الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ ﴿حُرِّمَتْ﴾ مَن المحرِّم؟ الله عز وجل، وحذف الفاعل للعلم به، وأصل الحرام في اللغة: المنع، ومنه حريم البئر؛ وهو ما حولها مما يكون حماية لها ويمنع غير مالكها من تملكه، فأصل الحرام في اللغة: المنع؛ أي: مُنعتم من أمهاتكم.
﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ و(أمهات) جمع أُمٍّ أو أُمَّهة، ويقال في جمع أُمٍّ في العاقل: أمهات، وفي غير العاقل: أُمَّات؛ بحذف الهاء؛ فيقال: هذه الشياه أُمَّات هذه الأطفال أطفال الشياه.
وقوله: ﴿أُمَّهَاتُكُمْ﴾ يشمل الأُم الدنيا، والأُم العُليا؛ كالجدة، وأم الجدة، وأم الأب، وأم الأم، وأم الجد، وأم الجدة، المهم أن نقول فيها كما قلنا في قوله: ﴿آبَاؤُكُمْ﴾؛ يعني أنها تشمل القريب والبعيد من الأمهات من جهة الأب ومن جهة الأم.
﴿وَبَنَاتُكُمْ﴾ البنات جمع بنت، ويشمل البنت، وبنت الابن، وبنت البنت وإن نزلن، ويشمل أيضًا البنت من الزنى على قول جمهور أهل العلم وإن كانت لا تُنسب إليه شرعًا لكنها خُلقت من مائه، فهي على القول الراجح داخلة كما سنبينها إن شاء الله في الفوائد .
﴿وَأَخَوَاتُكُمْ﴾ مَن الأخوات؟ الأخوات جمع أخت، وهن فروع الأب الأدنى.
﴿وَعَمَّاتُكُمْ﴾ جمع عمة، وهن فروع الأب الأعلى؛ يعني: فروع الجد، فروع أب الجد، وفروع جد الجد، وهلُمَّ جرًّا، وليعلم أن عمة الرجل عمة له ولذريته من بنين وبنات، انتبه لهذا، عمة أبيك عمة لك ولأولادك وبناتك وأولاد أبنائك وأولاد بناتك.
﴿وَخَالَاتُكُمْ﴾ مَن الخالة؟ الخالات فروع أب الأم وإن علا، والعمات فروع أب الأب، والخالات فروع أب الأم؛ يعني: أخوات أمك.
﴿وَبَنَاتُ الْأَخِ﴾ وإن نزلن، ويشمل الأخ الشقيق والأخ لأب والأخ لأم. ما نسبتك إلى بنات الأخ؟ عمٌّ؛ وبنات الأخت؟ تكون خالا لهن، فبنات الأخوات حرام على الإنسان وإن نزلن.
انتهى المحرمات من النسب وهن سبع كما يظهر ذلك: أمهاتكم، وبناتكم، وأخواتكم، وعماتكم، وخالاتكم، وبنات الأخ، وبنات الأخت؛ هذه سبع محرمات بالنسب.
ويقال في حصرهن على طريق الفقهاء: الأصول، والفروع، وفروع الأصل الأدنى وإن نزلن، وفروع الأصل الأعلى دون فروعهم، واضح؟ الأصول مثل الأمهات والجدات، الفروع كالبنات وإن نزلن، فروع الأصل الأدنى وإن نزلن هؤلاء الأخوات وإن نزلن: بنات الأخوات، فروع الأصل الأعلى لصلبهم خاصة: العمات والخالات، لكن لصلبهم خاصة يعني دون من نزل؛ فبنت العمة مثلًا حلال، بنت الخالة حلال، هذا على طريق الفقهاء.
أما على طريق العد الذي هو أفصح شيء وهو كلام الله عز وجل فلا يحتاج إلى كبير تأمل، لا يحتاج إلى كبير تأمل، ولذلك لو تقول للعامي: يحرم عليك نكاح الأم والبنت والأخت والعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت؛ ذهب مطمئنًّا متضحًا له الأمر، لكن لو تقول: يحرم عليك الأصول والفروع؛ يقول ويش الأصول والفروع؟ وفروع الأصل الأدنى وإن نزلن، وفروع الأصل الأعلى لصلبهم خاصة دون من نزل؛ قال هذا شيء معقد، ذهب يطلب ترجمة لهذا الشيء، ولذلك -سبحان الله العظيم- القرآن أبلغ شيء مهما كان، مهما تكلم أحد في بلاغته فإن القرآن أبلغ منه وأوضح وأبين.
ثم قال عز وجل: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ هذا صنف آخر؛ لأن المحرمات أصناف: بالنسب، بالرضاع، بالمصاهرة، فيقول هنا: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ والرضاع معروف؛ وهو امتصاص الثدي أو امتصاص الرضيع للثدي، أو إسقاؤه إياه بعد انفصاله عن الثدي كما لو جُعِل في فنجال أو في ثدي صناعي أو ما أشبه ذلك.
وقوله: ﴿اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ كلمة (أرضع) فعل، والفعل في الأصل للإطلاق، والإطلاق يصدق بمرة واحدة؛ فإذا قلت مثلًا: ضربت، كم؟ يصدق بمرة واحدة، إذن ﴿أَرْضَعْنَكُمْ﴾ يصدق بمرة واحدة؛ أي: برضعة واحدة، ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾، فالآية تدل على أن مطلق الرضاع يثبت به التحريم، وسيأتي إن شاء الله في الفوائد بيان أن السنة قيدت ذلك.
﴿وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَة﴾ مَن الأخوات من الرضاعة؟ هن بنات المرأة التي أرضعتك وبنات زوجها، صح؟ الأخوات من الرضاعة: بنات المرأة التي أرضعتك وبنات زوجها منها أو من غيرها؛ هن بنات المرأة التي أرضعتك، صح؟ وبنات زوجها، صح ولَّا لا؟ صحيح، بنات الزوجة التي أرضعتك وبنات زوجها؛ لأن بنات زوجها يكنَّ أخوات من الأب، وبنات التي أرضعتك أخوات لك من الأب والأم؛ يعني شقائق، أو من الأم؛ لأنها قد ترضعك بلبن زيد ولها بنات من عمرو فتكون بناتها من عمرو أخوات لك من الأم.
المهم أن قوله: ﴿أَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ يشمل الشقيقات واللاتي للأب واللاتي للأم، واضح؟
* الطلبة: (...).
* الشيخ: لا، واضح، ما فيه ملاحظات.
متى يكنَّ شقيقات؟ إذا أرضعتك من لبن أبيهن، إذا أرضعتك من لبن أبيهن صرن شقيقات.
ومتى يكنَّ لأب؟ إذا كان للزوج الذي أرضعتك بلبنه بنات من غيرها، من غير التي أرضعتك؛ لأن الأب واحد؛ هذا أبوك من الرضاعة وأبو هؤلاء النساء من النسب.
ومتى يكنَّ أخوات من أم؟ إذا كان لها بنات من غير الزوج الذي أرضعتك وهي بحباله، يكنَّ أخوات لك من الأم.
المهم أن ﴿أَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَة﴾ يشمل الشقيقات أو لأبٍ أو لأمٍّ، وهل يشمل من تقدم يعني مثلًا إذا رضعتَ مع الطفل المسمى محمدًا ولها بنت قبله اسمها فاطمة، هل تتزوجها أو لا؟ لا تتزوجها؛ لأنها أختك من الرضاعة.
* طالب: (...).
* الشيخ: كيف لبن غيره؟
* الطالب: الزوجة إذا كانت أرضعته من لبن رجل قبله فإن أبناء هذا الزوج ليسوا إخوانًا له.
* الشيخ: معلوم (...) ما يصيروا إخوة، هل هؤلاء إخوة؟ ما هم إخوة.
يقول: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ مَن الأم؟ الأم كما قلنا إذا أُطلقت فهي التي ولدت الإنسان؛ قال الله تعالى: ﴿إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ﴾ [المجادلة ٢]. فأمهات النساء يعني اللاتي ولدن نساءكم، اللاتي ولدن نساءكم، انتبهوا لهذه النقطة لأننا سنعرج عليها إن شاء الله تعالى.
وقوله: ﴿نِسَائِكُمُ﴾ أي: زوجاتكم، ولا تكون المرأة زوجة إلا بعقد صحيح، فلا بد من أن يكون العقد صحيحًا، ومِن هنا ابتدأ الصنف الثالث: المحرمات بأيش؟ بالمصاهرة.
﴿أُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ مَن يعني بأمهات النساء؟ اللاتي ولدنهن. ما هو الدليل على هذا؟ قوله تعالى: ﴿إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ﴾. (نساء) قلنا لا بد أن يكون النكاح صحيحًا؛ لأنه إذا لم يكن صحيحًا لم تكن المرأة من نسائه، فلا تكون النساء إلا بعد صحة العقد.
﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ (ربائب) جمع ربيبة؛ كصحائف جمع صحيفة، ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾، فكلمة ﴿اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ صفة لـ(ربائب)، و﴿مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ بيان لها؛ يعني: الربائب من هؤلاء النساء اللاتي دخلتم بهن، و﴿مِنْ نِسَائِكُمُ﴾ يعني زوجاتكم اللاتي عقدتم عليهن عقدًا صحيحًا؛ إذ لا تكون المرأة من نساء الرجل إلا بعقد صحيح.
﴿اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ ﴿اللَّاتِي﴾ هنا صفة لقوله: ﴿مِنْ نِسَائِكُمُ﴾، ﴿اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾، والمراد بالدخول بهن: الجماع، المراد بالدخول بهن: الجماع دون الخلوة، وهنا نفرق بين الدخول الذي هو الجماع وبين الخلوة، فالخلوة لا تؤثر.
الربائب ذكر الله فيهن قيدين؛ القيد الأول: أن تكون في حجر الإنسان؛ فيتزوج امرأة ولها بنت من غيره ويضم البنت مع الأم تكون عنده، هذه في حجره. القيد الثاني: أن تكون المرأة قد دخل بها الزوج؛ أي: جامعها. فهل هذان القيدان معتبران أو أحدهما هو المعتبر؟
في الآية قيدان؛ القيد الأول: ﴿اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾، والقيد الثاني: ﴿مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾، فهل القيدان معتبران؟
فيه قولان للعلماء:
القول الأول: أنهما معتبران وأن الربيبة إذا لم تكن في حجر الإنسان فهي حلال أو لم يكن دخل بأمها فهي حلال، وأنها لا تحرم إلا إذا اجتمع القيدان: في حجره وقد دخل بأمها، واضح ولَّا لا؟
القول الثاني قول الجمهور: أن المعتبر هو القيد الثاني وهو قوله: ﴿مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾، وأما القيد الأول فليس بمعتبر، وإنما ذكر بناء على الأغلب أو بيان للحكمة، واستدل الجمهور لرأيهم هذا بأن الله تعالى صرح بمفهوم القيد الثاني ولم يصرح بمفهوم القيد الأول بل سكت عنه فقال: ﴿فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾، ولو كان القيد الأول معتبرًا لقال: فإن لم تكونوا دخلتم بهن أو لم يكُنَّ في حجوركم فلا جناح عليكم. لو سكت الله عن المفهوم ولم يقل: ﴿فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ لكان القيد معتبرًا وكانت الحجة مع من جعله شرطًا، فالمراتب ثلاث:
الأولى أن يقال: ربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم يكُنَّ في حجوركم أو لم تدخلوا بأمهاتهن فلا جناح عليكم؛ ففي هذه المرتبة يكون القيدان معتبرين لا شك.
الثانية أن يقال: وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن وحلائل أبنائكم، فهنا القيدان معتبران.
الثالثة كما في الآية الآن أن يقول: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ فهذا يؤذن بأن القيد الثاني معتبر والقيد الأول غير معتبر، وهذا هو رأي الجمهور، وهو الصحيح، والله أعلم.
* طالب: (...) بالعلم أفضل من الانشغال بالعبادة، وقد ذكر عن الإمام أحمد رحمه الله أنه كان يصلي في اليوم ثلاث مئة ركعة، وذُكِر شيء كثير عن غيره من الأئمة في كثرة عبادتهم، فكيف نوفق بين هذا وهذا؟
* الشيخ: نوفق بينهما، أولًا: نطالب بتصحيح النقل أنه يصلى ثلاث مئة ركعة في اليوم، هذه واحدة؛ لأن هذا بعيد. وثانيا: لو صح فهو يمكن فعله في يوم من الأيام رأى نفسه خاوية عن التعلق بالله وما أشبه ذلك ففعله؛ حتى الإنسان أحيانًا في طلب العلم قد يجد من قلبه قسوة، خصوصًا إذا دخل في مجادلات أهل الكلام في العقيدة والجسم والعرض والجوهر وما أشبه ذلك، يصير في نفسه شيئ من القسوة فينصرف بعض الشيء إلى العبادة الخاصة، والإنسان طبيب نفسه، ربما يرى في بعض الأحيان أن بقاءه مع هذا الضيف الذي جاء أفضل من أن يقوم يصلي أو يقوم يتعلم العلم، «ولهذا تجد النبي عليه الصلاة والسلام أحيانًا يصوم حتى يقال: لا يفطر، وأحيانًا يفطر حتى يقال: لا يصوم»[[متفق عليه؛ البخاري (١٩٦٩) ومسلم (١١٥٦ / ١٧٥) من حديث عائشة. ]]، وكذلك في قيام الليل.
* طالب: (...) حديث «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ»[[أخرجه الترمذي (٢٤١٦) من حديث عبد الله بن مسعود. ]]، هل السؤال خاص بالكبير أو بالكبير والصغير؟
* الشيخ: هو خاص بالمكلف، أما الصغار فإنما يُسألون على قول عند الدفن فقط: مَن ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيلهمهم الله الصواب، على أن المسألة فيها خلاف في مسألة سؤال غير المكلف بعد الدفن هل ينزل إليه الملكان ويسألانه أم لا؟
* طالب: صحة العبادة وروح العبادة تصح بغير علم لأن العلم ما تصح..؟
* الشيخ: ما يمكن الإنسان يتعبد إلا بعلم، لكن ما هو العلم اللى هو تعلم الإنسان وحبس نفسه على التعلم كطلبة العلم مثلًا، العامة الآن يعرفون يصلون، فهموها من عمل الناس.
* طالب: ولكن يا شيخ أكثر العبادات اليوم (...) فطالب العلم يفعل العبادة على بصيرة فهذا لها ميزة على غيره.
* الشيخ: ما فيه شك، ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر ٩].
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، قال الله عز وجل: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ...﴾ إلى آخره.
* الشيخ: سؤال، من المحرِّم؟
* طالب: هو الله عز وجل.
* الشيخ: لماذا حُذِف؟
* الطالب: لأنه بصيغة المجهول.
* الشيخ: أقول: لماذا حُذِف؟
* الطالب: لتعيين المقام.
* الشيخ: للعلم به، كقوله: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء ٢٨]، فالأمور الشرعية قد تكون بصيغة المجهول كـ﴿حُرِّمَتْ﴾ وكذلك الأمور الكونية كمثل: ﴿خُلِقَ﴾.
* الشيخ: من المراد بالأمهات هنا؟
* طالب: الأصول (...).
* الشيخ: لكن الأمهات اللي كأمه في الاحترام
* الطالب: لا لا الأصول (...).
* الشيخ: لكن مَن؟ إذا قال: أم، من هي؟
* الطالب: (...) التي ولدت.
* الشيخ: التي ولدت.
* الشيخ: ما الدليل على أن الأم يراد بها التي ولدت؟
* طالب: قوله: ﴿إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ﴾.
* الشيخ: هل تشمل الأم هنا الجدة وإن علت؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، تشمل.
* الشيخ: وهل تشمل من جاءت من قبل الأب والأم أو من قبل الأب فقط؟
* الطالب: تشمل إن جاءت من قبل الأب والأم.
* الشيخ: طيب، صحيح.
ذكرنا قاعدة أن عمة الإنسان عمة له ولذريته إلى يوم القيامة سواء كانت ذرية متفرعة من إناث أو متفرعة من ذكور، صحيح؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: والخالة؟
* الطالب: والخالة كذلك.
* الشيخ: والأخت؟
* الطالب: لا، الأخت لا.
* الشيخ: كيف؟ الأخت أقوى صلة به.
* الطالب: والأخت.
* الشيخ: ولو كانت؛ ويش تكون الأخت؟
* الطالب: الأخت تكون خالة.
* الشيخ: خالة فقط؟
* الطالب: والعمة.
* الشيخ: تكون عمة فقط؟
* الطالب: نعم عمة وخالة.
* الشيخ: عمة أو خالة.
* الطالب: عمة إذا كانت أخت الأب، وخالة إذا كانت أخت الأم.
* الشيخ: ويش تقولون لهذا، صحيح؟ يقول عمة إذا كانت أخت الأب، وخالة إذا كانت أخت الأم، صحيح؟
* طلبة: صحيح.
* الشيخ: إي نعم، صحيح، ما فيه شك.
المحرمات بالنسب بناء على ذلك كم؟ يعني بالقرابة، كم؟ نقول: عدد، ما هو ضوابط.
* طالب: الجد والأب
* الشيخ: كيف الجد؟! الجد (...).
* الشيخ: أقول مَن المحرمات بالنسب؟ كم عددهم؟
* طالب: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ﴾.
* الشيخ: كم عددهم؟
* الطلبة: سبع.
* الشيخ: سبع، تمام، هذه محرمات بالنسب.
* الشيخ: قواعدها عند الفقهاء؟ قواعد السبع هذه عند الفقهاء، قعَّدوها، جعلوا لها ضوابط، ويش قالوا؟
* طالب: (...).
نعم، أيش تقولون لهذا؟ صحيح؟
* طالب: السؤال؟
* طالب آخر: صحيح.
* الشيخ: يقول: عمة إذا كانت أخت الأب، وخالة إذا كانت أخت الأم صحيح؟
* طلبة: صحيح.
* الشيخ: إي نعم، صحيح، الآن صحيح ما فيه شك. المحرمات بالنسب بناءً على ذلك كم؟
* طالب: المحرّمات بالنسب؟
* الشيخ: نعم؛ يعني بالقرابة.
* الطالب: بالقرابة، الأصول.
* الشيخ: كم؟ أنا أقول: عدد ما هو ضوابط.
* طالب: (...).
* الشيخ: أقول: مَن المحرمات بالنسب؟ كم عددهم؟
* طالب: المحرمات بالنسب؟
* الشيخ: إي نعم، كم عددهم؟
* الطالب: سبع.
* الشيخ: سبع، قلها.
* طالب: المحرّمات بالنسب؟
* الشيخ: نعم، أنت.
* الطالب: أمهاتكم، وبناتكم.
* الشيخ: وأخواتكم.
* الطالب: وعماتكم، وخالاتكم، وبنات الأخ، وبنات الأخت.
* الشيخ: كم هادولا؟
* الطالب: سبع.
* الشيخ: سبع، تمام هذه محرمات بالنسب. قواعدها عند الفقهاء؟ قواعدها السبعة هذه عند الفقهاء قعّدوها أو جعلوها ضوابط، ويش قالوا؟
* الطالب: الأم وإن علت.
* طالب آخر: (...).
* الشيخ: الأصول وإن علون، والثاني؟
* الطالب: الفروع وإن نزلن.
* الشيخ: الفروع وإن نزلن والثالث؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: خطأ.
* الطالب: (...) الأصول.
* الشيخ: الأصول وإن علون كذا؟ أقول: وإن علون؟ الأصول وإن علون، متأكد، طيب؟
* الطالب: والفروع.
* الشيخ: وإن نزلن، وإن نزلن، كلامنا بالنسا الآن، وإن نزلن.
* الطالب: فروع الأصل الأدنى.
* الشيخ: فروع الأصل الأدنى وإن نزلن، بقي واحد، من هم فروع الأصل الأدنى وإن نزلن؟
* طالب: فروع الأصل الأدنى.
* الشيخ: إي، وإن نزلن.
* الطالب: فمثلًا..
* الشيخ: مَنْ أصلك الأدنى؟
* الطالب: الأدنى (...).
* الشيخ: لا، مَنْ أصلك الأدنى؟ أبوك وأمك هذا الأصل الأدنى، فروعهم من هم؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: بالنسبة لك، ويش تسميهم؟ فروع أبيك؟
* طالب: الإخوة.
* الشيخ: أحسنت، إذن فروع الأصل الأدنى وإن نزلن، مثل الأخوات وبنات الأخوات، وبنات الإخوة، بقي واحد؟
* طالب: فروع الأصل الأعلى دون فروعهم.
* الشيخ: فروع الأصل الأعلى دون فروعهم، من هم؟
* الطالب: العمات، والخالات.
* الشيخ: العمات والخالات دون الفروع. بنت العمة تصلح؟ بنت العمة ما تصلح؟
* طلبة: تصلح للزواج.
* الشيخ: يعني هل يصح أن يتزوج بها أو لا؟
* طالب: يصح.
* الشيخ: يصح، تمام، بقي المحرمات بالرضاع وهو الصنف الثاني، قال: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ [النساء ٢٣].
﴿وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ [النساء ٢٣] أخذناها ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء ٢٣] كل هذه من المحرمات بالصهر، قال: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ [النساء ٢٣] حلائل جمع (حلِيلة)، وتشمل الزوجة والمملوكة، لكن الزوجة تحرُم على أب الزوج بمجرد العقد، وأما السُّرّية فلا تحرم على أب السيد إلا بالوطء، عرفتم؟ إذا وطئها، وذلك أن السرية قبل أن يجامعها يحتمل أن تكون سلعة تُباع وتشترى، فإذا جامعها فقد اختارها لنفسه، فالحلائل إذن جمع (حليلة)، وهي الزوجة التي استحلّها بالعقد أو الأمة التي استحلها بالوطء.
وقوله: ﴿حَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ لم يذكر الله عز وجل فيها قيدًا فتشمل كل زوجة سواء دخل بها الابن أم لم يدخل بها، وعلى هذا فزوجة الابن حرام على أبيه، وإن طلّقها قبل الدخول، وإن طلقها قبل الخلوة لعموم الآية.
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ أصلاب جمع (صُلْب)، وهو الظهر، والمراد الأبناء الذين وُلدوا من مائكم؛ لأن هذا هو الابن الصلب ﴿الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ وهذا قيد، قيد ماذا يخرج به؟
جمهور العلماء على أنه يخرج به أبناء التبنّي الذين كان من عادة الناس في الجاهلية أن يتبنّى الإنسان ابنًا له ويقول: أنت ابني ويجعله كابنه في الميراث وغيره، فقيّد الابن هنا لكونه من الصلب ليُخرج ابن التبنّي، هذا هو رأي الجمهور، ولكنه لا مانع من أن يقال: إنه يشمل ابن التبنّي وابن الرضاع؛ لأن ابن الرضاع ليس ابنًا لك من صلبك، وابن الرضاع يُسمى ابنًا شرعًا، لكن ابن التبني قد أبطله الشرع، فقال الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب ٤] فإذا كان قد أُبطل شرعًا فلا حاجة إلى قيد يخرجه، لماذا؟ لأنه غير داخل في معنى البنوة عند الإطلاق، غير داخل شرعًا ولا حسًّا كذلك أيضًا؛ لأنه ليس من مائه، وعلى هذا فيكون هذا القيد لإخراج ابن الرضاع أظهر منه لإخراج ابن التبني؛ لأن ابن التبني غير معترَف به شرعًا فلا حاجة إلى قيد يُخرجه من معنى البنوة، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وإن كان يُظن أنه خالف الناس في هذا، لكن قوله عند التأمل هو الصواب: أن المصاهرة لا تجري في الرضاع ولا علاقة للرضاع فيها؛ لأن الحديث: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٣٧٠)، ومسلم (١٤٤٧ / ١٢).]] وأبو الزوج وابن الزوج إنما هو حرام بأيش؟ بالمصاهرة، فكيف ندخل في الحديث ما لم يدخل فيه؟ وكذلك أيضًا في الآية الكريمة، ثم قال: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ [النساء ٢٣] وهنا المحرم ليس عينًا، ولكنه عمل وهو الجمع؛ يعني وحرّم علينا أن نجمع بين الأختين، انتبهوا!
ولهذا لا يصح التعبير بأن نقول: تحرُم أخت الزوجة أو تحرم عمة الزوجة؛ لأن ذلك ليس واردًا لا في القرآن ولا في السنة، ففي القرآن: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ وفي السنة: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا»[[متفق عليه؛ البخاري (٥١٠٩)، ومسلم (١٤٠٨ / ٣٣).]] فالحكم معلّق بعمل وهو الجمع وليس بعين؛ وهي الأخت أو العمة؛ ولهذا نقول: إن تعبير بعض العلماء رحمهم الله: تحرم أخت زوجته وعمتها وخالتها فيه تساهل، والصواب أن يقال: يحرم الجمع بين الأختين وبين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها، هذا هو الصواب.
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ يشمل الأختين الشقيقتين والأختين من أب والأختين من أم؛ لأن الآية مطلقة.
وقوله: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ نقول فيها كما قلنا في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [النساء ٢٢] يعني لكن ما قد سلف معفوّ عنه، وإنما ذكره الله عز وجل لعظم المقام ولئلا ينشغل الإنسان بفعله السالف الذي وقع على الوجه المنهي عنه، وبناءً على ذلك الولد الحاصل من النكاح بما سلف ماذا يكون؟ للواطئ أو لا؟ يعني لو كان الإنسان قد نكح زوجة أبيه في الجاهلية وأتت منه بولد وأسلم يفرّق بينهما؛ لأن سبب التحريم باقٍ، لكن الولد الذي حصل من النكاح الأول يُنسب إليه شرعًا، وهذا -والله أعلم- هو الحكمة من قوله: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ لأجل أن يزول ما في قلب الإنسان نهائيًّا؛ لأنه قد يقول: إذا كان ذلك حرامًا عليَّ فما موقفي أمام الولد الذي خُلق مني في ذلك الوقت؟
فطمأن الله العباد بقوله: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ وهذا مما فتح الله به الآن، أن هذا هو الحكمة في استثناء ما سبق أو استدراك ما سبق، وإلا قد يقول قائل: ما سبق كيف يجري عليه؟ كيف يرجع التحريم إليه؟ بما يسمى أثرًا رجعيًّا؟
نقول: الحكمة من ذلك هو عِظم المقام، والثاني: أنه لو تولّد ولد في ذلك النكاح، فالولد ولد شرعي لا قلق فيه، ولا تقلق؛ لأنه معفوّ عنه وعن آثاره ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ هذه مرت علينا كثيرًا وفيها تأكيد، تأكيد اسمين من أسماء الله بمؤكدين: (إن)، و(كان)؛ لأن (كان) -كما أسلفنا- مسلوبة الزمان تفيد تحقيق الوصف.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ (الغفور) هذه صيغة مبالغة من (الغَفْر) وهو ستر الذنوب وعدم المؤاخذة عليها، و(الرحيم) كذلك صيغة مبالغة من الرحمة، والرحمة صفة ذاتية لله عز وجل، ولكنَّ لها آثارًا مثل: نزول المطر، سعة الرزق، كثرة العلم، اتجاه الناس اتجاهًا سليمًا، وما أشبه ذلك، فهذه الأشياء هي من آثار رحمة الله، وليست هي الرحمة، لكن يطلق عليها أنها رحمة؛ لأنها آثار رحمة الله كما قال الله تعالى في الجنة: «أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٨٥٠)، ومسلم (٢٨٤٦ / ٣٤).]] ، هذه الآية فيها فوائد عظيمة.
* طالب: ﴿فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ ما أخذنا التفسير.
* الشيخ: لا لا، أخذناها.
* الطالب: ﴿فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ﴾.
* الشيخ: لا، أخذناها.
* الطالب: أخذنا في توجيه قول الجمهور استدل بهذا، لكن ما أخذنا تفسير.
* الشيخ: كيف هذا؟
* طالب: (...) لكن ما تكلمنا في تفسير الآية من حيث فلا جناح عليكم، ﴿فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾.
* الشيخ: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ يعني في نكاحهن.
* الطالب: ذكر في توجيه الجمهور الذي هم قالوه، قال الجمهور يعني قيدًا.. واحد واحد، واستدل بهذا، ونحن شرحنا بس ذكر في العبارة، وما وجه التفسير، ذُكرت العبارة وليس التفسير.
* طالب: بعد ذلك كمّلناه.
* الشيخ: * يستفاد من هذه الآية الكريمة: تحريم نكاح هؤلاء السبع بالنسب، تحريم هؤلاء السبع بالنسب كلهم قريبات؛ لقوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ﴾.
فإن قال قائل: الإضافة هنا إضافة التحريم إلى الأعيان، فما الذي جعلك تُخصّص هذا بالنكاح؟ ألا يجوز أن يقول قائل: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء ٢٣] يعني لا تنظروا إليهن. لا تقتلوهن، فما الذي يُقيّد التحريم بالنكاح؟
* طلبة: السياق.
* الشيخ: نقول: السياق، سياق الآية التي قبلها: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ فالسياق في الآية التي قبلها وفيها أيضًا كل ذلك في النكاح، فتعيّن أن يكون المراد به النكاح، وما زعمه بعض العلماء من أن في الآية إجمالًا مترددًا بين كذا وكذا وكذا، فهذا لا وجه له.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: ثبوت التحريم بالرضاع؛ لقوله: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾.
* * *
يُقدر أنه يسير فيظل واقفًا انتظارًا لدخول الإمام، وربما كما حدث اليوم يقف دون أن يكون في ذلك مبالغة ما يكفيه أن يصلي أربع ركعات، وهذا حرمان، الإنسان إذا دخل يشرع على طول في تحية المسجد، ثم إن تمكن منها فذاك، وإن أقام وهو في الركعة الثانية أتمها خفيفة، وإن كان في الركعة الأولى قطعها حتى يحصل على أجر تحية المسجد، ولا يقف.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ما تقول في عمة الأم، هل تحرم أو لا تحرم؟
* طالب: تحرم.
* الشيخ: تحرم؟ توافقونه؟ عمة الأم هل تحرم على الإنسان؟
* طالب: تحرم.
* الشيخ: لا تحرم، تحرم؟ عمة أمه ما هي عمة أبيه؟ حتى عمة أمه؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: حتى عمة أمه، طيب أخت أبيه هل تحرم عليه؟
* طالب: نعم، تحرم.
* الشيخ: ليش؟
* طالب: عمة الإنسان.
* الشيخ: عمته إي نعم، ذكرنا أن عمة الإنسان عمة له ولذريته من بنين وبنات، وخالة الإنسان خالة له ولذريته من بنين وبنات، تمام، فتدخل في قوله: ﴿عَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ﴾، وذكرنا الضابط الذي ذكره العلماء في المحرمات بالنسب ما هي؟
* طالب: (...).
الشيخ: لا لا، الضابط فيما يحرم من النسب، الله عز وجل في القرآن عده، في القرآن عده عدًّا: ﴿أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ﴾ إلى آخره، العلماء ذكروا ضوابط لهذا.
* طالب: الأصول وما يتفرع من الأصول.
* الشيخ: ما هو، لا، غلط، الأصول وإن علوا، من يدخل في الأصول؟
* الطالب: الأصول الأب والأم.
* الشيخ: الأب ما متزوج إلا واحدة.
* الطالب: أصل الرجل الأب.
* الشيخ: لكن من يدخل في الأصول، إذا قلنا: يحرم على الإنسان الأصول، من يدخل فيها؟
* طالب: الأم وإن علت.
* الشيخ: الأم وإن علت، يعني الجدة من قبل الأب، أو من قبل الأم بعدت أو قربت تدخل في الأصول، الثاني؟
* طالب: الفروع وإن نزلوا.
* الشيخ: الفروع وإن نزلوا.
* الطالب: الأبناء والأحفاد.
* الشيخ: لا يا بن الحلال، الأبناء ما يدخلون، لا تجيبون الأبناء هنا، إحنا الآن في عدّ النساء، يدخل فيها البنت، وبنت الابن، وبنت البنت، وإن نزلت كذا؟ بدون تفصيل، الضابط الثالث؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا.
* الطالب: (...).
* الشيخ: كيف؟! خطأ.
* الطالب: فروع الأصل الأعلى دون فروعه.
* الشيخ: فروع الأصل الأعلى دون فروعهن، صحيح؟
* طلبة: صحيح.
* الشيخ: الرابع؟
* الطالب: فروع الأصل الأدنى وفروعه.
* الشيخ: وفروعه: يعني وإن نزلت، فروع الأصل الأدنى وإن نزلت، صحيح هذا؟ من هم فروع الأصل الأدنى؟
* طالب: الأخوات.
* الشيخ: الأخوات.
* الطالب: وأولادهن.
* الشيخ: لا!
* الطالب: وبناتهن.
* الشيخ: وبناتهن، وبنات الإخوة، وبنات الإخوة؟
* الطالب: لا، لا.
* الشيخ: متأكد؟ طيب. إذن هذه الضوابط: الأصول وإن علون، الفروع وإن نزلن، فروع الأصل الأدنى وإن نزلن، فروع الأصل الأعلى لصلبهم خاصة، ما نقول: وإن نزلن، لا. قال عز وجل في بقية المحرمات: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ أمهات النساء من يدخل فيها؟
* طالب: (...).
* الشيخ: بس الأم؟
* الطالب: لا، أمهات الزوجة..
* الشيخ: أمهات الزوجة وإن علون. ﴿رَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ من يدخل في الربيبة؟
* طالب: بنات الزوجة.
* الشيخ: بس بناتها لصلبها ولَّا، وإن نزلن؟
* طالب: (...).
* الشيخ: انتبه! وإن نزلن؟ توافقونه؟ بنات الزوجة وإن نزلن؟
* طالب: على الراجح.
* الشيخ: فيه راجح ومرجوح في المسألة هذه؟
* طالب: لا، (...).
* الشيخ: لا، هذا أسلوب ابن جني، يعني: دون فروعهن؛ يعني: فروع الزوجة لصلبها فقط دون من نزل. إذن يجوز للزوج أن يتزوج بنت بنت زوجته؟
* طالب: (...).
* الشيخ: ما ذكرتم هذا، لا، أعطيناكم ضوابط في هذا، بأسألكم عن الضوابط الآن، بس بدي أعد الآن بالتفصيل كما ذكر الرب عز وجل.
* طالب: (...).
* الشيخ: وإن نزلن؟ بنات الزوجة وإن نزلن؟ يعني بنت بنته، حرام على الزوج؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا لا، مسألة الحجر نقول: ما هو شرط، هذا تبين أنه غير شرط.
* طالب: تحرم.
* الشيخ: تحرم؟ توافقون على هذا؟
* طلبة: لا.
* الشيخ: يلّا، أيش تقول؟ توافق؟
طالب: (...) دخل بها.
* الشيخ: هو دخل بها، صحيح دخل بها، هل يحرم عليه فروع بنات الزوجة؟
* طالب: ليس هذا من الربائب، فروعه ليس من الربائب.
* الشيخ: ليس من الربائب، إذن تحل؛ يعني يجوز للرجل أن يتزوج بنت بنت زوجته؟ ويش تقولون؟
* الطلبة: لا نوافق يا شيخ.
* الشيخ: إي، لا توافقون، الصحيح أن ما نوافق؛ لأن الربائب المراد بهن فروع الزوجة وإن نزلن مثل بنات بناته، بنات أبنائه وإن نزلن، لكن بشرط الدخول، حلائل الأبناء؟
* طالب: لا يجوز.
* الشيخ: لا يجوز أن يتزوج زوجة ابنه؟
* طالب: لا يجوز أن يتزوجها الأب.
* الشيخ: لا يجوز أن يتزوج زوجة ابنه؟ طيب وإن كان قد طلّقها الابن؟
* الطالب: ولو كان طلقها.
* الشيخ: ولو مات عنها؟
* الطالب: ولو مات عنها.
* الشيخ: ولو مات عنها، ولو فسخ نكاحها؟ أجب.
* الطالب: الله أعلم.
* الشيخ: الله أعلم.
* طالب: تحرم عليه (...).
* الشيخ: ولو فسخ نكاحها؟ ويش تقولون؟
* طلبة: صحيح.
* الشيخ: صحيح، ما تقول في ابن الرضاع هل تحرم زوجته على أبيه من الرضاع؟
* طالب: لا، لا تحرم.
* الشيخ: قولًا واحدًا.
* الطالب: (...) يتزوج زوجة أبيه من الرضاع (...)، خرج به من الرضاع.
* الشيخ: خرج به من الرضاع.
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: نعم، القول الأول قول من؟ القول الأول: إنه خرج به من التبنّي.
* الطالب: قول الجمهور.
* الشيخ: قول الجمهور، والثاني قول شيخ الإسلام ابن تيمية صح. ما هي الضوابط في محرمات الصهر، عرفناهم بالعد نريد معرفتها بالضوابط؟ الضابط الأول؟ الضوابط في المحرمات بالصهر؟
* طلبة: (...).
* الشيخ: عجيب.
* طلبة: (...).
* الشيخ: الضوابط في الصهر: يحرم على الزوج خاصة أصول زوجته وفروعها، أصول زوجته وفروعها على الزوج خاصة، لكن الأصول بمجرد العقد والفروع لا بد من الدخول، الفروع سمّاها الله (ربائب)، والأصول سماها الله (أمهات نسائكم)، على الزوج خاصة، ويحرم على الزوجة خاصة أصول زوجها وفروعه، على الزوجة خاصة أصول الزوج وفروعه، هذه المحرمات بالصهر أربعة: أصول الزوج على من؟ على الزوجة خاصة، فروع الزوج على الزوجة خاصة، أصول الزوجة على الزوج خاصة، وهذه الثلاث بمجرد العقد يثبت فيها التحريم بمجرد العقد، عرفتم؟ الرابع: فروع الزوجة على الزوج خاصة، لكن هذا بشرط الدخول، بناء على ذلك هل يجوز للإنسان أن يتزوج بنت زوجة أبيه؟
* طلبة: نعم، يجوز.
* الشيخ: يجوز؟
* طلبة: يجوز.
* الشيخ: خطأ.
* طلبة: إذا كان فيه.. فيه تفصيل.
* الشيخ: فيه تفصيل إي نعم، لا لا، لازم نقيد بقيد، بنت زوجة أبيه إذا كانت زوجة أبيه هذه أمه ما يجوز، ليش؟
* طالب: لأنها أخته.
* الشيخ: لأنها أخته، على كل حال هذا يعني ما هو بوارد إلى ذاك الحد، إذن يجوز للإنسان أن يتزوج بنت زوجة أبيه، هل يجوز أن يتزوج أم زوجة أبيه؟
* طلبة: (...) فيه تفصيل.
* الشيخ: لا، استبعدنا هذا الشرط؛ هذا التفصيل.
* طلبة: يجوز.
* الشيخ: أم زوجة أبيه؟
* طلبة: نعم، يجوز.
* الشيخ: يجوز؟
* طلبة: يجوز.
* الشيخ: طيب نشوف، الآن إحنا قلنا: التحريم يتعلق بالزوج خاصة أو بالزوجة خاصة، الزوج يحرم عليه أصول الزوجة وفروعها، والزوجة يحرم عليها أصول الزوج وفروعه، هذا الرجل أراد أن يتزوج أم زوجة أبيه؟
* طلبة: يجوز.
* الشيخ: ليش؟ لأن أصول الزوجة اللي يحرمن على الزوج خاصة، انتبهوا لهذه! التحريم يتعلق بالزوج فقط وبالزوجة فقط، الزوج يحرم عليه أصول زوجته وفروعها، والزوجة يحرم عليها، الزوجة خاصة؟
* الطلبة: أصول الزوج وفروعه.
* الشيخ: أصول زوجها وفروعه، وضحت أمامنا الآن، إن شاء الله ما فيه إشكال، هذا هو الضابط في المحرمات بالصهر والقرآن واضح في هذا.
* طالب: فروع الزوجة بعد الزواج على الزوج؟
* الشيخ: بعد الدخول بها فروع الزوجة.
* الطالب: بعد التمتّع.
* الشيخ: يشترط، هذا محرم على التأبيد، ما هو محرم الجمع، هذا على التأبيد، من حين ما يعقد على المرأة يحرم عليه أصولها أبد الآبدين، ويحرم عليه فروعها أبد الآبدين إذا دخل بها، أخت الزوجة حرام على الزوج، هكذا نقول؟
* طلبة: لا، يا شيخ.
* الشيخ: لا، ما نقول هكذا.
* الطلبة: شرط الجمع.
* الشيخ: نقول: الجمع بين الزوجة وأختها حرام؛ لأن الله قال: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا﴾. ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا﴾ هذه معطوفة على قوله: ﴿أُمَّهَاتُكُمْ﴾ يعني وحرم عليكم أن تجمعوا بين الأختين. المحرمات بالجمع ثلاث: أخت الزوجة، وعمتها، وخالتها؛ هذه محرمات بالجمع، فلا يجوز لإنسان أن يجمع بين المرأة وأختها ولا بين المرأة وعمتها، ما صلتها بعمتها؟
* طلبة: بنت أخيها.
* الشيخ: بنت أخيها، ولا بالمرأة وخالتها بنت أختها، هذه ثلاث محرمات بالجمع عرفتم؟
ولا شك أن هذا أحسن ضابط ذكره الفقهاء أنه يحرم الجمع بين كل امرأتين لو قدرت إحداهما ذكرًا لم تحلّ للأخرى بنسب أو رضاع لا مصاهرة؛ لأن هذا الآن يحتاج إلى زمن لتصوره، ثم تطبيقه، لكن إذا قلت: الجمع بين المرأة وأختها كما في القرآن؛ الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها كما في السنة، قال: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.
ذكرنا ضوابط التحريم السبع؟ لا، لازم نذكره في الفوائد!
* طلبة: في الشرح.
* الشيخ: في الشرح طيب المحرمات السبع يمكن نحيل على ما سبق في الشرح أو في التفسير على ما سبق في التفسير؛ لأن مهم أن نعرف أن الأم يدخل فيها الأم والجدة ومن قبل الأب ومن قبل الأم، إي نعم، خلاص. الثاني: ثبوت التحريم بالرضاع؛ لقوله: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الأم عند الإطلاق لا يدخل فيها الأم من الرضاع، وجه ذلك أنه لو كانت الأم من الرضاع تدخل في الأم عند الإطلاق ما احتيج إلى قوله: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ لأنها تدخل في قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾.
* ويتفرع على هذه الفائدة: أن أم الزوجة من الرضاع لا تدخل في قوله: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ لماذا؟ لأن الأم عند الإطلاق لا يدخل فيها الأم من الرضاع، فإذا قال قائل: أم الزوجة من الرضاع حرام لدخولها في عموم قوله: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾؟ قلنا: لا نسلّم بهذا، ليش؟ لأن الأم عند الإطلاق لا يدخل فيها الأم من الرضاع بدليل قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ ولو كانت الأم عند الإطلاق يدخل فيها الأم من الرضاعة لكان في الآية تكرار ينافي البلاغة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: ثبوت الأمومة بالرضاع، وعلى هذا فيصح أن يقول القائل لمن أرضعته: أمي، لكن لا ينبغي أن يقولها إلا مقيده؛ لأن الله قيدها فقال: ﴿أُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ فأنت تقول: أمي من الرضاع، تقيّد لئلا يتوهم السامع أنها أم من النسب.
* ويتفرع من هذه الفائدة: ما يطلقه كثير من الناس على زوجة الأب أنها عمة، وبعضهم يسميها خالة على الإطلاق، وكذلك ما يفعله بعض الناس من إطلاق اسم العم أو الخال على أب الزوجة، يقول: عمي، وخالي، واحد يقول: عمي، وواحد يقول: خالي. هذا غلط؛ لأنها تسمية لا تصح لغة ولا شرعًا، وتُوهم؛ ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن تسمية العشاء بالعتمة وقال: «لَا يَغْلِبَنَّكُمُ الْأَعْرَابُ عَلَى صَلَاتِكُمُ الْعِشَاءِ تُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ فَإِنَّهَا ِفي صَلَاةِ اللَّهِ الْعِشَاءُ»[[أخرجه مسلم (٦٤٤ / ٢٢٩)، ولفظه: «لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمُ الْعِشَاءِ، فَإِنَّهَا فِي كِتَابِ اللهِ الْعِشَاءُ، وَإِنَّهَا تُعْتِمُ بِحِلَابِ الْإِبِلِ».]] . ﴿وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ﴾ [النور ٥٨] كما في القرآن، فالمصطلحات أو الحقائق الشرعية لا ينبغي أن تطلق على خلاف الحقائق الشرعية.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن المرضعة تحرم بمطلق الرضاعة؛ لقوله: ﴿أُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ والرضاع يصدق بمرة بل بمصة؛ لأن من مص من ثدي المرأة قيل: رضع، وعلى هذا فيثبت التحريم بمجرد رضعة واحدة، وإلى هذا ذهب الظاهرية وقالوا: إن التحريم بالرضاع يثبت بالرضعة الواحدة؛ لأنه جاء مطلقًا في القرآن، والمطلق يصدق بمرة واحدة، ولكن الصحيح أن هذا الإطلاق في القرآن قد قيدته السنة فيما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ أَوِ الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ»[[أخرجه أبو داود (٢٠٦٣) والترمذي (١١٥٠) بالمقطع الأول فقط، وأخرجه ابن حبان تامًّا (٤٢٢٦). ]] «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ». طيب والثلاث؟ الثلاث تحرّم بمقتضى مفهوم هذا الحديث «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ»[[أخرجه أبو داود (٢٠٦٣) والترمذي (١١٥٠).]] مفهومه أن المصة والمصتين تحرمان.
* طلبة: لا، لا تحرّم.
* الشيخ: لا تحرم، هذا منطوقه إذن، مفهومه أن ما زاد عليهما يحرم، وإلى هذا ذهب أيضًا كثير من العلماء، أهل القياس ما هو أهل الظاهر أهل القياس، وقالوا: إن الثلاث محرِّمة لمفهوم الحديث، وقال بعض العلماء: لا يحرم إلا خمس؛ لما صح في مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرّمن فنُسخنَ بخمس معلومات فتُوفّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي فيما يُقرأ من القرآن »[[أخرجه مسلم (١٤٥٢ / ٢٤).]] . وإلى هذا ذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى أن المحرِّم خمس رضعات، وأجاب عن الحديث: «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ»[[أخرجه أبو داود (٢٠٦٣) والترمذي (١١٥٠). ]] بأن تحريم الثلاث بالمفهوم، وإذا تعارض المفهوم والمنطوق يُقدّم أيش؟ المنطوق، لماذا؟ لأن المفهوم واسع يصدق بصورة واحدة فمثلًا: «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ»[[ أخرجه أبو داود (٢٠٦٣) والترمذي (١١٥٠).]] لا تحرّم، والثلاث والأربع والخمس والعشر مسكوت عليهم بالمفهوم، إذا رضع خمس رضعات ثبت التحريم، وإذا قلنا: يثبت التحريم بخمس رضعات فإننا لم نخالف المنطوق؛ يعني مفهومه الثنتان لا تُحرّم، وما زاد فيصدق بصورة واحدة، لهذا نقول: إننا نقدّم دلالة المنطوق، لكن بعض العلماء طعن في هذا الحديث طعنًا موجعًا، قال: هذا الحديث لا يصح ولو كان في مسلم، كيف يُتوفّى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي فيما يُتلى من القرآن ولم نجدها الآن في القرآن؛ لأن الواجب إذا كانت بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام موجودة في القرآن يجب أن لا تبقى، ولو فُتح الباب لكان هذا سبيلًا إلى تصحيح قول الرافضة: إن في القرآن شيئًا محذوفًا، وبناء على ذلك فالمتن منكر، ونأخذ بحديث: «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ»[[أخرجه أبو داود (٢٠٦٣) والترمذي (١١٥٠). ]] . أو نأخذ بالإطلاق، ولكن عند التأمل لا يتبيّن أن هذا طعن في الحديث؛ لأن عائشة صرّحت بالنسخ، بالنسخ نسخ، ولكنها كانت مما يتلى من القرآن عند وفاة الرسول ﷺ لعدم علم التالي لها، بأيش؟ بالنسخ، وهذا أمر واقع، فالحديث يدل على أن النسخ وقع متأخرًا لم يعلم به بعض الناس فصار يقرؤه فيما يتلو من القرآن، وإذا زال الإشكال فإنه لا ينبغي أن نتجرأ على طعن الرواة؛ لأنك إذا حكمت بنكارة المتن حكمت بوهم من؟ وهم الرواة وخطئهم، وهذا شيء صعب، فمهما أمكن قبول خبر الثقة فاقبله، أما إذا لم يمكن وكان مخالفًا للقرآن فلا تقبله، لكن إذا كان غير مخالف ويمكن الجمع فاجمع، وهذا الذي ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله هو الصحيح أنها خمس رضعات، وفي الحديث: «مَعْلُومَات»[[أخرجه مسلم (١٤٥٢ / ٢٤).]] فيفيد أنه لو وقع الشك في عددها هل هي خمس أو أربع فلا عبرة به، لا عبرة بهذا الرضاع؛ لأن الحديث قيد بماذا؟ بمعلومات، ومع الشك لا يثبت الحكم، وهذا مما يطمئن الإنسان لما يفتي به الناس في هذه المسألة؛ لأن كثيرًا من الناس يأتي يقول: الرضاع ثابت، لكن ما ندري كم الرضاع، نقول: الحمد لله، ما دام أن الحديث خمس رضعات معلومات فإن ما شُكّ فيه ليس معلومًا، وحينئذٍ لا يثبت به الحكم، واضح؟ بقي علينا أن ننظر هل يمكن أن يقيد إطلاق القرآن بالسنة؟
إي نعم، يمكن، يمكن أن يقيّد إطلاق القرآن بالسنة كما يُخصّص عموم القرآن كذلك بالسنة، وأما نسخ القرآن بالسنة فالصحيح أنه يُنسخ القرآن بالسنة إذا صحت؛ لأن الكل من عند الله عز وجل قد ينسخ الله قوله بقوله، وقد ينسخ الله قوله بقول رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، إذن المحرّم كم؟ خمس رضاعات معلومات، فما هي الخمس أو ما هي الرضعة؟ على الأصح، ما هي الرضعة؟
* طالب: الرضعة المشبعة.
* الشيخ: المشبعة ما في الحديث خمس رضعات مشبعات، خمس رضعات، فقال بعضهم: الرضعة: المصّة؛ لقوله: «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ»[[أخرجه أبو داود (٢٠٦٣) والترمذي (١١٥٠).]] والمصَّة: هي الرضعة، ومعلوم أن الطفل إذا مصّ فقد رضع وأتاه اللبن بمصته، وعلى هذا يمكن أن تكون الخمس في مجلس واحد، وفي نفَس واحد ولَّا لا؟ الطفل يمكن يمص خمس مرات في نفس واحد؟ يمكن أن يمص خمس مرات والثدي في فمه، ولكن هذا فيه شيء من الاشتباه؛ لأن الإحاطة بهذا صعبة.
وقال بعض العلماء: المراد بالرضعة التقام الثدي، فما دام الصبي ملتقمًا الثدي فهذه رضعة، وإذا أطلقه لأي سبب من الأسباب فقد تمت الرضعة سواء أطلقه لتنفّس أو لسماع صوت أزعجه أو لملل أمه من الجهة اليمنى لتحوّله إلى اليسرى أو ما أشبه ذلك، المهم أن الرضعة التقام الثدي فما دام الطفل ملتقمًا للثدي فهي رضعة، وإذا أطلقه لأي سبب فقد تمت الرضعة، وعلى هذا يمكن أن تتم الخمس في مجلس واحد، هذان قولان.
القول الثالث: أن الرضعة هي (فَعْلَة) مما يُعدّ رضعة أي: وجبة في الرضاع، كما تقول: أَكْلَة، كما جاء في الحديث: «إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ يَأْكُلُ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا»[[أخرجه مسلم (٢٧٣٤ / ٨٨) تامًّا بلفظ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأكْلَةَ فَيَحْمَدهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا».]] هل الحمد كلما أكلت لقمة قلت: الحمد لله، ولَّا عند الانتهاء؟
عند الانتهاء، فيكون الرَّضْعة كالأَكْلة تمامًا، فلا بد أن تكون الرضعة الأخرى منفصلة عنها بزمن يُعدّ انفصالًا كأن تكون واحدة في الصباح، وواحدة في المساء، وواحدة في الليل، وواحدة في السحر وما أشبه ذلك، وهذا هو اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله أن المراد بالرضعة ما انفصلت عن أختها انفصالًا بيّنًا لتكون رضعة كاملة، وإذا قدرنا أن الحديث يحتمل المعاني الثلاثة وهي: أيش؟ المصة، التقام الثدي، الوجبة من الرضاع، فالأصل الحِلّ حتى يقوم دليل بيّن على أن هذا الرضاع محرّم، وبناءً على هذا الأصل يكون الراجح الثالث ولَّا الأول ولَّا الثاني؟
* طلبة: الثالث.
* الشيخ: الثالث، وهو الأخير؛ لأن نقول: دلالة الحديث على المعنى الأول مشكلة فيها اشتباه، وعلى المعنى الثاني فيها اشتباه، وعلى المعنى الثالث تتفق الأقوال ما فيه اشتباه، وحينئذٍ نأخذ بهذا؛ لأن الأصل أيش؟ الحِلّ حتى يثبت التحريم بيقين ليرفع هذا الأصل، إذن الآية: ﴿اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ مطلق مُقيّد بماذا؟ بالسنة، خمس رضاعات، أيضًا في الآية إطلاق آخر: ﴿اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ ظاهر الآية أنه يشمل الإرضاع في الصغر والإرضاع في الكبر، فهل هذا مراد؟ نقول: نعم، هو مراد عند بعض العلماء عند الظاهرية مراد، أن إرضاع الكبير كإرضاع الصغير، واستأنسوا لقولهم بحديث سالم مولى أبي حذيفة حيث كان متبنًّى عند أبي حذيفة من أبنائه الذين تبنّاهم في الجاهلية، ومعلوم أنه إذا كان ابنًا فسوف يدخل على البيت ليلًا ونهارًا، وفي أقصى البيت وأدناه كالولد تمامًا، فلما أبطل الله التبنّي «جاءت امرأة أبي حذيفة إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقالت: إن سالِمًا كان يدخل علينا؛ يعني ويشق علينا أن نتحرّز منه، فقال: «أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٠٨٨) ومسلم (١٤٥٣ / ٢٨).]] يعني وإذا حرمتِ عليه جاز أن ينظر إليكِ، وأن يخلو بكِ وهو كبير، وهذا الحديث مطابق لظاهر الآية فيكون شاهدًا للإطلاق، أعرفتم؟
وقال بعض العلماء: إنه لا يُعتبر الرضاع إلا إذا كان في الحولين؛ لأن قوله: ﴿أُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ أي: الإرضاع المعتبر شرعًا، وقد قال الله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة ٢٣٣] فما كان في الحولين فهو رضاع معتبَر، وما كان بعد الحولين فلا عبرة به؛ لأن هذا هو زمن الإرضاع الذي قال الله تعالى فيه: ﴿اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ وهذا هو المشهور عند أكثر أهل العلم وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد أن العبرة بماذا؟
* الطلبة: (...).
* الشيخ: بالحولين، فما كان قبلهما فهو رضاع معتبر، وما كان بعدهما فليس بمعتبر، قالوا: وهذا حدّ فاصل لا يُبقِي اشتباهًا، وعليه فلو أرضعته ثلاث مرات في يوم السبت، والرابعة في ضحى يوم الأحد، والخامسة بعد ظهر يوم الأحد، لكن كانت ولادته عند زوال الشمس؛ يعني يتم سنتين عند زوال الشمس، فهل الرضاع معتبر أو غير معتبر؟
الطلبة: غير معتبر، على قول السنتين.
* الشيخ: غير معتبر؛ لأن الخامسة وقعت بعد الحولين فلا يعتبر مع أن الرابعة لم تتهضّم بعد من المعدة، هي في معدته، ولكن تمت السنتان، كما أن الرجل قبل تمام خمس عشرة سنة غير بالغ وبعدها بالغ؛ يعني لو أن الشخص فعل شيئًا يُشترط فيه البلوغ ضُحى اليوم الذي بلغ فيه فإنه لا يؤاخذ به، وآخر النهار يُؤاخذ به.
وقال بعض العلماء: المعتبَر الفطام، فما كان قبل الفطام فهو معتبر، وما كان بعده فليس بمعتبر لحديث: «لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا أَنْشَزَ الْعَظْمَ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامُ»[[أخرجه أبو داود (٢٠٦٠) بغير المقطع الأخير، وقد ورد تامًّا عند الطبراني في الكبير (٨٥٠٠) ولكن بلفظ: «لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْكَ، إِنَّمَا يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا أَنَبْتَ اللَّحْمَ وَشَدَّ الْعَظْمَ، وَلَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ».]] . وهذا وإن كان فيه شيء من النظر.. من الصحة يعني أنه ضعيف، لكن يؤيده النظر؛ لأن الإرضاع قبل الفطام يؤثر في نمو الولد، وليس له إلا هذا الغذاء، وبعده بعد الفطام لا فرق بين الصغير والكبير في تأثير أيش؟ الرضاع؛ لأنه إذا فُطم وصار لا يأكل إلا الطعام لا فرق بينه وبين من له عشر سنوات، تأثير الغذاء عنده باللبن كتأثيره عند صاحب عشر سنوات، وهذا القول -أعني أن الحكم معلّق بالفطام- اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ أن العبرة بالفطام، وهذا من حيث المعنى -كما سمعتم- أصح، لكن فيه شيء من العسر؛ وذلك لعدم انضباطه في بعض الأحيان؛ لأن الطفل ليس يُفطم مرة واحدة، بل يُفطم شيئًا فشيئًا لصعوبة الفطام عليه.
ولو قال قائل: باعتبار الأكثر من الفطام أو السنتين لم يكن هذا القول بعيدًا. يعني فإذا فطم قبل السنتين امتدّ الحكم إلى السنتين، وإن تمت السنتان قبل فطامه امتد الحكم إلى فطامه، لو قيل بهذا لكان جيدًا، لكن تعليقه بالفطام أصح من حيث المعنى؛ لأنه إذا فُطم لا يتغذّى باللبن، وليس معنى قولنا: لا يتغذى باللبن أنه لا يستفيد منه، لا، الإنسان يستفيد من اللبن لو له خمسون سنة، لو كان له خمسون سنة لاستفاد من اللبن، لكن لا يتغذّى به، ولا يصير غذاءً له إذا فُطم.
فإن قال قائل: ما الجواب عن إطلاق الآية وعن قصة سالم؟
قلنا: أما إطلاق الآية فقد ذكرنا أنها مقيّدة بعدد خمس رضعات، فلتقيّد بزمن أيضًا وهو (الحولين)، ثم إن ظاهر الآية أيضًا يؤيد اشتراط الفطام؛ لأنه قال: ﴿اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾. ومعلوم أن الكبار ليسوا من المراضيع قد فُطموا وانتهوا، فظاهره أن ﴿أَرْضَعْنَكُمْ﴾ يعني في وقت الرضاع.
ونرد عليهم بالنسبة لقصة سالم مولى أبي حذيفة بأحد وجهين، بل بأحد ثلاثة أوجه: إما أنها منسوخة، أو مخصوصة خاصة به عينًا، أو مخصوصة به نوعًا، عرفتم؟ منسوخة، أو مخصوصة به عينًا، أو مخصوصة به نوعًا. أما القول بأنها منسوخة فهذا ليس بشيء؛ لأن الأصل عدم النسخ، ولا بد من إثبات التاريخ وتعذّر الجمع، وأما القول: بأنها مخصوصة به عينًا فضعيف أيضًا؛ لأن الله عز وجل لا يمكن أن يخص أحدًا بحكم إلا لمعنى فيه حتى النبي عليه الصلاة والسلام ما خُصّ بما خُصّ به من الأحكام إلا لأنه نبي، لا لأنه محمد بن عبد الله؛ لأنه نبي، فلا بد من علّة يتغير بها الحكم ويُخصّص به من اتصف بها، وما المعنى الذي يخص به سالم حتى نقول: إن الحكم لا يتعداه، وأنه خاص به؟ لأننا إذا قلنا: إن الحكم لا يتعداه وأنه خاص به صار معناه أنه حُكِم له بذلك لأنه سالم مولى أبي حذيفة، وهذا لا معنى له، وعلى هذا فيضعف هذا القول أيضًا؛ أنه خاص به عينًا. بقي أن يكون خاصًّا به نوعًا؛ يعني فإذا وُجد حال مثل حال سالم ثبت الحكم، وهذا لا يمكن الآن، لماذا؟ لأن ابن التبنّي بطل، ما يمكن، وعلى هذا فلا يرد علينا أبدًا ما دمنا قررنا أنه لا أحد يخصّص عينًا بحكم من شريعة الله، لا بد أن يكون هناك معنى يتعدى إلى نوعه، وهذا لا يمكن، لكن شيخ الإسلام رحمه الله لم يعتبر في بعض كلام له كلامان: الكلام الأول يوافق ما قلت؛ أنه لا بد من مراعاة التبنّي، القول الثاني: يعتبر الحاجة، وأنه متى احتيج إلى إرضاع الكبير رُضِّع وثبت حكم الرضاع، ولكن قوله هذا ضعيف، كقول الجمهور؛ الجمهور يرى أن رضاع الكبير لا، قوله هذا ضعيف، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ» قالوا: يا رسول الله، أرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ » _من الحمو؟ أخو الزوج أو عمه أو خاله أو ما أشبه ذلك، قريبه_ «قال: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٢٣٢) ومسلم (٢١٧٢ / ٢٠).]] . ومعلوم أن أخ الزوج يحتاج إلى الدخول إلى بيت أخيه لا سيما إذا كانوا في بيت واحد، ولو كان إرضاع الكبير مؤثرًا لقال: الحمو ترضعه زوجة قريبه ليزول الحرج، فلما لم يقل ذلك عُلم أن مطلق الحاجة لا يؤثر في ثبوت حكم الرضاع في الكبير، وأنه لا بد أن تكون حاجة خاصة نتمشى بها على كل ما حصل في قضية سالم مولى أبي حذيفة، وإذا اعتبرنا ذلك صارت الآن أيش؟ غير موجودة، وبهذا تسلم الأدلة من التعارُض ويحصل الجمع بينهم.
فيه أيضًا ﴿أُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ هل لا بد من مباشرة الإرضاع بحيث لو صُبّ اللبن في إناء وشربه الطفل لا يؤثر أو لا؟
الجواب: لا، ليس من الشرط أن يلتقم الثدي، بل لو صُبّ في إناء وشربه وفُرّق له ذلك خمس مرات ثبت الحكم؛ لأن المعنى موجود في هذا كما هو موجود في التقام الثدي، هذا من حيث تغذّي الطفل باللبن، لكن يفقد منه الحنان والمحبة، فإن الرضيع إذا كان يلتقم الثدي حصل من حنان المرضعة ومحبتها له ما لم يحصل فيما لو صُبّ لبنها في إناء وأُسقي الطفل، فهل هذا معتَبر، وأن الشرع لاحظ التحريم بالرضاع؛ لأنه يحصل من المرضعة مثل ما يحصل من أم النسب من المحبة والحنو، ولذلك صارت هذه العلاقة مؤثرة؟ أو أن المقصود تغذي الطفل باللبن؟
هذا هو موضع خلاف فيما أظن، لكن الظاهر العموم؛ يعني أنه لا فرق بين أن يرتضعه من ثدي المرضعة أو أن يُصبّ له في إناء ويشرب؛ لأن الجسم يتغذّى بهذا وهذا، واضح؟ والله وأعلم.
* طالب: (...) على بعض النصوص التي وردت إما عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإما من السلف (...) في قول الأخ: لا يزيد عنها إلا هالك أو مشرك، معنى أو مشرك؟
* الشيخ: هذا الهالك تعُمّ المشرك وغير المشرك، لكن يعني عطف الخاص الأشد على الأخف هذا مما يتسامح فيه، وما دام لم يعزها للرسول عليه الصلاة والسلام فلا بأس، أما لو عزاها للرسول قلنا: لا تتجاوز.
* طالب: شيخ، الله يرحمك بالنسبة لما ذكره الأخان يعني الإمام السيوطي رحمه الله يقول: إن الإدراج في كلام النبي ﷺ مطلقًا حرام.
* الشيخ: هو ما عزاه للرسول.
* الطالب: لكن ذكره السامع قد يظن أنه..
* الشيخ: لكن كلمة قد احذفها هنا، ما عزاه للرسول.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ أخذنا منها فوائد، وتكلمنا على الرضاع مما يُغني عن إعادته.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن لبن الفحل محرِّم، أيش معنى لبن الفحل محرم؟ يعني أن الأخت من الأب من الرضاعة حرام؛ لعموم قوله: ﴿وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ وهذا -والله أعلم- من فائدة ذكر الأخوات دون البنات من الرضاعة، البنات من الرضاعة ما ذكرن والعمات ما ذكرن، لكن الأخوات تغني عن العمات؛ لأنهن حواشي، وهن أقرب الحواشي إلى الإنسان؛ إذن يستفاد من هذه الآية أن الأخوات من الأب، أو الأخوات من الأم، أو الأخوات من أم وأب من الرضاع كلهن حرام.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن أم الزوجة حرام بدون شرط؛ لقوله: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ فبمجرد العقد على المرأة عقدًا صحيحًا تحرم أمها، وكذلك جداتها وإن علون.
* ومن فوائدها: أن أم المزنيّ بها لا تحرم على الزاني خلافًا لما ذهب إليه كثير من أهل العلم؛ لقوله: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ والمزنيّ بها ليست من نسائه، ولا يمكن قياسها على نسائه، لأن نساءه حللن له بعقد شرعي صحيح، والمزنيّ بها لم تحلّ له، فكيف يُقاس السفاح على النكاح الصحيح؟!
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة أيضًا: بطلان قول من قال: إن التلوّط بالذكر -والعياذ بالله- كعقد النكاح، وأن من تلوّط بذكر حرمت عليه أمه كأم الزوجة، هذا منكر من القول! كيف تجعل هذه الفاحشة العظيمة بمنزلة النكاح الصحيح؟! فأم الملوط به حلال وليست حرامًا، لكن نعم اللائط والزاني لا يحل أن يُزوّج من أي امرأة حتى يتوب.
* ومن فوائد الآية الكريمة: تحريم الربيبة، لكن اشترط الله تعالى لتحريم الربيبة كم؟
* طالب: مذكورة في قوله تعالى: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ الشرط الأول أن تكون في حجره.
* الشيخ: الشرط الأول: أن تكون في حجره، والشرط الثاني: أن يكون قد دخل بأمها، ولكن دلت الآية الكريمة على أن الشرط كونها في الحجر غير مقصود، لبيان الواقع وليس شرطًا للحكم بدليل قوله: ﴿فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: تحريم حلائل الأبناء من زوجات أو مملوكات؛ لقوله: ﴿حَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ﴾ لكن المملوكة لا تكون حليلة إلا بالوطء، ولذلك لو أن شخصًا اشترى أمة ولم يطأها، ثم ملكها أبوه فإنها تحل لأبيه، لكن لو عقد على امرأة ولم يطأها ثم طلّقها فلا تحل لأبيه؛ لأن المملوكة لا تكون حليلة إلا بالوطء، وأما الزوجة فتكون حليلة بمجرد العقد الصحيح.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن حليلة ابن الرضاع لا تحرم لقوله: ﴿الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾.
وسبق في التفسير اختلاف العلماء هل هذا القيد مخرج لابن التبنّي أو لابن الرضاع؟ وذكرنا أن الصواب أنه مُخرج لابن الرضاع، أما ابن التبني فإنه ليس ابنًا شرعيًّا فلا يحتاج إلى قيد لإخراجه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: تحريم الجمع بين الأختين؛ لقوله: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ وعمومه يشمل الأختين من النسب والأختين من الرضاع، فلا يجوز أن يجمع الإنسان بين أختين من الرضاع ولا بين أختين من النسب، وهل هذا شامل لملك اليمين أو خاص بعقد النكاح؟ اختلف فيه السلف، والصحيح أنه شامل لملك اليمين وعقد النكاح، وأن الإنسان إذا كان عنده مملوكتان أختان ووطئ إحداهما فإن الأخرى تحرم عليه حتى يحرم الموطوءة بإخراج لها عن ملكه يبيعها مثلًا، أو يزوّجها بعد الاستبراء، أما ما دامت عنده وقد وطئها فإنه لا يحل له أن يطأ الأخرى. وبالنسبة للنكاح هل يشترط لتحريم الأخت أن يطأ التي عنده أو تحرم الأخت بمجرد العقد؟
* الطلبة: تحرم الأخت بمجرد العقد.
* الشيخ: تحرم الأخت بمجرد العقد، ولهذا يجوز أن يجمع بين الأختين في ملك يمين بعقد بيع أو غيره، ولا يجوز أن يجمع بينهما بعقد نكاح، والفرق أن ملك اليمين يُراد للوطء ولغيره، والنكاح للوطء، فصار الحكم ثابتًا بمجرّد عقد النكاح، أما في الإماء فبالوطء.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن ما سلف من الذنوب قبل الشرع فلا يُؤاخذ به؛ لقوله: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ وكذلك ما حصل من الذنوب بعد الشرع قبل علم الفاعل فإنه لا يؤاخذ به؛ لقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ [البقرة ٢٧٥] ولكن سبق لنا أنه إذا كان مفرّطًا في ترك السؤال فترك واجبًا من أجل هذا التفريط فإنه يلزمه قضاؤه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات اسمين من أسماء الله؛ هما: الغفور والرحيم، فبالمغفرة زوال المكروه، وبالرحمة حصول المطلوب، المغفرة للذنوب والرحمة للحسنات أن الله يرفع بها درجات، ومن هذين الاسمين نأخذ صفتين هما: المغفرة والرحمة؛ لأن من طريق أهل السنة والجماعة أن كل اسم من أسماء الله دال على ذات الله وصفته والصفة المشتق منها، فالغفور دال على الذات وعلى الصفة؛ وهي المغفرة، الرحيم دال على الذات وعلى الصفة؛ وهي الرحمة، وقد قسم العلماء -رحمهم الله- الرحمة إلى قسمين: عامة وخاصة؛ فالعامة هي الشاملة لجميع الخلق، ولكنها رحمة لا تتصل بها رحمة الآخرة إنما يتصل بها عدل الآخرة، وهذه للكافرين والمؤمنين، ورحمة خاصة للمؤمنين، هذه تتصل بها الرحمة في الآخرة بالرحمة في الدنيا، يكون الإنسان مرحومًا فيهما في الدنيا والآخرة؛ فمن الأول قوله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ﴾ [الكهف ٥٨] أي: عامة. وقوله: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة ٣]، ومن الثاني قوله تعالى: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب ٤٣]. ثم قال تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء ٢٤] يعني وحُرّمت عليكم المحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم، ﴿الْمُحْصَنَاتُ﴾ اسم مفعول من فعل رباعي، وهو (أُحْصِن)؛ لأن اسم المفعول يكون فعله مبنيًّا للمفعول، والإحصان يطلق على عدة معانٍ: فيطلق على الحرائر، ويطلق على العفيفات، ويطلق على المتزوجات، وكل هذا جاء في القرآن، قال الله تعالى في الأول: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء ٢٥] المراد بالمحصنات هنا الحرائر.
ومن الثاني: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [النور ٢٣] ﴿الْمُحْصَنَاتِ﴾ يعني العفيفات عن الزنا.
ومن الثالث: المتزوجات هذه الآية: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾. فإن قال قائل: مثل هذه الألفاظ المشتركة لعدة معانٍ كيف نعرف تعيين المعنى المقصود من هذه المعاني؟
نقول: نعرفه بالسياق، فإن لم يكن سياق يُعيّن فالصحيح أنه يجوز استعمال الاسم المشترَك في جميع معانيه ويكون شاملًا لها كما يشمل اللفظ العام جميع أفراده، فاللفظ المشترك بين معنيين فأكثر يكون عامًّا للمعنيين إذا لم يوجد قرينة تعيّن أحد المعنيين، انتبهوا للفائدة هذه.
كما أن اللفظ العام يشمل جميع أفراده، فاللفظ المشترك يشمل جميع معانيه، لننظر الآن في الأمثلة الثلاثة:
المثال الأول: أن المراد بالمحصنات الحرائر، ما هو السياق الذي يعيّن ذلك؟ قوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ ﴿مِنْ مَا مَلَكَتْ﴾ إذن المحصنات غير المملوكات، حرائر.
والثانية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ يعيّنها قوله: ﴿الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ غافلات عن الزنا، ولم يطرأ لهن على بال فهن عفيفات.
الثالثة: المتزوجات، هذه ليس في اللفظ الذي في الآية الكريمة ما يعيّن المراد، لكن السنة جاءت به، فما المحصنات وما معنى قوله: ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾؟ هل معناه أن الرجل إذا كان له أمة متزوجة فإنه يجوز أن يجامعها؟ لا، لكن المسألة وقعت في شيء معيّن؛ وهي المرأة المسبيّة في القتال مع الكفار إذا كانت ذات زوج، ثم ملكها المسلمون فإنها تحلّ لانفساخ نكاح زوجها الأول بسبيها، إذن المحصنات يعني المتزوجات اللاتي يُسبين بأيش؟ بالجهاد، فإذا سبين بالجهاد صرن أيش؟ ملكًا للسابي، وحينئذٍ تحل له، إذن ﴿الْمُحْصَنَاتُ﴾ يعني المتزوجات ﴿مِنَ النِّسَاءِ﴾ يعني المسبيّات؛ من النساء المسبيات، وذلك في قتال من؟
* طلبة: الكفار.
* الشيخ: الكفار، أما قتال المؤمنين فإنه لا سبي للنساء ولو كان قتالًا محرمًا كأهل البغي مثلًا فإن نساءهم لا يسبين، لكن المراد نساء الكفار. ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ يعني فإنهن حلال، لكن يجب أن نلاحظ حلال ما لم يكن من المحرمات قد تكون أخت الإنسان أو عمته أو ما أشبه ذلك، ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ ﴿كِتَابَ﴾ قيل: إنه مفعول لفعل محذوف أي: الزموا كتاب الله عليكم؛ أي: الزموا فريضة الله عليكم؛ لأن الكتاب هنا بمعنى (مكتوب)؛ أي: مفروض، والكتْب يأتي بمعنى الفرض كما في قوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة ١٨٣] الزموا كتاب الله عليكم؛ أي: الزموا فريضة الله عليكم، لا تتجاوزوها، وأكّد الله ذلك لأهميته، ويحتمل أن يكون ﴿كِتَابَ اللَّهِ﴾ مصدرًا لفعل محذوف أي: كتب الله كتاب الله عليكم، فيكون مصدرًا لفعل محذوف دل عليه السياق، لكن المعنى الأول كأنه أوضح ﴿كِتَابَ اللَّه ِ عَلَيْكُمْ﴾ أي: فرضه مفروض عليكم.
﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء ٢٤] ﴿أُحِلَّ﴾ وفي قراءة سبعية: ﴿أَحَلَّ﴾ فالقراءة السبعية ﴿أَحَلَّ﴾ أليق بالسياق في قوله: ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ والقراءة الأخرى السبعية ﴿أُحِلَّ﴾ أليق بالسياق في قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ يعني حُرّم مبني للمفعول. ﴿أُحِلَّ﴾ مبني للمفعول، فيكون تناسب بين اللفظين الدالين على هذين الحكمين، وعلى كل حال فالقراءة التي فيها البناء للمفعول حذف الفاعل؛ لأنه معلوم؛ لأن الخلق أو الشرع إذا بُنِي للمفعول فإنما ذلك للعلم بالفاعل؛ لأنه لا خالق إلا الله، ولا شارع إلا الله عز وجل.
وقوله: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ ﴿مَا وَرَاءَ﴾ هنا بمعنى دون أو سوى؛ يعني ما سوى ذلك فهو حلال، وهذا لفظ عام ﴿مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ لأن (ما) اسم موصول للعموم فتشمل كل ما سوى ذلك، وحينئذٍ نرجع إلى الآية ننظر ماذا يحدث. العمة من الرضاع، حلال؟
* طالب: (...).
* الشيخ: هل ذُكرت؟
* طالب: لا، العمة من الرضاع ما ذُكرت.
الشيخ: أخواتكم من الرضاعة؟ نقول: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٣٧٠) ومسلم (١٤٤٧ / ١٢). ]] فيكون هذا الحكم مما زادت به السنة، وما جاء عن رسول الله فهو كما جاء عن الله، من يطع الرسول فقد أطاع الله، ومن يعص الرسول فقد عصى الله، إذن تحريم العمة من الرضاع والخالة من الرضاع يُستفاد من أين؟
* طلبة: من السنة.
* الشيخ: من السنة، إذن ﴿أُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ دخله تخصيص، ما هو؟
* طلبة: العمة من الرضاع، والخالة.
* الشيخ: العمة من الرضاع والخالة من الرضاع ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾. طيب لو جمع الإنسان بين المرأة وعمتها؟
* طلبة: لا يجوز.
* الشيخ: لا يجوز؟ لا، الله قال: ﴿بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ ولا شك أن بين الأختين من الروابط ما ليس بين غيرهما.
* طلبة: السنة.
* الشيخ: نقول: جاءت به السّنة: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا»[[متفق عليه؛ البخاري (٥١٠٩) ومسلم (١٤٠٨ / ٣٣).]] . إذن عندنا الآن أربع: العمة من الرضاع، والخالة من الرضاع، والجمع بين المرأة وعمتها، والجمع بين المرأة وخالتها، كل ذلك مما جاءت به السنة فيكون مخصصًا لعموم قوله: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾. وهنا نسأل عن التحريم لأني نسيت أن آتي به، تحريم الجمع بين الأختين إلى متى ينتهي؟
* طالب: إذا حصل طلاق.
* الشيخ: إلى أن تموت؟
* طالب: أو حصل طلاق.. أو تطلق.
* الشيخ: أو تُطلّق.
* طالب: أو يفسخ العقد.
* الشيخ: طيب، إذا طُلّقت هل هناك تفصيل أو لا؟ نقول: إذا طلقت طلاقًا رجعيًّا وجب الانتظار حتى تنتهي العدة؛ يعني لو طلّق امرأته ولها أخت طلاقًا رجعيًّا _وعرفتم الطلاق الرجعي من قبل_ فإنه يجب الانتظار بالإجماع حتى تنتهي العدة، إذا كان الطلاق بائنًا، بل قل: إذا كان الفراق بائنًا بطلاق ثلاث، أو طلاق على عِوض، أو فسخ، فهل يجب الانتظار حتى تنتهي العدة أو له أن يتزوج أختها؟
المشهور من مذهب الحنابلة أنه يجب الانتظار، يجب الانتظار حتى تنتهي العدة؛ لأنها إلى الآن مشغولة بحق من حقوق الزوج، فيجب الانتظار. وقال بعض العلماء: إذا كان الفراق بائنًا بفسخ أو طلاق على عِوض أو طلاق ثلاث فإنه يصح أن يتزوج أختها..
بل قل: إذا كان الفراق بائنًا بطلاق ثلاث، أو طلاق على عوض أو فسخ، فهل يجب الانتظار حتى تنتهي العدة أو له أن يتزوج أختها؟
المشهور من المذهب -الحنابلة- أنه يجب الانتظار حتى تنتهي العدة؛ لأنها إلى الآن مشغولة بحق من حقوق الزوج، فيجب الانتظار.
وقال بعض العلماء: إذا كان الفراق بائنًا بفسخ، أو طلاق على عوض، أو طلاق ثلاث؛ فإنه يصح أن يتزوج أختها؛ لأنها الآن ليست زوجة، والله قال: ﴿أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ [النساء ٢٣] والآن ما فيه جمع، بانت منه.
ولو قال قائل بالتفريق بين البينونة الكبرى والصغرى، لكان له وجه، بأن يقال: إن كانت بائنًا بطلاق ثلاث أو بفرقة لعان فإنه يجوز أن يتزوج أختها بمجرد الفراق؛ لأنه لا يمكن أن يرجع على هذه، وإن كان البينونة بغير ذلك كالطلاق على عِوَض والفسخ فإنه لا يتزوجها؛ لأنه في هذه الحال يمكنه أن يراجعها بعقد.
لو قال قائل بهذا لكان له وجه، وكان بعض قول من يقول بالجواز مطلقًا، لكن الجواز مطلقًا أقرب إلى القواعد، أي إذا كان الطلاق بائنًا، سواء كان مما يمكن الرجوع فيه أو لا فإنها تحل، يحل أن يتزوج أختها؛ لأنه لم يجمع بين الأختين.
طيب إذا جمع بين امرأتين عمتين؟ ما هي عمة وبنت أخيها، بين امرأتين عمتين؟
* طالب: أخوات.
* الشيخ: لا يجمع بين المرأة وعمتها.
* طلبة: العمتين أخوات.
* الشيخ: كيف؟ العمتين خوات؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: كيف العمتين خوات؟
* طالب: قد يكون.
* الشيخ: ما يصير، إذا (...) خوات (...) خوات، أخوات في الإسلام يعني؟
السؤال الآن: هل يجوز أن يجمع بين عمتين؟
* طالب: لا يجوز.
* الشيخ: لأنه إذا امتنع بين المرأة وعمتها فبين العمتين من باب أولى. هل يجوز أن يجمع بين خالتين؟
* طالب: يمكن يا شيخ.
* الشيخ: أنا أقول: هل يجوز يجمع بالنكاح، هل يتزوج الخالتين، كل واحدة خالة للثانية؟
* طالب: كل واحدة خالة للثانية؟
* الشيخ: هذا كلامنا. أصل ما يتزوج عمته ولو بإفراد، أن يجمع بين عمتين؛ يعني كل واحدة عمة للثانية، هل يجوز ولّا لا؟ أعطوني الحكم؟
* طلبة: ما يجوز.
* الشيخ: هل يجوز أن يجمع بين خالتين؟
* طلبة: لا يجوز.
* الشيخ: لا يجوز؟ (...) ما هي صعبة، جدًّا سهلة، أنا كنت أظنكم تصورون. امرأتان عمتان: كل واحدة عمة للثانية، امرأتان خالتان: كل واحدة خالة للثانية؟
* طلبة: ما يجوز.
* الشيخ: ما يجوز؟
* طلبة: ما يجوز.
* طالب: (...).
* الشيخ: طيب ما هي؟
* الطالب: عمتها من أمها، وعمتها من أبيها.
* الشيخ: لا.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، نسب.
خلوها إلغازًا لكم إلى الأسبوع القادم إن شاء الله، بشرط ألا تراجعوا شيئًا من كتب التفسير (...) صوروها، وسهلة جدًّا، ما (...) أسهل منها.
* طالب: (...) نكاح فاسد.
* الشيخ: لا، نكاح صحيح، نكاح صحيح من الأصل، كله نكاح صحيح.
المهم على كل حال خلوها لغزًا كيف يتصور أن تكون امرأتان كل واحدة عمة للأخرى، أو كل واحدة خالة للأخرى.
على كل حال الجمع بينهما حرام.
* طالب: الدليل؟
* الشيخ: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ و«لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا»[[متفق عليه؛ البخاري (٥١٠٩) ومسلم (١٤٠٨ / ٣٣) من حديث أبي هريرة.]]، إذا كان لا يجوز الجمع بين المرأة وبنت أخيها فكذلك بين المرأة وعمتها، اللي هي عمتها، كل واحدة عمة للأخرى، هذه ما فيها إشكال، الحكم ما فيه إشكال، لكن التصوير هو الذي قد يستبعده الإنسان، ولكنه أدنى من شراك نعله، قريب.
* طالب: سؤال يا شيخ: رجل وابنه يتزوج أم وبنتها.
* الشيخ: لا، هذا يجي شيء آخر.
إذا تزوج رجلان كل واحد أم الآخر صارت بنتاهما عمتين، وإذا تزوج كل واحد بنت الآخر صارت خالتين.
* طالب: أحسن الله إليك، إذا كانت أخته من الرضاع كتابية، فهل تحل؟
* الشيخ: أخته من الرضاع ما تحل، أخته من الرضاع كتابية أو مسلمة، كله واحد، هذه الأحكام ثابتة، أُم الإنسان حرام عليه لو كتابية، لو أنها كافرة مشركة، حرام عليه.
* طالب: قلنا: إن المحصنات المتزوجات إلا المسبيات، ثم نزلت حكم المسبيات كأنهن المحصنات، حتى أنا توقفت عن الكتابة.
* الشيخ: نعم ، هن المحصنات، لكن لما سبين ملكن، يعني امرأة متزوجة..
* طالب: يعني المحصنات ألسن هن المتزوجات الحرائر يعني أم يشمل هذا وهذا؟
الشيخ: لا، هذا وهذا ما يهم، لكن حتى الحرائر عند الكفار إذا سبيناهن صرن ملكًا لنا، فالمعنى إذا كانت امرأة متزوجة عند الكفار، زوجها كافر وسبيت وملكها المسلمون، فإنها تحل.
* طالب: تزوج رجل امرأة ولم يدخل بها، وكان له أولاد، وكانت هذه المرأة ترضع، فأرضعت ولدًا، فهل يحل أولاد الرجل هذا لولد المرأة؟
* الشيخ: يعني هل يكون أخًا لأولاده من غيرها؟ طيب اللبن لمن؟
* الطالب: للزوج الأول.
* الشيخ: إذن ما تكون في العيال.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي بس اللبن ما هو له، اللبن للزوج الأول.
* طالب: أحسن الله إليك، إذا كان في قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ المستثنى بمعنى لا (...) فما فائدة قوله: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾؟
* الشيخ: من قال هذا؟
* طالب: (...) المحصنات إذا سبين (...) ما فائدة قوله: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾؟
* الشيخ: يعني كل ما سبق، من قال: المسألة خاصة فقط ﴿أُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ يعني ما سوى المذكورات كلهن من قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ إلى آخره.
* طالب: ما هو بعائد على قوله ﴿إِلَّا مَا﴾..؟
* الشيخ: ما هو بعائد على المستثنى في قوله: ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾، عائد على ما سبق؛ لأن ما ملكت أيمانكم حلال.
* طالب: ما هو الضابط في التحريم من الرضاع؟
* الشيخ: الضابط: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٦٤٥) ومسلم (١٤٤٧ / ١٢) من حديث ابن عباس.]].
* طالب: (...).
* الشيخ: المحرمات من النسب كذلك، يعني الضوابط التي ذكرها الفقهاء، يقول: يحرم على الإنسان في الرضاع الأصول وإن علون، والفروع وإن نزلن، وكذلك الفروع الأصل الأدنى وإن نزلن، وفروع الأصل الأعلى لصلبهم خاصة فقط، نفس الشيء يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
* طالب: للرضيع؟
* الشيخ: بالنسبة للرضيع وذريته، لكن بالنسبة لأصوله وحواشيه ما لهم دخل في الموضوع، يعني الرضاع هذه مسألة ينبغي أن يتفطن لها، الرضاع لا علاقة له بقرابة الرضيع إلا نسله فقط، ذريته، ولهذا يجوز لأخيه من النسب أن يتزوج ما أرضعته أمه من الرضاع، ويجوز أن يتزوج أخته من الرضاع، وأخوه من النسب؛ لأن الرضاع لا علاقة له بمن سوى الرضيع إلا ذريته فقط.
* طالب: و﴿مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ يعني ما سوى ذلك (...)، وليس المراد الآية (...) ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ﴾؟
* الشيخ: تدخل في هذا، يعني: أحل لكم ما سوى ما حرمنا عليكم.
* طالب: (...) ﴿أَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ (...) .
* الشيخ: إحنا ذكرنا الفائدة قبل قليل، الفائدة لأجل أن يتبين أن لبن الفحل محرم، يعني: لئلا يقول قائل: إن المحرمات ما جاء من قبل الأم فقط كما قاله بعض العلماء، فمثلًا أختك من الأب ما رضعت أمها أنت، أختك من الأب من الرضاع يعني مثلًا أتت من زوجة أخرى غير اللي أنت رضعت منها، هذا قد يقول قائل مثل لو قال: أمهاتكم من الرضاعة: إنه لا أثر في الرضاع إلا للأم ومن تفرع منها، فلما قال: أخواتكم من الرضاعة صار فيها فائدة أن الأخت من الأب من الرضاع حرام.
* طالب: (...) «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ».
* الشيخ: نعم صحيح، هذا هو الدليل على حلها، حليلة ابنك هي حرام عليك من النسب ولّا منين؟
* طالب: حرام علي.
* الشيخ: منين؟
* طالب: من النسب (...).
* الشيخ: لا، ما بينك وبينها نسب، حرام من الصهر، حليلة ابنك، رجل له ولد، وللولد زوجة، زوجة ابنه حرام عليه، ما العلاقة بينه وبينها؟
* طالب: الصهر.
* الشيخ: ولَّا نسب؟
* طالب: بيني وبينها صهر.
* الشيخ: صهر ، والحديث «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٦٤٥) ومسلم (١٤٤٧ / ١٢) من حديث ابن عباس.]].
* طلبة: «مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ».
* الشيخ: ولهذا يعني -سبحان الله العظيم- بعض العلماء ذكر الإجماع على أن حليلة الابن من الرضاع كحليلة الابن من النسب، ويستدلون كلهم يستدلون بهذا الحديث، وهذا الحديث إذا تأملته وجدته حجة عليهم؛ لأنه لا نسب بين الإنسان وبين حليلة ابنه، ولا بينه وبين حليلة أبيه.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، أنا أقول يعني: مسألة أن كونك نقول: يجوز أن تتزوجها لا تتزوجها.
* طالب: وكذلك تحتجب عنه؟
* الشيخ: تحتجب بناءً على رأي الجمهور، الجمهور يرون أنها ما تحتجب عنه، وشيخ الإسلام يرى أنها تحتجب عنه، والجمهور يرون أنها ما تحل له، وشيخ الإسلام يرى أنها تحل له، نحن نقول الآن نأخذ بالقولين بناءً على الاحتياط ولَّا على ما فيه احتياط الآن.
لكن لو سألنا سائل، قال: إذن يجوز أن أتزوج زوجة والدي من الرضاعة إذا طلقها؟
نقول: نعم، إذا لم يبق في الدنيا إلا هي تزوجها ما فيه مانع، لكن ما دام أن النساء غيرها كثير وتخرج بتزوجك غيرها من خلاف جمهور العلماء أحسن وأحوط، المسألة ما هي هينة.
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، وهذا يشعر بالتوقف، هذا يشعر بأنه متوقف.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي وحرمتها، هذا يشعر بالتوقف، ولكن لا وجه للتوقف في الحقيقة؛ لأن نقول: إن قوله: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ إذا ملك أختين يدخل في الآية، كما أن ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ يشمل المملوكة، هو رضي الله عنه توقف، لكن الأمر واضح، حتى «قال بعض الناس لابن مسعود: » ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ «قال: طيب، وبعيرك مما ملكت يمينك هل تزوجها؟»[[أخرجه الطبراني في الكبير (٩٦٦٧) من حديث ابن مسعود بلفظ: جملك مما ملكت يمينك.]]
* طالب: وابن تيمية (...) ها القول هذا؟
* الشيخ: والله ما أعلم أنه صدق، لكن هو -رحمه الله- لا بد أن له سلفًا؛ لأنه إذا لم يجد سلفًا يقيد، لما قال في المطلقة ثلاثًا: إنها تستبرأ بحيضة قال: هذا هو مقتضى النص، إلا أن يكون الإجماع على خلافه، وهنا ما استثنى.
* طالب: (...) أحد الإخوان فقال: كيف تقول بها القول؛ لأن هذا يعني بأن يبقى (...) مكتوبًا (...).
* الشيخ: لا، ما هو مكتوب، فين مكتوب؟ خلوه يثبت لي حديث واحد عن الصحابة أنهم قالوا: إن حليلة الابن من الرضاع كحليلة الابن من النسب، ما يقدر يثبت.
* طالب: (...).
* الشيخ: من سلفنا في هذا؟ ما هم الصحابة؟ خلوه يثبت هذا، فالصحابة ربما أنهم فهموا فهم شيخ الإسلام ومشوا عليه ولا يبالون، ثم جاء من بعدهم وصارت المسألة هكذا.
* طالب: (...).
* الشيخ: بس مين يقول: إنه ما تبين الآن.
* طالب: يعني عامة العلماء (...) اهدنا الصراط المستقيم تجد عامة العلماء (...) حقيقة الأسباب وما أمر الله به ثم بين.
* الشيخ: لا، ما يقول، ما يقول كذا، شيخ الإسلام ما هي بعادته المخالفين يتكلم ها الكلام.
* طالب: (...).
* الشيخ: يعني يقول مع المخالف ها الكلام.
* طالب: (...).
* الشيخ: على كل حال، نحن نطالبك بصحة النقل، بارك الله فيك، إنما على كل حال المسألة هذه ما يمكن أنت (...) عن الخلفاء الراشدين، أو عن فقهاء الصحابة أنهم قالوا: إن زوجة الابن من الرضاع أو الأب من الرضاع كزوجته من النسب وحينئذ؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، خابر، أنا بس اللي يقولون الناس: إنه ما بال الحق إلا على يد شيخ الإسلام، إحنا نقول: طيب، لا بأس ، مثل اللي يقول مثلا: استوى على العرش، جيبوا لنا حرفًا واحدًا عن الصحابة صحيحًا أنه بمعنى: علا على العرش، يحتاج هذا؟ ما يحتاج، مفهوم، فالشيء المفهوم ما يحتاج أننا نعلم بأنه عُمل به أو قيل به، ماشي على الأصل، وأنت إذا تأملت في القرآن ﴿حَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ [النساء ٢٣]، و«يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٦٤٥) ومسلم (١٤٤٧ / ١٢) من حديث ابن عباس.]]، ثم العلاقة بين البنوة النسبية والأبوة النسبية في الهيبة والاحترام لنسائهم ما هو مثل العلاقة بين الرضاع.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، أنا شخصيًّا صارت لي رضاعة.
* طالب: (...).
* * *
* الشيخ: المهم على كل حال، لو تنصحونهم، أفضل ما ندرس وأشرف ما ندرس –والله- علم التفسير، هو رأس المال وكل شيء، وفيه لو أردنا فيه كل الفنون، إذا شئتم أعربنا، إذا شئتم جئنا بالنكت البلاغية، إذا شئنا جئنا بالأصولية، بالفقه، لكن ما نحن بنطول، إحنا الآن يمكن سنتين ندرس ما وصلنا للنساء، بادئين بالتفسير، إي نعم سنتين أو أكثر، المهم على كل حال إحنا ما ودنا نطول مرة مرة، لكن ودي تنصحون إخوانكم احرصوا على التفسير؛ لأنه هو الأصل ، «الصحابة لا يتجاوزون عشرة آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل»[[أخرجه أحمد في المسند (٢٣٤٨٢) عن بعض أصحاب النبي ﷺ.]]، الله المستعان. إحنا طولنا، مثلًا المسائل اللي يحتاج التطويل فيها طولنا فيها، والمسائل اللي تتمر نظيرها؛ لأن القرآن كما تعرفون فيه آيات يمر نظيرها ما يحتاج أن الإنسان يكثر فيها.
* طالب: (...).
* الشيخ: الحمد لله، كفينا بجواب الإخوان.
{"ayah":"حُرِّمَتۡ عَلَیۡكُمۡ أُمَّهَـٰتُكُمۡ وَبَنَاتُكُمۡ وَأَخَوَ ٰتُكُمۡ وَعَمَّـٰتُكُمۡ وَخَـٰلَـٰتُكُمۡ وَبَنَاتُ ٱلۡأَخِ وَبَنَاتُ ٱلۡأُخۡتِ وَأُمَّهَـٰتُكُمُ ٱلَّـٰتِیۤ أَرۡضَعۡنَكُمۡ وَأَخَوَ ٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَـٰعَةِ وَأُمَّهَـٰتُ نِسَاۤىِٕكُمۡ وَرَبَـٰۤىِٕبُكُمُ ٱلَّـٰتِی فِی حُجُورِكُم مِّن نِّسَاۤىِٕكُمُ ٱلَّـٰتِی دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمۡ تَكُونُوا۟ دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ وَحَلَـٰۤىِٕلُ أَبۡنَاۤىِٕكُمُ ٱلَّذِینَ مِنۡ أَصۡلَـٰبِكُمۡ وَأَن تَجۡمَعُوا۟ بَیۡنَ ٱلۡأُخۡتَیۡنِ إِلَّا مَا قَدۡ سَلَفَۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق