الباحث القرآني
ثم قال الله عز وجل: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾، الحمد لله.
﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا﴾ أي: بغيره، أي: ما يسوء غيره، كما يدل على هذا أن الآيات كلها في سياق قصة معينة، فيكون المراد بالسوء ما يسوء الغير؛ كاتهام هؤلاء اليهوديَّ بالسرقة.
﴿أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ﴾ يعني بالمعاصي؛ لأن المعاصي ظلم للنفس؛ إذ إن النفس عندك أمانة يجب عليك أن ترعاها حق رعايتها، فإذا عصيت الله فقد ظلمتها، ولهذا قال الله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾ [الأحزاب ٧٢]، لماذا؟ ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [الأحزاب ٧٢]، إذن يظلم نفسه بالمعاصي التي بينه وبين ربه، يعمل سوءًا يسيء به إلى غيره.
﴿ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾، وهنا إشكال نحوي، ﴿يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾، لماذا كُسِرَ وهو فعل، والمعروف أن الكسرة من علامات الأسماء؟
* طالب: لعل لالتقاء الساكن.
* الشيخ: لعله، طيب، والمرجوح؟ لأن (لعل) تفيد أن هذا راجح، والمرجوح؟ ما تدري.
* طالب: هو كذلك.
* الشيخ: يعني متوقَّع.
* الطالب: لا، هو..
* الشيخ: هو، أنت قلت: هو كذلك، والـ(كذا) تقتضي المساواة ما قلت لما قال.
* طالب: قلت تعيين.
* الشيخ: نعم، يقينًا، طيب، يرد علينا إشكال آخر، كيف عُطِفت على ﴿يَعْمَلْ﴾، و ﴿يَعْمَلْ﴾ مجزومة، و﴿يَسْتَغْفِرِ﴾ مكسورة؟
* طالب: ما هي يا شيخ بمكسورة لكن حُرِّكت لالتقاء الساكنين، هي مجزومة.
* الشيخ: هي مجزومة، والحركة هنا عارضة.
﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾ أي: يطلب مغفرة الله عز وجل بحاله ومقاله؛ أما المقال فظاهر، يقول: اللهم اغفر لي، أو: أستغفر الله، وأما الحال فأن يكون آتيًا بشروط التوبة الخمسة، وهي، ابدأ بها أولًا فأول؟
* طالب: أن يعزم ألا يعود عليه.
* الشيخ: قبلها شيء، أولًا هات الشرط الذي ينبني عليه العمل؟
* الطالب: الإخلاص.
* الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك، الإخلاص، يعني بأن لا يحمله على التوبة مراعاة أحد من الناس، ثانيًا؟
* الطالب: أن يقلع عن الذنب.
* الشيخ: لا، قبله.
* طالب: ترك العمل.
* الشيخ: يقلع عن الذنب ويترك العمل جزاك الله خير!
* طالب: أن يندم.
* الشيخ: أن يندم، ويقع في نفسه حسرة على فعل الذنب، الثالث؟
* الطالب: أن يقلع عن الذنب.
* الشيخ: أن يقلع عن الذنب، الرابع؟
* طالب: العزم على أن لا يعود.
* الشيخ: العزم على أن لا يعود، والخامس؟
* طالب: أن يكون في وقت التوبة.
* الشيخ: أن يكون في وقت التوبة، أي: في الوقت الذي تُقبل فيه التوبة.
إذن ﴿يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾ أي: يطلب المغفرة، بأيش؟ بحاله ومقاله، فيقول: اللهم اغفر لي، فما هي المغفرة؟
المغفرة ستر الذنب، والتجاوز عنه، وليست الستر فقط؛ لأن الاشتقاق يدل على أنه لا بد من ستر ووقاية؛ إذ إنها مأخوذة من الْمِغْفَر، والْمِغْفَر ما يغطَّى به الرأس من الفولاذ ونحوه لاتقاء السهام، فيحصل به ستر ووقاية.
وأقول لكم: إنها مشتق من الْمِغْفَر؛ لأن الأصل أن المعاني مأخوذة من الأشياء المحسوسة، فلهذا تجد علماء اللغة يعيدون المعاني إلى الأصول المحسوسة، يقول: مشتق من كذا، وأصل ذلك -على ما قيل- أن الإنسان إنما صار يتكلم تقليدًا لما يسمع حوله من صرير الرياح، وحفيف الأشجار، وما أشبه ذلك، هكذا قيل، مع ما علَّم الله عز وجل آدم من أسماء.
إذن المغفرة هي ستر الذنب، والتجاوز عنه.
﴿ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾ يقول: اللهم اغفر لي، أو: أستغفر الله.
﴿يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾، ﴿يَجِدِ﴾ هذه جواب الشرط، جواب (من)، ولذلك صارت مجزومة، حُرِّكت بالكسر لالتقاء الساكنين، المعنى ﴿يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾: أن الله يغفر له، والغفور هو ذو المغفرة، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾ [الرعد ٦].
والرحيم هو ذو الرحمة، كما قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ﴾ [الكهف ٥٨]، فأنت إذا استغفرت الله عز وجل وتُبْتَ إليه على الوجه الذي يرضاه فستجد الله غفورًا رحيمًا، وأظن لا حاجة إلى أن نتكلم عن أقسام الرحمة؛ لأنها سبقت مرارًا وتكرارًا، أفهمتم هذا؟ لا إله إلا الله!
الرحمة تطلق على صفة الله عز وجل، وعلى آثار الصفة، أي: على الشيء المخلوق، تطلق على الرحمة التي هي صفته، وعلى آثار الرحمة التي هي خلقه، أما الأول فهو الأصل؛ أن الرحمة صفة من صفات الله عز وجل، وأما الثاني فمنه قوله تعالى للجنة: «أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٨٥٠)، ومسلم (٢٨٤٦ / ٣٤) من حديث أبي هريرة.]]، ليس المعنى الرحمة التي هي وصفه، يعني الرحمة مخلوق بائن، ومن ذلك أيضًا على قول بعض أهل العلم: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ﴾ [الشورى ٢٨]، ﴿يَنْشُرُ رَحْمَتَهُ﴾ يعني النبات وما يحصل من الرزق بالماء النازل من السماء.
أما الرحمة التي هي وصفه فإنها تنقسم عند أهل العلم إلى قسمين: عامة، وخاصة.
فالعامة هي التي تشمل كل مخلوق، والخاصة هي المختصة بالمؤمنين، والتي تتصل بها سعادة الدنيا والآخرة، الرحمة العامة رحمة لعموم الناس أو لعموم الخلق في الدنيا، ولهذا نجد أن الكفار لله تعالى عليهم رحمة؛ رزقهم، أمدهم، أعطاهم عقولًا، أي عقولًا يدركون بها، لا عقول رشد وتصرُّف، وهذا عامةً، وكل ما مر بك من ذكر اسم الرحيم فالمراد به العام، ويدخل (...) الخاص، أما إذا خُصَّ فهو الخاص، كقوله تعالى: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب ٤٣]، وهذه رحمة خاصة بالمؤمنين.
العجب أن الأشاعرة أنكروا وصف الله بالرحمة، وأثبتوا له الإرادة، قالوا: لا يجوز أن نثبت لله رحمة؛ لأن الرحمة رقة، ولين، ولا تليق بالخالق، وهذا بناء على أصلهم الفاسد، وهو أنهم يتلقون ما يعتقدون بربهم من عقولهم الفاسدة أيضًا؛ لأن الدليل الصحيح لا يناقِض العقل الصريح، يقول: لا تصف الله بالرحمة، فمعنى الرحيم عندهم الْمُنْعِم، أو مريد الإنعام، المنعم؛ لأن النعمة منفصلة بائنة مخلوقة، أو مريد الإنعام؛ لأنهم يُثبتون الإرادة، وسبحان الله! انظر للعقل المتناقض يقول: الإرادة دلَّ عليها العقل بواسطة التخصيص، يعني تخصيص بعض المخلوقات في شيء من الأشياء تدل على الإرادة، كون الآدمي على هذا الوصف، والحصان على هذا الوصف، ما الذي جعل هذا على وصف، وهذا على وصف؟ إرادة الله عز وجل.
قالوا: إن تخصيص المخلوقات بما تختص به يدل على إرادة الله، والاستدلال بهذا على الإرادة استدلال خفيّ لا يدركه إلا طلبة العلم بعد أن يقرؤوا أيضًا، ولا يثبتون الرحمة التي آثارها يعرفها الخاص والعام: الليل، والنهار، والمطر، والأشجار، والأنهار، والبحار، كلنا يعرف أن هذه من رحمة الله، ولذلك تجد العامي إذا أمطرت السماء يقول: مُطِرْنَا بفضل الله ورحمته، ولا يشك في هذا، لكن من لم يجعل الله له نورًا فما له من نور.
* في هذه الآية الكريمة فوائد: أولًا: أن من أساء إلى غيره ثم استغفر الله غفر الله له، وحينئذ يُشكل علينا أن العلماء قالوا: إن الدواوين ثلاثة، منها ديوان الخلق، يعني المعاملة مع الناس، هذا لا يغفره الله عز وجل، ولكن ظاهر النصوص أنه إذا صحَّت التوبة غفره الله، والدليل لهذا قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ﴾ [الفرقان ٦٨-٧٠]، مع أنه ذكر القتل، فإذا تاب الإنسان من القتل توبة تمت شروطها فإن الله يغفر له.
ومن شروط التوبة في القتل أن يُسَلِّم نفسه لأولياء المقتول، فإذا سلَّم نفسه لأولياء المقتول فقتلوه أو عفوا عنه مع ندمه على ما فعل، واستغفاره لربه، فإن حق المقتول يتحمله الله عنه يوم القيامة، أعرفتم؟ لأن إيفاء المقتول حقه في هذه الصورة متعدٍّ، والقاتل الذي صحَّت توبته يقول في نفسه: لو أمكنني أن أستحلَّ الميت لفعلت، لكني أنا الآن لا أقدر على أكثر من أن أسلِّم نفسي لأولياء المقتول، فهذا يتحمله الله عنه.
طيب، لو أن أحدًا سرق مالًا من شخص، فهذا عمل سوءًا في غيره، وتاب من ذلك، هل يتوب الله عليه؟
نعم، إذا تمت شروط التوبة، ومن شروط التوبة أن يردّ المال لصاحبه، فإذا رد المال لصاحبه فقد تاب، وعلى هذا فنقول: ظاهر الآية هنا وغيرها أيضًا من النصوص أنه متى صحَّت التوبة حتى في حقوق الآدمي التي لا يستطيع أن يتخلص منها فإن الله تعالى يقبل توبته.
* من فوائد الآية الكريمة: أن الإنسان تصحُّ توبته من الذنب، ولو تكرر، من أين تؤخذ؟
* طالب: المضارعة في (يعمل) و(يجد)، كونه على صيغة المضارعة تدل على الاستمرار، فلو استغفر ثم تاب..
* الشيخ: العموم ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا﴾ ﴿ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾، وهذا عامٌّ فيمن تكرر منه ذلك أو لم يتكرر، ويدل لهذا الحديث الثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام: «أَنَّ رَجُلًا أَذْنَبَ فَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ عَادَ ثَانِيًا، ثُمَّ ثَالِثًا، إِلَى أَنْ قَالَ اللَّهُ لَهُ: فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٧٥٠٧)، ومسلم (٢٧٥٨/٢٩)، وأحمد (٧٩٤٨)، واللفظ له، من حديث أبي هريرة.]]، فهذا يدل على أن التوبة تثبت، وتقع من الله عز وجل ولو تكرر الذنب، ولهذا قال العلماء: من شروط التوبة أن يعزم على أن لا يعود، لا أن لا يعود، فإذا عزم أن لا يعود فقد صحت توبته، وإذا عاد لم تبطل توبته الأولى، بل توبته الأولى صحيحة، وعليه أن يجدد توبة ثانية للذنب الثاني.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن المعاصي ظلم للنفس؛ لقوله: ﴿أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ﴾، وهذا شيء ثابت مكرَّر في القرآن، قال الله تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [البقرة ٥٧]، ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ [هود ١٠١]، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أن الإنسان هو الظالم لنفسه إذا عصى الله.
* ومن فوائدها: أن الإنسان قد يكون عدوًّا لنفسه، تؤخذ من؟
* طالب: أنه يظلم نفسه، وإذا ظلمها كان عدوًّا لها.
* الشيخ: نعم، أنه يظلم نفسه، والظالم لك عدو لك، فالإنسان عدو نفسه، كما أن أقرب الناس إلى الإنسان قد يكونون أعداء له: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ [التغابن ١٤]، فأنت احذر نفسك فإنها عدوك.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله تعالى يقبل من عبده الاستغفار إذا تمت شروطه، أي: بلسان حاله ومقاله؛ لقوله: ﴿يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾، أنت استغفر، اصدق في استغفارك ستجد الله عز وجل غفورًا رحيمًا.
ثم قال عز وجل: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء ١١١].
* طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، القول يا شيخ في الجدل هل هو مذموم على كل حال أو فيه تفصيل؟
* الشيخ: الجدل ليس مذمومًا على كل حال، الجدل الذي كقوله تعالى: ﴿وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ﴾ [غافر ٥] هذا مذموم وباطل، والجدل الذي يراد به إثبات الحق هذا محمود وواجب، قال الله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل ١٢٥].
* طالب: في الحديث يا شيخ قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «أَنَا زَعِيمُ بَيْتٍ بِرَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَلَوْ كَانَ..»[[أخرجه أبو داود (٤٨٠٠) من حديث أبي أمامة الباهلي.]].
* الشيخ: هذا غير المراء في الدين، ثم لاحظ أن المراء غير الجدال، المراء هو الذي يقصد المجادل فتل الخصم بحق أو بغير حق.
* طالب: بارك الله فيك يا شيخ، مما سبق أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وقلنا في تفسير قوله تعالى: ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ﴾، المراد منهم القبيلة اللي العار يلحقهم، هل يمنع يا شيخ مانع من أن نقول: إن الآية هنا عامة للأمة كاملة، فهذا نهي الأمة عن أن تجادل عن الآخرين؟
* الشيخ: لا، ما يستقيم، هذا ما يستقيم، ﴿هَا أَنْتُمْ﴾ يشير إلى أناس معينين..
* الطالب: العبرة بالعموم.
* الشيخ: ما فيه عموم، بارك الله فيك، ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾.
* الطالب: ما المانع إذا كان اللفظ يحتمل؟
* الشيخ: ما يحتمل أبدًا، نحن نشير إلى ناس معينين ونقول: يحتمل العموم؟ ﴿هَا أَنْتُمْ﴾.
* الطالب: إذن اسم الإشارة عيَّنهم.
* الشيخ: ما فيه شك عيَّنهم، لكن على كل حال غيرهم مثلهم، لو أن أحدًا جادل عن شخص بالباطل نقول له: أنت جادلت عنه الآن وربما تنجح، لكن من يجادل الله يوم القيامة، ولهذا «مَنِ اقْتَطَعَ مِنَ الْأَرْضِ شِبْرًا..»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٤٥٢)، ومسلم (١٦١٠/١٣٧)، واللفظ له، من حديث سعيد بن زيد.]].
اصدُق في استغفارك ستجد الله عز وجل غفورًا رحيمًا.
ثم قال عز وجل: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء ١١١].
* طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، القول يا شيخ في الجدل هل هو مذموم على كل حال أو فيه تفصيل؟
* الشيخ: الجدل ليس مذمومًا على كل حال، الجدل الذي في قوله تعالى: ﴿وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ﴾ [غافر ٥] هذا مذموم وباطل، والجدل الذي يراد به إثبات الحق هذا محمود وواجب، قال الله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل ١٢٥].
* طالب: جه حديث يا شيخ «أَنَا زَعِيم» قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ في رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَلَوْ كَانَ مُحِقًّا»[[أخرجه أبو داود (٤٨٠٠) من حديث أبي أمامة.]].
* الشيخ: نعم، هذا غير المراء في الدين، ثم لاحظ أن المراء غير الجدال؛ المراء هو الذي يقصد المجادل فتل الخصم بحق أو بغير حق.
* طالب: بارك الله فيك يا شيخ، مما سبق أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، قلنا: في قوله تعالى: ﴿هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ﴾ المراد أنهم القبيلة اللي العار يلحقهم، هل يمنع يا شيخ مانع من أن نقول: إن الآية هنا عامة للأمة كاملة؟ فهذا نهي للأمة عن أن تجادل؛ يعني تجادل عن الآخرين؟
* الشيخ: لا، ما يستقيم، هذا ما يستقيم، ﴿هَا أَنْتُمْ﴾ يشير إلى أناس معينين.
* الطالب: العبرة بالعموم.
* الشيخ: ما فيه عموم فيه، بارك الله فيك، ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾.
* الطالب: ما المانع إذا كان اللفظ يحتمل؟
* الشيخ: ما يحتمل أبدًا، نحن نشير إلى ناس معينين ونقول: يحتمل العموم؟ ﴿هَا أَنْتُمْ﴾.
* الطالب: إذن فيه إشارة عندنا؟
* الشيخ: ما فيه شيء عيّنه، لكن على كل حال اللي غيرهم مثلهم، لو أن أحدًا جادل عن شخص بالباطل نقول له: أنت جادلت عنه الآن، وربما تنجح، لكن من يجادل الله يوم القيامة؟! ولهذا «مَنِ اقْتَطَعَ مِنَ الْأَرْضِ شِبْرًا بِغَيْرِ حَقٍّ طَوَّقَهُ اللَّهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣١٩٨)، ومسلم (١٦١٠ / ١٣٧) واللفظ له، من حديث سعيد بن زيد.]].
* طالب: ما معنى قول النبي ﷺ: «اتَّقُوا الظُّلْمَ؛ فَإِنَّهُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»[[أخرجه مسلم (٢٥٧٨ / ٥٦) من حديث جابر بن عبد الله.]]، قصده يعني معنى قوله: «ظُلُمَاتٌ»؟
* الشيخ: واضح؛ يعني يُحجب النور عن الإنسان يوم القيامة، والناس يوم القيامة غير المؤمنين ليس لهم نور، ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ [الحديد ١٢]، فهذا يعاقَب بحجب النور عنه يوم القيامة.
* طالب: من سرق مالًا من غيره، ثم سُرِقَ منه هذا المال، وأراد أن يتوب فـ..؟
* الشيخ: فالأول تُقطع يده، والثاني لا تقطع.
* الطالب: لا، ليس هذا نريد.. يعني إذا لم يطبّق عليهم؟
* الشيخ: هذا زيادة في الجواب، ما الذي تريد؟
* الطالب: أنا أريد يعني بغضّ النظر عن الحكم؛ يعني بالنسبة له هو أراد أن يتوب، لم يؤخذ ولم يقبض عليه؛ يعني أراد أن يتوب، لكن هذا المال الذي سَرَقه سُرِقَ منه؟
* الشيخ: يذهب إلى صاحبه ويقول له: أنا سَرَقْت منك كذا وكذا، وما سرقته منك سُرِق مني، ويضمنه بمثله إن كان مثليًّا، أو بقيمته إن كان متقوَّمًا.
* الطالب: إن تعذّر ذهابه إليه، يعني مات يذهب إلى ورثته؟
* الشيخ: إي نعم، إذا مات مَن سُرِقَ منه يرجع إلى ورثته.
* طالب: شيخ، قلنا: من شروط توبة القتل أن يسلّم نفسه، ولكن في شرع من قبلنا أن موسى عليه السلام عندما قتل نفسًا لم يسلم، هرب، وقال: ربّ اغفر لي لما خرج، هل نقول: شرع من قبلنا ليس شرعنا؟
* الشيخ: لكن موسى متأوّل..
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، متأوّل؛ لأن هذا القبطي الذي اعتدى على الإسرائيلي تأوّل أنه يريد أن ينقذ الإسرائيلي منه؛ لأنه استغاثه، فأراد المدافعة عنه، ولهذا قال: «إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٧١٢)، ومسلم (١٩٤ / ٣٢٧) من حديث أبي هريرة.]].
* طالب: (...) في شرعنا إذا تأوّل أحد وقَتَل يهرب؟
* الشيخ: لا، ما يجوز، إلا إذا كان مدافعة.
* الطالب: نعم، مدافعة.
* الشيخ: إي، يهرب، صار مدافعة يهرب.
* طالب: بارك الله فيك، هذا الرجل الذي سرق المال، ثم وجد في نفسه غضاضة أن يذهب إلى صاحب المال ويعلمه بأنه سرق منه، يتصدق بهذا المال؟
* الشيخ: لا ينفع، لا بد أن يوصل المال لصاحبه، إما مباشرة أو بواسطة إنسان.
* الطالب: يمكن يعطيه بدون ما..
* الشيخ: بواسطة إنسان يثق منه، يقول: يا فلان، أنا سرقت من فلان، وأريد جزاك الله خيرًا، خذ أوصلها إليه.
* الطالب: (...) يتصدق عنه؟
* الشيخ: لا، ما يتصرف في مال غيره.
* طالب: بارك الله فيكم، ذكرنا حديث النبي ﷺ (...).
{"ayah":"وَمَن یَعۡمَلۡ سُوۤءًا أَوۡ یَظۡلِمۡ نَفۡسَهُۥ ثُمَّ یَسۡتَغۡفِرِ ٱللَّهَ یَجِدِ ٱللَّهَ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق