الباحث القرآني
طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٦٨) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾ [النساء ٦٦ - ٧٠].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، سبق الكلام على قوله تبارك وتعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾، وأخذنا فوائدها.
قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ﴾، أيضًا تكلمنا على أول هذه الآية من حيث التفسير والإعراب.
يقول عز وجل: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ﴾؛ وذلك لأنهم يكرهون ما يؤلمهم ويؤذيهم في الدنيا، ولا يهمهم إذا كُفُوا هذا الأمر أن يكونوا طائعين أو عاصين.
وقوله: ﴿أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ لا يراد به أن يقتل الإنسان نفسه، بل يراد به أن يقتل أخاه؛ لأن أخا الإنسان بمنزلة نفسه، ودليل ذلك قوله تبارك وتعالى: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [الحجرات ١١]، ومعلوم أن الإنسان لا يلمز نفسه وإنما يلمز أخاه.
وقوله: ﴿أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ﴾، هذا أيضًا من الأمور المكروهة للنفوس؛ أن يُخرَج الإنسان من بلده، فإن ذلك من أكره ما يكون على النفوس؛ يدع وطنه الذي عاش فيه، ويدع أملاكه، ويدع الأرض التي كان يعرفها، شاقٌّ على النفوس، لو فرضنا عليهم ذلك ما انقادوا إلا قليل منهم، ما فعلوه إلا قليل منهم؛ وذلك لإيثارهم الدنيا على الآخرة.
وقوله: ﴿إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ هذا استثناء، والقليل يعني ما دون النصف، والكثير النصف فما فوق، لكن يقال لما فوق النصف: إنه أكثر، ويقال لما دونه: إنه الأقل.
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ﴾ يعني: لو أن هؤلاء الذين تحاكموا إلى غير الرسول عليه الصلاة والسلام، وأُمروا أن يتحاكموا إلى الرسول، ﴿لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾، والذي يوعظون به هو الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ في الحال والمآل، ﴿وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾ أي: أشد إثباتًا على الحق؛ لأن الإنسان كلما ازداد طاعة لله ازداد إيمانًا ويقينًا وثباتًا.
* فمن هذه الآية يستفاد أولًا: بيان ضعف الإنسان، وأنه لا يستطيع أن يتحمل كل ما أُمر به إذا كان لا يلائمه، لا سيما مع ضعف الإيمان، خصوصًا إذا قلنا: إن هذه الآية نزلت في المنافقين.
* ومن فوائدها: أن قتل الناس بعضهم بعضًا من أشق ما يكون على النفوس.
* ومن فوائدها أيضًا: أن الإخراج من الديار هو من الشاق على النفوس؛ لأن الله تعالى ضربه هنا مثلًا ﴿أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الناجي من العباد قليل؛ لقوله: ﴿مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾، ففتش نفسك هل أنت من هؤلاء القليل أو من الكثر؟ وهذا الحكم يشهد له ما ثبت في الصحيحين وغيرهما «أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: أَخْرِجْ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُ مِئَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ»، يعني واحد في الألف من أهل الجنة والباقون من بني آدم من أهل النار، «فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الصَّحَابَةِ وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ؟ فَقَالَ: «أَبْشِرُوا؛ فَإِنَّكُمْ فِي أُمَّتَيْنِ مَا كَانَتَا فِي شَيْءٍ إِلَّا كَثَرَتَاهُ؛ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ»، ثم قال: « إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَشَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٣٣٤٨)، ومسلم (٢٢٢ / ٣٧٩) من حديث أبي سعيد الخدري.]]. ففرح الصحابة بذلك وكبَّروا.
هذا يدل على أن بني آدم الأقل القليل منهم هم الذين ينجون من النار، والباقون من أهل النار، نعوذ بالله منها.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن طاعة الله سبحانه وتعالى سبب لكل خير؛ لقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾.
* ومن فوائدها: أن الأحكام الشرعية مواعظ؛ ولهذا سمى الله القرآن موعظة، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس ٥٧].
ووجه كون الأوامر والنواهي موعظة أن الإنسان يتَّعظ بها فيمتثل الأمر ويجتنب النهي، وكثير من الناس لا يفهم من كلمة (موعظة) إلا ما كان مقرونًا بالترغيب أو الترهيب، وهذا ليس بشرط.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تفاضل المنازل بين العباد؛ لقوله؟
* طالب: ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾.
* الشيخ: ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الثبات على الحق يختلف؛ منه الشديد القوي، ومنه الضعيف، ومنه المتوسط؛ لقوله: ﴿وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الإشارة إلى عظيم ما يحصل في المستقبل، وأن الإنسان يُخشى عليه من الزلل إلا أن يثبِّته الله؛ لقوله: ﴿وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾؛ لأن التثبيت على غير مواطن الزلل لا يُذكر، إنما يُذكر التثبيت في حال مواطن الزلل.
ومعلوم أن الإنسان يَرِد عليه في حياته شبهات ويَرِد عليه شهوات، فالشبهات تدك العلم وتُذهب العلم، والشهوات تدك الإرادة، حتى يصبح الإنسان لا يريد إلا ما يهواه فقط، وهذه آفة؛ فالإنسان يحيط به شيئان: شبهة يزول بها العلم، شهوة تزول بها الإرادة، فإذا لم يثبِّته الله بالعلم والإرادة الصادقة والعزيمة الجازمة فإنه يهلك.
هل يؤخذ من هذا أن الإيمان يتفاوت؟
* طالب: ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾.
* الشيخ: هل يؤخذ؟ أنا لا أريد أن تأتي بالدليل.
* الطالب: يؤخذ.
* الشيخ: يؤخذ، وجه ذلك؟
* طالب: قوله: ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾.
* الشيخ: وجهه؟ (خير) هذه ماذا ترى فيها؟ هل هي اسم تفضيل أو لا، أسألك؟
* الطالب: اسم تفضيل.
* الشيخ: اسم التفضيل يقتضي وجود مُفضَّل ومُفضَّل عليه، وهذا هو التفاوت، وكذلك يؤخذ من قوله أيش؟ ﴿وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾ أن الإيمان يتفاوت.
{"ayah":"وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَیۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُوا۟ مِن دِیَـٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِیلࣱ مِّنۡهُمۡۖ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُوا۟ مَا یُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِیتࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق