الباحث القرآني

ثم قال تعالى: ﴿وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾، (إذن) ظرف للزمن الحاضر، و(إذ) للماضي، و(إذا) للمستقبل، فهذه العوامل الثلاث أو الأدوات الثلاث تقاسمت الزمان؛ (إذ)؟ * طالب: للماضي. * الشيخ: وإذا؟ إي نعم. * الطالب: للمستقبل. * الشيخ: وإذن؟ * الطالب: للحاضر. * الشيخ: للحاضر، يعني: وإذن لو أنهم فعلوا ما يوعظون به لأثبناهم على ذلك. ﴿لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا﴾، (آتى) بالمد بمعنى: أعطى، فهي من أخوات أيش؟ * طلبة: (كسا). * الشيخ: (كسا)، أي: فهي من العوامل التي تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، بخلاف (ظن) وأخواتها؛ فإنها تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، مثال ذلك تقول: زيد قائم، أَدْخِل عليها (ظن): ظننت زيدًا قائمًا، وتقول: كسوت زيدًا جبة، احذف العامل، فهل يستقيم أن تقول: (زيد) مبتدأ، و(جبة) خبر؟ لا يمكن؛ ولهذا يفرَّق بين (كسا) وأخواتها وبين (ظن) وأخواتها، (آتى) من أي البابين؟ * طلبة: باب (كسا). * الشيخ: من باب (كسا)؛ من الباب الثاني، ومفعولها الأول الهاء في قوله: ﴿لَآتَيْنَاهُمْ﴾، والثاني ﴿أَجْرًا﴾. ﴿وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ﴾ أي: أعطيناهم، ﴿مِنْ لَدُنَّا﴾ أي: من عندنا، ﴿أَجْرًا عَظِيمًا﴾ أي: ثوابًا، وسمَّى الله تعالى الثواب الذي جعله على الأعمال سمَّاه أجرًا؛ ليتبين للإنسان أن هذا الثواب لا بد من حصوله، كما أنه لا بد من حصول الأجر لمن استأجر بيتًا أو نحوه، فلا بد أن يحصل على الأجرة. والعظيم هنا بمعنى الكثير، وبمعنى الشديد، يعني أنه أجر لا يمكن للإنسان أن يدرك كُنهه؛ لأنه عظيم، ووصف الشيء بالعظيم من العظيم يدل على عظمته. يعني، ففي هذه الآية دليل على أن الإنسان يُثاب ثوابًا آخر غير التثبيت الذي ذكره الله في الآية الأولى، وهو أنه ينال ثوابًا عظيمًا من عند الله عز وجل، وكل هذا من أجل الترغيب في فعل ما يوعَظ به العبد. * وفي هذه الآية الكريمة دليل على بطلان قول الصوفية الذين يقولون: اعبد الله لله ولا تعبده لثواب الله، وجه الدلالة أنه لولا أن لذكر الثواب تأثيرًا في العمل لكان ذكره أيش؟ عبثًا ولغوًا، والله عز وجل لم يذكر الثواب ويرغِّب في العمل من أجل الثواب إلا ليبين أن نية الثواب لا تُضعِف العمل ولا تنافي الإخلاص، وقد وصف الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم والذين معه بأنهم يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا، فقال: ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ [الفتح ٢٩]. على أنه جاء في آية أخرى المدح في الذين يبتغون وجه الله، فيكون هذا دليلًا على أنك إن أردت وجه الله فإنك مُثاب، وإن أردت ثواب الله فإنك مُثاب أيضًا. * ومن فوائد الآية الكريمة: عِظم هذا الثواب؛ من وجهين: الأول إضافته إلى الله، في قوله: ﴿مِنْ لَدُنَّا﴾؛ لأن عطاء العظيم عظيم، والثاني من قوله: ﴿أَجْرًا عَظِيمًا﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب