الباحث القرآني
ثم قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا﴾ وقال بعدها: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ وهكذا طريقة القرآن مثاني؛ يعني إذا جاء ذكر أهل النار جاء ذكر أهل الجنة، إذا جاء ذكر المتقين جاء ذكر المجرمين وهكذا حتى يكون الإنسان سائرًا إلى الله بين الخوف والرجاء، وحتى لا يمل لو كان الكلام على نسق واحد.
قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ﴾ كفروا بها أي: جحدوها وأنكروها، وأصل المادة (كفر) من الستر والتغطية، ومنه سمي (الكُفُرَّى) الذي هو غلاف طلع النخل.
وقوله: ﴿بِآيَاتِنَا﴾ يشمل الآيات الكونية والآيات الشرعية، فمن الكفر بالآيات الشرعية تكذيب الرسل وعدم الالتزام بما جاءت به الرسل من الشرائع، ومن الكفر بالآيات الكونية أن ينسب هذا الكون إلى غير الله أو يقول: إن أحدًا أعان الله فيه، أو يقول: إن أحدًا له فيه شرك، كل هذا من التكذيب بالآيات، ومن ذلك إنكار الكسوف أن يكون وقع إنذارًا من الله عز وجل وتخويفًا؛ لأن بعض الناس يقولون: إن الكسوف سببه أمر عادي، وليس من أجل أن يخوّف الله به العباد، وهذا يعتبر نوعًا من الكفر، وليس كفرًا مخرجًا عن الملة، لكنه نوع من الكفر.
﴿سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا﴾ سوف يقول المعربون: إنها حرف أيش؟
* طالب: تسويف.
* الشيخ: تسويف؛ يعني تدل على تحقّق وقوع الشيء، لكن بعد زمن؛ لأن التسويف بمعنى التأخير، ومنه قولهم: سوّف في التوبة، سوف بالتوبة؛ يعني أخّرها؛ فمعنى (سوف) يعني أنهم سوف يصلون، لكن بعد زمن.
وقوله: ﴿نُصْلِيهِمْ نَارًا﴾ أي: نجعلهم يصلونها حتى تحرقهم ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ﴾ النّضج معناه بلوغ الغاية في الكمال؛ يعني أنها إذا نضجت من الاحتراق واحترقت فإنها تبدّل جلودًا غيرها غير الأولى؛ لأن الأولى احترقت وزالت، لماذا؟ ﴿لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ أي: الألم؛ لأن الجلد إذا احترق صار حائلًا دون بقية الجسم فلا يحسون بالنار، لكن إذا بُدّل بجلد آخر جديد حينئذٍ أحسّوا بحرّ النار أعاذنا الله وإياكم منها، فهم كلما نضجت بدلناهم.
و﴿كُلَّمَا﴾ حرف شرط يدل على التكرار؛ يعني أنهم دائمًا وأبدًا كلما نضجت الجلود بُدِّلوا جلودًا غيرها لهذه الحكمة ﴿لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ العذاب يعني الألم الذي يعذبون به.
﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ ﴿كَانَ﴾ فعل ماضٍ، لكنه لا يراد بها الزمن، فهي تدل على تحقق الاتصاف بما دل عليه خبرها بدون التقيد بزمن، ولهذا يقولون: إنها مسلوبة الزمان في هذا، لماذا؟ لأننا لو قلنا: إنها دالة على الزمان لكانت العزة والحكمة قد انتهت وذهبتا.
وقوله: ﴿عَزِيزًا﴾ العزيز قال العلماء: إنه له ثلاثة معانٍ: الأول: عزة القدر، والثاني: عزة القهر، والثالث: عزة الامتناع، أما عزة القدر؛ فمعناه أنه ذو قدر عظيم، لا يماثله شيء، وأما عزة القهر فمعناه أنه الغالب القاهر لكل ذي جبروت، وأما عزة الامتناع فمعناه الممتنع عن كل عيب ونقص وسوء، ومنه قولهم: أرض عزاز؛ يعني صلبة، صلبة ممتنعة عن الرخاوة، وكل هذه المعاني، وربما يحتمل معاني أخرى أيضًا كلها ثابتة لله ﴿فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر ١٠]، وأما الحكيم فإنه مشتق من الحكمة وهي الإحكام والإتقان، ومن الحُكم وهو القضاء والفصل، والله سبحانه وتعالى حكيم ذو حكمة بالغة، وحكيم بمعنى حاكم فاصل بين عباده، ترجع الأمور كلها إليه كما قال الله تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾ [الأنعام ٦٢].
وليعلم أن حكم الله سبحانه وتعالى ينقسم: إلى حكم كوني قدري، وحكم شرعي ديني، أما الحكم الكوني القدري: فمثّلوا له بقوله تعالى عن أحد إخوة يوسف: ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي﴾ [يوسف ٨٠] يريد بذلك حكمًا قدريًّا لا حكمًا شرعيًّا؛ لأن الله تعالى لم يمنعه شرعًا من الرجوع إلى أهله، ولكنه يريد بذلك أن يحكم له حكمًا قدريًّا، وأما الحكم الشرعي: فدليله ومثاله قوله تبارك وتعالى في سورة الممتحنة لما ذكر ما ذكر من الأحكام قال: ﴿ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾ [الممتحنة ١٠]، هذا حكم شرعي، وقد يجتمع القسمان في آية واحدة مثل قوله تبارك وتعالى: ﴿لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [القصص ٧٠]، ومثل قوله: ﴿أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾ [الأنعام ٦٢]، ومثل قوله: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين ٨]، فالمهم أن الحكم حكم الله عز وجل ينقسم إلى: كوني قدري، والثاني شرعي ديني، وذكرنا لكل واحد دليلًا ولكل واحد مثالًا وذكرنا ما يجمع القسمين، وكل ذلك موجود في القرآن.
فإن قال قائل: أيهما الذي يكون نافذًا في العباد ولا بد؛ الكوني أو الشرعي؟
الكوني القدري، هذا نافذ في العباد، ولا يمكن أحد أن يعاند فيه أو يمانع فيه، وأما الحكم الشرعي: الذي يحكم الله فيه بين العباد، فمن العباد من يقبل ويقوم به، ومن العباد من لا يقبل ولا يقوم به، الحكمة؛ وهي أحد المعنيين في قوله: ﴿حَكِيمًا﴾ مأخوذة من الإحكام وهو إتقان الشيء، فالشيء المحكم هو الشيء المتقن، وفسّرها بعض العلماء بأنها: وضع الأشياء في مواضعها؛ بمعنى أنك إذا رأيت هذا الشيء قلت: لا يصلح به في مكانه إلا هو، ثم هي -أي الحكمة- حكمة في نفس الشيء، وحكمة في غاية الشيء؛ بمعنى أن هذا الشيء في نفسه مطابق للحكمة، والثاني: أن الغاية منه حكمة محمودة، لننظر إلى الوضوء مثلًا، كونه على هذا الوجه يبدأ أولًا بالوجه، ثم باليدين، ثم بالرأس، ثم بالأذنين، وكونه بعض الأعضاء غسْل، وبعض الأعضاء مسْح، هذا من الحكمة لا شك؛ يعني كونه على هذه الصورة المعينة حكمة، ثم الغاية منه وهو التطهير من الذنوب، والتطهير من الأحداث، هذه غاية حميدة بلا شك، إذن الحكمة تكون في ذات الشيء، وفي غاية الشيء، وكل هذا ثابت في حكمة الله عز وجل، وإذا قلنا: إن الحكم كوني وشرعي، والحكمة حكمة في ذات الشيء، وحكمة في الغاية منه صار الجميع كم قسمًا؟
* الطلبة: أربعة.
* الشيخ: أربعة أقسام. ويأتي -إن شاء الله- بقية الكلام على الآية.
* طالب: يا شيخ، ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا﴾ الآية [البقرة: ٢٥٣] يا شيخ، تكون من السنن الربانية؟ أي: يجعل الكفار مؤمنين يا شيخ بالأمر، كيف هذا يكون حكمًا قدريًّا يا شيخ؟
* الشيخ: إي نعم، هذا حكم قدري يقوم به الحكم الشرعي.
* طالب: طيب يا شيخ، لو شفت واحد يقول: طيب كيف معناته، هذا مقدّر عليهم أنهم يصيروا كفارًا، كيف الجواب عليه؟
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: لو واحد يحاجهم يا شيخ، يقول معناته الله سبحانه وتعالى حكم عليهم أنهم يصيروا كفارًا، كيف الرد عليهم؟
* الشيخ: نرد عليهم بقوله تعالى: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [الأنفال ٢٣]. في الليلة الماضية تكلّمنا عن القدرية والجبرية، وقلنا: كل واحد منهم له شبهة، أليس كذلك؟
* الطلبة: بلى.
* الشيخ: ولكن هل هذه الشبهات منجلية لكم أو نبيّنها الآن؟
* الطلبة: نبيّنها.
* الشيخ: نعم، نبيّها؛ لأن بعض الناس قال لي: طيب الشبه هذه لماذا لم تُبيّن؟
ذكرنا أن شبهة القدرية أن الله سبحانه وتعالى قال: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ [محمد ٣١] ﴿حَتَّى نَعْلَمَ﴾ إذن هو الآن أيش؟
* الطلبة: لا يعلم.
* الشيخ: لا يعلم طيب، الجواب على هذا أن نقول: علم الله سبحانه وتعالى علمان؛ ينقسم إلى قسمين: علم بما سيكون، وعلم بما كان، فهو يعلم أن هذا العبد سوف يقوم بما أُمر به، أو أن هذا العبد لن يقوم بما أمر به، أليس كذلك؟
العلم بما سيكون لا يترتّب عليه ثواب ولا عقاب؛ لأنه لم يوجّه إلى المكلف شيء فيه، فلا يترتب عليه ثواب ولا عقاب، والثاني: علم بأيش؟
* طالب: بما نعلم.
* الشيخ: بما كان، هذا هو الذي قال الله تعالى: ﴿حَتَّى نَعْلَمَ﴾ أي: حتى نعلم الشيء كائنًا واقعًا، وحينئذٍ يترتب عليه أيش؟ الجزاء؛ الثواب أو العقاب، ويدل لذلك أن الله سبحانه وتعالى بيّن في آيات كثيرة أن الله تعالى قد علم كل شيء ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحج ٧٠]، وقال تعالى في آية الصيام: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة ١٨٧]، وقال: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ﴾ [البقرة ٢٣٥]، وهم لم يذكروهن بعد ﴿سَتَذْكُرُونَهُنَّ﴾ فالحاصل أنا نقول: العلم ينقسم إلى؟
* طالب: قسمين.
* الشيخ: ما هما؟
* الطلبة: علم بما كان وما سيكون.
* الشيخ: علم بما كان، وعلم بما سيكون، ما الذي يترتب عليه العقاب أو الثواب؟ العلم بما كان، وهذا هو المراد بقوله: ﴿حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾. ولهذا قال بعض العلماء يعني فسّره بقوله: حتى نعلم علم ظهور؛ يعني علم وقوع الشيء.
بقينا في الجواب عن الجبرية الذين قالوا: إن الله قال: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ﴾ [الأنعام ١١٢] ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا﴾ [البقرة ٢٥٣] نقول: نعم، اقتتالهم واقع بمشيئة الله لا شك وإشراكهم واقع بمشيئة الله كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾ [الأنعام ١٠٧]، لكن هل منحهم الله مشيئة وإرادة أو لم يمنحهم؟
* الطلبة: منحهم.
* الشيخ: منحهم، ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ [آل عمران ١٥٢] ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا﴾ [الإسراء ١٩] ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ﴾ [الإسراء ١٨]، فالإرادة للإنسان ثابتة ولا أحد ينكرها، وما قدّر الله عليك ليس عندك علم به قبل أن تفعله حتى تحتج به، أليس كذلك؟ ما قدّر الله عليك ليس عندك علم به قبل أن تفعله حتى تحتج بقدر الله؛ لأنا نقول لمن يحتج بقدر الله: ما الذي أعلمك أن الله قدّر عليك الشقاء؟
لماذا لم تقدّر أن الله قدّر عليك أيش؟ السعادة فتسعد؟ وحينئذٍ لا يكون لهم حجة، وقد أبطل الله هذه الحجة بالفعل ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا﴾ [الأنعام ١٤٨] ولو كان لهم حجة ما ذاقوا بأس الله؛ لأنهم معذورون.
* طالب: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا﴾ نسبة القتال إليهم، ألا تدل على أن لهم مشيئة؟
* الشيخ: بلى، تدل على أن الفعل فعلهم.
* طالب: قول الله تعالى: ﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ هل يعني ﴿بَدَّلْنَاهُمْ﴾ تبديل تجديد الجلد نفسه أم جلد غيره؟
* الشيخ: نعم، يخلق جلدًا جديدًا غير الجلد الأول اللي احترق.
* طالب: يا شيخ، رأينا في بعض الأمصار أناسًا يدّعون العلم، ولا يصلون، ولا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر، ولا يزكون، ويحتجون بقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ الآية [الحج: ٤١]، قلنا لهم: إن النبي ﷺ صلى في مكة وهو لم يمكن له آنذاك فقالوا: هذا على سبيل الاستحباب.
* الشيخ: على سبيل أيش؟
* الطالب: على سبيل الاستحباب؛ لأن القرآن هو الذي يبيّن.
* الشيخ: نعم ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾ [آل عمران ٧] هذه يخبر الله بها عن شيء مستقبل ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [الحج ٤٠، ٤١] فيقال لهؤلاء: إن الله وعد الذين ينصرون الله بهذا؛ بالنصر، وأنتم الآن لا تأمرون بالمعروف، ولا تنهون عن المنكر، فلستم مستحقين للنصر، إذا كنتم تريدون النصر فافعلوا ذلك، مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة.
* طالب: بارك الله فيكم، ذكرتم الآن أنهم سيبدلون جلودًا غير جلودهم، طيب هل ستكون أجسادنا يوم القيامة هي الأجسام التي عليها الآن؟
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: أجسادنا الآن التي نحن الآن عليها؛ يعني الأجسام هذه هل ستكون يوم القيامة هي هي؟
* الشيخ: لا، تكون أعظم أعظم.
* الطالب: يعني ستكون ستين ذراعًا؟
* الشيخ: أعظم، جاء في الحديث الصحيح أن «ضِرْس الْوَاحِدِ مِنْهُمْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ»[[أخرجه مسلم (٢٨٥١ / ٤٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: «ضرس الكافر، أو ناب الكافر، مثل أحد..» الحديث.]] والعياذ بالله، توسّع أبدانهم لأجل شدة العذاب.
* طالب: شيخ، لو أورد علينا قدري يا شيخ وقال: قال تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [السجدة ١٣].
* الشيخ: قدري ولا جبري؟
* الطالب: جبري.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: يقول: هذا شيء؛ يعني الله عز وجل كتب أنه سوف يملأ جهنم من الناس والجنة كذلك، إذن لو شاء الله لكان كل شيء؟
* الشيخ: طيب (...) نهر الجنة، إحنا ما نرى به أنه يستعمل إلا لأهل الجنة، ما هو ينقسم قسمين، يصير من هؤلاء وما نبغي منك أكثر من هذا.
* الطالب: يعني أن يوم القيامة إذا احتج يعني راح النار، وقال: أنا كتب الله عز وجل عليّ أدخل..
* الشيخ: يوم القيامة ما يحتجون -بارك الله فيك- يقرون بالخطأ، يقولون: ﴿لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك ١٠] ويسألون الله الرجوع ويقول: لو رجعنا لآمنا ﴿فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا﴾ [السجدة ١٢] يوم القيامة ما فيه، حجة لكن الكلام الآن.
* طالب: ما نضرب هذا كفًّا على وجهه يا شيخ؟!
* الشيخ: من؟
* الطالب: هذا الجبري.
* الشيخ: والله إن أعطيته كفًّا على وجهه وقلت: والله أنا مجبر على هذا؛ ما فيه مانع!
* طالب: شيخ، ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ﴾ [النساء ٥٥] بعض الناس يعتقدون أن النبي ﷺ لا يصح له نسب؟
* الشيخ: لا، ما قلناه عام؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام من آل إبراهيم.
* طالب: شيخ، أحسن الله إليكم، ذكرتم بأن الجلود غير الجلود الأولى.
* الشيخ: يبدّلونها نعم.
* الطالب: إي نعم، الإمام أحمد رحمه الله يقول: إنما تبديلها تجديدها. وذلك لما احتج عليه الجهمية فقالوا: كيف يُعذّب جلودًا لم تذنب؛ فقال: تبديلها تجديدها.
* الشيخ: إي، ما يستبعد يعني أن يكون هذا معنى صحيحًا؛ يعني لا يستبدل أن يكون معنى صحيحًا، وقد يستشهد له بقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم ٤٨] مع أن هي الأصل، لكن الأصل في التبديل أنه بدل عن بدل، وهذه الجلود ليست مستقلة حتى تعذّب ويقال: إنها عذبت بدون جريمة، هذه الجلود مثل اللباس لهؤلاء فلا يعد، فما قاله الإمام أحمد محتمل رحمه الله.
* طالب: ما قاله الإمام أحمد أن جلود تستبدل؟
* الشيخ: الآن؟
* الطالب: يقولون: كيف تعذّب وهي لم تذنب؟ أتبدل لا تحس الإنسان هو اللي يحس الإنسان هو اللي يشعر بالعذاب والجلد..
* الشيخ: يقولون: إن الأطباء -بس ما أدري هل مؤكد ولَّا لا- إن اللي داخل الجلد ما يتأذى، ما يتألم، وأن الألم للجلد فقط؛ يعني عكس ما تقول أنت، نعم، والله جعل الجلد يتألم لأجل أن يحس الإنسان بما يصيبه، لكن اغرز الإبرة الآن أول ما توجس في الجلد، لكن في اللحم الداخلي ما تحس به، ثم من نعمة الله أن اللحم الداخلي ما فيه إحساس، لو فيه إحساس باتجاه قطع ها الخبز تمشي مع الأمعاء الدقيقة يقدر الواحد ينام؟! الآن لو تيجي ذرة على جلده ما يستطيع ينام، لو تمشي ذرة على جلده وهو نائم ما يستطيع ما يجيه النوم، لكن ما بالك بالأشياء هذه أنها تجري في الأمعاء الدقيقة، ولهذا من حكمة الله سبحان الله العظيم كلما تأمل الإنسان في حكمة الله رأى العجب العجاب، إذا صار هذا الطعام متهيئًا للخروج أحس به الإنسان؛ يعني إذا استأذن جاء عند الباب تحس به، لكن قبل أبدًا، يتردد في هذه الأمعاء الدقيقة الملتوية بعضها على بعض ولا تحس به.
* طالب: عن المعجزات يا شيخ علميًّا.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: بعض الناس بيسند المعجزات العلمية من الطب وغيرها، ويرجعها لآيات بالقرآن؟
* الشيخ: إذا كانت الآيات تحتمل هذه المعجزات العلمية فلا مانع.
* الطالب: المشكلة يا شيخ أنه يأتي (...).
* الشيخ: لا، أنا قلت: إذا كانت تحتمل، أما إذا كان مجرد وهم فلا يعني مثلًا لما وصلوا إلى القمر قالوا: إن هذا يدل عليه قوله تعالى: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا﴾ [الرحمن ٣٣] هذا ما هو صحيح.
* الطالب: بعضهم يقول.. بعضهم يحتمل وهما..
* الشيخ: لا، لا بد من ثبوت الدلالة وإلا فلا يجوز. (...)
* * *
«السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ»، هذا دعاء، «السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ»؛ دعاء، «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ»، «اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ»، «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ»، كل هذه دعاء، وكذلك بين السجدتين: «ربِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي»، كلها جمل دعائية.
* طلبة: التعليل يا شيخ؟
* الشيخ: هذا الذي يقول: هل يعتد بشهادة المرأة الواحدة في رؤية هلال رمضان؟
الجواب: نعم، يعتد بها؛ لأنها خبر ديني كما لو أخبرت بغروب الشمس مثلًا.
يقول: يشكل علينا فضيلة الشيخ في بعض المسائل الفقهية اختلاف المحدّثين والفقهاء فيها، فما هو الضابط الترجيحي لمثل هذه المسألة؟
أما طالب العلم الصغير والعامي فيتبع من يرى أنه أوثق في علمه ودينه، وأما طالب العلم الصاعد الذي أخذ من العلم حظًّا، فهذا هو بنفسه الذي يراجع أدلة هؤلاء وهؤلاء حتى يتبيّن له أيها الراجح.
يقول: أشكل عليّ قول من قال: وإن الرؤيا متى عبرت وقعت، فهل وقوع الرؤيا متوقّف على تعبيرها؟
لا، قد تقع قبل أن تعبر، لكن إذا عبرت وقعت على ما عبرت به، ولهذا لا ينبغي للإنسان «إذا رأى ما يكره أن يعرضها على أحد؛ لأنها إذا عرضها، ثم فسرت وقعت بإذن الله، بل إذا رأى ما يكره يقوم ويتفل عن يساره ثلاثًا، ويقول: أعوذ بالله من شر الشيطان، ومن شر ما رأيت، وينقلب إلى الجنب الثاني، ولا يحدث بها أحدًا، هذا إذا رأى ما يكره، ويستريح مرة، حتى قال الصحابة: كنا نُمرض إذا رأينا رؤيا نكرهها، فلما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الحديث استقر أمرنا»[[متفق عليه؛ البخاري (٧٠٤٤)، ومسلم (٢٢٦١ / ٤) من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه.]] .
أما إذا رأيت ما تحب فإياك أن تقصّها على إنسان لا يحبك، لا تخبر بها إلا من يحبك؛ لأن الله قال عن يعقوب: ﴿لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ [يوسف ٥].
* طالب: قول المخاطب يا شيخ؟
* الشيخ: يعقوب يقوله ليوسف.
* الطالب: إذا عرضها على واحد عامي ما يعرف يا شيخ، جاهل؟
* الشيخ: لا يعرضها، الشيء اللي يكرهه، لا يعرضه.
* الطالب: يا شيخ، (...)؟
* الشيخ: لا.
* الطالب: يعني تعذر يا شيخ؟
* الشيخ: لا، أبدًا، اللي تكره لا تذكرها.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا﴾ [النساء ٥٧].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، سبق لنا تفسير قول الله تبارك وتعالى: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ﴾ فإلى أي مرجع يعود الضمير في قوله: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ﴾؟
* طالب: يعود على ﴿آلَ إِبْرَاهِيمَ﴾.
* الشيخ: من آمن بآل إبراهيم؟ أنا لست أسأل عن ﴿فَمِنْهُمْ﴾، لا أسال عن الضمير في قوله: ﴿فَمِنْهُمْ﴾، أسأل عن الضمير في قوله: ﴿بِهِ﴾؟
* الطالب: الكتاب والحكمة والملك العظيم الذي أوتيه.
* الشيخ: نعم، ﴿مَنْ آمَنَ بِهِ﴾ أي: بما آتينا آل إبراهيم من الكتاب والحكمة. ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ﴾، كيف يكون الصدّ عنه؟
* طالب: الصد عنه يكون لأجل الفعل لازم.
* الشيخ: لا، كيف الصد؟
* الطالب: الصد بتركه أو بالحيلولة بين الناس أن يدخل في هذا الحكم في هذا الدين، وأن..
* الشيخ: هذا معناه صد، هل متعدية ولا لازمة؟
* الطالب: لازم.
* الشيخ: لكن ما معنى الصد؟ كيف الصد عن الملك؟ الصد عن الكتاب والحكمة واضح، كيف الصد عن الملك؟
* الطالب: يكون بالتكذيب به.
* الشيخ: الملك؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: التكذيب به؟
* الطالب: (...).
* طالب آخر: أن يحسد ما أوتي هذا الملك ليزول عنه.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: أن يحسده ليزول عنه الملك.
* الشيخ: لا.
* طالب: أن ينادي بالبغي والصد عنه.
* الشيخ: لا بأس، لكن الملك كيف يكون الصد عنه؟
* طالب: لم يشكروا الله عز وجل على نعمته.
* الشيخ: تمام، هذا اللي ذكرناه لكم، قلنا: الصد عن الكتاب والحكمة التكذيب وترك العمل، الصد عن الكتاب والحكمة التكذيب أو الاستكبار، الصد عن الملك كيف؟ ألا يقوم بشكره، ولا يعطوه حقه.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا﴾ ما معنى ﴿نُصْلِيهِمْ﴾؟
* طالب: نجزيهم.
* الشيخ: لا.
* طالب: نؤتيهم.
* الشيخ: نؤتيهم؟
* الطالب: أي: ندخلهم نارًا.
* طالب: نقول: نوصل يا شيخ، نوصلهم.
* طالب آخر: يصلونها.
* الشيخ: يعني نحرقهم بالنار.
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا﴾ ما معنى النضج؟
* طالب: قيل: إنه التبديل.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: قيل: إنه التبديل، وقيل: إنه (...).
* الشيخ: يعني نضجت من نضوج الجلد بالاحتراق، وهذا معروف.
﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ ما معنى التبديل هنا؟ هل المعنى أن هذه الجلود تعود حية بعد النضج أو أنه يخلق لهم جلود أخرى؟
* طالب: تحتمل المعنيين.
* الشيخ: تحتمل المعنيين؛ على المعنى الأول، بدّلناهم جلودًا غيرها، هل لها نظير؟
* طالب: قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾ [إبراهيم ٤٨].
* الشيخ: نعم، قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾ هي ما بُدلت ذاتها، لكن صفتها، فهذه أيضًا تُعاد بعد أن كانت نضجت واحترقت بالنار، تعاد هي نفسها، وبه يبطل إيراد أورده عليّ بعض الطلبة في تفسير الآية، ما هو الإيراد؟
* طالب: أن الجلود التي تبدّلت تعذب.
* الشيخ: نعم، وبينا أن هذا الإيراد باطل من أصله؛ لأنه إن كانت هذه الجلود المحترقة تنشأ من جديد؛ يعني تعود إلى حالها الأولى فلا إشكال، وإن كان غيرها فإن الجلود للإنسان بمنزلة أيش؟ بمنزلة الثياب تابعة له، وهي جماد نفسها ليست مكلّفة حتى يقال: إنها عُذّبت بدون ذنب، لكن هذا أورده من ليس له شغل.
قوله: ﴿لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ أي: بألسنتهم؟
* طالب: يذوقوا العذاب؟
* الشيخ: إي نعم.
* الطالب: لا، إذاقة العذاب في جميع البدن.
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: يعني يذوقوا العذاب من جميع جهات النفس.
* الشيخ: أليس الذوق باللسان؟
* الطالب: ذوق الطعام والشراب وما أشبه ذلك، لكن إذاقة العذاب هنا أقول: من جميع أنحاء الجسم؛ لأن يكون الجلود تُغطي جميع الجسم، فيكون من جميع أنحاء جسمه ليكون العذاب أكبر.
* طالب آخر: هذه فيها فائدة بلاغية وهي التهكم بهؤلاء الكفار.
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: كأنه جعل العذاب شرابًا لذيذًا أو أكلًا جميلًا ليتلذذ به.
* طالب آخر: عبّر بالذوق هنا؛ لأن أعظم ما يكون في جسم الإنسان الذوق فعبر..
* الشيخ: كناية يعني عن تحقق هذا الشيء كما يتحقق الإنسان اللقمة إذا ذاقها أو الشراب إذا ذاقه.
﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ هذا الاسم من أسماء الله عز وجل له عدة معانٍ، ما هي؟
* طالب: العزيز أو الحكيم؟
* الشيخ: العزيز.
* الطالب: العزة ثلاث معانٍ: عزة قدر، وقهر، وامتناع.
* الشيخ: طيب عزة قدر، وقهر، وامتناع.
* الطالب: عزة القدر أن الله تعالى ذو قدر وشأن عظيم.
* الشيخ: نعم، أن الله ذو قدر وشأن عظيم.
* الطالب: عزة القهر أن الله تعالى قهر كل شيء وغلب كل شيء، عزة الامتناع أن الله تعالى ممتنع عن كل نقص وعيب.
* الشيخ: أحسنت، ولهذا قال ابن القيم لما ذكر هذه المعاني الثلاث قال:
؎.................... ∗∗∗ فَالْعِزُّ حِينَئِذٍ ثَلَاثُ مَعَانِ
طيب الحكيم، هل هي من الحكم أو من الإحكام؟
* طالب: من المعنيين.
* الشيخ: من المعنيين.
* الطالب: من الحكم ومن الإحكام.
* الشيخ: من الحكم ومن الإحكام هذا صحيح، الحكم نوعان؟
* طالب: حكم كوني، وحكم شرعي.
* الشيخ: نعم، مثال الأول؟
* الطالب: ﴿حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ﴾ [الأعراف ٨٧].
* الشيخ: أيش لون؟
* الطالب: ﴿حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ﴾ قال: إنهم لا يحكمون حتى يحكم الله.
* الشيخ: ﴿حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ﴾ أي آية هذه؟
* الطالب: إخوة يوسف ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ﴾.
* الشيخ: ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي﴾ [يوسف ٨٠]، الحكم الشرعي مثاله؟
* طالب: ﴿ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾ [الممتحنة ١٠].
* الشيخ: في سورة؟
* الطالب: سورة الممتحنة.
* الشيخ: الممتحنة، لما ذكر أحكام المهاجرات وما يتعلق بذلك قال: ﴿ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا﴾ [المائدة ٥٠] هل يراد به حكم الكوني أو الشرعي؟
* طالب: الشرعي.
* الشيخ: فقط؟
* طالب: هو يحكم أن الله يحكم وقادر على الجميع مثلًا.
* الشيخ: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة ٥٠].
* الطالب: الحكم حكم شرعي.
* الشيخ: إي نعم، يراد به المعنيان جميعًا، صح.
الحكمة تكون معلومة للعباد أو مجهولة، أو بعضها معلوم وبعضها مجهول؟
* طالب: قد يعني قد يعلمها بعض العباد وقد.. يعني بعضها معلوم وبعضها غير معلوم.
* الشيخ: يعني بعضها معلوم وبعضها غير معلوم، أتمثّل لي بشيء حكمته غير معلومة؟
* الطالب: نعم، كبعض الأحكام الشرعية التي أمرنا الله عز وجل بها ولا نعلم الحكمة منها.
* الشيخ: أي: مثّل لي، مثّل لي؟
* الطالب: الأحكام التعبُّدية.
* الشيخ: مثّل لي؟
* الطالب: مثلًا يا شيخ تحريك الأصبع في الصلاة.
* الشيخ: لا، إشارة للعلو لعلو الله.
* الطالب: أيوه، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر بهذا حكمة، لكن على المذهب لم يذكر حكمة، لم يذكر لذلك حكمة..
* الشيخ: لماذا لا تقول: صلاة الظهر أربعة؟ لماذا لم تكن ستة؟
* الطالب: مثلًا لماذا يعني الصلاة عدد..؟
* الشيخ: يعني عدد ركعات الصلاة غير معلوم لنا، صح؟
* الطالب: صح.
* الشيخ: طيب من الحكم المعلومة؟
* طالب: من الحكم المعلومة، مثل تخصيص السجود بقول: سبحان ربي الأعلى حيث إنه..
* الشيخ: نعم، خصص السجود بقول: سبحان ربي الأعلى.
* طالب: نعم، نزول الإنسان مناسبًا يدعو الله في قلوبهم، مستحضرًا علو الله سبحانه وتعالى.
* الشيخ: المنزه عن السفول، تمام هذه من الأشياء اللي..
* من فوائد الآية الكريمة: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا﴾ إلى آخره [النساء: ٥٦]، الوعيد على من كفر بآيات الله بالنار.
* ومن فوائدها: أن من كذّب أو من كفر ببعض الآيات فله نصيب من هذا الوعيد حسب كفره، وذلك بناءً على القاعدة المعروفة؛ أن الحكم المرتّب على وصف يقوى بقوة ذلك الوصف، ويضعف بضعفه، الحكم المرتّب على وصف يقوى بقوة ذلك الوصف ويضعف بضعفه.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات العقوبة بالنار.
* ويتفرع عليها: وجوب اعتقاد ذلك؛ لأن الخبر صادر من عند الله عز وجل وهو أصدق القائلين: ﴿سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا﴾ [النساء ٥٦].
* ومن فوائدها؛ من فوائد هذه الآية الكريمة: تمام قدرة الله عز وجل، حيث كان هذا العذاب كلما نضجت جلودهم بُدّلوا جلودًا غيرها، وهذا أبد الآبدين، ومتى تنضج؟ هل هي تنضج في الحال يعني أو تبقى مدة ليزداد ألمهم؟ لأنكم تعرفون أن اللحم إذا كانت النار قوية ينضج بسرعة، والعكس بالعكس، فهل هذه الجلود تنضج بسرعة، ثم تبدل، أو أنها تبقى متألمة لمدة الله أعلم بها، ثم تبدل؟
نقول: هذا خبر عن غيب، والأخبار عن الغيب لا يجوز أن نتعدّى أكثر مما أُخبرنا به، فنقول: إذا نضجت الجلود بُدّلوا جلودًا غيرها، أما هل تأخذ زمنًا كثيرًا قبل أن تنضج؟ فهذا ليس إلينا، ما ندري، ربما تأخذ زمنًا كثيرًا، وربما تأخذ زمنًا قليلًا، لكن القاعدة في الأمور الغيبيات أيش؟ أن نقتصر على ما ورد كمية وكيفية وزمنًا وقدرًا كل شيء، لا نتعدى.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الإحساس إنما يكون في الظاهر؛ لقوله: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ﴾ فهي التي يقع عليها العذاب -والعياذ بالله- هذا هو الظاهر.
وربما يقول قائل: إن العذاب قد يكون حتى على الداخل، لكن لما كانت الجلود هي التي تباشر النار -أعاذنا الله وإياكم منها- ذكر حالها، ويستشهد لذلك بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أبي طالب: «أَنَّهُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٨٨٥)، ومسلم (٢١٠/ ٣٦٠) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.]] . وغليان الدماغ لا شك أنه من شدة أيش؟ من شدة الحرارة، فهذا يدل على أن كل البدن -والعياذ بالله- يناله هذه الحرارة، لكن ذكر الجلود؛ لأنها المباشرة حيث إنها هي الظاهرة.
* ومن فوائد هذه الآية؛ وهي فائدة لغوية: أن (كلما) لا تعاد في جوابها، كلما نضجت بدلناهم، خلافًا للغة الأخيرة العرفية العصرية المعصورة وهي يقولون: كلما جاء زيد كلما جاء عمرو، هذا غلط، غلط على اللغة العربية؛ (كلما) حرف شرط تأتي في أول الجملة، ولا تعاد في الجواب، أعرفتم؟
مع أنه نسمع هذا الكلام: كلما حصل كذا، كلما حصل كذا، نسمعه من أناس يعني نعتبرهم من أهل اللغة، ومع ذلك يخطئون هذا الخطأ الفاحش.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الحكمة لله عز وجل في أفعاله، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ وهكذا كلما رأيت لام التعليل بعد حكم كوني أو شرعي فإنها تفيد إثبات الحكمة لله عز وجل، والعجيب أن قومًا من أهل الملة -ومنهم الأشاعرة- ينكرون الحكمة لله ويقولون: إن أحكام الله الكونية والشرعية لمجرد المشيئة، وليس لها حكمة، فأنكروا أشرف أو ما هو من أشرف صفات الله عز وجل؛ وهي الحكمة؛ لأن ضد الحكمة السفه، وسبحان الله عن السفه!
وإذا قررنا هذا التقرير، وهو أن كل حكم معلّل باللام فإنه دليل على ثبوت الحكمة صارت أدلة الحكمة لا تُحصى، كثيرة جدًّا، وإنما أنكروا الحكمة، قالوا: لأنه إذا فعل لحكمة فقد فعل لغرض يعود عليه بالنفع والله سبحانه وتعالى منزّه عن ذلك، شوف سبحان الله كيف زين لهم الشيطان هذا التركيب؟! إذا فعل لحكمة فالحكمة غرض، ومن فعل لغرض فهو محتاج إليه، والله تعالى منزّه عن ذلك.
فيقال: إن الله عز وجل يفعل لحكمة لا لنفع يعود عليه، ولكن لنفع يعود على العباد، ليس لشيء يعود إليه نفسه أبدًا، هو مستغنٍ عن ذلك ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ﴾ [المائدة ٦] التطهير عائد نفعه لنا ولَّا لله؟ لنا، وهكذا بقية الأشياء، وإذا كان لمصلحة الغير كان ذلك دليلًا على كرمه وجوده عز وجل، وهذا كمال، وليس بنقص بحال من الأحوال.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات غضب الله عز وجل، من أين يؤخذ؟
* طالب: من ﴿الْعَذَابَ﴾.
* الشيخ: نعم؛ لأن العذاب هل عذبهم عن رضا؟ عن غضب، لكن هل الاستدلال بهذه الآية على الغضب من باب الاستدلال باللفظ أو من باب الاستدلال باللازم؟
* الطالب: الثاني.
* الشيخ: نعم، الثاني؛ لأنه لا يمكن أن يعذّب من يرضى عنه، إذن كل آيات فيها إثبات الوعيد فإنها تدل على الغضب؛ لأن الله سبحانه وتعالى إنما يعذّب؛ لأنه يغضب هذا الشيء، لكن لا يلزم مثلًا لمن فعل معصية واحدة أن نقول: إن الله يغضب من هذا الفعل المعين، لا؛ لأن الفعل المعين لا نثبت له الغضب المعين إلا بدليل، وإلا لو قلنا: إن كل فعل محرّم يعني إثبات الغضب لصارت جميع المحرمات كبائر؛ لأن ما ثبت به الغضب فهو من كبائر الذنوب كما ذكر ذلك أهل العلم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات اسمين من أسماء الله وهما؟
* طالب: العزيز..
* الشيخ: العزيز والحكيم، وما تضمناه من صفة، صفة العزة وصفة الحكمة، ثم باجتماع الاسمين وما تضمناه من الصفة وصف زائد، وصف زائد؛ وذلك لأن من له العزة والغلبة قد تأخذه العزة بالإثم فلا يكون في تصرفه حكمة، فجمع الله بين أيش؟ العزة والحكمة ليتبين أن عزته عز وجل لا تنافي الحكمة خلافًا لما يكون من الخلق، فإن الإنسان إذا غلب وانتصر ربما يتصرف تصرفًا ينافي الحكمة، إذن يُؤخذ من الجمع بين الاسمين معنى آخر زائد على ما دل عليه كل اسم على حدة، وهو أن عزة الله عز وجل مقرونة بالحكمة، وكذلك حكمته مقرونة بالعزة؛ لأن الإنسان قد يكون ضعيفًا فتكون الحكمة أن يتضاعف وأن يستذل، ولكن الله عز وجل منزّه عن ذلك، أعرفتم هذا ولَّا لا؟ إذا كان الإنسان ضعيفًا فالحكمة أن يستذل أمام القوي أو أن يقوى أمامه؟
* طالب: يقوى أمامه، يستقيم أمامه.
* طالب آخر: الأول.
* الشيخ: لا، الأول، الآن لو دخل إنسان على الأمير هل هو على طول يقول: يا فلان، أنت ظلمتني، ما أعطيتني حقي؟! لا، أولًا الحكمة يقول: أطال الله بقاءك على طاعته أيها الأمير المحترم الموقّر المعظّم، ويأتي بأشياء تسهل الأمور، هذا هو الثاني، لكن حكمة الله عز وجل مقرونة بأيش؟ بالعزة، إذن قرن العزة بالحكمة له فائدة، وقرن الحكمة بالعزة كذلك له فائدة.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا سَوۡفَ نُصۡلِیهِمۡ نَارࣰا كُلَّمَا نَضِجَتۡ جُلُودُهُم بَدَّلۡنَـٰهُمۡ جُلُودًا غَیۡرَهَا لِیَذُوقُوا۟ ٱلۡعَذَابَۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَزِیزًا حَكِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق