الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [النساء ١٣٦] كلما رأيت الخطاب مصدرًا بـ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فانتبه له، كما يُذكر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «إذا سمعت الله يقول:» ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ «فأرْعها سمعك؛ فإما خير تؤمر به، وإما شر تُنهى عنه »[[الزهد لابن المبارك (١ / ١٢) وحلية الأولياء (١ / ١٣٠) من حديث عبد الله بن مسعود.]]. وقد ذكرنا فوائد تصدير الخطاب بـ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فلا حاجة إلى تكراره؛ لأنه معلوم. وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ قد يقول قائل: كيف يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ثم يقول: ﴿آمِنُوا﴾ والأمر بالحاصل لغو؟ وخطابهم بالإيمان، ثم أمرهم به هذا أمر بشيء حاصل؟ فيقال: لا، هذا الفهم خطأ، والمراد بقوله: ﴿آمِنُوا﴾ أي: حقِّقوا إيمانكم، واثبتوا عليه؛ فيكون الأمر بالإيمان في قوله: ﴿آمِنُوا﴾ أمرًا بأمرين: الأول: تحقيق الإيمان؛ أي: الحرص على تكميله من كل وجه. والثاني: الثبات عليه؛ لأنه كم من مؤمن يزِلّ، ويُقصّر. وقوله: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ المراد بالرسول هنا: محمد عليه الصلاة والسلام؛ بدليل ما يأتي بعد. فما هو الإيمان بالله؟ الإيمان بالله ذكرنا فيما سبق، ولا حرج أن نعيده الآن؛ أن الإيمان بالله يتضمّن أمورًا أربعة: الإيمان بوجوده، والإيمان بربوبيته، والإيمان بألوهيّته، والإيمان بأسمائه وصفاته؛ هذا الإيمان بالله من أنكر واحدًا منها فإنه لم يؤمن بالله. الإيمان بالرسول عليه الصلاة والسلام يتضمّن الإيمان بأنه رسول الله حقًّا، وأنه جاء بالحق فيصدقه فيما أخبر، ويمتثل أمره فيما أمر، وينزجر عما عنه نهى وزجر. ﴿وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ﴾. والمراد به هنا: القرآن ﴿وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ﴾ وعبّر عنه بقوله: ﴿نَزَّلَ﴾ عبر عن تنزيله بـ﴿نَزَّلَ﴾؛ لأنه ينزل شيئًا فشيئًا كما قال تعالى: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ [الإسراء ١٠٦]. ﴿وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ﴾ (الكتاب) هنا اسم جنس، فـ(أل) هنا للاستغراق؛ أي: وكل كتاب أنزل من قبل، وعبر عن الكتب السابقة بـ﴿أَنْزَلَ﴾؛ لأنها تنزل جملة واحدة. الإيمان بكتاب الله: هو أن تُؤمن بأنه من عند الله حقًّا، وأن ما جاء فيه من أخبار فهو صدق، وما جاء فيه من أحكام فهو عدْل، وأنه مهيمن على الكتب السابقة ناسخ لها. والإيمان بالكتاب الذي أنزل من قبل: أن تؤمن بأن كل رسول قد أنزل الله عليه كتاب، وتؤمن بما جاء من الكتب بالتعيين مثل: التوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف إبراهيم وموسى، وأن تؤمن بأنها من عند الله عز وجل، وأن تؤمن بكل ما صح فيها من خبر. وقيّدنا: بكل ما صح فيه من خبر؛ لأنه دخلها التحريف، والتبديل، والتغيير. وأما الأحكام فلستَ مأمورًا باتباعها إلا حيث أمرك شرعك. وقد اختلف العلماء رحمهم الله في شرع من قبلنا هل هو شرع لنا، أو ليس بشرع؟ والتحقيق: أنه شرع لنا؛ لقوله تعالى: ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام ٩٠] إلا إذا ورد شرعنا بخلافه، فإنه يكون منسوخًا على أن العمل بالأحكام التي في الكتب الموجودة الآن بأيدي أهل الكتاب ليس مأمونًا؛ لأنهم حرّفوا، وبدّلوا، وغيّروا. ثم قال: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ كم هذه من أركان الإيمان؟ خمسة؛ باقي الإيمان بالقدر مذكور في آيات أخرى، من يكفر بالله؛ فينكره، أو ينكر ما ثبت له من حقوق، أو من أسماء، وصفات؛ فقد ضل ضلالًا بعيدًا، وكذلك من يكفر بالملائكة. والملائكة: هم عالم غيبي خلقهم الله عز وجل؛ ليقوموا بطاعته، ورتّب لهم وظائف، كل على حسب ما تقتضيه حكمة الله عز وجل، وهم أشرف من الجن وأقوى وأعظم؛ فإن «النبي ﷺ رأى جبريل على صورته التي خُلق عليها له ست مئة جناح قد سد الأفق »[[متفق عليه؛ البخاري (٣٢٣٢)، ومسلم (١٧٤ / ٢٨٢) من حديث ابن مسعود، دون قوله: قد سد الأفق.]]. وهذا شيء عظيم؛ العفريت من الجن قال لسليمان: ﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ﴾ [النمل ٣٩]، والملك جاء به قبل أن يرتد إليه طرفه، وهذا أقوى وأعظم. الملائكة: منهم من نعلمهم بأعيانهم مثل: جبريل، ميكائيل، وإسرافيل، مالِك خازن النار، رضوان -إن صح- خازن الجنة، منكر ونكير إذا صح؛ وهما اللذان يسألان المرء عند دفنه. أما عزرائيل، فلم يصح، وهو مشهور عند العامة شهرة الشمس في رابعة النهار، فمن هو؟ ملك الموت عند العامة اسمه عزرائيل، وهذا الاسم عند العامة أشهر من اسم جبريل؛ لكنه لم يصح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه بهذا الاسم. نؤمن أيضًا بما علمنا من أعمالهم وأوصافهم، نحن نعلم أن جبريل عليه السلام موكّل بالوحي، وفيه حياة الأرواح، والقلوب، وأن إسرافيل موكّل بالنفخ في الصور، وفيه الحياة الآخرة حين ينفخ في الصور، فتخرج الأرواح تحل في أجسادها، ميكائيل؛ مُوكّل بالقطر والنبات؛ وفيه حياة الأرض. وهؤلاء الثلاثة كان النبي عليه الصلاة والسلام يستفتح صلاة الليل بقوله: «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ»[[أخرجه مسلم (٧٧٠ / ٢٠٠) من حديث عائشة.]] لأن في هؤلاء الملائكة كل واحد له حياة معينة، ونحن الآن في استقبال النهار، واستقبال النهار بعد النوم يعتبر حياة جديدة؛ كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ﴾ [الأنعام ٦٠]. كذلك الكتب؛ الإيمان بالكتب سبق بيانه. الرسل، أيضًا نؤمن برسل الله عز وجل على سبيل الإجمال، وعلى سبيل التعيين؛ فيمن علمناه بعينه، وليس كل الرسل قد علمناهم؛ لقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ﴾ [النساء ١٦٤]. ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾ [غافر ٧٨] لكن نؤمن بهم على سبيل الإجمال. وأما المعيّن: فنؤمن به على سبيل التعيين؛ وكيف نؤمن بهم؟ نؤمن بأنهم رسل الله، وأنهم صادقون، فيما أخبروا به عن الله عز وجل، وأنهم مبعوثون إلى أقوامهم، وأنهم أدوا الرسالة؛ ولهذا سنُستشهد يوم القيامة لهم وعلى أممهم كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة ١٤٣]. يقول عز وجل: ﴿وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ وهو يوم البعث، وسمي اليوم الآخر؛ لأنه يوم انتهى ليس بعده يوم. الدنيا ثلاث مراحل: مرحلة الأجنة، ومرحلة الحياة، ومرحلة البرزخ؛ والرابع: النهاية؛ مرحلة البعث؛ ولهذا يسمى اليوم الآخر. ﴿فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ هذا جواب الشرط، شرط من؟ ﴿فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ وصار في متاهات بعيدة؛ لأن هذه الأشياء أمرها ظاهر، فجحدها وإنكارها ضلال بعيد ومكان سحيق. * في الآية الكريمة فوائد: * أولًا: وجوب الثبات على الإيمان؛ لقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ إلى آخره. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة أيضًا: وجوب تكميل الإيمان؛ بناء على أن قوله: ﴿آمِنُوا﴾ أي: اثبتوا وحققوا الإيمان بإكماله. * ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب الإيمان بالله عز وجل ورسوله وكتابه؛ لقوله: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ﴾. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن القرآن مُنزَّل؛ لقوله: ﴿الْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ﴾. وفيما يتعلق بالله عز وجل فيه أن القرآن كلام الله؛ لأنه نزل من عنده فيكون كلامه. وعلوّ الله عز وجل أيضًا؛ لقوله: ﴿نَزَّلَ﴾ والتنزيل يكون من أعلى إلى أسفل؛ وكل هذا أمر معلوم في العقيدة درستموه والحمد لله، لا حاجة للإطالة فيه. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن القرآن مُنزّل على محمد عليه الصلاة والسلام؛ لقوله: ﴿عَلَى رَسُولِهِ﴾؛ وأين منتهى نزوله؟ قلب النبي عليه الصلاة والسلام؛ لقول الله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ﴾ [الشعراء ١٩٣، ١٩٤] فقد حلّ في قلب الرسول عليه الصلاة والسلام ووعاه وبيّنه، ولم يفته حرف واحد كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة ١٨، ١٩]. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن القرآن الكريم نزل مفرّقًا؛ لقوله: ﴿نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ﴾. واستشهدنا بالآية الكريمة: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ [الإسراء ١٠٦]. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب الإيمان بالكتب السابقة؛ لقول الله تعالى: ﴿وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ﴾. فلو أن أحدًا قال: أنا أؤمن بالقرآن، لكن التوراة والإنجيل لم تنزل على رسولنا فلن أؤمن بها؟ قلنا: أنت كافر الآن، كافر مرتد؛ لأنه لا بد أن تؤمن بالكتاب الذي أنزل من قبل كما أمرك الله. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن هذا القرآن الكريم ختام الكتب؛ من أين تؤخذ؟ ﴿الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ﴾ ولم يقل: ومن بعد، إشارة إلى أنه لا كتاب بعد هذا القرآن الكريم. * ويتفرع على هذه الفائدة: أنه لا رسول بعد محمد ﷺ؛ لأنه لو ثبت أن هناك رسولًا بعده للزم أن ينزل عليه كتاب. * ومن فوائد الآية الكريمة: التحذير من الكفر؛ لقوله: ﴿فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾. * ومن فوائدها: أنه لا يصح الإيمان المبَعّض؛ بمعنى أن يؤمن ببعض ويكفر ببعض؛ لقوله: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾. * ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب الإيمان بما ذكر، وهي خمسة أركان من أركان الإيمان الستة. * ومن فوائدها: وجوب الإيمان بكل ما أخبر الله به، أو أخبر به رسوله مما يكون في اليوم الآخر؛ لأن الإيمان باليوم الآخر ليس أن تؤمن بأنه سيكون، بل أن تؤمن بكل ما يجري فيه مما جاء في الكتاب والسنة؛ بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: مما يدخل في الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي ﷺ مما يكون بعد الموت. فجعل من الإيمان باليوم الآخر الإيمان بعذاب القبر؛ وقوله حق؛ لأن من مات خلاص انتهى من الدنيا، دخل في اليوم الآخر. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن الضلال يتفاوت؛ بعضه أشد من بعض؛ لقوله: ﴿فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾. إذن هناك ضلال ليس ببعيد وهو كذلك؛ فالضلال يتفاوت، والإيمان يتفاوت، والأعمال تتفاوت ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾ [الأنعام ١٣٢]؛ فمثلًا جنس الواجب أفضل من جنس المستحب، ففريضة الصلاة أفضل من نافلتها، قراءة الفاتحة أفضل من قراءة السورة التي بعدها؛ لأن قراءة الفاتحة ركن وما بعدها غير ركن؛ صيام رمضان أفضل من تطوع بصوم في أيّ زمان، وهلم جرًّا. جنس الفريضة أفضل من أيش؟ من جنس النافلة، ودليل هذا قوله تعالى في الحديث القدسي: «مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ»[[أخرجه البخاري (٦٥٠٢) من حديث أبي هريرة.]]؛ ثم أجناس الأعمال تختلف بعضها من أركان الإسلام، وبعضها ركن مؤكّد، وبعضها دون ذلك، وبعضها ليس من أركان الإسلام؛ إذن أعمال أهل الخير وأعمال أهل الشر كلها تتفاوت، وينبني على ذلك تفاوت الإيمان وتفاوت الفسق فيكون هذا أقوى إيمانًا وذاك أضعف، والفسق هذا أعظم فسقًا وهذا دون ذلك، ففاعل الكبيرة أعظم فسقًا من فاعل الصغيرة إذا فسق بفعلها، وهذا الأصل هو الذي عليه أهل السنة والجماعة على أن الأعمال تتفاضل، وأن العاملين يتفاضلون سواء السيئ أو الصالح.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب