ما يقدر.
* الشيخ: لكن ما دام عندي أسباب أتدافع بها الموت فهو المقدر، كما أن الإنسان لو جاع وأكل لا يموت، ولو ترك الأكل لمات.
لكن إذا قال قائل: كيف نعمل برجل قُتل، وفي ظننا أنه لو لم يقتل لبقي؟
فالجواب: أنه لا يمكن أن يتغير الأمر عن الواقع، فالمكتوب في اللوح المحفوظ أن هذا الرجل يموت بهذا القتل في ذلك الزمن وفي ذلك المكان، وظننا أنه لو لم يُقتل لبقي، هذا ظن لا حقيقة له، يعني: ظن غير وارد، وذلك أن ما وقع لا يمكن أن يتغير إطلاقًا، مهما عمل الإنسان لا يمكن أن يتغير.
* طالب: قلتم يا شيخ: صدق الاعتماد على الله؛ أولا: صدق الاعتماد على الله، ثانيًا: الثقة بالله. ثالثًا..
* الشيخ: فعل الأسباب المأمور بها.
* الطالب: فإذا جاء رجل أو لم يأت، إذا مرض ولده ابنه يعني، فهل تعالجه بالطب النبوي أم أعالجه بالطب الحديث؟
* الشيخ: عالجه بما هو أنفع، اجمع بين الأمرين.
* الطالب: يعني؛ أولًا نجرب ..
* الشيخ: لا، ما نقول: جرب. كلمة (جرب) ما تأتي في الأمور الشرعية، في الأمور اللي من مصنوع الخلق لا بأس، جرب.
* الطالب: لكن الطب النبوي الآن نأخذه -كما قلتم بالأمس يا شيخ- والإنسان جازم عليه.
* الشيخ: إي إي، معلوم هذه في الأمور الشرعية؛ لأن الله أخبر عنها، فلا بد أن تأخذها وأنت جازم، أما الأمور المصنوعة فهل تجزم بأن ما صنعه هؤلاء يكون موافقًا؟
* الطالب: هل نفهم من الآية الإعراض (...)؟
* الشيخ: الإعراض، لا، هذا المقصود بالإعراض أن لا يهتم بهم، وإلا فلا بد من بيان الباطل، لكن بدلًا من أن يقلق نفسه يعرض عنه، مثل ما نقول: أعرض عن الوسواس وما أشبه ذلك.
* طالب: في قول الله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾ [الذاريات ٤٧]تشبه الآية : ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا﴾ [فصلت ١١].
* الشيخ: ﴿بِأَيْدٍ﴾ أي: بقوة.
* الطالب: يكون هذا مدخلًا للأشاعرة؟
* الشيخ: مدخل، إي، لكن لو حاول الدخول وجد الباب مغلقًا.
* الطالب: لكن هو (...).
* الشيخ: هل أضاف الله الأيدي إليه؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: هل أضاف الله الأيدي إليه؟ قال: بأيدينا؟
* الطالب: لا.
* الشيخ: إذن لو قلنا (بأيدٍ) أي: بأيدي الله لكنا قلنا: على الله ما لم يقله، فهمت؟ والأيدي في اللغة العربية تعني القوة، وانظر إلى قوله تعالى: ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا﴾ [النبأ ١٢] أي قوية عظيمة.
* الطالب: من قال قولهم، هل يجوز لنا أن ننسب إليه لازمه؟
* الشيخ: أما قول الله ورسوله فلازمه الصحيح حق؛ لأن الله تعالى عالم بما يترتب على قوله، ولكن يشترط أن يكون لازمًا صحيحًا؛ لئلا يأتي آتٍ فيقول: هذا من لازم كلام الله. وليس كذلك.
وأما غير الله ورسوله فلازم قوله ليس قولًا له إلا أن يلتزمه؛ وذلك لأنه ربما لا يقر بأنه من لازم قوله، وربما لا يكون على باله حين قال القول، فإذا ذُكِر له هذا اللازم وكان باطلًا رجع.
* * *
* الطالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٨١) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (٨٣) فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا﴾ [النساء ٨١ - ٨٤].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾.
من فوائد هذه الآية التي ذكرتم، تقرؤون علينا لئلا تتكرر، اقرأ.
* طالب:
* الفائدة الأولى: أن من الناس من يبطن خلاف ما يظهر.
* الثانية: التحذير من النفاق.
* والثالثة: بطلان التقية.
* الشيخ: التقية؟
* الطالب: بطلان التقية التي يتخذها الرافضة دينًا، وهذا يؤخذ من تهديد الله لهم في قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ﴾.
* الرابع: هل المراد أنه يكتب مباشرة أو يأمر بالكتابة؟ المراد الثاني، ولكن ما فُعِلَ بأمر الله فهو من فعله، (...)، ومنه قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾ [الذاريات ٤٧]، ﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾ [الشمس ٥] (...).
* الشيخ: * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن المنافقين يحرصون على أن يخفوا أعمالهم، ولهذا يوقعونها ليلًا؛ لقوله: ﴿بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كقول الله في وجوب طاعته وترك ما نهى عنه؛ وجهه أنه حذر هؤلاء الذين يبيتون غير ما يقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات الأفعال الاختيارية التي تكون من فعل الله؛ لقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَكْتُبُ﴾.
فإن قال قائل: لقد فسرتم الكتابة هنا بكتابة الملائكة؟
قلنا: ولكن كتابة الملائكة وقعت بأمره، والأمر من الصفات الاختيارية، وهذا الذي دلت عليه الآية الكريمة هو ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من أن أفعال الله أفعال اختيارية.
وذهب أهل التعطيل إلى أن الله تعالى ليس له أفعال اختيارية تقوم به، وأنه لا يمكن أن يتجدد له فعل؛ لأنهم يدعون أنه لا يقوم الحادِث إلا بحادِث، وهذا باطل.
بل نقول لهم عكس ما أرادوا: أن من لا يفعل ناقص، ومن يفعل أيش؟ كامل، لا شك أن من يفعل أكمل ممن لا يفعل، فالصفات الاختيارية وهي الصفات الفعلية لا شك أنها من كمال الله عز وجل، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ [هود ١٠٧].
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات العلم لله؛ لقوله: ﴿يَكْتُبُ﴾ ولا كتابة إلا بعد علم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الإعراض عمن أيِسنا من إصلاحهم؛ لقوله: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ [النساء ٨١]، ولكن هل هذا يعني الإعراض المطلق بحيث أن لا نعيد عليه الكرة مرة ثانية؟ فالجواب: لا، إنما نُعرِض عنهم ما دمنا قد أيسنا من صلاحه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب التوكل على الله؛ لقوله: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾؛ يعني: اعتمد عليه في جلب المنافع ودفع المضار، بمعنى أنك لا ترجو حصول المنافع إلا منه ولا دفع المضار إلا منه سبحانه وتعالى، والتوكل على الله معناه تفويض الأمر إليه، وصدق الاعتماد عليه والثقة به سبحانه وتعالى.
وهل يجوز أن يُطلق هذا اللفظ على المخلوق فيقول: توكلت على فلان في شراء سيارة لي؟ نعم، يجوز، والفرق بينهما -ما بينها وبين التوكل على الله- أن التوكل على الله تفويض مطلق يعتقد المتوكل فيه أنه مفتقر إلى الله عز وجل.
أما هذا فهو تفويض مقيد، ثم إن الموكِّل أو المتوكل يرى أن المتوكَّل عليه في رتبة أقل من رتبته، فهذا هو الفرق، لكن إن تحاشى الإنسان هذا القول: (توكلت على فلان) وأبدله بقوله: (وكَّلت فلانًا) كان خيرًا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: كفاية الله سبحانه وتعالى لمن توكل عليه؛ لقوله: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾، وهذا كقوله: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق ٣].
ذكر بعض المفسرين على قول الله تبارك وتعالى عن يوسف أنه قال للذي نجا منهما: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾ [يوسف ٤٢] أن الله تعالى قدَّر أن ينسى هذا الرجل الموسط، لأن يوسف لما قال: اذكرني عند ربك، صار فيه نوع اعتماد على هذا السيد، هكذا زعم، والله أعلم.
وقد يقال: إن الله سبحانه وتعالى قدر أن ينسى هذا الرجل من أجل ابتلاء يوسف حتى يتم له الصبر بأنواعه الثلاثة.
{"ayah":"وَیَقُولُونَ طَاعَةࣱ فَإِذَا بَرَزُوا۟ مِنۡ عِندِكَ بَیَّتَ طَاۤىِٕفَةࣱ مِّنۡهُمۡ غَیۡرَ ٱلَّذِی تَقُولُۖ وَٱللَّهُ یَكۡتُبُ مَا یُبَیِّتُونَۖ فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِیلًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق