الباحث القرآني
قوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ﴾، ﴿مَنْ﴾ هذه اسم شرط جازم، و﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ﴾ جواب الشرط، وهنا نسأل: اجتمع في هذه الجملة موجبان للجزم: أحدهما (من) والثاني (لم)، فهل الفعل مجزوم بـ(من) أو مجزوم بـ(لم)؟
نقول: بـ(لم)؛ لأنها المباشر، وعلى هذا فنقول: ﴿يَسْتَطِعْ﴾ فعل مضارع مجزوم بـ(لم)، وهو فعل الشرط.
وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا﴾ الطول هو الغنى، يعني: من لم يستطع منكم غنى يكفي لمهر المحصنات ﴿أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ أي الحرائر ﴿الْمُؤْمِنَاتِ﴾ ضد الكافرات ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ يعني: فانكحوا مما ملكت أيمانكم، أي من التي ملكت أيمانكم، وهن الإماء، فيتزوج الإنسان أمة غيره لا أمة نفسه، لو تزوج أمة نفسه لم يصح النكاح؛ لأن ملك البضع بالملك أقوى من ملكه بالنكاح، ولا يمكن أن يرد الأضعف على الأقوى.
إذن ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ يعني: ملكت أيمان غيركم، كرجل يريد أن يتزوج أمة زيد، هذا ما يريد الله في هذه الآية ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾، (من) هذه بيان لـ (ما) في قوله: ﴿مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾، والفتيات: جمع فتاة، وهي الأمة، فالفتاة تطلق على الشابة إذا أضيفت لحرة، وعلى المملوكة إذا أضيفت لرقيقة.
يقول: ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ المؤمنات ضد الكافرات، ولو كتابيات، فلا بد أن تكون الأمة مؤمنة، فالكافرة في هذا المقام ولو يهودية أو نصرانية لا يصح.
قال: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ﴾ الله أعلم بإيمانكم يعني: وليس لكم إلا الظاهر، أما الباطن فعلمه إلى الله، فإذا قال الإنسان: هذه أمة لا ندري هل هي مسلمة حقًّا أو مسلمة خوفًا، نقول: الله أعلم بإيمانها، أنت ليس لك إلا الظاهر.
﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ أتى بهذه الجملة المؤكدة للتساوي في البشرية؛ لأن عند العرب أنفة عظيمة أن يتزوج الحر أَمة، فخفف الله ذلك عنهم وقال: ﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾، أنت لست تنكح إلا إنسانة، فأنت معها بعضكم من بعض.
﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ﴾ همزة وصل ولَّا قطع؟ وصل؛ لأنها من الثلاثي، من (نكح).
﴿فَانْكِحُوهُنَّ﴾ أي الفتيات المؤمنات، ﴿بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ أي: أسيادهن، وهنا قال: ﴿بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ ولم يقل: بإذن أوليائهن؛ لأنه لا ولاية لأحد في المملوكة إلا لسيدها؛ لأن سيدها مالك لها عينًا ونفعًا، فهو الذي يزوِّجها، حتى لو كان لها أب فإنه لا يزوجها مع وجود السيد.
﴿وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أعطوهن، (آتوا) بمعنى: أعطوا، بخلاف (أتوا) فإنها بمعنى: جاءوا، قال الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ﴾ [النمل ١٨]، أتوا أي: جاءوا.
﴿أُجُورَهُنَّ﴾ أي مهورهن ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ أي بما يتعارفه الناس وبما أقره الشرع، بدون مماطلة وبدون مِنة، لا تقولوا: هذه أمة فتماطل بمهرها أو تمن به عليها.
* طالب: سب الرسول ﷺ، الذي يقوم بسب الرسول ﷺ يقتل إجماعا؟ أقول: في المسألة فيه إجماع؟
* الشيخ: ما أدري هل فيه إجماع ولَّا لا، لكن الأدلة تدل على هذا، وقد صنف شيخ الإسلام رحمه الله كتابا حافلا في الموضوع سماه الصارم المسلول في تحتم قتل ساب الرسول.
* طالب: (...) الفائدة من الآية (...) قتل ساب الرسول؟
* الشيخ: ما هو قلنا: إن هذه فائدة قد تكون بعيدة، لكن ما الذي يقربها؟ يقربها أننا قلنا: حق الآدمي إذا عفا عنه سقط، ولو كان الله قد أوجبه له. من حقوق الآدميين حق الرسول عليه الصلاة والسلام، لو سب أحد رسول الله أمام رسول الله وعفا عنه سقط، بس عاد يجب عليه أن يتوب عن الردة إذا كانت ردة.
طالب: الأمة الكتابية لماذا لا تقاس علي الحرة في الزواج؟
* الشيخ: هذا سيستفاد من الفوائد إن شاء الله.
* طالب: شيخ -حفظكم الله- الحق في الدعوة، حق الوجوب هل هو للزوج فقط، أم لمن دعا سواء أبو الزوجة أم أبو الزوج؟
* الشيخ: لا، الزوج فقط؛ لأن الوليمة مشروعة في حق الزوج فقط.
* طالب: شيخ، قلنا: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ أي (...) إيمان غيركم، شيخ، ونحن نأخذ القرآن على ظاهره، وهذه مستنبطة، أن نقول: أقوى (...) وعاد على النص (...) كيف نقدم الفهم على الظاهر؟ يدخل علينا يا شيخ.
* الشيخ: هذه ستكون في الفوائد إن شاء الله.
(...)
* طالب: هل من يمكن يا شيخ أن يكون الإنسان مستقيمًا ثم يُحسَد فينحرف؟
* الشيخ: على كل حال كل شيء يدخله القدر تدخله العين، حتى المستقيم ربما يصاب بالعين وينحرف.
* طالب: (...).
* الشيخ: هذه مصيبة فعلها، هذه مصيبة من المصائب، كما أن الإنسان لو طلب الحق ولكن ما وفق لأحد يشرحه له، فإنه يعاقب.
* طالب: (...) ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة ٢٨٦]، وهذا فعل وسعه؟
* الشيخ: هذا نعم لو فرضنا أن الرجل يريد العبادة، يتوضأ ليصلي لكن يعجز، فهذا يُكتب له ما كان يعمل صحيحًا، ولا يحرم الأجر.
* الطالب: لو انحرف؟
* الشيخ: لكن إذا انحرف باختياره، يقول: يا فلان صل.
* الطالب: يمكن أن يكون مستقيمًا ثم يُحسَد فينحرف؟
* الشيخ: إي نعم، يمكن، هذا شيء مشاهَد، ينحرف لكن قد لا يكون انحرافاً إراديًّا، قد يصاب مثلًا بكسر، يصاب بمرض، وما أشبه ذلك، يقعده عن العمل.
* الطالب: (...).
* الشيخ: على كل حال قول الرسول: «لَوْ سَبَقَ الْقَدَرَ شَيْءٌ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ»[[أخرجه الترمذي (٢٠٥٩) وأحمد (٢٧٤٧٠) من حديث أسماء بنت عميس.]] يدل على أن العين تكون في كل ما يدخله القدر. نسأل الله السلامة.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: يمكن.
* * *
* الشيخ: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ سبق الكلام على هذه الجملة من الآية، وقلنا: إن المراد بالطول الغنى والسعة، والمراد بالمحصنات الحرائر، بدليل مقابلتها بقوله: ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾، والتي قبلها ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ المراد بها المتزوجات، ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ يعني فانكحوا مما ملكت أيمانكم، والخطاب هنا للجميع باعتبار المجموع، لا باعتبار كل فرد، فهو يخاطب الجميع باعتبار المجموع، لا باعتبار كل فرد، وإنما قلنا ذلك لأن المالك لا يصح أن ينكح مملوكته، فالسيد لا يمكن أن يتزوج مملوكته، وإنما يتسراها تسريًا؛ لأن الله جعل ملك اليمين معادلًا للزوجة، أو للزوجية، فقال: ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [المؤمنون ٦]، فدل هذا على أن ما ملكت اليمين غير الأزواج.
وقال أهل العلم: إنه لا يمكن أن يتزوج السيد مملوكته؛ لأن استباحته بُضعها بعقد أقوى من عقد النكاح؛ لأن عقد الملكية يفيد ملكها بجميع أنواع الاستمتاعات، وعقد النكاح يفيد ملك الاستمتاع بها فقط، فالأَمَة تملك منافعها كلها، تملك أن تخدمها وأن تؤجرها، وليس لها مال، المال لك، وتملك الاستمتاع بها. والزوجة ليست كذلك.
﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء ٢٥] يعني: فانكحوا مما ملكت أيمانكم، والخطاب هنا للجميع باعتبار المجموع لا باعتبار كل فرد؛ فهو يخاطب الجميع باعتبار المجموع لا باعتبار كل فرد، وإنما قلنا ذلك؛ لأن المالك لا يصح أن ينكح مملوكته، فالسيد لا يمكن أن يتزوج مملوكته وإنما يتسراها تسريًا؛ لأن الله جعل ملك اليمين معادلًا للزوجية فقال: ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [المؤمنون ٦] فدل هذا على أن ما ملكت اليمين غير الأزواج.
وقال أهل العلم: إنه لا يمكن أن يتزوج السيد مملوكته؛ لأن استباحته بضعها بعقد أقوى من عقد النكاح؛ لأن عقد الملكية يفيد ملكها بجميع أنواع الاستمتاعات وعقد النكاح يفيد ملك الاستمتاع بها فقط؛ فالأمة تملك منافعها كلها تملك أن تُخَدِّمَها وأن تُؤَجِّرَها، وليس لها مال، المال لك، وتملك الاستمتاع بها، والزوجة ليست كذلك، إذن فملك منفعة البضع بملك اليمين أقوى من الملك بعقد النكاح فلا يرد الأقوى على الأضعف، هذا من حيث التعليل، أما من حيث الدليل؟
* طالب: قوله تعالى: ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾.
* الشيخ: وجه الدلالة؟
* الطالب: أن ملك اليمين غير الزواج.
* الشيخ: أن الله جعل ملك اليمين قسيمًا للزوجية ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾.
إذن (مما ملكت أيمانكم) الخطاب: للجميع باعتبار المجموع أو باعتبار كل فرد؟ باعتبار المجموع لا كل فرد، فمن ملك أَمة لم يصح أن يعقد عليها النكاح.
﴿مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ فتيات: جمع فتاة وهي المملوكة، واشترط الله سبحانه وتعالى فيها الإيمان فقال: ﴿الْمُؤْمِنَاتِ﴾ يعني: لا بد أن تكون مؤمنة، فإن كانت كتابية فإنها لا تحل حتى وإن كانت ممن لا يجد طول الحرة.
قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ﴾ الجملة هنا جملة اعتراضية يعني أن الله سبحانه وتعالى أعلم بالإيمان فإذا اشترط الله الإيمان فليس لنا إلا الظاهر، أما الباطن فعلمه عند من؟ عند الله؛ ولهذا كان الحساب في الدنيا على الظاهر وفي الآخرة على الباطن.
﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ البعضية هنا بعضية إنسانية؛ يعني: أن الله أباح لنا الإماء لأنهن منا، بشر مثلها، فبعضنا من بعض وإن كان الحر أشرف وأعلى.
﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ (الهمزة) هنا ﴿فَانْكِحُوهُنَّ﴾ همزة وصل؛ لأنها من (نكح) ، أما قوله تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور ٣٢] فهي همزة قطع؛ لأنها من الرباعي من (أنكح).
وقوله: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ﴾ أصل النكاح أصله الاجتماع؛ لأن بعقده يكون اجتماع الزوج والزوجة وكذلك اجتماع الأصهار بعضهم إلى بعض، وقد قال الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾ [الفرقان ٥٤].
﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ أي: برضا. الإذن بمعنى السماح والرضا. والمراد بأهلهن أسيادهن؛ وذلك أن الأمة لا تملك نفسها ولا يملكها وليها بالنسب وإنما يملكها وليها بالسبب أي مالكها؛ ولذلك يزوج الأمة سيدها ولا يزوجها أبوها؛ لأن ولاية السيد أقوى من ولاية الأب؛ ولهذا قال: ﴿بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ وهم أسيادهن.
﴿وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ ﴿آتُوهُنَّ﴾ أي: أعطوهن؛ لأنها من الرباعي، و(آتى) الرباعي بمعنى أعطى كما قال تعالى: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ﴾ [البقرة ١٧٧] أي: أعطى المال.
﴿وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ ﴿أُجُورَهُنَّ﴾ أي: مهورهن، وسُمِّيَ أجرًا؛ لأنه عوض عن منفعة وإضافته هنا ﴿أُجُورَهُنَّ﴾ إضافة اختصاص لا إضافة ملك؛ وذلك لأن الأمة لا تملك؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ؛ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٢٣٧٩)، ومسلم (١٥٤٣ / ٨٠) من حديث عبد الله بن عمر.]] فالإضافة هنا للاختصاص كإضافة سرج الدابة إليها، تقول: سرج الفرس لا لأن الفرس يملكه، لكن لأنه مختص به.
وقوله: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ أي بالمعروف شرعًا وعادة، والمعروف شرعًا أن يكون المهر متمولًا شرعًا سواء كان من الذهب أو الفضة أو الحديد أو الرصاص أو الثياب أو الفرش أو الأبواب أو غير ذلك، والمعروف عادة أن لا يماطل، بل يعطي الأمة مهرها كما يعطي الحرة، وإنما ذكر الله ذلك لأنه ربما يحتقر الأَمَة ولا يؤدي لها حقها كما ينبغي؛ ولهذا قال: ﴿آتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾.
﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ ﴿مُحْصَنَاتٍ﴾ هذه حال من الضمير في قوله: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ﴾ يعني: انكحوهن حال كونهن محصنات، أو من الضمير في ﴿آتُوهُنَّ﴾ ضمير مفعول به أي: آتوهن أجورهن حال كونهن محصنات لا تؤتوهن أجورهن أجور زنا بل أجور إحصان.
وقوله: ﴿مُحْصَنَاتٍ﴾ هنا أي: متزوجات أي: لا زانيات، وهو من باب التوكيد لما سبق؛ لأنه يغني عنه قوله: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ يعني: لأن نكاحهن الشرعي بإذن أهلهن يكون العقد معهن عقد إحصان لا زنا، لكن لخطر هذا الأمر أكده الله سبحانه وتعالى بقوله: ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ﴾ المسافح الزاني -والعياذ بالله- وسُمِّيَ مُسَافِحًا؛ لأنه ليس له هم إلا سفح الماء في القبل، لا يريد أولادًا ولا عشرة ولا مودة وإنما هو كالتيس يريد أن يقضي نهمته فقط.
﴿وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ الأخدان جمع خِدْن أو خَدَن، والمراد به ما يعرف عند الكفرة بالصديق والصاحب، فإنه في بلاد الكفر تتخذ المرأة صديقًا صاحبًا يفعل بها ما يفعل الرجل بامرأته ما عدا الجماع وربما تصل الحال إلى الجماع، والإماء لَمَّا كُنَّ لا يهتممن بهذا الأمر قيد الله ذلك بقوله: ﴿وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ أما الحرائر فإنه يبعد فيهن الزنا حتى قيل:« إن هندًا بنت عتبة -لما بايع النبي صلى الله عليه وآله وسلم النساء على ألا يسرقن ولا يزنين- قالت: يا رسول الله أو تزني الحرة؟»[[أخرجه أبو يعلى في مسنده (٤٧٥٤) من حديث عائشة. ]] وهو ضعيف لكنه ذكره بعض العلماء، والزنا في الحرائر قليل وهو كثير في الإماء، ولهذا قيد بقوله: ﴿غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾.
﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ﴾ وفي قراءة: ﴿أَحْصَنَّ﴾ أي: أحصن أنفسهن، واختلف المفسرون في المراد بالإحصان، ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ﴾ أي أحصنهن من يحصنهم، وعلى قراءة: ﴿فَإِذَا أَحْصَنَّ﴾ أي: أحصن أنفسهن، واختلف المفسرون في المراد بالإحصان فقال بعض العلماء: إنها على قراءة الفتح ﴿أَحْصَنَّ﴾ بمعنى أسلمن، و﴿أُحْصِنَّ﴾ بمعنى نُكِحْن.
وقال بعض العلماء: هما بمعنى واحد، وأن معنى ﴿أَحْصَنَّ﴾ أي: صرن ذات إحصان كما يقال: أنجد، أي: دخل نجدًا، فأَحْصَن أي صار ذا إحصان.
﴿أُحْصِنَّ﴾ أي: صرن ذوات إحصان، أما على قراءة الضم ﴿أُحْصِنَّ﴾ فالأمر ظاهر في أن المراد ﴿أُحْصِنَّ﴾ أي: نُكِحْن فأحصن فروجهن بهذا النكاح، والصواب أنها بمعنى واحد؛ أن الكلمتين بمعنى واحد، وكونها بمعنى أسلمن بعيد؛ لأن السياق هنا في سياق الفتيات المؤمنات ﴿مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ والمؤمنة مسلمة.
﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ هذا شرط داخل في شرط، ﴿إِذَا أُحْصِنَّ﴾ الشرط الأول، ﴿فَإِنْ أَتَيْنَ﴾ هذا الشرط الثاني، ﴿فَعَلَيْهِنَّ﴾ جواب الشرط الثاني، فهو شرط في شرط يعني: إذا أحصنت الأمة وأتت بفاحشة فعليها نصف ما على المحصنات من العذاب، المحصنات هنا الحرائر، ولا يصح أن نقول: فإذا أحصن فعليهن نصف ما على المحصنات من الإماء، هذا لا يستقيم، ولكن المعنى ﴿نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ﴾ أي: الحرائر ﴿مِنَ الْعَذَابِ﴾، وعذاب الحرائر أن تجلد البكر مئة جلدة وأن ترجم الثيب، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ﴾ [النور ٨] والعذاب هو الحد؛ لقوله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور ٢] فيكون المراد بالعذاب هنا الحد.
وما هو الحد؟ الحد للمحصنة للحرة؛ إن كانت محصنة بمعنى منكوحة فهو الرجم؛ «لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجم الغامدية»[[أخرجه مسلم (١٦٩٥ / ٢٣) من حديث بريدة بن الحصيب. ]]، وإن كانت غير محصنة فهو الجلد؛ لقول الله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ فما هو الحد للمحصنة الذي يمكن أن يتنصف في حق الأمة؟
* طلبة: الجلد.
* الشيخ: الجلد؟ والرجم؟
* طلبة: ما يتنصف.
* الشيخ: ما يمكن نرجمها نصف رجم؟ لا، لأن الرجم يحصل به الموت والموت لا يتنصف، فيكون المراد بـ: ﴿نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ المراد به خمسون جلدة، يكون المراد به خمسين جلدة، الحرة تعذب تعذيبًا آخر، وهو التغريب. والتغريب قد جاء في صحيح السنة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأبي العسيف: «عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٢٦٩٦)، ومسلم (١٦٩٨ / ٢٥) من حديث أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني. ]] وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ»[[أخرجه مسلم (١٦٩٠ / ١٢) من حديث عبادة بن الصامت. ]] ولكن العلماء اختلفوا في تغريب الحرة هل تغرب أو لا تغرب؟ فمنهم من قال: إنها لا تغرب؛ لأن التغريب إنما هو لصيانة الإنسان عن الزنا، والمرأة إذا غربت ربما يزداد زناها لا سيما إذا لم يكن معها محرم، فلا تغرب المرأة، فإذا لم تغرب قلنا: إن الأمة يكون عليها خمسون جلدة بلا تغريب؛ لأن الحرة لا تغرب، ولكن إذا قلنا بالقول الثاني إنها تغرب فإنه هل تغرب الأمة كما تغرب الحرة؟
قال بعض العلماء: تغرب نصف سنة، وقال بعض العلماء: لا تغرب؛ لأن تغريبها إضرار بمالكها وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام ١٦٤] ولكن هذا التعليل عليل؛ لأننا نقول: إذا قلنا بأن التغريب حد فإنه كما يكون إضرارًا بالسيد فالجلد إضرار بالسيد أيضًا، أليس كذلك؟ نعم هو إضرار بالسيد لأنها ربما تتأثر صحتها بذلك وستتأثر سمعتها بذلك وتنقص قيمتها، طيب إذا قلنا: إن التغريب يرجع إلى اجتهاد الإمام في الحرة وليس بحد واجب فإننا نقول أيضا يرجع التغريب في الأمة إلى اجتهاد الحاكم، فالصواب أن عليها نصف ما على الحرة من العذاب في الجلد والتغريب.
وإذا لم تحصن؟ ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ إذا لم تحصن فماذا عليها؟
قال بعض العلماء: ليس عليها شيء، عرفتم؟ لأن مفهوم الآية الكريمة أنها إذا لم تحصن فليس عليها شيء من العذاب والمفهوم واضح، وإذا سكت الله عن شيء فهو مما عفا عنه، ولا شك أن زنا من أحصنت أقبح من زنا من لم تحصن يعني من لم تتزوج.
وقال بعض العلماء: إذا أحصنت فعليها نصف ما على الحرة من العذاب وإذا لم تحصن فعليها العذاب كاملًا، إذا أحصنت فعليها نصف ما على الحرة من العذاب وإذا لم تحصن فعليها العذاب كاملًا، قال نأخذ بالآيتين: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ هذا عام في الحرة والأمة، خرج منه الأمة إذا أحصنت فعليها نصف ما على الحرة من العذاب وبقيت الأمة غير المحصنة يعني غير المزوجة كالبكر التي لم تتزوج من الحرائر، والبكر التي لم تتزوج من الحرائر كم؟ مئة جلدة، وعلى هذا فإذا أحصنت الأمة فزنت فعليها خمسون جلدة وإذا لم تحصن فعليها مئة جلدة، من أحق الناس بهذا المذهب؟ الظاهرية نعم، وهو كذلك، فإن الظاهرية قالوا بهذا، قالوا: ما لنا إلا الظاهر، ومن العلماء من قال: إذا أحصنت فعليها نصف ما على الحرة وإذا لم تحصن وجب تعذيبها بالجلد المطلق؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا زَنَتْ أَمَةٌ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٦٨٣٩)، ومسلم (١٧٠٣ / ٣٠) من حديث أبي هريرة بنحوه. ]] يعني: ولو بحبل، فقال: فليجلدها، وأطلق، فعلى هذا إذا زنت قبل أن تحصن وجبت عقوبتها بالجلد الذي ليس بحد، وهذا القول هو الصحيح أنها إذا تزوجت فعليها نصف ما على الحرة وهو خمسون جلدة.
ولا يمكن أن نقول: عليها نصف الرجم؛ لأنه لا يتبعض، وإذا لم تحصن فإنه يجب جلدها تعزيرًا لها؛ لأننا لو تركناها أيضًا مشكل، وأما القول بأنها إذا زنت قبل الإحصان فإنها ترجم أو فإنها تحد حدًا كاملًا؛ لأن الرجم لا يتأتى وهي لم تحصن بالنكاح، لكن يقول: إنه يجب أن تجلد الجلد الكامل، هذا القول ضعيف لا شك فيه، لأن علة التنصيف هو الإحصان أي التزوج فإذا زالت العلة زال الحكم.
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال الله سبحانه وتعالى في بيان شروط نكاح الأمة، قال: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ﴾ ﴿ذَلِكَ﴾ المشار إليه الحكم المذكور وهو جواز نكاح الإماء.
﴿لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ﴾ الجار والمجرور خبر المبتدأ؛ خبر ﴿ذَلِكَ﴾، والخبر محذوف، التقدير: ثابت أو كائن ﴿لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ﴾.
﴿خَشِيَ﴾ أي: خاف، والخشية والخوف يترادفان فيحل بعضهما مكان الآخر، لكنهم فرقوا بينهما بأن الخشية إنما تكون عن علم؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر ٢٨] وبأن الخشية يكون سببها عظم المخْشِيِّ، وإن كان الخاشي عظيمًا، وأما الخوف فسببه ضعف الخائف وإن كان المخوف ضعيفًا، فهي أقوى وأشد.
فقوله: ﴿خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ﴾ أي: خافها خوفًا مؤكدًا، أي: خافه خوفًا مؤكدًا.
و﴿الْعَنَتَ﴾ يعني المشقة، ومنه قوله تعالى: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ [التوبة ١٢٨] أي: ما شق عليكم.
وقوله: ﴿مِنْكُمْ﴾ بيان (لمن) في قوله: ﴿لِمَنْ خَشِيَ﴾.
﴿وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ الجملة مبتدأ وخبر، لكن المبتدأ مُؤَوَّل فإن معنى ﴿وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ أي: وصبركم، ومثلها قوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة ١٨٤] أي: وصومكم خير لكم، فالمبتدأ هنا هو المصدر المؤول من أن والفعل.
وقوله: ﴿تَصْبِرُوا﴾ أي: تحبسوا أنفسكم؛ لأن الصبر هو الحبس، تحبسوه عن أي شيء؟ عن نكاح الإماء حتى مع وجود الشرطين وهما: عدم استطاعة الطول، وخوف العنت خير لكم من أن تنكحوا الفتيات، والخيرية هنا مطلقة، وإذا أطلق الله سبحانه وتعالى الشيء صار عامًّا، أي: خير لكم على كل حال، لكن إن عجز الإنسان عن الصبر فالأمر واسع.
﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ خَتْمُ الآية بهذين الاسمين الكريمين (الغفور الرحيم) تشير إلى أنه يجب على الإنسان أن يتحرز في هذه المسألة احترازًا بالغًا لئلا يقع في الإثم، وأن الله سبحانه وتعالى إنما أباح لنا ذلك من أجل أنه موصوف بهذين الوصفين اللذين دل عليهما الاسمان الكريمان وهما المغفرة والرحمة.
والمغفرة هي ستر الذنب والتجاوز عنه، مأخوذة من (المغفر) وهو ما يوضع على الرأس من الحديد من أجل وقاية الرأس السهام، ويحصل به ستر ووقاية؛ فالمغفرة مشتملة على هذين المعنيين: الستر والوقاية من العذاب، فليست سترًا فقط ولا وقاية من العذاب فقط، بل ستر ووقاية.
وأما (الرحمة) فهي صفة من صفات الله عز وجل تقتضي الإحسان للخلق ودفع الضرر عنهم، والله سبحانه وتعالى سمى نفسه بـ (الرحمن) وبـ (الرحيم) ووصف نفسه بأنه ذو الرحمة ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ﴾ [الكهف ٥٨] وهي صفة مستقلة عن الإرادة وعن الإحسان، فهي عند السلف وأئمة أهل السنة صفة زائدة أو مستقلة عن الإرادة أو الفعل.
وحرَّف معناها من لا يرى ثبوت الرحمة لله، ويقال: إن المراد بالرحمة إرادة الإنعام أو الإنعام نفسه، وإنما حرفوها إلى هذا المعنى؛ لأنهم يثبتون الإرادة، فقالوا: إرادة الإحسان أو الإحسان نفسه؛ لأن الإحسان نفسه منفصل عن الذات فلا يمتنع عندهم وقوعه من الله عز وجل، وهؤلاء هم الأشاعرة، وفي الحقيقة أنهم لو رجعوا إلى أنفسهم لوجدوا أن تفسيرهم الرحمة بهذا يستلزم ثبوت الرحمة؛ لأن إرادة الإحسان لا تكون إلا رحمة بمن استحقه ومحبة للإحسان، والإحسان المنفصل عن الله لا يكون إلا من آثار الرحمة، فعلى كل حال مذهبنا -ولله الحمد- مذهب أهل السنة والجماعة أن كل ما سمى الله به نفسه أو وصف به نفسه فهو ثابت له على وجه الحقيقة لكن بدون تمثيل وبدون تكييف.
* هذه الآية الكريمة فيها فوائد: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا﴾ إلى آخره؛ أولا: الحث على تزوج الحرائر المؤمنات، وجه ذلك أن الله لم يرخص في العدول عن نكاحهن إلا لحاجة وعذر؛ لقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ﴾.
* ومن فوائدها: أنه لا بد في النكاح من مال؛ لقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا﴾.
* ومن فوائدها: أنه لا ينبغي لمن لم يستطع الطول أن يستدين بل يعدل إلى طريق آخر دون الطول الذي عجز عنه؛ لقوله: ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ ويؤيد ذلك من السنة «قصة الرجل الذي طلب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يزوجه الواهبة نفسها للرسول صلى الله عليه وآله وسلم حين قال: زوجنيها. فطلب منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم المهر، فقال: ليس عندي شيء، ولا خاتم من حديد.» -ولم يقل: استقرض- «بل سأله: هل معه شيء من القرآن؟ قال نعم. قال: «زَوَجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٥٠٢٩)، ومسلم (١٤٢٥ / ٧٦) من حديث سهل بن سعد.]]. ويؤيد ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور ٣٣]، ويؤيدها أيضًا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وُجَاءٌ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٥٠٦٦)، ومسلم (١٤٠٠ / ١) من حديث عبد الله بن مسعود.]].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه يجوز للحر أن يتزوج الأَمَةَ بالشرطين المذكورين: ألا يجد طولة حرة مؤمنة ﴿الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ فله أن يتزوج الفتيات المؤمنات كما سيذكر إن شاء الله.
* ومن فوائدها: أنه لو قدر على مهر حرة كتابية لا حرة مؤمنة فله أن يتزوج الفتاة المؤمنة، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾؛ فإذا كان الإنسان عنده خمسة آلاف ريال لا تكفي لنكاح الحرة المؤمنة ولكنها تكفي لنكاح الحرة الكتابية أو لنكاح الأمة فهل يعدل إلى نكاح الأمة؟ أو يجب أن يتزوج من الحرة الكتابية؟ الأول؛ يعني له أن يعدل إلى نكاح الأمة المؤمنة دون الحرة الكتابية، هذا ظاهر القرآن.
وقال بعض العلماء: بل الحرة الكتابية أولى من الأمة المؤمنة؛ وذلك لأن أولاد الحرة الكتابية ينشؤون على أنهم أحرار وأولاد الأمة المؤمنة ينشؤون على أنهم أرقاء مملوكين لسيدها، وهذا الثاني هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، أنه لو قدر على نكاح الأمة أو نكاح كتابية فإنه لا يجوز أن يتزوج الأمة بل يتزوج الكتابية.
ولكن ظاهر القرآن مقدم؛ لأن الله تعالى قال: ﴿وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾ [البقرة ٢٢١] ولأن الكتابية لا يؤمن أن تضل زوجها لا سيما إذا كانت ذات شهادة عالية وليس عنده مثل هذه الشهادة أو كانت فصيحة اللسان قوية البيان؛ فإنها قد تؤثر على الزوج فيرتد فيكون يهوديًّا أو نصرانيًا لا سيما أيضًا إذا كان عندها مال وهو فقير فإنها تؤثر عليه، وإذا لم تؤثر عليه ربما تؤثر على أولاده؛ ولهذا كان ظاهر القرآن هو الواجب الاتباع أن نقول: إذا قدر على مهر حرة كتابية أو مهر أمة دون حرة مؤمنة فالواجب أن يقدم الأمة؛ لأن الله قال: ﴿الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: نقص مرتبة الرق عن مرتبة الحرية، وهو كذلك فإن الرقيق مملوك يباع ويشترى ولا يملك نفسه، يدبر حتى إنه إذا قتل فإن ديته قيمته وليست دية الحر، فتختلف الديات باختلاف صفات المقتولين ربما يكون عبدًا إذا قتل تكون ديته مليون ريال وعبد آخر تكون ديته عشرة ريالات، أليس كذلك؟ إي نعم، فلهذا لا شك أن مرتبة الحرية أعلى من مرتبة الرق.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا يحل لمن لا يجد طول المؤمنة -الحرة المؤمنة- أن يتزوج أمة كتابية، من أين يؤخذ؟ من قوله: ﴿فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ فلا يحل أن يتزوج أمة كتابية إذا عجز عن طول الحرة المؤمنة، إذا لم يعجز عن طول الحرة المؤمنة فهل يتزوج أمة كتابية؟ من باب أولى، وبهذا تبين أن الأمة الكتابية لا يحل للمؤمن تزوجها، ويؤيد هذا قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [المائدة ٥] فالمحصنات هنا الحرائر، ويحتمل أن يكون المراد بها العفيفات عن الزنا لكن هذه الآية تدل على أن المراد الحرائر وأن الإماء من أهل الكتاب لا يحل تزوجهن مطلقًا.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات علم الله عز وجل لما كان غيبًا خفيًّا؛ لقوله: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ﴾.
* ومن فوائدها: جواز استعمال صيغة التفضيل في صفات الله عز وجل، فيقال: الله أعلم، الله أكبر، الله أعز، الله أعظم. وما أشبه ذلك خلافًا لمن قال: إن هذا لا يجوز، وإنه يجب أن يفسر اسم التفضيل باسم الفاعل فيقول هذا القائل: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ﴾ أي: عالم بإيمانكم وما علم هذا القائل أن قوله: والله عالم بإيمانكم. أدنى من قوله: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ﴾؛ لأن عالم اسم فاعل لا تمنع المشاركة في الوصف ولا في الرتبة، لكن (أعلم) اسم تفضيل تمنع المشاركة في الرتبة، وهذا من الأفهام الخاطئة أن نجعل اسم التفضيل بالنسبة لصفات الله بمعنى اسم الفاعل؛ لأن هذا لا شك أن فيه نقصًا عما أراد الله عز وجل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الملك، الملك الذي هو الرق؛ لقوله: ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ وهذا الحكم ثابت إلى يوم القيامة لا يمكن أن يرفع بأي حال من الأحوال، متى وجدت أسبابه الشرعية فإنه ثابت، نعم إذا لم توجد مثل أن ينهب الإنسان؛ من بني آدم من ينهب ويأتي بهم إلى أسواق الناس يبيعهم، فهنا لا يمكن أن نثبت الرق بهذا الطريق، لكن إذا ثبت الرق بطريق شرعي فإنه ثابت ولا يمكن رفعه؛ لقوله: ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾.
وهنا نسأل: هل ملك الإنسان لما يملك من آدمي أو بهيمة أو عقار أو غيرها هل هو ملك تام؟ الجواب: لا، ليس ملكًا تامًا؛ ولذلك لا يتصرف الإنسان فيما يملك كما يحب، بل تصرفه مقيد بالشرع ولكن العلماء رحمهم الله جعلوا من ملك التصرف الذي جُعل له على وجه كامل جعلوه مالكًا، ومن ملكه على وجه مقيد جعلوه مستأجرًا مثلًا أو مستعيرًا أو ما أشبه ذلك.
* ومن فوائد الآية الكريمة: جواز إطلاق البعض على الكل، من أين تؤخذ؟
* طالب: أعلم بإيمانكم.
* الطلبة: (...).
* الشيخ: ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ من ما ملكت أيمانكم، والمراد: مما ملكتم؛ لأن اليد وحدهما لا تملك.
* ومن فوائد الآية الكريمة: استعمال ما يكون سببًا لقبول الحكم وهو ما يمكن أن نعبر عنه بتخفيف الأمر على المحكوم عليه؛ لقوله: ﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ وذلك أن العرب كانوا يأنفون أنفة كبيرة بالنسبة للأرقاء ويرون أن من نكح رقيقة شيئًا فاحشًا عظيمًا، يقول: الرقيقة مملوكة والبعير مملوكة، فإذا نكحت الرقيقة فهو؟
* طلبة: كالبعير.
* الشيخ: إي نعم، يرونها كبيرة جدًّا؛ ولهذا أرشد الله إلى هذا الأمر بقوله: ﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ لتهوين الأمر على الناس، فيؤخذ من هذا أنه ينبغي للمتكلم أن يخاطب المخاطب بما يهون عليه الحكم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: اشتراط إذن الأهل في تزويج الإماء؛ لقوله: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾.
* ويترتب على هذه الفائدة فائدة أخرى وهي: أن المرأة لا تزوج نفسها.
فإن قال قائل: هذا ظاهر فيما إذا كانت أمة أنها لا تزوج نفسها لأنها مملوكة لكن إذا كانت حرة؟ نقول: إذا كانت حرة فهناك أدلة أخرى تدل على أنها لا تزوج نفسها وأنه لا بد من ولي.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الأمة تملك مهرها؛ لقوله: ﴿وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ والمراد بها المهور، وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم وقال: إن مهر الأمة لها؛ لأنها تحتاج للتزين لزوجها ولإعداد المكان، البيت، المطبخ وغيره للزوج، فلا يكون مهرها لسيدها؛ لأن هذا مما تتعلق به حاجاتها، ولكن جمهور أهل العلم على خلاف ذلك على أن مهر الأمة لسيدها؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٢٣٧٩)، ومسلم (١٥٤٣ / ٨٠) من حديث عبد الله بن عمر.]].
قالوا: وإضافة الأجور إليهن من باب الاختصاص أو من باب مراعاة السبب؛ لأنهن هن السبب في هذا المهر، لولاها ما حصل المهر لسيدها، وهذا أقرب إلى القواعد الشرعية العامة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الرجوع إلى العرف، من أين تؤخذ؟
* طالب: من قوله ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾.
* الشيخ: تؤخذ من قوله: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ وهذا قاعدة في الشيء الذي لم يحدده الشرع أن نرجع فيه إلى العرف.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: اشتراط أن يكون النكاح نكاح إحصان؛ لقوله: ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ ونكاح الإحصان هو ما تمت شروطه، يعني: هو الذي تمت شروطه وانتفت موانعه، هذا هو نكاح الإحصان، فإن لم تتم شروطه فهو سفاح، وإن وجدت موانعه فهو سفاح، مثال الأول: لو تزوج امرأة مكرهة فهذا النكاح سفاح لفوات الشرط، ومثال الثاني: لو تزوج امرأة في عدتها فهنا النكاح سفاح لوجود المانع وهو العدة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الإحصان يطلق على العفة، من أين يؤخذ؟ من قوله: ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ﴾، فجعل المسافحة مقابل الإحصان.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تحريم اتخاذ الأخدان من الرجال؛ لقوله: ﴿وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ حتى وإن لم يحصل الزنا، فإن اتخاذ الأخدان الأصحاب والأصدقاء سبب للزنا؛ ولهذا نهي عن الخلوة بالمرأة خوفًا من ذلك ونهي أن تخضع بالقول خوفًا من ذلك.
* ويتفرع على هذه الفائدة: بيان ما عليه المجتمع الغربي من مجانبة الأخلاق حيث إن كثيرًا منهم يكون لهم صاحبة وصديقة يخرج معها ويبيت عندها وتبيت عنده، لكن لا يجامعها؛ نظرًا لأنهم لا يستحلون الجماع إلا بعقد نكاح وربما يجامعها، ومعلوم أن الإنسان إذا خلا بامرأة وأطال معها المقام والحديث فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم يغويهما جميعًا ويحصل الشر.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الأمة إذا زنت فإنها تحد؛ لقوله: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾.
* ومنها: أنه لا حد عليها إلا بعد الإحصان؛ لقوله: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ﴾ فإن زنت قبل الإحصان فلا حد عليها وإنما تجلد جلد تعزير، وأما ما ورد في بعض رواية مسلم «فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ»[[أخرجه البخاري (٢٢٣٤) من حديث أبي هريرة. ]] فقد ذكر أهل العلم إن هذه الكلمة (الحد) وهم من الراوي كأنه توهم أنه لا جلد إلا بحد فقال: «فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ»، ويدل لهذا أنه في الرواية الأخرى: «فَلْيَجْلِدْهَا»[[أخرجها البخاري (٢١٥٢) من حديث أبي هريرة. ]] دون أن يقيد ذلك بالحد، وهذا هو ظاهر القرآن إنه لا حد عليها إلا إذا أحصنت، أما قبل ذلك فعقوبتها التعزير.
ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا رجم على الأمة إذا زنت ولو بعد أن تتزوج، وجه ذلك أن الرجم لا يتنصف، والله عز وجل قال: ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾؛ ولهذا اشترط العلماء للرجم أن تكون الزانية حرة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الأمة إذا زنت بعد الإحصان تغرب نصف سنة؛ لعموم قوله: ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ وهذا مبني على ثبوت التغريب للمرأة الحرة وهو موضع خلاف بين العلماء، فإن من العلماء من يقول: التغريب إنما هو للرجل فقط دون للمرأة، وعلل ذلك بأن تغريب المرأة إغراء لها بالمفسدة؛ لأنها إذا غربت انفردت عن أهلها ومن يراقبها وصار لها من الشر أعظم مما لو كانت عند أهلها، فقال: لا تغرب الحرة، وعلى هذا القول لا تغرب الأمة من باب أولى، ثم على القول بأن الحرة تغرب كما هو ظاهر حديث عبادة بن الصامت «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ»[[أخرجه مسلم (١٦٩٠ / ١٣)، وأبو داود (٤٤١٥) من حديث عبادة بن الصامت بنحوه. ]] يبقى النظر؛ هل تغرب الأمة أو لا؟ إن أخذنا بعموم قوله: ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ فما الحكم؟
* طالب: فإنها تغرب نصف سنة.
* الشيخ: فإنها تغرب نصف سنة، وإن قلنا بأن لدى الأمة مانع من التغريب وهو حق السيد؛ لأنها إذا غربت فقد تهرب ولا ترجع إلى سيدها، ثم إن لديها من ضعة المكانة أو دنو المكانة ما لا يمنعها من الفاحشة بخلاف الحرة؛ فلهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا تغريب في حق الإماء ولا في حق العبيد للسبب الذي ذكرنا أن تغريبهم يغريهم في فعل الفاحشة؛ لأنهم دون الأحرار في الشرف ولا يهمهم أن يفعلوا الفاحشة، وهذا القول قوي، قوي جدًّا أنها لا تغرب.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه يشترط لجواز نكاح الإماء أن يلحق الإنسان مشقة بترك ذلك؛ لقوله: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: حسن الترتيب في سياق القرآن؛ لأن الله سبحانه وتعالى ذكر مسألة الزنا بين ذكر الشروط في نكاح الأمة للإشارة إلى أن عند الأمة من دنو المنزلة ما لا يمنعها من الزنا، فهذا من جملة النهي عن نكاح الإماء إلا بالشروط، إذن يشترط شرطان؛ الشرط الأول: أن لا يجد مهر حرة مؤمنة، والشرط الثاني: أن يخاف المشقة بترك النكاح، واشترط بعض العلماء أن لا يجد ثمن أمة، قال: فإن وجد ثمن أمة فإنه لا يحل أن يتزوج الأمة، وأخذ هذا الشرط من المعنى -وإن كان لا يوجد في الآية الكريمة- لكن أخذه من المعنى فقال: إذا كان قادرًا على ثمن الأمة فإنه يشتري أمة ويطؤها بملك اليمين لا بالنكاح، والوطء بملك اليمين شرف وعز حتى عند العرب، ثم إنه إذا أتت منه بولد فالولد حر ليس عبدًا، فاشترط بعض العلماء ومنهم فقهاء الإمام أحمد -رحمهم الله- اشترطوا أن يعجز عن ثمن الأمة، فإن قدر على ثمن الأمة اشتراها، ولنضرب لهذا مثلًا: مهر الحرة المؤمنة عشرة آلاف، مهر الكتابية ثمانية آلاف، قيمة الأمة ستة آلاف، مهر الأمة خمسة آلاف مثلًا هو قادر الآن، عنده ستة آلاف، تحقق الشرط الأول وهو عدم القدرة على مهر الحرة لكن هنا يستطيع أن يشتري أمة ويتسراها، فهل نقول: لك أن تعدل عن هذا فتتزوج أمة بخمسة آلاف؟ إن قلنا: إنه شرط، قلنا: لا تملكها، اشتري أمة وتسرها، وإن قلنا: إنه ليس بشرط -كما هو ظاهر القرآن- قلنا: أنت مخير؛ إن شئت اشترى وإن شئت فلا تشتري؛ لأنه قد يقول: أنا إذا اشتريت أمة صار علي من الواجبات ما ليس على فيما لو كانت زوجة، لأنه إذا كانت زوجة ولم يقدر الله بينهما ألفة، فماذا يصنع؟ يطلقها ويتولاها سيدها، لكن إذا كانت أمة له وأتت منه بولد فماذا يصنع؟ على المشهور من المذهب أنه لا يجوز بيعها، معناه أنه يلزم بالإنفاق عليها وهو لا يريدها، فيقول: أنا لا أريد أن أتسرى زوجة؛ لأنه قد يلحقني من الواجبات ما لا يلحقني فيما لو كانت زوجة.
وعلى كل فالأخذ بظاهر القرآن أولى، أن نقول: إن الشرط أيش؟ ألا يقدر على مهر الحرة، وأنه لو قدر على ثمن الأمة فإن له أن يتزوج الأمة.
* من فوائد الآية الكريمة: أن الصبر عن نكاح الإماء أولى من نكاحهن وإن جاز ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾.
* ومنه: أن المباح قد يكون مستوي الطرفين كما هو الأصل، وقد يكون مرجوحًا كما هنا؛ لأن الله تعالى أحل لنا نكاح الإماء بالشرطين لكن قال: ﴿وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾.
* ومنها: أن الأمر بالشيء قد يستفاد من الثناء على فاعله؛ لقوله: ﴿وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ فكأنه قال: اصبروا، لكنه جعله على وجه الترغيب.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات هذين الاسمين لله عز وجل وما تضمناه من صفة وهما: الغفور الرحيم.
* طالب: شيخ، المقاتلة الدائرة الآن بين المسلمين واليهود في فلسطين هل تحل أخذ نسائهم وجعلهم إماء؟
الشيخ: ما تقولون؟ هو لو قامت حرب حلت، لو قامت الحرب فإنها تحل، أما الآن فلا تحل، اللهم إلا لو دخل قوم لهم شوكة في بلاد اليهود واستحلوا النساء فهذا يصح.
* طالب: الصرب؟
* الشيخ: لا، الصرب حرب، الصرب قائم علي الحرب بينهم وبين المسلمين، حتي اليهود الظاهر إنه إن لم يكن معاهدة فالأصل الحرب.
* طالب: معاهدة صورية.
* الشيخ: (...) عفي عن سبعة منهم ونصب بدلهم عشرة.
* * *
* الشيخ: (...) بسم الله الرحمن الرحيم، ولأن الكتابية لا يؤمن أن تضل زوجها لا سيما إذا كانت ذات شهادة عالية، وليس عنده مثل هذه الشهادة أو كانت فصيحة اللسان قوية البيان فإنها قد تؤثر على الزوج فيرتد فيكون يهوديًّا أو نصرانيًّا، لا سيما أيضًا إذا كان عندها مال وهو فقير فإنها تؤثر عليه وإذا لم تؤثر عليه فربما تؤثر على أولاده، ولهذا كان ظاهر القرآن هو الواجب اتباعه أن نقول: إذا قدر على مهر حرة كتابية أو مهر أمة دون حرة مؤمنة فالواجب أن تقدم الأمة. الصواب أن يقال: فإنه مخير؛ لأن الحرة الكتابية يجوز أن يتزوجها.
(فإنه يخير) بدل (فالواجب أن يقدم الأمة).
* طالب: الاستدلال؟
* الشيخ: الاستدلال في الإباحة.
طالب: (...).
الشيخ: (فإنه يخير) لأن الله قال: ﴿الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ بدل (فالواجب أن يقدم الأمة)، نكتب (فإنه يخير) وما بعدها.
* طالب: والآية؟
* الشيخ: الآية تقول: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ ﴿مِنْ فِتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ يعني: فانكحوا مما ملكت أيمانكم.
فإن استطاع طولًا، لكن طول حرة كتابية فهو الآن مخير، إن شاء تزوج الحرة الكتابية؛ لأنه يجوز أن يتزوجها بكل حال، وإن شاء تزوج الأمة؛ فيكون الفرق بين المؤمنة والكتابية هنا أنه إذا قدر علي مهر مؤمنة حرمت عليه الأمة، وإذا قدر علي مهر حرة كتابية فهو مخير.
* طالب: إذا قدر على حرة مؤمنة جاز له.
* الشيخ: لا، ما يجوز يتزوج أمة.
* الطالب: الكتابية.
* الشيخ: خلي الكتابية، ما تعرضتها الآية، لكن الإخوان ممكن يشكل عليهم قيد الإيمان، نقول: هذا الفائدة إذا قدر علي مهر حرة مؤمنة حرمت عليه الأمة، إذا لم يقدر علي مهر حرة مؤمنة حلت له الأمة.
بقينا الحرة الكتابية حلال له من الأصل، وحينئذ يخير بين أن يتزوج الحرة الكتابية باعتبار أنها حلال له في الأصل، أو يتزوج الأمة، بخلاف ما لو قدر علي مهر حرة مؤمنة فإنه لا يحل أن يتزوج الأمة، ويكون الفرق بين هذا وهذا هو أنه إذا قدر على مهر حرة مؤمنة حرم عليه نكاح الكتابية، وإذا قدر على مهر حرة كتابية جاز أن يتزوج الأمه؛ لمفهوم الآية: ﴿أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾، ويكون الله عز وجل قد خير الإنسان فيما إذا وجد مهر حرة كتابية أو مهر أمة بين الأمرين أخذًا بمفهوم الآية.
ثم هل يقدم الأمة المسلمة أو الحرة الكتابية؟ ينظر للمصلحة نأخذ بدلالة الآية بقطع النظر عن خلاف العلماء؛ قد يكون من المصلحة أن يتزوج حرة كتابية وقد يكون بالعكس، إلا إذا اشترط أن أولاده من الأمة أحرار فهنا تتعين الأمة.
* طالب: لكن ما يشكل علي هذا قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ﴾ [البقرة ٢٢١] وقوله ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ [النساء ١٤١] ؟
* الشيخ: لا، الله قال: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ﴾ قالها في سورة البقرة، وفي سورة المائدة ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [المائدة ٥] والمائدة من آخر ما نزل من السور، بعد البقرة.
* طالب: (...) خيرنا بين كافر ومؤمن؟
* الشيخ: ما يخالف حتى لو فرضنا إن عنده مهر حرة مؤمنة ومهر حرة كتابية فهو بالخيار إن شاء أخذ حرة مؤمنة وإن شاء أخذ حرة كتابية.
* طالب: شيخ، (...) سيدها ؟
* الشيخ: إذا اشترط حريتهم فالظاهر إنه في هذه الحال يزول المحظور إلا فيما إذا وجد مهر حرة مؤمنة، فالصحيح أنه لا يجوز أن يتزوج الأمة ولو اشترط حرية أبنائها خلافًا لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
* طالب: قوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة ٥] مَنِ الذين أوتوا الكتاب من قبل؟
* الشيخ: الذين أوتوا الكتاب من قبل يعني اليهود والنصارى.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، لأنهم قبلهم؛ بيان للواقع، لئلا يظن كل من معه كتاب ولو ممن يدعي أن معه كتاب كالمجوس مثلًا يقولون: إن لهم كتابًا رفع، وأن لهم شبهة كتاب. والصحيح أن ما لهم شبهة كتاب، وأنهم هم لا يحل نكاح نسائهم، وأن أخذ الجزية منهم كما ثبت في البخاري[[أخرجه البخاري (٣١٥٧) من حديث عبد الرحمن بن عوف.]] من أجل أنها تؤخذ من كل كافر.
* طالب: يا شيخ في قوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [المائدة ٥] يقول بعض العلماء: إن المؤمنات هنا على سبيل الغالب والمقصود يعني المحصنات مطلقًا يشمل الكتابية وغير الكتابية، فهل هذا صحيح؟
* الشيخ: لا، ما هو صحيح، لأنه فرق بين المؤمن والكافر، فرق بين المؤمن والكافر.
* الطالب: على هذا القول يحل له أن يتزوج الكتابية وليس بالخيار، ولا يجوز له إذا كان معه مهر حرة كتابية لا يجوز له أن يأخذ أمة مؤمنة؛ لأن الله عز وجل اشترط المحصنات.
* الشيخ: لا، المؤمنات.
* الطالب: المؤمنات، يقول: على سبيل التغليب.
* الشيخ: لا ما هو صحيح، ما نوافق على هذا.
* الطالب: كيف نرد هذا؟
* الشيخ: نرد بأن الأصل في القيد الاحتراز.
الطالب: بدون يا شيخ الآية الأخرى الله عز وجل أحل المحصنات الكتابيات؟
* الشيخ: الكتابيات، نعم يحل ولهذا ما منعناه، قلنا له: إذا كان عندك مهر حرة مؤمنة حرمت عليك الأمة حرم عليك نكاح الأمة، إذا كان معك مهر حرة كتابية فظاهر الآية يجوز لك أن تتزوج الأمة.
* طالب: شيخ الله عز وجل سوى بين المحصنة المؤمنة والمحصنة الكتابية؟
* الشيخ: وين هو فيه؟
* الطالب: في الآية ﴿أُحِلَّ لَكُمُ﴾ ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ﴾.
* الشيخ: ما يخالف، هذا في نكاح الأصل، لكن في نكاح الأمة، يعني تحول الإنسان من نكاح الحرة إلى نكاح الأمة اشترط الله عز وجل أن لا يجد مهر حرة مؤمنة، فإن وجد مهر حرة كتابية فظاهر الآية أنه يجوز أن يتزوج الأمة.
* طالب: شيخ -أحسن الله إليك- الأمة ما هي أعلى مرتبة من الحرة الكتابية؟
* الشيخ: كل واحدة أعلى من الأخرى من وجه؛ هذه من جهة الإسلام أعلى، وهذه من جهة الحرية أعلى، الحرة الكتابية إذا تزوجها فأولاده أحرار، والأمة المسلمة إذا تزوجها فأولاده أرقاء.
* الطالب: يعني هذا من الوجه الذي قلت؟
* الشيخ: كل واحدة أعلى من الأخرى من وجه.
* طالب: أليس التزوج من امرأة (...)؟
* الشيخ: هذه مسألة ثانية، ما هي داخلة في الموضوع.
* طالب: فضيلتكم، أنه لا بد في النكاح من المال في النكاح، «والرسول ﷺ زوج رجلًا بما معه من القرآن»؟
* الشيخ: إي، لأنه لم يجد مالًا فزوجه بما معه من القرآن ليعلم المرأة، والتعليم عوض يؤخذ عنه المال.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: إي نعم.
* طالب: بارك الله فيك، يا شيخ، تزوج (...) أمة، هذا الثمن يستطيع أن يشترى به أمة وهذا الثمن يستطيع به أن يتزوج أمة لكن ما يستطيع به أن يتزوج حرة؟
* الشيخ: يعني معناه أنه يستطيع أن يحصل أمة بالملك أو بالتزويج، كذا؟
* طالب: موجودة بالتفصيل.
* الشيخ: إي موجودة، لكن على كل حال يشتري الأمة، لأنه سيطؤها بملك اليمين ويكون أولاده أحرارًا.
* طالب: وجوبًا يا شيخ؟
* الشيخ: المذهب وجوبًا، فيه قول ثان: لا.
* طالب: (....) الصح فيهم، يا شيخ؟
* الشيخ: نحن ذكرنا في الشرح، قلنا: كل واحد فيه عيب، الأمة قد يكون أنا إذا اشتريتها أُلزمت بنفقتها وأُتعبت بها، والزوجة أطلقها وأفتك منها كما في البحث واضح.
* طالب: إذا تزوج أمة يا شيخ ثم الولد الذى يأتي منها يكون عبدًا رقيقًا.
* الشيخ: رقيق لمالكها.
* الطالب: إي نعم، يا شيخ لما حملت أعتقت، فهل يكون الجنين حرًّا أو عبدًا؟
* الشيخ: يتبع أمه ما لم يشترط.
* الطالب: (...)؟.
* الشيخ: إي نعم، يتبع أمه.
* طالب: نقول: إنه بالنسبة للإشكال (...) ابنها (...) يروحون يهزؤونه الناس، يعني بيصير إشكال؟
* الشيخ: إي، يقولون له: يا ولد العبدة، ولهذا اشترط الله عز وجل هذه الشروط.
* طالب: قوله تعالى: ﴿وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ﴾ من باب أولي، الحرة أولي.
* الشيخ: إى نعم، ما في شك.
* الطالب: ومطلق الخيرية تشمل الحرة والعبدة؟
* الشيخ: إحنا ذكرنا في التفسير أظن قولين، أتذكرون؟ هل المراد بالأمة الرقيقة أو الحرة، لأن الرسول ﷺ قال: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٩٠٠)، ومسلم (٤٤٢ / ١٣٦) من حديث عبد الله بن عمر.]] وكذلك العبد هل هو الرقيق أو العبد المؤمن؟ لأن المؤمن عبد من عباد الله، وأيًّا كان فلا شك أنه مسلم ولو كان عبدًا رقيقًا خير من مشرك.
* الطالب: التفصيل التي ذكرناه على حسب المصلحة الخيرية اللي في الآية مطلقة؟
* الشيخ: إى لكن -بارك الله فيك- الآية التي في سورة البقرة المشركات لسن نساء أهل الكتاب، أهل الكتاب ما يعدوا من المشركين ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ﴾ [البينة ٦] أهل الكتاب لهم أحكام خاصة، ولهذا تحل ذبيحتهم، والمشرك لا تحل ذبيحته.
* طالب: من خشي أن يتزوج امرأة مشركة حرة كتابية خوفًا من أن يُسْتَرَقَّ أبناؤه؟
* الشيخ: ما يمكن يسترقه.
* الطالب: ربما تذهب إلى بلاد الكفر؟
* الشيخ: لا، يمنعهم، له الحق أن يمنعهم ما يجوز أن تسافر إلى بلاد أهل الكتاب.
{"ayah":"وَمَن لَّمۡ یَسۡتَطِعۡ مِنكُمۡ طَوۡلًا أَن یَنكِحَ ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ فَمِن مَّا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُم مِّن فَتَیَـٰتِكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِیمَـٰنِكُمۚ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضࣲۚ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذۡنِ أَهۡلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ مُحۡصَنَـٰتٍ غَیۡرَ مُسَـٰفِحَـٰتࣲ وَلَا مُتَّخِذَ ٰتِ أَخۡدَانࣲۚ فَإِذَاۤ أُحۡصِنَّ فَإِنۡ أَتَیۡنَ بِفَـٰحِشَةࣲ فَعَلَیۡهِنَّ نِصۡفُ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ مِنَ ٱلۡعَذَابِۚ ذَ ٰلِكَ لِمَنۡ خَشِیَ ٱلۡعَنَتَ مِنكُمۡۚ وَأَن تَصۡبِرُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۗ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق