الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر ١١] ﴿قُلْ﴾ يعني: يا محمد، ﴿إِنِّي أُمِرْتُ﴾ أي: أمرني ربي، وهذه الصيغة تأتي بالبناء للمجهول؛ لأن الفاعل معلوم، وهذا يشْبِه حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن الرسول ﷺ قال: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (٨١٢)، ومسلم (٤٩٠ / ٢٢٧) من حديث ابن عباس.]].
أنَّ الأرض لله؛ لقوله: ﴿وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ﴾ [الزمر ١٠]، وهذا كما قال موسى لقومه: ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف ١٢٨].
* ومن فوائدها: فضيلة الصبر وأنَّ صاحبه يُوَفَّى أجرَه بغير حساب؛ لقوله: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر ١٠].
* ومن فوائدها: كرمُ الله عز وجل حيث جعل الثواب بمنزلة الأجر، كأنَّه معاوَضة يُعاوَض به الْمُعامل؛ لقوله: ﴿أَجْرَهُمْ﴾.
* * *
ثم قال تعالى -في ابتداء درس اليوم-: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر ١١].
﴿قُلْ﴾ يعني: يا محمد، ﴿إِنِّي أُمِرْتُ﴾ أي: أمَرني ربِّي، وهذه الصيغة تأتي بالبناء للمجهول لأنَّ الفاعل معلومٌ، وهذا يُشْبه حديثَ ابن عباس رضي الله عنهما أن الرسول ﷺ قال: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (٨١٢)، ومسلم (٤٩٠ / ٢٢٧)، من حديث ابن عباس.]]، «أُمِرْتُ»؛ لأن الآمِر معلومٌ وهو الله.
﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ وجاءت بكلمة: ﴿أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ﴾ للإشارة إلى مقام النبي ﷺ وأنَّه عبدٌ يُؤمَر ويُنهَى، وليس له من حقِّ الربوبية شيء.
وقال: ﴿أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ﴾ أي: أتذلَّل له، والعبادة تُطلق على معنيين:
المعنى الأول: التذلُّل لله الذي هو فِعْل العابد.
والأمر الثاني: المتعبَّد به، وهي العبادات على جميع أنواعها.
وعلى هذا يكون تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية للعبادة في قوله: العبادة اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يحبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة. وذلك لأن العبادة -كما قلتُ- تُطلق على معنيين.
* طالب: التذلُّل اللي هو فعل العبد.
* الشيخ: التعبد وهو؟
* الطالب: التذلل.
* الشيخ: على معنيين: المعنى الأول؟
* الطالب: التذلُّل (...)، المعني الثاني ..
* الشيخ: يعني التعبد، الذي هو فِعل العبد، والثاني؟
* الطالب: العبادات.
* الشيخ: إي، المتعبَّد به وهي العبادات، وعلى هذا المعنى تفسير شيخ الإسلام ابن تيمية في قوله: العبادة..
* طالب: (...).
* طالب آخر: العبادة اسمٌ جامعٌ لكل ما يحبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
* الشيخ: أحسنت، تمام.
وهنا ﴿أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا﴾ يشمل المعنيين؛ يعني أنْ أتعبَّد له بالعبادة.
وقوله: ﴿مُخْلِصًا﴾ حالٌ من فاعل ﴿أَعْبُدَ﴾؛ أي: حالَ كوني مخلصًا لله، من أيِّ شيء؟ من الشرك؛ لأن الإخلاص يعني التنقية، ويُنَقَّى من أيِّ شيء؟ يُنَقَّى من الشرك؛ لأن العمل إذا شابَهُ الشركُ أفسده وأبطله؛ قال الله تعالى في الحديث القدسي: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»[[أخرجه مسلم (٢٩٨٥ / ٤٦) من حديث أبي هريرة.]].
وقوله: ﴿مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ قال: (من الشرك)، والمرادُ بالدين هنا العملُ الذي يفعله الإنسان ليُدانَ به. لاحظوا التفسير: العمل الذي يعمله الإنسان لأجْل أن يُدان به. وأمَّا عملٌ لا يؤمَّل أن يُدان به فهذا لا يُسَمَّى دينًا وإنْ كان عملًا، لا بدَّ أن يكون عاملًا من أجْل أن يُدان بهذا العمل.
يقول عز وجل: ﴿مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾، ومرَّ علينا كثيرًا أنَّ الدين يُطلَق على العمل ويُطلَق على الجزاء؛ ففي قوله تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة ٤] الجزاء، وفي قوله: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [الكافرون ٦] أي: العمل.
﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الزمر ١٢] قال المؤلف -المفسِّر-: (أي: بأنْ)، فجعل اللام بمعنى الباء؛ وذلك لأن (أَمَرَ) إنما تتعدَّى بالباء ولا تتعدَّى باللام، فلهذا فسَّرها المؤلف بالباء، وهذا أحد المسلكين للنُّحاة فيما إذا تلا الفعلَ حرفٌ لا يتعدَّى به غالبًا، فإنهم يجعلون هذا الحرف بمعنى الحرف الذي يتعدَّى به العامل –أي: الفعل أو غير الفعل- غالبًا، فهمتم؟ فمثلًا هنا: ﴿أُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ﴾ يجعلون اللام بمعنى الباء، وفي قوله تعالى: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ [الإنسان ٦] يجعلون الباء بمعنى (مِنْ)؛ أي: يشرب منها.
والمسلك الثاني للنُّحاة أنهم يحوِّلون الفعل إلى فعلٍ مناسبٍ للمتعلِّق ويُسَمُّون هذا تضمينًا؛ أي إنَّ الفعل ضُمِّن؛ الفعلُ المذكورُ ضُمِّن فعلًا يتعدَّى بالحرف المذكور؛ فمثلًا: ﴿يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ يقولون: المعنى: يَرْوَى بها، فضُمِّن الشُّرب معنى الرِّيِّ، ولا شكَّ أن هذا يعطي الآية أو النص معنًى أكثر؛ لأنه يُبقي الحرفَ على ما هو عليه ويعطي الفعلَ المذكورَ معنًى زائدًا على ما يدلُّ عليه لفظُه، فيكون هذا المسلك أولى.
لكن أحيانًا يصعب على طالب العلم -ولا سيَّما المبتدئ- يصعب أن يقدِّر الفعل المناسب الذي يكون مضمونًا للفعل المذكور، حينئذٍ يلجأ إلى الأسهل وهو تحويل الحرف إلى حرفٍ يناسب الفعلَ المذكور.
فهنا ﴿أُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ﴾ لا شكَّ أنه من السهل أن أقول: إنَّ اللام بمعنى الباء، وأمشي؛ يعني: أُمِرتُ بأنْ أكون.
لكنْ لو أردنا أن نُضَمِّن ﴿أُمِرْتُ﴾ معنًى يناسب اللام ﴿أُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ﴾ يحتاج إلى تأمُّل وتفكير في المعنى، لماذا قال: ﴿أُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ﴾؟ ممكن أن نقدِّر: أُمِرتُ أنْ أعبُدَ اللَّهَ لأنْ أكون أولَّ المسلمين، فتكون اللام تعليلًا للفعل المحذوف، وهو: أنْ أعبُدَ اللَّهَ لأن أكون أول المسلمين؛ يعني: وُجِّهَ الأمرُ إليَّ أولًا لأكون أولَ المسلمين؛ أي: المنقادين لأمر الله، وحينئذٍ نستفيد من هذا معنيين: معنى الأمر، ومعنى العبادة التي حُذفت ليصحَّ تعليق الحرف بها.
قال: ﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (من هذه الأُمَّة)، ﴿لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ قال المؤلف: (من هذه الأُمَّة).
وكلمة ﴿أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ الإسلام يُطلَق على الانقياد؛ لأنه مأخوذٌ من: أَسْلمَ أمْرَهُ إلى غيره، ومنه الاستسلام في الحرب؛ لأن المستسلم ينقاد للغالب الذي غلبه.
فالإسلام هو الانقياد ظاهرًا، وبناءً على هذا يكون المنافقون أيش؟ مسلمين ظاهرًا، ولهذا يُطلَق الإسلامُ على ضعيف الإيمان؛ كما قال تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات ١٤].
أحيانًا يُطلَق الإسلام على الشريعة كلِّها فيشمل الاستسلامَ ظاهرًا وباطنًا، وهو الإيمان، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة ٣]، ليس المراد الاستسلام الظاهر، وإنما المراد الشرائع كلُّها، شرائع الإسلام كلُّها؛ ﴿رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ﴾ أي: شرائع الإسلام كلُّها ﴿دِينًا﴾.
يقول أهل العلم: الإسلام إذا قُرِنَ بالإيمان فُسِّر الإسلامُ بالأعمال الظاهرة، والإيمانُ بالأعمال الباطنة. قالوا: ومن ذلك حديثُ جبريل لَمَّا سأل النبيَّ ﷺ عن الإسلام قال: «أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ»، ولَمَّا سأله عن الإيمان قال:« أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»[[أخرجه مسلم (٨ / ١) من حديث عمر بن الخطاب.]].
أمَّا إذا أُفْرِد أحدُهما فإنه يشمل الآخَر؛ فالإسلامُ إذا ذُكِر وحده شَمِلَ جميعَ الشرائع ومنها الإيمان، والإيمانُ إذا ذُكِرَ وحده شَمِلَ جميعَ الشرائع ومنها الإسلام.
يقول هنا: ﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الزمر ١٢] قال: (من هذه الأُمَّة). لماذا قيَّد الآية مع أنها مطْلقة ﴿أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾؟ قيَّدها لأنه -رحمه الله- فَهِم أنَّ الأوَّلية هنا أوَّلية الزمن، وإذا كانت أوَّلية الزمن فإنه لا يصح أن يكون النبيُّ ﷺ أولَ المسلمين، لماذا؟ لأنَّ قبله أُمَم مسلمة كثيرة، فكان لا بدَّ أن نقيِّد هذا بأول المسلمين من هذه الأُمَّة، ومنه قوله تعالى في سورة الأنعام، اتْلُ الآية: ﴿إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام ١٦٢، ١٦٣] على ما مشى عليه المؤلف من الفهم نقول: ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ من هذه الأُمَّة.
فيه احتمال آخَر أنَّ الأولية هنا أولية الصِّفة؛ يعني أنني أسبق المسلمين من حيث التقدُّم إلى الإسلام، كما تقول مثلًا لمن يخاطبك: إن كان هذا الذي قُلتَه حقًّا فأنا أول مَن يساهم، مثلًا لو قال: إنَّه فُتح مشروع في البلد خيري فقلت: إذا كان حقًّا فأنا أول مَن يساهم؛ يعني: (أوَّل) من حيث الانقياد والصِّفة، هذا فيه احتمال، وإذا كان هذا المعنى في الآية الكريمة فإننا لا نحتاج إلى أيش؟ إلى القيد الذي قاله المؤلف؛ لأننا نعلم أن رسول الله ﷺ هو أول مَن ينقاد لله سبحانه وتعالى، وأنه أعظمُ الناسِ انقيادًا وأشدُّهم.
ثم قال: ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الزمر ١٣]، ﴿عَذَابَ﴾ مفعول لأيش؟ لـ﴿عَصَيْتُ﴾؟
* طالب: أو لـ﴿أَخَافُ﴾.
* الشيخ: أو ﴿إِنْ عَصَيْتُ﴾؟
* الطالب: أصله: أخافُ عذابَ.
* الشيخ: أخافُ عذابَ، وليست مفعولًا لـ﴿عَصَيْتُ﴾ ليش؟
* طالب: (...).
* الشيخ: العذاب لا يُعصى، المعنى يفسد.
﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ﴾ الخوف لا يمكن أن نُعَرِّفه بأَبْين من لفظه، كلُّنا يعرف الخوف، أليس كذلك؟ ولهذا نقول: إن الانفعالات النفسية لا يمكن لأحد أن يُعَرِّفها؛ لأنه ليس أَبْين من لفظها، ليس هناك شيءٌ أَبْين من لفظها أبدًا.
لو قال إنسان: عرِّفْ لي الكراهة، ويش تقول؟ تقول: الكراهة معروفة، الكراهة هي الكراهة.
عرِّف لي المحبة. ما تقدر تقول، المحبة هي المحبة.
* طالب: الْمَيْل.
* الشيخ: لا، الْمَيْل آثار المحبة، بعدما يحب يميل، ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله في روضة المحبِّين -والله أعلم هل هي له أمْ لا- يقول: لا يمكن أن نحدَّ المحبَّة بأَبْين من لفظها أبدًا، كلُّ الذين عرَّفوها -فيها أكثر من عشرين تعريفًا- كلُّهم إنما يفسرونها بلوازمها ونتائجها. وصدق رحمه الله، الانفعالات النفسية ما يستطيع الإنسان يعرِّفها بأكثر من لفظها.
﴿أَخَافُ﴾ لو تسأل صبيًّا لا يعرف التعريفات تقول: ويش معنى الخوف؟ يقول: الخوف أني أرتعش، أتنافض. لا يمكن، هذا من آثاره. الخوف أنْ أهرب، هذا من آثاره. إذَنْ نقول: الخوفُ أيش؟ معروفٌ، هو الخوف.
﴿أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي﴾، ﴿عَصَيْتُ﴾ المعصية: المخالَفة، وتكون بأمرين؛ إمَّا بتركِ مأمورٍ وإمَّا بفعلِ محظورٍ، هذا إذا أُفردتْ عن الطاعة، فإن قُرِنتْ بالطاعة صارت الطاعةُ فِعْلَ المأمورِ والمعصيةُ ارتكابَ المحظورِ.
هنا نقول: ﴿عَصَيْتُ﴾ مفردة عن الطاعة، فماذا يكون المعنى؟
* طالب: تشمل معنيين.
* الشيخ: تشمل معنيين: مخالفته؛ ﴿عَصَيْتُ رَبِّي﴾ أي: خالفتُه بفعل المنهي عنه أو بترك المأمور به.
وفي قوله: ﴿رَبِّي﴾ إشارةٌ إلى أنه عز وجل هو الذي له الأمر والنهي؛ لأنه ربٌّ، والربُّ خالقٌ مالكٌ مدبِّر.
﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ هو يوم القيامة، ووصَفه الله تعالى في القرآن الكريم بعدَّة أوصاف منها: العِظَم؛ وذلك لشدَّته وشدَّة أهواله، وشدَّة ما يكون فيه، وإذا سمعت الأوصاف التي ذكرها الله عز وجل لهذا اليوم العظيم فإنه لا شكَّ يعتريك من الخوف بقدر ما أنت مؤمنٌ به. لاحِظُوا، كلَّما كان الإنسان أقوى إيمانًا باليوم الآخِر كان منه أشدَّ خوفًا، وكلَّما ضَعُف إيمانه باليوم الآخِر ضَعُف خوفه منه، ولهذا لدينا عبارة مأثورة: كلُّ مَن كان بالله أعرَف كان منه أخوَف. وكلُّ مَن كان -أيضًا- باليوم الآخِر أعرَف وأقوى إيمانًا كان أقوى مخافةً.
يقول عز وجل: ﴿إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي﴾ [الزمر ١٣، ١٤] في الأول قال: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر ٢] أمْر، في الثاني: أَمَره أن يُعلن بأنه مخلصٌ لله الدينَ، أن يعلن، ففي الأول يفعلُ هو؛ يعبد الله مخلصًا له الدين، في الثاني: أُمِر أن يعلن للملأ أنه مخلصٌ، وإعلانه أنه مخلصٌ يعني أنه متبرئٌ من شركهم لأنه مخلصٌ لله.
﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ﴾ إعرابها؟ اسم الجلالة؟
* طالب: ﴿قُلِ اللَّهَ﴾؟
* الشيخ: إي نعم.
* الطالب: فاعل.
* الشيخ: فاعل! كمِّل.
* الطالب: مفعول به.
* الشيخ: فاعلٌ مفعولٌ به! ما يمكن، إمَّا فاعلٌ وإمَّا مفعولٌ به.
* الطالب: مفعول به.
* الشيخ: مفعول به لأيش؟
* الطالب: لـ﴿قُلِ﴾.
* الشيخ: لـ﴿قُلِ﴾، ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ﴾ !
* الطالب: لـ﴿أَعْبُدُ﴾.
* الشيخ: مفعول به لـ﴿أَعْبُدُ﴾؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: طيب، صح، ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ﴾ قدَّم المفعولَ به للحصر؛ يعني: لا أعبد غيره.
ونظيره من حيث التركيب قولُه تعالى في سورة الفاتحة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة ٥] فقدَّم المفعولَ به.
هنا ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ﴾ قدَّم المفعولَ به لإفادة الحصر، ثم أكَّد هذا بقوله: ﴿مُخْلِصًا لَهُ دِينِي﴾؛ يعني لا أعبد غير الله، وفي عبادتي له أيضًا أكون مخلصًا له، لا يشوب عبادتي إيَّاه شيءٌ من الشرك، ﴿مُخْلِصًا لَهُ دِينِي﴾.
وقوله: ﴿دِينِي﴾ يعني: عملي. قال المؤلف: (من الشرك).
إذا جمعت بين الآيتين: الآية الأولى وهي: ﴿إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر ١١]، والثانية، عرفْتَ شدَّة امتثال الرسول عليه الصلاة والسلام لأمْر ربِّه، وأنَّه عَبَدَ اللَّهَ مخلصًا له الدين، وأعلن ذلك للملأ غير مبالٍ بمخالفتهم.
﴿فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ [الزمر ١٥]، ﴿فَاعْبُدُوا﴾ هذا يحتمل أن يكون تهديدًا ويحتمل أن يكون تحدِّيًا، المؤلف يقول: (فيه تهديد)، ويمكن أن يكون تحدِّيًا.
أمَّا كونُه تهديدًا فظاهر، ﴿فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾؛ لأنه قال بعده: ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ﴾ إلى آخره [الزمر: ١٥].
وأمَّا كونُه تحدِّيًا فلأنَّه لَمَّا ذكر أنه يعبد الله وحده مخلصًا تحدَّاهم؛ قال: أنا لا أُبالي، أنتم اعبدوا ما شئتم وأنا لا أُبالي بكم، فسوف لا أشرك بالله، سوف أعبد الله وحده مخلصًا.
والقاعدة عندنا في التفسير أنه إذا كانت الآية تحتمل معنيين لا يتنافيان يُحمَل عليهما جميعًا.
قال تعالى: ﴿فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾، ﴿مَا شِئْتُمْ﴾ يعني: الذي شئتم، ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ أي: من سواه؛ اعبدوا ما تشاؤون من سواه؛ ملكًا، وليًّا، شجرًا، حَجَرًا، شمسًا، قمرًا، أيُّ أحد تعبدونه لا يهمني، أنا سوف أبقى مخلصًا لله وأنتم اعبدوا ما شئتم.
يقول المؤلف: (﴿مِنْ دُونِهِ﴾ غيره) أي: سواه (فيه تهديدٌ لهم وإيذانٌ بأنهم لا يعبدون الله). (إيذان) يعني إعلان، أي إنَّ هذه الجملة فيها التهديد، وفيها أنهم لا يعبدون الله وإنما يعبدون غيره.
﴿قُلْ﴾ يعني: قُل لهم مع تحدِّيك إيَّاهم وتهديدك إيَّاهم ﴿إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ [الزمر ١٥]. الجملة فيها تأكيدٌ وفيها حصرٌ، أين التأكيد؟
* طلبة: ﴿إِنَّ﴾.
* الشيخ: ﴿إِنَّ﴾، ﴿إِنَّ الْخَاسِرِينَ﴾.
الحصر: أنَّ طرفَيِ الجملة معرفتان: ﴿الْخَاسِرِينَ﴾، ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا﴾؛ فكأنَّه قال: إن الخاسرين هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة. فإذَنْ فيها تأكيدٌ وحصرٌ.
﴿إِنَّ الْخَاسِرِينَ﴾ مَن الخاسر؟ الخاسر بيَّنه الله عز وجل في قوله: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [العصر ٢، ٣] يعني الْخُسران ضدُّ الرِّبح؛ وذلك أن الْمُعامل إمَّا أن يأخذ رأسَ ماله، وإمَّا أن يخسر فيأتيه أقلُّ من رأس ماله، وإمَّا أن يربح فيأتيه أكثر.
الْخُسران الحقيقي ما ذكره الله هنا: ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الزمر ١٥] هؤلاء هم الذين خسروا، ليس الخاسر مَن فقدَ ملايين الدراهم، وليس الخاسر مَن فقدَ أهلَه في الدنيا، وليس الخاسر مَن فقدَ نفسَه في الدنيا، الخاسرُ مَن خسر نفسَه وأهلَه متى؟ يوم القيامة، خسر نفسَه وأهلَه.
يقول: (بتخليد الأنفسِ في النار، وبعدم وُصُولهم إلى الحور المعَدَّة لهم في الجنة لو آمنوا).
قوله: (بتخليد الأنفسِ في النار) هذا بيانٌ لِخُسرانهم أنفسهم؛ لأنه خسر نفسَه في الحقيقة، ما وجْه الخسران؟
وجه الخسران أنَّ حياته في الدنيا لم يستفدْ منها في الآخرة إطلاقًا، فخسر نفسَه، خسر عمرَه، كله راح هباءً منثورًا، خسر نفسَه، لو أنه مؤمنٌ مخلصٌ لَاستفاد؛ لَكان كل حياته الدنيا ربحًا؛ لأنه سوف يخلد في الجنة التي فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بَشَر، أمَّا الآن فسيخلد في النار، هذا خسارةُ النفس.
خسارة الأهل فسَّرها المؤلف بأنه يفوته الحور العِين في الجنة لو آمن، وهذا وإنْ كان له وجهٌ لكنَّه بعيدٌ من الصواب، وذلك لأن الحور في الجنة لم تكن أهلًا له حتى يُقال: خسرها، وإنما المراد خسروا أهليهم؛ لأن أهليهم إنْ كانوا مؤمنين فهُم في الجنة، ولن يجتمعوا بهم، وإن كانوا كفَّارًا فهُم في النار ولن يجتمعوا بهم أيضًا، ولو كانوا مؤمنين وذُرِّيتهم مؤمنةً لَكانوا كما قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ [الطور ٢١]، يعني لنْ يجتمع أحدٌ مع أهله في الدنيا، لن يجتمع في الآخرة إلا إذا كان هو وهُم مؤمنين فسيجتمعون اجتماعًا لا فراق بعده، أمَّا مَن لم يكن كذلك فلا اجتماع.
على كلِّ حالٍ الصحيحُ أن المراد بـ﴿أَهْلِيهِمْ﴾ يعني أهليهم الذين في الدنيا حيث خسروا الاجتماعَ بهم في الآخرة، ووجْه الخسران؟
* طالب: أنه إذا كانوا مؤمنين وهم كفارٌ فلنْ يلتقوا بهم.
* الشيخ: لأن الأهل في الجنة وهؤلاء في النار، تمام.
* الطالب: وإذا كانوا كافرين فكذلك لن يلتقوا بهم.
* الشيخ: نعم، لأن كلَّ واحدٍ مشغولٌ بنفسه، تمام.
قال الله عز وجل: ﴿أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ [الزمر ١٥] إي واللهِ. ﴿أَلَا ذَلِكَ﴾ شوف التأكيد البالغ، ﴿أَلَا﴾ أداة استفتاح، والفائدة منها: التوكيد والتنبيه.
﴿ذَلِكَ﴾ إشارة لبُعده؛ لأنه خُسرانٌ سحيقٌ -والعياذ بالله- يعني لم يقُل: ألَا هذا، مع أن ذِكْره قريب، لكنَّه خُسرانٌ سحيقٌ، فأُشير إليه بإشارة البُعد، ثم حُصِر؛ قال: ﴿هُوَ الْخُسْرَانُ﴾ يعني لا غير، ثم أُكِّد بفداحته؛ قال: ﴿الْمُبِينُ﴾ أي: البيِّن الذي لا يخفى على أحد، نسأل الله أن يجعلني وإيَّاكم من الرابحين (...).
* * *
فيه مناقشة.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر ١١]
قوله: ﴿إِنِّي أُمِرْتُ﴾، مَن هو الآمر؟
* طالب: الله عز وجل.
* الشيخ: حُذِف؟
* الطالب: لأنه معلوم.
* الشيخ: نعم، للعلم به.
قوله: ﴿مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾، إعراب مخلصًا؟
* طالب: حال.
* الشيخ: من أين؟
* الطالب: من فاعل ﴿أَعْبُدَ﴾.
* الشيخ: من فاعل ﴿أَعْبُدَ﴾. و﴿الدِّينَ﴾؟
* الطالب: و﴿الدِّينَ﴾ مفعول به لـ﴿مُخْلِصًا﴾.
* الشيخ: مفعول به لـ﴿مُخْلِصًا﴾. ما معنى إخلاص الدين؟
* طالب: يعني إخلاص الدين لله سبحانه وتعالى؛ يعني توجيه العبادة له سبحانه وتعالى ليس لغيره (...).
* طالب آخر: (...).
* طالب آخر: تنقيته من الشوائب الشركية.
* الشيخ: نعم، الإخلاص .. إخلاصُ الشيء تنقيته من الشوائب، والشوائب هنا شوائبُ الشرك.
﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الزمر ١٢] ما معنى اللام هنا؟
* طالب: ﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ﴾ (...) الباء، يعني..
* الشيخ: بمعنى الباء؛ أي: بأن أكون. طيب، فيه وجه آخَر؟
* طالب: إي نعم، هو أن يكون الفعل متضمِّنًا لفعل آخَر يُعدَّى بهذا الحرف.
* الشيخ: التقدير؟
* الطالب: وأُمِرتُ أن أعبُدَ الله لأن أكون أول المسلمين.
* الشيخ: أن أعبد الله مخلصًا له لأن أكون..؟
* الطالب: أول المسلمين.
* الشيخ: أي: لأجْل أن أكون أول المسلمين. الأوَّلية هنا؟
* طالب: أولية سبق.
* الشيخ: سبق. وعلى ما ذهب إليه المؤلف؟
* الطالب: هو قال: (من هذه الأُمَّة)؛ لكي يحترز من أن قَبْل الرسول ﷺ ناسًا مسلمين.
* الشيخ: إي، لكن هذا .. على رأي المؤلف ماذا تكون الأوَّلية هنا؟
* الطالب: أوَّلية سبْق وعطاء.
* الشيخ: (سبْق) ذكرتَها أنت في الأول.
* الطالب: قبل.
* طالب: أوَّلية زمن، على رأي المؤلف.
* الشيخ: على رأي المؤلف: أوَّلية زمن.
* الطالب: والثاني: أوَّلية الصفة.
* الشيخ: إي نعم، أوَّلية الصفة يعني معناه؟
* الطالب: يعني: أول مَن سَبَق للانقياد للإسلام.
* الشيخ: نعم، أحسنت.
قوله: ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الزمر ١٣] ما الذي نَصَبها؟
* طالب: لأنها مفعول به.
* الشيخ: مفعول به لأيش؟
* الطالب: لـ﴿أَخَافُ﴾.
* الشيخ: لـ﴿أَخَافُ﴾. ما المراد باليوم؟
* طالب: يوم القيامة.
* الشيخ: قال الله تعالى: ﴿فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ [الزمر ١٥] المراد بالأمر هنا؟
* طالب: (...).
* طالب آخر: التهديد والتحدي.
* الشيخ: كيف التهديد والتحدي؟
* الطالب: يقول المؤلف: (...) التهديد (...) التحدي.
* الشيخ: كيف التهديد وكيف التحدي؟
* الطالب: وجه التهديد أنَّه لا يمكن أن يكون الرسول ﷺ يأمرهم أن يعبدوا من دون الله سبحانه وتعالى شيئًا، لكن يهدِّدهم أن يعبدوا من دونه ما شاؤوا، والله عز وجل سيحاسبهم على هذه العبادة ويعاقبهم عليها.
ووجه التحدي أنَّه لا يبالي أنه يعبد الله عز وجل، وأنتم اعبدوا ما شئتم من دونه، وهو لا يبالي بما يعبدونه.
* الشيخ: تمام. طيب، قوله: ﴿خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الزمر ١٥] كيف ذلك؟
* طالب: على قول المؤلف هو خَسِر ما أعدَّ له في الجنة من حورٍ عينٍ (...).
* الشيخ: يعني أهليهم اللي في الجنة لو أنَّهم آمنوا.
* طالب: (...) خسر أهله ما اجتمع معهم في الجنة.
* الشيخ: وجْه ذلك؟ يعني وجْه الخسران في أهله إذا كان المراد أهله الذين في الدنيا، كيف يخسرهم يوم القيامة؟
* الطالب: يعني تفرق، ما اجتمع معهم، (...) ذهب إلى الجنة (...) يجمعهم وذريتهم (...).
* الشيخ: كيف خُسران النفس؟
* طالب: (...).
* الشيخ: يعني خسروا أنفسَهم يوم القيامة، كيف خسرها؟
* الطالب: (...) يخسر ما عند الله من (...).
* طالب آخر: (...).
* طالب آخر: يعني ما يستفيد من عمره.
* الشيخ: يعني:لم يستفِدْ من عمره في الدنيا، فخَسِره في الآخرة، وأمَّا المؤمنون فإنهم ربحوا، أحسنت.
﴿أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ [الزمر ١٥] ﴿أَلَا﴾؟
* طالب: ﴿أَلَا﴾ أداة استفتاح تفيد التنبيه.
* الشيخ: هل في الجملة حَصْر؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: ما طريقه؟
* الطالب: ضمير الفصل ﴿هُوَ﴾.
* الشيخ: ضمير الفصل ﴿هُوَ﴾.
طيب، ﴿الْمُبِينُ﴾ (...) بمعنى؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، ﴿الْمُبِينُ﴾ ما معناه؟ ما معنى ﴿الْمُبِينُ﴾؟
* الطالب: معناه البيِّن.
* الشيخ: البيِّن؟ هل تأتي (أبانَ) الرباعية بمعنى البيِّن؟ لأن (بيِّن) من الثلاثي، و(مُبين) من الرباعي.
* طالب: تأتي.
* الشيخ: تأتي؛ يعني يقال: بانَ الصبحُ، وأبانَ الصبحُ.
* * *
أخذنا الفوائد؟
* طالب: ما أخذنا الفوائد.
* الشيخ: ما أخذناها، إذَن إن شاء الله نأخذها.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر ١١]
* من فوائد هذه الآية: أن الإنسان مأمورٌ بأن يُعلن ما أَمَر الله به من عبادته؛ ﴿أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾، ولهذا فائدتان:
* الفائدة الأولى: الحثُّ على اتِّباعه في هذا.
* والفائدة الثانية: بيان استحقاق الله سبحانه وتعالى لذلك، وأنَّه هو المستحقُّ لأن يُعبَد وحده؛ ﴿إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا﴾.
* ومن فوائد هذه الآية: أنه يجب في العبادة الإخلاص؛ لأنه أُمِر بأن يعبد الله على هذا الوصف: ﴿مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾.
* ومن فوائدها: أنَّ مَن لم يُخلص لم يكن قد أتى بالأمر.
* ويتفرع على هذه القاعدة: أنَّ عمله يكون مردودًا عليه؛ لقوله..، فإذا أشركَ يكون قد عمل عملًا ليس عليه أمْر الله ورسوله، وقد قال النبي ﷺ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» »[[متفق عليه؛ البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨ / ١٨) واللفظ له، من حديث عائشة.]].
* ومن فوائد قوله تعالى: ﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الزمر ١٢] أنه يجب المبادرة بالإسلام من غير توقُّف؛ لأن الله أَمَر بذلك، وهذا بناءً على أنَّ المراد بالأوَّلية هنا أوَّلية الصفة؛ يعني: السبق.
* ومن فوائد هذه الآية: أن الرسول ﷺ عبدٌ مأمورٌ.
ويتفرَّع على هذا أنَّه ليس له من الأمر شيء، وقد صرَّح الله بذلك في قوله: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران ١٢٨].
ويتفرَّع عليه أيضًا ضلالُ أولئك القوم الذين يدعون رسول الله ﷺ أن يُغيثهم، أو أن يجلب لهم الخير ويدفع عنهم الشر.
ثم قال تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الزمر ١٣].
* من فوائدها: أنه ينبغي، بل يجب على الرسول عليه الصلاة والسلام أن يُعْلم هذا الإعلان للملأ؛ أنَّه يخاف عذابَ يومٍ عظيمٍ إن عصى الله، وفائدته ما ذكرنا قبل قليل: من أجْل التأسِّي به في ذلك، ومن أجْل بيان عظمة الله وأنه مستحقٌّ لأنْ يُخاف منه.
* ومن فوائدها: إثبات اليوم الآخِر؛ لقوله: ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.
* وهل يمكن أن يُستفاد منها أن النبي ﷺ تجوز عليه المعصية؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: لقوله: ﴿إِنْ عَصَيْتُ﴾.
ولكن قد يقول قائل: في هذا نظر؛ لأن الشرط قد يتحقَّق وقد لا يتحقَّق، وقد يكون تحقُّقه ممتنعًا مثل قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ [الزخرف ٨١]، وقوله تعالى لرسوله: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٥) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ﴾ [الزمر ٦٥، ٦٦].
إذَن هذه الفائدة فيها نظر؛ لأن قوله: ﴿إِنْ عَصَيْتُ﴾ لا يدلُّ على أن المعصية تقع منه، لكن على فَرْض أن تقع فإني أخاف.
وقد يقول قائل: إنَّ كَوْنه يخاف أمْرٌ محقَّق؛ ﴿إِنِّي أَخَافُ﴾، وإذا كان أمرًا محقَّقًا فإن المعلَّق عليه وهو المعصية يكون كذلك؛ أي: يمكن أن يكون معناه أنني إنْ عصيتُ فإني أخاف.
وعلى كل حال فإنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام ثبت عنه أنَّه كان يدعو اللَّهَ أنْ يغفر اللَّهُ له ذنْبَه أولَه وآخِرَه[[أخرجه مسلم (٤٨٣ / ٢١٦) من حديث أبي هريرة.]]، وثبت أنه ﷺ يقول: «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ»، «اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ»، «اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٧٤٤)، ومسلم (٥٩٨ / ١٤٧)، من حديث أبي هريرة.]].
* ومن فوائد الآية الكريمة: تعظيمُ يوم القيامة وأنه يومٌ عظيمٌ، ويتفرَّع على هذا أنه ينبغي للعاقل أن يحذر منه.
* ومن فوائدها: جواز وصْف غير الله بالعِظَم؛ لقوله: ﴿يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾، وقد قال الله تعالى عن ملكة سبأ: ﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ [النمل ٢٣]، ووَصَف الإفكَ بأنه عظيمٌ ... إلى غير ذلك، فوصْف غير الله بالعِظَم لا بأس به، لكن العِظَم المطْلق إنما يكون لله عز وجل.
ثم قال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ [الزمر ١٤، ١٥].
* يُستفاد من هاتين الآيتين: أنه ينبغي للإنسان أن يُعلن بالحقِّ الذي هو عليه ولا يُبالي بمن خالَفه؛ لقوله: ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾؛ يعني: فلا أُبالي بكم، أنا سأعبد اللَّهَ وأسير على الطريقة السليمة، وأنتم سيروا على ما شئتم.
* ومن فوائد الآيتين: أنَّ النبي ﷺ من أشدِّ الناس امتثالًا لأمْر الله؛ لأنه قال فيما سبق: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر ١١]، ثم قال هنا: ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي﴾ [الزمر ١٤].
* ومن فوائد الآيتين: أن النبي ﷺ محتاجٌ إلى العمل الذي يُنجيه من عذاب الله؛ لقوله: ﴿مُخْلِصًا لَهُ دِينِي﴾ بالياء؛ بالإضافة، وهو كذلك، ولَمَّا حدَّث أصحابَه بأنه لن يدخل الجنةَ أحدٌ بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٤٦٣)، ومسلم (٢٨١٦ / ٧١)، من حديث أبي هريرة.]].
* ومن فوائد الآيتين: تحريم عبادة غير الله؛ تؤخذ من قوله: ﴿فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ [الزمر ١٥] لأنَّا ذكرنا أن الأمر هنا للتهديد، ولا تهديد إلا على شيءٍ مخالفٍ ومعصية.
* ومن فوائد الآية الكريمة -قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ [الزمر ١٥] إلى آخره- بيان أنَّ الخسارة الفادحة التي ليس معها رِبْح هي خسارة هؤلاء ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾.
* وفي الآية هذه: الإشارة إلى أنَّ الشرك هو سببُ هذه الخسارة؛ لأنه تلا قولَه: ﴿فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِه﴾ ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ﴾.
* ومن فوائدها: أنَّ أهل الشرك يوم القيامة لا يجتمعون بأهليهم؛ لقوله: ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ﴾.
* ومن فوائد الآية: أنَّ عُمر الإنسانِ حقيقةً هو ما أمضاه في طاعة الله، ولهذا وصَف الله هؤلاء بأنَّهم قد خسروا أنفسَهم؛ لأنهم لم يعملوا خيرًا.
* ومن فوائد الآية: أنَّ هذه الخسارة أعظمُ خسارةٍ تكون؛ لقوله: ﴿أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾.
* * *
نحن لم نتكلَّم في الأمس على ضمير الفصل، ولكن لا بدَّ أن يكون عندكم عِلمٌ منه، فضمير الفصل ضميرٌ، ليس اسمًا على القول الراجح، فليس له محلٌّ من الإعراب، لكنه يُؤتَى به لفوائد ثلاث:
الأولى؟
* طالب: حتى لا يشبه الخبر مع الصفة.
* الشيخ: حتى لا يشتبه الخبر بالصفة؛ يعني: فيَفْصِل بين الخبر والصفة، ويظهر هذا بالمثال؛ لو قلت: (زيدٌ الفاضلُ) فهنا يحتمل أن يكون (الفاضل) صفةً وأنَّ الخبر محذوفٌ؛ أي: زيدٌ الفاضلُ في البيت، مثلًا. فإذا قلت: (زيدٌ هو الفاضل) تعيَّن أن تكون (الفاضل) خبرًا.
الفائدة الثانية لضمير الفصل؟
* طالب: الحصر.
* الشيخ: الحصر، لأنك إذا قلت: (زيدٌ هو الفاضل) يعني: لا غيرُه، بخلاف لو قلت: (زيدٌ الفاضل)، فهو فاضلٌ وقد يكون غيرُه فاضلًا أيضًا.
الفائدة الثالثة؟
* طالب: التوكيد.
* الشيخ: التوكيد؛ لأن قول القائل: (زيدٌ هو الفاضل) أوكد من قوله: (زيدٌ الفاضل).
أما (هو) فليس له محلٌّ من الإعراب، ودليل ذلك في القرآن؛ قال الله تعالى: ﴿لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ [الشعراء ٤٠]، ولو كان له محلٌّ من الإعراب لكان مبتدأً ولَرُفِع الذي بعده، ولَكانت الآية: لعلَّنا نتبع السحرة إنْ كانوا هم الغالبون.
{"ayahs_start":11,"ayahs":["قُلۡ إِنِّیۤ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ مُخۡلِصࣰا لَّهُ ٱلدِّینَ","وَأُمِرۡتُ لِأَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلۡمُسۡلِمِینَ","قُلۡ إِنِّیۤ أَخَافُ إِنۡ عَصَیۡتُ رَبِّی عَذَابَ یَوۡمٍ عَظِیمࣲ","قُلِ ٱللَّهَ أَعۡبُدُ مُخۡلِصࣰا لَّهُۥ دِینِی","فَٱعۡبُدُوا۟ مَا شِئۡتُم مِّن دُونِهِۦۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَـٰسِرِینَ ٱلَّذِینَ خَسِرُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِیهِمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۗ أَلَا ذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِینُ"],"ayah":"قُلِ ٱللَّهَ أَعۡبُدُ مُخۡلِصࣰا لَّهُۥ دِینِی"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق