الباحث القرآني
ثم قال الله عز وجل: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ﴾ [الزمر ٤٣] (أم) هنا منقطعة، ولهذا تقدر بـ (بل) والهمزة، أي أنها بمعنى بل والهمزة، وقولنا: منقطعة يفيد أن هناك مقابلًا لهذا المعنى، وهو كذلك، والمقابل لهذا المعنى أن تكون متصلة، وحينئذ نحتاج إلى الفرق بين المنقطعة والمتصلة، الفرق بينهما من وجهين، بل تأتي في اللغة العربية على وجهين متصلة ومنقطعة، الفرق بينهما أن (أم) المنقطعة لا معادل فيها، بمعنى أنه لا يُذكر فيها معادل، بخلاف (أم) المتصلة فإنها تحتاج إلى معادل، فقوله تعالى: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ [البقرة ٦] هذه أيش؟ متصلة، لماذا؟ لذكر المعادل ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾، طيب. ومثل قوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الطور ٣٣] هذه منقطعة؛ لأنها بمعنى (بل): بل أيقولون تقوله؛ لأنه لم يُذكر فيها المعادل فتكون منقطعة.
الفرق الثاني بينهما: أن (أم) المتصلة بمعنى (أو)، و(أم) المنقطعة بمعنى (بل) والهمزة ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ [البقرة ٦]، لو جعل بعدها (أو) لكان هذا هو المعنى: أنذرتهم أو لم تنذرهم؛ المنقطعة بمعنى (بل) والهمزة، وليست بمعنى (أو)، نطبق هذا الفرق على ما معنا ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ﴾ [الزمر ٤٣]، فماذا تكون؟ تكون منقطعة. أولًا: لأنه لم يذكر المعادل. والثاني: لأنها تقدر بـ(بل) والهمزة.
﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ أي: سواه، (دون) بمعنى (سوى)، لا بمعنى دون الرتبة، بل دون: سوى، ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ أي من سوى الله. و(اتخذ) هنا تنصب مفعولين؛ الأول: شفعاء، والثاني: من دون، يعني اتخذوا من دون الله آلهة شفعاء، ويجوز أن نقول: إن المفعول الأول محذوف تقديره آلهة، والثاني: شفعاء، يعني أنهم اتخذوا معبودات يعبدونها يدَّعون أنها شفعاء لهم عند الله، قال الله تعالى عنهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر ٣] فصرحوا بأنهم يعبدون هذه الآلهة، ولكنهم يريدون أن تكون مقربة لهم إلى الله عز وجل، ويا سبحان الله! كيف تتخذ بمن عصيت الله فيهم وسيلة ليقربوك إلى الله؟! وهذا من سفههم.
يقول الله عز وجل: (﴿شُفَعَاءَ﴾ عند الله بزعمهم) والشفعاء جمع شفيع، والشفيع: مَن يتوسط لغيره بجلب منفعة أو دفع مضرة، فالشفاعة لأهل الموقف إذا أصابهم الهم والغم أن يقضي الله بينهم من باب دفع المضرة، والشفاعة لأهل الجنة أن يدخلوها من باب جلب المنفعة، هذه الشفاعة، الشفاعة أن تتوسط لغيرك بماذا؟ بجلب منفعة أو دفع مضرة، وهي -أعني الشفاعة- لا شك أنها خير ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا﴾ [النساء ٨٥] إلا في بعض المواطن؛ كالشفاعة في الحد بعد أن يصل إلى السلطان، فإن من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره، وإذا بلغت الحدود السلطان فلعن الله الشافع والمشفَّع له؛ فهؤلاء الجماعة الذين يعبدون الأصنام يقولون: إنها شفعاء، قال الله تعالى: ﴿قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ﴾ [الزمر ٤٣] يعني: اتتخذونهم شفعاء وهم لا يملكون شيئًا، لا شفاعة ولا غير شفاعة، وهنا قال: ﴿لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا﴾، وشيئًا نكرة في سياق النفي، فتكون للعموم، وكان مقتضى السياق أن يقول: أولو كانوا لا يملكون الشفاعة، ولكنه أتى بالعموم ليدل على أن هذه الأصنام لا تفيد شيئًا أبدًا، لا تشفع ولا تدفع، وهي قد سلبت الشفاعة لدخولها في العموم، يعني: لا يملكون الشفاعة ولا غيرها، نعم. ﴿أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ﴾ [الزمر ٤٣] وهنا ﴿أَوَلَوْ كَانُوا﴾ فيها حرف عطف بعد الهمزة، وقد ذكرنا مرارًا ما يقوله علماء النحو في مثل هذا التركيب، فمن يستحضر ما قلنا؟ إذا جاء حرف العطف بعد همزة الاستفهام فماذا يقول علماء النحو في إعرابه؟ سبق لنا مرارًا وتكرارًا.
* طالب: قلنا: إن تكون الواو عاطفة على الجملة..
* الشيخ: أن حرف العطف عاطفًا على ما سبق.
* الطالب: والتقدير: وألو.
* الشيخ: (وألو)؟ أو.
* طالب: (...).
* الشيخ: هذا هو هذا اللي قاله.
* الطالب: (...) بفعل مقدر.
* الشيخ: أو تكون الهمزة في مكانها، حرف العطف على شيء مقدر يناسب المقام، وذكرنا أن الثاني رأي البصريين والأول رأي الكوفيين، وذكرنا أن القول بأن حرف العطف عاطف على ما سبق أولى، لأنه يكفيك التقدير، ولأنه أحيانًا لا يستطيع الإنسان أن يقدِّر الشيء المناسب، فإذا قال: الهمزة للاستفهام والواو حرف عطف، وما بعدها معطوف على ما سبق استراح. قال هنا: ﴿أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا﴾ [الزمر ٤٣] على رأي من يرى أن حرف العطف على مقدر، يقول: أيتخذونهم شفعاء ولو كانوا لا يملكون.
على الرأي الثاني يقول: الواو حرف عطف، والمعطوف عليه ما سبق من الجملة.
﴿أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ﴾ [الزمر ٤٣] ماذا لا يعقلون؟ يعني لا يعقلون أنكم تعبدونها، فالأصنام أحجار لا تدري، ولا يعقلون أيضًا شيئا من الشفاعة يدخلون منه، فهم جهلة في حالكم وجهلة فيما تستحقون.
قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر ٤٤] ﴿قُلْ﴾ الخطاب لمن؟ للرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو لكل من يتأتى خطابه ويصح، وهذا الأخير أعم من الأول؛ لأنه يشمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيره.
طيب يقول: ﴿قُلْ﴾ أيها المخاطب الأهل للخطاب ﴿لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ لله الشفاعة جملة خبرية تفيد الحصر، وطريقه الأخ؟
* طالب: العامل تقدم.
* الشيخ: لا، ما هو ما في عامل.
* الطالب: (...) جار ومجرور. أن الخبر تقدم..
* الشيخ: أن الخبر تقدم وحقه التأخير، وكل تقديم لما حقه التأخير يفيد الحصر، طيب لله الشفاعة لا لغيره، فهو الذي يملكها، واللام في قوله: ﴿لِلَّهِ﴾ للملك، يعني هو الذي يملك الشفاعة، أي: يملك أن يأذن فيها، وقد بين الله سبحانه وتعالى أن للشفاعة ثلاثة شروط:
الشرط الأول: إذنه، قال الله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة ٢٥٥].
الشرط الثاني: رضاه عن الشافع، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ [النبأ ٣٨].
الثالث: رضاه عن المشفوع له؛ لقوله تعالى: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ [النجم ٢٦]، وهذه تكون أيضًا دليلًا على أنه يُشترط رضا الله عن الشافع، وقال تعالى: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء ٢٨]، فشروط قبول الله الشفاعة ثلاثة، عدها لنا يا أخ.
* طالب: الإذن للشافع، الرضا عن المشفوع.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: الإذن للمشفوع له.
* الشيخ: لا.
* طالب: الإذن بالشفاعة، والرضا عنهما الشافع والمشفوع..
* الشيخ: عن الشافع والمشفوع، هذه ثلاث، وعرفتم أدلتها ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر ٤٤]. طيب الآن لو أقول: يا رسول الله، اشفع لي عند الله، هل يجوز؟ لا يجوز؛ لأنه لا يملك ذلك، هو لا يشفع لا لك ولا لغيرك إلا بإذن الله، ومن ذلك ما يفعله بعض الإخوان المجاهدين في أفغانستان، يقول الواحد منهم للثاني: اشفع لي عند الله؛ لأن المجاهد له شفاعة إذا قتل شهيدًا، فتجد بعض أقاربه أو بعض أصحابه يقول: اشفع لي عند الله، هذا لا يجوز؛ لأنه سأله ما لا يملكه، إذا قال: اشفع لي، يقول: الشفاعة لمن؟ لله، قل: اللهم شفعه في، لا بأس، اسأل الشفاعة ممن يملك الشفاعة، أما ممن لا يملك فلا تسأل، هذا سؤال في غير محله، فالشفاعة إذن لله، وإذا كانت لله فلا تُسأل إلا من الله.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر ٤٤] (جميعًا) حال من الشفاعة، فما معنى الجمع هنا؟ هل الشفاعة متعددة؟ الجواب: نعم الشفاعة متعددة، شفاعة في الدنيا، شفاعة في الآخرة، شفاعة في جلب نفع، شفاعة في دفع ضرر، فلا شفاعة إلا لله عز وجل، كل الشفاعات تكون لله، الشفاعة في الدنيا كأن يدعو الإنسان لشخص، إذا دعا الإنسان لشخص فهذه شفاعة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ»[[أخرجه مسلم (٩٤٨ / ٥٩) من حديث عبد الله بن عباس.]]، فدعاء الإنسان لأخيه شفاعة له عند الله، هذه شفاعة في الدنيا.
شفاعة في الآخرة معروف، الشفاعة في الآخرة أو الشفاعة العظمى، وهذه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا تكون لأحد سواه، وما هي الشفاعة العظمى؟ هي أن الناس في ذلك المحشر كما علمتم من النصوص حفاة عراة غُرْل، شاخصة أبصارهم، أفئدتهم هواء، الشمس تدنو منهم قدر ميل، العرق يلجم بعضهم، لا يلوي أحد على أحد، ولا يستغيث أحد بأحد، لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار؛ فيلحقهم من الغم والكرب ما لا يطيقون، فيقول بعضهم لبعض: انظروا من يشفع لنا إلى الله لنستريح من هذا الموقف، راحة، فيذهبون إلى آدم، ثم إلى نوح، ثم إلى إبراهيم، ثم إلى موسى، ثم إلى عيسى، ولا يحصلون على شيء، ثم يأتون إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيستأذن، يطلبون منه الشفاعة فلا يشفع، يستأذن من الله أولًا؛ لأن الملك عظيم، والسلطان تام، يسأل الله أن يأذن له بالشفاعة فيأذن له، ثم يسجد عليه الصلاة والسلام تحت العرش سجودًا طويلًا، يفتح الله عليه فيه من المحامد ما لم يكن يعرفه من قبل، ثم يشفع إلى الله أن يقضي بين الخلق ويريحهم من هذا الموقف، فيقبل الله شفاعته. هذه الشفاعة تسمى الشفاعة العظمى؛ لعمومها وشدة الحاجة إليها، ولا تكون إلا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وهي داخلة في قوله تعالى: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء ٧٩] لأن هذا المقام يحمده فيه الأولون والآخرون، الذين من أمته والذين من غير أمته.
وفيه شفاعة فيمن دخل النار أن يخرج منها، وفيمن استحقها ألا يدخلها، هذه الشفاعة نوعان: شفاعة فيمن دخلها أن يخرج منها، وفيمن استحقها ألا يدخلها، وهذه عامة، عامة للرسل والصديقين والشهداء والصالحين والملائكة والبشر عامة.
لكن ينكرها طائفتان من طوائف الضلال من هذه الأمة، من؟ المعتزلة والخوارج، لماذا؟ لأنهم يقولون: إن فاعل الكبيرة مخلد في النار، محكوم عليه بذلك قضاء وقدرًا، وإذا كان كذلك فلن يتخلف هذا القضاء ولا يمكن أن يخرجوا من النار، أعرفتم؟ طيب. الشفاعة العظمى فيمن استحق النار لا يدخل، فيمن دخل أن يخرج.
الشفاعة الرابعة: في دخول الجنة، إذا عبر الناس الصراط -أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يعبره سليمًا- إذا عبروا الصراط لا يدخلون الجنة مباشرة، بل يوقفون عند قنطرة، وهي طرف الجسر الذي على النار أو غيرها، الله أعلم، فيقتص لبعضهم من بعض، وهذا قصاص تنقية، والقصاص السابق في عرصات القيامة قصاص تخلية، يعني اليوم في عرصات القيامة يقتص بالعدل للمظلوم من الظالم، أما هذا فهو قصاص تنقية، أيش معنى تنقية؟ حتى يزول ما في قلوبهم من غل وحقد؛ لأنه ليس القضاء للشخص بحقه مزيلًا للحقد والبغضاء، صح؟ القضاء للإنسان في حقه هل يزيل ما في قلبه من عداوة وبغضاء؟ نعم ربما وربما، قد أقول أنا: اعتدى علي وأخذت حقي الآن منه، لكن بقي أثر هذا العدوان في قلبي، أليس كذلك؟ هذا موجود يا إخوان ما أحد ينكره، لكن الموفَّق يسعى في زواله، إنما لا بد أن يبقى، أثر الجرح لا بد أن يبقى حتى لو برئ، هل إذا برئ الجرح يعود الشيء كما كان؟ يصير فيه بقع، لا بد أن يؤثر العدوان ولو اقتص الإنسان لنفسه من قلب الإنسان، فهم إذا اقتص لبعضهم من بعض في عرصات القيامة، وعبروا الصراط، يحتاجون إلى تنقية، تُنقى وتُصفى قلوبهم، حتى يدخلوا الجنة وما في قلوبهم من غل، على أكمل وجه.
طيب اقتص لبعضهم من بعض أيضًا لا يدخلون الجنة مباشرة، يجدون الجنة مغلقة الأبواب، فيطلبون من يشفع لهم، فيشفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة، هذه خاصة بالرسول، لكن ليست عظمى، ما هي كبرى، لأنها لمن؟ لأهل الجنة خاصة، فيشفع أن تفتح أبواب الجنة فيؤذن له، فتفتح أبواب الجنة، وأول من يدخلها هو عليه الصلاة والسلام، أول من يدخل الجنة من الخلائق هو، وأول من يدخلها من الأمم أمته بعد الأنبياء مباشرة، النبيون أولًا ثم الأمم، قائد النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قائد الأمم هذه الأمة؛ لأن هذه الأمة ولله الحمد متأخرة في الزمن في الدنيا، لكنها سابقة في كل المواقف في الآخرة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٨٧٦)، ومسلم (٨٥٥ / ١٩) من حديث أبي هريرة.]]، ففي كل العرصات ولله الحمد نحن السابقون في العبور على الصراط، في القضاء بين الناس، في عرصات القيامة، في دخول الجنة، في كل شيء، السابقون يوم القيامة في كل شيء، فيدخلون الجنة.
وتأمل هذا في كتاب الله عز وجل، قال الله في أهل النار: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ [الزمر ٧١] وهم كارهون لها، من حين أن يصلوا إليها تفتح الأبواب، يلا دعوهم دعًّا؛ الجنة لا، قال: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا﴾ [الزمر ٧٣]، فأفاد قوله: ﴿وَفُتِحَتْ﴾ أن هناك شيئًا بين مجيئهم وبين الفتح، ولقد أخطأ من قال من أهل العلم: إن الواو هنا زائدة وإن التقدير: حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها، وأنا أقول: سبحان الله، أنتم أعلم بكلام الله من الله؟! الله عز وجل يفرق في النار، يقول: ﴿إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ﴾ [الزمر ٧١] وفي الجنة يقول: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ﴾ وأنتم تقولون: هذه الواو زائدة، هذا خطير، وكذلك أخطر؛ من قال: إن الواو للثمانية، الواو واو الثمانية، وادعى أن في اللغة واوًا تسمى واو الثمانية، وهذه الدعوى باطلة، قال: لا، عندي دليل ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾ [التحريم ٥] الواو واو الثمانية، هذه ثمانية؛ نقول: من قال هذا؟ أجل قل: جاء زيد وبكر، الواو؟ واو الاثنين، وخالد واو الثلاثة وامش؛ من قال لك هذا؟ فالصواب أن الواو هنا عاطفة، وأن المعطوف عليه محذوف، بينت هذا المعطوف عليه، بينته من السنة، وعلى هذا فيكون للرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم شفاعتان خاصتان؛ الشفاعة العظمى، والشفاعة في دخول الجنة.
هناك أيضا شفاعة خاصة به لم تكن لغيره، وهي شفاعته في عمه أبي طالب، عمه أبو طالب مات على الكفر والشرك والعياذ بالله، وهو في النار، لكن «الله أذِن لنبيه أن يشفع فيه، فكان في ضَحْضَاح من نار وعليه نعلان يغلي منهما دماغه»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٨٨٥) ومسلم (٢١٠ / ٣٦٠) من حديث أبي سعيد الخدري.]]، وهو أهون أهل النار عذابًا، إذن الشفاعة الخاصة بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم كم؟ ثلاثة أنواع، فالله عز وجل يقول: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر ٤٤] هو الذي يعطيها من يشاء ويمنعها ممن يشاء، وقد بين أن الشروط؟
* طالب: الإذن، ورضاه عن الشافع، ورضاه عن المشفوع.
* الشيخ: الإذن ورضاه عن الشافع ورضاه عن المشفوع له.
* طالب: قلنا: يا شيخ، إن إطلاق الاسم على الله عز وجل بغير نص ما يجوز، وأما بلفظ (...).
* الشيخ: فيجوز إلا ما لا يليق بالله.
* الطالب: لكن يا شيخ إطلاق (...) الله عز وجل تعدي على الله.
* الشيخ: لا، الخبر أوسع من الإنشاء، أنا ما أريد أن أصف الله بهذا على وجه الإطلاق.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، ما على وجه الإطلاق، إلا ما وصف الله به نفسه على وجه الإطلاق.
* الطالب: يعني ما نصفه (...).
* الشيخ: ما نصفه على وجه الإطلاق، لكن نخبر عنه، يعني كلمة موجود مثلًا، موجود ما هي موجودة، لا في القرآن ولا في السنة، هل يصح أن تقول: إن الله موجود؟ نعم يصح لا شك، مع أنه لم يوجد إلا حي قيوم سميع بصير، والعجيب أن أكثر ما يستنصر به الناس، أو بعض الناس نعم: الله موجود، إذا اعتدى عليه أحد قال: الله موجود، ما هو هذا الصواب.
* طالب: يا ساتر.
* الشيخ: إي نعم، ويا ساتر، الله موجود، هل هذا مما ينصر؟ الله حكم عدل هذا هو اللي ينصر، وإلا مثلًا السلطان موجود هل ينصرك؟ قد ينصرك وقد لا ينصرك، فكلمة موجود لا تعني النصر، ولذلك نحن نقول لبعض الناس: انتبه لهذه الكلمة، لا تقل: الله موجود، قل: الله حكم عدل، الله غير غافل عما تعمل، الله ينتقم من الظالم وما أشبه ذلك.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥) قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٤٦) وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [الزمر ٤٥-٤٨].
* الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ﴾ [الزمر ٤٣] ماذا تكون (أم) هنا؟
* طالب: (أم) هنا منقطعة بمعنى (بل).
* الشيخ: منقطعة بمعنى (بل) والهمزة نعم. ما الفرق بين (أم) المنقطعة وعديلتها؟
* طالب: أم المنقطعة لا يذكر فيها المعاصي وتكون على بر، و(أم) المتصلة تذكر فيها المعاصي.
* الشيخ: وتكون بمعنى.
* الطالب: أو.
* الشيخ: وتكون بمعنى (أو)، مثل المنقطعة.
* الطالب: (...)،
* الشيخ: وغيرها.
* الطالب: (...).
* الشيخ: ويش اللي قبلها ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا﴾ [الطور ٤٠].
* الطالب: (...).
* الشيخ: هذه منقطعة، طيب متصلة، مثال للمتصلة.
* طالب: قول الله عز وجل: ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ [البقرة ٦].
* الشيخ: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ [البقرة ٦]. قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر ٤٤] هذه الجملة فيها حصر، ما طريقه؟
* طالب: طريقه أن الله سبحانه وتعالى..
* الشيخ: ما يحتاج، ما هي بخطبة، كلمة واحدة.
* الطالب: لأن الخبر.
* الشيخ: سبحان الله!
* طالب: تقديم المعمول (...).
* الشيخ: ما فيه معمول.
* الطالب: لله الشفاعة، لله هي الخبر.
* الشيخ: إي، تقديم الخبر، طيب لماذا كان تقديم الخبر مفيدًا للحصر؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، عندكم قاعدة في هذا، فيه قاعدة يعتبر هذا مثالًا لها.
* طالب: قلنا: إن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر.
* الشيخ: تقديم ما حقه التأخير، يفيد الحصر، طيب. قوله: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر ٤٤] كلمة جميعًا تفيد أن هناك شفاعات، الأخ؟
* طالب: فيه أنواع للشفاعة؛ الشفاعة العظمى..
* الشيخ: ما هي الشفاعة الخاصة بالرسول ﷺ؟
* الطالب: هي شفاعته في أمته لدخول الجنة.
* الشيخ: شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، هذه واحدة، والثانية؟
* طالب: الشفاعة لأهل الموقف للفصل بينهم، وهي الشفاعة العظمى.
* الشيخ: أحسنت، وهي الشفاعة العظمى في أهل الموقف أن يقضى بينهم.
* طالب: الشفاعة لعمه أبي طالب.
* الشيخ: الشفاعة لعمه أبي طالب، طيب هذه خاصة بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ما هو دليلنا على أن الشفاعة في عمه خاصة به؟
* طالب: لأنه ورد عن النبي ﷺ أنه شفع لعمه.
* الشيخ: ما يكفي.
* طالب: قول الرسول ﷺ: «لَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٢٠٨)، ومسلم (٢٠٩ / ٣٥٧) من حديث العباس.]].
* الشيخ: إي، هذا دليل على أنه شفع فيه، لكن ما هو الدليل على أنه خاص به؟
* طالب: قوله تعالى: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء ٢٨] والله رضي شفاعته.
* الشيخ: قوله تعالى: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء ٢٨] والله لا يرتضي أن يشفع للكافر، فيستثنى هذا. وقوله: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ [المدثر ٤٨]، وهذا مستثنى، إذن فهو خاص به.
* * *
قال الله تعالى: ونحن الآن في ابتداء الدرس الجديد: ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [الزمر ٤٤] هذه الجملة فيها حصر، وهو تقديم ما حقه التأخير، فهنا قدم الخبر ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ﴾ يعني لا لغيره. وقوله: ﴿مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ يشمل ملك الذوات، أي ملك ذات السماوات والأرض وملك التصرف فيهما، يتصرف فيهما كما يشاء، فهو الذي أوجدهما، وهو الذي يمسكهما أن تزولا، وهو الذي يدبر ما فيهما، وهو الذي يتلفهما ويفنيهما عند قيام الساعة.
قوله تعالى: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء ٢٨] والله لا يرتضي أن يشفع للكافر فيُستثنى هذا. وقوله: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ [المدثر ٤٨]، وهذا مستثنى، إذن فهو خاص بهم.
قوله تعالى: ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [الزمر ٤٤]، هذه الجملة فيها حصْر وهو تقديم ما حقه التأخير، فهنا قدم الخبر ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ﴾ يعني لا لغيره.
وقوله: ﴿مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ يشمل ملك الذوات؛ أي: ملك ذات السماوات والأرض وملك التصرف فيهما، يتصرف فيهما كما يشاء، فهو الذي أوجدهما، وهو الذي يمسكهما أن تزولا، وهو الذي يُدبِّر ما فيهما، وهو الذي يتلفهما ويفنيهما عند قيام الساعة، فلله ملك السماوات والأرض خلقًا وتدبيرًا وتصرفًا، وكل شيء يؤول إليه سبحانه وتعالى، وهذه الآلهة لا تملك شيئًا من ذلك.
إذن ﴿مُلْكُ السَّمَاوَاتِ﴾ أي: ملك الذوات والتصرف كما يشاء، ثم نفصل فنقول: خلقهما أولًا وأمسكهما أن تزولا، ويطوي السماء كطي السجل للكتب، ويقبض الأرَضين يوم القيامة، فكل هذه من جملة تصرفاته في هذه المملوكات ملك السماوات والأرض، وإذا كان له ملك السماوات والأرض فلا أحد يشفع إلا بإذنه، ولا أحد يستحق العبادة إلا هو.
ثم قال: ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ متى؟ يوم القيامة، نُرجَع إلى الله عز وجل فيحاسبنا على حسب أعمالنا، والله تعالى قد بَيَّن لنا ووضَّح وأقام الحجة، «وبيَّن أن الحسنة بعشْر أمثالها إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وأن السيئة بمثلها»[[أخرجه البخاري (٤١) من حديث أبي سعيد الخدري.]]، وبين الأشياء التي تُعتبر حسنات حتى نعملها، وتُعتبر سيئات حتى نتجنبها، وحينئذٍ يكون رجوعنا إليه عز وجل رجوعًا عن بصيرة، لا حُجَّة لنا في مخالفته.
نرجع الآن إلى فوائد هذه الآية الكريمة، وقبلها أيضًا وين؟
﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ﴾ [الزمر ٤٣].
* في هذه الآية: الإنكار على هؤلاء الذين يعبدون الأصنام، الإنكار على مَنْ عَبَدَ الأصنام واتخذها شفعاء، من أين نأخذ الإنكار؟ من الهمزة التي تضمنتها (أم)؛ لأن (أم) بمعنى بل والهمزة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الخطأ الفظيع في هؤلاء المشركين حيث عبدوا الأصنام، وظنوها شفعاء، مع أنها لا تزيدهم من الله إلا بُعْدًا.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إقامة الحجة العقلية في مجادلة الخصم وهي قوله: ﴿قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا﴾ [الزمر ٤٣]، فإذا كانوا لا يملكون شيئًا فكيف تتخذونهم شفعاء تعبدونهم من دون الله؟
واعلم أن الأدلة العقلية نحتاج إليها حاجة ماسة إذا ضعف الإيمان، كلما ضعف الإيمان احتجنا إلى الأدلة العقلية، وذلك لأن المؤمن يكفيه النقل، يكفيه السمع، قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب ٣٦]، واحتجت عائشة رضي الله عنها على التي سألتها: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: «كان يُصيبنا ذلك فنُؤْمَر بقضاء الصوم، ولا نُؤمر بقضاء الصلاة»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٢١)، ومسلم (٣٣٥ / ٦٩)، واللفظ له من حديث عائشة.]]. فإذا قوي الإيمان كفى الاستدلال بالسنة والقرآن، وإذا ضعف الإيمان فلا بد من استعمال الدليل العقلي المقنِع، ولهذا نجد الله سبحانه وتعالى في الكتاب العزيز يحتج كثيرًا بالأمور العقلية الحسية على المعاني التي يريد عز وجل تقريرها وإثباتها كإحياء الموتى وما أشبه ذلك، ونحن الآن في زمن الإيمان فيه ضعيف والجدل فيه كثير، نحتاج إلى فهم الأدلة العقلية حتى نتمكن من إقناع خصومنا، فأنتم تعرفون الآن أن كثيرًا من الناس لو أُتي بكل آية ما تبعها، فإذا أُتي بدليل عقلي اقتنع به، هذا واحد.
وتعلمون أيضًا أن الأعداء أعداء الإسلام والمسلمين يتحيَّنون الفُرص في إدحاض حُجج المسلمين، فتجدهم في كل مجلس يتكلمون في أشياء يُشبِّهون بها على الشباب المسلم، فإذا لم يكن لدى الإنسان حُجَّة عقلية تدحض حجته فإنه ربما ينقطع ويظهر ذلك الخصم الألد عليه، كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ [البقرة ٢٠٤]، فأنا أحثكم على أن تتخذوا من الأدلة العقلية ما ينجيكم من خصم أولئك الألداء حتى تخصموهم وتحاجوهم وتغلبوهم بالحجة، وها هو إبراهيم عليه الصلاة والسلام حاج قومه بالعقل، بماذا؟ لما جن عليه الليل رأى كوكبًا قال: هذا ربي، فأفل الكوكب وغاب قال: ﴿لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ﴾ [الأنعام ٧٦]، لا أحب إلَهًا يغيب عني، ولا يعلم بحالي، فلما رأى القمر بازغًا قال: هذا ربي، فلما أفل، أقام الحجة على ضلال من عَبَدَ الكواكب قال: ﴿لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام ٧٧، ٧٨].
وكذلك احتج على الذي حاجَّه ﴿حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ﴾ آخر الآية: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ﴾ [البقرة ٢٥٨] إلى غير ذلك، فنحن في حاجة اليوم إلى إعمال عقولنا في الأدلة العقلية حتى نحتج بها على من ضعف إيمانه بالأدلة السمعية، أو على من فُقِد إيمانه بالأدلة السمعية.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الأصنام لا تملك شيئًا لعابديها، لا جلب نفع ولا دفع ضرر.
فإن قال قائل: إن من الناس من يدعو الصنم فيُستجاب له كما نسمع عن ذلك كثيرًا، فكيف الجواب عن هذه الآية؟
الجواب عن هذه الآية: أن كلام الله حق وصِدْق، مطابق للواقع تمامًا، وقد بيَّن الله تعالى في آية أخرى أنه لا أحد أضل عقلًا ولا أسفه طريقًا ﴿مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (٥) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾ [الأحقاف ٥، ٦]، لكن ما حصل من مثل هذه الأمور من كون الرجل دعا وليًّا أو صاحب قبر، أو ما أشبه ذلك فزال عنه ضره، فإنما هو امتحان من الله عز وجل، امتحان حصل عند الشيء لا بالشيء.
فمثلًا: لو أن رجلًا دعا قبرًا، وكُشِفَ عنه الضر، هل نقول: إن صاحب القبر هو الذي كشفه؟ لا أبدًا، نجزم مثل الشمس أن صاحب القبر لم ينفعه، ولكن ابتلى الله عابد هذا القبر بأن حصل الشيء عنده لا به، وفرق بين الشيء الذي يحصل بالشيء والشيء الذي يحصل عند الشيء، والله عز وجل قد يبتلي الإنسان بمثل هذا، قد ييسر الله له أسباب المعصية والشِّرْك ابتلاء وامتحانًا.
أرأيتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين حرم الله عليهم الصيد في حال الإحرام، ابتلاهم الله بأيش؟ ابتلاهم الله بصيد تناله أيديهم ورماحهم، الطائر يناله الرمح، والساعي العادي تناله الأيدي، يعني الظباء والأرانب وما أشبهها يمسكونه بأيديهم، والطيور برماحهم لا بسهامهم، ما يحتاجون إلى سهام، ابتلاهم الله بذلك ليعلم الله من يخافه بالغيب؛ فقد يبتلي الله العبد بتيسير أسباب المعصية له حتى يعلم سبحانه وتعالى هل يصبر أو يقدم؟ لأن بعض الناس قد يخفف عليه ترك المعصية صعوبتها عليه، أليس كذلك؟ يعني بعض الناس يترك المعصية؛ لأنها صعبة عليه تحتاج إلى عمل، تحتاج إلى مال، لكن إذا سهلت، ثم تركها عُلِم أن الرجل صادق في إيمانه.
إذن فهمنا الجواب على قوله: ﴿أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ﴾ [الزمر ٤٣] أن ما وقع مما يُظن أنه بسبب هذه الآلهة فقد حصل عندها لا بها.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: انتفاء العقل عن هذه المعبودات، وهذا فيمن يعبُد من لا عقل له كالأصنام والأشجار؛ لقوله: ﴿وَلَا يَعْقِلُونَ﴾. وعليه إذا قيدنا المسألة بمن يعبد الأصنام والأشجار وما أشبهها لا يرد علينا أن قومًا عبدوا المسيح، والمسيح عليه الصلاة والسلام من أكمل الناس عقلًا؛ لأنه أحد أولي العزم من الرسل لأن نقول: يريد الله بهذا الأصنام التي أيش؟ الجماد التي لا تعقل.
ثم قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الزمر ٤٤] إلى آخره.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات الشفاعة ﴿لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾، ووجه إثباتها أنه لولا وجودها ما صح أن يقول: ﴿لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الرد على المعتزلة والخوارج؛ لأن المعتزلة والخوارج ينفون من الشفاعة؟
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، المعتزلة والخوارج ينكرون الشفاعة في أهل الكبائر سواء دخلوا النار أم لم يدخلوها؛ وذلك لأن أهل الكبائر عند المعتزلة والخوارج مُخلَّدون في النار، لكنهم عند الخوارج كفار، وعند المعتزلة لا مؤمنون ولا كافرون، في منزلة بين منزلتين.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات شفاعات متعددة؛ لقوله: ﴿جَمِيعًا﴾؛ لأن ﴿جَمِيعًا﴾ تقتضي أن يكون هناك شيء مجموع.
* ومن فوائدها: أنه لا أحد يشفع إلا بإذن الله، وجهه أنه إذا كانت الشفاعة خاصة بالله فإنها لا تكون إلا منه وإليه.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات ملك الله للسماوات والأرض، وانفراده بالملك؛ لقوله: ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾.
* ومن فوائدها: إثبات البعث والرجوع إلى الله؛ لقوله: ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الإنذار والبشارة؛ لقوله: ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ فإن المؤمن يُسَرُّ بلقاء الله بلا شك، ويحب لقاء الله، والكافر بالعكس، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٥٠٧)، ومسلم (٢٦٨٣ / ١٤) من حديث عبادة بن الصامت.]]. فإذا علمنا أننا نرجع إلى الله فإننا نحب لقاء الله، والكافر يكره لقاء الله.
﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الله سبحانه وتعالى يذكر الشيء منذرًا بلازمه؛ لأن مجرد الرجوع ليس فيه شيء يُذكَر، لكن المراد الرجوع الذي يحصل به الحساب والجزاء.
قال الله تعالى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ﴾ [الزمر ٤٣] قال: (﴿﴿أَمِ﴾ ﴾ بل ﴿﴿اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ ﴾) لكننا لا نقرأ (أَتَّخَذوا) بهمزة القطع؛ لأن القرآن ليست الهمزة فيه همزة قطع، لكن لو كان التركيب في غير القرآن لقلنا: (بل أَتَّخَذوا من دونه)، وإذا قلنا: (أَتَّخَذوا)، سيسأل سائل: أين ذهبت همزة الوصل في ﴿اتَّخَذُوا﴾؟ نقول: لأنه لما دخلت همزة القطع على الفعل استغنينا بها عن همزة الوصل؛ لأن همزة الوصل إنما يؤتى بها لسهولة البدء بالساكن، فإذا لم نبدأ به وبدأنا بهمزة قطع استغنينا عنها وحذفناها، اقرأ: ﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾ [الصافات ١٥٣] ﴿أَصْطَفَى﴾، هذه أصلها اصطفى دخلت عليها الهمزة، لما دخلت عليها الهمزة صِرْنا في غنى عن همزة الوصل؛ لأن همزة الوصل يُؤتى بها للضرورة؛ ولهذا سُمِّيت همزة وصل، يُؤتى بها للضرورة لئلا نبتدئ بالساكن، فإذا زالت الضرورة هذه سقطت.
قال: (﴿﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ﴾ ﴾ [الزمر: ٤٣] أي الأصنام آلهة ﴿﴿شُفَعَاءَ﴾ ﴾ عِنْد اللَّه بِزَعْمِهِمْ) يعني هم صيروا هذه الأصنام آلهة تشفع لهم عند الله.
وقول المؤلف: (بِزَعْمِهِمْ) يعني لا بحسب الواقع؛ لأن هذه الأصنام لا تشفع لهم، بل إنه في يوم القيامة يكفر من اتخذ إلهًا مع الله، يكفر بعبادة من عَبَدَهُ، صحيح؟ من أين نأخذ هذا؟ ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (٥) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾ [الأحقاف ٥، ٦] وكذلك ما ذكرتم: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾ [فاطر ١٤] بل حتى الذين اتخذوا غير الرسل اتخذوهم متبوعين من أهل الضلال يتبرؤون منهم ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ [البقرة ١٦٦]، شوف سبحان الله في القرآن كفر من جُعِلوا شركاء في الرسالة، وكُفر من جُعلوا شركاء في العبادة؛ لأن كُلًّا منهم لم يحقق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، الذين اتخذوا شركاء بالعبادة سمعتم: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾، ﴿وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾ والذين اتخذوا شركاء في الرسالة: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾؛ لأن المقلد لغير الرسل المعارضة لأقوال الرسل بأقوالهم قد أشرك مع الرسل في الرسالة.
من الذي يجب اتباعه من البشر؟ الرسل، فإذا جعل هذا الرجل متبوعه بمنزلة الرسول عليه الصلاة والسلام يأخذ بقوله فعلًا وتركًا وتصديقًا فقد جعله رسولًا؛ ولهذا بعض العلماء يقول: إن التوحيد نوعان: توحيد عبادة، وتوحيد رسالة؛ توحيد عبادة فيما يتعلق بحق الله، توحيد رسالة فيما يتعلق بحق الرسول ﷺ، والله تعالى يقرن بين هذا وهذا في القرآن: ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ [المؤمنون ٦٨، ٦٩]. فالحاصل أن هؤلاء الذين اتخذوا شفعاء قد ضلوا ضلالًا مبينًا؛ لأنها لا تنفعهم.
قال: (﴿﴿قُلْ﴾ ﴾ لهم أيشفعون و﴿﴿لَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ﴾ ﴾) أيشفعون ولو كانوا؟ المؤلف -رحمه الله- مشى في هذا التفسير على أحد الرأيين المشهورين فيما إذا دخلت همزة الاستفهام على حرف العطف، ما هما؟
* طالب: (...) قبل الهمزة أو قبل حرف الاستفهام.
الثاني: أن يكون العاطف على ما بعد همزة الاستفهام أو حرف الاستفهام.
* الشيخ: فيه وجهان: الوجه الأول: أن يكون العطف على ما سبق، وعلى هذا يكون تقدير الهمزة بعد حرف العطف.
والوجه الثاني: أن العطف على جملة مقدرة يكون تقديرها حسب السياق، المؤلف مشى على الأول ولَّا على الثاني؟
* طالب: على الأول.
* طالب آخر: على الثاني.
* الشيخ: شوفوا يا جماعة، أيشفعون ولو؟
* طلبة: على الثاني.
* الشيخ: إذن على الثاني؛ لأنه قدَّر المعطوف عليه بين الهمزة وحرف العطف، أيشفعون ولو كانوا لا يملكون شيئًا ولا يعقلون (﴿﴿لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا﴾ ﴾ مِن الشَّفَاعَة وَغَيْرهَا ﴿﴿وَلَا يَعْقِلُونَ﴾ ﴾ أَنَّكُمْ تَعْبُدُونَهُمْ وَلَا غَيْر ذَلِكَ) الجواب: لا، هذه لا تشفع؛ لأنها لا تعقل، ولا تملك، فهي لا تعقل عبادة من عبدها، ولا تملك له شيئًا لا شفاعة ولا غيرها.
ثم قال: (﴿﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَة جَمِيعًا﴾ ﴾ أَيْ هُوَ مُخْتَصٌّ بها) من أين أخذ هو مختص بها؟ من الحصر، وهو تقديم الخبر، (وهو مختص بها فلا يشفع أحد إلا بإذنه)، وهذا أحد شرطي الشفاعة، والثاني: رضا الله عن الشافع ورضاه عن المشفوع له.
﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ذكر عموم ملكه وانفراده بالملك بعد ذكر الشفاعة؛ لأن الشفاعة من الملك في الواقع، فهي داخلة في عموم ملك الله للسماوات والأرض. ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ولم يفسرها لوضوحها.
{"ayahs_start":43,"ayahs":["أَمِ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَاۤءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُوا۟ لَا یَمۡلِكُونَ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَعۡقِلُونَ","قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَـٰعَةُ جَمِیعࣰاۖ لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ثُمَّ إِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ"],"ayah":"أَمِ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَاۤءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُوا۟ لَا یَمۡلِكُونَ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق