الباحث القرآني

طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (٣٩) إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠) فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (٤١) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء ٣٩ - ٤٢]. * الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى موبخًا أولئك القوم الذين يختالون ويفخرون ويبخلون ويأمرون الناس بالبخل أو الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، قال موبخًا: ﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ (ماذا) استفهام، لكن هل ماذا كلها استفهام أو (ما) اسم استفهام، و(ذا) بمعنى الذي؟ في هذا قولان لعلماء النحو مع اتفاق الجميع على أن الجملة استفهامية. ﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ﴾ والمراد بالاستفهام هنا التوبيخ، أيّ شيء عليكم إذا آمنتم؟ الجواب: لا شيء، لا شيء علينا، وكما قال مؤمن آل فرعون: ﴿إِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ [غافر ٢٨] فلو آمنوا وجربوا، فماذا يكون عليهم؟ وقوله: ﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ ﴿لَوْ﴾ هنا شرطية، وجوابها محذوف دل عليه ما قبله، وقيل: إنها في مثل هذا التركيب لا تحتاج إلى جواب أي ما كان جوابه مذكورًا في غير محله؛ يعني مقدمًا فإنه لا يحتاج إلى جواب، وهذا الذي نرى أنه أصح؛ لأنه ما دام قد تقدم ما يدل عليه أصبح ذكره مستغنى عنه، وحينئذٍ لا حاجة إلى تقديره؛ لأن الأصل عدم التقدير. وقوله: ﴿آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ سبق الكلام على مثلها فلا حاجة للإعادة. ﴿وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ﴾ لكن أنفقوا مما رزقهم الله إخلاصًا لله لا رئاء الناس، والإنفاق بمعنى (البذل)، والرزق بمعنى (العطاء)، لو بذلوا مما أعطاهم الله على حسب ما يرضي الله عز وجل، وأعظم ما يُنفق هو الزكاة، وما دون ذلك فهو دونها. ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا﴾ ﴿كَانَ اللَّهُ بِهِمْ﴾ أي: بما هم عليه من كفر وبما هم عليه لو آمنوا بالله، ففي الجملة هنا ترغيب وترهيب؛ يعني لو آمنوا بالله وصدقوا الله لعلم الله بإيمانهم وأثابهم، ولو بقوا على كفرهم لكان الله بهم عليمًا. * في هذه الآية الكريمة: توبيخ من لم يؤمن بالله واليوم الآخر؛ لقوله: ﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ﴾. * ومن فوائدها أيضًا: أن الإنسان يجب أن يوازن في الأمور بين النافع والضار فينظر ماذا يترتب على إيمانه أو على كفره حتى يختار خير الطريقين. * ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب الإيمان بالله واليوم الآخر لتوبيخ من لم يؤمن بالله واليوم الآخر، والتوبيخ لا يكون إلا على شيء محرّم. * ومن فوائدها: فضيلة الإنفاق؛ لقوله: ﴿وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ﴾. * ومن فوائدها: أن المنفق لا ينفق من كيسه، لكنه منفق مما رزقه الله؛ فالفضل كل الفضل لمن؟ لله عز وجل. * ومن فوائد هذه الآية: أنها قد تشعر بأن من أنفق أخلف الله عليه؛ لقوله: ﴿أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ﴾ فالله تعالى سيعطيهم بقدر ما أنفقوا بل أكثر، ويشهد لهذا قوله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ [سبأ ٣٩] ما معنى يخلفه؟ أي: يعطيكم خلفه، وفي الحديث: «أَنْفِقْ يُنْفَقْ عَلَيْكَ»[[أخرجه ابن حبان في صحيحه (٦٥٣) من حديث عياض بن حمار.]]. * ومن فوائدها: بيان مِنّة الله سبحانه تعالى على عباده بما أعطاهم، وأن العطاء عطاؤه. * ويتفرع على هذه الفائدة: أن تعتمد على الله في حصول الرزق، ولكن إذا قلنا بهذا، فهل يعني أن لا نفعل الأسباب التي نصل بها إلى الرزق؟ الجواب: لا، لا بد أن نفعل الأسباب، لكن مع الاعتماد على الله عز وجل، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا»[[أخرجه الترمذي (٢٣٤٤) وابن ماجه (٤١٦٤) من حديث عمر بن الخطاب.]] تغدو في أول النهار في الغداة خماصًا؛ جائعة، وتروح في آخر النهار بطانًا؛ شبعانة، ولم يقل: كما يرزق الطير تبقى في أوكارها ويأتيها رزقها، أبدًا، ولكن قال: تغدو وتروح، إذن لا بد من عمل مع الاتكال على الله عز وجل. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات العلم لله تعالى بأحوال عباده؛ لقوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا﴾. * ويتفرع على هذه الفائدة: الرغبة والرهبة، كيف الرغبة والرهبة؟ لأنك إذا علمت أن الله عليم بك خفت من مخالفته، ورجوت في موافقته؛ إذ لا يضيع شيء على الله عز وجل، والإيمان بعلم الله عز وجل يُكسب للإنسان مراقبة الله سبحانه وتعالى تمامًا؛ يعني أي شيء تفعله فهو عليم بك، فهذا يحمل الإنسان على الرجاء في فعل ما يحبه الله وعلى الخوف في فعل ما يكرهه الله عز وجل.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب