الباحث القرآني
يقول الله عز وجل: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾.
(مَن) هذه شرطية وليست موصولة؛ لأن الفعل بعدها مجزوم فهي شرطيّة، وفكّ الإدغام هنا جائز، ولو أدغم لقيل: ومن يشاقّ الرسول.
﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ﴾ (أل) هنا للعهد، أي العهود؟ الذهني؛ فالمراد به الرسول الذي أُرسل لهذه الأمة وهو محمد ﷺ.
﴿مِنْ بَعْدِ﴾ متعلّق بمشاقة؛ يعني: وُجِدَت مشاقته. ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾، أي: تبين له الحق وظهر، والهدى العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن المعلوم أن النبي ﷺ بُعِث بالهدى ودين الحق، فالهدى هو العلم النافع، ودين الحق هو العمل الصالح.
﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ معطوفة على ﴿يُشَاقِقِ﴾؛ يعني: يجمع بين أمرين: مشاقة الرسول، واتباع غير سبيل المؤمنين، وما معنى المشاقّة؟ المشاقّة معناها أن يكون في شِق غير شِق الرسول عليه الصلاة والسلام، فهي مأخوذة من (الشِّقّ)، وليست من المشقة.
وقوله: ﴿غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يمكن أن نجعل (غير) صفة لموصوف محذوف، أي: ويتبع أيش؟ سبيلًا غير سبيل المؤمنين، ويمكن أن نجعلها مفعولًا به بدون أن نقدّر موصوفًا، وسبيل المؤمنين هي طريقهم، ومن المعلوم أن المؤمنين ليس لهم طريق إلى الله إلا بشرعه.
﴿نُوَلِّهِ﴾ هذا جواب الشرط.
﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ يعني: نتخلى عنه، ونجعل أمره إلى ما تولّاه؛ كقوله ﷺ: «وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٥٢٩)، ومسلم (١٩٠٧ / ١٥٥) من حديث عمر بن الخطاب.]].
ومعنى ﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ أي: نتركه فلا نتولّاه، ونقول: لك ما تولّيت، ومن تعلّق شيئًا وُكِلَ إليه.
﴿وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ﴾ أي: نُدخله جهنم حتى يَصْلَاها، وصَلْيُهَا أي احتراقه بها.
﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ الجملة جملة إنشائية للذم، أي: ما أسوأها مصيرًا! والمصير بمعنى المرجِع، هذا معنى الآية.
فهذه الآية فيها التهديد والوعيد على مَن شاقّ الرسول عليه الصلاة والسلام، واتبع غير سبيل المؤمنين بأن الله تعالى يعاقبه على ذلك بعقوبتين؛ العقوبة الأولى أيش؟ أن الله يولّيه ما تولّى ويتخلّى عنه، والعقوبة الثانية أن الله يُصليه جهنم، وجهنم هي اسم من أسماء النار.
* فنستفيد من هذه الآية؛ أولًا: تحريم مشاقّة الرسول، وأنها من كبائر الذنوب، وجهه أنه رُتِّب عليها العقوبة؛ التخلّي عنه وصَلْيُه جهنم.
فإن قال قائل: هل هذا عام في كل مشاقّة، أو هو مقيَّد بحسب ما تقتضيه النصوص؟ أيش؟
الجواب: الثاني؛ لأنه بعض المعاصي ما تُخْرج من الدين، ولا يترتب عليه هذا العقاب، نعم، لو أن الإنسان أراد بمعصيته مخالفة الرسول صراحة وعدم رضاه بهذا الحكم، فهذا يكْفُر لا من أجل المعصية التي فعلها، ولكن من أجل المشاقة والمخالفة وعدم الالتزام بما جاء به الرسول.
* ومن فوائد هذه الآية: العذر بالجهل؛ لقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾، فلو أنكر الإنسان شيئًا مما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، وصار يُحاجّ عليه، لكنه جاهل فإنه معذور؛ لأن الآية صريحة: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن ما جاء به النبي ﷺ فهو هدى ونور، ولكن كيف يتبين؟ يتبين بأن يتأمل الإنسان ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام من العبادات والأخلاق والمعاملات وغير هذا..
بما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام وصار يُحاج عليه لكنه جاهل، فإنه معذور؛ لأن الآية صريحة ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن ما جاء به النبي ﷺ فهو هدى ونور، ولكن كيف يتبين؟ يتبين بأن يتأمل الإنسان ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام من العبادات والأخلاق والمعاملات وغير هذا، فإذا تأمله بعلم وعدل تبين له الحق، إذا تأمله بعلم، والثاني عدل، يعني منصف؛ فإنه يتبين له الهدى، ويعرف أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو حق.
* ومن فوائد هذه الآية: أنه مع التردد لا تقوم الحجة؛ لقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ﴾، لكن على الإنسان أن يتبين، ولا يقول: خلاص أنا والله ما اتضح لي الحق ولا أبحث. بل يجب أن يبحث.
وهذا يرد علينا في بعض البلاد الإسلامية يكون فيها عوام مشركون شركًا صرحًا ما فيه إشكال، يعبدون القبور ويستغيثون بالأموات وغير ذلك مما يأتونه من الشرك الأكبر، ويقال لهم: إن هذا شرك. لكن لا يبحثون؛ فهؤلاء لا يعذرون بجهلهم، لماذا؟ لأنهم لم يطلبوا التبين، وهم مفرطون بلا شك.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الاحتجاج بالإجماع؛ لقوله: ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، فإنه يستدل بذلك أن سبيل المؤمنين حق، وهو كذلك، يعني: أن الأمة إذا أجمعت على شيء فإنه حق، ولا يمكن لهذه الأمة التي اختارها الله عز وجل وجعلها هي شهيدة على الناس ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة ١٤٣] ، وهي تشهد على أفعالهم وعلى أحكام أفعالهم، لا يمكن أن يقال: إن إجماعها ضلالة أبدًا، بل إجماعها على الشيء حق.
ولكن الذي يبقى هو تحقيق الإجماع، هذا هو المشكل هو تحقيق الإجماع؛ لأنك أحيانًا ترى من العلماء الأجلاء من ينقل الإجماع، والخلاف أيش؟ قائم موجود، وبعض العلماء -عفا الله عنهم- لا يقول: لا أعلم مخالفًا، لو قال كذا لكان معذورًا، لكنه يقول: بالإجماع، أو أجمعوا على كذا، والخلاف موجود بكثرة.
ومن الغرائب أنه نقل الإجماع على أن شهادة العبد مردودة، ونقل إجماعًا آخر على أن شهادة العبد مقبولة، يمكن هذا؟ ما يمكن، لكن سببه هو عدم التحري والاطلاع على أقوال أهل العلم.
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله طائفة كبيرة في كتاب الصواعق المرسلة مما نقل فيه الإجماع ونقله أئمة أجلاء وليس فيه إجماع.
نضرب مثلًا من الأمثلة -بالإضافة إلى مسألة شهادة العبد- نقل بعض العلماء: الإجماع على أن الطلاق الثلاث بكلمة واحدة يُبِين المرأة وقال: هذا مجمع عليه، ومن قال بأنه لا يُبِينُها، فقد خرج عن الإجماع وخالف سبيل المؤمنين، أفهمتم؟
هذا الإجماع لا يمكن أن يصح أبدًا، لا بعد عهد عمر، ولا قبل عهد عمر، أما قبل عهد عمر رضي الله عنه فإنه لا يصح قطعًا، فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: «كان الطلاق الثلاث في عهد النبي ﷺ، وفي عهد أبي بكر، وسنتين من خلافة عمر واحدةً»[[أخرجه مسلم (١٤٧٢ / ١٥) من حديث ابن عباس.]].
كان واحدة؛ يعني: الرجل إذا قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق؛ فهي واحدة؛ «ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لرُكانة لما قال: إني طلقتها ثلاثًا في مجلس واحد. قال: «فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ؟» قال: نعم، قال: «تِلْكَ وَاحِدَةٌ فَارْتَجِعْهَا»[[أخرجه أبو داود (٢١٩٦)، وأحمد (٢٣٨٧) واللفظ له من حديث ابن عباس.]].
وهذا واضح أنه كرر فقال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. لكن سأله فقال: في مجلس واحد؟ لأنه إذا كان في مجلسين، فيحتمل أنه راجع فيما بين الطلقتين، وإذا راجع فيما بين الطلقتين صارت الثانية أيش؟ واقعة.
فعلى كل حال، أنا أريد أن أمثل أن بعض العلماء نقل الإجماع على أنها تبين بالطلاق الثلاث، سواء كانت متفرقة أو مجموعة، ونحن نقول: هذا لا يصح؛ لأنه إذا كان في عهد الرسول ﷺ، وفي عهد أبي بكر، وسنتين في خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، كيف يصح الإجماع؟!
ولهذا قال بعض العلماء: إن الإجماع على أنها لا تقع إلا واحدة، وأنه إجماع قديم سابق، وهذا الذي قال ذلك أسعد بالصواب من الذي قال: إن الإجماع على أنها تبين به المرأة، لا شك عهد الرسول وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر.
فالمهم أن هذه مسائل يحتاج الإنسان فيها إلى التحرير، إلى تحرير المسألة والاطلاع الكامل، وعُرف عن بعض العلماء التساهل في نقل الإجماع، وعذرهم في ذلك أنهم لم يطلعوا على مخالف فتساهلوا في الأمر.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن سبيل المؤمنين طاعة الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه قال: ﴿مَنْ يُشَاقِقِ﴾ ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، إذن سبيل المؤمنين هي عدم المشاقة، وهو كذلك.
وكلما كان الإنسان أقوى إيمانًا كان أقوى اتباعًا لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، حتى كأنه يشاهد الرسول أمامه يتبع أثره، وإذا اتبع الإنسان هذه الطريقة حصل له الراحة والطمأنينة وقوة الإيمان، كلما فعل شيئًا كأن الرسول أمامه يرشده بقوله أو بفعله، وهذه مسألة يجب علينا أن ننتبه لها، وأن لا تضيع علينا أعمالنا سدًى؛ لأنَّ أَكْثَرَنا عنده الاتباعُ المطلق -والحمد لله- لكن الاتباع الخاص في كل فعل يفعله أو يقوله هذا يُفْقَد منا كثيرًا، فلا بد من التنبه له.
* ومن فوائد الآية الكريمة: عقوبة من شاق الرسول واتبع غير سبيل المؤمنين بأنه يولى ما تولى فيضيع، وهذا هو الواقع؛ ولهذا قال الله تعالى في آية أخرى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ﴾ أيش؟ ﴿أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ﴾ [المائدة ٤٩]، فالذنب سبب لذنب آخر، وكلما أذنب الإنسان ذنبًا، فليتهيأ لذنب آخر عقوبة له إلا أن يتوب.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات النار والعذاب بها؛ لقوله: ﴿وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾.
والسؤال عن هذه النار -أعاذنا الله وإياكم منها- هل هي الآن موجودة؟ الجواب؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: وهل هي مؤبدة؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: نعم، هذا الذي عليه أهل السنة والجماعة، ولم يُعرَف لأحد في ذلك خلافٌ إلا أقوالًا شاذة لا عبرة بها؛ لأن الله صرح بتأبيدها في آيات ثلاث من القرآن الكريم؛ وهي: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (١٦٧) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [النساء ١٦٧ - ١٦٩]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (٦٤) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الأحزاب ٦٤، ٦٥]، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الجن ٢٣]، أعاذنا الله وإياكم منها.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: ثناء الله بالذم والقدح على النار؛ لقوله: ﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾، وصدق الله عز وجل، فإن أسوء مصير يصير إليه الإنسان أن يصير إلى النار، اللهم احفظنا.
* طالب: قاعدة العذر بالجهل ألا يشكل عليها قوله تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [الأنفال ٢٢، ٢٣] ألا تشكل عليها هذه الآية؟
* الشيخ: لا، ما تشكل عليها، هذه الآية من المتشابه، والآية الأخرى واضحة صريحة، المعنى ﴿لَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ﴾ أي: سماعًا ينتفعون به، لكن مع ذلك لو أسمعهم سماعًا ينتفعون به، فإن ما في قلوبهم من الزيغ لا يَقْوُون معه على الاتباع.
* الطالب: الآن يعني الكفار (...) في العالم (...) الذين لم تصلهم الدعوة لا تنطبق عليهم آية الأنفال؟
* الشيخ: هذه -بارك الله فيك- يقال: إن أمرهم إلى الله؛ لأن هؤلاء لا يدينون بالإسلام، فيجعلون كأهل الفترة، لكن إذا كان يدين بالإسلام لكن عنده شرك يجهله، فهنا نقول: هو مسلم معذور بجهله؛ لأن هناك فرقًا بين أن يدين بالكفر والشرك وهو لا يريد الإسلام، وبين شخص آخر يقول: إنه مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، لكن عنده شرك، والنتيجة بينة في هذا، أما الذين لم تبلغهم الدعوة، فالصواب أن أمرهم إلى الله، وأن لا نلحقهم بالمسلمين ظاهرًا، فإذا ماتوا بين أيدينا، فإنا لا نصلي عليهم ولا ندفنهم معنا، أما في الآخرة فأمرهم إلى الله.
* طالب: لو اتفقت الأمة على رأي في مسألة وخالف خمسة أو عشرة فهل هذه المخالفة لا تضر سبيل المؤمنين وأنه ينعقد الإجماع مع مخالفة هؤلاء الخمسة أو العشر؟
* الشيخ: لا، لا إجماع مع مخالفة الخمسة والعشرة، بل ولا مع مخالفة الواحد والاثنين، إلا عند بعض العلماء، ابن جرير رحمه الله يرى أن خلاف الواحد والاثنين لا ينقض الإجماع، والصواب أنه لا بد من إجماع كل المجتهدين، العوام لا نعتبرهم، والمقلدون لا نعتبرهم؛ لأن العلماء أجمعوا على أن المقلد ليس من العلماء فلا يعتبر قوله؛ لأن المقلد نسخة من كتابٍ مؤلَف في هذا المذهب.
* الطالب: ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يقول: لا دلالة على الإجماع في هذه الآية؛ لأن الإجماع يكون من المجتهدين، وهنا المؤمنين يشمل العامي والمقلد والعالم، فخصوص وتخصيص المؤمنين بالمجتهدين يحتاج إلى دليل؟
* الشيخ: إي نعم، نقول: سبيل المؤمنين العامي، العامي تابع (...)، ما له رأي في الواقع ولا يعد؛ ولذلك تجد العامي في بلد يتبع العالم الذي في بلده، حتى إنه قبل أن يوجد يعني الاتصال التام الآن بين الناس إذا قيل مثلًا في الرياض قال: الشيخ في الرياض كذا وكذا، ثم قيل: وقال: الشيخ في بلد آخر كذا وكذا، ما يعتبرون القول الثاني؛ لأن العامي مع شيخ بلده.
* طالب: نقل عن الإمام أحمد أنه قال في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْءَانُ﴾ [الأعراف ٢٠٤] الآية أنهم أجمعوا أنها في الصلاة. ونقل عنه أنه قال: من ادعى الإجماع فقد كذب لعلهم اختلفوا؟
* الشيخ: كيف نوفق بين قوله في هذا وهذا؟
يقال: إن قوله: أجمعوا أنها في الصلاة؛ يعني: أنه لا يجب علي أن أستمع لقراءة قارئ إلى جنبه مثلًا، ما يجب عليه، هذا المراد، وهذا أمرٌ الإجماع عليه ظاهر ما فيه إشكال.
وأما الإجماع الذي أنكره فهو الإجماع الذي لا سند له، وأصل هذا الكلام قاله في الرد على أهل التعطيل الذي يقول قائلهم: هذا إجماع أهل الحق، وما أشبه ذلك.
(...) ما هي الهجرة؟
* طالب: الهجرة لغة هي: الترك.
وشرعًا هي: ترك البلاد التي لا يقيم الإنسان فيها دينه إلى بلاد يستطيع أن يقيم فيها دينه، وعرف بعضهم: الانتقال من بلد الشرك إلى بلاد الإسلام.
* الشيخ: أحسنت، ﴿يُهَاجِرْ﴾ لماذا لم تكن (يهاجروا)؟
* طالب: فعل الشرط.
* الشيخ: فعل الشرط؛ لأن (من) شرطية تجزم، فهي فعل الشرط.
اقرأ ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ﴾ الطائفة الثانية ﴿وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾، ولم يذكر الحذر في الطائفة الأولى؟
* طالب: لأن الطائفة الثانية يكون العدو قد تنبه وربما هاجمهم وهم يصلون، فأمرهم الله بأخذ الحذر والأسلحة.
* الشيخ: أحسنت، الطائفة الثانية سيكون العدو قد تنبه، فربما يكر عليهم؛ فلهذا قال: ﴿وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾.
هذه الصفة من الصفات خرجت عن المألوف في الصلوات، من كم وجه؟
* الطالب: من وجوه؛ منها: أن (...).
* الشيخ: منها: أن الركعة الثانية أطول من الأولى، والأصل؟
* الطالب: الأصل أن الأولى أطول من الثانية.
* الشيخ: الأصل أن الأولى أطول من الثانية، صح، ومنها؟
* الطالب: أنه جاز للمأمومين أن ينفصلوا عن الإمام.
* الشيخ: نعم، جواز انفراد المأمومين عن الإمام، تمام.
* الطالب: ومنها: أن الطائفة الثانية يأتمون بإمام ويصلون وينتظرون.
* الشيخ: يقضون ما فاتهم قبل سلام الإمام.
* الطالب: نعم.
* الشيخ: أي الطائفتين كانت مع الإمام الأولى أو الثانية؟
* الطالب: الثانية مع الإمام.
* الشيخ: الثانية، الدليل؟
* الطالب: الدليل قوله تعالى: ﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾.
* الشيخ: ﴿فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾، والأولى ماذا قال؟
* الطالب: والأولى: ﴿فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ﴾؛ لأن الأولى صاروا من وراء والثانية..
* الشيخ: لكن ما هو الذي يؤخذ من الآية الكريمة أن الثانية هي التي مع الإمام؛ لقوله: ﴿فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾، وهذا صحيح، لكن ما هو الدليل على أن الأولى لم تصل معه؟
* الطالب: الدليل أن الإمام سبق..
* الشيخ: الدليل ما هو التعليل، وأنت قلت: أن الإمام. معناها التعليل.
* الطالب: قوله ﴿فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾.
* طالب آخر: قوله: ﴿فَإِذَا سَجَدُوا﴾.
* الشيخ: ﴿فَإِذَا سَجَدُوا﴾ فأثبت انفرادهم، ﴿فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ﴾.
وهل يحكم للأولى بإدراك صلاة الجماعة حكمًا؟
* طالب: حكمًا نعم.
* الشيخ: حكمًا نعم، الدليل؟
* الطالب: قوله تعالى: ﴿فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾.
* الشيخ: لكن قال: ﴿فَإِذَا سَجَدُوا﴾.
* الطالب: الطائفة الأولى؟
* الشيخ: إي الطائفة الأولى.
* الطالب: (...).
* الشيخ: حكمًا؟
* طالب: قوله تعالى: ﴿فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ﴾ قوله: بعد ﴿فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ ﴿فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾؟
* الشيخ: حديث: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٨٠)، ومسلم (٦٠٧ / ١٦١) من حديث أبي هريرة.]]، وأنا لم أقل: ما هو الدليل من الآية، حتى تحتجوا عليَّ، الدليل عمومًا.
* طالب: قوله: ﴿مَعَكَ﴾.
* الشيخ: لكن قال: ﴿فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾ ولم يقل: فلتصل، هي قامت، لكن حكمًا أدركت صلاة الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ».
هل حمل السلاح في هذه الحال واجب؟
* طالب: الراجح..
* الشيخ: أنا لا أريد الراجح وما راجح، نحن الآن نأخذ من الآية.
* طالب: الآية تدل..
* الشيخ: تدل على الوجوب، الدليل؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، هذا قد يكون للاستحباب؛ لأن الأصل أن حَمْلَ الإنسانِ ما يشغله في صلاته ممنوعٌ، فتكون اللام هنا في مقابلة المنع.
* طالب: قوله تعالى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ فنفي الجناح..
* الشيخ: اصبر كمل.
* طالب: ﴿أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ﴾.
* الشيخ: أحسنت، من قوله تعالى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ﴾، فمفهوم الآية الكريمة: إذا لم يكن هذه الحال، فعليكم الجناح.
يرى بعض العلماء جواز حمل السلاح النجس في هذه الحال للضرورة؟
* طالب: (...).
* الشيخ: هذا خارج عن مدلول الآية؛ لأن الآية ما فيها ذكر لهذا، وهذا هو الأقرب: أنه يجوز أن يحمل السلاح النجس للضرورة.
هل يؤخذ من الآية الكريمة: أن الكفار يحرصون على عدم تسليح المسلمين كما هو الشأن الآن في البوسنه والهرسك؟
* طالب: يؤخذ.
* الشيخ: من أين؟
* الطالب: قوله: ﴿وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً﴾.
* الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك، هذا صحيح، الكفار يودون أن نغفل عن أسلحتنا فكيف يعطوننا؟
وهل في الآية ما يدل على شدة حنق الكفار بالنسبة للإغارة علينا؟
* طالب: من الآية.
* الشيخ: أي الآية؟
* الطالب: ﴿وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ﴾.
* الشيخ: لا.
* طالب: قوله: ﴿فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً﴾.
* الشيخ: قوله: ﴿فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً﴾.
أنت اقتصرت عن..
* طالب: أنا قلت: الآية.
* الشيخ: لا، ما يصلح الآية هو يجب الشاهد، لاحظوا هذه لعلها تفوتكم، يعني: واحد يطلب منه حكم معين، ثم يذكر أول الآية ولا يذكر ما يدل على الحكم المعين، هذا لا يعتبر شيئًا.
قوله: ﴿مَيْلَةً وَاحِدَةً﴾ أي: مجهزة تقضي عليكم؟
* طالب: قوله في الكفار ﴿وَدَّ الَّذِينَ﴾.
* الشيخ: إي نعم، الشاهد: ﴿فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً﴾ تدل على الحنق وشدة الغيظ وأنهم مقبلون بقوة.
* * *
* الطالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (١٠٣) وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء ١٠٣، ١٠٤].
* الشيخ: ما هي الحكمة من قوله: ﴿إِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾؟ ما الحكمة من الأمر بذكره بعد الفراغ من الصلاة؟
* طالب: (...).
* الشيخ: غير هذا.
* الطالب: الذكر يكون العبد دائمًا بصلة بربه سبحانه وتعالى، فلما قضيت الصلاة ولم يكن فيه ذكر، فكأنما انفصل العبد عن ربه (...) يذكر الله ليكون دائمًا متصل بربه سبحانه وتعالى.
* الشيخ: يعني كأنه يقول: لا تجعلوا اتصالكم بالله وذكركم إياه في الصلا فقط. وتقول: خلاص انتهت الصلاة ونغفل عن ذكر الله. ونظير ذلك جاء في الجمعة: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الجمعة ١٠] لا تغفلوا، وهذا تنبيه مهم.
رجل صلى بعد خروج الوقت متعمدًا، فماذا تقول في صلاته؟
* طالب: صلاته باطلة.
* الشيخ: باطلة؟ بعد الوقت ما هو قبل الوقت، صلى بعد الوقت متعمدًا بلا عذر صلاته باطلة؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: من أين تأخذ؟
* طالب: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾.
* الشيخ: الدليل مركب؟ هو لا بد من دليل يعضد هذا مركب معه.
* طالب: (...).
* الشيخ: هذا استدل به، لكن قلنا: لا بد أن يضاف إلى هذا دليل آخر.
* طالب: هذه الآية مع قول النبي ﷺ:« «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨ / ١٨) واللفظ له من حديث عائشة. ]].
* الشيخ: أحسنت، يدل على البطلان هذه الآية بالانضمام إلى قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ؛ لأن هذا الذي ترك الصلاة حتى خرج وقتها عمل عملًا ليس عليه أمر الله ورسوله، بل عليه نهي الله ورسوله، فتكون صلاته باطلة.
وهل هذا من باب الرحمة به أو من باب العقوبة؟
* طالب: هذا الذي ترك الصلاة وخرج وقتها..
* الشيخ: حتى خرج وقتها وقلنا: لا تَقْضِ؟
* طالب: من باب العقوبة.
* الشيخ: من باب العقوبة أو من باب الرحمة حتى لا يتعب؟
* الطالب: من باب العقوبة فقط.
* الشيخ: ما وجهه؟
* الطالب: لو قضاها ألف مرة لا تكفي ولا تجزئه.
* الشيخ: إي، لكن ما وجه كون هذا عقوبة وليس رحمة؟ لأن الآن عندنا رجلان أحدهما نسي خمس صلوات وقلنا: اقضها. والثاني تعمد أن يترك خمس صلوات وقلنا: استرح لا تقضها؟
* طالب: الأول يعلم بأنها (...) وفي الثاني (...).
* الشيخ: إلى الآن ما أعددنا جوابًا ما حددت الجواب.
* طالب: بالنسبة لتارك الصلاة إذا تركها متعمدًا (...).
* الشيخ: يعني هذا كأنه إعراض عنه وعدم رضا بفعله، أعرضَ عنه ولم يرضَ بفعله بخلاف الذي قيل له: صلِّ، وصلاتك هذه كفارة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٩٧)، ومسلم (٦٨٤ / ٣١٤) من حديث أنس بن مالك.]].
هل عدم المحافظة على الوقت ينافي كمال الإيمان؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: الدليل من الآية؟
* طالب: ﴿عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾.
* الشيخ: الدليل قوله: ﴿كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾، والمؤمن سوف يحافظ على هذا الكتاب الموقوت.
ما الحكمة من هذه الآية التي بعدها: ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ﴾ إلى آخره، يعني ما المراد بها؟
* طالب: لما ذكر حكم صلاة..
* الشيخ: لا، ما أريد حكمة صلة هذه بما قبلها، أريد ما الحكمة من ذكر هذه؟
* الطالب: نهي عن أن يضعف المؤمنون ويهنوا في طلب الكفار.
* طالب: (...).
* الشيخ: تسلية المؤمنين المجاهدين، تسليتهم، يقول: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ﴾ [آل عمران ١٤٠] ﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ﴾ لكن العاقبة؟ ﴿وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾؛ ولهذا لما قال أبو سفيان في غزوة أحد: «يوم بيوم بدر والحرب سجال. أجابه المسلمون فقالوا: لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار»[[أخرجه البخاري (٤٠٤٣) من حديث البراء بن عازب، وأحمد (٢٦٠٩) واللفظ له من حديث ابن عباس.]]. وهذا لا شك أن فيه تسلية وتقوية للمؤمنين في طلب أعدائهم.
في الآية إشارة إلى أنه لا يشهد للشهيد بأنه في الجنة؟
* طالب: قوله تعالى: ﴿وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾.
* الشيخ: ﴿تَرْجُونَ﴾، والرجاء قد يتحقق وقد لا يتحقق؛ ولهذا نهي أن نقول عن شخص معين بأنه شهيد إلا من شهد له الرسول عليه الصلاة والسلام، فمن شهد له الرسول بالشهادة شهدنا له، وكذلك من شهد له القرآن كما في غزوة أحد حيث قال الله عز وجل: ﴿وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾.
في حديث أحد: لما صعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الجبل، وارتجف بهم، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان قال: «اثْبُتْ أُحُدُ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ»[[أخرجه البخاري (٣٦٧٥) من حديث أنس بن مالك.]]، يعني: أصناف الخلق الأربعة وجد منهم على هذا الجبل كم صنفًا؟ ثلاثة: نبي، وصديق، وشهيد.
الآن نحن نشهد أن عمر شهيد، وأن عثمان شهيد، ونشهد أيضًا أن ثابت بن قيس رضي الله عنه شهيد؛ لأن الرسول قال له: «تَعِيشُ حَمِيدًا، وَتُقْتَلُ شَهِيدًا، وَتَدْخُلُ الْجَنَّةَ»[[أخرجه ابن حبان في صحيحه (٧١٦٧)، والحاكم في المستدرك (٥١٠٥)، والطبراني في المعجم الكبير (١٣١١) من حديث ثابت بن قيس.]]، في قصة معروفة وهي: «لما نزل قول الله تعالى: » ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ « كان هو -رضي الله عنه- قوي الصوت جهوري الصوت؛ ولهذا كان خطيبًا وشاعرًا للرسول عليه الصلاة والسلام، جمع بين الخطابة والشعر، فاختفى في بيته يبكي، خاف أن يحبط عمله وهو لا يشعر رضي الله عنه » -لكن والله ما خاف العقاب إلا من يأمنه، من خاف من عقاب الله أمنه الله منه- «ففقده النبي عليه الصلاة والسلام فسأل عنه، فقيل له: إنه كان في بيته وأرسل إليه، وأخبر بالسبب قال: إن الله يقول: » ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ وإني يا رسول الله، أخاف أن يحبط عملي وأنا لا أشعر، فقال له: «بَلْ تَعِيشُ حَمِيدًا، وَتُقْتَلُ شَهِيدًا، وَتَدْخُلُ الْجَنَّةَ»[[أخرجه ابن حبان في صحيحه (٧١٦٧) من حديث ثابت بن قيس، والحاكم في المستدرك (٥١٠٧) من حديث ابنة ثابت بن قيس، والطبراني في مسند الشاميين (٢٥٨٢) من حديث أنس، وأصله في مسلم (١١٩ / ١٨٧) من حديث أنس مختصرًا.]]، فعاش حميدًا، وقتل شهيدًا، ونشهد أنه سيدخل الجنة، رضي الله عنه.
وفي قتله قصة غريبة: «لما قتل رضي الله عنه مر به أحد الجنود، فأخذ درعه الذي كان عليه، أخذه له، وكان في طرف الجيش فوضعه تحت بُرْمَة» -أتعرفون البرمة؟ قِدر من الفخار من الطين المشوي يكون الحجري- «فوضع الدرع تحتها، فرأى أحد أصحاب ثابتٍ ثابتًا في المنام وقال له: إن فلانًا أو رجلًا» -نسيت أنه عين الرجل أو أنه قال: رجلًا- «مر بي وأخذ الدرع ووضعه تحت بُرْمَة في طرف الجيش وعنده فرس يَسْتَنُّ، وأخبر خالدًا بأني أوصي بكذا وكذا، فليبلغ ذلك أبا بكر، فلما أصبح الرجل جاء إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه وأخبره بالخبر، فذهبوا إلى الجهة التي قالها، وإذا بالدرع تحت البُرْمَة وعنده فرس يَسْتَنُّ، فأخذه، وبلغت وصيته أبا بكر فأنفذها»[[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (١٣٢٠) من حديث ثابت بن قيس.]].
قال العلماء: ولا يوجد أحد نفذت وصيته بعد موته إلا ثابت بن قيس، أوصى بعد موته ونفذت، فالحاصل أننا لا نشهد لأحد بالشهادة إلا من شهد له الرسول عليه الصلاة والسلام، ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام: «أن الحريق شهيد، وأن الغريق شهيد، وأن المبطون شهيد، وأن المطعون شهيد، وأن من مات بهدم شهيد»[[أخرجه أبو داود (٣١١١)، والنسائي (١٨٤٦) من حديث جابر بن عتيك بلفظ «الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ».]]، فهل إذا مات أحد بهذه الأسباب نقول: هو شهيد بعينه؟
لا، لكن نرجو أن يكون شهيدًا؛ وذلك لأن المظهر قد يكون على خلاف المخبَر، لكن نقول: نرجو أن يكون من الشهداء، والحمد لله شهادتنا لا يتوقف عليها كونه شهيدًا إن كان من الشهداء، أليس كذلك؟ وعدم شهادتنا لا يمنع أن يكون شهيدًا إن كان من الشهداء، لكن يكفينا أن نرجو أن يكون من الشهداء.
* طالب: معنى (يستن)؟
* الشيخ: يستن الفرس: إذا كان واقفًا على ثلاثة قوائم، يقال: إنه يستن.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (١٠٥) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٦) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ [النساء ١٠٥- ١٠٧].
* الشيخ: في هذه الآية الكريمة ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾ ما يفيد أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يحكم برأيه؟
* طالب: قوله: ﴿لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾..
* الشيخ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾، وجه الدلالة؟
* الطالب: الله عز وجل قال: ﴿بِمَا أَرَاكَ﴾.
* الشيخ: ولم يقل: بما؟
* طالب: ولم يقل: بما ترى.
* الشيخ: بما ترى، ولأنه أيضًا جعل حكمه مبنيًّا على إنزال الكتاب.
ويدل لهذا الأمر الواقع فقد أذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمن أذن له من المنافقين، وقال الله له: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ [التوبة ٤٣]، لكن الله قال ذلك له بهذا العتاب اللطيف؛ حيث قدم العفو على المؤاخذة أو على المعاتبة، كل هذا احترامًا للرسول عليه الصلاة والسلام، ونظير ذلك قوله: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ [عبس ١ - ٣] ولم يقل: عبست، كراهة أن يخاطبه بهذا الأمر الذي يلام عليه، نسأل الله أن يجعلني وإياكم من المعظمين له ولرسوله.
قوله: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ هل يفيد أن هذا واقع منه فنهي عنه؟
* طالب: لا يفيد ذلك.
* الشيخ: لا يفيد ذلك، ليش؟ ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾؟
* الطالب: هذا كقوله جل وعلا: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر ٦٥].
* الشيخ: والشرك؟
* الطالب: بعيد عنه ﷺ.
* الشيخ: ممتنع، صح، بارك الله فيك.
قوله: ﴿خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ لو قال قائل: كلمة (أثيم) هل هي صفة قيد أو صفة كشف؟ يعني هل هي صفة مقيدة أو صفة كاشفة؟
* طالب: مقيدة.
* الشيخ: مقيدة؛ لأن الخوَّان قد لا يأثم، يأثم؟ إذا كان مقيدة، فمعناه: أن الخوان ينقسم إلى قسمين: أثيم، وغير أثيم.
* طالب: كاشفة.
* الشيخ: كاشفة، توافقون على هذا؟ نعم، هي صفة كاشفة؛ لأن كل خوان فإنه أثيم، فإنه آثم.
نظير هذا -في الصفة الكاشفة- قول الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال ٢٤] ولا يدعونا إلا لما يحيينا، وكذلك قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة ٢١]، فإن من المعلوم أننا لو جعلنا ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ صفة قيد لكان هناك ربٌّ لم يخلقنا، وليس كذلك، بل هذا صفة كاشفة، والصفة الكاشفة تكون في الغالب بيانًا للواقع أو تعليلًا للحكم، هذا هو الغالب.
ما هي القصة التي تشير إليها هذه الآيات ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ﴾ إلى آخره؟
* طالب: (...)رجل من المنافقين سرق درعا (...) عند اليهودي (...).
* الشيخ: رجل من الأنصار سرق درعًا أو جُرَارًا من طحين -على خلاف في هذا- واتهم به رجلًا من اليهود والرجل كان بريئًا، فأراد قومه من النبي عليه الصلاة والسلام أن يجادل عنه ليدفع هذه التهمة التي هي مسبة لهؤلاء القوم، فأنزل الله هذه الآيات[[انظر أسباب النزول للواحدي (١ /١٨٣).]].
يستفاد من هذه الآيات عدل الإسلام، وأنه مبني على العدل، وجه ذلك؟
* طالب: أن الذي اتُّهِمَ بالسرقة يهودي وأن الذي دفع النبي ﷺ (...) ولو كان في الإسلام جور لأنصف المسلم على (...).
* الشيخ: يعني كونه يدافع عن هذا اليهودي الذي كان بريئًا يدل على أن هذا الدين مبني على العدل، وهو كذلك ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النحل ٩٠].
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١١٦) إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (١١٧) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (١١٨) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (١١٩) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (١٢٠) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا﴾ [النساء ١١٦ - ١٢١].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾، وقد سبق الكلام على قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ﴾ إلى آخره وأخذنا فوائدها، أليس كذلك؟ نناقش فيها.
أولًا: أين جواب الشرط في قوله: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾؟
* طالب: قوله ﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾.
* الشيخ: قوله: ﴿نُوَلِّهِ﴾.
لو قال لك قائل: جواب الشرط يكون مجزومًا وهذا غير مجزوم؟
* طالب: مجزوم.
* الشيخ: مجزوم بماذا؟
* الطالب: بحذف حرف العلة.
* الشيخ: بحذف حرف العلة، أحسنت.
ما معنى قوله: ﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾؟
* طالب: يعني أن نجعل له ما أراد..
* طالب آخر: أي: نتركه ونتخلى عنه، ونكله إلى ما تولاه.
* الشيخ: تمام، صح، يعني: نتخلى عنه ونكله إلى ما تولاه أو من تولاه.
قوله: ﴿سَاءَتْ مَصِيرًا﴾ ما الذي نصب ﴿مَصِيرًا﴾؟
* طالب: تمييز.
* الشيخ: تمييز، محول عن أيش؟
* طالب: (...).
* الشيخ: خطأ.
* طالب: عن فاعل.
* الشيخ: عن فاعل، والأصل: ساءت مصيره.
هل في الآية دليل على العذر بالجهل؟
* طالب: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾.
* الشيخ: السؤال ما أقول: وين الدليل؟ فيها دليل على العذر بالجهل؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: من أين يؤخذ؟
* الطالب: أنه ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾ يعني..
* الشيخ: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾، ففهم منها؟
* طالب: أن من لم يتبين الهدى فليس عليه عقاب.
* الشيخ: فليس عليه عقاب، وهذا يقتضي العذر بالجهل.
هل التفريق بين الأصول والفروع في العذر بالجهل له وجه أو لا؟
* طالب: ليس له وجه؛ لعموم الأدلة الدالة على العذر بالجهل مطلقًا سواء في الأصول أو في الفروع.
* الشيخ: مطلقًا؟ طيب.
أرأيت لو وجد إنسان مسلم ينتمي للإسلام يصوم ويصلي ويتصدق، لكنه يدعو غير الله ظنًّا منه أن ذلك جائز وأنه من باب التوسل إلى الله تعالى، ما تقول فيه؟
* طالب: ليس عليه شيء.
* الشيخ: ليش؟
* الطالب: لأنه لم يتبين له الهدى.
* الشيخ: لأنه لم يتبين له الهدى، إذن هو معذور بجهله.
أرأيت لو قيل لهذا الرجل: إن عملك هذا شرك، وقال: هذا وجدت عليه آبائي ولن أتحول عنه؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إذا كان الذي أخبره ليس بمحل ثقة عنده؟
* الطالب: يجب عليه أن يبحث عن الحق؛ لأنه قد (...).
* الشيخ: نعم، أحسنت، يعني: قد يقول العامي: أنا لا أثق بك، هو يفعل هذا ويراه علماؤه ولا يقولوا له شيئًا فأنا لا أثق، نقول: إذن يجب عليه أيش؟ البحث؛ لأنه ما دام قيل له -وهذه مسألة خطيرة- ما دام قيل له: هذا شرك، فالواجب عليه البحث، فإن لم يفعل صار مفرطًا غير قائم بالواجب.
هنا أضاف السبيل إلى المؤمنين، وفي بعض الآيات أضيف السبيل إلى الله، إليه نفسه، فكيف الجمع؟
* طالب: (...) سبحانه وتعالى من باب أنه إضافة هداية (...).
* الشيخ: صحيح، أضيف إلى الله؛ لأنه هو الذي وضعه للعباد وشرعه لهم؛ ولأنه موصل إليه، يعني لوجهين: أنه هو الذي وضعه للعباد وشرعه، وأن هذا موصل إلى الله، وأما إضافته إلى المؤمنين فلأنهم أيش؟ فلأنهم هم السالكون له.
{"ayah":"وَمَن یُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَیَتَّبِعۡ غَیۡرَ سَبِیلِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَاۤءَتۡ مَصِیرًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











