الباحث القرآني

ثم قال تعالى: ﴿وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات ١٣٣]. في هذه الآية وما بعدها من الآيات في القصة أن لوطًا عليه الصلاة والسلام كان من الرسل، وقد مر علينا في التفسير أنه أرسل إلى قوم يأتون الفاحشة، وهي إتيان الذكران من العالمين، ويتركون ما خلق الله لهم من الأزواج. * ومن فوائد الآية الكريمة: عناية الرب عز وجل بالقضاء على سفاسف الأخلاق؛ لأن فاحشتهم هذه أوجبت أن يرسل الله إليهم رسولًا لدحضها والقضاء عليها. * ومن فوائد هذه الآيات: في قوله: ﴿إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ﴾ [الصافات ١٣٤] أن الله سبحانه وتعالى ينجي الذين اتقوا بمفازتهم، وأن الله نجى لوطًا وأهله إلا امرأته، ويتفرع على ذلك أنه ينبغي للإنسان المؤمن أن يغلب جانب الرجاء إذا كان قد قام بحق الله، وذلك حيث نجى الله سبحانه وتعالى المؤمنين المخلصين من عباده من عقوبة المكذبين المستكبرين. * ومن فوائد هذه الآيات: أنه قد تكون المرأة الكافرة تحت الرجل المؤمن من غير أن يعلم بها؛ لقوله: ﴿إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾ [الصافات ١٣٥] وقد بين الله سبب ذلك -أي سبب وقوع العذاب فيها- بأنها كانت قد خانت زوجها بالكفر من غير أن يعلم. ويتفرع على هذه الفائدة أنه ينبغي للإنسان أن يتفقد أهله، وأن يتحرى، وأن يسبر أمورهم حتى لا يقع في الخيانة، سواء كانت خيانة عرض أو خيانة دين. * ومن فوائد هذه الآيات: في قوله: ﴿ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ﴾ [الصافات ١٣٦] التحذير من أن يفعل الإنسان كفعل هؤلاء فيدمَّر، وتدمير قوم لوط حسي، ولكن ربما يدمر مَن شابههم تدميرا معنويًّا، وقد يدمر تدميرًا حسيًّا، فيرسل الله مثلًا عليهم الصواعق والبرد وغير ذلك مما يدمرهم، لكن التدمير المعنوي محقق، وبماذا يكون التدمير المعنوي في هذه الفاحشة؟ بانقلاب الذكور إناثًا؛ لأن هؤلاء المفعول بهم -والعياذ بالله- يكونون كالمرأة تمامًا، هو نفسه يطلب الرجال ويتتبعهم لعلهم يفعلون به والعياذ بالله؛ لأنه انقلب وصار كالمرأة تمامًا، ولا شك أن هذا تدمير للرجولة وقلب للمجتمع. * ومن فوائد هذه الآيات: في قوله: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ﴾ [الصافات ١٣٧] الإشارة إلى أن الإنسان إذا رأى الشيء بعينه كان ذلك أقوى يقينًا مما إذا أخبر به؛ لقوله: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ﴾ وتشاهدون آثارهم، وهذا يسمى حق اليقين، والخبر به يسمى علم اليقين. قال: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ﴾ [الصافات ١٣٧، ١٣٨] قد يقال: في هذا دليل أو إشارة على أن السير في الصباح أحسن منه في آخر النهار؛ لقوله: ﴿مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ﴾ هذا إن قلنا: إن المراد بالإصباح الوقت الخاص، وهو أول النهار، أما إذا قلنا: إن المراد بالإصباح كل النهار، وأنه عبر بالبعض عن الكل كما أشار إليه المؤلف فليس في ذلك دليل. * ومن فوائد هذه الآية: جواز المسير بالليل، وجه ذلك أن الله أقرهم فقال: ﴿وَبِاللَّيْلِ﴾، ولكن هذه الفائدة فيها نظر؛ لأن الله تعالى يتحدث عن فعل هؤلاء المكذبين، فقد يقال: إن المراد بيان إقامة الحجة، لا إقرارهم، ولكن السنة قد دلت على جواز المشي في الليل. * ومن فوائد الآية الكريمة: النداء على من لم يتعظ بالسفه وعدم العقل؛ لقوله: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الصافات ١٣٨]. * ومن فوائدها: أن العقل حقيقة هو ما أرشد صاحبه إلى فعل الخير وترك الشر، وليس العقل هو الذكاء، فالعقل شيء والذكاء شيء آخر، وكل من كان مكذبًا للرسل مستكبرًا عما جاءوا به فإنه ليس بعاقل، حتى وإن كان من أدهى الناس، أليس كذلك؟ نعم الإنسان المكذب للرسل المستكبر عما جاءوا به ليس بعاقل، وإن كان ذكيًّا، حتى وإن كان ذا شرف وجاه فإنه ليس بعاقل؛ لقوله: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾، وقد قال الله مثل هذا في بني إسرائيل الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب فقال: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة ٤٤]. والله الموفق. * طالب: (...) ﴿إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾ [الصافات ١٣٥] هل هو قدح فيها (...)؟ * الشيخ: يعني هل قال ذلك من باب القدح فيها والعيب أو لبيان حقيقتها؟ أما بالنسبة لعرفنا الآن فإنها تعتبر قدحًا، ولكن الظاهر أنها في لغة العرب ما تعتبر قدحًا؛ لأنه يقال: شيخ ويقال: عجوز، ولا يعدون ذلك قدحًا، لكن عندنا يعتبر قدحًا في العرف. * طالب: (...) ﴿فِي الْغَابِرِينَ﴾؟ * الشيخ: إي نعم ﴿فِي الْغَابِرِينَ﴾ في الباقين في العذاب؛ لأنه هو أمر أن يخرج من القرية إلا امرأته.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب