الباحث القرآني
ثم قال الله عز وجل: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ اللام في قوله: ﴿وَلْيَخْشَ﴾ لام الأمر، والفعل مجزوم بها بحذف الألف، وأصل (يخشَ) (يخشى) بالألف وسكنت اللام؛ لام الأمر هنا، لماذا؟
* طالب: لوجود (واو) قبلها.
* الشيخ: نعم، وتسكن لام الأمر إذا وقعت بعد الواو والفاء و(ثُم)، قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ [الحج ٢٩]، وقال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾ [الحج ١٥]، بخلاف لام التعليل فإنها مكسورة ولو وقعت بعد الواو أو (ثُم) أو الفاء، مثل قوله تعالى: ﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا﴾ [العنكبوت ٦٦] لا تقرأها: ولْيتمتعوا إلا إذا ثبت أن فيها قراءة بسكون اللام، فحينئذٍ تكون اللام لام الأمر ولا تكون لام التعليل.
وقوله: ﴿لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ﴾ (لو) هنا شرطية، فعل شرطها ﴿تَرَكُوا﴾، وجوابه ﴿خَافُوا عَلَيْهِمْ﴾، لو تركوا خافوا عليهم، وهنا خرجت الآية الكريمة عن الأكثر في جواب (لو)، ما الأكثر في جواب (لو) إذا كان مثبتًا؟ أن تقترن به اللام فيقال: لو جاء زيد لجاء عمرو، لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا لخافوا عليهم، ولكن اللام تحذف أحيانًا في جواب (لو) في الإثبات، ومنه هذه الآية، ومنه قوله تعالى: ﴿لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا﴾ [الواقعة ٧٠]، وفي نفس السياق قال في الزرع: ﴿لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا﴾ [الواقعة ٦٥].
أما إذا جاء جواب (لو) منفيًّا بـ(ما)، فالأفصح أن لا تذكر (اللام)، فإذا قلت: لو جاء زيد ما قلتُ شيئًا، هذا أفصح من أن تقول: لما قلت شيئًا، لكن قد تقترن (اللام) بـ(ما) النافية في جواب (لو)، ومنه قول الشاعر:
؎وَلَوْ نُعْطَى الْخِيارَ لَمَا افْتَرَقْنَا ∗∗∗ وَلَــكِــنْ لَا خِــيَـــارَ مَــــعَاللَّيَالِي
إذنْ فعل الشرط في (لو)؟
* طالب: ﴿تَرَكُوا﴾.
* الشيخ: وجوابه ﴿خَافُوا عَلَيْهِمْ﴾.
وتكميلًا للفائدة (لو) تأتي على أوجه، هذا واحد تكون شرطية، والثاني أن تكون أيش؟ مصدرية، أن تكون مصدرية كقوله تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ [القلم ٩] أي: ودوا إدهانكم فيدهنون، وهل هي إذا جاءت شرطية هل تكون جازمة؟ لا، هي من أدوات الشرط غير الجازمة.
وقوله تعالى: ﴿فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ﴾ هذا أمر بالتقوى تأكيد للأمر بالخشية في قوله: ﴿وَلْيَخْشَ﴾ يقول الله عز وجل مذكرًا هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ويضيعونها يقول: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ﴾ ليخشوا الخشية أشد الخوف، ولا تكون إلا مع العلم؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر ٢٨] فيقول: يخشى هؤلاء الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا، ومفعول ﴿يَخْشَى﴾ محذوف، أي: ليخشى أن يضيعوا أموال اليتامى ويأكلوها.
وقوله: ﴿ذُرِّيَّةً ضِعَافًا﴾ الذرية هم الأولاد من بنين وبنات، وأولاد البنين، وأولاد بني البنين، وأما أولاد البنات وأولاد بنات البنات وبني البنات فإنهم لا يدخلون في الذرية، هذا هو المشهور عند أهل العلم.
فلو قال القائل: هذا وقف على ذريتي لم يدخل أولاد البنات في هذا الوقف؛ لأن أولاد البنات ليسوا من الذرية، فهم كالأولاد والبنين لا يدخل فيهم أولاد البنات ولا بنو أولاد البنات.
فإن قال قائل: هذا القول ينتقض بعيسى بن مريم؛ فإن الله تعالى جعله من ذرية إبراهيم وهو ابن بنت؟ موافقون؟ هو ابن بنت ولَّا غير؟ هو ابن بنت.
فيقال في الجواب عن ذلك: إنه لا أب له، فأمه أبوه؛ ولهذا قال العلماء رحمهم الله: إن ولد الزنا أمه ترثه بالفرض والتعصيب؛ لأنها أمٌّ أبٌ؛ إذ لا أبَ له شرعًا.
إذنْ ﴿ذُرِّيَّةً﴾ يعني: أولادًا أو أولاد أبناء لا أولاد بنات.
وقوله: ﴿ضِعَافًا﴾ يعني: لا يستطيعون أن يتكسبوا لعدم رشدهم ولصغر سنهم، فكل واحد من الناس إذا حضرته الوفاة وله أولاد صغار سوف يخاف عليهم ويفكر ويقدر من يتولاهم بعده.
ولكن المؤمن يقول كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله حين قال له: ألا توصي لولدك؟ قال: لا، إن كان ولدي صالحًا فالله يتولى الصالحين، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾ [الأعراف ١٩٦]، وإن كانت الأخرى فلن أعينه على فساده، شوف الحكمة، جواب سديد، فأقول: إن الضعيف من الأولاد هو الصغير أو المجنون أو السفيه الذي ليس لديه رشد ولا يستطيع التصرف لنفسه.
وقوله: ﴿خَافُوا عَلَيْهِمْ﴾ من أي شيء؟ من الضياع وأكل أموالهم، ﴿فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ﴾ والتقوى هي: اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه، هذا أجمع ما قيل في التقوى، وهذا إذا أطلقت التقوى وأفردت.
أما إذا قيدت فإنها بحسب ما قيدت به، مثل قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ [البقرة ٢٨١]، وكذلك إذا قرنت بالبر صار معناها: اجتناب المعاصي، ومعنى البر: فعل الطاعات فعل الأوامر.
إما إذا أطلقت فهي تشمل هذا وهذا، ﴿فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ﴾ ليتخذوا وقاية منه؛ من عذابه.
﴿وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ ما هو السديد؟ القول السديد ما سد موضعه، أي: ما كان صوابًا موافقًا للحكمة، انتبه، القول السديد ما سد موضعه بأن يكون أيش؟ صوابًا موافقًا للحكمة، وليس كل قول لين يعتبر سديدًا، ولا كل قول قاسٍ يعتبر سديدًا، قد يكون السداد بالشدة؛ شدة القول، وقد يكون السداد بلين القول، وانظر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كيف يشتد أحيانًا بقوله، وكيف يلين أحيانًا بقوله، وقوله عليه الصلاة والسلام كله سداد، وكله سديد بلا شك، فليس السديد أن تلين في القول ولا أن تشتد به، ولكن أن يكون قولك صوابًا مطابقًا للحكمة.
والحكمة تختلف باختلاف الأحوال وباختلاف الأشخاص وباختلاف ما موضوع الكلام، لو أن رجلًا أراد أن يخطب في قوم أسرفوا على أنفسهم ووقعوا في المحارم، فما هو السداد في خطبته؟ أن تكون الخطبة قوية وبانفعال وبزجر شديد، وكأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم، وإذا كان يخطب مع قوم ليسوا بهذه المثابة ولا يرون الشدة في القول بل ربما ينفرهم، فإنه في هذه الحال يلين لهم القول، فالقول السديد ما سد محله بأن كان صوابًا أيش؟ موافقًا للحكمة.
هل ورد ذكر القول السديد في غير الآية هذه؟ نعم، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ [الأحزاب ٧٠]، هنا ﴿فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ ما هي النتيجة لتقوى الله والقول السديد؟ النتيجة قال الله تعالى: ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [الأحزاب ٧١] نتيجة من أحب ما يكون من النتائج ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ الدينية والدنيوية، ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ أي: ما أذنبتموه، فعلينا أن نأخذ بهذه التوجيهات الإلهية والأوامر فنتقي الله ونقول قولًا سديدًا.
* طالب: أحسن الله إليكم، ما رأيكم في قول بعض العلماء من القول بأن هذه الآية منسوخة ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى﴾ بقوله: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ [النساء ١١]؟
* الشيخ: نعم.
* طالب: هل صح هذا القول؟
* الشيخ: لا، هذا غلط ما هو صحيح؛ لأن من شروط النسخ العلم بالتاريخ، هذا واحد، والثاني: تعذر الجمع، وهنا لا علم لنا بالتاريخ ولا تعذر في الجمع؛ لأن الله قال: ﴿فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ﴾ ما قال: ارزقوهم إياه، ﴿مِنْهُ﴾.
* طالب: يعني إن شئنا أعطيناه، وإن شئنا..؟
* الشيخ: إذا قلنا: الأمر للاستحباب صار إن شئنا أعطيناهم، وإن شئنا لم نعطهم.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: لا لا، ما هو (...).
* الطالب: (...).
* الشيخ: اللي يقوم به القائم على الورثة إن كانوا قد وكلوا أحدهم، وإلا فالخطاب للجميع من شاء أعطاه.
* طالب: وهل في هذا مشروعية القسم أمام..؟
* الشيخ: لا، قلنا: هذا فيه جواز، ما هو مشروعية.
* طالب: القول هل يمكن أن نعتبره فعل؟
* الشيخ: نعتبره أيش؟
* الطالب: فعل.
* الشيخ: فعل؟ كيف فعل؟ ويش معنى فعل؟
* الطالب: عمل.
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: يعني كلاهما عمل.
* الشيخ: لا لا، التقوى هي اللي فيها الفعل قال: ﴿فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا﴾.
* طالب: (...) إنسان حصل له مال بدون قصد هل يشرع له أن يتصدق؟
* الشيخ: وهو يقسمه أمام هؤلاء؟ أمام هؤلاء يقسموه؟ يقسمه أمام هؤلاء أو لا؟
* طالب: كانوا أمام هؤلاء، يعني تصدق عليه أمام هؤلاء.
* الشيخ: أمام هؤلاء، ينبغي أنه يعطيهم يعني من الكرم أنه إذا أهدي إليك أو تصدق عليك سواء حتى ولو بحضرة الأغنياء، من الكرم إنك تهدي.
* طالب: ما صحة القول بأن المساكين غير الفقراء؟
* الشيخ: نعم، هم غير الفقراء إذا كانوا مذكورين مع الفقراء، مثل آية الصدقات ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ [التوبة ٦٠]، فالفقراء أشد حاجة والمساكين أقل حاجة.
* طالب: شخص قال: أوقف هذا الشيء لذريتي، ما الدليل على خروج أبناء البنت؟
* الشيخ: الدليل على هذا اللغة.
* الطالب: ولكن هو يعني مفهومها أولاد الجميع.
* الشيخ: إذا كان المفهوم صار معناه أنه حقيقة عرفية، والحقيقة العرفية في مخاطبات الناس مقدمة على حقيقة اللغوية، ولكن ما أظن، الناس إذا قال: ذريتي، ما يقصد أولاد بناته، يقول:
؎بَــــنُـــونَا بَــــنُــوأَبْــــنَــــائِـــنَــــا وَبَــــنَـــاتُــــنَـــا ∗∗∗ بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ
* الطالب: في هذا العصر يشمل الجميع.
* الشيخ: الآن؟ ما أظن.
تنبيه، أقول: قرأت في صلاة المغرب في سورة الإخلاص: (كُفْوًا) بتسكين الفاء، وقبل قلت: (وَهْوَ) بتسكين الهاء، نرجو التنبيه عليها وتذكير الإخوة، والله يحفظكم.
أما ﴿كُفُوًا﴾ [الإخلاص ٤] فالظاهر أنه ما تبين الضمة كما ينبغي، وإلا أنا أقرأها تعمدًا ﴿كُفُوًا﴾ بضم الفاء، وأما ﴿وَهْوَ﴾ فهي قراءة، كلما جاءت (وهو) في القرآن ففيها قراءة بالتسكين في كل موضع ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [البقرة ٢٥٥] ﴿وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ﴾ [الشورى ٢٩]، (وَهْيَ) يقال بالكسر ويقال بالسكون.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: ﴿كُفُوًا﴾ بالضم بقراءة، نشوف المصحف اللي معنا، في كل موضع؟
* طالب: ويجوز أن تقرأ بالتسكين؟
* الشيخ: إي نعم، في كل موضع (وَهِيَ) (وَهُوَ)، نحن أعطيناكم من قبل ضوابط في القراءات لكن يمكن راحت عليكم.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: ﴿كُفُوًا﴾ بضم الفاء، لكن فيها قراءة ثانية ﴿كُفْؤًا﴾ و﴿كُفُؤًا﴾ ثلاث قراءات.
* طالب: سكون الفاء، قراءة حمزة.
* الشيخ: بالواو؟
* الطالب: بسكون الفاء.
* الشيخ: سكون الفاء مع الواو أو مع الهمزة؟
* الطالب: مع الواو.
* الشيخ: مع الواو، ثبتها لنا جزاك الله خيرًا، لأنها الحقيقة تكلف ﴿كُفُوًا﴾ بالضم، لكن ثبتها لنا، اللي عندي ﴿كُفُوًا﴾ بضم الفاء، ﴿كُفْؤًا﴾ و﴿كُفُؤًا﴾ ثلاث قراءات.
الأول بضم الهاء، والثاني بكسر الهاء عند جمهور القراء مطلقًا، وسكن الهاء فيهما الكسائي وقالون وأبو عمرو بعد الواو والفاء واللام، مثل (فهْو)، (فهْي)، (وهْو)، (وهْي)، (لَهْو)، ﴿لَهْوَ الْغَنِيُّ﴾ [الحج: ٦٤]، ﴿لَهْيَ الْحَيَوَانُ﴾ [العنكبوت: ٦٤]، وسكنها الكسائي وقالون أيضًا في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ هْوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ [القصص: ٦١]، فصار عندنا ثلاثة حروف: الواو والفاء واللام تسكن فيهم الهاء في كل موضع، معروف؟ بعد (ثُم) ما فيها إلا قراءة الكسائي وقالون في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ هْوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ بدل ﴿ثُمَّ هُوَ﴾، ضمير (عليهِم)، و(إليهِم)، و(لديهِم) مكسور الهاء، وقرأه حمزة بضم الهاء: (عليهُم)، (لديهُم)، (إليهُم)، هذه ضوابط مفيدة لأنها عامة.
* طالب: قوله تعالى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ [لقمان ١٠] الضمير –يا شيخ- في ﴿تَرَوْنَهَا﴾ يعود على العمد ولَّا..؟
* الشيخ: فيها قولان للمفسرين: أحدهما أنها صفة لـ(عمد)، أي: بغير عمد مرئية لكم، فعلى هذا يكون لها عمد لكنها لا ترى، والثاني: أن الجملة مستأنفة، والمعنى: ترون السماء كما تشاهدونها ليس لها عمد، وهذا هو الأقرب لقوله تعالى: ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [الحج ٦٥].
* طالب: بالنسبة للقراءات التي ذكرتها هل يجوز التخليط بينها في القراءة الواحدة؟
* الشيخ: لا، بس أقول: الإنسان يكون في سعة إذا قال: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [البقرة ٢٥٥] ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى ١١] ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ [الحج ٣٠] كما هي قراءة أكثر الناس الآن، يكون الإنسان في سعة وفي حل، بل الذي ينبغي أن يقرأ الإنسان كل القراءات الثابتة السبعية، ينبغي للإنسان العالم بها أن يقرأ بهذه أحيانًا وبهذه أحيانًا إلا أمام العامة، فلا يقرأ إلا بما يوافق ما بين أيديهم من المصاحف.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠) يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء ١٠، ١١].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أظننا انتهينا إلى آخر قوله: ﴿وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ وأخذنا الفوائد.
قال الله تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا﴾ إلى آخره.
* من فوائد هذه الآية: تذكير المرء بما يحدث له حتى يراعي في ذلك غيره؛ لقوله: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ﴾، فكما أنك تخاف على ولدك فخف على ولد غيرك.
* ومن فوائدها: الإشارة إلى أنه يجب على المرء أن يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به؛ لأنه إذا كان يكره لنفسه أن يعتدي أحد على أولاده بعد موته فكذلك لا يعتدي هو على أولاد الناس.
* ومن فوائدها: أنها تشير بدلالة الإشارة إلى أن الإنسان إذا أراد أن يجني على غيره فليتذكر نفسه، فإذا كان –مثلًا- يهم بأن يزني بامرأة فليذكر هل يرضى أحد أن يزني بأحد من محارمه؟ ومن المعلوم أن الجواب: لا، فإذا كان كذلك، فلماذا ترضى أن تزني بمحارم الناس وأنت لا ترضى أن يزني أحد بمحارمك؟! فقسْ ما تريد أن تفعله بالناس على ما يريدون أن يفعلوه بك.
* ومن فوائد هذه الآية: أن الإنسان يكون مجانبًا للتقوى إذا لم يراعِ ربه عز وجل في رعاية هؤلاء الضعفاء الذين كانوا بين يديه.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الإنسان ينبغي له أن يتقي الله عز وجل في الولاية على غيره وأن يقول قولًا سديدًا.
* ومن فوائد هذه الآية: أن القول ينقسم إلى قسمين: سديد، وغير سديد، فالسديد ما وافق الصواب، وغير السديد ما خالف الصواب، ومن ذلك اللغو من الكلام فإنه ليس بسديد؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٠١٨)، ومسلم (٤٧ / ٧٤) من حديث أبي هريرة.]].
ثم قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾.
﴿إِنَّ الَّذِينَ﴾ هذه جملة اسمية مبدوءة بـ(إن)، وخبر (إن) هو قوله: ﴿إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾ يعني: ما يأكلون إلا نارًا، ﴿وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ وفي قراءة: ﴿وَسَيُصْلَوْنَ﴾ بالبناء للمفعول، وهي قراءة سبعية.
يقول عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى﴾ يأكلونها أي: يتلفونها، لكنه عبر بالأكل؛ لأنه أعم وجوه الانتفاع؛ لأن أكثر ما يجني الإنسان المال من أجل أكله وما يتعلق به، فعبر بالأكل؛ لأنه أعم وجوه الانتفاع، وإلا فغير الأكل مثله، بل قد يكون أشد، كما لو أتلف هذه الأموال بإحراق أو إغراق أو ما أشبه ذلك، فهو أعظم من أكلها.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب رعاية أموال اليتامى؛ لقوله: ﴿إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾، واليتامى سبق أنه هو الذي يموت أبوه ولم يبلغ.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لو أكل مال اليتيم بحق فلا إثم عليه، مثل أن يكون فقيرًا فيأخذ قدر أجرته من هذا المال الذي هو قائم عليه فلا حرج؛ ولهذا نقول: كلمة ﴿ظُلْمًا﴾ مصدر في موضع الحال، أي: الظالمين.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن أكل مال اليتيم بغير حق من كبائر الذنوب؛ لأنه توعد عليه في قوله: ﴿إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾، وعند أهل العلم أن الكبيرة ما فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة، وقيل: إن الكبيرة ما فيه عقوبة خاصة، أي: ما ذكر له عقوبة خاصة؛ وذلك لأن المحرمات نوعان: نوع ليس فيها إلا النهي، ونوع آخر يذكر فيها عقوبة خاصة؛ إما دنيوية وإما دينية، وإما أخروية، فالدنيوية كالحد مثل الزنا والسرقة، والدينية كالبراءة منه «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٢٩٤)، ومسلم (١٠٣ / ١٦٥) من حديث عبد الله بن مسعود.]]، والأخروية -العقوبة- كما في هذه الآية.
* ومن فوائد هذه الآية: إثبات الجزاء؛ لقوله: ﴿إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾.
* ومن فوائدها: أن الجزاء من جنس العمل؛ لأنه قابل أكلهم بالنار التي يعذبون بها.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الوعيد الشديد على من أكل مال اليتيم بأنه سيصلى سعيرًا، وهذا أعظم من قوله: ﴿إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾، فتكون الحرارة في أجوافهم وفي ظاهر أجسامهم؛ لقوله: ﴿وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾.
{"ayahs_start":9,"ayahs":["وَلۡیَخۡشَ ٱلَّذِینَ لَوۡ تَرَكُوا۟ مِنۡ خَلۡفِهِمۡ ذُرِّیَّةࣰ ضِعَـٰفًا خَافُوا۟ عَلَیۡهِمۡ فَلۡیَتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَلۡیَقُولُوا۟ قَوۡلࣰا سَدِیدًا","إِنَّ ٱلَّذِینَ یَأۡكُلُونَ أَمۡوَ ٰلَ ٱلۡیَتَـٰمَىٰ ظُلۡمًا إِنَّمَا یَأۡكُلُونَ فِی بُطُونِهِمۡ نَارࣰاۖ وَسَیَصۡلَوۡنَ سَعِیرࣰا"],"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ یَأۡكُلُونَ أَمۡوَ ٰلَ ٱلۡیَتَـٰمَىٰ ظُلۡمًا إِنَّمَا یَأۡكُلُونَ فِی بُطُونِهِمۡ نَارࣰاۖ وَسَیَصۡلَوۡنَ سَعِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق