الباحث القرآني
يقول: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ﴾ [الزمر ٦٩] جيء بالنبيين، من جاء بهم؟ الله عز وجل؛ لأن الملك في ذلك الوقت لله، له التصرف، فيؤتى بالنبيين، و(النبيين) هنا يشمل النبيين الذين أرسلوا والنبيين الذين لم يرسلوا، فهو عام، ﴿وَالشُّهَدَاءِ﴾ الشهداء جمع شهيد، وهل المراد بالشهداء الذين قتلوا في سبيل الله؟ أو المراد بالشهداء الذين يستشهدون يوم القيامة؟ الثاني هو المراد، فمن الشهداء؟
قال المؤلف رحمه الله: (أي: بمحمد ﷺ وأمته يشهدون للرسل بالبلاغ).
أما قوله: (أي: بمحمد) فظاهره أنه يريد أن يفسر النبيين بمحمد، فيكون على تفسيره عامًّا أريد به الخاص، وهذا غير مسلم، بل الصواب أنه عام باقٍ على عمومه، أي: يُؤتَى بالنبيين كلهم يشهدون على أممهم بأنهم بلغوهم.
أما قوله: الشهداء فهو من باب عطف العام على الخاص، والمراد بهم الذين يشهدون على الأمم وللرسل، وهم هذه الأمة، قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ﴾ [البقرة ١٤٣] محمد ﷺ شهيدًا عليكم، فالرسل شهداء على أممهم، يقولون: يا ربنا نشهد أنك أرسلتنا إلى أقوامنا وأننا بلغناهم، ولا يمكن أن يقول أحد في ذلك اليوم: هذه دعوى، فأين البينة؟ يعني لو قال مثل هذا القول من يشهد؟ أعضاؤك تشهد، والله يشهد قبل كل شيء، أما الشهداء فنعم، نقول: هم أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ لقوله ﴿كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة ١٤٣]، وهذه الأمة ولله الحمد تشهد على الناس في الدنيا وفي الآخرة، نحن الآن نشهد أن الله أرسل نوحًا إلى قومه، ونشهد أن قومه أبلغوا على الوجه الأكمل، ونشهد أنه بقي فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، كل هذا نشهد به بما علمنا الله عز وجل في كتابه، فيوم القيامة تكون الشهادة لنا على الأمم.
وقول المؤلف رحمه الله: (يشهدون للرسل بالبلاغ)، لو قال: وعلى الأمم بإقامة الحجة، لكان هذا خيرًا، كذلك أيضًا نحن نشهد على أمم بأنهم بلغوا، وأُقيمت عليهم الحجة، فلنا شهادتان: شهادة للرسل وشهادة على الأمم.
قال: (﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ﴾ [الزمر ٦٩] أي العدل) قضي بينهم، من القاضي؟ الله عز وجل، لكن أبهمه للتعظيم، وهو معلوم، يعني ليس هناك ضرورة إلى التعيين؛ لأنه معلوم أن القاضي هو الله رب العالمين.
﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ أي بين الناس (﴿بِالْحَقِّ﴾ أي العدل ﴿وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الزمر ٦٩] شيئًا) يُقضَى بين الناس يوم القيامة بالعدل، بل ليس القضاء بين الناس بالعدل، بل بين البهائم بالعدل، حتى إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أخبر «بأنه يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء»[[أخرجه مسلم (٢٥٨٢/ ٢٠) من حديث أبي هريرة.]] سبحان الله! ثم بعد ذلك تكون ترابًا؛ لأنها ليس لها جنة ولا نار، لكن إظهارًا للعدل، وشفاء لما في الصدور؛ لأن الشاة الجلحاء إذا نطحتها الشاة القرناء صار في قلبها شيء، لكنها لا تستطيع أن تقتص؛ لأن هذه لها قرون وهذه ليس لها قرون، لكن يوم القيامة يعطي الله سبحانه وتعالى الشاة الجلحاء قدرة حتى تقتص، أو يُريها الله عز وجل كيف يقتص لها من الشاة القرناء، ولهذا قضي بينهم بالحق، يقول المؤلف: (أي: العدل)، لماذا فسر الحق هنا بالعدل، ولم يفسره بالصدق؟
لأن المقام مقام حكم وقضاء، والمناسب فيه العدل، ﴿وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الزمر ٦٩]، (هم) الضمير يعود على الناس، لا يظلمون شيئًا أي: لا ينقصون من حقوقهم شيئًا، بل يُعطَى كل إنسان حقه على وجه الكمال. والله أعلم.
نأخذ الفوائد: قال الله عز وجل: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ﴾ [الزمر ٦٩] في هذا، فوائدها:
* منها: إثبات النور صفة لله؛ لقوله: ﴿بِنُورِ رَبِّهَا﴾ [الزمر ٦٩].
* ومنها، فوائد الآية: إثبات الربوبية الخاصة لله في ذلك اليوم، حيث أضاف الربوبية إلى الأرض، مع أنه رب كل شيء. وإضافة ربوبية الله تعالى إلى شيء معين تقتضي تعظيم هذا الشيء ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ﴾ [النمل ٩١]، لما كان قوله: ﴿رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ﴾ قد يوهم أنه رب لهذه البلدة دون غيرها، قال: ﴿وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الكتاب الذي كُتبت فيه الأعمال؛ لقوله: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ﴾ [الزمر ٦٩].
* ومن فوائدها: إثبات الشهداء على الناس بما عملوا؛ لقوله: ﴿وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ﴾ [الزمر ٦٩].
* ومن فوائدها: أنه يقضى بين الأنبياء وبين من كذبوهم؛ لقوله: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ﴾ [الزمر ٦٩].
* ومن فوائدها: أنه يُقضَى بين العالم وأمته؛ لقوله: ﴿بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ﴾، والعلماء شهداء لا شك، بل هم رؤوس الشهداء بعد الأنبياء ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ﴾ فالعالم مبلغ عن الرسل، فيقضى بينه وبين من بلغته الرسالة بواسطته.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات القضاء بين الخلق في ذلك اليوم؛ لقوله: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ﴾.
* ومن فوائدها أيضًا: أن القضاء لا حيف فيه ولا جور؛ لقوله: ﴿بِالْحَقِّ﴾ فيعطى الإنسان حقه كاملًا.
* ومن فوائدها أيضًا: انتفاء الظلم في ذلك اليوم؛ لقوله: ﴿وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الزمر ٦٩]، وانتفاء الظلم هنا ليس المراد به نفي الظلم فقط، بل المراد به إثبات كمال العدل الذي ليس فيه ظلم بوجه من الوجوه؛ لقوله تعالى: ﴿وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الزمر ٦٩].
* طالب: (...).
* الشيخ: سمعتم السؤال؟ يقول: لماذا قلنا: ننزه الله عن كل نقص وعن المماثلة، أليست المماثلة نقصًا؟ بلى نقص، وأشرنا إلى هذا، لكنك أحيانًا تسهو.
* طالب: ألا يكون (...) الكفار أن يأخذوا كتابهم بيسراهم من وراء ظهورهم.
* الشيخ: لا، جواب السؤال، نقول: إن النقص شيء والمماثلة شيء آخر، مثلًا لله قدرة، نقول: ليست كقدرة المخلوق، لكن هل يمكن أن يلحقها النقص؟ إذن لا بد أن نقول: عن كل نقص، ما يكفي نفي المماثلة، نعم ربما يكفي (عن كل نقص) عن نفي المماثلة؛ لأن المماثلة نقص، ولكن نقول: إذا كان الله قد نص على ذلك فقال: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى ١١] فينبغي أن ننبه عليه.
* طالب: ألا يكون وجيهًا أن يكون اتصاف الكفار المعرضين عن كتاب الله تبارك وتعالى وآياته أن يأخذوا كتابهم بيسراهم من وراء ظهورهم ولا يستووا مع المؤمنين العصاة الذين يأخذنا كتابهم بيسراهم (...)؟
* الشيخ: بس من يقول هذا؟ يعني من يقول: إن عصاة المؤمنين يأخذون كتبهم بشمالهم؟
* طالب: قول الله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر ٩] ما تأتي من هذا (...).
* الشيخ: لا، ما تأتي من هذا، نعم لو ثبت أن عصاة المؤمنين يأخذون بالشمال، لكان لا بأس، لكن الآية تدل: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (٢٦) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (٢٩) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾ [الحاقة ٢٥ - ٣٣] وهذا كافر.
* طالب: ذكرتم أن الأرواح تكون داخل الصور في النفخة الأخرى، ولذلك بعد النفخ تُبعث الأجساد وتبعث كل روح في الجسد، وهذا لا شك من الأمور الغيبية، فما حجتهم على هذا؟
* الشيخ: هذا حديث الصور الطويل، وهذا حديث فيه أشياء منكرة، لكن فيه أشياء تشهد لها النصوص الأخرى الصحيحة، وفيه أشياء ليست منكرة، وليس فيها ما يشهد لها الأحاديث الصحيحة، لكن العلماء تلقوه بالقبول.
* طالب: إحنا قلنا: إذا الفجائية (...) تعقب (...) حديث أبي هريرة يا شيخ يقول: إن بينهما أربعين، كيف نجمع بين أنها مباشرة وأنها..؟
* الشيخ: أتدري ما تقول الآن؟ عِ ما تقول لأجل أن نجيب، ذكرنا أن قوله: ﴿فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزمر ٦٨] للمفاجأة، والمفاجأة تدل على وقوع الشيء مباشرة، فأنت الآن أوردت علينا حديث أبي هريرة، حديث أبي هريرة: «بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ» »[[متفق عليه؛ البخاري (٤٨١٤)، ومسلم (٢٩٥٥ / ١٤١) من حديث أبي هريرة. ]]، لكن الآية في النفخة الثانية، أيش؟ واضح؟
* طالب: بارك الله فيكم، ذكرت (...) أن النفخ في الصور مرتين (...) ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ﴾ إلى آخر الآيات [الزمر: ٦٨] فهل يعني (...)؟
* الشيخ: ويش تقول في هذا السؤال؟
* طالب: (...).
* الشيخ: بيَّنا هذا، هو لو جاء ذكر النفخ في الصور بصعق فإذا هم قيام، لكن جاء بثلاثة تعبيرات ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ﴾ [النمل ٨٧] ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ﴾ [الزمر ٦٨]، فقيل: إن الفزع نفخة أولى، ثم الصعق الثانية، ثم البعث الثالثة.
وقيل: إن الفزع والصعق نفخة واحدة، ينفخ فيه فيفزع الناس: ما الذي حصل؟ ما الذي حصل؟ ثم يطول النفخ فيصعق الناس، وعلى هذا تكون النفخة واحدة، لكنها تمتد، أولها فزع وآخرها صعق، عرفت؟ وعلى هذا فقول المؤلف: (النفخة الأولى) لأنه يرى أن نفخة الفزع هي نفخة الصعق.* الطالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.
* الشيخ: ما فيه بسملة، ما كملنا السورة.
* الطالب: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٦٩) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (٧٠) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (٧١) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٢) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [الزمر ٦٩ - ٧٣].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزمر ٦٨]، أخذنا مناقشة فيها؟ طيب من هو النافخ في السور؟
* طالب: إسرافيل عليه السلام.
* الشيخ: نعم، ولماذا عبر بالماضي وهو لم يأتِ بعد؟
* طالب: لتحقق (...).
* الشيخ: لتحقق وقوعه، هل لك أن تأتي بمثال؟
* الطالب: قوله تعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل ١].
* الشيخ: مثل قوله الله تعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ مع أنه لم يأتِ بعد.
* الشيخ: ما هو الصور؟
* طالب: الصور هو (...).
* الشيخ: بيت يعني حجرة.
* الطالب: لا (...) البوق.
* الشيخ: قرن عظيم يشبه البوق من بعض الوجوه، لكنه دائرته كما بين السماء والأرض.
قوله: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ﴾ [الزمر ٦٨] أي نفخة هذه؟
* طالب: نفخة الفزع.
* الشيخ: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ﴾.
* الطالب: نفخة الصور.
* الشيخ: أي نفخة الصور، لكن أي نفخة؟ الثالثة أو الرابعة؟
* الطالب: الأولى.
* الشيخ: الأولى.
* الطالب: بدليل قوله: ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى﴾ [الزمر ٦٨].
* الشيخ: بدليل قوله: ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى﴾.
هل هناك خلاف؟
* طالب: فيه خلاف، قالوا: ﴿يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ [النمل ٨٧].
* الشيخ: أيش؟ ما هو الخلاف؟
* الطالب: قالوا: إن فيه نفخة ثالثة.
* الشيخ: فيه نفخة ثالثة وهي؟
* الطالب: نفخة الفزع.
* الشيخ: الفزع.
* الطالب: ونفخة الصعق.
* الشيخ: ونفخة الصعق.
* الطالب: ونفخة البعث.
* الشيخ: البعث.
وما هو الراجح: ثنتان أو ثلاثة؟
* الطالب: ثنتان.
* الشيخ: كيف تجيب عن قوله: ﴿فَفَزِعَ﴾ [النمل ٨٧]؟
* الطالب: تشمل الصعق والفزع، أولًا يكون الفزع ثم تستمر حتى يصعق (...).
* الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك.
قوله الله تبارك وتعالى: ﴿فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزمر ٦٨] ﴿فَإِذَا﴾ ما معناها؟
* الطالب: إذا الفجائية.
* الشيخ: الفجائية، أيش معنى الفجائية؟
* الطالب: تشديد الهول؛ لأنهم في غفلة عن هذا الأمر..
* الشيخ: لا، ما هم في غفلة؛ لأنهم أموات.
* طالب: أي أن القيام حصل..
* الشيخ: فجائية؛ لأن ما بعدها يأتي مفاجأة؟
* الطالب: لما قبلها.
* الشيخ: لما قبلها، نعم.
* الشيخ: قوله تعالى: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا﴾ [الزمر ٦٩] ما معنى أشرقت؟
* طالب: أشرقت أي: أضاءت.
* الشيخ: أي: أضاءت.
﴿بِنُورِ رَبِّهَا﴾ [الزمر ٦٩] هل هو نور المخلوق أو نور الله؟
* الطالب: نور الله (...).
* الشيخ: نعم، لو قال لك: إنه نور مخلوق، فأضافه الله إلى نفسه إضافة مخلوق إلى خالقه؛ كقوله: ناقة الله وبيت الله؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: لكن لو قال لك هكذا؟ لو قال إنسان: إضافة مخلوق إلى خالقه، مثل: ﴿فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ﴾ [الشمس ١٣] هو ما له ناقة؟
* الطالب: (...) غير مخلوق.
* الشيخ: لكن لو ادعى واحد، لو ادعى إنسان أن نور مخلوق يخلقه الله عز وجل في الجو؟
* طالب: إن ثبت هذا باللفظ الصحيح فلا مانع.
* الشيخ: ما أجبت.
* طالب: الشيء الذي (...).
* الشيخ: لكن لو قال لك قائل: هذه الآية إضافة مخلوق إلى خالقه، ما هو الجواب؟
* طالب: أنه ثبت أن لله ملكًا.
* طالب آخر: (...).
* الشيخ: لا.
* طالب: أن (...).
* الشيخ: خلاص (...).
* طالب: (...) الأصل أن يكون إضافة صفة إلى موصوف إذا كان..
* طالب آخر: (...).
* الشيخ: لأنه خلاف الظاهر يا إخواني ﴿بِنُورِ رَبِّهَا﴾ [الزمر ٦٩]، إذا قال قائل: نور خلقه الله، قلنا: هذا خلاف الظاهر الله، يقول: ﴿بِنُورِ رَبِّهَا﴾، والله له نور ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [النور ٣٥]، كل إنسان يحرف الكلم عن ظاهره نجيبه بهذا، نقول: هذا غير مقبول؛ لأنه خلاف ظاهر اللفظ، فإن أتيت بدليل يخرجه عن ظاهره فعلى العين والرأس، وإن لم تأتِ بدليل صحيح يخرجه عن ظاهره فعلى العين والرأس، وإلا فقولك مردود، أعرفتم يا جماعة؟
* الشيخ: قوله تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ﴾ [الزمر ٦٩] ما المراد بالكتاب؟
* طالب: (...).
* الشيخ: كتاب أعمال التي يعملونها، صح؟
﴿وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ﴾ [الزمر ٦٩] من الشهداء؟
* طالب: الشهداء، النبي ﷺ يشهد على الأمم.
* الشيخ: السابقة.
* الطالب: السابقة (...).
* طالب آخر: (...).
* الشيخ: أنه أعم من أمة محمد، طيب الأنبياء والعلماء وغيرهم، ما هو الدليل على أن هذه الأمة شهداء؟
طالب: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ﴾ [البقرة ١٤٣]
* الشيخ: قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة ١٤٣] نعم.
قوله تعالى: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ﴾ [الزمر ٦٩] ما معنى قضي بينهم بالحق؟
* طالب: يعني فصل بينهم بالعدل.
* الشيخ: حكم بينهم بالعدل، أحسنت.
﴿وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الزمر ٦٩]؟
* الطالب: أي: وهم لا يظلمون شيئًا.
* الشيخ: محل الجملة من الإعراب؟
* الطالب: حالية.
* الشيخ: حالية، يعني والحال أنهم لا يظلمون شيئًا.
* * *
ثم قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ﴾ [الزمر ٧٠] وفيت: أي أعطيت وفاء، كما تقول: وفيته حقه، أي: أعطيته إياه وفاءً.
﴿كُلُّ نَفْسٍ﴾ [الزمر ٧٠] ﴿كُلُّ﴾ بالضم على أنها نائب فاعل.
﴿كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ﴾ [الزمر ٧٠] أي: الذي عملت، فـ (ما) هنا اسم موصول، وهو مفعول ثان لوفيت، والمفعول الأول هو (كل)، وإن كانت بالضم، لكن نائب الفاعل ينوب مناب المفعول، فلهذا صارت (كل) في محل المفعول الأول و(ما عملت) في محل المفعول الثاني.
قال المفسر: (أي جزاءه) حمله على هذا التأويل أن العمل قد مضى في الدنيا، والذي توفى النفس هو الجزاء؛ كما قال الله تعالى: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الواقعة ٢٤].
فإذا قال قائل: الأمر واضح كما قال المفسر، لكن الحكمة في أن الله عز وجل عبر بالعمل عن جزاء العمل؟ الحكمة في ذلك إشارة إلى أن الجزاء لا يتجاوز العمل، ولا ينقص عن العمل، فكأنه هو العمل، إذا كان لا يتجاوزه ولا ينقص عنه، فكأنه هو العمل، وهذا هو كمال العدل، وكما تدين تدان.
﴿وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ [الزمر ٧٠] (هو) الضمير يعود على الله عز وجل، يعني كأن قائلًا يقول: كيف يعلم ما عملت النفس وقد مضت دهور ودهور؟ وفي العمل الدقيق والجليل؟ فقال: ﴿وَهُوَ﴾ [الزمر ٧٠] أي الله ﴿أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ [الزمر ٧٠] يعني: لا يخفى عليه شيء، وهو سبحانه وتعالى لا يضل ولا ينسى، فلا يمكن أن يفوت شيء من عمل الإنسان.
وقول المفسر: (أي عالم ﴿بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ ) تفسيره (أعلم) بـ(عالم) يعتبر تفسيرًا قاصرًا؛ لأن (أعلم) أعلى درجة من (عالم)، فإنك تقول: زيد عالم وعمرو عالم، فيتساويان في العلم، وتقول: زيد أعلم من عمرو، فيكون زيد أعلم وأعلى درجة من عمرو، المؤلف الآن إذا قال: (﴿أَعْلَمُ﴾ أي عالم) نقص من علم الله؛ لأن كلمة عالم لا تمنع المشاركة، لكن أعلم تمنع المشاركة؛ لأنه لا يستوي الأفضل والمفضول.
والعجب أننا لو سألنا سائل: لماذا عدل المؤلف عن اسم التفضيل إلى اسم الفاعل؟ قال: لأنه لا ينبغي أن يكون هناك تناسب أو مفاضلة بين الخالق والمخلوق، إذا قلت: أعلم، معناها أنك فضلت الخالق على المخلوق، فنقول له: سبحان الله، وإذا قلت: عالم فقد سويت الخالق بالمخلوق، فانظر كيف عدل عن ظاهر اللفظ إلى فساد المعنى، فجنى جنايتين، عفا الله عنه، الأولى: مخالفة ظاهر اللفظ، الثاني: تنقيص الخالق في علمه، فنحن نقول: إن الله أعلم وأرحم، في القرآن الكريم: ﴿وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأعراف ١٥١] وأحكم ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين ٨]، بل أبلغ من ذلك أن الله قال: ﴿آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [النمل ٥٩] مع العلم بأنه لا أحد يظن أو يقدر أن الأصنام مثل الخالق، لكن قال هذا من أجل إفحام الخصم، وبيان ضلاله، أن نقول له: آلله خير أم الذي تشرك به؟ فالحاصل أن الواجب علينا أن نجري ﴿أَعْلَمُ﴾ على أيش؟ على ظاهرها من أن المراد بها تفضيل الله في علمه على عباده، فهو أعلم بما يفعلون.
فإن قال قائل: إن المؤلف عدل عن (أعلم) إلى (عالم)؛ لأن الناس لا يعلمون ما يفعلون، فالعلم منتفٍ، وحينئذ لا يكون تفسيره (أعلم) بـ(عالم) لا يكون ضارًّا، قلنا: هذا خطأ أيضًا، بل العالم يعلمون ما يفعلون، كل إنسان يعلم ما فعل، وكل من شاهد غيره أنه يفعل علم ما فعل.
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ [الزمر ٧٠] تارة تأتي يفعلون، وتارة تأتي يعملون، وتارة تأتي يكسبون، فهل بينها فرق؟ نقول: لا، ليس بينها فرق؛ لأن مؤداها واحد، لكن إذا قيل: قول وفعل، صار القول باللسان والفعل بالجوارح، وإذا قيل: عمل صار شاملًا للقول والفعل، وإذا قيل: قول فإنه يكون شاملًا للقول والفعل، ومنه -أي من إطلاق القول على الفعل- قول الرسول عليه الصلاة والسلام لعمار بن ياسر: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ هَكَذَا» ثم ضرب يده بالأرض»[[أخرجه مسلم (٣٦٨ / ١١٠) من حديث عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر.]]، ومعلوم أن هذا ليس قولًا بل هو فعل.
﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ [الزمر ٧٠] قال: (فلا يحتاج إلى شاهد) نعم لا يحتاج إلى شاهد، كفى بالله شهيدًا، لكنه سبحانه وتعالى يقيم الشهود إظهارًا للعدل وتوبيخًا للفاعل، أعرفتم؟ لأنه إذا أقيم عليه الشهود بعد أن أنكر صار ذلك أشد توبيخًا.
ثم قال: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا﴾ [الزمر ٧١].
نعم الفوائد.
{"ayah":"وَأَشۡرَقَتِ ٱلۡأَرۡضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلۡكِتَـٰبُ وَجِا۟یۤءَ بِٱلنَّبِیِّـۧنَ وَٱلشُّهَدَاۤءِ وَقُضِیَ بَیۡنَهُم بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق